إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سُبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأفاضل، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه الكريم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا ۩ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ۩ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا ۩ ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ۩ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ۩ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا ۩ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ۩ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا ۩ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا ۩ فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ۩ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ۩ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ۩ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.

مش عادي – أيها الإخوة والأخوات – كل ما يلفت القرآن الكريم ويتعمَّد اللفت إليه، إنما يفعل ذلك ليقول لنا إنه ليس عادياً، مش عادي، ليس عادياً، لا في خلق الله، ولا في آيات الله المتلوة المسموعة، ولا في الأنفس، ولا في الآفاق، ولا في أي شيئ، ما من شيئ يُمكِن أن يُعَد عادياً، نحن نعيش في عالم إن شئتم من الخوارق والمعاجز والأشياء التي لا ينبغي أن تُعَد عادية بأي وجه من الوجوه.

كما نحتاج – إخواني وأخواتي – إلى قوة العادة لكي نتجاوز الصعاب والعقبات، ولكي نُعزِّز مهاراتنا وإمكاناتنا بقوة الاعتياد، حتى قيل العادة طبع ثانٍ، نحتاج بقدر لا يقل إن لم يفق أن نُقاوِم قوة الاعتياد، لماذا؟ لكي نُجدِّد فرحتنا بالعالم وفي العالم، لكي نُجدِّد سعادتنا في هذا العالم، ولكي نُجدِّد طفولتنا، عبقريتنا، وتثميننا لما نحن فيه من نعم، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنْ اللَّه ۩، نحتاج إلى قوة تُضاهي وتُقاوِم وتُضاد قوة العادة.

أعتقد أن قليلين الذين استبقوا بقيةً من الطفولة، وهذا يُعادِل بقيةً من العبقرية، يُعادِل بقيةً من الدهشة، من الفضول، من السئالية، فضلاً عن أنه يُعادِل بقيةً من البراءة والطيبة وسلامة القلب، وبقيةً من الفرح، انظر إلى الطفل، الطفل هو الكائن الأكثر فرحاً بالعالم، ما لم يتدخل على خط فرحته الكبار التاعسون، لأنهم تعساء، ولا يستطيعون إدارة هذه الفرحة، التي لا منطق لها إلا الاندكاك والاندماج في هذا العالم.

الأطفال هذا شأنهم، راقب الطفل الصغير، يُمكِن للطفل أن يُواصِل اللعب واللهو والفرح والانجذال والانجذاب والجذل بهذا العالم ساعات طويلة، دون ملل، الطفل الذي يتضاحك ويضحك في اليوم أكثر من ثلاثمائة مرة كائن سعيد، كائن فرح، لأن كل ما في هذا العالم يُمكِن أن يلفت وأن يُدهِش وأن يستثير وبالتالي يستجيب للفضول في الإنسان، لعبقرية السئالية، وأيضاً للذة الاكتشاف، اكتشاف كل ما هو طازج وجديد وغير معروف، هذا هو الطفل على كل حال.

إذا وجدتم عبقرياً أو سمعتم عن عبقري فاعلموا إنكم إنما تقعون على رجل أو امرأة نجح في أن يستبقي الطفل أو بعض الطفل في داخله، هذا هو فقط! العباقرة أطفال، كبروا وظلوا أطفالاً، لم يفقدوا هذه المزايا والأفضليات، هذه أفضليات ومزايا إيجابية، الطفولة، الدهشة، السئالية، الفضول، حس الاستكشاف، الفرح، الجذل، والسعادة بالعالم وفي العالم.

ولذلك انتبهوا، الطفل الذي لم يدخل كُليةً ولا مدرسةً ولم يقرأ كتاباً في الفلسفة والعلوم واللاهوت يرى أشياء الكبار الكبار لا يرونها، باستثناء العباقرة طبعاً، لأنهم أطفال أيضاً، لكن طفولتهم صُقِلت بمناهج مُعيَّنة، صُقِلت فقط، باستثناء هؤلاء الكبار العباقرة الأطفال يرون ما لا نراه، ما نعجز تماماً عن رؤيته، ما نفشل في رؤيته!

الشاعر الإنجليزي العظيم ويليام ووردزوورث William Wordsworth في إحدى قصائدة تحدَّث عن الرؤية النفّاذة أو اللمّاعة للطفل، رؤية الأطفال التي تتسم بكونها لمّاعة أو نفّاذة، تنفذ إلى ماذا؟ يلتمع فيها ماذا؟ تنفذ – أي هذه الرؤية الطفولية المُشرِقة اللمّاعة المُتألِّقة – إلى رؤية الروعة في العشب، أي الــ Splendour in the Grass، الروعة في الأعشاب! في الأعشاب الصغيرة التي تدوسها أقدام الكبار دون أن نلتفت إليها، والمجد في الوردة، أي الــ Glory in the flower كما يقول، هذه الرؤية لا يُمكِن استردادها أبداً، يقول هذا ويتحسَّر!

الذين نجحوا فينا أن يستبقوا شيئاً من الطفولة يبصمون بالعشرة وبالعشرين على كلام الشاعر الإنجليزي الكبير، بالعشرة وبالعشرين! أي كبير عبقري فينا أو شاعر أو فيلسوف أو مُتأمِّل حاذق يقول نعم، إن أتحسَّر على شيئ أتحسَّر على طفولتي التي لم تُسعِفها البلاغة، للأسف المُعجَمية والبلاغة تخذل الأطفال، الطفل ليس عنده تلك القدرة البيانية، ولا تلك الحصيلة المُعجَمية، لكي يستخدمها ويُعبِّر عن بعض ما يشعر فيه، إزاء القمر حين يراه مُكتمِلاً – أي الطفل -، إزاء شقحة البطيخ حين يراها مرمية على الطاولة أو على الأرض، إزاء وردة يراها لأول مرة ويشم عبيرها وعبقها، إزاء النهر الجاري أو البحر الهدّار الأمواج، يراه لأول مرة، أو بحر الرمال في الصحراء، أو… أو… أو… إلى ما لا يتناهى من هذه الآيات الربانية في الكون، في الآفاق العُلوية والسُفلية.

كل هذا بالنسبة للطفل يُشكِّل مصدراً للشعور، للإلهام، للاندهاش، للامتلاء، للانجذاب، تخذله بلاغته أن يُعبِّر عن بعضه المسكين، ولذلك ويليام ووردزوورث William Wordsworth يقول هذه الرؤية المُشرِقة للطفولة التي ترى الروعة في الأعشاب والمجد في الأوراد لا يُمكِن – يقول – للأسف استردادها أبداً، ذهبت مع الطفولة، فيا حسرةً على طفولتنا!

القرآن الكريم لا جرم جاء ونوَّع وافتن، افتن في الأساليب وفي الطرق وفي وسائله الكثيرة ولا ريب، فهو خير الكلام من رب الأنام، لا إله إلا هو! لكي يستعيد فينا بعض هذه القدرة، وبعض هذه الطفولية، انظروا إلى كل الآيات التي تدعو وتحث وتحفز على النظر، فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ۩، فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ۩، قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۩، آيات النظر كثيرة جداً! وكذلك آيات الأقسام وآيات الحلف، أقسام القرآن الكريم كثيرة، لِمَ عساه – تبارك وتعالى – يُقسِم بالضُحى؟ وَالضُّحَى ۩، يقول أُقسِم بالضُحى، وأُقسِم بالليل إذا سجى – وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ۩ -، يُقسِم لا إله إلا هو! يُقسِم بالشمس، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ۩ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا ۩ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا ۩ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ۩، الآيات من سورة الشمس، هناك أقسام كثيرة، يُقسِم بمواقع النجوم، ثم يُؤكِّد ويقول وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ۩، يُقسِم بأشياء كثيرة جداً، هذه أقسام القرآن الكريم، علماً بأنه أُلِفت كُتب في أقسام القرآن، لِمَ؟ لِمَ هذا الأسلوب؟

هو رب العالمين طبعاً، وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۩، وله – تبارك وتعالى – وفق حكمته أن يُقسِم بما شاء من خلقه، لكن يظهر ويلوح شيئٌ من وجوه هذه الحكمة، لماذا؟ ليلفتنا، ليلفت هذا الكائن المُتفوِّق في الاعتيادية، نحن أساتذة الاعتياد، نتعوَّد كل شيئ، وإذا اعتدنا الشيئ يُصبِح هذا الشيئ غير موجود تقريباً، وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ۩ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ۩، فالرؤية الحقيقية تحتاج إلى حياة حقيقية، الحياة الحقيقية أقوى ما تكون في الطفل، المنبع! هذا منبع الماء، منبع ماء الحياة، أي الطفل والطفولية، بالعكس! الشيخ الواهن الكبير إن لم يبق فيه من الطفولة شيئ – وهذا حال مُعظَم الناس – هو أشبه بالميت، هو حي أشبه بميت، ما عسى تفعل صورة النجوم والكواكب والسماوات المُنعكِسة في عين صور نافق مثلاً؟ تنعكس، لكن هذا الثور – وهو ميت نافق – لا يرى شيئاً، كذلك هذه الصورة الآيوية حين تنعكس في دماغ، في عقل، وعلى عين إنسان ميت، هو ميت! أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ۩، هؤلاء موتى، الله يقول هؤلاء موتى، مُجرَّد موتى، لا تفعل شيئاً، لن تفعل شيئاً، لن تُحدِث شيئاً سواء وقعت أو لم تقع، الرؤية النفّاذة تحتاج إلى حياة نفّاذة وموّارة، ليست حياة الاعتياد والرتابة والتكرار والديباجات والكليشيهات، يُوجَد كليشيه، كليشيه محفوظ في كل شيئ.

ولذلك – إخواني وأخواتي – لو تأمَّلنا سنجد أن جوهر الشُكر عدم الاعتياد، وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ‌ ۩، انتبهوا! العُبّاد كثيرون، والحمّادون بالألسنة كثيرون، لكن الشكورين قليلون، وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ‌ ۩، وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ۩، إبليس اللعين صدق في هذا، وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ۩، في قلب الشُكر يمثل ماذا؟ يمثل عدم الاعتياد، أن تُدرِك أنه غير عادي، غير عادي أنني أقف، غير عادي بالمرة! ليس ضرورياً أن تقرأ الفسيولوجيا Physiology أو وظائف الأعضاء لكي تفهم كيف تقف بالمُناسَبة، مُعجِزة! مُعجِزة غير طبيعية أن تقف، فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ۩، مُعجِزة!

النبي حدَّثهم – عليه الصلاة وأفضل السلام، ورضيَ الله عنهم، أعني أصحابه – ذات مرة كيف يُحشَر الجبّارون المُتكبِّرون في أمثال الذر وكيف يمشون على وجوههم، فقالوا كيف؟ الناس تمشي على رجلين، قالوا يا رسول الله كيف يمشون على وجوههم؟ قال إن الذي أمشاهم على أرجلهم – أي على رجلين – قادر على أن يمشيهم على وجوههم، قال هذه مُعجِزة، أترون أن هذه عادية؟ هل عادي أن نمشي على رجلين؟ هذا النبي، والنبي هو سيد الشاكرين، وبالتالي هو سيد الدرّاكين، تقييمي لهذا النبي الأعظم – صلوات ربي وتسليماته عليه – أنه لم يكن يعتاد شيئاً، لم يعتد شيئاً، لم يكن يعتاد شيئاً أبداً أبداً، ليس عنده أي شيئ عادي، كل شيئ كان عنده غير عادي، ومن هنا أذكاره فقط، قف على أذكار النبي، تفهم هذا الشيئ.

إذا غابت الشمس وآبت يقول اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دُعاتك وحضور صلواتك فاغفر لنا، فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ۩ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ۩ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ۩، النبي يرى في هذا الليل المُعسعِس شيئاُ عجيباً، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ۩، أصبحنا وأصبح المُلك لله، غير عادي، بالمرة غير عادي! هذا المشهد غير عادي، طبعاً الفنّانون العظام كلهم يرونه غير عادي، أي شاعر يراه غير عادي.

أشهد الليل حين يُسدِل أستاره على هذا العالم، حين يأخذه في حضنه هكذا وفي عباءته السوداء، يُجلبِب العالم، غير عادي! وحين تأتي يد الفجر الحانية تشق جلباب الظلام شيئاً فشيئاً وتسلخه عن هذا العالم، غير عادي! لذلك أقسم الله به، وَالضُّحَى ۩ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ۩، وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ ۩، نفس الشيئ! وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ۩، لذلك مُعظَم أذكار المُصطفى – صلوات ربي وتسليماته عليه – كانت في وقتي الصباح والمساء، اسمها أذكار الصباح والمساء، غير عادي!

النوم لُغز كبير، إلى الآن غير مفهوم بالضبط ما هو النوم، ما رأيكم؟ هناك كم من الدراسات الهائلة – جبل من الدراسات – حول النوم، لكن لم نفهم جوهر النوم بالضبط، هذا غير مفهوم، ما رأيكم؟ واسألوا أكبر المُتخصِّصين في هذه العلوم، لذلك النبي كان له أذكار خاصة كثيرة عند النوم، ويعلم أنه سر، أمر إلهي عجيب، باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه.

غير عادي أنك تموت هذه الموتة الصغيرة، موت! وانظر إلى هذا النائم المقبور في مخدعه، هذا موت صغير، انظر إلى المقبور في مخدعه، انظر إلى هذا المشهد المُذكِّر بالموت، النوم هو موت صغير، والموت نوم كبير، أشبه بميت، لا يدري بشيئ مما يدور حوله، النبي كان يرى في هذا لُغزاً وآيةً إلهيةً كبيرةً، ويعلم أنه كما العجب في أننا نام العجب في أن نعود إلى الحياة ونستيقظ، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، الله! غير عادي.

غير عادي أن ننام وأن ننهض أو نستيقظ من النوم، غير عادي! النبي كان يرى أنه غير عادي، ما رأيكم؟ غير عادي أن نأكل ونشرب، غير عادي! لذلك كان له أذكاره إذا بسط يده إلى الطعام، وإذا فرغ من هذا وامتلأ وانمرأ طعامه، غير عادي أن ينمرئ الطعام، وأيضاً لست بحاجة أن تدرس وظائف الأعضاء لكي تعلم العمليات والميكانيزمات – Mechanisms – المُعقَّدة جداً جداً جداً جداً، لذلك كانت الأمراض إلفاتات، إيقظات، وإلماعات، لكي يطرح الإنسان على نفسه السؤال، إذن كيف يتم هذا؟ ولِمَ تعوَّق هذا هنا؟ ابدأ ادرس إذن ميكانيزمات – Mechanisms – وآليات المرض المُختلِفة، لِمَ يحصل هذا؟ خلافات أحياناً تكون بسيطة جداً جداً في حامض أمينو Amino واحد، حامض أمنيو Amino واحد! واقرأ عن أمراض السكر والإنسولين Insulin وما إلى ذلك لكي تفهم هذا كيف، هذا غير عادي! أن تأكل وتشرب ويمترئ طعامك غير عادي.

تذهب إلى الحمام وتقضي حاجتك، غير عادي! وكان للنبي أيضاً هنا أذكار، هنا حتى كان له أذكار، أذكار عجيبة، عجيبة ومُعجِبة! الحمد لله الذي أذهب عني أذاه، يتحدَّث عن ماذا؟ عن الطعام، الطعام له أذى، يخرج مع الخارج، فيقول الحمد لله الذي أذهب عني أذاه، وأذاقني لذته، أي الطعام والشراب، وأبقى في قوته، إذن غير عادي، غير عادي أنك تذهب إلى الحمام، تذهب وتخرج، غير عادي! انتبه إلى هذا، بعض الناس لا يستطيع، ما رأيك؟ بعض الناس لا يستطيع، بعض الناس له مشاكل كبيرة لكي يذهب إلى الحمام، لكي يمترئ طعامه المسكين، ولكي يأكل ويشرب، وتعرف الأمراض الكثيرة.

النبي كان يرى أن كل شيئ غير عادي، هذا كله غير عادي! ليس علينا الآن في هذه المرحلة ان نُحلِّق بعيداً – ولا نُريد أن نُحلِّق بعيداً – في أجواز السماء والكواكب والمجرات والنجوم، لا! وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ۩، وفي الحقيقة لم آت لكي أُحدِّثكم عن هذا المش عادي في هذه المُستويات الخلقية التكوينية القدرية، التي يتكفَّل بالحديث عنها على أحسن وجه يكون ويُرام العلم، العلم! العلم – كالطب، الفسيولوجيا Physiology، التشريح، الهيستولوجيا Histology، والباثولوجيا Pathology – أحسن مَن يتحدَّث هنا، وبالمُناسَبة هؤلاء العلماء الكبار المُبرِّزون في هذه الشؤون يقتربون من الله دون أن يدروا طبعاً، هم يقرأون آيات الله دون أن يدروا، ثم يفشلون في عزوها، يقومون بعزوها إلى شيئ لا معنى له، مرة إلى الصُدفة، مرة إلى الاتفاقات، ومرة إلى اللاأدرية، للأسف ينتحرون، لكن هذه المُحاوَلات بحد ذاتها اقتراب من الرب، لا إله إلا هو!

أيضاً هناك آيات الأمر والحث والحفز – الأمر بــ والحفز والحث على – على أن ترى، طبعاً الله يُحاوِل أن يُرينا، لِنُرِيَهُ ۩، أَلَمْ تَرَوْا ۩، أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۩، أَلَمْ تَرَ أَنَّ ۩، كل هذه الإلفتات لكي أيضاً لكي يفتح عيوننا، عيون البصائر طبعاً، ليس هذه العيون.

يَا نِاظِرًا يَرْنُو بِعَيْنَيْ رَاقِدٍ                              وَمُشَاهِدًا لِلأَمْرِ غَيْرَ مُشَاهِدِ.

وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ۩، ننظر ولا نُبصِر، ننظر نحن ولا نُبصِر! نسمع ولا نعقل، القرآن يقول هذا، ينظرون ولا يُبصِرون، ويسمعون ولا يعقلون، نحتاج إلى آذان جديدة، إلى عيون جديدة، وإلى بصيرة جديدة، لكي تشتغل هذه الآلات والمنافذ، منافذ الحس ومنافذ المعرفة في الإنسان، أساليب القرآن – كما قلت – وافتنانه في هذه الأساليب أمر مُعجِب، مُعجِب جداً جداً جداً يا إخواني.

جئت لأُحدِّثكم في الحقيقة ليس عن هذه الآفاق القدرية التكوينية، كما قلت التي يتكفَّل العلم بوفاء مُتحدِّثاً عنها، إنما جئت لأُحدِّثكم عن الجوانب الاجتماعية، وهي الأخطر في حياتنا، والعجيب أن البداية كانت قبل زُهاء ربع قرن، ومع سطر قرأته لفيلسوف أمريكي مُلحِد، لكنه رجل عنده شيئ من حكيم، وهو ويل ديورانت Will Durant في قصور الفلسفة، الذي جعله بعد ذلك مباهج الفلسفة، سطر واحد قرأته، وفي الحقيقة غيَّر الكثير – نحو الأفضل طبعاً – جداً في حياتي وعلاقاتي، وفي نظري وتقييمي للأمور، وأرجو أن تستفيدوا من هذا، وهذا موضوع الخُطبة، وذكرته بالمُناسَبة قبل، ذكرت هذا المعنى أكثر من مرة، لكن هو يحتاج أن تُكسَر عليه خُطبة برأسها، أي تُخصَّص له، يحتاج أن تُكسَر عليه خُطبة برأسها وبحيالها، لكي نُحسِن الالتفات إليه وتثمين هذه الحكمة وتقديرها حق قدرها.

قال نحتاج إلى قدر من الحكمة زائد – ليس أن نكون حُكماء، أن نكون حُكماء بقدر Over، أي زائد – لكي نُدرِك أن أكثر إن لم يكن كل ما نعده عادياً في حياتنا ليس عادياً، غيَّرت من حياتي هذه الكلمة لهذا الفيلسوف الكبير والمُؤرِّخ العظيم، غيَّرت حياتي حقيقةً، بمعنى ماذا؟ لكي نكون واضحين جداً جداً سنقول:

يا أيها الزوج ليس عادياً بالمرة – (خصوصاً في هذا الزمان الأغبر) إن جاز التعبير، هذا ليس عادياً بالمرة، وأُخاطِب هنا الأزواج – أن يكون لك زوجة ديّنة، صيّنة، مُطيعة، طيبة، ترعاك في نفسها وولدك ومالك، تُحافِظ على شرفك واعتبارك بين الناس، تُحِبك، وتفي بعهدك، مش عادي، والله العظيم مش عادي! ما رأيكم؟ واسألوا الذين نكبتهم أزواجهم بالخيانة والعار والشر المجلوب إليهم وإلى بيوتهم، مش عادي!

ولذلك هذه الزوجة التي نثرت لك بطنها وأعطتك خمسة أو ستة أو سبعة – وأحياناً أكثر – من الأولاد إياك أن تكفر نعمتها وتجحد عهدها، لأنها كبرت وأنت زاد مالك، فتُريد غيداء، خمصانة، وسيمة، قسيمة، تُجدِّد بها شبابك الذاهب وعهدك الدابر، إياك يا أحمق – حاشاكم -، لأنك ستكون أحمق، وستعض إصبع الندامة عما قريب، إياك! كُن حكيماً، إياك أن تلعب بك المُسلسَلات والأفلام والكلام الفارغ هذا، انتبه من تفاهات العصر، كُن رجلاً وازناً، كُن رصيناً، افهم أن ما أنت فيه مش عادي.

لذلك سيحدث الآتي إذا فهمت هذا واستفدت منه، لأنك قد تقول لي ما النتيجة؟ وأقول لك بلا مُبالَغة ستبقى عريساً طيلة حياتك، سترى أن هذه عروس، هذا لا يزال أول شهر عسل لنا، ما رأيك؟ مع أن القاعدة تقول بعد خمس سنوات يبدأ السأم ويبدأ الملل في عُش الزوجية، معروف هذا في العالم، لا! تنكسر هذه القاعدة مع أمثال هؤلاء الحُكماء، طبعاً هذا الحكيم حكمته ستدفعه دفعاً إلى أن يتمثَّلها ويُعبِّر عنها بألف طريقة وطريقة، وستسعد هي بهذا تماماً، ستُشعِرها دائماً أنكِ عروسي المُفضَّلة، منبع السعادة والهناء والفرحة الدائمة لي والأمان في هذه الحياة الصخّابة الموّاجة.

أيتها الزوجة مش عادي بالمرة أنك تحظين بزوج ديّن، تقي، شريف، عفيف، بيتوتي، مُهتَم بالعائلة، يرعاكِ وولدكِ، لا يأتيكِ عند الفجر وفي أواخر الليالي سكران طافحاً كما يُقال، يسب ويضرب ويشتم ويكسر، لا يجلب لكِ العار ولولدكِ بأفعاله النكدة المنكورة المنكودة، مش عادي! مش عادي أن هناك زوجاً يعمل ويتعب ويُنفِق بحس مسؤولية على عائلته، وأحياناً يُقتِّر على نفسه في ملبسه وزينته ومركبه، من أجل أن ترفه عائلته، مش عادي، والله هذا ليس عادياً أيتها الحمقة – حاشاكن -، حين تُصبحِين حمقاء وترين أن هذا عادياً وكل الرجال يفعلونه ستفقدينه يا حمقاء وستعضين إصبع الندم، وأتحدَّث عن تجارب كثيرة، والحمقاوات كثيرات كما الحمقى يملأون وجه الأرض، غص بهم العالم!

يا ولدي – يا ابني، ويا ابنتي – مش عادي أنك تحظى بمثل هذا الأب، لن أُعيد بعض أوصافه، أب مُتدين، صيّن، شريف، عفيف، مُستقيم، يجلب الاحترام والاعتبار، مش عادي يا ابني، مش عادي! ارع حق أبيك، قبِّل يده كلما رأيته وصافحته صباح مساء، تواضع له، ابخع له، اخشع بين يديه، لن ينقص هذا من قدرك، وإن كنت أعلم العلماء وأكبر الكبراء، ولا يكبر الرجل وإن كان كبيراً عن التواضع والبخوع والخشوع لثلاثة كما قال المأمون – عبد الله، الخليفة العباسي ابن هارون الرشيد -، لوالده، ولمُعلِّمه، والثالث ولضيفه، انظر إلى الأخلاق العربية الإسلامية، جاء ضيفاً علىّ في بيتي، إذن انتهى الأمر، سأكون خادماً له طالما هو في ضيافتي، من باب احترامي لنفسي، هذا الاحترام، انظر إلى الناس الحُكماء.

أقول هذا وفي الحلق غُصة وفي القلب حسرة، لأنني أعلم ما تطفح به الفضاءات – وخاصة الفضاء السيبيري – من تفاهات العصر، أكلت شبابنا وشوابنا، دمَّرت قواعدنا، عاداتنا، تقاليدنا، أفكارنا، وقيمنا الحقيقية التي يحق لنا أن نفخر بها والله، وأن نعيش بها، وأن نُبعَث بها بعثاً جديداً، كي نُصبِح بشراً مُحترَمين وسعداء أيضاً.

ويا ابنتي الكلام نفسه أُوجهه إليكِ، مش عادي أن عندكِ مثل هذه الأم أو مثل هذا الأب، وكذلك أقول للصديق مش عادي بالمرة بالمرة بالمرة إلى انقطاع النفس أنك تسعد وتحظى بصديق وفي، أحبك – كما نقول بالعامية – لله، ليس لسُلطانك إن كنت ذا سُلطان، ليس لمالك إن كنت ذا مال، وليس لعلمك إن كنت عليماً، أبداً أبداً! لم يُحِبك لشيئ من هذا، والناس عموماً تُحِب لهذه الأشياء، تُحِب حُباً غير نزيه، حُباً مُغرِضاً، أي فيه غرض، لكي يستفيدوا هم، هذا أحبك لما أنت عليه، تقبَّلك كما أنت وأحبك، وهو صديق صدوق، بمعنى ماذا؟ كيف يكون صدوقاً؟ ينصحك بصدق، وصديقك مَن صدَقك، لا مَن صدَّقك، نعم نعم نعم! يعلم مواضع الخير ومواضع الشر، يأمرك بهذا وينهاك عن هذا بلُطف ومحبة، كمحبة الوالد المُشفِق، إن ظفرت بمثل هذا الصديق عُض عليه بالنواجز، إياك أن تُفرِّط فيه، والله! واتخذه في الدهر أخاً، فربما احتجته في يوم قريب أو بعيد، لن يخذلك، وهذا قليل، قليل في كل زمان بالمُناسَبة، قليل في كل زمان!

وهذه الوصية لمَن؟ هذه الوصية بالذات لذوي السُلطان وذوي الأموال وذوي الشُهرة والحيثية من الحمقى، مُعظَمهم حمقى، يظنون أن الناس فعلاً يُحِبونهم ويُعظِّمونهم، كذب كذب كذب! فقط لكي ينتفعوا من ورائكم، ينتفعوا منكم وبكم فقط، إن زال سُلطانكم أو مالكم أو عزكم أو حيثيتكم لعنوكم في أول اللاعنين، ما رأيكم؟ فلا تكونوا حمقى، لا تكونوا حمقى.

لذلك عليك أن تحتفظ بمثل هؤلاء أو بمثل هذه بالأحرى العملة النادرة، التي اسمها الصديق الصدوق، قليلٌ ما هم، وكذلك الحال مع الجار الذي يكف أذاه عنك ولا يتطلَّع إلى حريمك، إلى بناتك وإلى زوجك، بل لعله يذب عنك ويدفع عنك كأخٍ، هذا الجار يُوزَّن ذهباً، فاحفظ قيمته واحفظ جواره، وواصله بالخير والحُب والإسعاد باستمرار، مش عادي!

أرجو يا إخواني أن نُدرِك هذه المش عادية في حياتنا لكي نسعد، تعلمون أن من أكبر أبواب السعادة هو هذا الإدراك للمش عادية في حياتنا، أنا أُسميها السعادة المجانية أو في أصعب الظروف الرخيصة، أكلافها رخيصة جداً جداً.

وأختم بهذه الصورة البسيطة، يُمكِن الآن بعد أن نفرغ من صلاة العصر وننطلق إلى بيوتنا أن نتبضَّع، جميل جداً، مش عادي يا أختي أن زوجكِ كلما عاد من عمله أو من منشطه أن يفتح عليكِ التليفون – كما نقول – ويقول لكِ ماذا تُريدين يا حبة عيني ويكتب ما تُريدين، مش عادي والله، ليس كل الرجل يفعلون هذا، وتطلبين عشرة أشياء فيأتيكِ بعشرين، تطلبين بخمسين فيأتيكِ بمائتين، مش عادي، احفظي قدره، اظهري الامتنان والعرفان له دائماً، دائماً! لا تملي من قول لا حرمنا الله منك ومن كرمك ومن حنانك ومن أبوتك، ما شاء الله عليك، لا تملي من هذا، وأنت أيضاً لا تمل، مع كل طبخة، مع كل مشهد جميل، ومع كذا وكذا، لا تمل أبداً، افعل هذا باستمرار.

بالمُناسَبة قد يقول لي أحدكم هل هذه خُطبة دينية؟ هذه في صميم الدين، مَن لا يشكر الناس لا يشكر الله، الدين علَّمنا هذا، وأعظم الناس منّة علينا الوالدون، الآباء والأمهات، الوالدون ثم الأزواج والزوجات، فعلينا أن نُظهِر الامتنان والشكر الحقيقي، فتعودون تتبضعون ثم تجلسون في المساء بعد صلاة المغرب، يحسن أن تكون جماعة، هذا شيئ عظيم، اللبأ وابن طاب كما يُقال، تُولِّعون شمعة بسيطة، تضعون رائحة عبقة، تجلسون هكذا وتتناولون أشياء مُعيَّنة، ربما تُتابِعون مُسلسَلاً أو فيلماً لا يخدش الحياء، أو تفتحون موضوعاً للنقاش، سعادة وأي سعادة والله! ومجانية تقريباً، شمعة وبعض الرائحة، سعادة غير عادية، والله العظيم يشتاق إلى أمثالها الملوك ولا يجدونها، الذين يبيت أحدهم كل ساعة في مكان، يخاف من الاغتيال، يخاف من القتل، ويخاف من أقرب المُقرَّبين إليه.

اسعدوا وافرحوا واشكروا ربكم، اللهم اجعلنا من عبادك الذاكرين والمُحسِنين والشاكرين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.

اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم الكريم ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرَّجته، ولا كرباً إلا نفَّسته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا غائباً إلا رددته، ولا أسيراً إلا أطلقته، ولا مديناً إلا قضيت عنه دينه، بفضلك ومنّك يا رب العالمين.

اغفر لنا ولوالدينا، وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.

أجِرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأعطنا سؤلنا وطَلِبتنا وفوق سؤلنا، بفضلك وكرمك ومنّك، إلهنا ومولانا يا رب العالمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

 فيينا (5/1/2018)

 

 

 

 

 

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: