إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه سبحانه ومُخالَفة أمره لقوله سبحانه من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – جل مجده – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۩ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ۩ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ۩ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ۩ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ ۩ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ۩ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ۩ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ۩، كنا ألمعنا وأشرنا إلى هذه الآية الجليلة في الخُطبة السابقة على أنها واحدةٌ من الآي اللاتي تُشير وتُؤكِّد وتكشف عن أن البشر هم الذين يصنعون مصائرهم وأقدارهم بأمر الله وبإذن الله – تبارك وتعالى – وأنهم ليسوا أُلعوبة في يد الأقدار الغلّابة وليسوا ريشاً في مهاب الرياح، ومن هنا تقرّر المسئولية الكاملة في الدنيا قبل الآخرة، في الدنيا البشر مسؤولون عما يُنجِزون ويُنتِجون من مظاهر الخير والشر، النجاح والفشل، الاقتدار والعجز، هذا في الدنيا، قال تعالى لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ۩، أما في الآخرة فالأمر واضح بيّن، الفساد المذكور في هذه الآية وفي نحوها من الآيات الأُخر لا يعني كما قلنا غير مرة خصوص الفساد الأخلاقي فقط، بالعكس هو شاملٌ ضامنٌ جامعٌ لصنوف وتلاوين الفساد السياسي والإداري والعسكري والاجتماعي، حتى الثقافي والفكري والأدبي والفني والأخلاقي طبعاً بلا شك.

شُعيب – عليه الصلاة وأفضل السلام – اعتبر في الآية المشهورة وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۩ أن بخس الموازين وأكل أموال الناس بالباطل هو من مظاهر الفساد، والفساد في أبسط وأوضح تعاريفه أو تعريفاته هو ألا يقوم الشيئ سواءٌ أكان هذا الشيئ آلةً أو نظاماً – System كامل أو آلة Machine حتى واحدة – أو عضواً حياً أو حيوياً أو فرداً كائناً مُتعضياً – Organism – بوظائفه التي صيغ وصُنِعَ وأُبدِعَ لأجل إنجازها، يُقال فسد، فسد العضو، فسدت صحته، فسدت المُؤسَّسة، فسد الرئيس، فسد المرؤوس، فسد النظام، هذا هو الفساد في أوسع وأوضح وأجلى تعريفاته!

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ۩، لو تُرِكَت الأمور على هينتها تمشير وتسير على هينتها لكانت صالحةً في الحدود الدُنيا، لكن البشر خليفة الله، وإنما استُخلِفَ لعمارة هذه الأرض، لكي يبلغ بهذه الحدود الدُنيا من الصلاح إلى آخر آمادها المُمكِنة، هذه وظيفة الإنسان، فإذا عكس الآية وصار مُضطلِعاً بمُهِمة إبليسية – وهذه مُهِمة إبليسية – وهي أن يُفسِد ما أصلح الله وأن يُفسِد ما خلقه الله – تبارك وتعالى – لتنمية لياقاته وصلاحياته إلى آمادها الأقصى إذن هذا الإنسان فسد أن يكون خليفة، فشل في أداء دوره، وسيُحاسَب ويُحاقَق على هذا – مرة أُخرى – في الدنيا قبل الآخرة.

اليوم نعيش كمُسلِمين في تخلف، وبين مُزدوَجين أو بين ظفرين كما يقول إخواننا (أعتقد أن آخر ما يُمكِن أن نُدعى للحديث المُسهَب فيه هو تخلف العرب والمُسلِمين)، هذه قضية معيشة، هذه قضية لا يُمكِن أن تُستهلَك على المنابر، سواء منابر الجُمعة أو منابر الصحافة والتلفزيون Television، نحن نعيش هذا التخلف، نتنفسه صباح مساء، ندفع أكلافه باهظةً، تئودنا وتُثقِلنا وتُدمِّرنا، دمَّرت حياتنا الفردية والمجموعية، ولكن حين يرى المرء نفسه مدفوعاً بعض اندفاعاً إلى أن يتحدَّث إنما يُريد فقط أن يُؤشِّر إلى المُفارَقات الهائلة، قد تجد مُسلِماً أو عربياً يُقرِّر بلا شك أننا أمة مُتخلِّفة حضارياً للأسف الشديد، تمدينياً أمة مُتخلِّفة، أصبحنا في ذيل القوافل، تقريباً الشعوب كلها أصبحت تسبق، سواء في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو الهند أو الصين فضلاً عن العالم المُتقدِّم أو المعروف بالعالم الأول، ونحن لا نزال في مُؤخَّرة أو مُؤخَرة القافلة، أصبحنا في ذيل الذيل، شيئ عجيب ومُحزِن جداً جداً، فهذا يعلمه الكل لكن – كما قلت – ربما لا يعلم بعضهم حجم هذا التخلف، يُقال لنا – مثلاً – الأمة المُسلِمة تعد الآن قُرابة مليار وثمانمائة مليون وهذا يُساوي تقريباً ربع سُكان المعمورة، هذه الأمة العظيمة في القرن العشرين المُتصرِم كم جائزةً من جوائز نوبل Nobel حصدت؟ اثنان مليار تقريباً، كم جائزة حصدت؟ عشر جوائز، الأمة المُسلِمة من عند أولها وآخرها حصدت عشر جوائز فقط، ولك أن تتخيَّل هذا!

طبعاً انتبهوا إلى أن عقلية الاعتذار – كما قلت في الخُطبة السابقة – تُساوي الانتحار، لا نُريد في هذه المجالات أن نُمعِن في الاعتذار، كأن يُقال طبعاً لأنها جائزة مُسيَّسة وجائزة وراءها القوى الفلانية، يُمكِن بلا شك أن تكون مُسيَّسة فيما يخص السياسة وهذا معروف، وتُعطى جوائز نوبل Nobel للسلام بالذات لأُناس أحياناً عليهم علامات استفهام كبيرة، مشاريعهم التي من أجلها أُعطوا جوائز نوبل Nobel عليها مئات علامات الاستفهام، هذا مفهوم، لكن لا يُمكِن أن تُسيَّس في العلوم، الذي يعرف كيف تُنتَج العلوم الآن والذي يعرف الدوائر العلمية وكيف تُبنى النظريات العلمية وكيف تُبرهَن وكيف تُدرَس وكيف تُراجَع تقريباً من أصعب الصعاب أن يقول جوائز نوبل Nobel في العلوم تُسيَّس، ليست مُسيَّسة، يأخذها الأجدر حقاً بغض النظر عن أي خلفيات دينية أو إثنية أو عرقية أو سياسية أو لغوية وإلى آخره!
للأسف الشديد في المُقابِل اليهود يعدون الآن زُهاء سبعة عشر مليوناً، كانوا طبعاً قبل ذلك أقل، سبعة عشر مليوناً إزاء مليار وثمانمائة مليون، سبعة عشر مليوناً كدولة عربية مُتوسِّطة، أي مُتوسِّطة تعداد السكان، كم جائزة حصدوا في القرن العشرين؟ زُهاء مائتي جائزة نوبل Nobel في كل العلوم والفنون التي تُعطى عليها جائزة نوبل Nobel، أكثر تقريباً من خمسين جائزة في الفيزياء، إذا قلنا فيزياء القرن العشرين هي فيزياء يهودية – إن أردنا هذه النظرة التي تصبغ كل شيئ وتُلوِّنه بلون الدين للأسف وهي نظرة طبعاً غير سليمة وغير صحيحة – لا نكون قد أبعدنا في التعبير، هذه فيزياء يهودية، علماً بأن هذه الفيزياء اليهودية في الأصل هي ألمانية طبعاً، مُعظَم هؤلاء الفيزيائيين العظام كانوا ألماناً هربوا من النازي، هذه كانت إحدى الأخطاء الكُبرى القاتلة، فعلاً التي قتلته وحطَّمته في النهاية ليفر مهزوماً في الحرب العالمية الثانية، هؤلاء العلماء – علماء الفيزياء اليهود الذين هربوا إلى العالم الجديد – بالذات هم الذين حسموا مصير الحرب العالمية الثانية، قبل ذلك بإسهامات بعض هؤلاء العلماء اليهود غيَّروا موقف العقليات المُتصلِّبة المُتشنِّجة المُتعصِّبة ضد اليهود، غيَّروها بإسهاماتهم، وسأُعطيكم مثالاً واحداً فقط!

اللورد بلفور Lord Balfour – إذا ذكرنا بلفور Balfour طبعاً فإن من الواضح أنه الذي قطع الوعد السيئ طبعاً لمَن لا يستحق، فمَن لا يملك أعطى مَن لا يستحق، سنة سبع عشرة وعد بلفور Balfour كان سنة ألف وتسعمائة وخمس هو الذي ناضل – أنا أذكر هذا في جلسات ولا أدري إن كنت ذكرته على المنبر أم لا، لا أُحِب أن أُكرِّر نفسي على كل حال – برلمانياً لإقرار قانون الغُرباء، في المملكة المُتحِدة UK، بلفور Balfour نفسه هو الذي فعل هذا، قانون الغُرباء قانون مُتحيِّز ضد اليهود، يُنادي بمنع وحد هجرتهم من أوروبا الشرقية إلى المملكة المُتحِدة، هذا اللورد بلفور Lord Balfour، ولذلك المُؤتمَر الصهيوني السابع جاهر بالسُخط وبالغضب الشديد على اللورد بلفور Lord Balfour، على أنه شخصية لاسامية حتى النخاع، عدو لليهود، عدو للساميين، لكن كيف؟ هذا في ألف وتسعمائة وخمس، في ألف وتسعمائة وسبع عشرة ما الذي جد حتى يُعطيهم ما أعطى؟ علماً بأنه سيُعرِّف نفسه على أنه صهيوني مُتشبِّع بالفكر الصهيوني، أنت كنت ضد اليهود أصلاً، أنت كنت رجلاً عنصرياً ضد اليهود، هل الآن أصبحت صهيونياً عريقاً؟ قال نعم، وقال عبارته الشهيرة اللورد بلفور Lord Balfour لقد صهينني الأسيتون Acetone، قال لقد صهينني الأسيتون، أي هذه المادة المشهورة، لماذا؟ لأن حاييم وايزمان Chaim Weizmann عالم الكيمياء اليهودي الشهير هو الذي توصَّل إلى آلية جديدة يُمكِن بها استخلاص واستنباط الأسيتون Acetone الصناعي، المُهِم جداً في صناعة بارود المدافع، وقد استخدمت المملكة المُتحِدة كميات هائلة ضمن لها التفوق بالذات في هذا الباب – المدفعية أو بارود المدافع – في الحرب العالمية الأولى، من سنة ألف وتسعمائة وأربع عشرة إلى سنة ألف وتسعمائة وثماني عشرة، بفضل ماذا؟ بفضل فكرة وإبداع حاييم وايزمان Chaim Weizmann صاحب كتاب التجربة والخطأ إن كنتم قرأتموه، هذا كتاب مُهِم ويذكر فيه طرفاً من هذا، فخدم خدمة كبيرة، طبعاً هذا بلفور Balfour الإنجليزي قال بغير فكرة الرجل هذا وبغير إبداع هذا الرجل ربما لم نكن لنكسب المعركة، لم نكن لنكون حيث نحن الآن، فتعاطف جداً مع اليهود وقال لقد صهينني الأسيتون Acetone!

الولايات المُتحِدة الأمريكية كسبت الحرب طبعاً وضربت اليابان بالقنبلتين اللعينتين في هيروشيما وناجازاكي، إذا عُدنا إلى مشروع مانهاتن Manhattan كله أو برُمته – مشروع القنبلة الذرية – فإن الأساس يعتمد على نظرية ألبرت أينشتاين Albert Einstein، بغيرها مُستحيل أن تكون هناك قنبلة نووية أصلاً، وهي ماذا؟ E = mc 2، أي E is equal to m c squared، هذه المُعادَلة أجمل مُعادَلة رياضية على الإطلاق وأبسطها، مُعادَلة خطيرة، هذه مُعادَلة ألبرت أينشتاين Albert Einstein، اليهودي الألماني الذي فر من النازي لعب دوراً هاماً، بعد ذلك هناك روبرت أوبنهايمر Robert Oppenheimer اللوذعي والعبقري الكبير الذي قاد المشروع وكان مُديره الأول يهودي، فأوبنهايمر Oppenheimer يهودي، إنريكو فيرمي Enrico Fermi العالم الفيزيائي الإيطالي الأصل هو الذي بنى أول مفاعل ذري بعبقريته ليكون أول فيزيائي في هذا العمر يحصل على جائزة نوبل Nobel، فأصغر فيزيائي حصل على نوبل Nobel في الفيزياء فيرمي Fermi، وفيرمي Fermi يهودي، وكذلك الحال مع ليو زيلارد Leo Szilard إلى آخر القائمة!
إذن هذا يعني أن الذي أنقذكم هم الأدمغة اليهودية، من هنا انعكست الآية بعد أن كان اليهود ملاعين في أوروبا هنا ويُذبَحون في كل مُناسَبة وبغير مُناسَبة، معروفة الاضطهادات التي كان يمر بها اليهود، كلما اجتاحت أوروبا جائحة وأصابتهم مُصيبة مثل طاعون أو غير طاعون يذبحون اليهود كقرابين، يقولون هم السبب، هؤلاء الملاعين هم السبب، عاشوا أياماً سوداً غبراء هنا في أوروبا طبعاً، وطبعاً هنا أيضاً بين مُزدوَجين أقول (هذا جحود هؤلاء الناس)، حين عاشوا بين ظهراني المُسلِمين في الشرق وفي الغرب – في الشرق العربي وفي الغرب الأندلسي – مُعظَم فتراتهم – إذا قلنا خمس وتسعين في المائة لا نُبالِغ وعن دراسة – كانوا مُعزَّزين مُكرَّمين، لم يُضطهَدوا، بالعكس كل المُستشرِقين الغربيين سجَّلوا مُلاحَظة مُثيرة، لماذا كانت هناك صدامات بين مُسلِمي الشرق وبين نصارى الشرق – أحياناً كانت كثيرة وهذا معروف حتى في مصر وغير مصر، كانت هناك صدامات تحدث – في حين أن الوضع كان على أحسن ما يكون في مُعظَم الأحوال على الإطلاق مع اليهود رغم أن القرآن يشتبك مع اليهود أكثر مما يشتبك مع النصارى؟ النبي محمد صاحب هذا الدين ومُؤسِّس هذا الدين العظيم اشتبك مع اليهود أكثر مما اشتبك مع النصارى، لماذا؟ هذا سؤال طبعاً وقد أجاب عنه هؤلاء المُستشرِقون، وهذا يُحسَب لصالح الإسلام، لكن اضطُرَ الغرب الأوروبي والأمريكي أن يُغيِّر موقفه من اليهود لما أثبتوا بالملموس جدارتهم العلمية وأنهم يُحتاج إليهم، وهذه عبارة هرتزل Herzl، وغير هرتزل Herzl حين أشار أنه ينبغي أن نعمل على تنمية أنفسنا وترقية أنفسنا بحيث يُحتاج إلينا، علماً بأن – الكلام ذو شجون ويجر بعضه بعضاً – هذا الذي يجعلني ولا أزال من سنوات طويلة لا أتعاطف كثيراً مع المعارك الوهمية التي لا أدري تُفرَض أم لا تُفرَض لكن معارك أنا أشك أنها تُرسَم بطريقةٍ ما لكي ينشغل بها المُسلِمون، معركة الحجاب ومعركة النقاب وكذا وكذا، وننشغل فعلاً ونشتغل سنوات، ليست هذه معاركنا، ليست هذه أدوارنا، أدوارنا الحقيقية أن نكون هنا مُواطِنين صالحين بنّائين إيجابيين يُحتاج إلينا، أليس كذلك؟ يُحتاج إلينا!

يُؤلِم جداً – وأنا عقدت خُطبة أعتقد بهذا العنوان وقبل أيام قرأناها في مقالة – أن يكتب عربي أو مُسلِم ماذا لو غاب العرب؟ ماذا لو غاب المُسلِمون؟ لا يتغيَّر شيئ في العالم، الآن بدأ يتبجَّح ويقول لك لو غاب العرب وغاب المُسلِمون يغيب الصداع، يغيب الإرهاب، يغيب هذا الصداع – Headache – المُزمِن للعالم، شيئ مُؤلِم جداً، هل نحن بالفعل كذلك؟ ينبغي أن نكون مُتحرِّجين جداً حين نُطلِق مثل هذه الكلمات!
على كل حال نعود مرة أُخرى إخواني وأخواتي لنقول مثل هذه النسب ومثل هذه الأرقام فقط تضع أصابعنا على حجم التخلف الذي نعيشه، سبعٌ وخمسون دولة مُسلِمة – طبعاً المُسلِمون يتوزَّعون على سبع وخمسين دولة تخصهم وهناك أقليات في دول أُخرى – حول العالم تمتلك ستمائة جامعة، طبعاً كم عدد الجامعات في الخمسمائة جامعة الأولى في العالم؟ في حين أن الولايات المُتحِدة الأمريكية USA تمتلك وحدها زُهاء ألف وتسعمائة وثمانين جامعة، شيئ مُقلِق ومُزعِج جداً جداً، هذا يعني أن قُرابة ملياري مُسلِم لديهم فقط ستمائة جامعة، ومُعظَمها – مُعظَمها طبعاً وليس كلها – جامعات مُتخلِّفة، مُعظَمها مُتخلِّفة ومعروف حال الجامعات العربية والمُسلِمة، في حين أن أمريكا وحدها تمتلك ألف وتسعمائة وثمانين جامعة، ما هذا؟ شيئ مُزعِج جداً جداً جداً!

ما تُنفِقه إسرائيل – هذه الدويلة الصغيرة – على البحث العلمي أكثر من مجموع ما تُنفِقه ثنتان وعشرون دولة عربية مُجتمِعة، أكثر من هذا: ما تُنتِجه ثنتان وعشرون دولة عربية مُجتمِعة أقل ما تُنتِجه دولة أوروبية مُتواضِعة بسيطة وهي فنلندا، ذكرت فنلندا بالذات لأنها هي التي بدأت بها في الخُطبة السابقة، إحدى المُتفرِّقات الثلاث والتي اصطرع فيها المُسلِمون في كنيسة صارت مسجداً على الإمامة والخطابة والسُلطة ما شاء الله، فنلندا – الدولة الصغيرة – تُنتِج أكثر مما يُنتِج العرب من عند آخرهم،تخلف رهيب، تخلف صارخ زاعق ومُخيف!

العجيب إخواني وأخواتي أن اليابان اليوم إذا ذُكِرَت اليابان يُقال عملاق، اليابان دولة عملاقة بلا شك، عملاقة ماذا؟ تصنيعياً، عملاقة تقنياً، عملاقة علمياً، وفي المُقابِل هي قزم يُقال عنها العملاق القزم، قزم في ماذا؟ قزم عسكري، عسكري قزم، حتى كوريا كل فترة وفترة تعتدي على مياهها الإقليمية، لأنها منزوعة السلاح بعد الحرب العالمية الثانية، لا تحتاج السلاح، لم تعد تدخل حروباً، لا تُريد الحروب، وهي عملاق اقتصادي على مُستوى العالم، لا أدري هل لا تزال تحتفظ بالمركز الثاني اقتصادياً في العالم أم جاءت الصين الآن طبعاً بلا شك وأصبحت مكانها، لكن إلى وقتٍ قريب كانت في المركز الثاني بعد الولايات المُتحِدة الأمريكية، هي الاقتصاد الثاني في العالم إلى وقتٍ قريب وهذا جميل جداً.

اليابان أنجزت أو شرعت في إنجاز مشروعها الحداثوي، ونُريد أن نكون دقيقين لأن اليابان حتى علَّمونا أنه ينبغي أن نُفرِّق بين الحداثة والتحديث، أي بين Modernity وبين Modernisation، اليابان هم الذين علَّمونا هذا، المدرسة اليابانية قالت هناك فرق بين حداثة وتحديث، والمسألة لا علاقة لها بالتلاعب بالمُصطلَحات، هي أنجزت مشروعها الحداثوي أو التحديثي المحكوم بفكر حداثوي ياباني وليس غربياً، هكذا هم يُدرِّسون، على كل حال بدأت في هذا بعد مصر، ما رأيكم؟ بعد مصر بدأت في هذا، دائماً يُقال النهضة العربية، محمد عليّ باشا رحمه الله، محمد عليّ باشا مكث في الحكم من ألف وثمانمائة وخمس إلى ألف وثمانمائة وسبع وأربعين، في ثماني وأربعين تُوفيَ إلى رحمة الله، لكن الإمبراطور ميجي Emperor Meiji – يُقال لك نهضة الميجي Meiji، ميجي Meiji هو إمبراطور، اسم امبراطور مُقدَّس – وُلِد في ألف وثمانمائة وثلاث وخمسين، وأصبح إمبراطورياً رسمياً وهو لا يزال ولداً صغيراً في ألف وثمانمائة وثماني وستين إلى الربع الأول من القرن العشرين، صحيح أن إنجازات محمد عليّ في هذه الفترة – زُهاء أربعين سنة، والميجي Meiji أيضاً عُمِّر في الحكم زُهاء أربعين سنة – مُتقارِبة من حيث الأهمية الحجم لكن لماذا صارت اليابان الآن هي اليابان؟ وهذه مقالة الباحث العالمي شارل عيساوي Charles Issawi المشهورة جداً جداً Why Japan?، من أدق الدارسات عن سبب تقدم اليابان وتأخّر النهضة المصرية، لماذا اليابان؟ لماذا ليست مصر؟ العجيب والمُؤلِم أن اليابانيين كانوا يُرسِلون وفوداً من أذكيائهم وحُكمائهم إلى مصر ليتعلَّموا سر النهضة المصرية، كيف مصر استطاعت في عهد الباشا محمد عليّ أن تُصبِح دولة حديثة؟ استطاعت أن تُنجِز هذا المشروع بسرعة في أربعين سنة، ما الذي حدث؟ اليابان تتعلَّم، وتعلَّمت وأخذت، فهي أخذت العبر أيضاً، لكن من مشروع محمد عليّ ومشروع خُلفاء محمد عليّ سيئي الذكر الذين عملوا في اتجاه مُعاكِس تماماً لسلفهم الكبير.

هنا طبعاً قد يقول لي أحدكم ماذا عن الاستعمار والمُؤامَرات؟ بلا شك هناك دور، يُوجَد دور للاستعمار ودور للقوى الأجنبية، وكما قلنا هذه طبيعة العالم، صراع وتدافع وتداول، لا يسكت عنك أحد، أليس كذلك؟ اليوم هناك طريقة لدينا نحن العرب بالذات في التفكير غريبة، ما شاء الله لكي نُنجِز مشروعنا نُريد من العالم كله أن يُسالِمنا ويسكت عنا ويُشجِّعنا ويُدلِّلنا وربما يُنجِز عنا نصف المشروع لكي نقدر على الإنجاز، لن يفعل لك هذا أحد، ولن يسمح لك أحد، محمد عليّ هل سمحوا له؟ لم يسمحوا له، بالعكس هم لعبوا به استراتيجياً، أحد الأسباب الكُبرى لإخفاق مشروع محمد علي – النهضة العربية – هو لعب القوى الاستعمارية بهذا المشروع بطريقة ذكية، واضح أن محمد عليّ كان داهية طبعاً، كان من أذكياء الدُنيا وداهية من دُهاة السياسة، هو لم يكن غافلاً عن هذا التلاعب ولكن مصلحته التقت للأسف مع القوى الاستعمارية، يبدو أنه لم يُتَح له للأسف الشديد أن تستمر وأن تستديم علاقة التعاون مع السلطنة العثمانية، المفروض أنه كان تابعاً لها، مصر ولاية من ولايات السلطنة العثمانية، والرجل كان من الإنكشارية، هذه القاعدة العسكرية التي نقدر أن نقول عنها أنها حمت الإمبراطورية العثمانية، لكنه تمرَّد واستقل، في آخر المطاف هدَّد بجيشه العسكري المُتقدِّم تقنياً السلطنة على أبوابها، لكن طبعاً مُنيَ بهزيمة نكراء دمَّرت أحلامه من عند آخرها، بفضل ماذا؟ القوى الاستعمارية التي لا تهدأ وتمكر الليل والنهار، هذا ما كان بالأمس وما هو جارٍ اليوم وما سيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، هذا حال البشر، قال الله وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ ۩، لكن الشطارة تختلف، علماً بأن كل الذين كتبوا في نظريات النهضة ونظريات النهوض دائماً يتكلَّمون – هذا حتى النظريات الحربية، كلاوزفيتز Clausewitz وغير كلاوزفيتز Clausewitz – ويذكرون أنك حين تستوفي الأُهبة والإعداد والاستعداد دائماً تمتلك خمسين في المائة من أوراق النصر، تمتلك خمسين المائة، ما عليك كمَّلته، الخمسون في المائة الأُخرى الأُخرى بيد الطرف الآخر، مهما قصَّر أو أغفل جانباً من الجوانب أو أخطأ حُسِب لك فترجح كفتك، هذا هو الصراع الحقيقي، صراع قوي محسوب بالمللي، ليس صراع حظ ونصيب كاللوتو Lotto فتنتصر وتأخذ العالم، هذا غير موجود، العالم كله محموم، يشتغل بحُمية!

فمحمد عليّ للأسف الشديد أغرته هذه القوى الاستعمارية بأن يجعل نفسه نداً للسلطنة العثمانية، كبَّروها في رأسه قليلاً، لماذا لا؟ هذا مُمكِن، يُمكِن أن تحل محلهم، هذا من جهة، فصَّدق هو هذا وبدأ يشتغل على هذا للأسف الشديد، ومن جهة ثانية لعبت القوى الاستعمارية دوراً، علماً بأن هذا ما يحصل الآن في إيران، لا أُريد أن أرجع وأتحدَّث مرة ثانية كمُحلِّل سياسي لكن هذا ما تفعله إيران، وأنا أحدس لها بمصير أيضاً خائب جداً جداً جداً، بصراحة الذي درس التاريخ ووعى التاريخ – التاريخ القريب – يعلم ما أقول، لكن يبدو أن المُسلِمين من عند آخرهم عرباً وغير عرب – حتى هؤلاء الإيرانين – لا يفهمون التاريخ جيداً، لا يفهمون التاريخ جيداً وعلى كل حال التفاصيل عندكم، أنتم تعرفون هذا، من جهة أُخرى قامت هذه القوى الاستعمارية بتحريض الشعوب التي تعيش بالذات في اليونان وفي البلقان على السلطنة العثمانية لكي ينتفضوا، وأنتم تعرفون عهد الانتفاضات الكثيرة، فانتفضت في القرن التاسع عشر هنا وهنا في النصف الثاني منه، طبعاً استنجدت السلطنة العثمانية بمحمد عليّ، قالوا له اذهب بجيشك المُدرَّب القوي وأطفئ هذه الانتفضات، وفعلاً يُحقِّق انتصارات، في الميدان المحلي في مصر لم يجن الشعب المصري من هذا شعباً، بل جنوا الصاب والمُر والعلقم، زيادة ضرائب، تشديد قبضة الدولة الاحتكارية، محمد عليّ كان من أول يوم يحتكر المنتوجات، يفرض على المُزارِعين والفلّاحين بيعها للدولة، كانت تُباع للحكومة بأسعار تُناسَب الحكومة، ثم يُعيد بعد ذلك بيعها ويأخذ الفارق كدولة لكي يبني مصر وبالذات الجيش، ونجح في هذا، فزادت هذه القبضة الاحتكارية للدولة على الناس، إلى آخر النتائج السيئة للأسف الشديد، فلم ينعكس إيجابياً وإنما انعكس سلبياً!

بعد ذلك – كما قلنا – هو أراد أن يضم الشام إلى مصر، نفس فكرة صلاح الدين رحمة الله عليه، وهذا لابد منه، بالأمس وبالأمس القريب واليوم أيضاً، علماً بأن هذا لا يقتصر على الشام ومصر، واضح أننا الآن في هذه اللحظة الحرجة من تاريخنا نحتاج أن نتحرَّك كإقليم، أنا شخصياً أتمنى أن يعمل الإقليم كله كإقليم بما فيه وبدرجة أولى إيران التي أنتقدها بمرارة وألم، لو كانت تعي يجب أن تُصِر على أن تعمل مع إخوانها وجيرانها، إذا كنتم لا تُحِبون أن تتكلَّموا عن الإسلام وتفرقة هذا الإسلام – وهو لا يفعل هذا، هو فقط يجمع – وتُصِرون على شيعي وسُني وهذا الهلس الفارغ كله وتُصِرون على لعب هذا اتركوا الدين واتركوا أي شيئ آخر واعملوا كإقليم استراتيجياً فقط لمصلحتكم في هذا العالم الموّار الدوّار، والعجلة تدور على الكل، أعني عجلة الفناء والإفناء، اعملوا كإقليم، لن تنجحوا إلا كإقليم، مهما بقيتم مُتفرِّقين أوزاعاً تبقون ضعافاً من السهل جداً خلخلتكم، يا أخي انظر إلى موضوع داعش وغير داعش، واضح أن هذه الدول هياكل من كارتون Carton طبعاً، هذه الدول كلها يبدو أنها هياكل من كارتون Carton، هذه حكومات ودول وسُلط أكلت الشعب وأكلت أرزاق الشعب ومنعته الحُريات والحقوق وبعد ذلك يأتون لهم بتنظيم لعين مثل هذا غير معروف أصله من فصله – لكن معروف أصله من فصله بصراحة – فيُزعِزع دولاً ويُرهِب دولاً، مُجرَّد أن يُهدِّد يُرهِب دولاً، أين هذه الدول؟ أين الجيوش؟ أين القوة؟ أين كذا وكذا؟ هياكل فقط قوية على الغلابة المساكين، أعني البشر المدنيين المُجرَّدين من كل شيئ، حتى من أبسط حقوق العيش والحياة، ما هكذا ينبغي أن يستمر الوضع، نحن بالعكس نقول ينبغي أن نعمل جميعاً مُتحِدين، محمد عليّ كان ذكياً، أراد أن يُوحِّد الشام، وفعلاً احتل الشام، معروف احتلال محمد عليّ وإبراهيم باشا للشام وكان ما كان، وأيضاً لقيَ مُقاوَمة لا يُستهان بها، قصة لها تفاصيل كثيرة، هنا تدخَّلت القوى الاستعمارية الأوروبية، قالت لا، ممنوع، هذه الخُطوة ينبغي أن تُفشَل وأن تُجهَض، أجهضوها وأغروه – كما قلنا – بمُناكَفة السُلطان على باب عاصمته وكان ما كان ضمن مُعارَضة قوية جداً في الداخل المصري لأسباب يعرفها مَن درس التاريخ، وطبعاً مُنيَ الرجل بهزيمة نكراء كما يُقال، وفشل المشروع العلوي – اسمه العلوي نسبةً إلى محمد عليّ – للأسف الشديد فشلاً ذريعاً، بالذات حين جاء خلفاؤه الذين حكموا باسم الباشاوات وباسم السلاطين وباسم الخديويات وباسم الملوك، خمسة ألقاب مُتعاقِبة، كل هذه الأسرة العلوية، أبناء وأحفاد محمد عليّ، هؤلاء ساروا في مسار مُعاكِس تماماً!
محمد عليّ كان عنده قدر مقبول جداً ومعقول من الفطنة، حين استورد التقنيات – التكنولوجيا الغربية – لم يستوردها استنساخاً، أراد أيضاً أن يُبيِّئها وأن يُوطِّنها، وبدأ يعمل صناعات في البلد، وعمل هذا فعلاً ما شاء الله – الرجل كان عبقرياً – كما عمل اليابانيين من بعد ذلك، لكن خُلفاؤه لم يكونوا كذلك، تراجع مُباشَرةً مع أولهم مشروع التصنيع الكبير أو الكُبروي في مصر، لصالح ماذا؟ الاستنساخ، لصالح الشراء والاستيراد، كالعرب تقريباً إلى اليوم إلا ما ندر، هناك بعض الاستثناءات البسيطة، لكن إلا ما ندر ما زلنا في هذا، وهنا أذكر فكرة وتعليق المُفكِّر الجزائري العظيم مالك بن نبي رحمة الله تعالى عليه، هذا العبقري الكبير الذي انتُفِع بفكره لكن لم يُدرَس إلى الآن الدراسة التي يستحقها، الرجل لديه أنظار دقيقة جداً جداً وذكية حقيقةً، في كتابه تأملات – كل كُتبه نافعة، أنا أنصح الشباب بالذات أن يقرأوا هذا الرجل رحمة الله عليه، وهو عميق جداً ومُكثِّف، لذلك كُتبه صغيرة لكنها مُكثَّفة جداً – يقول الفرق بين العربي أو المُسلِم حين يأتي إلى الغرب وبين الياباني حين يأتي إلى الغرب، الياباني نجح ونجحت به بلاده لكن العربي فشل ويُكرِّث الفشل، لماذا؟ قال العربي يأتي بعقلية الزبون، يُريد أن يشتري ويُفاوِض، هذه أحلى وهذه أجمل وهذه أكبر وهذه أرخص، أي أنه زبون، زبون يشتري فقط، يظن أن الحضارة تُشترى، الحضارة لا تُشترى ولا تُستنسَخ، إلى الآن هو بعقلية الزبون يقول مالك بن نبي، أما الياباني فجاء وتحرَّك ونشط وفعل بعقلية التلميذ، فهو تلميذ يُريد أن يتعلَّم، يُفكِّر كما يُفكِّر هذا الغربي لكي يصنع كما يصنع ويُبدِع كما أبدع، التجربة اليابانية طبعاً هي تجربتان في الحقيقة، نحن نختزل ونقول هما تجربتان ويُوجَد تمايز بينهما، وتُوجَد خطوط التقاء طبعاً كثيرة، التجربة الأولى كانت تجربة عسكرية، تجربة حداثوية أو تحديثية عسكرية، أي قادتها العسكرتالية اليابانية، تجربة بالعسكر وللعسكر، لكن الجميل في العسكرتالية اليابانية – وهذا ما لا يتوفَّر في الجُملة وفي العموم في العسكرتالية العربية – أن العسكري الياباني المُقدِّس الأول عنده اليابان، الأرض المُقدَّسة، علماً بأن إلى من قرون – من القرن الخامس عشر – وإلى اليوم في المدارس وحتى في رياض الأطفال وفي البيوت وفي الجامعات وفي المزارع وفي المصانع وفي المُديريات وفي الثكنات العسكرية لا يزال الياباني يتعلَّم نظرية الأرض اليابانية المُقدَّسة التي لم تطأها أقدام الغُرباء ولا ينبغي أن تطأها، أي Kokutai theory، اسمها Kokutai Theory، هذه نظرية الـ Kokutai، فهي مُقدَّسة، الإمبراطور نفسه يُقدِّس هذا المعنى وهو ضمن المُقدَّس، وأدنى فرد ياباني يصدر عن هذا المعنى، ومن هنا شراسة اليابانيين في الدفاع عن وطنهم – معروفة الظاهرة التي جرت في الحرب العالمية الثانية – يموتون وهم قابضون على أسلحتهم، الواحد منهم يكون ميتاً وهو قابض على السلاح، لكن نحن العرب ما شاء الله عندنا حس وطني – وكل الناس عندها حس وطني – لكنه أصبح حساً شاعرياً وحساً أيضاً استعراضياً أكثر منه حساً حقيقياً للأسف، لأن خيانة الأوطان وعلى جميع المُستويات بما فيها مُستويات السُلطة العُليا واضحة جداً جداً، الأوطان تُباع وتُشترى فقط لمُتع النُخبة والمُتسلِّطين، هذا ما حدث للأسف مع أبناء محمد عليّ وأحفاده، للأسف الشديد استوردوا النموذج الثقافي الغربي، اليابان رفضت هذا، وكما قلت هذا أجمل ما في تجربتها، قالت لا، الثقافة تبقى ثقافة يابانية في الأكل وفي الشرب وفي اللباس وفي المُخاطَبة اليومية وفي كل شيئ، نأخذ من الغربيين العلوم والتقنيات – أهلاً وسهلاً – فقط، هم من أجل هذا حين تهددوا بهذه الثقافة الغربية دخلوا في عُزلة طوعية لمائتي سنة، معروف عهد العُزلة أيام الـ شوجونات Shogunate، عُزلة طوعية لمائتي سنة حتى لا تذوب هويتهم، اليوم عندك أُناس يسخرون من كل شيئ يُذكِّر بهويتهم وبتراثهم وبأجدادهم، يقولون لك أتُحدِّثنا عن الإسلام؟ أتُحدِّثنا عن المذاهب والعلماء؟ ما هذا الكلام الفارغ؟ تقول ابن تيمية وابن خلدون والغزالي وأبو حنيفة والصادق، ما هذا الكلام الفارغ؟ هل هذا كلام فارغ؟ ما شاء الله، أنت لم تُنجِز شيئاً بهذه الطريقة، أنت رجل مرآوي ذائب، لا هوية لك ولا كيان لك، مثل هذا المُنعدِم لا يُمكِن أن تُعقَد على خُطة له الخناصر، بالعكس هذا عدمي، اليابانيون فهموا أن الثقافة تبقى يابانية وأخذوا العلم والتكنولوجيا – أهلاً وسهلاً – من الغرب، ونجحوا في هذا، وإلى اليوم يفتخرون بهذا، محمد عليّ أراد شيئاً قريباً لكن لم يكن في دقة اليابانيين للأسف الشديد، البعوث التي بعثها محمد عليّ جُزء كبير منها لم يُؤت ثماره، طبعاً إذا ذكرنا الآن – مثلاً – بضع مئات وهم أقل من أربعمائة – الذين بعثهم محمد عليّ أقل – فإن الكل يذكر رفاعة رافع الطهطاوي، أليس كذلك؟ ماذا درس؟ هل درس الهندسة؟ أبداً، درس الآداب والفنون وهذه الأشياء، هل نحتاج هذا نحن؟ هل مصر تحتاج آداب وفنون وما إلى ذلك؟ مصر تُولِّد هذا ما شاء الله من ألوف السنين، لا نحتاج هذا، لكن اليابانيون لم يفعلوا هذا، حتى المدارس مُختلِفة.

نعود مرة أُخرى، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية أو مطلع القرن العشرين – تحديداً ألف وتسعمائة وثلاث عشرة – نسبة الأُمية في مصر ثمانية وتسعون في المائة كالسلطنة العثمانية، اثنان في المائة مُتعلِّمون، المدارس المصرية تُعنى بماذا؟ بدرجة أولى بالعلوم الإنسانية والنظرية، هذه لا تهمنا كثيراً، هناك ما هو أهم منها، هي مُهِمة لكن هناك ما هو أهم منها كثيراً، في اليابان في ألف وتسعمائة وثلاث عشرة نسبة الأطفال الذين هم في سن الدراسة – السنة السادسة مثلاً – الذين يرتادون المدارس سبع وتسعون في المائة، مُفارَقة تماماً، وطبعاً القاعدة الصُلبة للتنمية والتحديث ما هي؟ التعليم، الفرد المُتعلِّم، الإنسان المُتعلِّم، ولذلك هذا حُسِب للنهضة اليابانية، حين تذكر أسباب نجاح النهضة العلوية – نسبةً إلى محمد عليّ – وبعد ذلك في المُقابِل أسباب نجاح النهضة اليابانية – هذا غير الفشل – تجد أن في رأس أسباب نجاح اليابانيين ماذا؟ الفرد المُتميِّز، أي الثروة البشرية، مُعَد هذا لكي يكون صانعاً للحضارة وصانعاً للتنمية وصانعاً للفكر ومُحرِّكاً للعالم، هذا هو، لكن الفرد العربي للأسف مُعوَّق، مُعوَّق بالجهل وبالأُمية، ومن هنا إفراطه في الكلام والجدال، لأنه أُمي جاهل، المسكين لا يعرف شيئاً، علماً بأن الأقدر دائماً على الجدال والكلام وأصحاب الرؤوس الجامدة هم الجهلة وليسوا العلماء، العالم مُتواضِع جداً جداً، الأكثر وثوقية وحمساً في كل شيئ الجهلة وليسوا العلماء، العلماء عندهم نسبية كبيرة جداً جداً، يترددون في إطلاق الأحكام، لكن الجاهل واثق جداً كما قال برتراند راسل Bertrand Russell، قال مُشكِلة العالم أن الذين يدرون ويعلمون جيداً ليس لديهم الثقة الكافية بأنفسهم – من كثرة ما تعلم الواحد منهم يكون غير واثق كثيراً – وأن الجهلة الذين لا يعرفون شيئاً واثقون تماماً، ولذلك يقودون العالم ويُدمِّرون الدنيا، ولك أن تتخيَّل هذا، فانظر إلى النسبة هنا في اليابان وانظر إليها في مصر!

المدارس اليابانية ركَّزت بدرجة أولى وبشكل فاقع على التعليم الحرفي والمهني والتقني، ومن هنا النجاح، هل فهمنا؟ إذن التجربة الأولى تجربة عسكرية قدَّست اليابان وقدَّمت مصلحة اليابان على العسكر وعلى رئيس العسكر، لكنها تجربة شيفونية، تجربة إمبريالية، أعلنت فتح العالم واحتلال العالم، هذا كان مشروع اليابان طبعاً، اليابان دولة كانت دموية مُجرِمة مُخيفة ولعينة، ستفتح العالم البربري، كانوا يُسمون كل مَن عداهم البرابرة القادمين من الجنوب، العالم كله بربري، نحن المُتحضِّرون، هذه عقلية العسكرية اليابانية، وطبعاً هذه مُنيت بالهزيمة النكراء – كما قلنا – في هيروشيما وناجازاكي، تعلَّمت الأدب وجاءت التجربة التحديثية الثانية.

إذن من النصف الثاني من القرن التاسع عشر – الإمبراطور ميجي Emperor Meiji – إلى ألف وتسعمائة وخمس وأربعين التجربة الأولى، التجربة التحديثية الثانية من خمس وأربعين إلى اليوم، العجيب بعد أن وضعت الحرب أوزارها لم يستغرقها الأمر – أي لم يستغرق اليابان الأمر – أكثر من عشر سنين فقط وأنجزت أولى خُطواتها الواضحة المُشرِّفة على طريق التحديث وأذهلت العالم، كألمانيا أيضاً، ألمانيا نهضت في ثلاث سنوات، نحن العرب إلى اليوم نبكي على احتلال المغول لبغداد، هذا إلى اليوم، لم ننهض، لماذا؟ هل نعجز؟ للأسف لأن الوقت يتضيَّق ويُدرِكنا سريعاً أُحِب أن أنتقل إلى الجُزء المُتفائل، قبل أن أتحدَّث عن التفاؤل أُحِب أن أُلمِع إلى شيئ أيضاً مُهِم، في مثل هذه الأوقات هل ينقصنا التفاؤل حقاً؟ واضح أن كلامي عموماً في مُجمَله غير مُتفائل دائماً، لكن أنا أرى باستثناء الذي يتكلَّمون بمنطق غير مُتفائل كثيراً – أقرب إلى عدم التفاؤل – وهم قلة أن مُعظَمنا مُتفائل، نحن أبناء أفكار وأبناء مدارس وأبناء أحزاب وشيع وجماعات مُغرِقة جداً في التفاؤل، أليس كذلك؟ من تسعين سنة، يُقال نحن أساتيذ العالم، نحن قادة الدُنيا، العالمية الإسلامية الثانية، بعد غد سوف نقود العالم، هكذا كنا نُعلَّم، نحن كنا نفهم أن بعد غد سوف نقود العالم، تفاؤل مُغرِق، تفاؤل صبياني غير مدروس وغير مُبرَّر وغير معقول، وقد ذهبنا بسببه في خمسين مليون داهية، ولا نزال نتفاءل بهذه الطريقة، ويغضبون من كل أحد يُذكِّرهم بفتح عيونهم على الوقائع، انظروا، تتفاءلون بماذا أنتم؟ انظروا ماذا يحدث في العالم العربي وفي العالم الإسلامي، انظروا ماذا يحدث لنا، يقولون لك تفاءل يا أخي، إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ۩، إذن كُن مُتفائلاً، هنا أُحِب فقط أن أُشير إلى نظرية مَن أحب أن يتوسَّع فليعد إلى هذا المرجع: الدكتور وعالم النفس الشهير عالمياً ببحوثه وأفكاره اللامعة وأيضاً المُؤرِّخ الحاذق والذكي والكاتب الذي حقَّق مبيعات ملحوظة حول العالم ناصر قائمي Nassir Ghaemi في كتابه الأخير المُبدِع الذي لقيَ رواجاً كبيراً ومُراجَعات وتقريظات فعلاً تُناسِب أهميته A First-Rate Madness، أي جنون مُتألِّق، جنون من طبقة أولى، فرضية قائمي Ghaemi في كتابه هذا أن الأمم في حال تأزمها وتأزم أحوالها كالأمة العربية اليوم والأمة الإسلامية تحتاج إلى قادة غير أسوياء، ليسوا Normal، لا تأت لي برجل Normal عادي أكاديمي، لن ينفع وسوف يُدمِّرنا، إذن ماذا؟ قال لك هذا تاريخ وليس فرضية، تاريخ مدروس، التاريخ هو الذي أفهمه هذا، الأمم في فترة الأزمات – وفي الحقيقة الفكرة الجنينية لعالم نفس ألماني هو الذي قال هذا وألهمت الدكتور قائمي Ghaemi – وفي أوقات الحروب وفي أوقات المشاكل تحتاج إلى أُناس مجانين، قادة مجانين، طبعاً الواحد منهم ليس مجنوناً بالمعنى العامي كأن يسير بريالة كما يُقال، وأنما مجنون بالمعنى الطبي النفسي، أي أنه مُصاب – مثلاً – بالهوس الاكتئابي أو المرض ثنائي القطب، عنده اكتئاب وعنده هوس، أي عنده Depression وعنده Mania، ولك أن تتخيَّل هذا، لكن هل هذا حصل؟ حصل، حصل مائة في المائة وبالأدلة، اقرأ الكتاب وسوف ترى العجب، هو درس ثماني شخصيات، المعروف منها للعامة – لا نُريد غير المعروفين، هناك مَن لا يعرفون تيد تيرنر Ted Turner مُؤسِّس السي إن إن CNN ولا يعرفون مثل شيرمان Sherman وهو عسكري أمريكي كبير في القرن التاسع عشر – أبراهام لينكون Abraham Lincoln، الرئيس الأمريكي المغدور من المعروفين مثلاً، ونستون تشرشل Winston Churchill رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء البريطاني العظيم المعروف، هذا معروف، روزفلت Roosevelt الأمريكي ورئيس أمريكا، فهذا معروف، المهاتما غاندي Mahatma Gandhi معروف، مارتن لوثر كنج Martin Luther King – داعية حقوق الإنسان الأسود الشهير والمغدور أيضاً شاباً – معروف للناس، هذه الشخصيات درسها هذا الرجل، وفعلاً كل هؤلاء وثائقهم وسجلاتهم وتاريخهم العائلي وتاريخهم المرضي التطبيبي عند الأطباء وأشياء كثيرة تُؤكِّد أنهم كانوا مجانين، لم يكونوا عاديين، هؤلاء كانوا مجانين، كلهم مُصابون بالذات بهذا المرض ثنائي القطب، قال الاكتئاب – Depression – يُعطي اثنين، أي علامتين، يُعطي واقعية، يُصبِح قائداً يُدرِك كما هو، الواقع مُزفَّت بستين زفت، لا تقل لي تفاءل وما إلى ذلك، توقَّف عن الهبل وابعد، الواقع مثل الزفت، علماً بأن تشرشل Churchill – لكن هذه تحتاج إلى خُطبة بحيالها، وسوف تكون خُطبة فعلاً في علم النفس التاريخي – الوحيد الذي لم يتعاطف مع هتلر Hitler، حتى الأسرة المالكة برموزها الكبار كانوا مُتعاطفين جداً مع هتلر Hitler قبل أن تقوم الحرب، هتلر Hitler مُمتاز وقائد ذكي ومُحنَّك، مُمتاز الرجل وخفيف الدم، تشرشل Churchill الوحيد الذي قال لهم هذا غير صحيح، سوف يُدمِّركم، قالوا له يا تشرشل Churchill أنت مُكتئب، أنت دائماً هكذا، لأنه فكَّر في الانتحار، طوال حياته كان يُريد أن ينتحر، المسكين كان مُكتئباً Depressed، قال لهم هذا دمار سيأتي عليكم، ألا ترونه؟ أنا أراه، قالوا له أنت أهبل ولم يُصدِّقه أحد، الوحيد الذي رأى الخطر لأنه مُكتئب، فالاكتئاب – فرضية قائمي Ghaemi – يُعطي واقعية، تُدرِك الوقائع كما هي، يبدو أن التفاؤل يُحرِّف إدراك الواقع، فهو يُحرِّفه وتُصبِح كالذي يحلم، تحلم بأنك تطير وتفعل المُعجِزات في الحلم، أنت تُصبِح كالذي تحلم، التفاؤل يجعلك تحلم، الاكتئاب يجعلك واقعياً، ترى الوقائع الصُلبة السوداء والمُرة، ويُعطي أيضاً تعاطفاً، فهو يُعطي التعاطف Sympathy!

نأتي إلى الهوس Mania، مرض ثنائي القطب، يتردَّد المريض المسكين بينهم، معروف هذا المرض، مرض خطير لكنه فظيع، يبدو أنه مُحرِّك للحضارة البشرية أيضاً كما قال ومُنقِذ للشعوب والأمم في فترة الأزمات، الهوس يُعطي ماذا؟ يُعطي إبداعاً، الهوس يُعطي الإبداع، لا يُوجَد مُبدِع حقيقي إلا مهووس Maniac، المُبدِع يتكلَّم كثيراً وعنده طاقة جبّارة، ويجلس إلى الساعة السابعة صباحاً يكتب ويُلخِّص ويقوم بعمل أشياء، شيئ غير طبيعي، إذا دخلت معه في نقاش يظل يتكلَّم لمدة خمس ساعات، مهووس Maniac، يُعطي إبداعاً وقدرة على توليد الأفكار والنظريات والأشياء، شيئ غير طبيعي ومُهلِك، تشرشل Churchill كان هكذا وهذا معروف، لكنه إذا اكتئب يدخل في سُباتٍ عميق!
يُعطي مرونة أيضاً، إذن لدينا ماذا؟ الواقعية، التعاطف، المرونة، والإبداع، تنتج عن ماذا؟ عن القُطبين، عن الاكتئاب واقعية وتعاطف، عن الهوس مرونة وإبداع!
فأنا أقول لكم لا تغتروا كثيراً بالناس الذين يُضلِّلونكم ويقولون الأمور كلها بخير، والله لا يُوجَد شيئ بخير، والله نحن في وضع من أزفت ما يكون، الأمة الإسلامية والعربية اليوم والله في وضع أزفت ما يكون، يُتحدَّث عن الخير وما إلى ذلك ويُقال عدنان إبرهيم يضحك عليكم وهو مدسوس، هذا كلام فارغ، كونوا واقعيين، هذا الذي أردت أن أُشير إليه، الآن سوف أنطلق في خمس دقائق لكي أختم هذه الخُطبة واقعياً وليس مُتفائلاً، أولاً هل التخلف قدر مضروب لازم لازب للعرب والمُسلِمين؟ لا والله أبداً، أبداً أبداً، هذه الأمة بالذات وبالإسلام – كما قلت في خُطب سابقة – استطاعت أن تُنجِز حضارتها في وقت ليس قياسياً وإنما مُتفرِّد عبر التاريخ الإنساني، وانظروا إلى المراجع وانظروا إلى الدارسين، مُتفرِّد عبر التاريخ الإنساني ومُذهِل، فلا يُمكِن أن يكون الإسلام الذي عمل Trigger Mechanism كما قلنا – أي عامل إطلاق أو عامل تشغيل أو عامل تحفيز – هو السبب في ضلال وخيبة وتخلف هذه الأمة، هذه أكبر أكذوبة، أكبر أكذوبة على الإطلاق وهي أكبر خطأ وخطيئة بالمعنى الديني والحضاري أن يُقال الدين والفكر الديني هو السبب الرئيس في تخلف الأمة، والله هذا كذب، وطبعاً قد تقول لي أنت نفسك يا عدنان تعتني كثيراً بإصلاح الفكر الديني وببعث وإحياء وترميم الفكر الديني، وهذا صحيح لأن هذه تحيزات المهنة، أنا رجل في النهاية عالم ومُفكِّر، مَن أنا؟ هل أنا سياسي أو عسكري؟ ولكن لو سألتني أيضاً كمُفكِّر وقلت لي هل الجانب الثقافي أو الجانب الفكري أو الجانب العقدي أو الجانب الأيديولوجي هو كل شيئ في النهضة؟ سوف أقول لك لا، ليس هكذا أبداً، جانب مُهِم جداً جداً، قد يعمل كما عمل في تاريخنا الإسلام عامل إطلاق، في أمم أُخرى قد يعمل العامل العسكري مثلاً، في أمم ثالثة قد يعمل المال، وهذا معروف في التجارب، انظرو إلى الثورة البلشفية، البلشفيك سنة ألف وتسعمائة وسبع عشرة حرَّقوا مَن؟ اعتمدوا على مَن؟ على العمّال، أليس كذلك؟ لينين Lenin قال يا عمّال العالم اتحدوا، هم تحرَّكوا بقوة العمّال، لكن ماو تسي تونغ Mao Tse-Tung ألم يكن شيوعياً أيضاً مثله؟ بماذا تحرَّك؟ ليس بالعمّال وإنما بالفلّاحين، إذن هذا يختلف، انتبهوا إلى أن هذه الخصوصيات مُهِمة جداً جداً جداً، هذا حرّك العمّال، هذا حرّك الفلّاحين، هذا ربما يبدأ بالطبقة البرجوازية، هذه نظرية أرنولد توينبي Arnold Toynbee، هناك تفصيلات أُخرى كثيرة، وفعلاً هذه تصح في سياقها وهذه تصح في سياقها وهذه لا تصح في سياق آخر، علينا أن نكون واضحين، فالإسلام عمل عامل إطلاق لهذه الحضارة العظيمة الإسلامية بفضل الله تبارك وتعالى، الآن أن يُقال هو المسؤول الأكبر غير صحيح، علماً بأن بعض الناس يُصوِّرونه المسؤول الأول والأخير، هذا كلام فارغ هو وكل ضلالات بعض المُفكِّرين الدينيين وبعض المهووسين دينياً، علماً بأنني لا أحسب أو لا أحتسب لا القاعدة ولا داعش على الفكر الديني، انتبهوا إلى هذا، لا أفعل هذا بصراحة لكي نكون أيضاً مُتواضِعين مع الحقائق، القاعدة لا عندها فكر ولا داعش عنده فكر، بالله عليكم انتبهوا، حين أتكلَّم عن فكر ديني أنا أتكلَّم عن المدارس الكُبرى عبر التاريخ، مثل مدرسة أبي حنيفة والصادق وزيد ومالك وابن حنبل والشافعي وابن حزم، هذه مدارس كُبرى، وبعد ذلك هناك إسهامات الغزالي والرازي وابن تيمية وابن خلدون وابن رشد، إسهامات عظيمة كبيرة لها آثار في العالم، لا تأت لي بجماعة الله أعلم مَن الذي صنعها ومَن الذي ينفخ فيها ومَن الذي يُكبِّرها ولأي أهداف – طبعاً هذا معلوم، الله يعلم ونحن نعلم بعض الشيئ أو كثيراً من الأشياء – وتقول لي عندها فكر وتحسبها على الإسلام، أي فكر؟ هذه مُمارَسات إجرامية يُراد لها أن تكون كذلك لأهداف لا تعمى إلا على مَن هو أعمى من العمى نفسي وأصم من الصمم فلا يسمعهم، معروف هذا وواضح، فهذه لا يتحمَّلها الإسلام، ولا يحمل الإسلام معرة هؤلاء، وهم معرة بلا شك، هم معرة وهذه المُمارَسات السخيفة معرة على الإنسانية قبل أن تكون معرة على المُسلِمين، ونحن نبرأ إلى الله منها جُملةً وتفصيلاً، والإسلام لا يُمكِن أن يتحمَّل مغبتها ومعرتها، هذا مُهِم لكن كما أقول لكم دائماً ونُذكِّر مرة أُخرى بالنظرية الخلدونية يبقى العامل الرؤيوي أو الأيديولوجي أوالعقدي أو الفكري أو الثقافي عاملاً من ستة عوامل على الأقل ابن خلدون اعتمدها في تحليل نهوض الأمم وانحطاط الأمم، فلا تقف عنده وإذا تحدَّثت عن الحضارة العربية والبحث العربي والنهوض العربي تقول لي فقط إصلاح الفكر الديني وما إلى ذلك، ليس وحده، لا يكفي وحده، أين العامل السياسي؟ مُهِم جداً جداً عامل السُلطة، أليس كذلك؟

لكن الفكرة المُهِمة التي أحببت أن أُفضي بها هي كالآتي، إذا كان عامل إطلاق الانحطاط الإسلامي – الـ Decline الإسلامي – هو النظام السياسي فهناك شيئاً هاماً، وقد ذكرنا هذا وهو واضح وإلى اليوم نُعاني منه، تقريباً إلى اليوم الأمة المُسلِمة والعربية خصوصاً – هذا إلى اليوم – لم تهتد إلى طريقة مقبولة في تداول السُلطة تلتحق بها بالعالم المُتقدِّم، إلى الآن وضعنا لا نُحسَد عليه باستثناءات ضئيلة وبسيطة لا أُريد أن أذكرها حتى لا أُعتبَر مُتحيَّزاً أيضاً لكنها معروفة لمَن يدرس السياسة، ليست معروفة لي وإنما معروفة لمَن كتب عن الديمقراطية وتاريخ تطورها، مثل ديل Dale الخبير الأمريكي العالمي، هو يذكر هذه الاستثناءات ويُثني عليها.

هذا عامل إطلاق الانحطاط، هل بالضرورة أن يكون عامل إطلاق النهوض الثاني – إن جاز التعبير الآن، أي النهضة الثانية أو العالمية الثانية – نفس العالم؟ هل لابد أن نبدأ بالإصلاح السياسي؟ علماً بأن مُعظَم حركات التغيير بما فيها الإسلامية مُقتنِعة بهذا، أي لابد أن نبدأ برأس السُلطة، لابد أن نبدأ بالسُلطة، أي تغييرات أُخرى أمدها طويل ولن تنفع والسُلطة ستُفسِدها، هكذا القناعة التي عندهم، جرَّبنا هذا وعلى مدى مائة سنة وكل هذا يفشل، والذين نجحوا أعادوا إنتاج الفساد، عهد الانقلابات العربية – غير الثورات – معروف، أليس كذلك؟ هؤلاء بدأوا بهذه المقولة وما شاء الله عليهم أعادوا إنتاج الفشل مُدبَّلاً – من Double – مُضعَّفاً، أضعافاً مُضاعفة، أليس كذلك؟ صرنا نبكي على أيام الملك مثلاً حين رأينا رؤوساء الجمهوريات الثوّار، صرنا نبكي على تلك الأيام، أنا أرى بصراحة من تأملي في هذه المسيرة كلها – وهذا يحتاج إلى وقت لتفصيل تفاصيله – أن الإصلاح لابد أن يعود ليبدأ من الإنسان، وإذا تحدَّثنا عن إصلاح الإنسان هنا يضطلع الدين بدور رئيس، وإذا ذكرنا دور الرئيس في إصلاح الإنسان فنحن نقول هذا مُختزَل في كلمة واحدة في كتاب الله: وَيُزَكِّيكُمْ ۩، جاء الدين وجاء النص – قال الله يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا ۩، هذه الآيات أو النص – من أجل ماذا؟ الهدف الأصلي ما هو؟ وَيُزَكِّيكُمْ ۩، لابد من التزكية، أن يزكو بأي معنى للتزكية، هذا الشيئ مُهِم جداً جداً، هنا ينداح وينفسح المجال وسيعاً أمام المُجدِّد الديني والمُفكِّر الإصلاحي، أي الـ Reformer، لكي نقول للناس انتبهوا، الطريقة التي فهمتم ولا تزالون تفهمون بها الدين طريقة عليها مُلاحَظات جمة، مُلاحَظات كثيرة، لن تكون زكياً وزاكياً عند الله إن ظننت أنك تكتفي بركعات تركعها واثنين ونصف في المائة تُؤديها وحجة وعُمرة على أنك في سلوكك اليومي بمُختلَف طبعاً مجالاته وطبقاته سواء العملي المهني الحرفي أو الاجتماعي العادي أبعد ما تكون عن قيم الإسلام، قيم العدالة والرحمة والبذل والعطاء وقدسية الحياة وقدسية الإنسان وإلى آخره، بعيد جداً جداً جداً، أليس كذلك؟ لن نقول أمثلة طبعاً، الأمثلة كثيرة، هنا الدين يضطلع فعلاً بدور كبير ورئيس، شبَّهت هذا – إن جاز التعبير – بسيارة انعطبت – تُعاني من العطب – وتوقَّفت في الطريق في سفرة طويلة، ربما يهلك مَن استقلها، العطب من الموتور Motor، هل ينبغي إصلاح العطب بإصلاح الموتور Motor فقط؟ لأ، حين كشفنا عن العطب وجدنا الأساس الدفين لهذا العطب الذي تسبَّب في عطب الموتور Motor هو كمية الشوائب الزائدة في الوقود، فهناك مُشكِلة في البنزين، إذن لابد أن يبدأ الأمر بإصلاح ماذا؟ البنزين، مع إصلاح الموتور Motor، ليس إصلاح الموتور Motor وحده، هذا هو!

قرأت قبل أيام لخبير – خبير في هذا الباب بالذات – سياسي أمريكي عالمي يقول مهما تحدَّثنا عن عظمة المُؤسَّسات وعظمة اللوائح الحاكمة في إدارة هذه المُؤسَّسات من الحكومة إلى أقل مُديرية في نهاية المطاف سيظل الإنسان الذي يُدير هذه المُؤسَّسات يضطلع بدور رئيس وكبير جداً، وقد يعمل على إفشالها – أي إفسادها، قال الله ظَهَرَ الْفَسَادُ ۩، أليس كذلك؟ – مَن يُدير المُؤسَّسة نفسه، إذن ذهبنا وأتينا ورجعنا إلى: تبقى أولوية وأولوية فاقعة لإصلاح الإنسان وتزكية الإنسان.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

(الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد، إخواني وأخواتي:

إذن لسنا أقل من أي أمة من الأمم، طبعاً ولسنا أكثر أيضاً – لا نُحِب هذه النزعات المُتحيِّزة – من أي أمة أيضاً، نحن بشر مثلنا مثل البشر، كما يتقدَّم غيرنا يُمكِن أن نتقدَّم ونزيد حقيقةً إن أعدنا فهم الدين واستلهامه بطريقة أكثر صحيةً وأكثر وعياً وأكثر حضارية ربما نحرق بعض المراحل، ربما نُعجِّل بنهضتنا – إن شاء الله – وحضارتنا المرقوبة، دخلنا القرن الحادي والعشرين من أضيق أبوابه في حين دخل غيرنا من الأبواب الوسيعة، عسى الله – تبارك وتعالى – بصدق النوايا والعقول المُتفتِّحة والنفوس الزكية والعمل المُتكاثِف أن يُدخِلنا القرن الثاني والعشرين من أوسع أبوابه، كفى للفُرقة على جميع المُستويات، فالمُسلِم والعربي يُنجِز فرداً – إن أنجز – لكنه يفشل مجموعياً، هذا مرض من أمراضنا أيضاً، عسى الله – تبارك وتعالى – أن يُدخِلنا القرن الثاني والعشرين من أوسع أبوابه، عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا ۩، أمامنا مائة سنة فإما فنينا وانتهينا كأمة – خاصة العرب – وإما بعون الله – تبارك وتعالى – بعثنا أنفسنا أمةً مُسلِمةً من جديد، العالم نفسه ستكون له مصلحة كبيرة في أنها أُعيد بعثها من جديد.

ذكرت لكم في الخُطبة السابقة المُؤرِّخ الأمريكي العظيم مارشال هودسون Marshall Hodgson، في كتابه مُغامَرة الإسلام The Venture of Islam في المُجلَّد الثالث والأخير – لمَن شاء موجود الكتاب ومطبوع بلُغته الأصلية – في آخر صفحة ختم كتابه بعبارة حالمة جميلة بعثت الأمل في نفسي أنا كقارئ مُسلِم لهذا الكتاب المُهِم، قال في حال تبيَّن أن الإسلام قادر على المُساهَمة في تنوير الضمير الإنساني فعندئذ لن يكون للمُسلِمين وحدهم مصلحة في ذلك، بل للعالم كله نصيبٌ ومصلحةٌ في هذه النتيجة، حتى أولئك الذين يقفون بكل عنف – هو قال عنف مُسلَّح أيضاً، أي Militant – ضد أي تقليد ديني – أي ضد الأديان من عند آخرها – سوف يكون لهم مصلحة في هذا، ولذلك أنا أختم أيضاً بكلمة أُعبِّر فيها عن استرابتي وحُقَّ لكل عاقل ولكل مُحِب للسلام والحضارة والخير والاستقرار أن يستريب، استريبوا يا إخواني في كل مَن ترونه فرداً أو جماعةً أو دولةً أو مُؤسَّسةً يُشكِّك ويضع من أقدار النابهين الناشطين الأسوياء المُسالِمين الذين يجهدون ويجتهدون في تصوير الإسلام بحقيقته على أنه دين الرحمة ودين المحبة ودين الحضارة ودين السلام كما أثبت النص والتاريخ السابق، يُشكِّكون في هؤلاء ويُحاوِلون غمز قناتهم وتدمير صدقيتهم، فإن أعجزهم الأمر اكتفوا بماذا؟ بالقول هؤلاء زُخرفيون ترقعيون يُزخرِفون دينهم ويُرقِّعون دينهم وهم يعلمون أن دينهم ليس كذلك، استريبوا في هؤلاء، والله هؤلاء لا يُحِبون الخير للبشرية ولا لبلادهم، هؤلاء مساعر حرب يُريدون أن يُسعِّروا نيران الحرب باستمرار، كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ ۩، فتح الله علىّ وعليكم ونفع بي وبكم.

اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً وفقهاً ورشداً، اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم الكريم ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرَّجته ولا كرباً إلا نفَّسته ولا ميتاً إلا رحمته ولا مريضاً إلا شفيته ولا غائباً إلا رددته وإلا أسيراً إلا أطلقته ولا مديناً إلا قضيت عنه دينه برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إن نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً وعملاً مُتقبَّلاً وعيناً دامعة، نعوذ بك من علمٍ لا ينفع ومن قلبٍ لا يخشع ومن عينٍ لا تدمع ونعوذ بك من هؤلاء الأربع، ومن الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئست البطانة، اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغاراً، اجزهم بالحسنات إحساناً وبالسيئات مغفرةً ورضواناً، واغفر اللهم للمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات بفضلك ورحمتك إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب الدعوات.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا (27/1/2017)

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 1

اترك رد

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخواني الاعزاء الله يعطيكم العافية على هذا الجهد الجبار
    ولكن ارجو ايصال شكواي الى الدكتور الفاضل وهي كالتالي
    شيخنا الفاضل ماذنبنا نحن اذا ابعدتنا المسافات عن رؤية وجهك الطيب وسماع صوتك عن قرب ارجو منكم تخصيص بعض من وقتكم من اجل اولئك الذين لم ينعم عليهم الله بنعمة لقياكم
    ارجو تخصيص مساحة ولو كانت شهرية ترد فيها على اسالتنا المستعصية على النت وادعو الله لكم بالتوفيق والصحة
    اخواني ارجو الرد علي هذه الشكوى والنتيجة ولكم مني جزيل الشكر
    والسلام عليكم

%d مدونون معجبون بهذه: