إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – جل مجده – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ۩ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۩ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ۩ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ۩ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۩ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ۩ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ۩ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:

قال ألبرت أينشتاين Albert Einstein مرةً شيئان لا حدود لهما: الكون والجهلُ البشري، ولو أضاف عليهما ثالثاً ما أبعد والجشع البشري والشُح، جشعٌ وطمعٌ ورغبٌ لا نهاية له في التملك، يُقابِله شُحٌ وإمساكٌ لا نهاية له، لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لتمنى إليه وادياً ثانياً، ولو كان له هذا الوادي الثاني لتمنى أيضاً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب كما قال المعصوم عليه الصلاة وأفضل السلام، جشع عجيب لا نهاية له، وفي المُقابِل – قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ ۩ – شُحٌ لا نهاية له، إذن هذان أمران لابد أن يُثلَّث بهذا الأمر الثالث، جشع ابن آدم وشُحه – والعياذ بالله – وهما مُتلازِمان، الجشع شحيح والشحيح جشع والعياذ بالله، ولذلك – انظر إلى السياق القرآن العجيب جداً – جاءت آيات الإنفاق ووالتها آيات الربا، لا علاج لهذا الجشع ولهذا الرغب الذي لا يشبع ولا يرتوي إلا بأن يبسط الإنسانُ يده وأن يسعد بما خوَّله الله من نعمة ويُسعِد مَن حوله بالإنفاق، والله – تبارك وتعالى – يُخلِف خيراً على هؤلاء المُنفِقين، يُخلِف عليهم أخير وأفضل مما أعطوا باستمرار.

لماذا أقول هذا؟ في هذه الأيام أعتقد أننا جميعاً نُتابِع بقلق وبوجل وبتخوّف أيضاً علينا وعلى أبنائنا وذرياتنا الأخبار من هنا وهناك والتقارير والوثائقيات والتحليلات وأشياء كثيرة جداً الآن تدور حول العالم تُنذِر بحرب ثالثة والعياذ بالله، شيئ عجيب كأنه انبثق فجأة في حس العوام وفي حس الناس العام، لكن لدى الخُبراء والمُختَصين من رجال السياسة والاقتصاد وحتى من المُفكِّرين العظام هذا كان واضحاً على الأقل في الرُبع الأخير من القرن العشرين، وكُتِبَت كتابات كثيرة فرنسية وإنجليزية وغير ذلك تُنذِر بأن القرن الحادي والعشرين سيكون الأكثر وحشيةً، هكذا كتب مُفكِّرون كبار وخُبراء مُختَصون بعمق في هذه المسائل، قالوا سيكون الأكثر وحشية، في حين ظن السُذج ربما من أمثالنا أن القضاء على الكتلة الشيوعية – كتلة الشر والمحور الأحمر أو الشر الأكبر كما كان يُصوَّر – سيجعل العالم أكثر استقراراً وأكثر سلاماً، لم يحدث هذا لسنة واحدة، في السنة التي قضت فيها الكتلة الشيوعية بالضربة القاضية أو بالسكتة القلبية – لأنها ماتت تقريباً بسكتة قلبية وطب كل شيئ وانتهى كل شيئ – على حين غِرة غزت الولايات المُتحِدة الأمريكية العراق – هذا في نفس السنة، وذلك في سنة ألف وتسعمائة وواحد وتسعين – ودمَّرتها، دمَّرت المشافي والمدارس والشوارع والبُنى التحتية عموماً، ثم أعقبت هذا الغزو الظالم بحصار امتد لسنوات طويلة بقية فترة بوش Bush الأب وأيضاً دورات كلينتون Clinton – الرئيس بيل كلينتون Bill Clinton – مات من جرائها أكثر من نصف مليون طفل عراقي، لا يُوجَد حليب ولا يُوجَد غذاء ولا يُوجَد دواء، وطبعاً في التلفزيون Television نحن رأينا هذا حين قيل لوزيرة الخارجية الأمريكية في وقتها أو إبانها مادلين أولبرايت Madeleine Albright هذا الثمن باهظ جداً جداً، هل يستحق الأمر؟ قالت يستحق، نصف مليون لا شيئ، نصف مليون صرصار عربي، نصف مليون غبار بشري مَمَن عوَّدت المشاهد الهوليودية الحس والمخيال العالمي والأمريكي خصوصاً على أنهم ليسوا أكثر من غبار بشري، يأتيك رامبو Rambo كبطل عظيم – سيلفستر ستالون Sylvester Stallone – ويقتل مئات من أجل أن يُنقِذ – مثلاً – رهينة، هذه المئات ما ذنبها إذن؟ غبار بشري، سقوط الصقر الأسود في الصومال نفس الشيئ، الناس يُقضى عليها كأنها غبار بشري، فحتى السينما Cinema مُتوحِّشة، الذي يكتب هذا السيناريو والذي يُمثِّل هذا الشيئ عنده مزاج أو مخيال مُتوحِّش يُدرِّب الخيال على أن يكون مريضاً ولا إنسانياً، لا يعتبر الإنسان ولا يحترم قيمة الإنسان من حيث هو لأنه ليس الإنسان الأبيض الغربي وبالذات ليس الإنسان الأمريكي.

العجيب أننا الآن – كما قلت لكم – على أعتاب ربما كارثة يقول المُختَصون – لا أتحدَّث عن مُحلِّلي أخبار أو عن صحفيين درجة ثالثة وإنما أتحدَّث عن المُختَصين وبالذات من رجال الاقتصاد ثم بعض الساسة – ربما لم تشهدها البشرية في طول تاريخها، وهذا أمر عجيب، نحن أمام كارثة لم تشهدها البشرية طول تاريخها، ما الحكاية؟ كيف؟ لماذا؟ ما الذي يجري؟ وما الذي سيجري؟ طبعاً أتكلَّم هذا الكلام وأشعر كما يشعر غيري من المُتابِعين بأن مُعظَم البشر على ظهر الكوكب مُنوَّمون، هم لا يفهمون هذا ولا يشعرون به أبداً، لأن الأخبار نفسها – هذه الأخبار التي تُشكِّل قاعدة وعيهم وسقف الوعي حتى لديهم للأسف في القضايا السياسة والاقتصادية وفي كل شيئ – لا تسمح لهم بأن يُلامِسوا هذه المسائل الشديدة الحساسية، ولذلك قبل أكثر من ثلاثة أرباع قرن تقريباً كتب الاقتصادي الكبير ويصح أنه نُسميه حتى فيلسوف الاقتصاد جون مينارد كينز John Maynard Keynes – صاحب الكنزية الطريقة المشهورة في الاقتصاد، المنهج الشهير جداً – لذلك يُمكِن للحكومة – يقصد الحكومة الأمريكية – أن تقوم بسرقة ثروات الشعب بسرية بالغة دون أن يشعروا وبحيث لا يُمكِن إلا ربما لواحد في المليون أن يفهم ما يجري، تسرق مُستقبَلك وعرقك وجهود ومُستقبَل أبنائك وبناتك دون أن تشعر أنت، ينبغي أن تكون واحد في المليون لكي تفهم، أي أن في أمريكا كلها حوالي أربعمائة فقط هم مَن يفهمون، هذه كارثة رهيبة، وهذا إن جاز أن يستمر في عهد جون مينارد كينز John Maynard Keynes لا يسوغ أن يستمر في عهد النت Net وإلا تكون فضيحة، لدينا السوشيال ميديا Social Media واليوتيوب YouTube وتويتر Twitter وفيسبوك Facebook، لماذا؟ هذه وسائل خطيرة جداً جداً، وهذه من رحمة الله تبارك وتعالى، هذه تسمح بأن تتعمَّم الحقيقة بسرعة البرق، مَن يفهم عليه أن يتكلَّم، وكل مَن يصله الفهم عليه أن يُعمِّم، وبالتالي يُمكِن – يُمكِن لا ندري – بل ينبغي أن يُبادِر هؤلاء الناس في الشرق والغرب – وهذه معركة البشرية ومعركة العالم كله – إلى إقامة سُدود يُبادِرون بها الطوفان، الطوفان سيجتث الأخضر واليابس، فيُمكِن لجميعنا وليس بعضنا أن نستيقظ غداً ونحن فقراء مُملِقون ليس عندنا ما نأكل وما نشرب، وهنا قد تقول لي أنا خزَّنت ثلاثة ملايين، لكن هذا لا شيئ، كل هذا سيضيع في لحظة وكل شيئ سينتهي، قد تقول لي عندي عقار وعندي كذا وكذا، لكن مَن يشتري ومَن يتأجر؟ هذا كله سينتهى إلى أن يتعدَّل الميزان، الله أعلم هل يتعدَّل في عشرين أو في ثلاثين أو في خمسين سنة ومن ثم يُمكِن أن تستفيد من عقارك هذا، انتبهوا فهذا شيئ خطير، قد يقول أحدكم أنا خزَّنت مليوناً بالدينار الكويتي أو بأي دينار، لكن هذا لن ينفع، كل العملات ستنهار لأنها مربوطة بالدولار، فما القضية؟

أُريد أن أُبسِّط وأبدأ مُنذ البدايات بتبسيط شديد جداً جداً، قبل ألوف السنين كان البشر يتقايضون السلع والأشياء مُقايضةً، أنا أُعطيك مثلاً كيلاً – أي كيلو جرام – من الجُبن وأنت تُعطيني ربع كيلو من العسل مثلاً، هذه القضية غير عملية ولذلك لم تستمر كثيراً، أحياناً ليس لدي إلا الجُبن وأنت لا ترغب في الجُبن وأنا أرغب في العسل، ماذا أفعل؟ وغير عملية أيضاً من ناحية ميكانيكية ومن ناحية لوجستية، عندك ألف خروف وعشرة آلاف رأس بقرة فكيف تنقلها؟ ماذا تعمل؟ عملية لوجستية حتى صعبة، أحد الأذكياء وأحد العباقرة – والإنسان عبقري من حيث هو – قال لماذا لا نُقايض كل شيئ بالذهب؟ الذهب موجود وهو نادر جداً، لا يُمكِن تزويره ولا يُمكِن تزييفه، وبحمد الله – تبارك وتعالى – كل خُرافات وأوهام السيميائيين – تعرفون السيمياء، قبل ما يكون هناك كيمياء Chemistry كان يُوجَد هذه السيمياء – انتهت، كان يُوجَد الحلم الذي يُدغدِغ خيال البشر – الفقراء والأغنياء – وهو أن يصنعوا الذهب من مُركَّبات ومن عناصر أُخرى لكن كل هذا فشل، ملوك طبعاً وأباطرة أرادوا هذا ودفعوا تكاليف باهظة لكن كل هذا يفشل، بفضل الله أنه يفشل، الذهب فقط يتولَّد من انفجار السوبر نوفا Super Nova، أي المُستعرَت العُظمى، فالذهب لا يتولَّد هكذا، وهذا من حكمة الله، هذا العبقري الأول قال يُمكِن أن نُقايض كل شيئ بالذهب، والذهب عملي لا يُزيَّف ولا يُزوَّر وسهل حمله بكثير، أنت يُمكِن أن تشتري ألف رأس خروف بكمية ذهب تحملها في جيبك، وهذه عملية مُمتازة، وتستطيع بالذهب الذي أخذته أن تشتري ما تُريد أيضاً من الآخر ومن الثالث والرابع والخامس، وهذا مُمتاز جداً، هذه بداية المال النقدي وهذا أمر جميل، بعد ذلك الذين صار لديهم ذهب باتوا يخافون على هذا الذهب إذا حملوه أن يُسرَق وإذا كنزوه أن يُنبَش، فجاء بعضهم بفكرة أول بنك بدائي، أعطونا هذا الذهب نُخزِّنه لكم ونحن لدينا حراسات قوية بسيوف وخناجر يُمكِن أن تحفظ لكم هذا مُقابِل ماذا؟ مُقابِل عمولة بسيطة على التخزين، كيف أضمن؟ أُعطيك سنداً أو أُعطيك صكاً أُوقِّع عليه أنا البنك يُفيد بأنك أودعت عندي كذا وكذا، وهذا الصك مُهِم جداً جداً جداً، هذا الصك سيستحيل بعد قليل إلى العملة الورقية البنكنوت Banknote، لأن هذا الصك ماذا هو؟ هو سند بالإيداع، سند بأنك أودعت لدي كذا وكذا من الذهب، وتستطيع بهذا السند أن تسترجع الذهب، ونفس الشيئ حدث حيث توسَّعت الفكرة وصار لدينا العملة الورقية التي تُساوي ذهباً في الحقيقة، بدل أن تحمل الذهب تحمل هذه العملة الورقية المُغطاة – كما يُقال Covered by – بالذهب طبعاً، مائة من هذه العُملة – مثلاً – تُساوي أونصة – Ounce – بمعنى أنها تُساوي ثمانية وعشرين فاصل ستة من عشرة جرام من الذهب، أو مائتان – مثلاً – من هذه العُملة تُساوي أونصة واحدة بمعنى أنها ثمانية وعشرين فاصل ستة من عشرة جرام، فهذه هى الأونصة وهذا جميل جداً، وبقيَ الأمر على هذا، هذا الشيئ طيب وعملي جداً ولم يُحدث مُشكِلات حقيقية.
أيضاً لكي نفهم البداية جيداً ينبغي أن نقول في الولايات المُتحِدة الأمريكية التي طبعاً هى الأساس والرأس الذي أنتج كل هذه المُشكِلات التي تُعانيها البشرية الآن والتي ستُعانيها غداً وقد يكون هذا الغد قريباً جداً – إن لم يكن غداً غداً فبعد غد – المُصيبة حلة لا محالة، وكل الخبراء يُجمِعون على هذا، طبعاً الحروب والنزاعات وإثارة الحروب هنا وهناك هى حلول وقتية تُؤجِّل الانهيار الكامل للدولار طبعاً وللاقتصاد الأمريكي، وإذا انهار الدولار ينهار الاقتصاد العالمي، لأن كل العملات العالمية بطريقة أو بأُخرى مُرتبِطة بالدولار، كيف تم هذا؟ كيف تم استغفال الحكومات؟ يتم استغفال الشعوب من أمثالنا وهذا أمر مفهوم لأننا لا نفهم شيئاً في الاقتصاد رغم أنه ليس علماً عبقرياً، أينشتاين Einstein حين أراد أن يتخصَّص وهو يُقدِّر قدراته قال عن دراسة الاقتصاد أنها أمر سهل جداً وأنه علم تافه Trivial science، فلا يُمكِن أن أُضيِّع نفسي كأينشتاين Einstein في الاقتصاد، وقال عن دراسة الفلسفة أمر صعب جداً، فصعب علىّ أن أدرس الفلسفة Philosophy، ومن ثم سوف أدرس الفيزياء لأنها بين الاثنين، ليست في صعوبة الفلسفة وليست في تفاهة الاقتصاد، فالاقتصاد علم سهل، والآن سيتبين لنا هذا من خلال هذه الخُطبة، ستفهمون القصة هذه وسنُصبِح من الواحد على مليون الذين تحدَّث عنهم كينز Keynes، سوف نزيد هذه الملايين بسهولة، العملية ليست مُعقَّدة، لكن طبعاً كما قال مينارد كينز Maynard Keynes نفسه هذا تعقيد مُتعمَّد Purposely Complex، قال هو تعقيد مقصود Purposely، أي مهدوف إليه، أُريد أن يبدو الأمر مُعقَّداً حتى ترتعب أنت ولا تقترب ولا تُحاوِل أن تُفكِّر ولا تُحاوِل أن تفهم ومن ثم تظن أن هذه هى طبيعة الأمور ولابد من أن تستمر هكذا، لكنها لن تستمر هكذا.

الآباء المُؤسِّسون – The Founding Fathers كما يُقال لهم – في الولايات المُتحِدة الأمريكية في العالم الجديد كانوا – سُبحان الله – أُناساً أذكياء وكانوا مُخلِصين حقيقةً لشعبهم ولجمهورياتهم ومُخلِصين للمنطق الجمهورياتي كما يُقال وليس لحكومة مركزية اتحادية واحدة وخاصة توماس جيفرسون Thomas Jefferson، هذا الرجل مع جيمس ماديسون James Madison أيضاً كانا ضد اتجاه آخر يُريد أن تحتاز الحكومة أكبر قدر من السُلطة وأكبر قدر حتى من التحكم المالي في شكل إنشاء بنك مركزي، هاميلتون Hamilton وزير الخزانة الأول وهو أيضاً من الآباء المُؤسِّسين وكان رئيس الجيش الأمريكي وهو الذي أنشأ الحزب الفيدرالي ضداً على الحزب الجمهوري الديمقراطي – حزب جيفرسون Thomas Jefferson وماديسون Madison – لوجود صراع بين هذين الجناحين، اتجاه جيفرسون Jefferson هو الصحيح وهو الذي حدس بالحقيقة واستشرف المُستقبَل، قال نحن لا نُريد أن تتغوَّل الحكومة على حساب استقلال الشعب، لدى الشعب أمران، إما أن يقتصدوا فلا يُوجَد رفاه عالٍ ولا تُوجَد وفرة عالية، أي اقتصاد مع حرية وتظلون أحراراً، وإما رفاه مُؤقَّت على حساب أجيال آتية، أي على حساب أبنائكم وأحفادكم، فيُوجَد رفاه مُؤقَّت مع عبودية، والعبودية شبه حقيقية، ثم قال أنا مع الخيار الأول، أنا مع الاقتصاد والحرية ولست مع الرفاه المُؤقَّت والعبودية وهو اتجاه هاميلتون Hamilton، فهم كانوا يفهمون هذا، حتى جورج واشنطن George Washington كان واعياً جداً بالقضية بكل بساطة وكان يقول لا يحق لأي جيل – Generation – أن يُوقِّع ديوناً أكثر مما يُمكِنه أن يُسدِّد في فترة حياته، وهذا ينبغي أن ينطبق على أي جيل بغض النظر عن أي شيئ، والحديث عن الحكومة والشعب، لكنه يُريد الحكومة بشكل خاص، ممنوع أن تُوقِّع ديوناً لا يستطيع هذا الجيل الذي وقَّع على هذا الديون أن يُسدِّد، لماذا؟ سيسرق رفاه وازدهار مُستقبَل أولادنا، سوف يأتون أولادنا ويدفعون أعباء جيل غبي وجيل أحمق وجيل جعش وجيل طمّاع وجيل غير مُدبِّر، وهذا الكلام جميل جداً، هذه فلسفة واعية، لكن أمريكا الآباء المُؤسِّسين ليست أمريكا اليوم بالمرة، بالعكس أكثر من هذا الدستور الأمريكي وبإصرار شديد من الآباء المُؤسِّسين رُقِمَ فيه وكُتِبَ فيه فقط الذهب والفضة – هكذا بالحرف – يُمكِن أن يكونا نقداً – مالاً وعملة – فقط لأنه لا يُمكِن طباعتهما، هم يفهمون هذا ومن ثم كانوا واضحين.

طبعاً البشر منذ خمسة آلاف السنة وقد شرحت لكم بداية القصة بسهولة اكتشفوا الذهب فعلاً كعملة حقيقية ومخزن للقيمة – Store of value كما يقولون – بلغة الاقتصاد، فأنت تتعب الآن وتعزق في الأرض وتُربي الماشية وتقطف الثمار وتصيد الصيد وتُنشيء وتخترع وتبني وتُصمِّم وإلى آخره، وهذه جهود ووقت وإبداع وعمل وأمل وأحياناً فراق وهجرة ودموع، لكن تعب البشر أين يذهب؟ كيف يُمكِن أن يُقيَّم هذا ويُخزَّن؟ في مخزن القيمة بالذهب، جُهدك هذا لألف ساعة يُساوي – مثلاً – عشر ذهبيات، جُهد هذا يُساوي ثلاث ذهبيات، وهذا شيئ جميل وعادل – Fair – حقيقة، فهذا مخزن القيمة، حتى الأوراق النقدية حين تكون مُغطاة بالذهب تكون مخزن للقيمة Store of value، وهذا جميل جداً.

الذي حصل أن الأمر استمر على هذا إلى أن كانت الحرب العالمية الثانية، قبل أن تضع الحرب العالمية أوزارها – أي في سنة ألف وتسعمائة وأربع وأربعين – اجتمع الحلفاء الذين أيقنوا بالنصر وعرفوا الكفة المُنتصِرة، مع العلم بأن أمريكا – USA – دخلت الحرب في آخر سنة، فهذا مُهِم أن نعرفه، هى دخلت الحرب في آخر سنة لكي تُنقِذ نفسها وتُضاعِف مراحبها ومكاسبها واقتصاداتها، وفي الحقيقة ورَّطت البشرية في ورطة يبدو أنها لا تخرج منها حتى تدفع أكلافاً أكثر مما تتخيَّل، ونحن الآن الجيل الذي سيشهد هذه الورطة في ذروتها أو في قاعها، لا يُوجَد كلام غير هذا، الكل يجمع على هذا ويقول أننا هذا الجيل، فلا تنتظر أنك تُغادِر هذه الحياة بعد عشر أو عشرين أو ثلاثين سنة وأنت لم تشهد هذه الكارثة، هذا غير صحيح، سوف تشهدها لا محالة، ونسأل الله اللطف ونسأل الله ألا يكون، نسأل الله بطريقته وبمنه وهذا شيئ آخر لكننا نتكلَّم الآن بحسب المعايير العلمية وبحسب كلام المُختَصين، وعلى كل حال اجتمع الحلفاء الذين أيقنوا بالنصر- أربع وأربعون مُمثِّلاً – وأتوا في فندق مُعيَّن في ولاية نيوهامبشير New Hampshire في الولايات المتحدة الأمريكية واتفقوا في مكان طبعاً يُعرَف ببريتون وودز Bretton Woods – هذا مكان مشهور ومن هنا يقولون لك اتفاقية بريتون وودز Bretton Woods، فهذه هى إذن، في نيوهامبشير New Hampshire في الولايات المُتحِدة الأمريكية – اتفاقاً مُمتازاً، هم اتفقوا على اتفاق عظيم، ما هو؟ ربط الدولار الذي سيُصبِح العملية العالمية الأولى – جميل ولا بأس لأن أمريكا قوية ورجَّحت كفة الحلفاء وأزمة اليابان طبعاً بجريمة كُبرى ووقعت هيروشيما وناجازاكي، وهذه لا إنسانية، وعلى كل حال هذا استعراض للقوة مُخيف ومُرعِب للآخرين وخاصة الاتحاد السوفيتي – المُعتمَدة وسوف ترتبط به كل العملات العالمية المُعتبَرة لكن بشرط – وهذا الشرط بدهي جداً جداً جداً ولا يُمكِن أن يُتجاوَز – أن يرتبط الدولار بالذهب بحيث يكون كل خمسة وثلاثين دولاراً تُساوي أو تُعادِل أو تُكافيء أونصة من الذهب – One ounce of gold – الخالص من عيار واحد وعشرين كما يُقال ، وهذا جميل جداً ومُمتاز، وانفض السامر على هذا، وطبعاً كان من التوالي أن نشأ صندوق النقد الدولي، وهذا من أجل ماذا؟ يُقرِض الدول المُحتاجة بفوائد، والبنك الدولي مُهِم لكي يعمل إعادة الإعمار خاصة في أوروبا المُهدَّمة، وهذا جميل جداً، واستمر الوضع على هذا ولاحظ هؤلاء الحلفاء بالذات بعد فترة أن الولايات المُتحِدة الأمريكية فيما يبدو تُنفِق ببذخ وتتوسَّع في التسلح وانخرطت بعد ذلك في حرب فيتنام، وهذه الحرب كلَّفتها الكثير جداً جداً من الأموال، من أين تأتي هذه الأموال؟ لاحظوا بداية المُصيبة وهى أنها تتوسَّع في الطباعة – في طباعة الورق والدولارات – بما يتجاوز موجوداتها من الذهب، وهذه مُصيبة طبعاً، لماذا هى مُصيبة؟ طبعاً هى مُصيبة واضحة لأنها إذا طبعت دولارات أكثر مما يُغطيه الذهب الموجود والمُحتاز لديها سوف يعني ذلك أن كل دولار جديد سيُضعِف قيمة الدولار السابق باستمرار، وهنا قد يقول لك أحدكم ما المُشكِلة في أن تضعف القيمة؟ هذه مُصيبة، أنت كم مُرتَبك؟ قد تقول أتقاضى ألفي دولار، هذان الألفان بعد ثلاث سنين ستُصبِح قواتهما الشرائية – Purchasing power – عن ألف وثلاثمائة دولار، ومن ثم خسرت سبعمائة، وهكذا طبعاً فبعد عشر سنين قد يُزيدونك إلى ألفين ونصف لكن ستُصبِح قيمتها بسبعمائة، ونحن نعيش هذا طبعاً، حتى هنا في أوروبا نفس الشيئ ونفس الوضع، ولكن هناك طبعاً التأسيس للكارثة العالمية الكُبرى، فالعالم كله يعيش هذا التضخم – Inflation – وسوف نرى ما هو سر التضخم – Inflation – وما هو التعريف الدقيق للتضخم – Inflation – أيضاً، سوف ترى تعريفات كثيرة وهم يُحاوِلون أن يُعقِّدوا المسألة، لكن التعريف البسيط للتضخم – Inflation – هو زيادة الإمدادات بالورق النقدي، علماً بأن الآن غدا الدولار ليس مالاً فانتبهوا، قبل سنوات حين كان مُلتزِماً بالاتفاقية وحين كان مُغطىً بالذهب كان ورق الدولار مالاً – Money – حقيقياً، بدليل أنك كنت تستطيع أن تأخذ ورقة الدولار من أي فئة شئت وتذهب إلى البنك وتستعيض بالذهب، فتقول أنا أُريد ذهباً بقيمة هذا، لأن كل خمسة وثلاثين دولاراً يُساوي أونصة ذهب أنا عندي ثلاثمائة دولار يُساوون عشر أونصات، أعطوني مائتين ست وثمانين جرام ذهب، ومن ثم سوف يُعطونك هذا بشكل عادي، هذا لازم طبعاً، وهذا هو المعنى، إذن هذا هو الفرق بين المال – Money – وبين ما صار يُدعى بالأوراق المالية Fiat currency، يقولون لك Currency و Currencies، وهذا ورق فقط، مُجرَّد ورق لديه هيبة من غير حقيقة، وهو مُرقَّم طبعاً، فكل ورقة مُرقَّمة حتى لا يطبعها أي أحد، يقولون نحن الذين نطبع هذا، ومَن المُستفيد من هذا؟ وكيف تتم سرقة جهودنا إذن؟ أنا اشتغلت بألفين دولار، المفروض أن الألفين دولار تُساوي – مثلاً – ثلاثمائة ساعة شغل، لماذا الآن صارت قيمتها كأنها عن أربعمائة ساعة؟ الشغل صارت قيمته أقل والشغل شغل، لأن في الحقيقة عملك وجُهدك وإنتاجك لا تقل قيمته وقيمة الأشياء في حد ذاتها لا تزيد بل أن قيمة الورق هذه هى التي تنقص، فهذا الذي يحصل، ومن هنا سوف تقول لي أنا فهمت هذا، هذا جُهدي وأنا استغرقت ثلاثمائة ساعة شغل، ونفس الثلاثمائة ساعة قبل عشر سنين كنت آخذ في مُقابِلهم كذا وكذا وبقوة شرائية مُعيَّنة كان يُوفِّرها لي هذا النقد، لكن الآن لا يُوفِّر لي نصف هذه القوة، ما الذي يحصل والعمل هو نفس العمل؟ قالوا لك العيب ليس فيك، العيب ليس في المُنتجات ولا في الخدمات ولا في الإبداع ولا في الجُهد ولا في العرق، العيب في هذا الورق الذي صارت قيمته تنقص، لماذا تنقص؟ لأنه فك ارتباطه بالذهب، وهنا سوف تقول لي هذه أكبر خديعة وأكبر سرقة، وهذا صحيح، بالضبط هذه سرقة، وسوف ترون بعد قليل كيف صارت هذه السرقة مُقنَّنة، أي مُشرعَنة كما نقول نحن، سرقة مُشرَعنة مُقنَّنة – Legalized theft – بالقانون وبقوة القانون الذي أصبح لعباً أيضاً وأخدوعة، لكن كيف تم هذا؟

طبعاً الحلفاء هم دول وقادة من فرنسا وألمانيا مثلاً وفهموا وجود لعبة مُعيَّنة – وخاصة فرنسا – فقالوا لا، ما الذي يحصل؟ فقام الزعيم الجنرال شارل ديغول Charles de Gaulle وهاجم الدولار، قال تُوجَد سرقة وتُوجَد خديعة – Deception – كبيرة تتم علينا وهذا لا يجوز، فرنسا بدأت تستعيض عن احتياطها من الدولار بماذا؟ بالذهب، قالت باستمرار هاتوا ذهباً، وطبعاً ارتفعت حُمى الذهب وزاد الطلب على الذهب أضعافاً، وطبعاً نحن نعرف أن كان هناك مُحاوَلة لاغتيال الجنرال ديغول De Gaulle، وبعد ذلك أثبتت الوثائق أن الولايات المُتحِدة الأمريكية – تحديداً الـ CIA – كانت ضالعة في المُؤامَرة لاغتيال الرجل، فهو أراد أن يكشف هذه اللعبة العالمية وقال لهم سوف تُدمِّرون العالم، ما الذي يحصل؟ فتم التخطيط لاغتيال زعيم فرنسا ومُحرِّر فرنسا لكن طبعاً فشلت العملية، في الثمانية والستين عمَّت مُظاهَرات عارمة صاخبة أنحاء فرنسا، قالوا لك ثورة الطلاب والثورة الثقافية وما إلى ذلك، وحتى الآن تُوجَد علامات استفهام عن دخالة الولايات المُتحِدة الأمريكية – USA – في هذه الثورات الطلابية، وطبعاً اضطُرَ ديغول De Gaulle أن يُقدِّم استقالته، فخسر مُحرِّر فرنسا منصبه لكي يتعلَّم كيف يعترض على الكبار والكبار جداً جداً، لا تضع رأسك برأسنا، لست من مقامنا، نحن نعرف كيف نُؤدِّب الخارجين من بيت الطاعة، وهذا شيئ غريب.

طبعاً زاد – كما قلنا – الطلب على الذهب، واختلف السعر الآن، كيف اختلف؟ لأن الدولار الآن طبعاً كُشِف، صار كل أربعين دولاراً بأونصة ذهب وليس بخمسة وثلاثين، فالخمسة أصبحت من الفقد، واتفقت أمريكا مع بعض حلفائها وخاصة مع بريطانيا للأسف الشديد على إنشاء ما يُعرَف بمجمع – Pool – الذهب وذلك في ألف وتسعمائة وواحد وستين، وسموه مجمع ذهب لندن London Gold Pool، لماذا؟ هذا المجمع وظيفته تثبيت سعر الأونصة بخمسة وثلاثين دولاراً، من أجل ماذا؟ من أجل استبقاء ثقة الناس في الدولار، فقالوا لهم بالعكس كل خمسة وثلاثين تُساوي أونصة ونحن لا نلعب عليكم، واشتغل هذا ونجح قليلاً وبعد ذلك انتهى كل شيئ، الناس فهمت أيضاً اللعبة للأسف الشديد، وتورطت – كما قلنا – أمريكا حتى الثمالة في فيتنام وكلَّفها هذا مليارات المليارات والخسائر كانت فادحة جداً ومن ثم لابد من الطباعة المُستمِرة طبعاً، في ألف وتسعمائة وواحد وسعبين خرج الرئيس الأمريكي الراحل الأسبق نيكسون Nixon على العالم في التلفزيون Televisionوأعلن رسمياً كرئيس الولايات المُتحِدة الأمريكية عن فك ارتباط الدولار بالذهب مُؤقَتاً، وإلى اليوم هذا الأمر جارٍ، هو لم يكن مُؤقَتاً، هذا غير صحيح، هو فقط أراد أن يُهديء الشعوب والدول فقال هذا فك مُؤقَّت لاعتبارات مُعيَّنة، فرنسا ذهبت تطلب الذهب وقالت أعطونا ذهباً بدل الاحتياطي الذي هو بالدولار فقالوا لا يُوجَد ذهب بأمر الرئيس، يبقى عندي الدولار هذا وقد فقط نصف قيمته – مثلاً – أو ربع القيمة أو عشر القيمة، هو هذا، وهذه بلطجة غريبة، وهنا قد يقول لي أحدكم بما أن العملية كُشِفَت سوف يفك العالم كله بعد ذلك ارتباط عملته بالدولار وتبقى أمريكا بعد ذلك تنقش شوكها بنفسها وتُقلِّع شوكها بيديها حتى تنهار، لكن للأسف تُوجَد عقول جهنمية رهيبة، وأنتم تسمعون بجماعة بيلدربيرغ Bilderberg الذين اجتمعوا في السويد، وهم كبار الساسة والاقتصاديين في الغرب وخاصة من أمريكا، أول اجتمع كان يُوجَد تقريباً أكثر من سبعين رجلاً، والآن يجتمع عموماً مائة وخمسون، وهى اجتماعات شديدة السرية، كان في النمسا أحدهم على ما أعتقد في ألفين واثني عشر في سالزبورغ Salzburg، وهم يجتمعون ثلاثة أيام في السنة فقط، علماً بأن هؤلاء هم حكّام العالم الحقيقين، هم الذين يُديرون اللعبة الكونية، لذا شديدة السرية اجتماعاتهم، في أول اجتماع لهم اتفق خمسون تقريباً منهم على ماذا؟ على خطوات عجيبة لم تكن مفهومة في البداية وهذا ما تسرب فقط، اتفقوا على وجوب رفع سعر النفط، في ثلاث وسبعين نشبت حرب رمضان المجيد أو أكتوبر كما يُقال بين مصر- مصر وسوريا – وإسرائيل، وقاطع العرب الغرب بإمدادات النفط، قالوا لهم لن نُعطيكم النفط، وهذا أحدث أزمة كبيرة ونشأت المُصيبة، لكن الحل – Solution – موجود والجماعة وضعته، بعد ذلك يأتي الرئيس ويتفق مع ملك السعودية الراحل فيصل – رحمه الله – ومع أيضاً رؤوساء وزعماء وقادة بقية دول الأوبك OPEC على أنه لابد أن تقبلوا فقط بالدولار عملةً للبترول المُصدَّر، لا يُباع البترول إلا بالدولار، مُقابِل ماذا؟ نحرص لكم هذا البترول المعروف بالذهب الأسود، فنحن عندنا قوات وسوف نُقيم القواعد ولن يقدر أي أحد على تهديدكم، نحن سوف نحرص هذا، ونحن رفعنا السعر أيضاً، سعر البترول مُرتفِع لأنهم رفعوه أربعة أضعاف ما كان سابقاً، وطبعاً الأسعار بعد ذلك أصبحت أكثر بكثير، لكن هذا كان أضعاف ما كان سابقاً، للأسف وافق هؤلاء، وهذه أكبر حيلة ذكية وشريرة في التاريخ العالمي، ما الذي حصل الآن؟ كل الدول الأُخرى تُريد البترول فعليها أن تدفع الدولار، رُغماً عنها الآن ستُعيد ارتباط عملاتها بماذا؟ بالدولار، وهو في مُعظَمه مُجرَّد Currency، في الواحد وسبعين كانت موجودات الذهب في أمريكا خُمس الدولار المعروض للتداول، الله أكبر، هذا شيئ غير معقول، فالآن أنت مُضطَر أن تشتري الدولار وتدفع ثمن الدولار تعب أولادك وتعب الشعب والمواطنين لأمريكا وهى تُعطيك ورقاً، وهذه هى قصة البترودولار كما يقولون، هذه هى القصة اللعينة التي نُعاني منها إلى اليوم، وبعد ذلك سوف تقول لي يُوجَد أُناس تمرَّدوا، فمثلاً صدام في الألفين كما تعلمون بعد الحصار الرهيب من واحد وتسعين قال سوف أبيع النفط الخاص باليورو – ظهرت عملة اليورو – فقالوا هل ستبيع باليورو؟ أهلاً وسهلاً، في ألفين وثلاثة تسقط العراق، هذا هو السبب الحقيقي، ما يُقال عن أسلحة دمار شامل كله كلام فارغ، كله لعب وضحك على الناس، هذا هو السبب الحقيقي، غير مسموح له أن يفعل هذا، لأن اليوم يفعل هذا صدام وغداً إيران وبعد غد السعودية ومن ثم سوف تنتهي أمريكا، هذا ممنوع إلا بالدولار، هذه لعبة البترودولار وهذه هى قصة إيران أيضاً، إيران تُريد مثل هذا وحصلت على مُوافَقات مبدئية من بعض الأطراف لكي تبيع نفطها بغير الدولار، وهذه قصة كبيرة، وهذا هو النزاع الحقيقي، وموضوع النووي والسلمي هذا كله شيئ ظاهري، النزاع الحقيقي هو هذا، الأمر يتعلَّق بالدولار وقوة الدولار واستبقاء هيمنة واستعباد الدولار للعالم وللحكومات وللشعوب وأخذ أتعاب البشر، وهذا شيئ مُقلِق ومُحيِّر وعجيب، حتى القذافي – هذا المجنون الذي كان عنده بعض العقل في بعض المسائل بلا شك وربما لم نكن نعرف هذا – كان يدور على أكثر من دولة إفريقية ويعطي مئات الملايين بل ويعطي المليارات، لماذا؟ ليس لأنه أهبل، لا، كان يُريد أن يخلق اتحاداً من أكبر عدد من هذه الدول لكي يتعاملوا بعملة جديدة ذهبية، الأوراق لا، أيNo more currency، فقط ذهب، وكان هذا سيُعدِّل النظام وسيُدمِّر الدولار لو نجحت الخُطة.
للأسف الوقت بدأ يتضيق، الآن الجزء الأكثر عبثية وسريالية، ولولا أن مسئولين حكوميين سابقين ومُؤسَّسات اقتصادية كُبرى ولولا أن في خبراء اقتصاديين عالميين أكَّدوا هذا ما صدَّقت، لكن هذه هى الحقيقة، وهو أكبر صدمة ستسمعونها، ما هى؟ مَن الذي يطبع في الولايات المُتحِدة الأمريكية هذه الدولارات الأمريكية الغير مُغطاة؟ المفروض وزارة الخزينة Treasury، هذا هو المفروض، لكن يُوجَد البنك المركزي، ويُوجَد فرق بينهما فانتبه ولا تُخربِط، يُوجَد البنك المركزي وتُوجَد وزارة الخزينة Treasury، وزارة الخزينة حكومية وهى مديونة، دمَّرت نفسها ودمَّرت شعبها، وهى مديونة لمَن؟ لبنك الاحتياطي الفيدرالي Federal Reserve Bank، هذا فيدرالي – Federal – لكنهم قالوا هذا Private Bank، أي أنه بنك شخصي وليس حكومياً، هذا ليس بنكاً حكومياً وإنما هو بنك تملكه جهات مُعيَّنة وبالأحرى أشخاص مُعيَّنون، وهذا الذي كان يخاف منه واشنطن Washington وتوماس جيفرسون Thomas Jefferson، وهذا الذي شرعن له للأسف الشديد أول وزير مالية أو وزير خزانة أمريكية هاميلتون Hamilton، عشرون سنة وفشل البنك، ثم جاء أندرو جاكسون Andrew Jackson الرئيس الحكيم أيضاً والمُخلِص لشعبه وأمته، وجاكسون Jackson كان ضد البنك وأيضاً حاولوا أن يغتالوه ضرباً بالرصاص، لكن لم تنجح مُحاوَلة اغتيال الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون Andrew Jackson وظل وراءهم حتى حطَّم البنك، وهو على فراش الموت سألوه – آخر كلمة قالها ثم أسلم الروح – ما هو أرجى شيئ وأفضل شيئ صنعته وأنجزته في حياتك؟ فقال I Killed The Bank، أي قتلت البنك، لقد قضيت على البنك، وقضائي على البنك هو أحسن شيئ فعلته في أمريكا، فهو كان يفهم هذا لكنهم لم يستسلموا، في ألف وتسعمائة وعشرة يجتمع عشرة أشخاص من كبار أصحاب الرساميل بأسماء مُستعارة والناس عرفوا منهم جي. بي. مورجان J. P. Morgan في عزبته في جورجيا – وحتى مورجان Morgan نفسه كان عنده إسم مُستعار وكلهم كانوا بأسماء مُستعارة – وقالوا لابد أن نُعيد قصة البنك ووضعوا مُخطَّطاً جهنمياً، قالوا هذا البنك لابد أن نُعطيه إسماً نُفهِم به الشعب الجاهل – Ignorant الذي لا يفهم شيئاً إلى اليوم للسف الشديد لا هم ولا شعوب العالم – أن هذا البنك للدولة وللحكومة وسوف نُسميه Federal، وكلمة Federal تعني اتحادي، فسوف يكون إسمه البنك الاحتياطي الاتحادي -Federal Reserve Bank – وسوف يبتلعون الطعم، وهكذا كان، لماذا؟ عندهم عميل في الرئاسة سوف يُنتخَب بعد ثلاث سنين – في ألف وتسعمائة وثلاثة عشر – ويُصبِح رئسياً وهو وودرو ويلسون Woodrow Wilson، هذا وقَّع على المشروع الخطير المُخيف قبل أن يُصبِح رئيساً، حين انتُخِب للرئاسة وقَّع معهم والله أعلم ماذا أعطوه وكيف أغروه، المُهِم أنه دخل في هذه القصة وهذه العملية الأخطبوطية، لكنه وقَّع على ماذا؟ وقَّع على فرض ضرائب على الدخل أو الدخول، وهذه إسمها ضريبة دخل Income tax، ولم يكن قبلها يُوَجد ضريبة دخل في أمريكا ولكم أن تتخيَّلوا هذا، حين كنت تشتغل وتستثمر يعود هذا لك بدون ضريبة دخل، لكن الآن لأول مرة وُجِدَت ضريبة الدخل، وهنا قد تقول لي هذا أمر طبيعي لأن ضريبة الدخل تذهب إلى المُستشفيات وإلى المدارس وإلى البُنى التحتية وإلى الناس المُحتاجين والغلابة، وهذا غير صحيح، الشعب الأمريكي إلى اليوم لا يستفيد، هنا سوف تقول لي هذا الشعب وهذه الأمة العظيمة عندها مئات المليارات وأنفقت قبل بضع سنوات أربعمائة وخمس وسبعين مليار على التسلح وهذا أكثر مما يُنفِق العالم كله، فهل حصل شيئ مثل هذا في التاريخ؟ هى تُنفِق على التسلح أكثر مما يُنفِق العالم كله، وسوف تقول لي هذا يحدث طبعاً لأن هناك الأوراق التي تُطبَع، مع العلم أننا لم نفهم إلى الآن السر الصادم لنا جميعاً، فما الذي يحدث؟ الذي يحدث كالتالي: يأتيكم السياسي ويقول انتخبوني وأنا سأُرفِّهكم وسأُنفِق عليكم وسأُعطي، ومن ثم سوف ينتخبونه الناس – أهم شيئ في الانتخاب وفي البرنامج الانتخابي أن يقول سأُنفِق وستعيشون في بحبوحة وفي رغدٍ من العيش ومن ثم الناس ينتخبونه – ويأتي لكي يُنفِق، وفي الحقيقة ليس عنده ما يملك، هو عنده عجز، هذا إسمه عجز الإنفاق Deficit spending كما يُسمونه، فماذا تفعل الحكومة الأمريكية الآن ومن عشرات السنين؟ حين تسمع الدين الوطني في أمريكا أكثر من الدخل القومي السنوي لا تفهم، كيف هذا؟ قد يكون الدخل اثني عشر تريليوناً، والدين أربعة عشر تريليوناً أو ستة عشر أو سبعة عشر تريليوناً، أي أنه أكثر وهذه مُصيبة، لذا هذا سبب الانهيار الذي سيحدث حتماً في يوم من الأيام، لماذا؟ ما القضية؟ القضية أن بسبب العجز في الإنفاق تقوم الحكومة بهذه الحيلة التي كما قلت لكم مُعقَّدة لكن بسيطة – إذا فككتها سوف تجد أنها ليست مُعقَّدة، لكن هم عقَّدوها لكن الناس لا تفهم – حيث تُصدِر سندات – Bonds كما يُسمونها – الآن، ومن المُفارَقات العجيبة أن هذا كلمة Bond – السند – في الأصل مأخوذة من Bondage وهذه معناها العبودية بالتراضي، تُعطي رقبتك بالتراضي، وفعلاً هذه عبودية حقيقية، حيث يُستعبَد الشعب وأجيال أُخرى لم تأت ولا يعلمها إلا الله وآخرين منهم لما يلحقوا بهم، إذن يُصبِحون حقيقياً عبيداً، وعلى كل حال هى تُصدِر سندات، سندات ماذا؟ سندات بدين، أي طلب دين، فهذه قروض، تقول أقرضوني كذا وكذا وأنا سأرد إليكم في ظرف – مثلاً – خمس سنين أو عشر سنين المبلغ زائد الفوائد، وتطرح هذه السندات في السوق، أي أنها تعمل مزاداً أو أوكازيوناً – Occasion – تقوم به الحكومة الأمريكية، ولك أن تتخيَّل هذا، هل هذا شغل حكومة؟ هل هذا تدبير أم تدمير؟ هى تطرح هذا في السوق وتأتي المُؤسَّسات المالية وتأتي الأبناك أو البنوك وتأتي حتى الدول الأخرى مثل الصين والهند أو أي دولة تُريد هذا إلى المزاد، مَن يشتري؟ مَن يُعطي ويأخذ بعد ذلك بفوائد؟ هذا قرض إذن، دول تقترض مثلما يقترض أي شخص منا، وفي العادة تفوز البنوك الكبيرة، بنوك الأخطبوطات الكبيرة تشتري هذه السندات ولا تحتفظ بها، بدورها تقوم هذه البنوك الكبيرة التي اشترت سندات للـ Treasury، ما الـ Treasury؟ وزارة الخزانة، مَن يُصدِر هذه السندات؟ وزارة الخزينة أو الخزانة الأمريكية، أي وزارة المالية الأمريكية الغلبانة التي ليس لها حيلة، فهى تُصدِر السندات وتشتريها البنوك الآن والبنوك تذهب بها إلى الاحتياطي الفيدرالي – Federal Reserve Bank – وتقول له أُريد أن أبيع وبفوائد لكي أستفيد، فيوافِق البنك، والبنك الاحتياطي هو بنك شخصي في الأصل لهؤلاء العشرين المجهولين الذين نعرف منهم جي. بي. مورجان J. P. Morgan والله أعلم عُرِف منهم مَن الآن لكنهم في النهاية فئات قليلة جداً جداً جداً، وهؤلاء لهطوا أمريكا والعالم، فانتبهوا وتذكَّروا دائماً أنه بنك شخصي واحفظوا هذا، هذا بنك خاص، وهذا البنك المركزي الأمريكي لأشخاص، أي يملكه أشخاص ولا تملكه الحكومات، مع العلم أن حتى المحكمة العُليا – Supreme court – لا تقدر على أن تُفتِّش خلفه، هذا ممنوع وليس لها أي علاقة به، ولا الـ CIA ولا المباحث الفيدرالية ولا العسكرية ولا غير هؤلاء يقدرون على هذا، كل هذا ممنوع لأن عنده حصانة مُطلَقة، ليس عنده موجودات، أين الأموال؟ الأموال يأخذها المُستفيد ويعيشون بها طبعاً، يشترون الجُزر والطائرات الخاصة وأشياء رهيبة، فهو ليس عنده، ماذا يفعل؟ يشتري هذه السندات الخاصة بالخزانة الأمريكية من البنك المُتوسِّط – الآن هو صار وسيطاً – ويُعطيهم شيكات، هل هذه الشيكات على المكشوف أم يُوجَد رصيد؟ في الحقيقة ليس عندهم رصيد، لكن ما الذي يحصل الآن؟ انتبهوا هنا تحدث عملية خطيرة جداً سريالية لا تُصدَّق، لكن هذا ما يحدث بستمرار للأسف الشديد وعلى الدوام وتُسميها الإدارة الأمريكية أساس المال، لكن هل هذا أساس – Foundation – المال؟ هذه أكبر أكذوبة، يتم هنا خلق المال من عدم، أي من لا شيئ، وذلك بطباعة الأوراق، مَن الذي يُعطي أمراً لدار الصك – US Mint كما تُسمى، هذه دار صك العملات في أمريكا – بطبع العملات؟ مَن الذي يقول لها اطبعي لنا – مثلاً – خمسمائة مليون؟ الـ FRB، البنك الاحتياطي الفيدرالي – Federal Reserve Bank – الخاص هو الذي يقول لدار الصك هيا اطبعي لنا نصف مليار، نُريد في ظرف أسبوع يكون لدينا نصف مليار لأننا نُريد أن نُعطي البنوك، وبعد ذلك يعود البنك الاحتياطي الفيدرالي – FRB – إلى الخزانة الأمريكية ويقول لها عندي سنداتك، هاتي مع الفوائد، الآن الخزانة الأمريكية كيف ستُسدِّد للبنك الاحتياطي الديون التي عليها والتي عرفنا قصتها هى والصكوك مع الفوائد وهى فوائد مُركَّبة ومُرهِقة جداً جداً وأحياناً تضعف الدين أكثر من مرة؟ كيف يُسدِّدون هذا مع الفوائد؟ أنت الآن عرفت القصة، يُسدِّدون هذا من خلال الضرائب Taxes، يقولون لك ادفع باستمرار، وهنا سوف تقول لي بشكل عام ضرائبنا نحن كشعب لا تذهب لنا، مُعظَمها لا يذهب لنا وإنما يذهب لمَن؟ للبنك الاحتياطي الفيدرالي، هم الذين يأخذون هذا، ما هذه القصة؟ ما هذه المُصيبة؟ هذا ما يحدث بكل بساطة، ولذلك أمريكا فيها من سنوات طويلة زُهاء أربعين مليون فقير، لا يجدون ما يأكلون ولا ما يلبسون ولا أين يباتون – Homeless – طبعاً، هؤلاء أربعون مليوناً في أقوى اقتصادية كما يقولون في العالم وأقوى قوة إمبراطورية في العالم، يُوجَد أربعون مليون فقراء مُعدَمون لأن الضرائب لا تذهب إليهم.

هذا أساس القصة وأساس اللعب كله، لكن إلى متى سيستمر؟ هذه هى القصة الآن، فإلى متى سيستمر هذا؟ تسمعون أحياناً في الأخبار أشياء لا تُفهَم، يقولون حدث نقاش حاد واحتد النقاش في الكونجرس Congress وتحت قبة الكونجرس Congress عن ماذا؟ عن موضوع سقف الدين Debt ceiling، ما معنى سقف الدين؟ في نهاية المطاف النظام نفسه مُصمَّم لكي تزداد القروض وتزداد الفوائد باستمرار، لكن ماذا لو حدث توقف في لحظة مُعيَّنة؟ أنتم الآن فهمتم ما هو التضخم Inflation، التضخم بعبارة واحدة مُجرَّد زيادة في ضخ الأوراق النقدية وفي الإمداد Supply الخاص بها، أي في إمداد العملات Currency supply، زِد – Increase – وسوف يحدث التضخم، هذا هو فقط، مَن المسكين الذي يدفع هذه الضريبة؟ أنت وأنا، فمُعظَم جهودنا تذهب في الهواء، مَن المُستفيد؟ المُستفيد هؤلاء فقط الذين يملكون ما قلنا، وطبعاً عندنا موضوع البنوك، فحتى البنوك نفسها تلعب وهذه قصة ثانية ربما مُشابِهة جداً جداً لما قلنا، نفس الشيئ تقريباً لكن للأسف الوقت أصبح ضيقاً، هذه هى الحقيقة، يقول الخبراء والمُختَصون – كلهم الآن يُحذِّرون – أن هذ النظام الآن على وشك أن ينهار، في لحظة مُعيَّنة سوف يتوقَّف التضخم Inflation، أمريكا تتحدَّث عن سقف الدين وإلى متى سوف تبقى الحكومة تستدين؟ ويقولون لك يُوجَد دين وطني، ومَن يسمع هذا يظن أنه دين من الشعب كله، وهذا غير صحيح، هو دين من الاحتياطي الفيدرالي الذي يملكه أشخاص معدودون وأشخاص مُحدَّدون والناس يجهلون هوياتهم، فغير معروف مَن هم الآن، هم أحفاد أولئكم طبعاً وأحفاد أحفادهم، لكن مَن هم؟ لا أحد يدري، ويظلون محدودين جداً جداً جداً، وقالوا لك هذا هو السقف، إلى متى؟ هل من المُمكِن أن نرفعه أكثر أم سوف يتوقَّف؟ لأن إلى متى تبقى الحكومة تستدين باستمرار؟ من غير المعقول أن ديونها الآن أكثر من الدخل القومي السنوي، هذه كارثة كبيرة، وفي الحقيقة سوف يتوقَّف في يوم من الأيام، إذا توقَّفت الحكومة عن الاقتراض سوف يحدث ماذا؟ سوف يتوقَّف الإمداد بالأوراق، أي طباعة الأوراق الفارغة ستتوقَّف، إذا توقَّف هذا ماذا سيحدث إذن؟ الناس سوف تتوقَّف عن الاقتراض، والآن قد تقول لي كيف يُوجَد إقراض في أمريكا وتقريباً سعر الفائدة أحياناً يصل إلى صفر؟ هذا طبعاً من لا شيئ وبعد ذلك يستعبدونك ويأخذون جهودك ويأخذون بيتك وسيارتك وعرقك وتعبك كله بالفوائد المُركَّبة، ويعطونك سعر الفائدة صفر تقريباً أحياناً لأنه ليس مالاً حقيقياً، لكن جُهدك حقيقي ويذهب عليك وعلى أولادك، فإذا توقَّف هذا سوف تتوقَّف الناس عن الاقتراض، وإذا توقَّفنا عن الاقتراض ستحدث مُشكِلة، أنت تعلم أن أي دولار أو أي جنية أنت تقترضه سوف تُنفِقه، وإذا أنفقته سوف يكسبه شخص آخر وهكذا، ومن ثم سوف يحدث نوع من الحركة، لكن هذا كله سوف يبدأ يتوقَّف شيئاً فشيئاً، وبالتالي دخلنا في الطور الذي يُسمونه الـ Deflation، وهو عكس الـ Inflation، وهذا إسمه طور الانكماش، لكن ما هو الـ Deflation؟ باختصار أيضاً يُصبِح الحجم الإجمالي للطلب أقل من الحجم الإجمالي للعرض، الآن العملة تُصبِح ماذا؟ شحيحة وترتفع قيمتها وتهبط الأجور والمُرتبات، هذا هو الـ Deflation، وبالتالي دخلنا في ورطة أُخرى، الآن مُمكِن يجتمع عندك الـ Inflation مع الركود في البداية، لماذا؟ لأن إذا قيمة العملة أصبحت ضعيفة وقدرتها الشرائية ضعيفة يصعب كسب المال وجني المال، لأن أنا معي مُرتَّب ألف وخمسمائة يورو، وقبل عشر سنين كنت أقدر على أن أشتري عشرة أشياء لكن الآن أشتري ستة أشياء، ومن ثم الآن سوف أقتصد في الشراء، وبالتالي يُصبِح الكسب – يكسب بعضنا من بعضنا – والشراء والحركة والتدوال وإلى آخره في أزمة، أي أن كل هذه المُعامَلات – Transactions كما يُسمونها – تقل باستمرار حتى نضطر إلى الوصول لمرحلة الـ Deflation إذا وقَّفت الحكومة الاقتراض أو – وهو الأسوأ كما يقولون – تُعلِن إفلاسها، وطبعاً إذا وقَّفت الحكومة الاقتراض ماذا سيحدث؟ هل البنك الفيدرالي سوف يُوقِّف طلب استحقاقاته؟ لا، سوف يقول للخزينة هاتي، وهل سوف تتوقَّف البنوك التي استدنت منها ثمن بيتك وسيارتك وأكلك وطعامك وشرابك ولباسك عن المُطالَبة بديونها؟ لا، سوف تقول لك هات باستمرار، الآن كل الجُهد وكل التعب الخاص بالحكومة والخاص بالشعب فقط يذهب لتمويت الدين، وفي النهاية ينتهي المال هذا كله ويبقى دينٌ كثير، لا يُمكِن سداد هذا، وبالتالي يحصل ماذا؟ الانهيار Collapse، إذا انهار الدولار – انتبهوا فهذه طريقة انهياره – سوف تنهار كل العملات العالمية تقريباً لأنها مُرتبِطة به، والآن يتحدَّثون عن الجنية المصري ويقولون عندنا احتياطي العملة الصعبة وما إلى ذلك، ما العملة الصعبة؟ الدولار بالذات، الاحتياطي سوف تصير قيمته لا شيئ، هذا انهار بالكامل، الحكومة الأمريكية لم تعد تقدر تُسدِّد، والحكومة المصرية لا تُسدِّد أيضاً، وأنا لا أُسدِّد والبنك والمُؤسَّسة والشركة لا يُسدِّدون، وهكذا يحدث انهيار رهيب على جميع المُستويات، في الشركات وفي الوظائف وفي كل شيئ، لن يستطيع أي أحد أن يُسدِّد، ولن يُعطي أحد ربما شيئاً، سوف يحدث انهيار يقولون لن تكون له سابقة في تاريخ الدنيا، الكل سيُعاني والكل سيُصبِح عارياً وجائعاً وعطشاناً، نسأل الله أن يُؤجِّل هذا أو أن يلطف بنا وبالبشرية جمعاء.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخُطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

أما بعد، إخواني وأخواتي:

جي. إف. كينيدي J. F. Kennedy قُتِل وأنتم حضرتم أفلاماً وقرأتم كتباً عن سبب قتله، لكن ما لا يُقال لنا في العادة أنه قُتِل حقيقة – هذا هو الأرجح – لأن الرجل وقَّع قانون 11110، ما هذا القانون؟ هذا القانون بمُوجبه يحق فقط للخزينة الأمريكية – Treasury – إصدار عملات حقيقية مُغطاة بالذهب، أي أنه وقَّع قانوناً شنَّ به حرباً على ماذا؟ على الاحتياطي الفيدرالي، بعد بضعة أشهر قُتِل الرجل، جاء بعد ذلك رئيس آخر أبطل قانون كينيدي Kennedy لكي يعيش ويعيش المُستفيدون، وسلوا عن المُستفيدين وقد عرفتموهم.

الآن أعتقد ستفهمون لماذا أيضاً هذه الخُطوة العجيبة الغريبة التي بمُوجبها ستُحاكَم المملكة السعودية وسوف يتم وضع اليد على أرصدتها وأموالها هناك – مئات المليارات من الدولارات – وربما يُرهَن بترولها إلى خمسين أو ستين سنة أيضاً هى عمر أو ما تبقى من عمر هذا البترول، وأنتم تفهمون لماذا، لوجود أزمة حقيقية، يُريدون افتعال حروب والتلويح بحرب نووية أيضاً وهذا كله غير صحيح، الحقيقة لا علاقة لها بالعرب، نحن من أغبى ما يكون، نحن مُغفَّلو العالم، نحن الذين يُلعَب علينا ويُلعَب بنا، القضية كلها هى هذا، قضية اقتصاد ومنافع، هذه ليس لها علاقة بأيدولوجيات أو بأديان أو بغير هذا، كل هذه وسائل نحن للأسف نُقدِّمها بغبائنا – أعني بعض المُسلِمين وبعض العرب – لكي يشتغل المُخطَّط ويستمر المُخطَّط يطحن في الجميع والعياذ بالله تبارك وتعالى.

أعتقد في هذا الضوء ستفهمون أشياء كثيرة، ونسأل الله أن يُفهِّمنا وأن يُعلِّمنا وأن يلطف بنا وأن يلطف بالعالم كله.

اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ولا تُعذِّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا فيما جرت به المقادير، اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

.

فيينا (21/10/2016)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليقات 4

اترك رد

  • نعم القضية قضية إقتصاد و منافع! و هل كان كفر ابا جهل و ابا لهب… لسبب غير المنافع، السيادة، التجارة؟؟
    هنالك عدد من الملل العفوية في العالم اليوم! لكن الإسلام يحارب الربا، الإستغلال، التكنيز، الإحتكار، المضاربة…بخلاصة يحارب كل سبل كسبهم الغاشم، الظالم المفترس! إذا لا جرم في كون الإسلام هو الخطر على مصالحهم و اهوائم! تصوروا ان اهل الارض يتبنو مبادئ السلام و قيمه، هل يبقى لهؤلاء الشياطين و وجود اموالهم وجود؟؟ إذا هي حرب مصالح نعم و لكن تستوجب و تجر معها حرب إديولوجيات!!

%d مدونون معجبون بهذه: