بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا رب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه كما تُحِب وترضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين وصحابته الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۩، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً. اللهم آمين.

أما بعد، إخواني وأخواتي:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نُكمِل – إن شاء الله – اليوم الكلام في القضايا، تكلَّمنا في المرة السابقة عن القضية الحملية، والقضية الحملية – كما وضح لكم – هي قضية بسيطة، قضية بسيطة تتكوَّن من موضوع – محكوم عليه – ومحمول – محكوم به – ورابطة – بين الموضوع والمحمول – تحكي النسبة بينهما، وذكرنا أن هذه النسبة قد تكون بالإيجاب، وقد تكون بالنفي أو بالسلب، هذا أبسط تصوير للقضية الحملية! طبعاً سنعود إليها وإلى تقسيمات أُخرى لها في درس اليوم وفي الدروس التي نستقبل إن شاء الله تبارك وتعالى.

والرابطة – كما ذكرت لكم – في اللُغة العربية خصوصاً قد تُحذَف في مواضع كثيرة، لماذا؟ لأن هيئة الجُملة أو بنية التركيب ذاته تدل عليها، فإذا قلنا – مثلاً – بعض النقود من المعادن سنجد أن الرابطة محذوفة، وهي – مثلاً – يُمكِن أن تُقدَّر بتُصنَع من المعادن أو مصنوعة من المعادن، لأن الروابط في العموم تنقسم إلى قسمين، الروابط – الــ Copulas – تنقسم إلى قسمين: روابط زمانية، وروابط غير زمانية، الروابط الزمانية هي التي يُدَل عليها بالأفعالى الناقصة، مثل كان وأخواتها، كان، يكون، سيكون، سوف، وسين التنفيس مثلاً، هذه كلها تدل على الروابط الزمانية، أرسطو Aristotle كان فيلسوفاً، أرسطو Aristotle كان فيلسوفاً عقلانياً، فالرابطة هنا كان، كان! وهي رابطة زمانية، الروابط غير الزمانية ما عدا ذلك، أشهرها الضمائر، هو، هي، هما، هم، هن، وإلى آخره! عليّ بن أبي طالب أسد الله، أي هو أسد الله، عليّ بن أبي طالب هو أسد الله، يُمكِن أن تُقدَّر رابطة زمانية، كان أسداً من آساد الله، خالد بن الوليد – مثلاً – سيف الله المسلول، أي هو سيف الله المسلول، هذه رابطة غير زمانية، ويُمكِن أن تُقدِّر زمانية، كان سيف الله المسلول، عموماً هكذا يُقسِّمون في المنطق الروابط إلى روابط زمانية وروابط غير زمانية.

وذكرنا – أيها الإخوة والأخوات – أن هناك نوعاً آخر من القضايا، هذه هي القضايا البسيطة وهي المعروفة بالحملية، النوع الثاني من القضايا قضايا مُركَّبة، طبعاً لأن البسيط يُقابِله ماذا؟ المُركَّب، إذن قضايا مُركَّبة، وهي المعروفة بالقضايا الشرطية، أي الــ Conditional propositions، القضايا الشرطية! وواضح من اسمها أنها قضايا مُركَّبة، ما يُمكِن أن يُبين عن طبيعتها وطريقة تكوينها وتأليفها، القضايا المُركَّبة في الحقيقة عبارة عن قضايا حملية، أي قضايا بسيطة، عبارة عن قضيتين مثلاً، عبارة عن قضيتين – مثلاً – حمليتين أو بسيطتين، وربطنا بينهما، يُمكِن أن تأخذ كلاً منهما على حدة، وهي مُركَّب تام، أي قضية حملية أو قضية بسيطة، بمعنى ماذا؟ جُملة خبرية، بمعنى جُملة خبرية! الشمس طالعة أو طلعت الشمس، هذه قضية حملية بسيطة، نسبت الطلوع إلى الموضوع وهو الشمس، النهار موجود، قضية حملية بسيطة، مثل قضية الشمس طالعة أو طلعت الشمس.

الآن نأتي ونقول إذا طلعت الشمس، الآن لو وقفنا – قلنا إذا طلعت الشمس فقط – هل سيكون هذا مُركَّباً تاماً؟ لا، هذا الآن ليس مُركَّباً تاماً، السامع ينتظر تتمة، ما معنى إذا طلعت الشمس؟ احذف إذا وقل طلعت الشمس، وسوف تكون هذه قضية حملية، إذا أدخلت إذا فسوف تُصبِح قضية غير حملية، إذا طلعت الشمس فـــ…، هذه فاء الجزاء يُسمونها، فـــ…! فالنهار موجود، لولا إذا ولولا فاء الجزاء لأمكن انفكاك هذه القضية الشرطية إلى مُكوِّنيها، وهما قضيتان بسيطتان حمليتان، هل هذا واضح؟ كل منهما خبر، عبارة عن خبر! لكن بإذا وفــ استطعنا أن نُركِّب قضية، هذا معنى قضية مُركَّبة، إذن هي مُركَّبة من قضيتين حمليتين، قضيتين بسيطتين بإذا وفاء الجزاء مثلاً، إذا طلعت الشمس فالنهار موجود، هذه قضية شرطية.

الآن إذا طلعت الشمس فالنهار موجود، لا نستطيع أن نقول الآن حملنا هذا على هذا، القضايا لا تُحمَل على بعضها، لا يُوجَد حمل في القضايا، هذا غير صحيح، الحمل في القضية الواحدة الحملية كما رأينا، الشمس طالعة، طلعة الشمس مثلاً، طبعاً الموضوع هو الشمس، انتبهوا! وطلعت هو المحمول ولو قدَّمته العربية، لا تُوجَد مُشكِلة، أو الشمس طالعة، نفس الشيئ! الموضوع دائماً هو الشمس في هذا المثال، هذا هو الحمل!

أما في القضايا هناك نسبة، ليس هناك حمل، نسبة! قضية تُنسَب إلى قضية، قضية تُنسَب يعني تُربَط، لكن تُنسَب أعم وأدق، قضية تُنسَب إلى قضية! فالآن النسبة في هذه القضية نسبة ماذا؟ هل هذه نسبة تعاند وتباين وتشاكس وتعارض أو نسبة تعالق وتصاحب؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور نسبة تعالق، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم نعم، نسبة تعالق وتصاحب، تطلع الشمس والنهار يُضيء العالم، يُوجَد النهار! هذا صحيح، هذه تُسمى بنسبة التصاحب والتعليق، يُمكِن أن نُسميها التعالق، لكن التعليق أدق من التعالق، لماذا؟ التعالق يُفيد أنها من كلا الطرفين، لكن الأفضل أن نقول التعليق، نسبة التصاحب والتصادق والتعليق، لذلك هذه القضية تُسمى مُتصِلة، وتسمعون بالقضية المُتصِلة، القضايا عموماً ستُقسَّم من هذا المنظور أو من هذه الزاوية إلى ثلاث: حملية، مُتصِلة، وبعد ذلك نأتي إلى المُنفصِلة بعد قليل، لكن الآن في هذا المثال – إذا طلعت الشم فالنهار موجود – النسبة مُوجِبة او سالبة؟ مُوجِبة، هذا موجود وهذا موجود، أليس كذلك؟ هذا موجود وهذا موجود! الآن لو قلنا إذا كان الإنسان نمّاماً كان أميناً، هل هذا صحيح؟ هل المعنى صحيح؟ هل النمّام أمين؟ هذا غلط، مُستحيل! هذا لا يُمكِن، فلابد وأن ننفيها، ننفيها بليس الآن، أنا أعطيك تبسيطاً لكيفية تركيب القضية الشرطية، حتى لا تُخربِط فيها، لأن التبعيرات المنطقية هنا تعبيرات غير بليغة وركيكة، لكن هي هكذا، لكي تفهم فقط ببساطة، بعد ذلك يُمكِن أن تُطبِّق هذا حتى على آيات قرآنية، لكن في الأول لابد وأن تفهم بطريقة بسيطة وبدائية لتعرف كيف تتركَّب القضية الشرطية، إذا كان الإنسان نمّاماً كان أميناً، هذا غير مقبول، المعنى هذا نفسه خطأ، هذا خطأ! ولذلك لابد أن ننفيها، فتكون النسبة مُوجِبة أو سالبة؟ سالبة، أرأيت؟ إذن ليس إذا كان الإنسان نمّاماً كان أميناً، غير صحيح! هذا ليس صحيحاً، النمّام غير أمين، النمّام ليس أميناً، هذه قضية مُتصِلة والنسبة فيها سالبة.

الآن العدد – أي عدد تأخذه – لابد أن يكون إما زوجياً وإما فردياً، أليس كذلك؟ لا يُمكِن غير هذا! العدد إما أن يكون زوجياً وإما أن يكون فردياً، هذا صحيح، لكن – الآن انتبهوا – النسبة هنا نسبة تصاحب وتصادق وتآزر وتعليق أو نسبة تعاند وتباين واختلاف؟ تعاند، لا يُمكِن غير هذا، الزوجي غير الفردي، والفردي غير زوجي، إما هذا أو هذا، أليس كذلك؟ لذلك كل عدد إما أن يكون زوجياً أو يكون فردياً، فإذا كان زوجياً مُستحيل أن يكون فردياً، طلعت الشمس وطلع النهار، هذا صحيح، لأنه يأتي! الشمس موجود والنهار موجود، فهذا صحيح، لكن هنا الأمر ليس كذلك، العدد فردي وهذا يعني أنه ليس زوجياً، ضد! هذه يُسمونها ماذا؟ نسبة التباين والتعاند والتنافي، شيئ ضد شيئ، شيئ يُعانِد شيئ، شيئ يُقابِل شيئ، أي ضده، X! هذه يُسمونها القضية المُنفصِلة، هذه القضية المُنفصِلة! النسبة فيها نسبة تعاند وتباين وتنافي، ليس تصادقاً وتصاحباً وتآزراً وتعليقاً، ضد! هل هذا واضح؟

المُتعلِّم إما أن يكون طبيباً وإما أن يكون مُهندِساً، هل هذا صحيح؟ ليس صحيحاً، يُمكِن ان يكون أستاذاً، مثل أستاذ المدرسة أو أستاذ الجامعة، أليس كذلك؟ يُمكِن أن يكون مُؤرِّخاً أو كاتب رواية، وهكذا! يُوجَد خمسون ألف نوع من التعليم، المعنى غير صحيح، لكن الصياغة صحيحة، لذلك هذه لابد أن نعمل فيها ماذا؟ لابد أن ننفيها، فنقول ليس المُتعلِّم إما أن يكون طبيباً وإما أن يكون مُهندِساً، هذا غير صحيح، ليس! أرأيتم؟ إذن هذه أيضاً قضية شرطية، مثل التي قبلها، أليس كذلك؟ وهذه القضية مُنفصِلة، النسبة فيها نسبة تعاند، لكن سالبة أو مُوجِبة؟ سالبة، إذن هذه مُنفصِلة سالبة، التي قبلها مُنفصِلة مُوجِبة، وأخذنا المُتصِلة المُوجِبة وأخذنا المُتصِلة السالبة، أرأيتم؟ كم قضية صارت عندنا الآن؟ خمس قضايا، القضية الحملية، والمُتصِلة بقسميها، وبعد ذلك سوف نأخذ تقسيمات الحملية، أقصد ما درسناه إلى الآن وفهمناه، نحن فهمنا الحملية، ويُمكِن طبعاً أن نقول أخذنا في الحملية المُوجِبة والسالبة، لا أعتقد أنني شرحت هذا لكن أكيد هو واضح لكم، أليس كذلك؟ القضية الحملية العادية تنفونها، وهذا سهل جداً، أسهل من هذا، ومن ثم سيصير عندكم قضية مُوجِبة وقضية سالبة حملة، وبالتالي ستجدون ستة أقسام، هل هذا واضح؟

إذن هذا إلى الآن واضح وبسيط جداً، لو أتينا لكي نعمل مُخطَّطاً سريعاً سنقول القضية بشكل عام والتي درسناها إلى الآن تنقسم إلى ماذا؟ إلى ماذا قسَّمناها الآن؟ إلى قضية حملية، وهي بسيطة، وإلى قضية شرطية، وهي مُركَّبة، أليس كذلك؟ وقسَّمنا الشرطية إلى ماذا؟ مُتصِلة ومُنفصِلة، ما المقياس في تقسيم الشرطية إلى مُتصِلة ومُنفصِلة؟ ما هو؟ بلحاظ ماذا قسَّمناها هذه القسمة إلى مُتصِلة ومُنفصِلة؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور جواباً خاطئاً، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لا، طبعاً هذا الكلام العهد به قريب، لا أعتب عليكم لأنكم لم تحفظوه، لأننا قلناه الآن، الإجابة هي النسبة، هنا في المُتصِلة نسبة اتصال، اسمها اتصال، أي نسبة اتصال أو نسبة تصاحب أو نسبة تآزر أو نسبة تصادق أو نسبة تعليق، سوف تجد مُصطلَحات كثيرة، نفس الشيئ! هذا هو، الشمس موجودة والنهار موجود، التُقى موجود والحفظ موجود، الله يحفظ التقي، وهكذا! أليس كذلك؟ وطبعاً عكسها المُنفصِلة، النسبة التي فيها نسبة تعاند وتنافٍ، لأن ليس في القضايا الشرطية حمل، إياك أن تقول لي هنا يُوجَد حمل، الحمل في القضايا الحملية، القضية الشرطية قضية مُركَّبة من قضيتين حمليتين، أليس كذلك؟ هل هذا واضح؟ قضايا تُنسَب إلى بعضها البعض، تُنسَب القضية إلى قضية وليس تُحمَل عليها، لا تُحمَل عليها وإنما تُنسَب إليها، النسبة هذه قد تكون – كما قلنا لكم – نسبة تصاحب وتعليق، ومن ثم تكون القضية مُتصِلة، قد تكون نسبة تعاند وتنافٍ، ومن ثم تكون القضية مُنفصِلة، جيد! وبالمُناسَبة من الآن فصاعداً سنتوقَّف عن قول – قصداً للاختصار وهكذا يفعل المناطقة – شرطية مُتصِلة وشرطية مُنفصِلة، لن نقول هذا فيما بعد، ماذا سنقول؟ مُتصِلة ومُنفصِلة، لأن لا يُوجَد في الحملية مُتصِلة ومُنفصِلة، فقط يُوجدان هنا، لا يُوجَد في الحملية حملية مُتصِلة وحملية مُنفصِلة، لماذا؟ لأن هذه – كما قلنا – تبع للنسبة بين قضيتين، والحملية قضية واحدة، لا يُوجَد هذا! ولذلك عندنا القضايا بهذا اللحاظ حملية ومُتصِلة ومُنفصِلة الآن، هل هذا واضح؟ كل منها – من الثلاثة – تنقسم إلى سالبة ومُوجِبة، المُوجِبة فيها إثبات، السالبة فيها نفي، ليس وما في حكم ذلك، فهذه منها مُوجِبة ومنها سالبة، والمُنفصِلة منها مُوجِبة ومنها سالبة، والحملية طبعاً أخذنا أن منها مُوجِبة ومنها سالبة، هل هذا واضح؟ لم تطلع الشمس، هذه حملية سالبة، أقبل الليل حملية مُوجِبة، أدبر الليل حملية مُوجِبة، أليس كذلك؟ طلعت الشمس حملية مُوجِبة، تنفيها بلم كذا وكذا ومن ثم ستصير سالبة، سهلة! هذه سهلة جداً، فصار عندنا ستة أنواع من القضايا، المُوجِبة الحملية، السالبة الحملية، المُوجِبة المُتصِلة، السالبة المُتصِلة، المُوجِبة المُنفصِلة، والسالبة المُنفصِلة، تمام!

الآن موضوع مُوجِب وسالب أو مُوجِبة وسالبة يُسمى كيف القضية، أي الــ Quality الخاص بالــ Proposition، كيف القضية! هذا الكيف، وسنأخذ شيئاً آخر اسمه كم القضية، أي الــ Quantity الخاص بالــ Proposition، فهذا  الــ Quality الخاص بالقضية، وهناك الــ Quantity، سوف نرى فيما بعد! فإذن لو قال لك أحدهم قسِّم لي القضايا باعتبار الكيوف أو الكيف ماذا سوف تقول؟ سوف تقول له المُوجِبة الحملية، السالبة الحملية، المُوجِبة المُتصِلة، السالبة المُتصِلة، المُوجِبة المُنفصِلة، والسالبة المُنفصِلة، أي الستة الأقسام، هل هذا واضح؟ هذا باعتبار كيف القضية!

الآن نُريد أن نُوضِّح أجزاء القضية الشرطية، وهذا سهل! نحن رأينا في الأول أجزاء الحملية، ما أجزاء الحملية؟ كم جُزءاً لها؟ ثلاثة، الطرف الأول الموضوع، الطرف الثاني المحمول، وبينهما الرابطة التي تحكي العلاقة، النسبة بينهما! الموضوع قلنا يُسمونه ماذا؟ الــ Subject، المحمول الــ Predicate، والرابطة الــ Copulas، هذه أجزاء الحملية، هذا واضح! أجزاء الشرطية أيضاً ثلاثة، أجزاء الشرطية ثلاثة! المُقدَّم، التالي، والذي بينهما وهو النسبة أيضاً أو الرابطة، نفس الشيئ! المُقدَّم والتالي، وبينهما الرابطة أو النسبة، لو دقَّقنا النظر أو أنعمنا النظر سوف نرى الآتي في القضية المُنفصِلة، مثل ماذا المُنفصِلة؟ أي مثل ماذا الشرطية المُنفصِلة؟ العدد إما أن يكون زوجاً أو فرداً، أليس كذلك؟ هذه المُوجِبة المُنفصِلة، والسالبة المُنفصِلة مثل ليس المعدن إما أن يكون ذهباً أو فضةً، يُمكِن أن يكون كوبلاً أو رصاصاً أو نحاساً أو قصديراً، يُوجَد خمسون ألف معدن عندنا، أليس كذلك؟ لا يُمكِن أن تقول لي المعدن إما أن يكون ذهباً أو فضةً، هذا غلط! أليس كذلك؟ المعنى غلط، فهذه لابد وأن تنفيها، ومن ثم ستصير سالبة مُنفصِلة، ليس المعدن إما أن يكون ذهباً أو فضةً، يُمكِن أن يكون حديداً، أليس كذلك؟ فهذه سالبة مُنفصِلة.

لاحظ أنت في كلا نوعي المُنفصِلة – المُوجِبة المُنفصِلة والسالبة المُنفصِلة – الآتي، يُمكِن أن يكون المُقدَّم تالياً والتالي يكون مُقدَّماً طبعاً، لذلك كان الأدق ألا يُسمى جُزءاها بالمُقدَّم والتالي، لكن المناطقة فعلوا هذا، حملاً لها على نظيرتها المُتصِلة، قالوا هاتان أختان أو ابنتا عم، وكل هذا شرطي، فهيا نُسميه مُقدَّماً وتالياً، لكن الحقيقة إذا وضعت هذا مكان هذا وهذا مكان هذا فلن يُؤثِّر هذا الوضع، أي قل زوجي فردي وفردي زوجي أو ذهب فضة وذهب فضة ولن يُؤثِّر هذا بالمرة، أليس كذلك؟ بخلاف المُتصِلة، المُتصِلة فعلاً فيها المُقدَّم والتالي، أليس كذلك؟ فيها المُقدَّم والتالي، إذا طلعت الشمس فالنهار موجود، الآن هذا معروف، لأن هذا مُرتَّب على هذا، تُوجَد علاقة علية واضحة، أليس كذلك؟ هذا مُقدَّم وهذا تالٍ، فالآن لو سمعت بشكل عام بالمُصطلَحات هذه – موضوع ومحمول، مُقدَّم وتالٍ – سوف تفهم ما الفرق بينهم، ما الفرق بينهم ببساطة؟ الموضوع والمحمول أجزاء القضية الحملية، المُقدَّم والتالي أجزاء القضية الشرطية بقسميها – مُتصِلة ومُنفصِلة – وبحسب الكيوف المُختلِفة، بغض النظر عن أنها سالبة أو مُوجِبة، جيد! هذا أيضاً كلام جميل وسهل، فدعونا منه، سنأخذ شيئاً آخر الآن، سنأخذ أقسام القضية، وهذا آخر شيئ في درس اليوم.

أقسام القضية، القضية تنقسم – وسنأخذ هذا في الدروس القادمة – انقسامات كثيرة، لكن باعتبارات مُختلِفة، أي بلحاظات مُختلِفة، من خلال معايير أو زوايا نظر مُختلِفة، لكن اليوم سنأخذ انقسام القضايا باعتبار الموضوع، ما التي فيها موضوع؟ الحملية، أليس كذلك؟ التي فيها موضوع هي الحملية، وهذا يعني أننا سنتكلَّم الآن عن أقسام القضية الحملية، هذا هو! هذا منطق، هو أصلاً يُعلِّم هذا، هذا المنطق! إذن أقسام القضايا أو القضية باعتبار الموضوع، وفهمنا أن الكلام سيكون عن القضية الحملية، لأن التي فيها موضوع – Subject – هي الحملية، هل هذا واضح؟

الآن نأتي إلى الموضوع، أنتم تعرفون الموضوع، الشمس طالعة، محمد رسول الله، عيسى كلمة الله، الكاذب لا يُفلِح، والصدق منجاة، هذه كلها قضايا حملية، أليس كذلك؟ لكن مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۩ قضية شرطية، أرأيتم؟ هذا هو، لابد أن تبدأوا في التطبيق فيما بعد، سوف تجدون أن هناك الكثير من القضايا الشرطية، وسوف تجدون أن هذا الكلام مُهِم جداً لمَن يُريد أن يتعمَّق حتى في العلوم الشرعية، مثل علم التفسير مثلاً، حتى في العقيدة مُهِم جداً، لماذا؟ مُستحيل أن تفهم تفسير الفخر الرازي أو تفسير الآلوسي – روح المعاني – من دون أن تفهم المنطق، سوف تصطدم كل صفحتين أو ثلاث بمُصطلَحات مثل هذه، يقول هذه قضية مُهمَلة، قضية شخصية، عكسها عكس مُستوٍ، هذا وليس بالعكس المُستوى، لن نفهم شيئاً، وهذا موجود كثيراً في كُتب التفسير، لأن العلوم تأسَّست هكذا، دخلت هذه في علوم المِلة، لابد أن تحذقها لكي تفهم، وإلا لن تفهم، حتى لو لم تُؤمِن بهذه الأشياء لابد أن تفهما قبل أن تردها، لا يُمكِن أن ترد شيئاً وأنت لا تفهمه، أليس كذلك؟ وإلا سوف يُسخَّف رأيك بعد ذلك، العلماء سوف يقولون لك أنت تتكلَّم عن شيئ وهتقول هو كذا وكذا ونحن لا نحتاجه وأنت لا تفهمه، لا يُمكِن هذا! لابد أن تفهمه في الأول، بعد ذلك لو عندك نقد تفضَّل به، قل لنا أين نقدك على هذه الأشياء، لكن كتبنا طافحة بهذه! كُتبنا الشرعية طافحة بهذه المُصطلَحات، هذا معروف وهم يتناقشون فيها، حتى في نقاشات الفرق – كالشيعة والسُنة والمُعتزِلة – يستخدمون المنطق كثيراً، وهو مُهِم جداً، سوف نرى كيف يحتج إخواننا الشيعة بأشياء قد تجد أنها مُقنِعة جداً جداً لكنها منطقياً فاشلة مثلاً، ونحن في بعض المرات نحتج بأشياء لكنها منطقياً فاسدة، هذا بالمنطق! حين تُحاكِم الاستدلال إلى المنطق أنت تُزِنه بميزان الذهب، أما ترضى أن تكون بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، قالوا ها هو أثبت له جميع منازل النبوة إلا أن يكون نبياً، ومن منازل هارون منزلة الخلافة، قالوا هذا دليل، وهو دليل قوي! لكن سوف ترى رده منطقياً، هذا دليل فارغ، لكن كيف؟ منطقياً، بالمنطق – بالــ Logic – سوف ترى كيف، لابد أن تفهم المنطق في البداية، بعد ذلك حين نأتي إليه سوف نرى كيف نُطبِّق هذه الأشياء عليه، هذه هي!

يقولون لك – مثلاً – لا يعلم الغيب إلا الله والرُسل، لأن الله قال إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ ۩، لم يقل ولي صالح، لكن هذا غلط، هذا الاستدلال غلط منطقياً، والأولياء يعرفون الغيوب بتعريف الله لهم، غلط استدلالك، افهم المنطق في الأول، وإلا هذا صعب! لذلك العلماء وأهل المتانة في العلم يعرفون هذه الأشياء ويُناقِشون فيها ويفهمون كلام بعضهم البعض أيضاً، الذي لا يفهم يذهب إلى الخارج، أي Outside، هذا لا يفهم شيئاً ومن ثم نقول له اذهب إلى الخارج، فأنت لا تفهم شيئاً وتتكلَّم، هذه أشياء دقيقة.
سوف نرى أقسام القضية باعتبار الموضوع، وهو الــ Subject، الموضوع يا إخواني باختصار من جهة أولية لكي نُبسِّط إما أن يكون جُزئياً حقيقياً وإما أن يكون كُلياً، ونحن أخذنا ما الجُزئي وأخذنا ما الكُلي، فلو قلنا القاهرة عصمة مصر سيكون هنا الموضوع جُزئياً أو كُلياً؟ أولاً ما الموضوع هنا؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور القاهرة، فأكَّد الأستاذ الدكتور على أنه القاهرة، ثم سأل هذا جُزئي أو كُلي؟ فقال المُجيب جُزئي، فقال فضيلته طبعاً جُزئي، لا يُمكِن غير هذا، هذا شيئ مُتشخِّص ولا يُوجَد غيره، القاهرة لا يُوجَد غيرها، أليس كذلك؟ وقلنا لو وُجِد غيرها سوف يُنسَب، سيُقال قاهرة – مثلاً – طوكيو وقاهرة مصر، انتهى! هذا جُزئي، محمد رسول الله، ماذا عنها؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور جُزئي، فأكَّد الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم على أنه جُزئي، ثم قال هذا الرجل كريم، ماذا عن هذه الجُملة؟ فقال أحد الحضور أيضاً إن هذا جُزئي، فأكَّد فضيلته على أنه جُزئي، ثم قال أليس كذلك؟ وهكذا! إما أن يكون جُزئياً حقيقياً كهذه الأشياء، وإما أن يكون كُلياً، فإن كان كُلياً استطعنا أن نُميِّز ثلاثة أنواع من القضايا، لكل نوع اسم مخصوص، وهكذا نكون قسَّمنا القضية باعتبار الموضوع.

القضية باعتبار الموضوع تنقسم – اكتبوا هذا – إلى جُزئية وكُلية، هكذا في الأول! والكُلية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هذه جُزئية وهذه كُلية، هذه الجُزئية نُسميها ماذا أيضاً؟ شخصية، قضية Personal، أي شخصية، أو Singular، أي فردية، بمعنى جُزئية، يُسمونها ماذا؟ جُزئية أو شخصية، والكُلية تنقسم إلى طبيعية، مُهمَلة، ومحصورة، والمحصورة تنقسم إلى قسمين، إلى جُزئية، وكُلية.

لكي لا نُخربِط الآن أو لكي لا تختلط عليكم الأمور دعونا نتفق على تسمية الأولى شخصية، حتى لا نُخربِط! لأن هنا أيضاً تأتي جُزئية، وسوف تخلط هذه بهذه، لذا لن نُسميها هكذا، دعونا نُسمي هذه الــ  Singular أو الــ Personal شخصية، إذن عندنا اشخصية، بعد ذلك عندنا طبيعية، عندنا مُهمَلة، وعندنا محصورة بقسميها، جُزئية وكُلية، هكذا سيكون هذا أدق لنا!

نأتي إلى الشخصية، كما قلنا هي جُزئية، جُزئية حقيقية! الموضوع جُزئي حقيقي هنا، محمد رسول الله، القرآن كلام الله المُنزَّل على خاتم النبيين وما إلى ذلك، هذه قضية جُزئية أو شخصية، قضية شخصية أو فردية، هذا واضح! القرآن ليس فيه إلا هذا الكلام المُعجِز، أليس كذلك؟ كلام رب العالمين الموصوف بهذه الصفات فعلاً! واضح أن المناطقة لا يُعنون ولا يهتمون بالقضايا الشخصية، ليس لهم علاقة بها، لماذا؟ المنطق أصلاً أتى لماذا؟ لماذا المنطق – أي الــ Logik بالألمانية أو الــ Logic بالإنجليزية – كان؟ لماذا أتى العلم هذا؟ ما الذي نُريد منه؟ هو آلة – كما قلنا – لكي نُميِّز باستخدامها الصحيح من الغالط، أليس كذلك؟ أي لابد أن يكون هناك اشتباهاً، لابد من موارد فيها اشتباه وما إلى ذلك، هل القضايا الشخصية فيها اشتباه؟ لا يُوجَد أي اشتباه، لا يُوجَد! أليس كذلك؟ لو سيكون فيها كلام وما إلى ذلك لابد أن يكون هذا بمُناقَشة الحمل الذي فيها والأشياء التي مثل هذه، فهل فعلاً القاهرة عاصمة مصر؟ نعم، مُتواتِر أنها عاصمة مصر، هل فعلاً القرآن كلام الله كما يعتقد المُسلِمون؟ اذهب وناقش اللاهوتيين في هذه المسألة وليس المناطقة، أليس كذلك؟ لكن اعتقاد المُسلِمين أنه كلام الله المُنزَّل بالتواتر وما إلى ذلك، انتهى! المنطق ليس له علاقة بهذا، أليس كذلك؟ هنا تأتي علوم بحيالها، كل علم يتكلَّم في قضيته، لكن من جهة البناء المنطقي الصوري – الــ Formal – سيقول لك المنطق لا، أنا لا أقدر عل أن أُقدِّم لك شيئاً، أليس كذلك؟ اذهب واسأل المُتنازِعين، اسأل أهل العلم في هذا التخصص، أليس كذلك؟ فهنا المنطق ينسحب، هذا صحيح!

إذن القضايا الشخصية ليست من اهتمام علم المنطق، أرأيت؟ هذا دقيق، لابد أن تُميِّز مسائل العلم من المسائل الدخيلة، هناك أُناس يُدخِلون مسائل ويقولون هذا منطق، لكن هذا ليس منطقاً، المنطق لا يهتم بهذه المسائل، هو صنَّفها لك وقال هذه ليست من اهتماماتي وأنا غير مُطالَب بها، لا أتكلَّم فيها، يتكلَّم فيها كل علم بحياله، هذا صحيح ومضبوط!

نأتي الآن إلى الكُلية بأقسامها الثلاثة، أولاً الطبيعية، علماً بأن الطبيعية والمُهمِلة ستكونان سهلتين عليكم، لماذا؟ لأننا درسناهما في أقسام الحمل حين أخذنا الحمل الأولي والحمل الشائع، إذن الآن حين نستذكر ما هو الحمل الأولي وما هو الحمل الشايع سنكون بضربة واحدة أنهينا الطبيعية والمُهمَلة، ومن ثم سنأتي إلى المحصورة، واهتمام المنطق في الحقيقة فقط في المحصورات، سوف نرى لماذا وسوف نُبرِّر هذا.

نأتي إلى الطبيعية، التي هي القسم الأول من أقسام الكُلية الثلاثة، فهي لها ثلاثة أقسام! نحن قلنا حين تحدَّثنا يا إخواني عن الحمل الأولي إن هذا الحمل يُراعى في ماذا؟ يُراعى في المصاديق والأفراد أو الكُلي بما هو الكُلي؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور الكُلي بما هو كُلي، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، بطبيعته يُراعى في الكُلي بما هو كُلي، بغض النظر عن مصاديقه وأفراده، لا نهتم بهم نحن أبداً، لا ننظر إليهم! ننظر إلى ماذا؟ إلى الكُلي بما هو كُلي، هل هذا واضح؟ فإذا قلنا – مثلاً الحيوان جنس والإنسان نوع والناطق فصل والضاحك خاصة – أنتم تفهمون كل هذه المُصطلَحات المنطقية وأنتم درستموها، أليس كذلك؟ هل هذا مضبوط؟ – هل سيكون الحُكم هنا على الأفراد؟ لا يُوجَد فرد جنس، لا يُوجَد فرد نوع، لا يُوجَد فرد فصل، ولا يُوجَد فرد خاصة، فلا يُمكِن أن يُحكَم على هذا هكذا، لأن هذا لا يُوجَد! وإنما يُحكَم على ماذا؟ على المفهوم بما هو هو، المفهوم الكُلي! أي بطبيعته، بطبيعته هو هكذا! هذا جنس، هذا نوع، هذا فصل، هذا خاصة، هذا صحيح! فهذه يُسمونها القضايا الطبيعية.

لو دقَّقنا الآن – وهذه مسألة مُهِمة جداً في درس اليوم – سنجد الآتي، القضايا الطبيعية من هذا النوع – ونحن فهمناه، هي الحمل الأولي، هي من قضايا الحمل الأولي وليس الحمل الشائع أو الشايع – لها فعلاً قوة تعميم القضايا الكُلية أو هي في قوة القضايا الفردية؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور إنها في قوة تعميم القضايا الكُلية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لا، بالعكس! في قوية القضايا الفردية، كيف تُعمِّم وأنت لا تُلاحِظ الأفراد بالمرة أصلاً، فأنت كأنك لاحظت فرداً واحداً، وهو فرد أفلاطون Plato، أي الــ Ideal، المثال! أليس كذلك؟ وحكمت عليه، انتهى! فقط هو هذا، انتبه فهذا ما قرَّره المناطقة في كل العصور، قالوا القضايا الطبيعية في قوة قضية جُزئية، في قوة قضية شخصية أو فردية، لأنك لا  تُلاحِظ الأفراد وأعدادهم، لا تُلاحِظهم أبداً، لا يدخل معك هذا في الاعتبار! لذلك أيضاً القضية الطبيعية ليست من اهتمام المنطق، المنطق لا يهتم بها، قال أنا لا أهتم كثيراً بهذه، لا أهتم بها ولن أتكلَّم عنها.

دروسنا القادمة – بل من اليوم حتى – ستصير في المحصورات، وسوف نرى لماذا، الآن بقيت المُهمَلة، أي القضية المُهمَلة، لماذا سموها المُهمَلة؟ سوف نرى، القضية المُهمَلة هي قضايا الحمل الشائع، قضايا الحمل الشائع وليس الحمل الأولي، الحمل الشائع ما هو؟ يُلاحَظ فيه الكُلي، موجود الكُلي! سوف نقول الإنسان، هذا صحيح، سوف نقول الإنسان، وهذا لفظ كُلي، هذا صحيح، سوف نقول الكتاب، الكذا، أليس كذلك؟ سوف نقول العلم او أي شيئ كُلي، لكنه لا يُلاحَظ بما هو هو، إنما يُلاحَظ على أنه عنوان يحكي ماذا؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور صفات مصاديقه، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، صفات مصاديقه أو أفراده، لذلك يُسمونه العنوان والمُعنوَن، العنوان والمُعنوَن في المنطق! أي نأتي بالكُلي لا لنحكم عليه بما هو هو – شرحت لكم هذا وأتينا بأمثلة كثيرة ورأينا كيف كان التهافت وكيف نُجيب عنه، أليس كذلك؟ وعرفنا ما المُجمَل والجُزئي والكُلي، وعرفنا كيف أجبنا عن كل هذا، تكلَّمنا عن هذا من قبل، في مرتين تكلَّمنا عنه، لأنه مُهِم جداً ودقيق – وإنما ليُجَعل فقط عنواناً حاكياً عن أفراده، إذن يُؤتى بالكُلي لا ليُحكَم عليه بما هو كُلي – أي كما في الطبيعية، لا – وإنما يُجَعل فقط عنواناً حاكياً عن أفراده، عن مصاديقه! ما أحوالهم؟ ما قصصهم؟ ما حكياتهم؟ ما وضعهم؟ ما صفاتهم؟ أي ما الــ Attributes الخاصة بهم؟ وما كذا وكذا؟ هذا صحيح! هل هذا واضح؟ مثل الإنسان كائن جاحد، هذا غير الإنسان حيوان ناطق، كائن جاحد! الإنسان كائن جاحد، تجد من أحوال الإنسان الجحود، الإنسان جاحد على قدمين، مَن الذي عرَّفه هكذا؟ ذكرت هذا في رمضان، أليس كذلك؟ في دروس التفسير ذكرت هذا، قال الإنسان جاحد على قدمين، أي الكائن الجاحد على قدمين، دوستويفسكي Dostoyevsky هو القائل، قال هذا الجاحد الأكبر، هذا جاحد على قدمين، ويُمكِن أن يُفسِد أي شيئ قد يكون كاملاً – Perfect – فقط لكي يُثبِت لك أنه يقدر على إفساده، قال هو هذا، هذا الإنسان! رهيب هذا الرجل، أعني دوستويفسكي Dostoyevsky، هذا ليس في المنطق، لكن هذا جيد، المُهِم هو الآتي، الإنسان جاحد على قدمين، أليس كذلك؟ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۩، الإنسان ضعيف أمام أهوائه، أرأيت؟ نقول الإنسان، وهل في الحقيقة فعلاً كل إنسان هو هكذا؟ هل أنت هكذا؟ هل محمد – صلى الله عليه وسلم – هكذا؟ هل عيسى هكذا؟ هل كل الناس جحدة؟ وهل كل الناس في خُسر؟ لا، لذلك هذه القضايا – انتبه – مُهمَلة، سوف تقرأ في روح المعاني وغيره مَن يقول هذه قضية مُهمَلة، يذكر قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۩، ثم يقول هذه قضية مُهمَلة، انتبه! لا تأخذها ثم تقول هذه كذا وكذا، لا! منطقياً هذه قضية مُهمَلة، ما معنى أنها قضية مُهمَلة؟ الحمل فيها حمل شائع بالمعنى الذي شرحناه – انتبه – والآن خالية – لذلك سُميت مُهمَلة، خالية هذه القضية مما يُبيِّن مدى انطباقها، على كم تنطبق؟ هل تنطبق على نصف الناس أو على كل الناس أو على بعض الناس دون بعض؟ غير مذكور، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۩، كم منهم في خُسر وكم منهم ليسوا في خُسر؟ الله أعلم، هل هذا واضح؟ لذلك سُميت مُهمَلة لخلوها من ماذا؟ من رائز أو من دليل – دعونا نقول شيئاً بسيطاً – يُبيِّن مدى انطباقه كمياً، أي ينطبق على كم؟ هل تنطبق على كل الناس أو على بعض الناس أو على الناس قاطبة؟ هذا غير واضح فيها، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۩! أرأيت؟ الإنسان جاحد على قدمين، الإنسان ضعيف أمام أهوائه، والإنسان ضعيف – يُقال هكذا – أمام بريق الذهب والفضة مثلاً، هذه قضية مُهمَلة، لا تقدر أن تقول غير هذا، بعد ذلك دع العلوم تأتي وتتكلَّم هنا وسوف تصير هذه قضايا ثانية في هذه المسألة، هل هذه واضحة؟ واضحة على ما أعتقد، هذه يُسمونها القضية المُهمَلة.

هل القضية المُهمَلة سيهتم بها المنطق أو لن يهتم؟ لن يهتم، لماذا؟ هل تعرفون لماذا؟ لأنها في نهاية المطاف ستصير في قوة قضية جُزئية، ونحن سنرى أن المنطق يهتم فقط بالمحصورات، والمحصورات جُزئيات وكُليات، وبما أن المُهمَلة في قوة قضية جُزئية فإذن هذا يعني أننا سنهملها ونهتم بالجُزئية، ستقولون لي اثبت لنا وبرِّر لنا كيف تكون المُهمَلة في قوة قضية جُزئية؟ هي في قوتها طبعاً، الآن حين نقول سيد القوم خادمهم هي قضية مُهمَلة طبعاً، أليس كذلك؟ قضية سيد القوم خادمهم مثل قضية إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۩، لأن سيد القوم لفظ كُلي، أليس كذلك؟ يُمكِن لأي أحد فيكم أن يكون سيد قوم، هذا لفظ كُلي، أي هذا General term، وهذا اللفظ الكُلي حملنا عليه هذا المحمول وهو خادم قومه، لكنكم ستجدون سادة لا يخدمون أقوامهم، يأكلونهم أكلاً ويذبحونهم أكلاً، هذا هو طبعاً، مثل سادة العرب اليوم، هل هؤلاء خدّام لنا؟ مُستحيل، من أيام مُعاوية لم يصر سيد القوم خادمهم، عمر كان خاد القوم – نعم – وهو سيدهم، أليس كذلك؟ مُعاوية لم يكن خادم القوم، كان آكل القوم، وإلى اليوم – ما شاء الله – استمرت الحكاية، فهذا – مثلاً – ليس شرطاً، سوف تجدون هذا! لكنكم سوف تقولون لا يا أخي، في الحقيقة بعض سادة القوم خدم لهم وبعضهم ليسوا خدماً لهم، إذن هي في قوة قضية جُزئية، سواء أثبتم أو نفيتم ستظل دائماً في قوة قضية جُزئية، هذا صحيح! وهذا معنى قول المناطقة المُهمَلة في قوة الجُزئية، هذا صحيح، المُهمَلة لابد أن تكون في قوة الجُزئية، لذلك بعض الإنسان خاسر وبعض الإنسان ليس بخاسر، وبعض الإنسان جاحد وبعض الإنسان ليس جاحداً، إذن المُهِملة في قوة قضية جُزئية، لا تُخوِّفونا بقولكم هذه قضية مُهمَلة، ما معنى هذا؟ معنى هذا أنها في قوة جُزئية، سنُعامِلها كُجزئية، فدائماً ضعوا هذا أمامكم ونصب أعينكم، المُهمَلة دائماً تُعامَل في قوة قضية جُزئية، ومن ثم ستصير المسألة سهلة، ستصير سهلة وسنفهمها، لن تُخربِطنا!

نأتي الآن إلى القضية المحصورة – والتي تنقسم إلى جُزئية وإلى كُلية، وقلنا لا اعتبار إلا بالمحصورات، هذه Definite proportion، يُسمون هذه القضية الــ Definite، فهي المُحدَّدة أو المُعرَّفة – أو المُسوَّرة، اسمها الأول المحصورة، واسمها الثاني المُسوَّرة، فهي لها اسمان، يُسمونها المحصورة أو المُسوَّرة، المُسوَّرة من لفظة سور، ما المقصود بسور؟ سور القضية، سنأخذ هذا اليوم، أي الــ Mark، يُسمونه الــ Mark بالإنجليزية، الــ Mark! الــ Mark هو السور، مثل سور البلد أو سور الحديقة، هذه مُسوَّرة، أي قضية مُسوَّرة، وسوف نفهم لماذا؟

هذه القضية المحصورة منها جُزئي ومنها كُلي، هل تعرف ما هي؟ مثل المُهمَلة تماماً، لكن مع فارق واحد، أرأيت كيف هي المُهمَلة؟ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۩، وسيد القوم خادمهم، هذه المحصورة مثلها، لكن تفترق عنها – وهذا فرق كبير وهو الذي ميَّزها وجعلها موضع نظر وعناية المناطقة أو المنطقيين – في شيئ، ما هو؟ أنها تنقسم إلى قسمين، في كل قسم يبين لدينا ويضح لدينا العدد الذي تنطبق عليه، أعني الكم بشكل عام، ليس العدد – بمعنى عشرة أو عشرين – وإنما الكم، الكم الذي تنطبق عليه، فيُقال – مثلاً نفترض – بعض الناس مُتخصِّصون في تنظيف المدينة، وبعض أهل المدينة مُتخصِّصون في الطب البيطري مثلاً، هذه يُسمونها ماذا؟ محصورة، لكن جُزئية! بعض الناس أو طائفة من الناس أو عدد من الناس أو أكثر الناس، وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ۩، اتضح أن هذه قضية ماذا؟ محصورة جُزئية، هذه قضية جُزئية، أرأيت؟ لكنها سالبة، أليس كذلك؟ ليست مُوجِبة، هذه سالبة – وَمَا أَكْثَرُ ۩ – لكن جُزئية، لم يقل ما كل، مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ، هذه كُلية، هذا صحيح! محصورة – مُحدَّدة Definite – هذه، لكن هذه كُلية وهي سالبة، مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ، وسوف نرى عكسها بعد ذلك في العكوس، إلى آخره! 

فهذا هو، إذا رأيت كُل أو جميع أو كُل أحد أو كُل واحد – إلى آخره – فهذه ستكون محصورة كُلية، إذا رأيت بعض أو مُعظَم أو أكثر أو أغلب أو غالب أو كأين من أو بعض رُب – إلى آخره – فهذا سيعني أنها جُزئية، بعض رُب، لابد أن تفهم حتى الشعر بالمنطق، رُب! وَلَرُبَّ نَازِلَةٍ يَضِيقُ لَهَا الْفَتَى ذرعاً، ليس كل نازلة، قال وَلَرُبَّ نَازِلَةٍ ، هذا هو فعلاً، أليس كذلك؟ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ۩، أي بعض الأنبياء أو جماعة منهم، ليس كل الأنبياء، قال وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ ۩، أرأيت؟ هذه الألفاظ لا تذكرها كُتب المنطق بالمُناسَبة لكن لابد وأن نذكرها نحن لكي نفهم، لكي نفهم اللُغة والنص الديني والأدبي بالمنطق أيضاً، كأين من أو رُب أو كائن لك، كائن لك هذه لُغة صعبة جداً، هذه مُهمَلة الآن، أصبحت كالمُهمَلة! نقول كائن لك، هذه مثل كأين، إلى آخره! كل هذه ستكون جُزئية، هل فهمنا؟ فالمحصورة كالمُهمَلة، لكن تميَّزت عنها بشيئ مُهِم جداً جداً، وهو أن مذكوراً فيها السور، لها سور! هذا السور نتعرَّف بها على الكم الذي تنطبق عليه، هل تنطبق على كل أحد فهي كُلية أو على البعض وليس على الكُل فتكون جُزئية؟ لذلك لكي نفهم المحصورة هذه والتي هي كما قلنا – نقول هذا الآن للمرة الثالثة أو الرابعة – محط أنظار المناطق ومحل عنوهم واهتمامهم، المناطقة لا يهتمون إلا بالمحصورات، هل هذا واضح؟ لا تهتمهم لا الشخصية ولا المُهمَلة ولا الطبيعية، تهمهم المحصورة بقسميها، لذلك يتكلَّمون عنها دائماً.

الآن نختم الدرس بالسور، أي الــ Mark، سور القضية، أي الــ Mark الخاص بالــ Proposition، سور القضية! أي قضية؟ المحصورة، الكلام الآن في المحصورات، هل هذا واضح؟ سوف نرى المُوجِبة الكُلية، لأن يُمكِن أن نُقسِّم أيضاً المحصورات باعتبار الكيوف أو الكيف، ما الكيف؟ مُوجَب وسالب، ألم نقل هذا؟ مُوجِب وسالب، ومن ثم سيصير عندنا كم قسماً؟ أربعة، أليس كذلك؟ هذا هو! هذه القضايا يهتم بها المنطق بدرجة أولى، عندنا مُوجِبة كُلية، سالبة جُزئية، مُوجِبة جُزئية، وسالبة جُزئية، فقط! سنأخذ أربعة أنواع من الأسوار، أسوار هذه وهذه وهذه وهذه، ومن ثم سننتهي من درس اليوم، هذه المُقدِّمات مُهِمة، ودرس اليوم مُهِم لما سيأتي فيما بعد، وسوف نفهم القضايا والعكوس، فلكي لا تدخل الأشياء في بعضها لابد وأن نفهم المُصطلَحات جيداً، هذا واضح وكل شيئ بسيط والحمد لله، لا يُوجَد شيئ مُعقَّد، كل الأشياء بسيطة، لكن لابد وأن تُراجِعها لكي تُموضِعها – إن شاء الله – في ذهنك.

المُوجِبة الكُلية مثل ماذا؟ كُل، السور الخاص بها كُل، أينما وجدت قضية فيها كُل فاعرف أنها القضية التي ذكرناها، وكذلك الحال مع جميع، كُل أحد، كُل واحد، قاطبةً، ولام الاستغراق، إلى آخر الألفاظ هذه التي تدل على العموم، هل هذا واضح؟ أي على الشمول، يُقال شامل، ما معنى أنه شامل؟ أنه عام General، الشامل هو العام، أو يُسمونه الكُلي، انتبه ولا تُخربِط، هناك أُناس يُخربِطون، هناك أُناس يكتبون في الفلسفة والواحد منهم – والله – لا يُميِّز، يظن أن الشامل هو المُطلَق والمُطلَق هو الكُلي، وهذا غير صحيح، يُوجَد فرق! الكُلي والعام والشامل شيئ واحد، كل هذه الأشياء حطها على بعضها، نفس الشيئ! أسماء لمُسمى واحد، لكن المُطلَق شيئ مُختلِف، المُطلِق غير العام، انتبه! ليس غيره فقط في علم أصول الفقه وإنما في المنطق والفلسفة أيضاً، المُطلِق غير العام، لكنهم يُخربِطون ويضعون هذا مع هذا، وهذا غير صحيح! لكن تقدر على أن تقول هذه كُلية، تقدر على أن تقول هذه شاملة، تقدر على أن تقول هذه عامة، أي Universal، هذا صحيح، نفس الشيئ! هذا الشيئ نفسه، لأنها مُصطلَحات لمُسمى واحد.

بعد ذلك السالبة الكُلية، وهذه طبعاً سهلة، مثل لا أحد، لا واحد، ليس كُل، ما كُل – مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ، لا يُوجَد كا كل، لا يُوجَد كا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ -، وإلى آخره، انف هذه الأسوار، وسوف يصير عندك الأسوار السالبة الكُلية، هذه عملية سهلة، هذه سهلة جداً!

الآن سنأخذ المُوجِبة الجُزئية، هذه جُزئية ومُوجِبة، من غير نفي! مثل ماذا؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور بعض، فأكَّد الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم على صحة الإجابة ببعض، وقال قبل قليل قلناها! بعض، فريق، طائفة، كأين، رُب والتي بعدها – رُب كذا أو كذا، رُب ليلة سهرت فيها وأعقبتها ندامة، رُب ليلة! ليس كل الليالي، أليس كذلك؟ -، وإلى آخره، كل هذه الألفاظ تدل على الجُزئية وليس على العموم.

بعد ذلك بالمُناسَبة عندنا – هذا خطر لي اليوم وأنا في طريقي إليكم – في السالبة الكُلية النكرة في سياق النفي، طبعاً عندنا هذا، النكرة في سياق النفي تعم، أليس كذلك؟ ستقول لي ماذا عن النكرة في سياق الشرط؟ وسأقول لك هذه ليست حملية، انتبه ولا تُخربِط، النكرة في سياق الشرط ستكون قضية مُنفصِلة أو مُتصِلة، لكن الكلام في الحملية، فلا تُخربِط وتأخذ ببعض الأصول، لكن النكرة في سياق النفي – نعم – تعم، ائت بها، عادي! ليس عندنا مُشكِلة، لكن في سياق الشرط إياك أن تأتي بها، مع الشرط ستُدخِلنا في المُتصِلة والمُنفصِلة.

بعد ذلك السالبة الجُزئية، مثل ماذا؟ ليس بعض، ليس كذا، لا كــ، ما كــ، وإلى آخره! كلها تدل على سلب هذه الأسوار، والحمد لله رب العالمين.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: