إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله وأصحابه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، يقول الله – سُبحانه وتعالى من قائل – في كتابه الكريم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ۩

أيها الإخوة المُسلِمون:

قد هل علينا من قريب من أسبوع هلال شهر شعبان الكريم، وشهر شعبان شهر فاضل كريم، وقع بين شهرين عظيمين، بين رجب الشهر الحرام ورمضان شهر الصيام، شهران عظيمان، اكتنفا شهراً عظيماً، جاء مُقصياً وشافعاً لرجب، ومُقدِّمةً وإرهاصاً لرمضان، فكأن رجب لما أُفرِد من بين الشهور الحُرم الأربعة جبر الله خاطره – سُبحانه – فقصاه بشعبان، وهو شهر عظيم فاضل كريم، وهو أيضاً مُقدِّمة وإرهاص لشهر الصيام، أي شهر رمضان.

وقد رُويَ أن في شعبان تُنسَخ الآجال، وتُكتَب الأعمال، فقد رُويَ بإسناد ضعيف عن أم المُؤمِنين عائشة – رضيَ الله تعالى عنها -، قالت كنت أرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصوم أكثر ما يصوم من شعبان، فقلت له يا رسول الله إني أرى أكثر صيامك في شعبان، فقال – عليه الصلاة وأفضل السلام – إن شعبان شهر تُنسَخ فيه لملك الموت أسماء مَن تُقبَض أرواحهم، فأنا لا أُحِب أن يُنسَخ اسمي إلا وأنا صائم.

وفي حديث آخر مُرسَل يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – تُنسَخ الآجال في شعبان، حتى أن الرجل لينكح – أي ليتزوَّج – ويُولَد له وقد خرج اسمه في أسماء الموتى.

فجدير وحري – أيها الإخوة المُسلِمون – بالمُؤمِن العاقل الذي يمهد لنفسه ويُحرِز لآخرته أن يستثمر هذا الشهر الكريم وأن يملأه وأن يشغله بصنوف الطاعات وألوان القُربات، إذ أنه شهر تتوافر فيه دواعي القبول والمغفرة، جعلني الله وإياكم فيه من المقبولين، ولما كان هذا الشهر – كما قلت – كالمُقدِّمة لشهر رمضان فقد شُرِع فيه ويشرع ما شُرِع في رمضان من صنوف المبرات، من الصيام وقراءة القرآن وإخراج الزكوات والصدقات.

روى الإمام الترمذي في جامعه عن أنس – رضيَ الله عنهما -، قال سُئل رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – يا رسول الله أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ فقال شعبان، تعظيماً لرمضان، فهو كالمُقدِّمة لرمضان، أفضل الشهور والأوقات صياماً بعد شهر رمضان شعبان، لماذا؟ تعظيماً لرمضان، إذ أنه جاء قبل رمضان ويجيء قبل رمضان، تعظيماً لرمضان!

وقال أنس – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – كان أصحاب رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – إذا دخل شهر شعبان نشروا مصاحفهم فقرأوها، عمروه وعمروا أوقاته بقراءة القرآن، قال نشروا مصاحفهم فقرأوها، وأخرجوا زكوات أموالهم، ليُعينوا الضعيف والمسكين على صيام رمضان، إذن تُشرَع فيه أيضاً الصدقات، ويُشرَع فيه قراءة القرآن.

قال بعض التابعين وهو سلمة بن كُهيل – كوفي وتابعي جليل -، قال كان يُقال شعبان شهر القرآن، وقال الحسن بن سهل – رضيَ الله عنه – قال شعبان يا رب جعلتني بين شهرين عظيمين فما لي؟ أي ماذا جعلت في أو لي؟ جعلتني بين شهرين عظيمين فما لي؟ قال جعلت فيك قراءة القرآن، وهذا أمر يجهله ويغفل عنه كثير من المُسلِمين، لا يقرأون القرآن إلا في رمضان، أما شعبان فلا حظ لهم من قراءة القرآن، مع أن هذا شيئ من حظه، والصدقة والصيام.

أما صيامه وهو محور حديثي اليوم – إن شاء الله تعالى – فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث أسامة بن زيد – رضيَ الله عنهم أجمعين – الآتي، وهو حديث طويل، أجتزئ منه بالشاهد، قال – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – وما كان يصوم بعد رمضان أكثر ما يصوم إلا في شعبان، فقلت له يا رسول الله – أسامة يقول فقلت له يا رسول الله – رأيت أكثر صيامك – أي بعد رمضان – في شعبان، فقال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، هذه العلة الأولى التي لأجلها يصوم المُصطفى هذا الشهر أو أكثر هذا الشهر، ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى الله – تبارك وتعالى -، فأُحِب أن تُرفَع أعمالي وأنا صائم، وهذه هي العلة أو الحكمة الثانية.

وفي الصحيحين عن عائشة – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين – قالت وما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان، أكثر الأشهر كان يصومها – عليه الصلاة وأفضل السلام – بعد رمضان شعبان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان، وعند البخاري زاد في رواية كان يصوم شعبان كله، وفي رواية مُسلِم أو في رواية بالأحرى لمُسلِم كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً، كأنها استدركت – رضيَ الله تعالى عنها وأرضاها -، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً.

وقد رجَّح طائفة من العلماء منهم عبد الله بن المُبارَك وغيره – رضيَ الله تعالى عنهم – أن الصحيح أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – لم يستكمل صيام شعبان قط، ولعل هذا الأرجح والأقوى، ما استكمل إلا رمضان – عليه الصلاة وأفضل السلام -، لكن أكثر صومه بعد رمضان كان في شعبان.

وقد يسأل أحدكم كيف يستقيم أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – كان يخص شعبان بصيام التطوع هذا فيه مع ما صح عنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – من قوله أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المُحرَّم؟ جوابات كثيرة عن هذا السؤال، أقومها وأجدرها بالذكر هو قول بعضهم إن قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المُحرَّم – أي أن تصومه – محمول على التطوع المُطلَق بالصيام، أما صيام شعبان وما يكون أيضاً من صيام ستة أيام من شوال فهذا الصوم ليس كالمُطلَق، بل هو كالمُقيَّد، إذ جاء قبل رمضان وبعد رمضان، فأشبه السُنن الرواتب، التي تأتي أو يأتي بعضها قبل الصلاة وبعد الصلاة، كراتبة الظهر القبلية وراتبة الظهر البعدية، وفي تمام الحديث قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، مع أن العلماء جميعاً خلافاً لبعض الشافعية – نفر قليل – أو جمهور العلماء مُتفِقون على أن السُنن الرواتب أفضل من قيام الليل، إذن ما معنى أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل؟ يُحمَل هذا القول على التطوع المُطلَق، باستثناء السُنن الرواتب، وكذلك صيام شعبان وستة أيام من شوال، هذه أفضل والله – تبارك وتعالى – أعلم من صيام المُحرَّم، لأنها كالراتبة لهذا الشهر العظيم، فتلتحق به في الفضل، والله – تبارك وتعالى – أعلم، وهناك بعض الأحاديث والآثار صُرِّح بها أو صُرِّح فيها بذلك، والله وحده عنده العلم.

هذا وجه – أيها الإخوة الأحباب – في اختصاصه – عليه الصلاة وأفضل السلام – شهر شعبان بالصيام فيه، وهناك وجوه أُخر، ذكر – عليه الصلاة وأفضل السلام – وجهين منهما في حديث أسامة بن زيد، الذي أخرجه أحمد والنسائي – رحم الله الجميع -، الوجه الأول قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، ومعنى هذا القول منه – عليه الصلاة وأفضل السلام – أن هذا الشهر الفاضل الكريم لما وقع بين شهرين عظيمين – بين شهر رجب المُحرَّم وبين رمضان شهر الصيام – غفل الناس عنه وعن مزاياه وعن خصائصه، وإلى يوم الناس هذا أكثر الناس يجتهدون في رجب ما لا يجتهدون في شعبان، يظنون أن الصيام في رجب أفضل من الصيام في شعبان، لأن رجب شهر حرام، من الأشهر الحُرم، وليس كذلك.

فقد روى ابن وهب – رحمه الله تعالى – بإسناده عن عائشة – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين -، قالت ذُكِر لرسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – ناسٌ يصومون رجب، فقال فأين هم عن شعبان؟ يُنبِّههم على أن الصيام في شعبان أفضل منه في رجب، فأين هم عن شعبان؟

هذا هو المعنى الأول، وفيه إشارة – أيها الإخوة الأحباب – إلى انبغاء عمارة أوقات الغفلة بطاعة الله وذكره – سُبحانه وتعالى -، فاغتنموا أوقات غفلة الناس عن ذكر الله وعن طاعته، واشغلوها بذكره وطاعته – سُبحانه وتعالى -، قال لأن الناس يغفلون عنه فأنا أُحِب أن أُوقِع وأن أستثمر فيه طاعةً ومبرةً، لأن الناس يغفلون عنه!

والنصوص والشواهد على صحة هذا المعنى وتقريره كثيرة جداً، لأجل هذا المعنى قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – في ساعة وسط الليل فإن استطعت أن تكون مِمَن يذكر الله فيها فكُن، لماذا؟ لأنها ما دامت في وسط الليل فقد تشمل الغفلة أكثر الخلق فيها عن ذكر الله – سُبحانه وتعالى -، ولأجل هذا المعنى أيضاً أراد – عليه الصلاة وأفضل السلام – أن يُؤخِّر صلاة العشاء إلى مُنتصَف الليل، إلا أنه علَّل تركه ذلك بقوله خشية المشقة على الناس، خشيَ المشقة على الناس، أي على المُكلَّفين، فترك ذلك.

وقد روى البخاري في صحيحه في حديث طويل أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – خرج أو اطلع على أصحابه ذات ليلة وقد أخَّر صلاة العشاء عن قصد وعن عمد حتى انتصف الليل، فخرج عليهم وهم ينتظرونه أن يؤمهم في هذه الصلاة، قال ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم، يُعظِّم حالهم ويمتدحه – عليه الصلاة وأفضل السلام -، لأنه وقت غفلة، الآن الناس ناموا، ذهبوا في النوم وفي الراحة وفي الدعة، وأما أنتم فتنتظرون طاعة ربكم – سُبحانه وتعالى -، ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم.

ولأجل هذا المعنى أيضاً ورد من المرفوع والموقوف في فضل ذكر الله – سُبحانه وتعالى – في الأسواق ما ورد، كحديث الطبراني الشهير، حتى قال أبو صالح – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – إن الله ليضحك من عبده يذكره في الأسواق، يضحك إليه أو يضحك منه، أي عجباً وحُباً ورضواناً عليه، لماذا؟ لأنه ذكره في وقت غفلة بين أهل الغفلة، وقد قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – ذاكر الله في الغافلين كالمُقاتِل عن الفارين، أي الذي يحمل فئة مُنهزِمة، وسيأتي تقرير هذا المعنى بوجه آخر أو بلحاظ آخر – إن شاء الله -، ذاكر الله في الغافلين كالمُقاتِل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي تحات ورقه من الصريد، أي من الصر، كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ ۩، الرياح الباردة! وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل رطب ويابس، وذاكر الله في الغافلين يرى مقعده في الجنة، وكأن هذا المعنى أن يراه قبل موته، يُبشِّره الله فيُريه – سُبحانه وتعالى – مقعده في الجنة قبل أن ينتقل إلى دار الرضوان والنعيم المُقيم.

نعم لأجل هذه المعاني جميعاً عظم إيقاع الطاعة في وقت الغفلة، وفي الحديث القدسي الجليل يقول رب العزة والجلال – سُبحانه وتعالى – عبدي كل عبدي – أي عبدي الذي تحقَّق بعبوديتي، أي بالعبودية لي – الذي يذكرني وهو مُلاقٍ قرنه، أي عدوه ونظيره في الحرب، في ساعة الالتحام والمُصافة، لماذا كان هذا هو العبد الحقيقي؟ لأنه ذكر الله في وقت تذهل فيه العقول، وتبلغ القلوب الحناجر، ويغفل الناس عن ذكر الله، ما نسيَ ربه وذكره في هذه الساعة، فهذا هو العبد الكامل، هذا هو العبد الذي تحقَّق بعبودية الله – سُبحانه وتعالى -.

إذن لأجل هذا المعنى استحب النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – أن يذكر الله وأن يصوم له وأن يزداد من طاعته وعبادته في شهر شعبان بالذات وعلى وجه الخصوص، لأنه شهر غفلة، كما كان الأصحاب – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم – يغتنمون وقت ما بين العشائين، أي ما بين صلاة المغرب والعشاء، فيُصلون في هذا الوقت، وربما صلى بعضهم ست ركعات، وربما زاد بعضهم، وربما نقص، يقولون إنها ساعة غفلة، حتى سمى لأجل هذا الحديث أو لأجل هذا الأثر بعض العلماء هذه الصلاة بصلاة الغفلة، لأنها تقع في وقت غفلة، هذا هو المعنى الأول.

وأما المعنى الثاني فهو على النحو الآتي، لكن قبل أن أنتقل إلى المعنى الثاني أُريد أن أقول إيقاع العبادة في مثل هذه الأوقات – أوقات غفلات الناس – لها فوائد وعوائد مُبارَكة كثيرة، على رأسها أنها تكون أخفى، العبادة والطاعة تكون في وقت الغفلة أخفى وأبعد عن الرياء أو أبعد من الرياء، وبالذات في عبادة الصوم، الذي هو سر بين العبد وربه، الناس لا ينتبه بعضهم إلى صوم بعض في شعبان، لكنهم ينتبهون في رمضان، أما في شعبان فلا يتنبَّهون، فهذا أحسن، اغتنم هذه الأويقات، وصُم لله – سُبحانه وتعالى -، دون أن تُطلِع على ذلكم أحداً من الناس، فهذا أرجى وأبعد من الرياء وأدخل في باب الصدق والإخلاص، بل كان بعضهم – رضيَ الله تعالى عنهم – يجتهد في أمثال هذه الأحوال أن يُخفي صيامه، يجتهد في إظهار ما يُخفي به صيامه، حتى قال ابن مسعود – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – إذا أصبحتم صائمين فاصبحوا مُدهنين، ادهنوا بالزيت، حتى يظهر وجه أحدكم مُلتمِعاً من أثر النعمة والأكل والامتلاء، ولا تظهر عليه غُبرة الصيام، فأصبحوا مُدهنين، ويُروى مثل هذا عن روح الله عيسى – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

صام بعضهم أربعين سنة ولم يدر بصيامه لا أهله ولا جيرانه ولا أهل سوقه وقد كان تاجراً، كان يخرج كل صباح وبيده رغيفان، حتى إذا صار في الطريق تصدَّق بهما، حتى إذا صار إلى سوقه ظن أهل سوقه أنه إنما أكل في بيته، وظن أهل بيته إنما أكل الرغيفين في سوقه، وما أكلهما، ولكنه تصدَّق بهما أربعين سنة، دون أن تدري بهذا الأمر حتى زوجه أو أبناؤه أو أهل سوقه، بعض الناس يتساهل في إظهار زوجته على عباداته، ويقول هي زوجة، أبداً! حتى الزوجة وحتى أقرب قريب اجتهد دائماً في إخفاء طاعتك عنه، لتكون مُخلَصةً لوجه الله – سُبحانه وتعالى -.

اشتُهِر أحدهم بالصيام حتى عُرِف في ملأ من الناس، فشق عليه هذا الأمر، أي شق عليه أن يعرفه الناس، فكان – رضيَ الله تعالى عنه – يأتي يوم الجُمعة في مسجد الجامع – أي الذي تُجمَّع فيه الجُمعة – فيأخذ الإبريق ويضع فمه على فيه، أي على فم نفسه، ويضع فمه على فيه كأنه يزدرده، أي كأنه يزدرد الماء أو يبتلع الماء، وما يُدخِل حلقه منه شيئاً، وإنما يفعل ذلك ساعة ليُوهِم الناس أنه إنما يشرب، لكي يستر على نفسه، يستر عبادته على نفسه، كم ذا يستر الصالحون وأرباب الأحوال أسرارهم ومقاماتهم، لكن ريح الصدق والإخلاص تنم عليهم!

وهبني كتمتُ السر أو قلتُ غيرهُ                   أتخفَى على أهل القلوب السرائر؟!

أبى ذاك أن السر في الوجه ناطق                    وأن ضمير القلب في العين ظاهر.

هذا هو المعنى الأول أو الفائدة الأولى، وأما الفائدة الثانية فإن أداء العبادة والطاعة في أوقات غفلة الناس أشق على النفس، فإن مما يُسهِّل الطاعة على نفس الإنسان مُشارَكة أبناء الجنس، إذا شاركك إخوانك وأقرباؤك وأحبابك ومَن تعرفهم في عبادة ما أو إذا شاركك فيها عموم الناس سهلت عليك، ولذا قال – سُبحانه وتعالى – كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ۩، قال العلماء إنما ذكر ذلك لكي يُسهِّله على مُكلَّفي أمة محمد، فهذا الصيام كُتِب عليكم وكُتِب أيضاً على مَن كان قبلكم، فيسهل حمله، ولا يكون ثقيلاً وآدًا، فهذه أيضاً فائدة أُخرى، ولذا قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – في الذين ذكرهم أنهم سيأتون من أمته للعامل منهم أجر خمسين من أصحابه، حتى استفصل أصحابه وظنوه قد وهل أو وهن، فقالوا بل منهم يا رسول الله، قال بل منكم أنتم، لماذا؟ لأنكم تجدون على الخير أعواناً، ولا يجدون، هم لا يجدون، أهل الطاعة قلة في هذا الزمان، لذا مَن أطاع الله – سُبحانه وتعالى – آجره الله – سُبحانه وتعالى – بأجر خمسين من الأصحاب إن عَمِل عَمَل أحدهم.

وفي صحيح مُسلِم يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – العبادة في الهرج كالهجرة إلىّ، يقول العبادة في الهرج كالهجرة إلىّ، كمَن هاجر إلى محمد في مدينته – عليه الصلاة وأفضل السلام -، والهرج هو الفتنة والاختلاط وكثرة القتل، إذا مرج أمر الناس والعامة واختلط، ويكون هذا في آخر الزمان، كزماننا هذا، والذي يُصحِّح هذا التأويل أن الإمام أحمد خرَّج هذا الحديث ولفظه العبادة في التفنة كالهجرة إلىّ، لأن الناس في الفتنة كفتن الناس اليوم لا يؤبون ولا يرجعون إلى دين وتقوى وورع، وإنما يرجعون إلى أهواء النفوس ومُشتهياتها ونزوات العقول، فكان حال مَن فارقهم واتبع سُنة محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام – وأخذ نفسه بالتقوى والعبادة والطاعة كحال مَن هاجر وترك الجاهلين والجاهلية إلى رسول الله في مدينته – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

هذا هو المعنى أو الفائدة والعائدة الثانية، والفائدة الثالثة أن الذي يُطيع الله – سُبحانه وتعالى – بين أهل الإعراض والاستنكاف والغفلة قد يُدفَع به عن الناس من حوله، وقد قيل في تأويل قوله – سُبحانه وتعالى – وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ ۩ يدخل فيها دفع الله عن الطالحين بعمل الصالحين.

وفي الحديث القدسي الجليل يقول رب العزة – سُبحانه وتعالى – أحب العباد إلىّ المُتحابون بجلالي، المشاءون في الأرض بالنصيحة، المُعلَّقة قلوبهم بالمساجد، والمُستغفِرون بالأسحار، وإني لأهم بأهل الأرض عذاباً – يُريد إنزال عذاباً باهل الأرض – فإذا نظرت إليهم صرفت العذاب عن الناس لأجل هؤلاء، وقد قال بعض السلف – رضيَ الله تعالى عنهم – إن الله ليدفع عن الطالحين بالصالحين، كما يحمل فئة مُنهزِمة بالمُقاتِلين المُجاهِدين، وقد ذكرت لكم قُبيل قليل قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – ذاكر الله في الغافلين كالمُقاتِل عن الفارين، فيحمي الله الحوزة ويذب عن الدين والمِلة والبيضة ببركة جهاد مَن يُقاتِل صادقاً مُخلِصاً، وكذلك مَن يُطيع الله صادقاً مُخلِصاً، فإن بركة هذه الطاعة تعم الناس مِن حوله.

وفي الأثر يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – إن الله ليدفع بالرجل الصالح عن أهله وولده وذُريته ومَن حوله، وقد روى الإمام أبو بكر البزّار في المُسنَد من حديث أبي هُريرة – رضيَ الله تعالى عنهما -، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – مهلاً عباد الله عن الله مهلاً، أي تمهَّلوا، مهلاً عباد الله عن الله مهلاً، لولا عباد ركع وصبية رضع وبهائم رتع لصُب عليكم العذاب صباً، وقد عقده أحدهم فقال:

لولا عباد للإله ركع                               وصبية من اليتامى رضع.

ومهملات في الفلاة رتع                         صُب عليكم العذاب الموجع.

فهذه هي الفائدة والعائدة الثانية، وأما المعنى الثاني الذي لأجله اختص النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – شعبان بصيامه أو بالصيام فيه الزائد فهو قوله كما في حديث أسامة عند أحمد والنسائي، قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – وهو شهر تُرفَع فيه إلى الله – سُبحانه وتعالى – الأعمال، فأُحِب أن تُرفَع أعمالي وأنا صائم.

ورفع الأعمال – أيها الإخوة الأماجد – له أوقات وأحوال كثيرة، هناك رفع فوري، وهناك رفع يومي، صباحي ومسائي، وهناك رفع أسبوعي، وهناك رفع سنوي، فأما الرفع الفوري فكما في صحيح مُسلِم أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – لما صلى قبل الظهر أربع ركعات علَّل بقوله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فقال إنها ساعة تُفتَح فيها أبواب السماء، أي فيصعد فيها العمل، إنها ساعة تُفتَح فيها أبواب السماء، فأُحِب أن يُرفَع لي فيها عمل صالح، إذن هذا رفع، لكنه رفع فوري، وهناك رفع يومي، صباحي ومسائي، كما في صحيح مُسلِم في الحديث الجليل، وأذكره من رواية ابن عباس، إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفَع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، وتتمته حجابه النور، لو كُشِف لأحرقت سُبحات وجهه ما ما انتهى إليه بصره من خلقه، لا إله إلا الله، لا إله إلا أنت سُبحانك إنا كنا من الظالمين.

فهذا رفع يومي، وهناك رفع أسبوعي كما روى الإمام الترمذي وغيره، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – تُرفَع الأعمال إلى الله في كل يوم اثنين وخميس، فهذا رفع أسبوعي، وهناك الرفع السنوي كما في هذا الحديث في شهر شعبان، تُرفَع فيه الأعمال إلى الله.

قال العلّامة عبد الرؤوف المناوي – رحمة الله تعالى عليه – في شرحه التيسير على الجامع الصغير، قال والرفع الأسبوعي في كل يوم اثنين وخميس إنما هو رفع إجمالي، رفع عام باعتبار الأسبوع، وأما الرفع السنوي فهو رفع تفصيلي باعتبار العام، تفصيلي لكل ما أوقع وما فعل وما اجترح العبد في عامه على طوله أو بطوله، فهو رفع تفصيلي باعتبار العام.

فهذا هو المعنى الثاني، وهناك المعنى الثالث والأخير الذي لأجله كان – عليه الصلاة وأفضل السلام – يخص شعبان بالصيام فيه فيصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ربما أخَّر ذلك – تقول عائشة – حتى يصوم في شعبان، أي حتى يصوم هذه الأيام في شعبان، قالت عائشة فكنت أُريد أن أصوم فلا أُطيق، فإذا صام صُمت معه – عليه الصلاة وأفضل السلام -، يُؤخَذ من هذا الحديث الجليل أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – أنه كان إذا كان عليه نوافل لم يُتِمها من غير شعبان قضاها في شعبان، حتى يستقبل رمضان وقد كمَّل نوافله، وكانت أمنا عائشة – رضيَ الله تعالى عنها وأرضاها – ربما أفطرت بالحيض من رمضان، فلا تقضي، لا تستطيع أن تصوم وحدها، والمرأة كما تعلمون لا تستطيع أن تصوم إلا بإذن زوجها في حضوره أو في شهوده، فكان النبي إذا صام آنسها وأسعدها فصامت بصيامه – رضيَ الله تعالى عنها وأرضاها -.

قال العلماء يُؤخَذ من هذا الحديث أن مَن كان عليه نوافل وتطوعات بصيام لم يقضها أو لم يصمها فالمُستحَب له أن يقضيها في شعبان، حتى يستكمل كرسول الله رمضان وقد كمَّل نوافله، والله – تبارك وتعالى – أعلم.

أختم هذه الخُطبة بكلمة وجيزة سريعة عن ليلة النصف من شعبان، التي اختلف فيها اجتهاد وكلام العلماء واختلط فيها الأمر على العامة، هذه الليلة – أيها الإخوة الأحباب – ورد فيها آثار وأخبار عن رسول الله، أكثر العلماء على عدم تصحيح شيئ منها، أنها جميعاً ضعيفة، غير مقبولة، وأقل العلماء والمُحدِّثين صحَّحوا شيئاً منها، كالعلّامة ابن حبان – رضيَ الله عنه – في صحيحه، وقد أورد طرفاً منها، وصحَّح بعضها، أي وصحَّح بعض هذه الأحاديث.

منها الحديث الذي أخرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف عن الإمام عليّ – عليه السلام وكرَّم الله وجهه -، يقول إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله – تبارك وتعالى – ينزل عند مغيب الشمس إلى سماء الدنيا – أي إلى السماء الدنيا -، فيقول ألا من مُستغفِر فأغفر له؟ ألا من مُسترزِق فأرزقه؟ أي يطلب الرزق والغنى والجِدة، ألا من مُسترزِق فأرزقه؟ ألا من مُبتلىً فأُعافيه؟ ألا كذا كذا… ألا كذا كذا… حتى يطلع الفجر.

ومن أمثل هذه الأحاديث ما أخرجه ابن ماجه وأحمد والترمذي، وقال الترمذي قال البخاري إنه ضعيف، ذكر البخاري عن الإمام البخاري أنه ضعَّفه، لكنه من أمثل هذه الأحاديث الضعيفة، وقد سُقته مرةً في خُطبة عن النساء بطوله، ولكن من رواية مُسلِم دون هذه الزيادات التي أذكرها في هذا المقام، فهذه رواية ابن ماجه، تقول عائشة فقدت النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – ذات ليلة، فخرجت أتبعه، فإذا هو رافع رأسه بالبقيع، في مقبرة الصحابة – رضيَ الله تعالى عنهم – بالمدينة المُنوَّرة، تقول فإذا هو رافع رأسه بالبقيع، فنظر إلىّ فقال يا عائشة أخشيت أن يحيف الله عليكِ ورسوله؟ فقلت يا رسول الله – هذه الزيادة لم يذكرها مُسلِم – ظننت أنك إنما خرجت إلى بعض نسائك، الغيرة! فقال – عليه الصلاة وأفضل السلام – يا عائشة إن الله – تبارك وتعالى – ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، وكلب قبيلة كبيرة من قبائل العرب، وعندها أغنائم كثيرة، كم تبلغ شعور أو أشعار هذه الأغنام! لا يعلم ذلك إلا الله، فيغفر الله لهذه الأمة لأكثر من عدد شعر غنم كلب، فهذا حديث جيد عند أكثر العلماء، لكنه ليس بالصحيح، لكنه من أمثل هذه الأحاديث الضعيفة.

وعن بعض التابعين من فقهاء أهل الشام وعُبّادهم وصالحيهم كخالد بن معدان ولُقمان بن عامر ومكحول المشهور – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم – أخذ الناس فضل هذه الليلة وتعظيمها والطاعة والعبادة فيها، ثم اختلف العلماء بعد ذلك، كثير من العلماء قال لم يثبت شيئ في قيام هذه الليلة على وجه الخصوص، لم يثبت شيئ في قيام هذه الليلة! وأيضاً لم يثبت شيئ في صيام نهارها على وجه الخصوص، مَن أراد أن يصوم مِن شعبان فوافق هذا اليوم فلا بأس، لكن على وجه الخصوص والتحديد والتعيين لم يثبت.

ثم اختلفوا في إحيائها، فقال بعض علماء الشام من البدعة أو الابتداع في في الدين أن تُحيا هذه الليلة في المساجد، كما يفعل الآن أكثر المُسلِمين، هذه بدعة مكروهة، وقال بعضهم ومع ذلكم – أي مع كراهة أو كراهية أن تُحيا هذه الليلة في المساجد والجوامع – إلا أنه يُستحَب للفرد في خاصة نفسه أن يُحييها في بيته، بالقيام والصلاة والدعاء والاستغفار والتسبيح وأشكال الطاعات المُختلِفة، وهذا أقرب كما قال ابن رجب، وهو قول الإمام الأوزاعي، فقيه الشام في عصره وعالمها – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين -.

كتب عمر بن عبد العزيز – رضيَ الله تعالى عنه – إلى عامله بالبصرة عليك بأربع ليال في السنة، فإنه بلغنا أن الله يُفرِغ الرحمة فيهن إفراغاً، ليلة أول رجب، ليلة النصف من شعبان، ليلة الفطر – أي عيد الفطر -، وليلة الأضحى، وقال إمامنا أبو عبد الله الشافعي – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – بلغنا أن الدعاء يُستجاب في خمس ليال، ليلة الجُمعة، والليالي الأربعة التي ذكرها ابن عبد العزيز، أي ليلة الجُمعة، ليلة أول رجب، ليلة النصف من شعبان، ليلة الفطر، وليلة الأضحى، والله – تبارك وتعالى – أعلم بذلك.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لذنبي ولذنبكم فاستغفروه، إنه خير الغافرين.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، ألا فصلوا عباد الله على خير نبي أُرسِل، محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام -، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

اللهم إنا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك رحمةً من عندك، تهدي بها قلوبنا، وتجمع بها أمورنا، وتلم بها شعثنا، وترد بها غائبنا، وترفع بها شاهدنا، وتُزكي بها أعمالنا، وترد بها أُلفتنا، وتُلهِمنا بها رُشدنا، وتعصمنا بها من كل سوء يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك إيماناً ويقيناً ليس بعده كفر، ونسألك رحمةً ننال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تُعذِّبنا فإنك علينا قادر، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، لا تُؤاخِذنا بما فعل السُفهاء منا.

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرُشد، ونسألك اللهم قلباً سليماً ولساناً صادقاً، ونسألك حُسن عبادتك وشُكر نعمتك، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم.

اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلِح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة الدنيا زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.

ربنا اغفر لنا ولوالدينا، وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله يذكركم، واشكروه يزِدكم، وسلوه يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

  فيينا (1995)

 

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: