إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُجاهِدين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

 أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد: 

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الكريمات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: 

فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ۩ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ۩ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ۩ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ۩ فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ ۩ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.

أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الأخوات الفاضلات:

هذه الآيات الكريمات من سورة هود كان خير تجسيد وخير تمثيل لها خروج الإمام الشهيد أبي عبد الله الحُسين بن عليّ بن أبي طالب – عليهما السلام، ورضيَ الله تعالى عنهما وأرضاهما – على الطاغية الظالم الذي استحل محارم الله، ونكث عهد الله، وخالف عن سُنة رسول الله، وسار في عباد الله بالظلم والفساد، على يزيد بن مُعاوية.

خرج هذا الإمام الجليل في يوم من أيام الله المشهودات، في يوم كيوم أمس، أي عاشوراء، من شهر الله المُحرَّم، فلم يرعوا لأهل بيت رسول الله حُرمةً، ولم يرعوا حُرمةً للإسلام، ولا حُرمةً للطفولة البريئة، ولا حُرمةً للزمان، للشهر المُحرَّم، وقتَّلوهم شر تقتيل، وذبَّحوهم، وأسروهم، وفعلوا فيهم الأفاعيل.

ثم بعد ذلك يختلف الناس ولا يزالون ومن أسف إلى اليوم أكان الإمام الجليل – الشهيد ابن الشهيد، ابن رسول الله، سبط رسول الله – مُحِقاً أم مُبطِلاً في خروجه؟ لأن هناك مُفرَدة حمقاء تُسيطر على عقولنا، على عقول المُسلِمين، بل على عقول حتى كثير من علماء المُسلِمين، مُفرَدة سُلطانية، استطاع السُلطان الظالم – فرعون هذه الأمة في كل زمان – أن يُوظِّفها أحسن توظيف، مع مُفرَدة أُخرى، قرينة لها، تشفعها دائماً وأبداً، مُفرَدة الاجتهاد، اجتهد في خروجه وكان مُخطئاً، واجتهد الحاكم في قتله وفي ذبحه واستحلال حُرمة قرابة رسول الله وكان مُخطئاً، اجتهد فأخطأ، مُفرَدة قبيحة جداً، لا نعرف ما هذا الاجتهاد، عن أي اجتهاد يتحدَّثون؟ عن الاجتهاد الأصولي الشرعي الذي له ضوابط وله شرائط أم أن الاجتهاد باب مفتوح على مصرعيه لكل ظالم ولكل طاغية ولكل سفّاح مُبير وقاتل مُجرِم أثيم؟ بعد ذلك تُبرَّر أفعاله وتُبرَّر جرائمه بهذه المُفرَدة الحمقاء: الاجتهاد، إذن كل الطواغيت في عصورنا والذين لا نزال – والعياذ بالله – نُعاني ونذوق المرائر بجرائرهم وبهم وبأفعالهم مُجتهِدون، يجتهدون ويُخطئون.

والمُفرَدة الثانية الفتنة، كل تحرك، كل تغير، وكل كلمة حرة جريئة شجاعة تُقال لتُغيِّر من هذا الوضع الآسن الراكد العفن يُقال إنها مدعاة للفتنة، الفتنة نائمة، لعن الله مَن أيقظها، فتنة! إنها مُفرَدة سُلطانية حقيرة أُخرى، لا تزال تتردَّد إلى اليوم للأسف، وعلى ألسنة فقهاء السُلطان، وعلماء وعُملاء السلاطين.

إذن الاجتهاد والفتنة، إذا أخطأ المُجرِم الطاغية فمُباشَرةً التبرير جاهز، يُقال اجتهد فأخطأ، رضيَ الله عنه، رضيَ الله عن قتلة الحُسين، اجتهدوا فأخطأوا، رضيَ الله عن قتلة أئمة المُسلِمين، عن قتلة الصحابة وأبناء الصحابة، عن قتلة العلماء المُجتهِدين، وعن الذين فعلوا بالأمة الأفاعيل، رضيَ الله عنهم، اجتهدوا فأخطأوا، استحماق ما بعده استحماق، بل استحمار – أكرمكم الله – لهذه الأمة، استنزاف لوعي الأمة، وتزوير لحقائق التاريخ.

ولكن – كلمة تُطمئن – كما الإسلام هو التاريخ أيضاً، الإسلام يُدافِع عن نفسه باستمرار، لا يُمكِن تزوير روح الإسلام، والله لو اجتمع كل هؤلاء الزائفون الدجاجلة الأدعياء ووقفوا في صف واحد وفي سماط واحد مع كل الطواغيت والفراعين والظلمة والأفّاكين ليُزوِّروا روح الإسلام ما استطاعوا، نعم يُمكِن أن يُزوِّروا بعض أحكام الإسلام، كأحكام الاجتهاد وأحكام الفتنة وما إلى ذلكم، لكن روح الإسلام لا تُزوَّر، كيف؟ ماذا أُريد ان أقول؟ انتبهوا، هذا مبدأ مُهِم جداً، معيار لفهم الحقائق ولوزن الحقائق.

يُمكِن الآن أن نقول وأن نعقد مُقارَنة على النحو الآتي، ماذا يُمكِن أن نجد عند شخص مثل يزيد بن مُعاوية وحتى عند أبيه مُعاوية أيضاً للفقراء، للمُضهَدين، للمُهانين، للمُذَلين؟ ائتوني – وأنا أتحدى – بأي شيئ عند هذين وأمثالهما يُمكِن أن ننتصف به وأن ننتصر به لكل مظلوم، لكل مُذَل، لكل مُهان، ولكل فقير، هذا غير موجود، مُستحيل! لكن إذا أرادتم من تراثهم ومن أفعالهم ومن نظرياتهم أشياء كثيرة للأغنياء، لشيوخ القبائل، للشعراء الدجاجلة الكسبة – الذين يتكسَّبون بقضايا الأمة -،  فهذا موجود، يُمكِن أن تجدوا الكثير.

لكن في المُقابِل ماذا يُمكِن أن تجدوا عند أبي بكر الصدّيق – رضيَ الله عنه وأرضاه -؟ ماذا يُمكِن أن تجدوا عند عمر؟ ماذا يُمكِن أن تجدوا عند عليّ؟ ماذا يُمكِن أن تجدوا عند سلمان؟ ماذا يُمكِن أن تجدوا عند المقداد؟ ماذا يُمكِن أن تجدوا عند أبي ذر الغفاري؟ ماذا يُمكِن أن تجدوا عند الحُسين بن عليّ؟ الكثير، كل شيئ! ماذا يُمكِن أن تجدوا عند رسول الله؟ كل شيئ! للمُذَلين، للضعفاء، للمسحوقين، وللمُهانين، كل شيئ عند هذه الشخصيات العظيمة، التي هي أحسن تجسيد للإسلام، لكن لا يُمكِن أن تجدوا أي شيئ عند مُعاوية أو عند يزيد، مُستحيل! تكذبون على أنفسهم، هذا لا يُمكِن، لماذا؟ كيف فهمتم هذا؟ لأن الإسلام يُدافِع عن نفسه.

أنتم تقرأون القرآن، مهما زُيِّف وعيكم القرآن يُدافِع عن نفسه، القرآن ينحاز إلى الضعفاء، وإلى المُضطهَدين، وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ۩ يا محمد، وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۩، مَن هم يا رب العالمين؟ إنهم الفقراء بأنصاف الثياب، بأنصاف الثياب! إذا غسل أحدهم إزاره لم يخرج إلى صلاة الجماعة، لأنه عارٍ، القرآن يقول لمحمد كُن معهم، لا تعدل عن طريقهم، كُن واحداً منهم، وهكذا! يكفي المُهانين والمُستضعَفين والجماهير اللاغبة من أمثالنا سورة عبس، تكفي سورة عبس، لها إيحاؤها ولها إلهامها، عتب شديد وأي عتب! عَبَسَ وَتَوَلَّى ۩ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ۩، هذا الأعمى مُكلَّف عند الله، وأما الكبار والعلية والوجاهات فشأنهم ما تعلمون، المال والغنى والسُلطة أشياء لا تُساوي عند الله شيئاً، ليس العظيم عند الناس عظيماً عند الله دائماً أبداً، قد يكون حقيراً في نظر الناس وعظيماً جداً عند الله – تبارك وتعالى -، رأى النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – هذا، هذه روح الإسلام، لا يُمكِن أن نحيد عنها، ومن الصعب أن تُزوَّر، قد تُزوِّر الأحكام، قد تُزوِّر الفقه، قد تكذب على حقائق التاريخ، لكن لن تستطيع أن تُزوِّر روح الدين، لأن القرآن يُتلى، وله روحه، له ألقه، وله شعاعه.

ونعود إلى هذه النُقطة، إذن كما الإسلام هو التاريخ أيضاً، حتى التاريخ! يُقال اتركوا هذا الكلام الذي تُضلَّل به الحقائق وتُغبَّش، مَن يُدرينا أن هذه الحادثة وقعت هكذا؟ مَن يُدرينا أن فلاناً قال هذه الكلمة؟ لا أحد يستطيع أن يجزم، نعم! لا أحد يدري، لكن كل أحد يدري أن هناك اتجاهات في التاريخ، الاتجاه الأموي – مثلاً – في التاريخ لا يُمثِّل الإسلام، الاتجاه الراشدي يُمثِّل الإسلام، الاتجاه السُلطاني الذي يمتد إلى اليوم اتجاه زائف، إلى اليوم يمتد للأسف، ونُحكَم بأمثال هؤلاء، وأيضاً باسم الإسلام وباسم المُؤسَّسة وباسم الفتوى وباسم الأزهر وباسم الجامعات الإسلامية، نفس الشيئ! فهذا الاتجاه زائف، لا يُمثِّل الإسلام، لا يعكس روح الإسلام، لا ينتصف للجماهير، للمظلومين، للضعفاء، وللمُضطهَدين أبداً، ولذلك لا ينحاز إليه العلماء الأحرار، الفقهاء الشجعان، والأبطال من أبناء هذه الأمة، لا ينحازون إلى هذا الاتجاه – بحمد الله تبارك وتعالى -، ينحازون إلى اتجاه آخر.

أدري أن بعض الناس سيتساءل – وللأسف هذا السؤال أيضاً غير مُبرَّر – ما الذي بقيَ من الحُسين ومن شهادة الحُسين – عليه سلام الله – بعد ألف وأربعمائة سنة؟ ما الذي بقيَ؟ هذا حدث تاريخي! للأسف بعض الناس يُوشِك أن يجعله حدثاً عادياً، رجل خرج باجتهاد وقُتِل، مثلما قُتِل الكثيرون بعده، ظلم! ظلم للحقائق، وظلم لهذه الشخصية، ومَن مثل أبي عبد الله؟! مَن مثل الحُسين؟! للأسف الشديد هذا نتاج تزييف وعينا، نتاج تسطيح الأمور، تسطيحها بكلمات ومُفرَدات حمقاء بسيطة، مَن مثل أبي عبد الله؟! انتبهوا.

كثير من المُستشرِقين – أنا طالعت أقوالهم – للأسف يصدرون عن حقد شديد جداً، أشد من حقد الأمويين على الحُسين، أي والله! مُستشرِقون كبار جداً حاقدون أشد الحقد على حركة الحُسين وثورة الحُسين، حتى قال بعضهم هذا الحُسين خرج يحمل دعاوى عريضة، هو يظن الأحمق كما يظن حمقى المُسلِمين أيضاً – بعض حمقى المُسلِمين – أن الحُسين خرج يُطالِب بالخلافة، لكن الحُسين لم يخرج مُطالِباً بالخلافة، وكان يعلم أن منالها صعب جداً، وليست قضيته أن يكون خليفة أو يكون من الرعية أبداً، هو أرقى من ذلك، وأعظم من ذلك، وأجل من ذلك، وسترون!

قال خرج ومعه دعاوى عريضة، ولكنه أساء تقدير الموقف، فقُتِل هذه القِتلة، أي يستحقها! للأسف بعض العلماء المُسلِمين قال الحُسين قُتِل بسيف جده، أستغفر الله العظيم، كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۩، أي يستحق القتل، لأن النبي قال مَن جاءكم وأمركم جميع على رجل واحد يُريد أن يشق عصاكم فاضربوا عُنقه كائناً مَن كان، الله أكبر! هذا هو التفكير الذي نُسميه التفكير الصوري، يُمكِن أن أُثبِت لك أيضاً بمائة حديث آخر أن هذا التفكير مدخول وباطل وكاذب ولا يعكس روح الإسلام، إذن أين أنت من حديث الرسول الآخر سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله؟ إنه سيد الشهداء.

طبعاً نحن مُوقِنون أن للحُسين في نفوس المُسلِمين سُنةً وشيعةً من المكانة ما لا يُساميه فيها أحد سواه، هذا ليس عند الشيعة وحدهم، حتى السُنة – بحمد الله تبارك وتعالى – هكذا، المُسلِمون سُنة وشيعةً على هذا النحو، للحُسين في نفوسنا جميعاً من المكانة ما لا يُساميه فيها أحد سواه، كشهيد في نظر الحس الإسلامي هو أعظم حتى من حمزة – أسد الله -، كشهيد! لأن شهادته كان لها ثقل ووقع من نوع فريد جداً، وسترون ذلك.

الحُسين ما خرج مُطالِباً بالخلافة، كلا! لم يخرج هكذا أبداً، وما كان يُريد ذلك، والحُسين ما خرج مُقدِّراً في خروجه النصر، بالعكس! خرج وهو يُقدِّر في خروجه القتل، كان يعلم أنه سيُقتَل، وكل مَن نصح له مِن الصحابة الأوفياء الصالحين كعبد الله بن عمر وأخيه محمد بن الحنفية كانوا يعلمون ذلك، وحتى ابن الزُبير كان يعلم ذلك، كانوا يعلمون أنه لن يعود، قال له عبد الله وهو يبكي – أي عبد الله بن عمر، رضيَ الله عنهما – أستودعك الله من قتيل، يعلم أنه لن يعود، وهو يعلم ذلك، وقد خرج يتمثَّل ولسان حاله يقول:

إذا كان دين محمد لم يستقم                            إلا بقتلي فيا سيوف خُذيني. قطعيني إرباً إرباً، لا بأس!

نُريد هنا فقط في المقام والمقام قصير جداً للأسف أن نقول الآتي، طبعاً ويُؤسِفني أن نجعل الحديث عن هذه الثورة – شرف الثورات وأم الشهادات – حديثاً موسمياً، حديثاً مُناسَبتياً، هذا خطأ أيضاً، خطأ منا! لا ينبغي أن يكون الحديث عن موقف الحُسين وحركة الحُسين وخروج الحُسين ودروس شهادة الحُسين حديثاً مُناسَبتياً، ينبغي أن يصير وعياً دائماً في قلوب شباب المُسلِمين وشواب المُسلِمين، صغار المُسلِمين قبل كبارهم، حتى نخرج من هذا التيه الذي نحن فيه، حتى نخرج من لعنة الطُغاة، من لعنة الفراعين، من لعنة الظلمة، ومن لعنة تزييف الوعي.

امتد الأمر بشكل مُزرٍ، بشكل مُهين، أهان قيم ومبادئ وتاريخ وفعل وإيجابية هذه الأمة، قرون وقرون! ولا تزال هذه الرحى تطحن، تطحن كل ما ذُكِر، على كلٍ إلا أنه للأسف حديث موسمي.

حين خرج هذا الإمام الجليل – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – أبى أن يخرج إلى اليمن، وفي اليمن له ولأبيه ولأهل بيته شيعة مُتكاثِرون، وقد كانوا قادرين على نصره ومنعه، كما لا يقدر أهل العراق، وبالذات أهل الكوفة، إلا أنه أبى، ونصح له الصحابة، لماذا لا تسير إلى اليمن وهي أبعد منالاً من الكوفة وأبعد من عاصمة بني أُمية؟ قال لا، إلى الكوفة، وإلى العراق، ليس لأنه كان مغروراً بالأحمال والكُتب التي سيَّرها إليه أهل العراق، هو يعلم طبيعة هؤلاء الناس، وهو يعلم كيف أنهم هم الذين قتلوا أباه وخذلوا أخاه، يعلم ذلك جيداً، لكنه قدَّر شيئاً آخر، ربما تسمعونه لأول مرة.

كان يُقدِّر تقديراً آخر ونجح، ونجح في خروجه – عليه السلام – ما لم ينجح لا أبوه ولا أخوه من قبل – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، يُقدِّر! هناك خُطة واستراتيجية واضحة عنده، لكن لم تُفصِح عن نفسها ولم يُفصَح عن بواعثها ودوافعها إلا بعد أن تمت المأساة، بعد أن وقعت الشهادة، بدأنا نفهم، وبدأ التاريخ يعي لماذا خرج ولماذا خطَّط هذا التخطيط.

قيل له إذن فذر واترك أهل بيتك هنا، لماذا تأخذ النسوان والصغار والضعفة؟ الصغار! أبناء الأشهر، وأبناء السنين، قال كلا، ومعي أهل بيتي جميعاً، نساؤهم وأطفالهم خرجوا جميعاً معه، وكانوا قريباً من سبعين، وقد كان قادراً على أن يتركهم في الحجاز، لكنه أبى، لماذا أيضاً؟ لم يُفهَم، لم نفهم لماذا.

ثالثاً أبى أن يخرج معه عدد من أنصاره وهم كُثر من أهل الحجاز، قال لا، لا أُريد، عجيب! إذن الرجل هل يسوق نفسه وأهل بيته إلى مذبحة وإلى ملحمة عن تقصد وعن تعمد؟ ليس الأمر أمر سلوك انتحاري أو سلوك استضحائي كما أُسميه، ليس هكذا، بالعكس! منطق الحُسين هو ضد عقلية الاستضحاء التي تكلَّمنا عنها غير مرة أو مرتين بالحري، على كل حال ربما نعود إليها اليوم، كلا! ليس سلوكاً استضحائياً ولا تصرفاً أو مسلكاً انتحارياً، إنه تقدير من نوع مُختلِف تماماً، غير ما يُقال لنا ويُكتَب في الكتابات والدراسات للأسف من بعض الشانئين أو بعض القاصرين عن فهم ما حدث، أبى أن يخرج معه عدد من أنصاره الحجازيين، قال لا، يُريد أن يخرج في قلة، هذه القلة قوامها أهل بيته، قوامها أهل بيته فقط، يُريد هكذا.

خرج وعمد لا يلوي على شيئ إلى مقصده، وتمت المأساة، وتمت المأساة! بعد ذلك أفصحت البواعث والدوافع عن نفسها، انظروا، لو خرج إلى اليمن واليمن – كما قلنا – بلدة أو بلد بعيد المنال لتطاول أمد الحرب، ربما أشهراً وربما سنين، وبعد ذلك سيضيع الهدف الذي لأجله خرج هذا الإمام، هو يعلم أن دولة بني أُمية أصبحت دولةً قويةً للأسف، دولة قوية ولها جيوش ولها ولاة ولها أقاليم، واحتجنت أموال المُسلِمين وصرَّفتها في تدعيم سُلطتها العسكرية الغاشمة الإقصائية، يعلم ذلك وأن ليس من السهل مُواجَهتها، ليس من السهل مُواجَهتها أبداً، وهو يُريد أن تتم المأساة أو الحرب في ظرف قصير جداً، لماذا؟ ليُقيم الحُجة، ليجعل الأمة كلها تتحرَّك من الموقف المُتذبذِب – إنه موقف النفاق، في القرآن الكريم هو موقف نفاق – والموقف المائع، بالعكس! بعض الأمة كان في نُقطة اللا موقف، في نُقطة عدمية، في نُقطة صفرية، في الصفر! لا يعنيه الأمر، كما لا يعني بعضكم الآن هذه القصة كلها، يقول ما الذي يعنينا؟ سواء قُتِل أو لم يُقتَل وظُلِم أو لم يُظلَم هذا لا تعنينا، طبعاً ولأنه لا يعنيك أيضاً وبنفس المنطق لن يعنيك أمور كثيرة مما يجري الآن ومما سيجري غداً على العراق ويجري الآن في فلسطين وغيرها، لن يعنيك كثيراً، ربما يعنيك كلاماً، لكن وجداناً وحساً ورسالةً وعيشاً ونوماً ويقظةً على ذلك واهتماماً لن يعنيك كثيراً، لا! هذا موقف – الموقف المائع – نسجت خيوطه الأحداث، الأحداث نسجت خيوط هذا الموقف المائع، بعد أن وقع ما وقع بين مُعاوية وعليّ واستُشهِد الإمام عليّ غدراً بسيف خارجي أثيم – لعنه الله – وبعد ذلك تنازل الحسن عن الخلافة حقناً لدماء المُسلِمين لمُعاوية تميَّع الأمر أكثر، وسُميَ عام الجماعة، وغدت الأمة لا تفهم ما الذي جرى، وتقريباً كاد يكون جهاد عليّ وحروب عليّ ومعارك عليّ واستشهاده بلا مغزى، انتهى كل شيئ، تميَّع كل شيئ، وضاع كل شيئ! ومات الحسن مسموماً، وإلى الآن لا يستطيع أحد أن يجزم – بالجزم مائة في المائة، تستطيع أن تُرجِّح – مَن الذي سم ومَن الذي كان وراء سمه، لا تستطيع! تستطيع أن تُرجِّح، وهو يقول لك الخصم، هل تعلم الغيب؟ فتسكت أنت، تميعت القضية!

ولذلك مُعاوية نفسه كان يتمنى على القدر وعلى الله أن يحصل مع الحُسين شيئ مثل الذي حصل مع أبيه وأخيه، قال وأما الحُسين فأرجو أن يكفيك الذي كفانا أباه وأخاه، إما أن يُقتَل بيد شخص مُتمرِّد من الخوارج أو أتباعه أو يُدَس له السُم ويذهب دمه هدراً، وقدَّر أبو عبد الله – الإمام الحُسين، عليه السلام، الجريء، الشجاع في دين الله، الوفي لمبادئ الله، الأمين على قيم الإسلام – أنه لن يموت ولا يُريد أن يموت كما مات أبوه، ولا أن يذهب دمه كما ذهب دم أخيه، أراد أن يذهب دمه في قضية عادلة، تحسم الموقف وجهاً واحداً، ويتميَّز الحق من الباطل، يتميَّز الظالم من المظلوم والمُجرِم من المُحسِن، وهذا الذي حدث بالضبط.

يقول فلاسفة التاريخ الذين فلسفوا هذه القصة لم يحدث في التاريخ تقريباً أن هُزِمت حركة أو جيش في معركة ثم ندم المُنتصِرون وانتصر المُنهزِمون بعد حين أحسن انتصار، فهذا الذي حدث مع ثورة الحُسين بالضبط، بعد أن تمت المأساة تغيَّر موقف كثير من المُسلِمين – من أهل السُنة وغيرهم – الذين كانوا في الموقف النهلي، الموقف العدمي المُتميِّع، الموقف المُتردِّد، المُتردِّد بين الجانبين وبين الفيلقين، يُريد الواحد منهم أن يُرضي الله ويُرضي إبليس في نفس الوقت، مُستحيل! هذا مُستحيل، للأسف وهذا إلى اليوم منطق تسويغي عند كثير من الناس، يُريد أن يُرضي هذا وهذا، وهذا وهذا، وهذا حق وهذا حق، لا يُمكِن! لا يُمكِن أن يتقابل الباطل والحق إلا مُقابَلة نقيضين، لا يُمكِن! لكن أن تُقابِل أنت بفكرك السقيم بينهما مُقابَلة تضايف وتجاور فهذا خطأ كبير، خطأ في الفكر، وليس في الوقائع، ليس في الأحداث، أنت الذي تُخطّئ التاريخ.

حسمت الأمة بعد ذلك موقفها، وجعلت الأمة تلعن الظلمة، وتلعن القتلة، وتعرف من أين بدأ الخلل، حسمت موقفها على وجه واحد، بدون ترداد، وبدأت الثورات، وبدأت ظواهر الخروج على بني أُمية تترى، كحركة التوّابين، خروج ابن الزُبير وأهل الحجاز معه، وكلَّف ذلك المُسلِمين أن تُضرَب كعبتهم بالمناجيق سنة ثلاث وستين، وبعدها هلك الطاغية يزيد، لكن ضُرِبت بالمناجيق، حين اعتصم ابن الزُبير بالبيت، وبعد ذلك على أيام عبد الملك بن مروان ضُرِبت مرة أُخرى، واحترق البيت، على يد الفاسق المُجرِم الحجّاج بن يوسف، عميل بني أُمية، ضُرِب البيت، الكعبة استُحِلت! انظروا، انظروا إين الإسلام؟ وأين الإجرام؟ 

أبو عبد الله الحُسين – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه من شهيد – حين نصح له ابن الزُبير أن يخرج من المدينة ويعتصم بمكة قال معاذ الله، حاشا لله، لماذا يا أبا عبد الله؟ اعتصم بمكة، البيت الحرام الآمن! قال لقد سمعت أبي يقول – يعني الإمام عليّاً، عليه السلام وكرَّم الله وجهه – إن للبيت كبشاً، به تُستحَل حُرمته، وأعوذ بالله أن أكون ذلك الكبش، والله الذي لا إله إلا هو لأن أُقتَل خارجاً منها بشبر أحب إلىّ من أن أُقتَل داخلاً منها بشبر، ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ۩، أين هذا الإمام الفرد العلم من الذين ضربوا الكعبة بالمناجيق؟ وقالوا حين سُئلوا – لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ۩ – كيف؟ كيف تضربون بيت الله؟ قالوا أمران، أمران تقابلا، أمر الله وحُرمة البيت وطاعة الإمام – أي طاعة يزيد، طاعة الخليفة -، فقدَّمنا الطاعة على الحُرمة، ما هذا المنطق الإجرامي؟ هذا المنطق الآن قد يُسمى بلُغة العصر منطق مصلحي، منطق مقاصدي، وحدة الأمة، وحدة البيضة! لا تعرف ما هذا، نوع من الجنون، نوع من الإلحاد في آيات الله، الإلحاد! لكن الحُسين فضَّل أن يموت هو وأهل بيته جميعاً على أن تُستحَل الكعبة، على أن يُستحَل البيت، وأقسم على ذلك.

ثم قال – عليه السلام – والله لو كنت في جُحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني منه حتى يقضوا في حاجتهم، هو يعرف أنه مقتول مقتول، لكن – كما قلنا في الخُطبة الماضية – هو رسم وخطَّط ودبَّر واختار وحسم كيف يُقتَل، اختار الميتة التي حرَّكت الأمة، اختار الميتة التي أصبحت لعنةً مُدويةً، صارت ثارات الحُسين هي شعار كل الخارجين على بني أُمية، يا لثارات الحُسين!

وانتهت الدولة بعد أمد قصير، نصف قرن تقريباً! انتهت دولة بني أُمية بالكامل – انتبهوا إلى الآتي -، وباسم الحُسين وبدم الحُسين ودماء أهل بيته الأطهار الذين قضوا شهداء في ساحة كربلاء قامت خلافة للعباسيين، اقرأوا التاريخ، كيف قامت خلافة العباسيين؟ كيف قامت؟ قامت تُفهِم الجماهير الهائجة المائجة التي تلعن الظلم وتلعن الاستبداد والطاغوت والفرعنة، تُفهِمها أننا نُريد البيعة للرضا من آل محمد، نُريد أن ننتصر لأهل بيت رسول الله، نُريد أن نُطالِب بدماء الحُسين، كما طُولِب قبل ذلك بدماء الشهيد المظلوم عثمان – رضيَ الله عنه وأرضاه -، وصارت الخلافة إلى مُعاوية، ثم إلى نسله من بعده، باسم دم عثمان، والآن بدم الحُسين نُريد الخلافة.

وقامت خلافة للعباسيين، لكنهم كانوا أسوأ من الأمويين للأسف، كانوا أيضاً دجّالين وكسبة، تكسَّبوا بدم الحُسين، لكن تقوَّض مُلك بني أُمية، وقامت خلافة للفاظميين، باسم مَن؟ باسم الحُسين أيضاً، انتبهوا! حدث تاريخي عجيب، هذه الشهادة قوَّضت دولة أو إمبراطورية وأقامت خلافتين، مهما كان من شأن هاتين الخلافتين، لكن هاتين الخلافتين ما قامتا إلا بدم الحُسين، بثارات الحُسين، لم تكن إذن قضية بسيطة، لم يكن خروجاً عادياً.

قال بعض الأفاضل لماذا نُضخِّم من شهادة الحُسين وأبوه حتى استُشهِد؟ ما شاء الله! لا يُوجَد نظر تاريخي، لا تُوجَد نظرة على وزن الحقائق وعلى وزن الوقائع أبداً، ثم للحُسين الاعتبار الديني أيضاً، لا ينبغي أن نقف فقط مع الاعتبار السياسي، لماذا؟ لأننا أمة لا ينفك فيها الدين عن السياسة، السياسة جُزء مُقوِّم مُشخِّص ومُحدِّد من مُحدِّدات الدين، أنت إذا حذفت السياسة فسيعني هذا أنك ربما ستحذف رُبع الدين – لا أعرف بالضبط – أو خُمسه أو سُدسه، ستحذف شطراً عظيماً من هذا الدين، أليس الجهاد في سبيل الله من أركان هذا الدين؟ إنه ذروة سنام الإسلام كما في حديث مُعاذ – رضيَ الله عنه وأرضاه -، والجهاد مَن الذي يقوم به؟ وضد مَن؟ أليس هو من شؤون السياسة؟ لكنه جُزء أصيل من الدين، إقامة الحدود والنظام القضائي كله أليس جُزءاً من الفقه الإسلامي، من الشرع الإسلامي، ومن القرآن؟ وهو جُزء الآن تقوم به الدول، أليس كذلك؟ لا تستطيع! السياسة جُزء أساس ورئيس من هذا الدين، لا تستطيع! 

لكن أيضاً الاعتبار الديني غير مفصول عن الاعتبار السياسي، له وزنه، خاصة عند العوام وعند الجماهير، عند العوام وعند الجماهير له وزنه، وكلاهما – كما قلت السياسي والديني – من الصعب جداً الفصل بينهما، من الصعب جداً أن نُميِّز الواحد من الآخر، من الصعب جداً! دائماً يتواصلان ويتراسلان.

مثلاً لنسأل أنفسنا الآن كيف أمكن للمُسلِمين أن يتقبَّلوا أن يجلس على منبر رسول الله يزيد بن مُعاوية؟ والله الذي لا إله إلا هو لو جاء مكاني هنا – أنا، هذا العبد الحقير الجاهل والمُتواضِع جداً، خطيب جُمعة – في الأسبوع المُقبِل رجل معه خامس ابتدائي، لا يُحسِن أن يتكلَّم عشرات كلمات، ولا يستطيع أن يقرأ كتاب الله ولا أن يُعرِبه إعراباً جيداً، لربما ضربتموه أو ضربتم إدارة المسجد، أليس كذلك؟ وستغضبون غضباً شديداً، كيف إذا انساغ أن يقف يزيد بن مُعاوية على منبر رسول الله وأن يتسنم أعظم منصب وأعظم مثابة دينية وسياسية في الأمة؟ أعني منصب الخلافة، الخلافة عن مَن؟ عن رسول الله، ونحن نقول خليفة، مَن هو؟ يزيد بن مُعاوية، الخميّر، القاتل،  استحل المدينة، واستحل مكة، واستحل أهل بيت رسول الله، وصاحب القرود والكلاب والقيان والمعازف، واقرأوا التاريخ.

يقول ابن كثير كان يُقيم الصلوات في بعض الأوقات، ويُميتها في أغلب الأوقات، الله أكبر، الله أكبر! يقول الذهبي في ترجمته كان يتديَّن – أي يتعبَّد إلى الله – ببُغض أهل بيت النبي، الله أكبر يا أخي، الله أكبر، ويقول أحدهم لك أنت يا رجل مُتعصِّب أو مُتشدِّد، اقرأوا تاريخكم ودعونا من هذا الكلام، كلام عجيب جداً، لا يعكس لا فهماً ولا وعياً ولا درساً ولا قراءةً، هذا الرجل يقف على منبر رسول الله! والصحابة موجودون، والحُسين موجود، وعبد الله بن عمر حي، وعبد الله بن عباس حي، وعبد الله بن الزُبير حي، سادات الأمة وقادتها ونجومها وكواكبها الدُرية لا يزالون أحياء، هؤلاء يُنحون ويأتي صاحب القرود والكلاب، الخميّر، المُجرِم، لكي يحكم من على منبر رسول الله، الخلافة العُظمى! كيف للأمة أن تسكت عن هذا الظلم؟

ولذلك انظروا إلى أبي عبد الله الحُسين، كان يفهم هذا جيداً ويصدر عنه بوعي، بوعي نافذ، ماذا قال – عليه السلام – للحُر بن يزيد الرياحي؟  وتعلمون قصة الحُر، الحُر – وهو حُر إن شاء الله فعلاً دنيا وآخرة – هذا كان من قادة زياد الملعون، أي عُبيد الله بن زياد، كان من قادته، من قادة الأمويين، ربما كان يُريد ضيعة أو كان يُريد فلوساً أو كان يُريد أن يترقى، ربما! ولكن في اللحظات الأخيرة اختلف موقفه، ولم يكن يتصوَّر أن الأمويين وعملاءهم يُمكِن فعلاً أن يعقدوا مذبحة لآل بيت الرسول، كان يحسب أن العملية مسرحية، أي كمسرحيات السياسة اليوم، في آخر لحظة قال لعمر بن سعد، قال له أحقاً تُريدون أن تُقاتِلوا هذا الرجل وأهل بيته؟ قال نعم، والله سنُقاتِله قتالاً أيسره أن تطيح فيه الرؤوس والأعناق، الله أكبر! اندهش الحُر بن يزيد، إذن الأمر جد، الآن ساعة الموقف، انتبهوا!

قبل أسبوع قال لي أحدهم كلمة، أحد الإخوة الأحباب قال لي كلمة، ووالله إنها لكلمة عظيمة، قال لي ليس الإسلام في نظري أن تُصلي وأن تصوم وأن تحج عشرين أو ثلاثين مرة وأن تتدروش وأن تُطلِق لحيتك وأن تلبس جلباباً أو أن تلبسي نقاباً، ليس هذا الإسلام الحقيقي، قال الإسلام الحقيقي يأتي في لحظات، قلت له ماذا تعني؟ قال لحظات الموقف، إذا اقتضت مصلحة الإسلام ومصلحة الأمة أن تقف موقفاً فقف موقفاً صحيحاً لمرة واحدة، وستدخل التاريخ والجنة – إن شاء الله تعالى -، هو موقف، ولو لمرة واحدة، وكم تدخل التاريخ عظماء مُخلَّدون وأُناس أماجد بمواقف مُفرَدة! وعند الله لن تضيع لهم، الحُر سجَّل موقفاً، وطوى مراحل كبيرة ومراحل بعيدة سحيقة بين النذالة وبين الكرامة، بين الخساسة وبين الرفعة، بين الخيانة وبين الأمانة لهذا الدين ولرسول الله ولأهل بيته، طواها ربما في عشر دقائق.

لوى عنان فرسه وتردَّد قليلاً، فرمقه أحد جنوده، جُندي مأمور! فأقبل عليه وقال له يا حُر والله إن أمرك لمُريب، وما رأيتك قبل اليوم قط تتردَّد هذا التردد، ويحك! ما خلفك؟ ثم قال له ولو سُئلت مَن أشجع أهل الكوفة لما عدوتك، معروف بالشجاعة الحُر، هذا أشجع أهل الكوفة، ما بالك مُتردِّد؟ فقال له ويحك! إني أُخيِّر نفسي بين الجنة والنار، يعلم أن قتل الحُسين أقصر طريق إلى نار جهنم، ليس اجتهد فأخطأ، اجتهد فأخطأ! أين اجتهد فأخطأ من قول النبي والذي نفسي بيده لو أن أهل السماوات والأرض اشتركوا في دم امرئٍ مُسلِم لكبهم الله في النار على وجوههم؟ قال امرئٍ مُسلِم، ليس ابن فاطمة، ليس ابن عليّ، ليس ابن رسول الله، ليس الحُسين، سيد شباب أهل الجنة، هذا مُسلِم عادي، مثلي مثلك، لو اشتركوا في دمه لأكبهم الله في نار جهنم، قابل الله بمنطق اجتهد فأخطأ يا رب، يا رب اجتهد فأخطأ! هل تستطيع أن تُقابِل ربك غداً بهذا المنطق أو تُقابِل نبيك غداً على الحوض بهذا المنطق؟ هل ستشرب من حوضه؟ أتُريد أن تشرب من حوض جد الحُسين وقد مُنِع الحُسين وأهل بيته جميعاً ثلاثة أيام من الماء ومات ظامياً؟ ثلاثة أيام! لم يُعطوه ابنه الصغير، ابن أشهر! ضربه المُجرِم – أحدهم – بسهم فنحره من الوريد إلى الوريد، ومات الطفل أيضاً! وقد شرق بدمه، لم يُعطوه قطرة من ماء، الطفل الصغير، ابن أشهر، رضيع، ابن الحُسين أيضاً، ابن رسول الله! هؤلاء أهل بيت رسول الله، إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۩، إلا المذابح في القُربى، إلا الملاحم باسم الإسلام في القُربى، كارثة، مأساة، وأي مأساة!

فمَن مُبلغ الزهراءِ بضعةِ أحمدِ                        قضى نجلُها ظامٍ بصارم مُلحدِ. 

أيقضي ظَماً سبطُ النبيِّ محمدِ                 ووالدُه الساقي على الحوض في غدِ؟!

أيقضي ظماً وجده – صلى الله عليه وسلم – هو الساقي على الحوض في غد؟ ثلاثة أيام! انظروا إلى النذالة وإلى الخساسة، ثلاثة أيام! منعوا المُسلِمين – لا نقول منعوا أهل بيت النبي، بل نقول منعوا المُسلِمين، إنهم مُسلِمون أمثالكم – الماء، منعوهم الماء ثم مثَّلوا بهم، ومثَّلوا بأبي عبد الله! داسوا صدره الشريف وبدنه بخيولهم، لعنة الله عليهم، الحقد! حقد النذالة، حقد الجُبناء، إنه حقد الجُبناء، وحتى هذا مع الكافر ممنوع، أبو بكر غضب غضباً شديداً لما جيء يوماً برأس – رأس كافر -، قال لا تُحمَل، ألا لا يُحمَلن إلىّ بعد اليوم رأس أبداً، غضب! ما هذا التمثيل؟ هذا من المنهي عنه، لكن مثَّلنا بأبناء رسول الله.

ماذا قال رسول قيصر؟ جعلتنا هذه الحادثة شماتة للكفّار، رسول قيصر الروم بعث للمُسلِمين – لبني أُمية – يقول لهم لدينا في دير من الديور – في مكان عندهم في بلاد الروم – حافر حمار عيسى، نُعظِّمه كما تُعظِّمون الكعبة، وننذر له النذور العظام، وأنتم قتلتم ابن بنت نبيكم، هنيئاً لكم! أنتم قتلتموه، أشهد أنكم على باطل، رسول قيصر قال هذا، هكذا بعث قيصر يقول، نحن نُقدِّس ليس عيسى، وإنما حافر حمار عيسى، وليس ابن محمد – ابن بنت محمد -، لكن أنتم قتلتموه، قال أشهد أنكم على باطل، كذبة ومُنافِقون باسم الدين، الدين منكم براء، الدين منكم براء!

على كل حال ثم قال الحُر بن يزيد لجُنديه، قال أُخيِّر نفسي بين الجنة والنار، فلا والله لا أختار على الجنة شيئاً، ولو قُطِّعت إرباً إرباً، ولو مُزِّقت، ولو حُرِّقت بالنار، ثم ثنى عنان فرسه وسار في عسكر الحُسين – عليه السلام -، فقال له الحُسين صدقت أمك إذ سمتك الحُر، وإنك لحُر – إن شاء الله – في الدنيا والآخرة، هذا رجل حُر، في ساعة تبدَّل موقفه، وقاتل قتال الصناديد الكُماة الحُماة الأبطال، وخر صريعاً، رضيَ الله عن الحُر وأرضاه.

جرت بينهما مُحادَثة – بين الحُسين والحر -، فقال له الحُسين وهو يُخاطِبه في الناس – في جماعة الناس – الآتي، قال أيها الناس لقد قال رسولكم – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – مَن رأى سُلطاناً جائراً ظالماً يستحل محارم الله – أو قال يستحل حرام الله، أين محارم الله؟ يستحل حرام الله – وينكث بعهود الله ويُخالِف عن سُنة رسول الله ويعيث في أمة محمد بالفساد والجور فلم يُغيِّر عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، إذن كان حقاً على الله أن يُدخِل مُدخَله كل مَن لم يُغيِّر عليه بقول ولا فعل، الله أكبر! لا تقل لي هذه أمور سياسية، لا أتدخَّل فيها، أتركها لأهلها، أتركها للعلماء، أتركها للمفاتي، وأتركها للفقهاء، سيُدخِلك الله مدخل هؤلاء الظلمة، ينبغي أن تكون لك كلمة، وكلمة جهيرة.

الحمد لله – كما قلنا الحقائق تُدافِع عن نفسها – في حس الأمة كلها الساكت عن الحق ليس معذوراً، شيطان أخرس، شيطان! وشيطان أخرس، الساكت عن الحق شيطان أخرس.

شارل پيگي Charles Péguy – الشاعر الفرنسي الشهير – يقول كلمة حقيقية بنفس المعنى، يقول كل مَن علم الحق لا يرتاب فيه ثم لم يصرخ به بصوت جهير هو في زُمرة الكذّابين والمُزيِّفين، طبعاً كذّاب! أتسكت؟ أنت كذّاب، بسكوتك أنت كذّاب، تُكثِّر سواد الكذّابين والمُزيِّفين، ينبغي أن تصرخ بالحقيقة، من غير تهيب ولا وجل.

أيها الإخوة:

التاريخ لا يتحرَّك أحياناً حين يجمد، وتاريخنا الآن جامد، الآن الأمة الإسلامية – الأمة المُحمَّدية – واقعها وتاريخها جامد، نكاد لا نتحرَّك، وإذا تحرَّكنا نتحرَّك إلى الخلف، تعرفون أن التاريخ لا يُحرِّكه إلا رجال من طراز الحُسين – عليه السلام -، استكملوا شرطين، الوعي الصحيح – الوعي الصحيح بالمبادئ طبعاً الخالدة، بالمبادئ الصحيحة، ليست المُسمَّمة، ليست المُضلَّلة، ليست المُزيَّفة، والروح الرُحّل، إذن الوعي الصحيح، وبعد الوعي الصحيح تأتي الروح الرُحّل، لأن الوعي وحده غير كافٍ، هناك أُناس تعرف الحقائق، لكنها تجبن، وتخاف، وتُقدِّم مصالحها، أليس كذلك؟ أو مصالح فئتها أو حزبها أو قبيلتها أو… أو… أو… إلى آخره، لا ندري! الوعي أولاً، ثم بعد ذلك الروح الرُحّل، الروح الوثّابة، الروح الصادقة، الروح – بكلمة واحدة – الحُرة، الروح الحُرة المُتحرِّرة!

هؤلاء سيُحرِّكون التاريخ، وصدِّقوني لا عبرة هنا لا بالكثرة ولا بالقلة، ولا بالنصر ولا بالهزيمة في المدى العاجل، قد يُهزَم هؤلاء في المدى العاجل، لكنهم بحول الله وقوة الله وكتاب الله وكلماته وسُنن الله منصورون غداً أو بعد غد – إن شاء الله تعالى -، واقرأوا التاريخ كله، مَن هم الأنبياء؟ مَن هم الرُسل؟ هل هم إلا أفراد؟ مُجرَّد أفراد، وكيف بدأوا؟ هل بدأوا بجماعات؟ هل بدأوا بالملايين؟ برؤوسهم، برؤوسهم الحاسرة، هكذا وحدهم، حاسرة ليس بينها وبين السماء حجاب، صلة قوية! وحدهم بدأوا، وبعد ذلك انتهى بعضهم ومضى شهيداً، قُتِل دون أن يُحقِّق شيئاً في المدى القريب، وبعضهم خرج بآحاد الناس، اتبعوه عشرات أو مئات فقط، بعد ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة، من الصدع بماذا؟ بالكلم العُلوي وبالهُدى السماوي، وبعضهم أخرج الله به أمة خالدة، كهذه الأمة المرحومة.

نسأل الله أن يرحمنا، وأن يرحم بنا، وأن يفتح علينا بالحق، وهو خير الفاتحين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                                   (الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلَّم تسليماً كثيراً.

أيها الإخوة:

نحن الآن ومن أسف – ونسأل الله تبارك وتعالى أن تجري المقادير على ما تشتهي قلوب هذه الأمة المرحومة، لا على غير ذلك – على موعد مع المجهول المعلوم، مع كارثة تتهدَّد العالم الإسلامي، لا أقول تتهدَّد العراق وفلسطين، ومصيرهما يبدو واحد للأسف، مُرتبِط تماماً، مصير ما سيقع للفلسطينيين غداً مُرتبِط بما سيقع للعراقيين أيضاً في غد، فهي لا تتربَّص ولا تتهدَّد فلسطين والعراق وحدهما، على ما يبدو – وهذا لم يُجمجِم به القوم، وإنما صرَّحوا به غير مرة – إنها تتهدَّد وتستهدف العالم الإسلامي، الأمة الإسلامية على طولها وعرضها.

اقرأوا فقط أنتم في الصحف الأجنبية وخاصة الأمريكية، اقرأوا ماذا يكتب المُحلِّلون الكبار والصحافيون والكتّاب، شيئ عجيب! سم ناقع، ليس ضد العراق والسعودية وابن لادن، ضد الإسلام، هكذا دائماً يتناولون الإسلام والمُسلِمين والأمة الإسلامية والعلماء المُسلِمين، باستمرار! كل يوم تُكتَب هذه الأشياء، سم ناقع، حشد عجيب وغريب جداً جداً.

ولكن في موقفنا ريب، نحن – نحن في كل مكان كمُسلِمين للأسف – في موقفنا ما يُقلِق، في موقفنا ما يريب، ما هو؟ نحن ننتظر الطامة، طبعاً في نفوسنا أشياء كثيرة مُحتقِنة، وأنا أعلم أيضاً – بحمد الله – صدق هذه الأمة، لكن في نفوسنا أشياء كثيرة مُحتقِنة، وتعتمل في الداخل، لكن نتربَّص بها ماذا؟ نتلبَّث بها ماذا؟ نتلبَّث بها أن تقع الواقعة، حتى إذا وقعت فنحن نُعِد لها أن تغص الشوارع بالمُتظاهِرين، باللافتات التي تدعو إلى الجهاد، باستمطار اللعنات على أمريكا وإسرائيل، بــ… بــ… وبــ… بعد أن تقع الواقعة للأسف! هل تعلمون لماذا؟ لأن المنطق الاستضحائي يُسيطر علينا، كنت أُحِب أن أُحلِّل هذه الجُملة أكثر، لكن فينا – فعلاً فينا – منطق استضحائي، نُحِب أن نرى أنفسنا كل وقت وقت وقعنا ضحية، بعد ذلك – بعد أن نرى أنفسنا ضحيةً للأسف – نبدأ نصرخ، ونبدأ نتوسَّل، ونستمطر الحنان، وربما أيضاً نبدأ نُدافِع عن أنفسنا لون دفاع، هذا منطق قاتل، منطق انتحاري!

أحد الكتّاب الأجانب كتب كتاباً – حدَّثتكم عنه مرة – رائعاً جداً، نال جائزة أحسن كتاب لسنة خمس وتسعين، اسمه البراءة الموهومة أو وهم البراءة، يتحدَّث عن المنطق الاستضحائي، والكتاب كله يُلخَّص بكلمة واحدة، ويل – كل الويل – لأمة تنتظر أن تكون ضحية! هذه مُصيبة، أُقسِم بالله، أمة تنتظر وتتحرَّك بمنطق الاستضحاء وبعد أن تقع ضحية تُريد أن تُدافِع عن نفسها هي أمة ربما لا تستحق العيش، لا يُمكِن أن نتحرَّك بهذا المنطق، لا يُمكِن أن نتحرَّك بهذا المنطق أبداً، قد نعود إلى هذه الجُملة وأن نُفصِّلها تفصيلاً أوسع – بإذن الله تعالى – في مرة قادمة – إذا قدَّر الله ذلك -.

أيها الإخوة:

ومن هذا المُنطلَق – حتى لا أضل عن هذا الإعلان الهام – غداً – بحمد الله تبارك وتعالى، وبمُبادَرة إسلامية محض لأول مرة هنا – تخرج تظاهرة ضد هذه الحرب الضروس الملعونة النيو إمبريالية أو استعمارية على العراق والعالم الإسلامي، بمُبادَرة من إخوة مُسلِمين أفاضل – بارك الله فيهم -، ودُعيت إليها جمعيات ومُنظَّمات كثيرة جداً، هذه المُظاهَرة غداً السبت، ستتحرَّك الواحدة والنصف من أمام الــ Opera، وستنتهي إلى سفارة دولة الاستعمار القديم، أم الخبائث في عالم الاستعمار، إلى سفارة بريطانيا، وليس إلى أمريكا غداً، إلى سفارة بريطانيا، لكي نُسجِّل موقفاً، هذا أقل ما يُمكِن أن نجود به، فاتركوا موضوع الشراء – الــ kaufen – والذهاب إلى الــ Naschmarkt بالله عليكم، وليأت كل مَن استطاع بأهله وأولاده وأصدقائه، وعمِّموا هذه الدعوة، لابد أن نخرج غداً أيضاً خروجاً مُدويةً، وأن تكون لنا كلمة، أن تكون لنا كلمة على الأقل!

نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يفتح علينا جميعاً وأن ينصرنا وأن يُظفِرنا بأعدائنا.

اللهم انصرنا فإنه لا ناصر لنا سواك، اللهم أيِّدنا وأيِّد بنا يا رب العالمين، اللهم خذِّل عنا أعداءنا، واخذلهم بقوتك يا عزيز، يا متين، يا جبّار، يا قهّار.

اللهم إنا نسألك وندعوك ونبتهل إليك أن تُحصيهم جميعاً عدداً وأن تقتلهم بدداً، اللهم اكفنا شرورهم بما شئت وكيف شئت يا رب العالمين، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩.

____________

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩، قوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

(14/3/2003)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: