أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا رب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه كما تُحِب وترضى، نعوذ برضاك من سخطك ونعوذ بمُعافاتك من عقوبتك ونعوذ بك منك، لا نُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۩، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزِدنا علماً واهدنا لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك إنك تهدي مَن تشاء إلى صراط مُستقيم. آمين اللهم آمين.

أما بعد، إخواني وأخواتي:

أُحييكم جميعاً بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

في البداية أود أن أُهنيء نفسي وأُهنئكم وإخواني المُسلِمين والمُسلِمات في أنحاء الأرض قاطبةً بذكرى ميلاد شرف الموجودات وفخر الكائنات، إمام النبيين ومالك أزمة المُرسَلين سيدنا ومولانا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، والله الكريم أسأل وأبتهل وأدعو أن يحول الحول وقد أقر عين رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً – بتوحيد هذه الأمة ورأب صدعها ولم شعثها وإصلاح أحوالها. اللهم آمين.

وأود أيضاً من وراء هذا الكلام إخواني وأخواتي أن أُعزي المُسلِمين جميعاً وأهلنا وشعبنا في مصر الحبيبة – مصر الكنانة – بالشهداء الذين قضوا للأسف في الأحداث الأخيرة، وعلى ما يبدو أن هناك تدبيراً خبيثاً ماكراً للأسف الشديد لإحداث بلبلة وقلق في إيصال رسالة تقول للشعب المصري هذا هو ثمن الحرية وهذا هو ثمن الانتفاض على الطاغوت وعلى الظُلم وعلى العسف، لكن الشعب المصري أقوى من ذلك وأفطن وأذكى وأزكن – بإذن الله تبارك وتعالى – من أن يخضع لمثل هذه المُحاوَلات الإجرامية، نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُجنِّب مصر وسائر بلاد العرب والمُسلِمين الفتن ما ظهر منها وما بطن.

ثالثاً أيضاً أيها الإخوة لا يفوتنا أن نُعرِب عن حُزننا وعن غضبنا الشديدين لما يقع في سوريا الشام – سوريا الشرف والعز – يومياً من هذه الأعداد المهولة من ضحايا هذا النظام الظالم المُتغطرِس الجبّار العنيد الذي نسأل الله – تبارك وتعالى – مالك المُلك بيده المُلك أيها الإخوة أن يقسم ظهر هذا النظام وأن يُريح أمتنا وشعبنا السوري العزيز الأبي المُجاهِد منه وأن يُبدِله نظاماً خيراً منه، نظاماً يحترم حريات الإنسان وحقوق الآدميين أيها الإخوة وكرامة شعبه، الكرامة المهيضة المكسورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قبل أن أبدأ أيها الإخوة في مُواصَلة الردود على إخواني المشايخ الفضلاء أود فقط أن أُعرِّج على مسألة التمويل أيها الإخوة لأنها فاتتني في المرة السابقة أو في النوبة السابقة وأذكرني بها أحد إخواني بارك الله فيه.

طبعاً أعتقد أن جمهور هذا المسجد الكريم لا حاجة به إلى الجواب عن هذه الشُبهة، بل عن هذه الفرية، وهي فرية بلا مرية، لأننا ومن أسف بين الحين والحين – وهذا يتكرَّر في السنة أكثر من مرة – يحدث لدينا كسرٌ في دفع الإيجار الشهري لصاحب المكان مما يضطرنا كما فعلنا أمسِ – أمس الذي هو قبل اليوم لذلك كسرتها، قلت كما فعلنا أمسِ، أي أمس أمس الذي هو قبل هذا اليوم – نُناشِد أيها الإخوة ونستنخي جمهورنا أن يُعوِّض هذا الكسر، لأن صاحب المكان يُهدِّد بأنه سيطردنا منه، وهكذا من يوم فتحنا هذا المكان ونحن كما يُقال للأسف الشديد في هذه الحال، لماذا؟ لأنه ما من مُموِّل يُموِّل هذا المسجد إلا ما يكون من التبرعات السخية والكريمة لأبنائه البررة وبناته البارات بارك الله فيهم، ولكن بحمد الله – تبارك وتعالى – من باب رد الفضل إلى أهله والاعتراف به ما من مرة استنجدنا بإخواننا وأخواتنا وخذلونا، لم نُخاطِب نخوتهم مرة إلا وبفضل الله – تبارك وتعالى – دفعوا دفع الأسخياء الكرماء النُجداء، نسأل الله أن يُعوِّض عليهم وأن يُخلِف عليهم أضعاف أضعاف ما يجودون به لدعم هذا المسجد الذي نسأل الله أن يُبارِكه وأن تستمر رسالته التنويرية على قدم صدقٍ وحقٍ.

إخواني المشايخ الفُضلاء أيها الإخوة أخذوا علىّ شيئاً، أعتقد فضيلة الشيخ عثمان الخميس – بارك الله – فيه أخذ علىّ أنني تكلَّمت عن إيمان أو إسلام صفوان بن أُمية، أحد الصحابة ولا أقول الطُلقاء فهذا أسلم حتى بعد الطُلقاء على أنه من الطُلقاء بلا شك، هو من الطُلقاء لكنه أيضاً من المُؤلَّفة قلوبهم، فأنا ذكرت حديثاً نبوياً أيها الإخوة، هذا الحديث وارد في دواويننا المُعتمَدة، والرجل يقول إنه لم يُسلِم ولم يستعلن بالإسلام إلا بعد أن أعطاه النبي وأعطاه، أعطاه وأعطاه! قال فما زال يُعطيني حتى صار أحب الناس إلىّ وأسلم، فقلت هذا إسلام أو إيمان على خرفان، وهي صيغة طبعاً لطيفة أيها الإخوة – هكذا يُمكِن أن نتندر بها – للتعبير الشرعي أنه من المُؤلَّفة قلوبهم، أُريد وأُحِب أن نتعلَّم، قولوا لي ما معنى تأليف القلوب؟ تأليف القلوب أيها الإخوة هو أن يُعطى غير مُسلِم لترغيبه في الإسلام، طبعاً له معانٍ مُتعدِّدة، لا ينطبق على صفوان إلا هذا المعنى، وقد كنت ذكرتها – بفضل الله تبارك وتعالى – في حينه وإبانه من سلسلة مُعاوية في الميزان، معروف هذا ويُمكِن أن تعودوا إلى أي كتاب تفسير أو أي كتاب فقه مُوسَّع لكي تقفوا على المعاني الثلاثة، وبعضهم ذكر أربعة معاني لتأليف القلوب، ما ينطبق على صفوان بن أُمية هذا المعنى لأنه كان مُشركِاً، كان كافراً مُشرِكاً، فكيف يكون مُؤلَّفاً وهو بإجماع العلماء من المُؤلَّفة قلوبهم؟ بإجماع العلماء مُطلَقاً، لم يُخالِف في هذا أحد وهو من الطُلقاء على أن النبي أيها الإخوة أراد قتله لكن أتاه ابن عمه بأمان من النبي، أخذ له رداء النبي وقال له قد أمَّنك النبي، فعاد وأرجع إليه زوجته بعقدها القديم، معروفة قصته، في أي كتاب من كتب الرجال مثل الإصابة أو الاستيعاب يُمكِن أن نقرأ قصة إسلام صفوان بن أُمية، لكن الرجل كان مُؤلَّفاً، أي أنه لم يُسلِم – كما قلت في خُطبتي أمسِ – لآيات القرآن الكريم وقوارعه وبيّناته وهداياته التي كانت تترى عبر إحدى وعشرين سنة، لم يُسلِم! لكن أسلم أعطاه النبي ما بين جبلين، كان هنا ثمة شعب أيها الإخوة، وهذا الشعب ملآن بالشاء والنعم، فجعل صفوان يُحدِّق وينظر، النبي قال له يا أبا وهب أعجبك؟ أعجبك هذا؟ ألوف من رؤوس الشاء والنعم، قال أعجبني، قال هو لك، كل هذا لي؟ أسلم الرجل، أسلموا يا قريش فإن محمداً يُعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر، أُحِب من أخي فضيلة الشيخ عثمان أن يقول لي ماذا أنكرت علىّ؟

بين قوسين لابد أن أقول هذا أمانةً معكم ومع نفسي ومع العلم ومع جمهور الشيخ الخميس – بارك الله فيه – وجمهوري أيضاً: (يبدو أن الشيخ عثمان الخميس – وطبعاً ليس وحده في هذا الميدان، هناك كثيرون مثله في هذه الطريقة، وسأقولها وأرجو ألا يغضب مني – وكثيرين للأسف الشديد يلعبون على أو يُراهِنون على جهل العامة)، يأتون بأشياء ثابتة في الكتاب والسُنة ويقولون انظروا، عدنان إبراهيم يقول هذا، والناس تقول أعوذ بالله، يقول هذا؟ سوف يظهر لكم هذا اليوم تقريباً في مُعظَم المسائل، أنا ما أقول إلا ما قال الله ورسوله، لم تُمدِمون وتُبرِقون وتُرعِدون وتُثرِّبون وتُنكِرون وكأنني جئت شيئاً نُكراً؟ أنا ما قلت إلا ما قال الله ورسوله مثلاً، أحاديث نبوية صحيحة وأشياء ثابتة في التواريخ وبالأسانيد، لكنهم يعلمون أن مِن الناس مَن لا علم له لا بكتاب ولا بسُنة ولا بأسانيد ولا بتاريخ، حتى من المُتعلِّمين، حتى من أساتيذ الجامعات غير المُختَصين، لا يعرف ويقول أعوذ بالله من عدنان إبراهيم هذا، يقول هذا أسلم على خرفان؟ أعوذ بالله يا أخي، صحابي جليل! يا أخي صحابي من الطُلقاء، من المُؤلَّفة قلوبهم، الرجل مُؤلَّف، أي لم يُسلِم إلا بالخرفان، هو يقول لك هذا، والله إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۩، ماذا أفعل أنا يا أخي؟ شيئ غريب فعلاً، لا تعتب علىّ، اعتب على رسول الله، اعتب على الرجل، اعتب على القرآن الكريم، القرآن يقول النبي كان يتأذى من هؤلاء، أحد التابعين يقول الثقلاء، نزلت الآية في الثقلاء، يقول لك عدنان إبراهيم يقول النبي مُتضايق، أنا قلت؟ الله يقول إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ ۩، النبي يتأذى، يشعر بالأذى، قال لك عدنان إبراهيم يقول النبي مُتضايق، لا والله، هل أتيت بها من كيسي؟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۩، يا أخي ما هذا التدليس؟ ما هذا العبث بعقول العامة؟!

جُزء من رسالتي أيها الإخوة أن أفك الأغلال عن عقول إخواني وأخواتي، إن شاء الله هو هذا، وهذا الذي يُغضِبهم جداً جداً، لا يُحِبون أن الناس تبدأ تُفكِّر بحرية وبوضوح، الوضوح يقتلهم، صدِّقوني، تعرفون العامة تقول حتى قبل الخاصة العلم نور – لماذا العلم نور؟ – والجهل ظلام، ونحن صغار في الابتدائية سمعناها، عبارة أعمق مما نتخيَّل، نحن ابتذلناها لأننا لُقِّناها أطفالاً في نعومة الأظفار على أن هذه العبارة عميقة جداً جداً جداً، العلم نور، بالعلم تضح حجوم الأشياء، تضح حجومها وألوانها وصنوفها بالعلم، لكن لو قد انقبض أيها الإخوة شُعاع النور ماذا يحصل؟ تتساوى الأشياء، الحق مع الباطل والكبير مع الصغير والأحمر مع الأخضر، ويأتيك واحد باسم أنه سُلطة معرفية – شيخ مثلاً يتكلَّم في فضائية – ويقول لك هذا كذا وأنت تُصدِّق، لعدم وجود علم، لكن بالعلم نحن نُرسِل أضواء هاديةً، نُرسِل أضواء هاديةً على الأحداث، على النصوص، على الوقائع، وعلى الأفكار، فيضح – لا تقل يتضح، هذا لحن، قل فيضح – ويبين للناس حقائق الأمور أو أوضاعها على الأقل، إن لم يضح حقائقها وضحت أوضاعها، وضحت مواضيعها ومواقعها، هكذا! فهذا عجيب جداً يا إخواني، ولذلك ماذا يقول صفوان بن أُمية – رضوان الله عليه – فيما أخرج مُسلِم والترمذي؟ يقول والله لقد أعطاني النبي – صلى الله عليه وسلم – ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليّ، حتى في البداية لم يُجد العطاء، يُعطيه ويُبغِضه، وأنا قلت لكم صفوان لم يُسلِم أيها الإخوة يوم فتح مكة وبقيَ مُشرِكاً، وهذا يُؤكِّد أن الدين يكفل الحريات للناس، ليس صحيحاً أن المُشرِكين كما شاع للأسف بين المُسلِمين يوم فتح مكة لم يكن لهم من خيار إلاسلام أو السيف، غير صحيح، كل ما ثبت أن النبي قال لهم اذهبوا فأنتم الطُلقاء، عفوت عنكم، لم يقل لهم أسلموا وأنتم طُلقاء، قال اذهبوا كما أنتم مُشرِكين، قال اذهبوا فأنتم الطُلقاء فأسلموا، لكن بقيَ أنفار منهم لم يُسلِموا، منهم صفوان بن أُمية، ولما ذهب النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – إلى حُنين بعد زُهاء أسبوعين من فتح مكة – الفتح العظيم – استعار منه أدراعه بأداتها، دروع! أي السلاح، أخذ منه السلاح للحرب، فقال يا محمد طوعاً أو كرهاً؟ قال بل طوعاً، بالعكس أنا لا أغصبك وكان مُشرِكاً، فأخذها بأداتها النبي وذهب هو مع المُسلِمين يُقاتِل هوازن، يُقاتِل المُشرِكين، من أجل ماذا يُقاتِل هذا المُشرِك؟ الغنائم، يُريد الغنيمة هذا، فلا تقل لي هذا شأنه شأن آخرين، لا! وإنما هذا ذهب – بالذات هذا – وهو مُشرِك من أجل الغنيمة، هذا يطلب الغنيمة، الرجل لم يُسلِم، وفي حُنين لم يُسلِم، بعدها بقليل أسلم مُباشَرةً بسبب العطاء، قال وإنه لأبغض الناس إليّ، سوف تقول لي والله شيئ عجيب يا أخ عدنان، عجيب جداً جداً، هذا موجود وفي مُسلِم والترمذي، لماذا يُشنِّعون عليك؟ أنا قلت لكم وأُعيدها للمرة الثانية ولتكن واضحة: يُشنِّعون علىّ رهاناً منهم على عدم علم الناس، على جهل الناس، الناس تجهل هذه الأشياء، فهيا نُشنِّع ونُظهِر للناس أنه يطعن في صحابي جليل، يقول آمن على خرفان، أعوذ بالله يا أخي، ما هذا القول؟ عيب! أنا أقول مرة أُخرى: عيب، والله عيب، التدليس والبهت والافتراء عيب، واستغلال جهل الناس وعدم معرفتهم – أعني بعض الناس طبعاً، ليس كل الناس جهلة – عيب، وبالمُناسَبة حتى لا أنسى – وأنا لا أقول هذا مُجامَلةً لأحد ولا استجلاباً لود أحد، إنما أقوله لأنه الحقيقة – أيضاً هم يُراهِنون على شيئ الرهان فيه خاسر، على خبث الناس، يظنون أن مُعظَم الناس خبثاء وحسدة ومكّارون وأننا إذا طعنا عدنان إبراهيم ووصمناه بكذا وكذا وكذا الناس ستذهب مُباشَرةً إلى مقاطعه وإلى صفحته وتقول له لعنة الله عليك يا بعيد ويا كذا، نحن نكرهك ونُبغِضك يا زنديق يا كافر، الذي حصل هو العكس تماماً، وأنتم تعرفون هذا، يُمكِن لأي واحد الآن أن يدخل على أي مقطع لعدنان إبراهيم ويطلب المزيد منه وسوف يأتيه ثلاثون أو أربعون أو خمسون أو سبعون خُطبة ومُحاضَرة، بفضل الله – تبارك وتعالى – في المُتوسِّط – أي الـ Average – خمسة وتسعون في المائة الناس تستحسن ما أقول، وهذا من فضل الله وحُسن القبول، أسأل الله أن يكون علامة القبول. اللهم آمين، وهم – إخواني بارك الله فيهم وأصلح الله حالي وحالهم – خدموني هنا، لأنهم أيها الإخوة أزعجوا الناس لكي يذهبوا إلى صفحة عدنان ومقاطع عدنان ليروا هذا الزنديق الخطير الذي سمعنا منه ما لم نسمعه حتى من ياسر الحبيب، فعلاً يا شيخ عثمان الخميس؟ تستطيع أن تُقسِم بالله على هذا؟ ياسر الحبيب الذي اتهم عائشة – رضوان الله عليها – بأنها فعلت الفاحشة في طريق البصرة أنت سمعت مني ما لم تسمعه منه؟ والله إني لحزين، والله العظيم إني لحزين لهذا القول، هكذا تقول؟ هكذا يُمكِن أن تُقابِل الله بهذا القول يا شيخ عثمان؟ شيئ غريب يا أخي، سمع مني ما لم يسمعه من ياسر الحبيب الذي اتهم أم المُؤمِنين بالزنا! وأنا أُدافِع عنها في خُطبة عائشة في النار، شيئ غريب يا أخي، لماذا؟ ما هذا الحقد على عدنان إبراهيم؟ ما هي البواعث الحقيقية؟ أُريد أن أفهم مع أنني فاهم وعارف، أعرف لماذا لكن لن أتكلَّم الآن والجمهور يعرف، هذا الجمهور الذي صنع الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين يعرف ويفهم، جمهور لا يُستغفَل، لا تُراهِنوا على غبائه ولا على خبثه، والله العظيم ليس غبياً وليس خبيثاً، جمهور ذكي وطيب، أتوا إلى عدنان لكي يروا ويسمعوا ماذا يقول هذا الزنديق فأُعجِبوا به – بفضل الله تعالى – ويقولون نُحِب هذا، نُريد هذا، نستحسن هذا، وهذا قطع عليهم الطريق، نسأل الله أن يُؤيِّد الحق وأهله، فقط هذا ما نُريد، اللهم أيِّد الحق وأهله وأمدهم بروحٍ منك، هذا هو!
على كل حال قال وإنه لأبغض الناس إليّ، فما زال النبي يُعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ، إذن رهانهم على خبث الناس خسر أو لم يخسر؟ خسر، الناس ليسوا خبثاء، الناس طيبون، عموم هذه الأمة طيب والله، شيعتها وسُنتها والزيدية والإباضية وغيرهم – والله – بفضل الله طيبون، هذه الأمة طيبة ومرحومة، والله ما من مُسلِم عامي فيه المكر والخبق الموجود في القادة، أنا أقول لكم كثير جداً من المكر والخبث يُوجَد في قادة هذه الأمة، أما العامة فهم طيبون، على جميع المُستويات، القادة السياسيون والقادة الروحيون والعلماء، خبث كثير في العلماء وفي القادة السياسيين، يُحِبون أن يُضحوا الأمة ومصالحها ووحدتها من أجل مصالحهم هم ومصالح ساداتهم الحكّام الظلمة الطواغيت أحفاد مُعاوية السائرين في درب مُعاوية إلى اليوم، ولذلك هم يغضبون مِمَن يفتح ملف مُعاوية، لأن مَن يتجرأ على مُعاوية طبعاً يتجرأ على بشّار وعلى صالح وعلى زين العابدين وعلى القذّافي وعلى فلان، طبيعي! إذا هذا يُقال عنه صحابي وليس له حصانة أن يُنتقَد لأنه ظالم وطاغية ومُجرِم لا تُتنقَد أنت يا بشّار ويا قذّافي ويا كذا؟ تُنتقَد طبعاً، وغيرك وغيرك سيُنتقَد، لذلك يغضبون جداً، طبعاً المسألة تتعلَّق بالمزاج والعقلية، نحن نُساهِم في خلق عقلية مُختلِفة، وهذا الذي يُزعِجهم ويُقلِقهم جداً، فأقول لكم لا تُراهِنوا بعد اليوم لا على غباء الجمهور ولا على خبث الجمهور، الجمهور ليس غبياً وليس خبيثاً، طيبٌ يُحِب أن يعرف الحق، والحق عليه دلائل بفضل الله تبارك وتعالى، الحق عليه دلائل!

قال فما زال النبي يُعطيني – أي من غنائم حُنين – حتى إنه لأحب الناس إليّ، إذن الرجل أحب النبي وأسلم عن قناعة أم عن عطاء؟ هو يقول لك هذا، أنا قلت إيمان على خرفان أو عن خرفان، هذا لأنه مُؤلَّف، هذا من المُؤلَّفة أيها الإخوة، هذا هو، والله – تبارك وتعالى – أعلم.

في صحيح مُسلِم عن رافع بن خديج أعطى رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – أبا سُفيان بن حرب وصفوان بن أُمية وعُيينة بن حصن – الفزاري الأحمق المُطاع – والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائةً من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس شعراً، شعراً مُعيَّناً يعتب على النبي ويُنكِر، كيف تُعطيني دونهم؟ ولم يكن أبواهم خير من أبي، فالنبي قال اقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى سكت، هؤلاء الذين ذكرتهم لكم تعرفون مَن هم؟ مشاهير المُؤلَّفة، هؤلاء مشاهير وعيون وأعيان المُؤلَّفة قلوبهم، أبو سُفيان بن حرب ومَن ذكرت، وتعرفون مَن كان مُؤلَّفاً معه بنص شيخ الإسلام ابن تيمية؟ مَن؟ ابنه مُعاوية، وأُعطيَ أيضاً مُعاوية مائةً من الإبل، وأقر بهذا ابن تيمية في المُجلَّد الرابع وذكرت هذا في سلسلة الميزان، أبو سُفيان إذن وابنه مُعاوية وعُيينة بن حصن الفزاري والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس وصفوان بن أُمية وهو موضع بحثنا، هؤلاء مشاهير المُؤلَّفة، هؤلاء عيون المُؤلَّفة قلوبهم، إذن المسألة أصبحت واضحة، والله – تبارك وتعالى – أعلم.

قال الإمام الذهبي في النُبلاء، المُجلَّد الثاني، صحيفة ثنتين وخمسين وخمسمائة، أي في الصحيفة الثانية والخمسين والخمسمائة: وخرَّج الترمذي من حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوم أحد: اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن صفوان بن أُمية – لماذا؟ لماذا يُلعَن هؤلاء؟ لشدتهم على الإسلام والرسول، صفوان هذا كان من أشد المُشرِكين على رسول الله -. فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۩ فتاب عليهم.

هذا هو، إذن صفوان هذا كان من الشديدين جداً لكن رأيتم أنه لم يُسلِم إلا عن تألف، إلا عن عطاء، لم يُؤثِّر فيه القرآن.

قال الذهبي: قلت: أحسنهم إسلاما الحارث. أي الحارث بن هشام طبعاً، ليس أبا سُفيان طبعاً وما إلى ذلك، والله تبارك وتعالى أعلم، وما دام ذكرنا المُؤلَّفة قلوبهم أيها الإخوة وصفوان منهم – من عيونهم – نقول عُيينة بن حصن المفروض أنه أفضل حالاً من صفوان بن أُمية، لماذا؟ لأنه أسلم قبل الفتح وشهد طبعاً حُنيناً والطائف، وهذا الرجل – سُبحان الله – في عهد أبي بكر الصديق ارتد، ارتد وصار من جماعة طُليحة بن خويلد الأسدي والعياذ بالله، طُليحة بالمُناسَبة عاد أيضاً إلى الإسلام، هذا صار مع طُليحة ثم هداه الله فعاد إلى الإسلام مرةً أُخرى، وعُيينة بن حصن هذا كان فيه جفاء أهل البادية، سوف تقول لي هذا صحابي، كأن الصحابة طبقة واحدة مُتجانِسة في العلم والإيمان والفهم واللقانة والزكانة واللياقة والأدب، غير صحيح، هذا الرجل كان رجلاً فيه جفاء أهل البادية، دخل ذات مرة على الرسول دون أن يستأذن، دخل دون استئذان، يقول عدنان قال طالعين نازلين، هل هم طالعين ونازلين فقط؟ سوف ترى أشياء غريبة جداً جداً في كُتبنا المُوثَّقة، أحسن شيئ أن أقرأ، مع أنني أعرف هذا كله، أنا لم يكن من شأني أبداً أن آتي بكتب وأقرأ، كل شيئ من رأسي، لكن لأنني رُميت بالكذب من هؤلاء، ليس من الشيخ الخميس وما إلى ذلك وإنما من أمثالهم على طريقتهم غير مرة، وقلت دلوني على مرة واحدة كذبت فيها، رُميت بالكذب فقلت لا، الآن ما دام جد الجد نقرأ من الكُتب كل شيئ ونعزوه، أفضل! على كل حال دخل دون أن يستأذن والنبي عند عائشة، يا أخي استأذن يا أخي، فرأى عائشة فقال يا محمد مَن هذه؟ قال هذه عائشة بنت أبي بكر، قال أنزل لك عن أحسن منها، أي عندي امرأة أجمل منها، شكلها لا يُعجِبني، ما هذا الجفاء العجيب يا أخي؟ أم البنين، قال لي امرأتي أُطلِّقها لك وخُذها، ما رأيك؟ ما هذا الصحابي؟ فالنبي قال لا حاجة لي بها، اخرج فاستأذن، قال علىّ يمين لا أستأذن على مُضري، قال له أنا أستأذن عليك؟ أنت من المُضر، لا أستأذن، أرأيتم الجفاء؟ قال صحابة! هذا صحابي من المُؤلَّفة لكنه ليس من الطُلقاء، أسلم قبل فتح مكة، ربما يكون أفضل منهم لكنه من المُؤلَّفة قلوبهم وفيه حمق، النبي قال له اخرج فاستأذن، إلى أين أنت داخل هكذا؟ هل أنت داخل على مطعم؟ هل أنت داخل على خان؟ يغضبون حين أتكلَّم هكذا وكأنني تكلَّمت في أبي بكر وعمر، هذا رجل من الصحابة وغير مُنافِق لكنه من المُؤلَّفة، وأعرابي فيه جفاء وفيه غلظة، أين الأدب هنا؟ قال يتكلَّم في أدب الصحابة، يا أخي أتكلَّم أنا أم تتكلَّم الأسانيد يا أخي والكُتب يا أخي؟ هل أنا أُؤلِّف من عندي، شيئ غريب، أسلوب غريب، قال له النبي اخرج فاستأذن، تعرفون ماذا قال للنبي؟ على يمين – أنا حلفت يميناً قال له – لا أستأذن على مُضري، وأنت من المُضر فلا أستأذن عليك، ما هذا يا أخي؟ ما هذا الرجل؟ شر البلية ما يُضحِك، قال علىّ يمين لا أستأذن على مُضري، أنت تُخاطِب رجل من عامة الناس؟ هذا الرسول، لا يفهم هذا، فعائشة قالت مَن هذا يا رسول؟ قال الأحمق المُطاع، ليس عدنان الذي قال صحابي أحمق، أي Idiot بالإنجليزية أو Idiot بالألمانية مع اختلاف النطق، النبي هو الذي قال، قال لها أتُريدين أن تعرفي مَن هذا؟ الأحمق المُطاع، مُطاع أين؟ مُطاع في الصحابة؟ في قومه، هذا كان زعيم قومه بني فزارة، عُيينة بن حصن هذا.

ذات مرة دخل على سيدنا عمر في خلافته، استأذن له ابن أخيه فدخل، أول ما دخل على الفاروق – رضوان الله عليه – قال يا عمر والله ما تُعطينا الجزل ولا تحكم بالعدل، عمر قام وغضب جداً، ما هذا يا أخي؟ ما قلة الأدب هذه؟ طبعاً غضب عمر، لا تقولوا غضب لنفسه، غضب من قلة الأدب، داخل على أعلى سُلطة في الدولة، أدخلناك وكبَّرناك، تسبني في وجهي؟ أول ما دخل قال يا عمر والله ما تُعطينا الجزل ولا تحكم بالعدل، أنت لا تُعطي ولا تعدل، فقام عمر وأراد أن يسطو به، فابن أخيه الذي استأذن له قال له يا أمير المُؤمِنين خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ۩، قال له جاهل هذا، زعيم قومه الصحابي هذا، ليس صحابياً عادياً، زعيم قومه لكنه إنسان أحمق وجاهل، فسكت عمر وكان وقّافاً عند كتاب الله، غضب عمر كما نغضب نحن الآن، قال له أعرض عن الجاهلين، جاهل – قال له – هذا، ماذا تفعل له؟ اتركه، فتركه عمر، عدنان إبراهيم يتكلَّم في الصحابة ويقول جاهلين، أنا مَن يقول؟ إِنَّا لِلَّهِ ۩.

لذلك أنا أقول لكم دائماً اقرأوا حتى لا تُخدَعوا ولا يُضحَك عليكم، أُخاطِب كل إخواني وأخواتي: اقرأوا، افتحوا الكتب، تعلَّموا، لا تسمعوا عدنان وحده ولا عثمان وحده، اقرأوا وتعلَّموا، وسوف تعرفون الحق، سوف تفهمون، سوف يكون لكم عقلية مُستقِلة، هذا ما أُحِبه، هذا ما أُغريكم به، وانتقدوا، انتقدوني أنا أول الناس حين أُخطيء وحين أخدع وأُدلِّس، إن وقع مني هذا انتقدوني، أنا أُحِب هذا، أنا أُغري الناس بأن ينتقدوني، أنا عتبت على الناس في المنبر الذين يُعطونني شيكاً على بياض: الخُطبة مُمتازة قبل أن نسمعها، لا أُحِب هذا الأسلوب، اسمعها وبعد ذلك تكلَّم، إن أعجبتك أهلاً وسهلاً، إن لم تُعجِبك قل لي في ماذا، ناقشني وأُناقِشك، أُحِب هذا، هذا الفكر، كُن إنساناً حُراً يا أخي، لا تكن عبداً لأحد، لا لي ولا لغيري، هذا الذي نُريده، والحياة تُصبِح طيبة بالأحرار والناس الفاقهين الفاهمين يا إخواني، على كل حال هذا الأحمق المُطاع، ماذا يقول الإمام ابن حجر في الإصابة؟ رواه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن الأعمش عنه مُرسَلاً، ورجاله ثقات وأخرجه الطبراني موصولاً من وجه آخر عن جرير أن عُيينة بن حصن دخل على النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم فقال وعنده عائشة: مَن هذه الجالسة إلى جانبك؟ قال: عائشة. قال: أفلا أنزل لك عن خير منها؟ يعني امرأته – ولك أن تتخيَّل هذا، ما علاقتك بهذا أنت؟ تدس أنفك في ماذا أنت؟ قال امرأتي أحسن منها، أُطلِّقها لك ثم تتزوَّجها، رجل أهبل هذا – فقال له النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم: اخرج فاستأذن. فقال: إنها يمين عليّ ألّا أستأذن على مُضري – أرأيتم الأدب؟ أرأيتم أدب هذا الصحابي مع رسول الله؟ حلفت يميناً ألا أستأذن على مُضري، وأنت مُضري فلن أستأذن عليك -. فقالت عائشة: من هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم الأحمق المُطاع.

رجل أهبل قال لها، أحمق! يقولون عدنان إبراهيم يتكلَّم في الصحابة، لا أتكلَّم في الصحابة، لا تكذبوا على الناس، أنا رجل دليل وبيّنة وعلم، أتكلَّم كل شيئ بميزانه، الأحمق نقول له أحمق، الكذّاب نقول له كذّاب، المُرتَد نقول له مُرتَد، المُنافِق نقول له مُنافِق، الصحابي الذي على عيننا ورأسنا وعلى عين ورأس آبائنا وأمهاتنا ونحن خدّام أعتابه نبقى خدّام أعتابه، ميِّزوا كما ميَّز الله ورسوله، لا تظلموا الحقائق ولا تظلموا عقولنا، لا تضحكوا علينا، والطاغية كمُعاوية نقول له طاغية، المُخادِع الدجّال، ما أدجل منه! أُكرِّرها إلى أن أموت أو يأتيني بيان أقوى مما عندي يقنع به عقلي وقلبي، والطاغية الدجّال كمُعاوية نقول له أنت طاغية ودجّال، لابد أن نكون هكذا.

وعن أبي وائل: سمعت عُيينة بن حصن يقول لعبد اللَّه بن مسعود – رضيَ الله تعالى عنه -: أنا ابن الأشياخ الشّمّ – يفتخر بنفسه، قال أنا من الناس الكبار، أنا عُيينة بن حصن -. فقال له عبد اللَّه: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

الأشياخ الشّمّ هم هؤلاء، يوسف ويعقوب وإسحاق وليس أنت قال لهم، يقول أنا ابن الأشياخ الشّمّ، يتبجَّح! طبيعي أن يقول هذا رجل يُخاطِب النبي بهذه الطريقة، يقول علىّ يمين ويقول أنا ابن الأشياخ الشّمّ، مُعجَب بنفسه.

وفي صحيح البخاري – ذكرته لكم – أن عُيينة بن حصن قال لابن أخيه – اسمه الحُر بن قيس، لم أذكر ربما اسمه، اسمه الحُر بن قيس – الحُر بن قيس: استأذن لي على عمر، فدخل عليه فقال: ما تعطي الجزل، ولا تقسم بالعدل. فغضب، وقاله له الحُر بن قيس: إن اللَّه يقول: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ۩، فتركه.

وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب أن عثمان تزوَّج ابنته – عثمان تزوَّج بنت عُيينة – فدخل عليه عُيينة يوماً فأغلظ له – أسمعه كلاماً سيئاً، هو أغلظ للرسول وأغلظ لعمر المهيب، عثمان حيي طيب وكريم، فأغلظ لعثمان، الله أعلم ماذا قال لعثمان -، فقال له عثمان: لو كان عمر ما أقدمت عليه. أي لأنني فقط أخذت ابنتك أتيت لكي تُسمِعني هذا الكلام، قال لو كان عمر ما أقدمت عليه، ثم أن عُيينة بن حصن هذا جاء مرة هو والأقرع بن حابس – والأقرع بن حابس أيضاً أحد المُؤلَّفة وهذا معروف – فأتيا أبا بكر – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – في خلافته، قالا يا خليفة رسول الله إنا عندنا – هناك في بلادنا – أرضاً سبخة – لا فيها ماء ولا كلأ، لا تُنبِت – فأقطعنا إياها، اجعلها لنا، أي باسمينا، فأبو بكر الكريم وافق، لماذا لا؟ أرض سبخة وعندكم في بلادكم، وكتب لهما كتاباً أشهد عليه جماعة ليس فيهم عمر، رضيَ الله عن عمر، فرحا بهذا، فأخذا الكتاب إلى عمر، كأن أبا بكر اشترط هذا، هذا لم يُذكَر ولكنه يُفهَم من السياق، هما يعرفان عمر وطريقة عمر ما شاء الله، عمر كالسيف القاطع، فأخذا الكتاب وذهبا إلى عمر يُشهِدانه عليه، نظر عمر إلى الكتاب فتفل فيه ومحاه، لماذا الإقطاع؟ لماذا؟ قال لهما، لماذا تأخذان الأرض؟ تفل فيه ومحا الكتاب، فقالا له قولاً سيئاً، الاثنان سبا عمر، أعني عُيينة بن حصن والأقرع بن حابس، ونحن نتكلَّم عن مَن؟ انتبهوا، لا نتكلَّم عن جحا ولا عن شخصية عادية، عن صحابة، أليس كذلك؟ وأسلموا قبل فتح مكة، صحابة وزعماء في قومهم، هذا زعيم قومه، لا تقل يتكلَّم في الصحابة، نقرأ نحن الأحاديث الصحيحة والروايات المليحة كما هي، تفل فيه فقالا له قولاً سيئاً، قالا لماذا لا تُعطينا؟ رسول الله أعطانا، وهذا أبو بكر يُعطينا، فقال رسول الله تألَّفكما والإسلام قليل – الإسلام كان ضعيفاً – وقد أعز الله الإسلام – الإسلام غني عنكما الآن، مَن أحب أن يبقى على الإسلام أهلاً وسهلاً، مَن يكفر تُقطَع عُنقه -، فاجهدا جهدكما، لا رعى الله عليكما إن رعيتما، أي كما نقول بالعامية أعلى ما في خيلكم اركبوه، اعملا ما تُريدان، اذهبوا وسبوا وألِّبوا وقوموا بثورة ولن ينفعكم شيئ، ما تُريدان افعلا، ليس لكم أي أرض، اذهبا! قال فاجهدا جهدكما، لا رعى الله عليكما إن رعيتما، هل هذا واضح؟ هذا هو على كل حال.

الأقرع بن حابس التميمي الذي كان مع عُيينة نفس الشيئ، هذا وفد على النبي وشهد فتح مكة وشهد حُنيناً والطائف، وهو من المُؤلَّفة، روى أبو جرير وابن أبي عاصم والبغوي أن الأقرع نادى النبي – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – من وراء الحجرات: يا محمد يا محمد، فلم يُجِبه – النبي لم يُجِبه، لم يُعجِبه الأسلوب هذا، كيف يُنادي قائلاً يا محمد؟ النبي يُخبَر عنه بقال محمد كذا، هذا كثير جداً في البخاري ومُسلِم وفي كل كُتب الصحاح، الصحابة يفعلون هذا: قال محمد صلى الله عليه وسلم، قال محمد، لكن لا تُناده بيا محمد، هذا مُهِم لكي تُفرِّقوا وتتعلَّموا العلم الصحيح، ممنوع أن تُنادي النبي بيا محمد، لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ۚ ۩، ممنوع! لكن أن تُخبِر عنه وتقول قال الرسول أو قال النبي أو قال محمد يجوز، يجوز أن تقول أمر محمد بكذا وكذا، هذه بنت محمد، هذه زوج محمد، يجوز بلا خلاف، لكن لا تقل له يا محمد، ممنوع، قل يا نبي الله، يا رسول الله، تعرفون لماذا؟ لأن رب العزة لا إله إلا هو لم يُنادِه مرةً بيا محمد مع أنه قال يَا نُوحُ ۩، يَا إِبْرَاهِيمُ ۩، يَا مُوسَىٰ ۩، يَا عِيسَىٰ ۩، إلا رسول الله، قال يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ۩، يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ۩، لا إله إلا الله، لم يقل له في مرة واحدة يا محمد، وهذا من خصائص رسول الله، حتى تُعلَم عظمة هذا النبي الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً إلى أبد الآبدين، فهذا الأقرع نادى النبي قائلاً يا محمد يا محمد، فلم يُجِبه -، قال يا محمد والله إن حمدي زين وإن ذمي شين – أي أنه يُهدِّد، قال له ألا تُجيبني؟ بعد ذلك لو هجوتك أو تكلَّمت فيك سوف يضرك كثيراً كلامي، ما هذا الأدب يا أخي؟ هذا مُهِم أن تعرفه لأنك تقول لي صحابة، طبعاً العامة تجهل هذه الحقائق وهذه الأحاديث الصحيحة، يظنون الصحابة كل الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، أليس كذلك؟ ومُعاذ وأبو ذر وسلمان وكذا، غير صحيح، هناك صحابة أعان الله النبي عليهم، كم لقيَ منهم! تفضَّلوا، هذا فصل جديد، يقول له والله إن حمدي بمعنى مدحي زين وإن ذمي شين -، قال له ذلك رب العالمين.

أي أن الله هو الذي حمده زين ومدحه شين، أنا لا يهمني كلام الناس، يا سلام! يا سلام عليك يا رسول الله يا حبيب القلوب والله، قال أنا الذي يهمني مدحه وأخاف من ذمه هو رب العالمين، لا يهمني أحد سواه، تمدح أو تذم هذا لا يُساوي عندي شيئاً، اذهب وتعلَّم الأدب، كم لقيت يا رسول الله من هؤلاء الناس! من أصحابك أو بالأحرى من بعض أصحابك حتى نكون دقيقين، قال له النبي ذلكم الله، الذي حمده زين وذمه شين الله وليس أنت يا أقرع، أقرع بن حابس! هذا الرجل هو الذي تعرفون جميعاً وجمعاوات حديثه، دخل على النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مرةً وعنده الحسن يُقبِّله وفي رواية الحسنين، فقال يا محمد والله إن عندي عشرة من الولد ما أعلم أني قبَّلت أحداً منهم، أي لم أُقبِّل في حياتي أحداً منهم، قال له هل أملك لك إن كان الله نزع الرحمة من قلبك؟ أنت يا بعيد إنسان شقي والعياذ بالله، لم يُحِب أن النبي يُقبِّل أحفاده وأبناءه من فاطمة، لا يُريد! ما هذا؟ هذا الأقرع بن حابس، انظر إلى الجفاء والغلظة، انظر إلى الجفاء والقسوة!

ذكرنا العباس بن مرداس أحد هؤلاء المُؤلَّفة لكي تأخذوا لمحة عن هؤلاء المُؤلَّفة الكبار، أبو سُفيان نعرف مَن هو، عباس بن مرداس هذا – كما قلنا – يوم حُنين النبي أعطى أولئكم مائةً من الإبل وأعطاه أقل، ربما أعطاه ثمانين أو تسعين وما إلى ذلك، فذهب يقول شعراً، يقول:

أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيدِ                                             بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ.

نصيبي هكذا؟

وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ                                   يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ.

(ملحوظة) حين قال (وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ) قال: أبواهما، أبوا الاثنين، ثم استتلى قائلاً: قال لم يكن أبواهما خيراً من أبي، وبدأ يقول شعراً، تهديد! فقال النبي اذهبوا فاقطعوا عني لسانه، أي بالعطاء، فأعطوه حتى رضيَ، أرأيتم ماذا لقيَ النبي من هؤلاء؟ وعدنان إبراهيم يقول إيمان على خرفان، وكأننا كفرنا! قل للناس مَن هم هؤلاء المُؤلَّفة وماذا لقيَ النبي منهم وماذا كان من أحوالهم، اقرأوا عليهم الأحاديث الصحاح والروايات الثابتة في كُتبنا، هذا هو!
نأتي الآن إلى مسألة أُخرى أخي الشيخ عثمان – بارك الله فيه وأصلح الله حالي وحاله – عتب علىّ فيها طبعاً بطريقته، هاله جداً أن ألعن الحكم بن أبي العاص، يقول لعنة الله عليه إلى يوم الدين، نعم أنا قلت هذا، حقير لعين، الله يلعنه، طبعاً الله يلعنه، الله يلعنه، والله يلعن كل مَن لعنه ورسوله، أي واحد ثبت أن الرسول لعنه لعنة الله عليه، حاشا لله أن أُقدِّم بين يدي الله ورسوله، وإن شاء الله أعاذني الله وإياكم من أن أُقدِّم بين يدي الله ورسوله وأعمل نفسي أستاذاً – ما شاء الله – وأقول – أستغفر الله العظيم – وكأني أكرم وأشرف من الرسول وأرحم: أنت لعنت لكن أنا لا ألعن يا رسول الله، لماذا هذا؟ لا، أنا لا ألعن، أعوذ بالله، ألعن الحكم بن أبي العاص؟ لماذا تلعنه أنت يا رسول الله؟ أستغفر الله، مَن الذي ينبغي أن يستغفر يا شيخ عثمان: أنا أم أنت؟ الناس طبعاً لا تعلم مَن هو الحكم وهل الرسول لعنه أو لم يلعنه وهل صح اللعن أو لم يصح، الذي يعرفونه أن الشيخ الخميس قال عدنان يقول الله يلعنه، لعين، لعنة الله عليه، أرأيتم كيف يلعن الصحابة؟ وقال الحكم بن أبي العاص أبو مروان الذي أسلم، الشيخ عثمان يُفهِم الناس أن هؤلاء مُسلِمون طيبون جداً جداً، والله لا هو طيب ولا ابنه، وتباً لهما إلى يوم الدين، تباً للحكم وتباً لمروان، وكان على الشيخ عثمان – بارك الله فيه – أن يقول للناس حتى يزيد في الطنبور نغمة – كما يُقال – انتبهوا إلى أن الحكم بن أبي العاص هو عم سيدنا عثمان، نعم عمه، أخوه لأبيه، عم النبي كان كافراً أيضاص، ما علاقة هذا بذاك، هذا كلام لا يدخل مُخي، أنا هكذا مُخي يختلف، مُركَّب تركيباً مُختلِفاً، هو عم سيدنا عثمان وعم النبي كافر، وعم سيدنا عثمان هذا لعين، هو اسمه لعين رسول الله، اسمه هذا، اسمه طريد رسول الله ولعينه، هذا وصفه ولقبه، والآن سوف نقرأ لكم بإذن الله تبارك وتعالى، أين أنت يا أُسد الغابة؟ للعلّامة ابن الأثير، العلّامة ابن الأثير – رحمة الله تعالى عليه – سوف نرى ماذا قال عن الحكم بن أبي العاصي، هذا ابن عبد شمس طبعاً، إذن أُسد – جمع أَسد – الغابة في معرفة الصحابة، الإمام ابن الأثير الجزري، أبو السعادات المُتوفى سنة ثلاثين وستمائة للهجرة، رحمة الله على العلّامة الكبير، المُجلَّد الثاني، حرف الحاء: الحكم بن أبي العاص الأموي، روى مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن قيس بن حبتر، عن بنت الحكم بن أبي العاص، أنها قالت للحكم: ما رأيت قوماً كانوا أسوأ رأياً وأعجز في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم يا بني أُمية – انتبهوا، ابنته تُقِر أنكم كنتم سيئين جداً مع الرسول، طبعاً كانوا أعداء لهم، حاشا الذين أسلموا، أعني الطيبين منهم، مثل سيدنا عثمان وقلة قليلة، وإلا بنو أُمية عموماً وفي رأسهم أبو سُفيان وعائلته كانوا الأسوأ والعياذ بالله إلى أن أسلموا طُلقاء طبعاً والله أعلم بحالهم -، فقال: لا تلومينا يا بُنية؛ إني لا أحدثك إلا ما رأيت بعيني هاتين، قلنا: والله ما نزال نسمع قريشاً تقول: يُصلي هذا الصابئ في مسجدنا فتواعدوا له تأخذوه – قريش تقول لبعضها فتواعدوا له تأخذوه، جواب الفعل -. فتواعدنا إليه، فلما رأيناه سمعنا صوتاً ظننا أنه ما بقي بتهامة جبل إلا تفتت علينا – الله عصمه صلى الله عليه وآله وسلم -، فما عقلنا حتى قضى صلاته، ورجع إلى أهله. ثم تواعدنا ليلة أخرى، فلما جاء نهضنا إليه فرأيت الصفا والمروة التقتا إحداهما بالأخرى، فحالتا بيننا وبينه، فوالله ما نفعنا ذلك.

على كل حال ماذا يقول العلّامة ابن الأثير في الصحيفة التاسعة والأربعين؟ وهو طريد رسول الله – احفظوا هذا حين تسمعون الحكم بن أبي العاص الذي يعتب أخي الشيخ الخميس علىّ أنني لعنته، أنا ما لعنته، أنا لعنته بلعن رسول الله، أنا أنقل كلام الرسول، ألعن مَن لعنه الرسول – نفاه من المدينة إلى الطائف. وخرج معه ابنه مروان، وقيل إن مروان ولد بالطائف، وقد اختُلِفَ في السبب المُوجِب لنفي رسول الله صلى الله عليه وسلم – حين تسمعون “الرسول” صلوا عليه، حسنات كثيرة، واليوم ذكرى ميلاده الشريف فصلوا دائماً، صلوا عليه وآله وسلموا، حسنات كثيرة – إياه؛ – نُريد أن نرى لماذا النبي نفاه، الرجل أسلم في الفتح، وجاء إلى المدينة بعد ذلك، عاش فترة بسيطة جداً في مدينة رسول الله، البني نفاه بعد أن ألعنه، لعنه وقال له لا تُساكِنني بأرضٍ أبداً، لماذا أصبح طريداً هذا؟ ماذا فعل؟ – فقيل: كان يتسمع سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلع عليه من باب بيته – ولك أن تتخيَّل هذا، يتبصص! يتلصص على الرسول هذا الخبيث المُخبَّث -، وإنه الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفقأ عينه بِمدْرَى في يده لما اطلع عليه من الباب – النبي كان يُريد أن يفقأ عينه بِمدْرَى وفعلاً لو أصابت عينه لفقأته، تتجسَّس علىّ في بيتي مع نسائي وأهلي؟ تباً لك، فعلاً لعنك الله -، وقيل – سبب آخر -: كان يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشيته – النبي كان يتكفى حين يمشي، وهو خلف النبي حين يمشي مثله – وبعض حركاته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتكفأ في مشيته، فالتفت يومًا فرآه وهو يتخلج في مشيته – يُقلِّد النبي، أرأيتم؟ الله يلعنه، أليس كذلك؟ الله يلعنه فعلاً -، فقال: كُنْ كَذَلِكَ، – النبي قال له ابق مُتخلِّجاً هكذا، كُن كذلك، انظروا إلى مقدار كرامة رسول الله على الله، سُبحان قال كُن كذلك فانتهى الأمر – فلم يزل يرتعش في مشيته من يومئذ – ظل يرتعش إلى أن لقيَ الله الهالك البعيد -، فذكره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت – ابن حسان بن ثابت أيضاً شاعر، شاعر كبير – في هجائه لعبد الرحمن بن الحكم – مع أن عبد الرحمن بن الحكم هذا وهو أخو مروان له أشعار يهجو بها أخاه مروان ويبرأ منه – فقال:

إِنَّ اللَّعِينَ أَبُوكَ فَارْمِ عِظَامَهُ                               إِنْ تَرْمِ تَرْمِ مُخَلَّجًا مَجْنُونَا.

يُمْسِي خمِيصَ البَطْنِ مِنْ عَمَلِ التُّقَى                   وَيَظَلُّ مِنْ عَمَلِ الخَبِيثِ بَطِـينا.

قال له أبوك اللعين معروف، نحن نعرفه، اسمه اللعين!
وأما معنى قول عبد الرحمن – عبد الرحمن بن حسان: إن اللعين أبوك – سوف نرى لماذا، سوف نعرف لماذا هو لعين، بالنسبة لطريد فهمنا لماذا هو طريد، وطبعاً حتى لا أنسى سأقول شيئاً بين قوسين وأُنبِّه عليه، ومَن عنده جواب يُجاوِبني ويرد علىّ، أنا أُحِب العلم وأُحِب الحقيقة، (شيخ الإسلام ابن تيمية عفا الله عنه وسامحه زعم في منهاج السُنة أن العلماء اختلفوا أصلاً في نفي الحكم، هذا لا أقول كذب وإنما أقول له غلط، بعبارة مُؤدَّبة أقول لابن تيمية غلط، وأتحدى الآن كل أتباع ابن تيمية أن يأتوني بعالم واحد من الذين عاشوا قبل ابن تيمية وليس من الذين أخذوا بغلط ابن تيمية بعده قال النبي لم يطرد الحكم، أتحدى! هكذا أُعلِن التحدي وأنا أنزل على الحق مُباشَرةً، ليس عندي مُشكِلة، لن أخسر شيئاً، أتحدى أن تأتوني بعالم واحد من علماء الأمة سبق ابن تيمية وقال النبي لم يطرد الحكم، الطرد غير وارد، غير صحيح، الخلاف وقع في شيئ آخر وهو السبب الباعث على الطرد، لماذا طرده؟ نعم وقع اختلاف هنا، وذكره العلّامة ابن الأثير وغيره، أما أنه طرده فمحل إجماع، فابن تيمية هنا غَلِط، أدباً معه نقول غَلِطَ، وإن شاء الله هو غَلِطَ فعلاً، يُقال غَلِطَ وغَلَطَ، غَلَطَ! لن أقول كلمة أُخرى طبعاً، لأن هذا من حُسن الظن في العلماء، الرجل غَلِطَ هنا، اشتبه عليه الأمر طبعاً، يقول والعلماء اختلفوا في طرده، يُريد أن يُبرئه من الطرد أيضاً، اسمه طريد رسول الله بإجماع الأمة، مطرود الرجل، منفي! وأصلاً أحد أسباب الثورة على سيدنا عثمان إعادته الحكم إلى المدينة، أحد الأسباب أن سيدنا عثمان الشهيد رضوان الله تعالى عليه في وقت خلافته أعاده إلى المدينة فغضبت الناس، كيف يا عثمان رجل طرده الرسول ولعنه تُعيده؟ ألأنه عمك؟ الناس غضبوا، طبعاً هو في عهد أبي بكر قيل له أرجعه، قال والله لا أحل عقدة عقدها الرسول، الرسول طرده، أنا أُعيده؟ لا، يبقى في الطائف، لا يرجع مرة أُخرى، في أيام سيدنا الفاروق عمر قيل له يا فاروق يا أبا حفصة أرجعه، قال لا، لا أحل عقدة عقدها النبي، جاء سيدنا عثمان فأعاده، وأول ما دخل المدينة كان بثياب رثة بالية، خلقان لها أرواح، رائحة ناتنة! دخل عند ابن أخيه سيدنا عثمان رضوان الله عليه، وبعد كم من ساعة خرج بثياب فاخرة جداً جداً جداً وشيئ عجيب، غضب الناس، هذا لعين رسول الله يا عثمان، طريد رسول الله، سيدنا عثمان اعتذر في روايات أنه كان أخذ وعداً من النبي، أي في يوم من الأيام أقدر على إرجاعه، وطبعاً إذا عثمان قال هذا فقد صدق، إذا قال هذا فقد صدق وليس لأحد أن يحتج على عثمان بأنه أعاده، هذا إن ثبت أن عثمان قال هذا، أما إن لم يثبت عنه فالناس لها مساغ في أن تُنكِر، على كل حال سوف نرى لماذا هو لعين – فروى عن عائشة رضيَ الله عنها، من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة: أنها قالت لمروان بن الحكم، حين قال لأخيها عبد الرحمن بن أبي بكر، لما امتنع من البيعة ليزيد بن مُعاوية بولاية العهد – أنتم تعرفون القصة هذه طبعاً، مروان هذا كان والياً لمُعاوية على المدينة، فجاء يأخذ من الناس البيعة ليزيد بعد موت مُعاوية، حين يموت يصير الخليفة يزيد، ومُعاوية حي! ماذا قال مروان بن الحكم هذا؟ قال سُنة أبي بكر وعمر، أرأيتم الاستغفال؟ الاستغفال الاستجهال، والضحك على الذقون كما يُقال، قال أبو بكر هكذا فعل، أبو بكر استخلف وعمر استخلف ومُعاوية يستخلف، نفس السُنة! فقام عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضيَ الله عنهما وقال بل سُنة قيصر وكسرى، جعلتموها كسروية وهرقلية، كلما مات كسرى قام كسرى، سوف نرى ما الذي حدث، رد عليه، أتضحك علينا أنت؟ قال له، أبو بكر استخلف أحد أبنائه؟ واستخلف في حياته أم استخلف وهو على فراش الموت؟ وعمر استخلف أحد أولاده؟ واستخلف في حياته أم استخلف وهو على فراش الموت؟ تضحكون على مَن أنتم؟ يضحكون على الناس، سُنة أبي بكر وعمر، شريعة، سُنة الراشدين، فقام له ابن سيدنا أبو بكر الصديق، ماذا قال له هنا؟ – ما قال، والقصة مشهورة – طبعاً ما القصة هنا؟ قام مروان وقال خذوه، يقول هذا للشرطة! قوة الدولة، يقول لهم خذوه، يأخذونه فيُعذِّبوه ويُبهدِلونه، ففر إلى حُجرة عائشة، حُجرة أخته، لا يقدر طبعاً على الدخول، أم المُؤمِنين هذه، فر فقال له مروان ألست الذي أنزل الله فيه وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ۩؟ آية الأحقاف، في الأحقاف وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ ۩، ما معنى أُخْرَجَ ۩؟ أُبعَد يوم القيامة، وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ۩، قال هذه نزلت فيك، فسمعت عائشة من وراء الستر فكذَّبته، قالت له هذا كذب، والله ما نزل فينا آل أبي بكر شيئٌ من هذا، وإن شئت أخبرتك فيمَن نزلت هذه الآية، أنا أعرف فيمَن نزلت، وطبعاً واضح أنها نزلت في واحد من بني أُمية، واضح جداً، قالت له تقول فينا نزلت نحن؟ تقول أنها نزلت في آل أبي بكر رضوان الله عليه؟ أبداً، ولكن أشهد أن رسول الله لعن أبا مروان، مَن أبو مروان؟ الحكم، وكلامنا في الحكم يا شيخ عثمان والحديث صحيح، وسنقرأ كلام العلّامة الألباني في تصحيحه بالحرف الآن، عدنان يلعن الحكم، أتيت كبيرة! كلام الرسول، أنا أنقل ماذا قال الرسول، قالت أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صُلبه، فمروانُ فضضٌ من لعنة رسول الله، ما معنى فضض؟ قطعة، أبوه ملعون وهو في صُلبه، هذا يعني أنه جُزء من لعنة رسول الله، صار هو ملعون وأبوه ملعون، في رواية فانتحب مروان، أخذ يبكي، غاظته عائشة، أم المُؤمِنين، قالت له تتكلَّم فينا نحن؟ تتكلَّم في آل أبي بكر؟ سأُريك الحق أين، فانتحب، في رواية جلس يبكي، يبكي كالنساء لأنها قهرته، قهرته أمام الناس، لأن هذا المنطق الديني، تتكلَّم باسم القرآن وما إلى ذلك؟ سترى المنطق الديني يلعن مَن -: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صُلبه. وقد رُويَ في لعنه ونفيه أحاديث كثيرة، لا حاجة إلى ذكرها، إلا أن الأمر المقطوع به – اسمعوا الآن واحفظوها بالله – أن النبي صلى الله عليه وسلم مع حلمه وإغضائه على ما يكره، ما فعل به ذلك إلا لأمر عظيم – أليس كذلك؟ النبي عليه السلام استغفر لعبد الله بن أُبي رأس النفاق وكفَّنه في جُبته وصلى عليه وهو رأس النفاق، فلماذا تلعن هذا الرجل وتطرده؟ هذا يعني أن النبي بما علَّمه وكشف له عنه علم أن هذا الخبيث المُخبَّث وذُريته سوف يكونون كارثة على أُمته، وفعلاً يا حبيبي هذا حصل، أنتم تعرفون طبعاً أن عندنا مُعاوية بن أبي سُفيان، أبو سُفيان هذا زوج هند، وعندنا مُعاوية، وجاء من مُعاوية يزيد بن مُعاوية وتعرفون ماذا فعل، طبعاً جاء بعد ذلك ابنه الرجل الصالح الطيب مُعاوية رضوان الله عليه، هذا بعد ستة أشهر ذهب، بعد ذلك مَن جاء؟ مروان بن الحكم، مروان! هلك مروان، مَن جاء؟ ابنه عبد الملك بن مروان أبو الجبابرة الأربعة، اسمهم الجبابرة الأربعة، هذا تاريخكم وهذا تحذير النبي من هؤلاء المُجرِمين القتلة الجبابرة، وقال لك ممنوع تلعن مروان! النبي لعنه، يقول ابن الأثير ما فعل به ذلك إلا لأمر عظيم -، ولم يزل منفياً حياة النبي صلى الله عليه وسلم فلما وُلي أبو بكر الخلافة، قيل له في الحكم ليرده إلى المدينة، فقال: ما كنت لأحل عُقدةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك عمر، فلما وُلي عثمان رضيَ الله عنهما الخلافة رده، وقال: كنت قد شفعت فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعدني برده. وتُوفيَ في خلافة عثمان، رضي الله عنه. أخرجه الثلاثة.

مَن الثلاثة؟ أبو نُعيم وابن منده وابن عبد البر، هذا اصطلاح مَن؟ اصطلاح ابن الأثير، حين يقول الثلاثة يعني هؤلاء، أبو نُعيم في معرفة الصحابة وابن منده وابن عبد البر في الاستيعاب، هذا معنى الثلاثة، هذا بالنسبة لكلام ابن الأثير.

نأتي الآن إلى الشيخ العلّامة الألباني رحمة الله تعالى عليه، والشهادة لله – الرجل في دار الحق – العلّامة الألباني في مواضع كثيرة – سُبحان الله – يُنصِف ويقول ما يُغضِب أمثال هؤلاء الذين يُسمون أنفسهم أهل السُنة والجماعة، الألباني يقول بالحق في مواضع كثيرة – سُبحان الله – فجزاه الله خيراً، في السلسلة الصحيحة للشيخ العلّامة الألباني الحديث رقم ثلاثة آلاف ومائتين وأربعين: ليدخلن عليكم رجل لعين. يعني: الحكم بن أبي العاص. أخرجه أحمد والبزّار في مُسنَده من طريق عبد الله……… إلى آخره، الحديث كله: كُنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم – مَن الذي يروي هذا؟ عبد الله بن عمرو بن العاص – وقد ذهب عمرو بن العاص يلبث ثيابه ليلحقني فقال عليه السلام ونحن عنده ليدخلن عليكم رجل لعين – النبي يقول هذا، رجل ملعون، فخاف عبد الله بن عمرو بن العاص – فخفت أن يدخل عمرو، هكذا قال، عمرو! طبعاً الفرق بين سيدنا عبد الله بن عمرو وأبيه ضئيل جداً، لأن عمرو بن العاص تزوَّج وهو صغير، يُقال ابن ثنتي عشرة سنة، فكان الذي يرى عمراً وأبناءه يشعر أنهم في نفس السن، وأحياناً يُسميه عمراً وأحياناً يقول أبي، قال فخشيت أن يدخل عمرو، فدخل مَن؟ الحكم بن أبي العاص، النبي لم يلعنه فحسب بل وأكَّد أنه ملعون أصلاً، لا أدعي عليه باللعن، هو ملعون، عند الله ملعون، هناك إنسان مكتوب عند الله صديق، أليس كذلك؟ وآخر مكتوب لعين، هذا من القسم الثاني، لعين! عند الله لعين، أخطر بكثير من كلمة لعنه الله، هذا دعاء والنبي طبعاً مُستجاب الدعاء، لكنه هنا قال رجل لعين، هذا ثابت، هل هذا واضح؟

ماذا يقول الشيخ الألباني رحمة الله عليه؟ قلت وهو اسناد صحيح على شرط مسلم وقال الهيثمي رواه أحمد – طبعاً هذا في السلسلة الصحيحة، الشيخ الألباني بعد أن قام بجولة طويلة في الحديث وطرقه وشواهده قال حديث صحيح، إذن يا شيخ عثمان بارك الله فيك وعلَّمك الله وإياي ما لم نكن نعلم الحديث صحيح والحكم الذي ورم أنفك لأجله ملعون، في الحديث الصحيح وليس بكلام عدنان إبراهيم – والبزّار والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح، قال العلّامة الألباني: وله شاهدان قويان ساقمها البزّار، أحدهما من طريق الشعبي، قال سمعت عبد الله بن الزُبير – صحابي – وهو مُستنِد إلى الكعبة يقول ورب هذا البيت لقد لعن الله الحكم وما ولد على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

معروف عند الصحابة هذا، يحلف بالله ابن الزُبير، قال ورب هذه الكعبة ملعون هو وأولاده، النبي لعنه وذُريته، وأنتم انظروا ماذا فعل في الإسلام، يُقال هذا مروان بالحكم يا أخي وهو صحابي جليل! ما هذا الصحابي؟ وأبوه أيضاً صحابي، أليس كذلك؟ الحكم اللعين، إِنَّا لِلّهِ ۩ يا أخي.

وقال البزّار لا نعلمه عن ابن الزُبير إلا بهذا الإسناد، قلت – الألباني – وهذا إسنادٌ صحيحٌ أيضاً رجاله كلهم ثقاتٌ رجال الشيخين غير شيخ البزّار أحمد بن منصور بن سيار وهو ثقة، ولم يتفرَّد به كما يُشعِر بذلك تمام كلام البزّار، ولذلك لم يسع الحافظ الذهبي مع تحفظه الذي سأذكره – يتحفَّظ على ماذا الذهبي؟ على أحاديث لعن الحكم وما ولد، لا يُريدون هذا لوجود هوى أُموي، وحتى الحافظ ابن حجر يتحفَّظ، طبعاً ابن تيمية من باب أولى يتحفَّظ، لكن قال الألباني الحق أحق أن يُتبَع، واضحة الأمور، أسانيد صحيحة، ملعونون! قال الألباني لماذا نتحفَّظ؟ سوف نرى كلام الألباني – إلا أن يُصرِّح فيتاريخ الإسلام (2/57) – المُجلَّد الثاني، صفحة سبع وخمسين – بقوله: إسناده صحيح – قال صحيح، أي أن الله عز وجل لن الحكم وما ولد – .وسكت عنه في السير – أي سير أعلام النُبلاء -؛ ولم يعزه لأحد. وقد أخرجه أحمد أيضاً …..إلى آخره، إلى أن قال: وهذا صحيحٌ على شرط الشيخين كما ترى – الألباني! أسانيد صحيحة يا أخي في لعن الرجل، ماذا نفعل؟ -. والشاهد الآخر – الشاهد الثاني -: يرويه عبد الرحمن بن معن – ابن مغراء هذا -: أنبأ إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي – مولى الزبير- قال: كنت في المسجد، ومروان يخطب، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر – الصديق -: والله! ما استخلف أحداً من أهله – عن مَن؟ عن أبي بكر -. فقال مروان: أنت الذي نزلت فيك وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ۩، فقال عبد الرحمن: كذبت، ولكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعن أباك، وقال البزّار: لا نعلمه عن عبد الرحمن إلا من هذا الوجه – طبعاً هذه رواية، الرواية الأقوى أن عائشة قالت هذا وسوف تأتي -. قلت: واسناده حسن كما قال الهيثمي، وأقره الحافظ في “مختصر الزوائد”. وقد وجدت…… إلى آخره، قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله تعالى قد أرى أمير المُؤمِنين – مَن هو؟ مُعاوية – في يزيد رأيا حسناً – الله ألهمه، الله ألهمه أن يستخلف يزيد، والله هذا كذب، والله ما أراك الله يا مُعاوية في يزيد الخبيث الملعون رأياً حسناً، وثبت أن هذا الكلام كذب سواء من مُعاوية أو من مروان بما فعل يزيد في أمة الإسلام، فلعنة الله على يزيد، يزيد هتك الإسلام، هتك المدينة ومكة وقتل آل بيت النبي، من أين يا مُعاوية تزعم أن الله أراك رأياً حسناً في يزيد؟ لكنه الكذب، كذب مُعاوية وشلة مُعاوية، طُغمة مُعاوية! قال إن الله تعالى قد أرى أمير المُؤمِنين في يزيد رأيا حسناً، ما هذا الدجل على الناس؟ ما هذا الدجل الحقير؟ قال إن الله تعالى قد أرى أمير المُؤمِنين، انظر إلى هذا، كله كلام باسم الدين، الله والرسول والدين والعلماء وكذا، كلام يضحكون به على الناس من قديم، هذا نفس الأسلوب المكشوف – وإن – المفروض وإن وليس وأن – يستخلفه، فقد استخلف أبو بكر عمر رضيَ الله عنهما. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: أهرقلية؟! إن أبا بكر رضيَ الله عنه ما جعلها في أحدٍ من ولده، وأحدٍ من أهل بيته، ولا جعلها مُعاوية إلا رحمةً وكرامةً لولده! فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أُفٍّ لَكُمَا ۩؟ فقال عبد الرحمن: ألست يا مروان ابن اللعين الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك؟! قال: وسمعتهما عائشة رضي الله عنها، فقالت: يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟! كذبت، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان بن فلان. ثم انتحب مروان – أخذ يبكي، قطعت عائشة جهيزته – ثم نزل عن المنبر حتى أتى باب حُجرتها، فجعل يُكلِّمها حتى انصرف. قلت: سكت عنه ابن كثير، وهو إسنادٌ صحيحٌ. وأخرجه البخاري في صحيحه بإسناد آخر مُختَصراً، وأخرجه النسائي في الكبرى من طريق ثالثة من رواية شعبة عن محمد بن زياد، قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سُنة أبي بكر وعمر! فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سُنة هرقل وقيصر – هذا غلط، لأنه هرقل وقيصر نفس الشيئ، المفروض قيصر وكسرى أو هرقل وكسرى، لأن هرقل هو قيصر، هذا من أخطاء الرواة، هو نفس الملك -. وفيه أن عائشة قالت رداً على مروان: كذب والله، ما هو به – ليس أخي عبد الرحمن الذي نزلت فيه آية الأحقاف -، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صُلبه، فمروان فضض من لعنة الله. قلت: وإسناده صحيح، وعزاه الحافظ في الفتح والسيوطي في الدر لعبد بن حميد، وابن المُنذِر، والحاكم وصحَّحه، وابن مردويه. ثم وجدت لحديث – أتى أيضاً بشيئ جديد – الترجمة طريقاً أخرى عن ابن عمرو، من رواية ابن عبد البر في الاستيعاب بإسناده الصحيح عن عبد الواحد بن زياد: حدَّثنا عثمان ابن حكيم قال: حدَّثنا شُعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم… فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح أيضاً؛ فإن رجاله كلهم ثقات.

اسمع الآن تعليق العلّامة الألباني، وهذا التعليق للشيخ عثمان الخميس بالذات: هذا؛ وإني لأعجب أشد العجب من تواطؤ بعض الحفاظ المترجمين للحكم – يُترجِمون له ويحكون عنه – على عدم – أي تواطئوا على عدم – سوق بعض هذه الأحاديث وبيان صحتها في ترجمته – سكتوا عن بيان صحتها وسكتوا عن بعضها فلم يُورِودها أصلاً على أنها صحيحة -، أهي رهبة الصحبة – هل لأنه فقط صحابي؟ أتخافون لأنه صحابي؟ إذن ماذا نفعل؟ النبي لعن هذا الصحابي، ألا تلعنونه أنتم؟ أشفق من النبي أنتم؟ أعلم من النبي؟ أفقه من النبي؟ أرحم من النبي؟ لكن أعود فأقول للمرة ربما العشرين هذه الطريقة في التفقه والتدين والتديين والتعليم في جُزء منها وفي منحى من مناحيها تقوم على إسكات القرآن والسُنة، ممنوع! لماذا؟ آيات هذه وممنوع نُفسِّرها، النبي قال! اسكت ولا تُحدِّث بهذا، لماذا؟ ما هذا؟ من أجل مَن يا أخي؟ مَن أجل يُسكَت عن حقائق الكتاب والسُنة؟ من أجل مَن؟ أُريد أن أفهم، لا كرامة لأحد أيها الإخوة حتى ندس كلام الله ورسوله من أجله، مَن هو هذا؟ إلا أن يكون مُجرِماً هتك القرآن وستره وفضح النبي وسره، فلابد أن نفضحه حتى نكون على بيّنة وهُدى، لكن هذه الطريقة أُموية في التفقه، كأننا والله إلى اليوم نعيش في زمن مُعاوية يا أخي، فالشيخ الألباني مُستغرِب، لماذا؟ قال -، وكونه عم عثمان بن عفان رضيَ الله عنه، وهم المعروفون بأنهم – أي العلماء – لا تأخذهم في الله لومة لائم؟ أم هي ظروف حكومية أو شعبية كانت تحول بينهم وبين ما كانوا يريدون التصريح به من الحق؟ – العلماء الكبار وليس علماء اليوم، العلماء قديماً الذين ألَّفوا هذه الكُتب الكبيرة – فهذا مثلاً ابن الأثير يقول في أُسد الغابة – مع أن ابن الأثير والحمد لله أتى بكلام جيد -: وقد رُويَ في لعنه ونفيه أحاديث كثيرة، لا حاجة إلى ذكرها – الألباني لا يُعجِبه هذا، لماذا تقول لا حاجة إلى ذكرها؟ اذكرها، اذكرها حتى يعلم الناس أنه ملعون، أنه طريد الرسول ولعين الرسول، لماذا لا تذكرها؟ الألباني لا يُعجِبه هذا، مع أن ابن الأثير أتى بكلام جيد والحمد لله قرأت عليكم كلامه -، إلا أن الأمر المقطوع به: أن النبي صلى الله عليه وسلم مع حلمه وإغضائه على ما يكره ما فعل به ذلك إلا لأمر عظيم.

أمر عظيم يا جماعة، والحمد لله نحن نعلم حقيقة هذا الأمر العظيم! استخوال أمة محمد، استعباد أمة محمد، استضعاف أمة محمد، وإفساد دين أمة محمد، إذا بلغ بنو أبي العاصي – الحكم – ثلاثين اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً ودين الله دغلاً، النبي قال هذا، قال سوف يُفسِدون ديني، وسوف يستخولون أمتي، وسوف يتخوَّضون ويختضرون مال أمتي، هذا الذي حصل، أتحدى مَن يقرأ التاريخ ولا يقول هذه الحقيقة قبل أن يقولها الرسول فكيف وقد قالها الرسول؟ يا أخي اتقوا الله فينا، اتقوا الله يا علماء السُلطان، على كل حال يقول: وأعجب منه صنيع الحافظ – مَن الحافظ؟ ابن حجر العسقلاني شيخ الإسلام – في الإصابة؛ فإنه مع إطالته في ترجمته – طوَّل في ترجمة الحكم – صدَّرها بقوله: قال ابن السكن: يُقال – كيف تقول يُقال؟ -: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – دعا عليه، ولم يثبت ذلك – لابد أن يتعقَّب مَن؟ ابن حجر ابن السكن، يقول له كلامك هذا فارغ، كيف لم يثبت؟ أحاديث صحيحة -! وسكت عليه ولم يتعقبه بشيء – الألباني يستغرب مِن مَن؟ مِن الحافظ، لماذا سكت عليه وتعرف أن كلامه غير صحيح، أحاديث صحيحة في لعنه والدعاء عليه، لماذا سكت؟ شيئ غريب يا أخي -، بل إنه أتبعه بروايات كثيرة فيها أدعية مُختلِفة عليه، كنت ذكرت بعضها في الضعيفة، وسكت عنها كلها وصرح بضعف بعضها، وختمها بذكر حديث عائشة المُتقدِّم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صُلبه. ولكنه بدل أن يُصرِّح بصحته ألمح إلى إعلاله بمُخالَفته رواية البخاري المُتقدِّمة، فقال عقبها: قلت: وأصل القصة عند البخاري بدون هذه الزيادة! فأقول – الألباني يقول -: ما قيمة هذا التعقب، وهو يعلم أن هذه الزيادة صحيحة السند، وأنها من طريق غير طريق البخاري، وليس هذا فقط، بل ولها شواهد صحيحة أيضاً كما تقدم؟ – ذكرها الشيخ الألباني رحمة الله عليه – اكتفيت بها عن ذكر ما قد يصلح للاستشهاد به! فقد قال في آخر شرحه لحديث: هُلكة أُمتي – أي هلاك أُمتي – على يدي غلمة من قريش – وهو في الصحيح، ماذا قال في الفتح الحافظ؟ – من الفتح: وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد. أخرجها الطبراني وغيره؛ غالبها فيه مقال، وبعضها جيد، ولعل المراد تخصيص الغلمة المذكورين بذلك! وأعجب – يقول الألباني رحمة الله عليه – من ذلك كله تحفظ الحافظ الذهبي بقوله في ترجمة الحكم من تاريخه – تاريخ الإسلام -: وقد وردت أحاديث مُنكرَةٌ في لعنه، لا يجوز الاحتجاج بها، وليس له في الجُملة خصوص مِن الصُحبة بل عمومها! كذا قال – يقول الألباني هكذا قال الذهبي، قال أحاديث مُنكَرة -! مع أنه بعد صفحة واحدة – انظروا إلى التناقض، كما قلت لكم والله العظيم أي إنسان لا يلتزم الحق بكل تواليه يقع في التناقض، لا تقل لي هذا الذهبي أو ابن حجر، أي واحد! والألباني قال لكم أنه يتناقض، لأنه لا يُريد، لماذا؟ أتعيش في زمانه أنت؟ – ساق رواية الشعبي عن ابن الزُبير مُصحِّحاً إسناده كما تقدَّم!
ابن الزُبير يُقسِم برب الكعبة أن الله لعنه وما ولد، وقال صح، إسناده صحيح، وقبل قليل قال أحاديث مُنكَرة، كيف تكون مُنكَرة؟ غير معقول.

يقول الشيخ الألباني: ومثل هذا التلون – ماذا يُسميه؟ التلون، الحربائية – أو التناقض – هذا تناقض، أنت تتلوَّن أو تتناقض – مما يُفسِح المجال لأهل الأهواء أن يأخذوا منه ما يُناسِب أهواءهم!

ليس أهل الأهواء فقط الشيعة عند الألباني، وإنما فينا نحن السُنيون، رجل هواه أُموي! ماذا يقول لك؟ الأحاديث باطلة، عدنان يكذب عليكم، قال العلّامة الذهبي في تاريخ الإسلام أحاديث مُنكَرة لا يُحتج به، تذهبوا وتراجعوا فتجدوا أن هذا صحيح، أليس كذلك؟ لكن أين الذين صحَّحوا؟ كثيرون، ارجعوا وانظروا إلى الأسانيد وسوف تجدون أنها صحيحة، الألباني قال لا يجوز هذا، لابد أن يكون الإمام والعالم أميناً جداً جداً ويذكر كل شيئ، لا شيئ يُدَس ولا يُقال اسكت عن شيئ ولا شيئ يُتسامَح معه، اذكروا كل شيئ كما هو، حتى لا تأخذ الأمة هذه في خلط وخبط، مسكينة هذه الأمة والله العظيم.

يقول ماذا؟ نسأل الله السلامة. هذا هو، هذا ما يتعلَّق بلعن الحكم، فهل ترونني أجرمت أو أسرفت على نفسي أيها الإخوة أو على الحقيقة حين ذكرت هذه الأحاديث الصحاح الثابتة في الطريد اللعين عليه مِن الله ما يستحق؟!

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

تعليق 1

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: