الأخبار والآثار 

بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه.

إذن أُتابِع تعليقي على كلمة العلّامة الدكتور سُهيل زكّار، قال الذي أثار عجبي وصدمني وأحزنني أنني كنت على الدوام ألحظ أن المُؤرِّخ الفرنجي أو المُؤرِّخ الأوروبي للحروب الصليبية في الحقبة ذاتها دائماً أكثر استقلالاً وأظهر حريةً مع أنه ينتمي إلى العصور الوسطى، عصور مُظلِمة ومحاكم تفتيش وما إلى ذلك لكنه أكثر استقلالاً وأكثر حريةً وأكثر صدقيةً في التاريخ، والمُؤرِّخ المُسلِم في المُقابِل للأسف الشديد دائماً عينه على السُلطة، يُنافِقها ويُحاول أن يُنتِج نصاً يُسايرها ويُزوِّر الحقائق، قال هذا دائماً يُتعبني، ودائماً العلّامة سُهيل زكّار يشكو ويدعو لمَن يتورَّط أو يُمتحَن بدراسة التاريخ الإسلامي، يقول أعانه الله، أنت أمام رُكام فيه زيف وكذب وإخفاء وتدليس وتناقض، شيئ غريب، من أجل ماذا؟ لأن المذاهب أيديولوجية والمذاهب سياسية وليست علمية، البواعث نفسها حتى أيديولوجية، المُؤرِّخ يكتب – كما قلنا – وعينه على السُلطة، عينه على الجمهور، عينه على الطائفة، يُريد أن يُرضيهم، يُريد أن يُنتِج نصاً يُسعِدهم، لكن هذه ليست وظيفة المُؤرِّخ، وظيفة المُؤرِّخ أن يتكلَّم بالحقائق كما هي، أليس كذلك؟ إذا المُؤرِّخ فقد هذه الصفة إذن فقد أول شرط للمُؤرِّخ، هذا أول شرط للمُؤرِّخ، أن يكون صادقاً مع الحقائق يا جماعة، أليس كذلك؟

أنا بالأمس ذكرت لكم في الخُطبة كيف نحن لا نزال نقبل إلى اليوم رُكاماً هائلاً وبناءً تاماً – قصوراً – من الأكاذيب، جاءتنا عن طريق سيف بن عمر التميمي، كل هذا يا إخواني ينبغي أن يُعاد النظر فيه ولا أقول يُمحى، لأن هذه اللفظة لفظة عبيطة، يقولون يجب أن نمحو الأكاذيب، وهذا لا يُمكِن، امحها من عقلك ومن اعتقادك لكن يجب أن نتبقى في دواوينها، لا شيئ يُمحى، يُقال يجب أن نُنقِّح البخاري ونمحو كذا وكذا، تمحو ماذا؟ يبقى البخاري كما هو، ممنوع أن يُحذَف من البخاري حرف واحد، لكن بعد ذلك إذا أراد أن الأزهر أن يقول صحيح صحيح البخاري أو المُنتقى الصحيح من البخاري سوف نقول أهلاً وسهلاً، لكن يبقى البخاري – مثلاً – كما هو فضلاً عن كتب الحديث الأُخرى، تبقى كما هي، كتب التاريخ تبقى كما هي، لكن أين التطهير يحدث؟ في ساحة العقل، العقل يتطهَّر من الأكاذيب، لا أن نُنتِج مُسلسَلات ومُسلسلَات وقَّع عليها علماء كما قالوا – أي أعطوها إشارة مرور – وفيها أشياء غير صحيحة، على كل حال نعود إلى حديث الصعلوك.

كما قلت لكم العلماء اهتموا أيها الإخوة في شرح هذا الحديث بأشياء كثيرة ولم يقفوا لا طويلاً ولا قصيراً حتى عند صعلوك، فقط قالوا الصعلوك هو الفقير ومُعاوية إذ ذاك لم يكن ذا مال ومضوا، انتهى الأمر، هل هذا ما يجب؟ لا، يجب أن نقف طويلاً هنا، يجب أن نقف طويلاً، وأنا برَّرت لكم سبب هذه الوقفة، أن يصف النبي رجلاً من أصحابه بأنه صعلوك ويُرغِّب هذه السيدة الجليلة عن الزواج به – يُرغِّبها عنه كأنه ينهاها، وفعلاً تراجعت مُباشَرةً – أمر له دلالته من نبي لا يرى أن المُفاضَلة بالمال ولا بالغنى ولا بالمظاهر وعلَّمنا أن الغنى غنى النفس لا غنى الظهر واليد، أليس كذلك؟ إذن هذا أمر له دلالته، فما معنى الصعلوك أيها الإخوة؟ صحيح أصل الصعلكة أيها الإخوة يدور على قلة المال فالصعلوك هو الفقير الذي لا مال له والتجرد، يقولون فقير مُتجرِّد، أي ليس عنده شيئ، العامة تقول فقير كما خلقتني يا مولاي، العربي يقول فقير مُتجرِّد، أي ليس عنده أي شيئ، المسكين لا يمتلك شيئاً، ليس عنده لا مال ولا بيت ولا عزبة ولا شيئ، ويُقال تصعلكت الإبل إذا تجرَّدت فألقت وبرها من السمن فدقت قوائمها، إذا ألقت وبرها تدق القوائم من السمن، لأنها تُصبِح سمينة، فيُقال تصعلكت، لماذا؟ لأنها تجرَّدت عن وبرها، فالصعلوك هو المُتجرِّد، لكن ليس عن وبره وإنما عن المال، ليس عنده مال، هذا تعريف تجدونه في مُعظَم المُعجَمات، لكن العلماء والأدباء الذين كتبوا دراسات دكتوراة ودراسات مُتخصِّصة عن الصعلكة وظاهرة الصعلكة وشعر الصعاليك الذين كان أميرهم قديماً عروة بن الورد، وكما تعرفون لا يكتفون بتعريف مُعجَمي قصير، ذهبوا يتحسسون فوجدوا بعد ذلك الإمام الجوهري في الصحاح أتى بتعريف أوفى، وقال الصعاليك هم ذؤبان العرب، وذؤبان العرب صعاليكها، هذا في موضع قريب، قال الصعاليك هم ذؤبان العرب ثم عاد فقال وذؤبان العرب صعاليكها، إذن هناك علاقة عضوية بين الذئبة أو الاستذئاب والصعلكة، قال ذؤبان، أي جمع ذئب، فهؤلاء كالذئاب، لماذا؟ فعلاً لأن الصعلوك العربي ليس هو الفقير – الفقير اسمه فقير أو اسمه مسكين – وإنما الصعلوك هو الذي لا يرضى أن يعيش على صدقات الناس وعطايا الناس، وإنما يخرج راكباً دابته شاهراً سيفه مُتلصِّصاً أموال الناس، يغصب هذا، يأخذ من هذا، يسطو على هذا، ويعتاش بهذه اللصوصية، إذن هو لص، ولص قاطع طريق، ولص فاتك ومُخيف، هذا هو الصعلوك، ولذلك صعاليك العرب ذؤبانها، قال الحماسي، أي أحد شعراء حماسة أبي تمّام:

وَمَن يَفتَقِر مِنّا يَعِش بِحُسامِهِ                      وَمَن يَفتَقِر مِن سائِرِ الناسِ يَسأَلِ.

قال نحن لا نسأل، نحن لا نتكفَّف الناس، بالسيف نأخذ ما نُريد، فقراء لكن بالسيف نأخذ المال لنا، إذن هذا هو الصعلوك، قال العلّامة الحفني في كتابه عن شعراء الصعاليك هذا أوفى تعريف وقفت عليه للصعلكة، هذه هي الصعلكة فعلاً كما عرفتها العرب وكما تعرضها سير الشعراء الصعاليك وأشعارهم، هذا النطّاح هو أحد الصعاليك، أعني هذا الحماسي، هذا كان أحد الصعاليك، قال نحن هكذا، قال:

وَمَن يَفتَقِر مِنّا يَعِش بِحُسامِهِ                       وَمَن يَفتَقِر مِن سائِرِ الناسِ يَسأَلِ.
أي يتكفَّف ويمد يده، لكن نحن لا نمد أيدينا، إذن هذه هي الصعلكة، قال الجوهري الذين يتلصصون، فالصعلوك فقيرٌ فتّاكٌ يتلصص، ذئبٌ من ذئاب البشر، النبي يقول مُعاوية صعلوك، نقف طويلاً هنا، إذن علينا أن نقف طويلاً يا رسول الله، لماذا تقول هذا؟ مُعاوية لم يكن مشهوراً بالفروسية أصلاً، أليس كذلك؟ مُعاوية قطعاً كان في الحروب كلها مع أبيه، مُعاوية عنده أشعار ينهى أباه عن الإسلام، لما كان يرى أباه يُريد الإسلام قليلاً يقول له لا، إسلام ماذا؟ لا يُريد هذا، قلبه قاسٍ، لم نقرأ مرةً أن مُعاوية في معركة من المعارك تصدى لأحد فرسان المُسلِمين، أليس كذلك؟ لم يطلب ولو لمرة المُبارَزة، رجل يُؤثِر السلامة، طبعاً لأن ليس عنده أي صفة من صفات الفروسية أبداً، لا قوة القلب ولا قوة الساعد والعضد ولا حُسن المُضارَبة ولا الانتضال بالسهام وما إلى ذلك، ليس عنده هذه الأشياء ولا يُحسِنها، لو كان فارساً لعاش ومات رجلاً شريفاً، انظروا إلى عمرو بن العاص، كم له من أخطاء؟ كثيرة جداً جداً، وأهلك نفسه مع مُعاوية، لكن حين تقرأوا سيرة عمرو وأخطاء عمرو وتحالفاته السيئة مع مُعاوية تجد دائماً أن عمرو أفضل من مُعاوية، سُبحان الله عنده نوع من الشرف أكثر من مُعاوية ونوع من المُراجَعة لنفسه قليلاً، حين قُتِل عمّار بن ياسر – هذا سيأتيكم الأسبوع المُقبِل – عمرو بن العاص ريع، دخلته روعة وخاف، فدخل مُضطرِباً جداً على مُعاوية، قال له يا مُعاوية، قال له ما هناك؟ ما الأمر؟ قال له قُتِل عمّار؟ قال له ما المُشكِلة؟ مع السلامة، مُعاوية رجل جريء، كما قال أبو أيوب ما أجرأه! والله لا جمعني وإياه سقفٌ بعد اليوم، وخرج أبو أيوب إلى الغزو مُباشَرةً، قال لا، لماذا؟ لأنه طلب منه شيئاً، قال له أعطينا يا مُعاوية، نُريد كذا وكذا، فقال لا، ليس عندي، كيف وأنت تُعطي الناس مئات الألوف؟ اليوم سوف ترون ماذا يُعطي، فقال له صدق رسول الله، علماً بأننا ذكرنا هذا عدة مرات لكي تستذكروا وهناك بعض الناس الجدد، فقال له صدق في ماذا؟ ماذا قال؟ قال إنكم معشر الأنصار ستلقون بعدي أثرةً، سيُسأثر عليكم، أي سيُقدَّم عليكم غيركم من الناس وسيحتازون بعض حقكم ونصيبكم من الفيء والإمارة والولاية، علماً بأن هذا ما حصل، هذا ما حصل للأنصار، أُخِّروا في الولايات والإمارات وحتى في الفيء وما إلى ذلك، مُعاوية ثلاث سنوات كما سيأتيكم اليوم حبس عنهم عطاءهم، هذا تجويع، سياسة تجويع، أراد أن يستذل أهل المدينة، وهم صرَّحوا بالفم الملآن قائلين ذنبنا عندك يا مُعاوية – ونحن نعلم هذا – أننا نصرنا رسول الله، هذا مُهِم لكي تفهموا التاريخ والحقائق، نحن نعرف أن مُعاوية يُبغِض أهل المدينة بغضاً وهم يُبغِضونه بغضاً شديداً، عدو الإسلام هو وأبوه، هم يعرفون هذا ولم ينسوا، قد يُقال كيف تقول عدو الإسلام يا أخي؟ أنت تُبالِغ، أنت عاطفي، مُعاوية أسلم، وهذا غير صحيح، هل أنتم مُغفَّلون؟ لماذا؟ كيف يا جماعة؟ هل تظنون أن إنساناً عاش عشرين سنة ضد الإسلام هو وأبوه وأمه وأجداده وأخواله وإخوته ليل نهار وكانوا أكبر أعداء الإسلام وما شاء الله أسلموا يوم الفتح – أي أنهم طُلقاء – فعلاً حسن إسلامه في لحظة وانقلب الرجل والأمور أصبحت ما شاء الله سمناً على عسل؟ لا يُمكِن لمُؤرِّخ ذكي أو إنسان حتى عنده نصف ذكاء أن يأخذ الأمور بهذه الطريقة، هذا لا يحدث، هذا لم يحدث في تاريخ الدنيا، هذا ما يحدث، الأمور لا تحدث هكذا، والنبي قال – كما قلت أمس – الناس معادن، تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، مُعاوية ما كان من خيارهم ولا أبو سُفيان من خيارهم – كهف النفاق أبو سُفيان – ولا هند من خيارهم، هؤلاء وحوش، أكلة كبد حمزة، هؤلاء عندهم توحش، بعيدون من الآدمية، هل صاروا أحسن الناس ما شاء الله؟ هل صاروا صحابة أجلاء مرضيين طيبين؟ غير معقول يا جماعة، غير معقول، والأحاديث كثيرة، النبي قال حين تُحِب أن تتزوَّج مُسلِمة مثلك – مُسلِمة – وتأتي بالأولاد تخيَّر، تخيَّر ولا تأخذ أي مُسلِمة، قال وإياكم وخضراء الدمن، ما معنى خضراء الدمن؟ امرأة جيدة جميلة، وأكيد حتى كلامها جميل، انتبهوا فالمُفسِّرون فسَّروا المعنى بحسب مزاجهم، ما خضراء الدمن؟ وردة جميلة ورائحتها طيبة لكن تكون نابتة في مزبلة، ترى امرأة شكلها جميل وكلامها جميل وقد تكون مُلتزِمة وقد تكون طيبة ولكنها في عائلة فاسقة فاجرة، اخش منها، ليس بسهولة أن تكون فعلاً مُلتزِمة كما ترى أنت، تربت في أسرة سيئة، أبوها يسكر، أمها مُتهتِكة، إخوتها مُرابون، الحساسية الإيمانية عندها تكون ضعيفة إلا أن يشاء الله، فمَن هي خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء في المنبت السوء، وهي مُسلِمة مثلك، قال لك النبي ماذا تُريد منها؟ يأخذها رجل أخضر الدمن مثلها، ما علاقتك بها؟ خُذ لك امرأة بنت أصل، وكل إنسان له أصل ينزعه أصله، أليس كذلك؟ كل إنسان ينزعه أصله، لأن هناك دماً يا إخواني، هناك مواريث، قال تعالى ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۩، فمُعاوية ابن هند وابن أبي سُفيان، ابن هذه العائلة العبشمية يا جماعة، هذا ليس ابن رسول الله ولا ابن عم رسول الله، واضحة الأمور، لكن هذا كله نضرب عليه ونضع علامة إكس (X) ثم نقول مُعاوية أسلم، ما معنى أنه أسلم؟ أسلم وقد يكون حسن إسلامه أحسن من غيره من الصحابة لكن سوف نرى تاريخه يا حبيبي بعد ذلك، أليس كذلك؟ حاكمه إلى تاريخه يا أخي وحكِّم عقلك، حاكمه إلى ما فعله طيلة حياته، اقرأ تاريخه ثم بعد ذلك حكِّم واحتكم فيه كما تشاء وسوف ترى الحقيقة فالأمور واضحة، الأمور واضحة على كل حال.

نعود إلى موضوعنا عن الصعلكة، على كل حال قلنا العلماء لم يهتموا كثيراً بهذا النعت وبهذا اللقب، ظنوا أنه يعني الفقر، وهذا غير صحيح، لا يعني الفقر، يعني شيئاً أبعد وأخطر من الفقر، والنبي إذا أطلق شيئاً يعنيه فانتبهوا.

(ملحوظة) أراد أحد الحضور أن يُكمِل الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم كلامه عن الأثرة فقال فضيلته: قال له النبي قال لنا ستلقون بعدي أثرةً فاصبروا وفي رواية حتى تلقوني على الحوض، وهذا الحديث رواه جابر وغير جابر، فبلغ مُعاوية، هل تعرفون ماذا قال مُعاوية؟ قال فأنا أول مَن صدَّقه، مضبوط كلام النبي، ألم أستأثر عليكم؟ أرأيتم؟ أثبت أن كلام النبي كان صحيحاً، فلما قيل هذا لأبي أيوب قال ما أجرأه! وقال كلمة، كلمة ثانية لا أعرف ماذا قال فيها في مُعاوية، لأن الرواة لم يقولوها، لكنه قال ما أجرأه! هل هكذا يتكلَّم عن النبي؟ نعم، هذا نوع من السُخرية بالنبي، ألم يقل لكم اصبروا؟ فاصبروا، وأنا أول مَن صدَّقه، ألم يقل هذا؟ أنا بلُغتي العامية لكي تفهموا – هذا لبعض الناس الذين ليس عندهم تأنس بلغة المُصطفى وبلُغة الأحاديث – أقول أنا هذا مثل رجل يقول لك يا أخي انتبه، أنا رأيت في المنام كأن فلاناً – والعياذ بالله – يبصق في وجهك مثلاً، فذهبت إلى فلان لكي تُخبِره فبصق في وجهك، تقول له أرأيت يا فلان؟ سبحان الله صدق العبد الصالح هذا، يقول لك صدق في ماذا؟ تقول له أخبرني صبيحة اليوم أنه رآك في المنام تبصق في وجهك، يقول لك أرأيت؟ الحمد لله فأنا صدَّقته، أنا أثبت أنه صالح ببصقي في وجهك، جراءة عجيبة هذه، صحيح؟ هذه قلة أدب، وطبعاً أبو أيوب فهم أنها قلة أدب ووقاحة عظيمة، علماً بأن مُعاوية له منها كثير مع رسول، وهذا سوف نتحدَّث عنه في حلقة كاملة عن مُخالَفات مُعاوية للرسول، النبي يقول هذا وأنا أقول ذاك، شيئ لا يُصدَّق، فأبو أيوب ما كان يُصدِّق، طار منه طابق أو شق، قال ما أجرأه! والله لا أظلني وإياه سقفٌ بعد اليوم أبداً وخرج من فوره إلى الغزو، علماً بأنني شخصياً وبعض المُحقِّقين أيضاً نضع علمات استفهام على موت أبي أيوب، قالوا مات رضوان الله عليه ودُفِن في أسوار القسطنطينية، هل تعرفون لماذا؟ هذا لن نقوله الآن، سوف نقوله حين نتحدَّث في حلقة عن جرائم مُعاوية في قتل الخصوم، ولم يقتصر الأمر على الخصوم فقط بل امتد إلى كل مَن اعترض عليه وكل مَن أبدا اعتراضاً مِن الكبار وشعر بخطر منه، فهو يتخلَّص منهم دون مُسامَحة، رجل خطير فتّاك صعلوك، فتّاك ومُخيف الرجل، فأبو أيوب قالوا أنه مرض، الرواية طبعاً تقول هذا، وهذا غير مُمكِن، مَن كان رئيس الجيش؟ يزيد بن مُعاوية قاتل الحُسين، هذا يقتل النبي، لأن هذا ابن النبي وقد قتله، لو كان بإمكانه أن يقتل النبي لقتله والله العظيم، يزيد ليس عنده مُشكِلة، هو أمير الجيش، وطبعاً قالوا أبو أيوب مرض، وذهب يزيد عاده حتى وقال له ما تشتهي وما إلى ذلك، مرض الرجل ودفنوه قريب من أسوار القسطنطينية وانتهى كل شيئ، ذهب أبو أيوب، وبالأمس أُحرِق بيته الذي نزل فيه رسول الله، أحرق له إياه سمرة بن جندب، البيت الذي نزل فيه رسول الله حُرِق، شيئ رهيب، سوف نرى أيضاً شُبهة عن موت سعد بن أبي وقاص فضلاً عن الذين ماتوا بالسم ومعروف ما هي قضيتهم، فهو لا يُسامِح، عُبادة بن الصامت أنكر على مُعاوية إنكاراً شديداً في موضوع الربا، أليس كذلك؟ وهجر بلاد الشام، وقال له لن أُجاهِد معك بعد اليوم في ليلة سوداء يا مُعاوية، أُحدِّثك عن رسول الله وتقول لي لا أرى به بأساً، أخرجه مُسلِم، قال له مَن أنت؟ ما هذا؟ أتُواجِه كلام الرسول هكذا؟ هل هذا عادي؟ كيف تقول لا أرى به بأساً؟ لم يُناقِشه، لم يقل له عندي وجهة نظر أو عندي تاريخ للمسألة، لم يقل هذا، قال له لا أرى به بأساً، النبي حرَّمه وأنا لا أرى به بأساً، عُبادة لم يكد يُصدِّق، ما هذا البشر؟ ما هذا الإنسان؟ أين دينك؟ أين تقواك؟ أين ورعك؟ فبعد ذلك لما صارت المعركة البحرية في قبرص ذهبت زوجة عُبادة بن الصامت – أم حرام – وماتت هناك، يقول الرواة قُرِّبَت لها بغلة، بغلة؟ ألعن مركوب يا جماعة البغلة، لا تركب بغلة، البغلة معروفة، وقعتها والعمى، ودائماً تشمس براكبها، أتُقدِّم لأمرأة – هذه امرأة – بغلة؟ فعلاً فنفرت بها فألقتها فماتت، ومن ثم تكون هنا علامة استفهام، لماذا يحدث هذا مع امرأة عُبادة بن الصامت؟ لأنه أحد المُعارِضين وقد تكلَّم، حين تقرأ كل شيئ وتضع فرضية مُعيَّنة تر العجب، تبدأ تظهر لك أشياء، طبعاً لا نقطع بها، هذه كلها استنباطات واستدلالات لكن ينبغي ألا نُهمِلها، أليس كذلك؟ مثل أي إنسان يُريد أن يقرأ التاريخ ويُريد أن يفهم ينبغي ألا يُهِملها، لا تُوجَد دروشة في فهم التاريخ وتحسين ظن وما إلى ذلك، عمل المُؤرِّخ أن يطرح كل الاحتمالات، أليس كذلك؟ وخاصة مع شخصية يبدو من كل مأتياتها وأفعاليها أنها لا تتورَّع عن شيئ، واليوم سوف ترون جانب من هذا الصعلوك أو من هذه الصعلكة لهذا الصعلوك، كيف كان يتصرَّف هذا الرجل؟ نفس ضيقة جداً جداً، حين تأكل أمامه يحسدك على أكلك وينظر إليك، لا يُمكِن لإنسان كريم أن ينظر إليك حين تأكل عنده، مُعاوية ينظر إلى كل أحد، رجل أعرابي كان يأكل ذات مرة فقال له انزع الشعرة من لقمتك، قال له وبصرك على شعرة في لقمتي؟ والله لا أكلت معك أبداً، أعرابي قال هذا، ما هذا الأمير؟ ما هذا القرف؟ هذا مُعاوية البطين، عنده نهم شديد وعنده جشع وعنده غيرة وما إلى ذلك!

قلت لكم أنني أُريد أن أتكلَّم عن موضوع الطُغاة في كل الأمم، كل الطواغيت إخواني وأخواتي عندهم نوع من الفراغ ونوع من النقص ونوع من اللوثات، لوثات عقلية ونفسية واجتماعية وجنسية وإلى آخره، لا يُمكِن تجد طاغيةً من الطُغاة ويكون إنساناً مُمتلئاً وعادياً، يستحيل أن يحدث هذا، لابد أن يُوجَد نقص، الإسكندر المقدوني Alexander the Great الأرجح كما يقول أكثر المُؤرِّخين كان شاذا جنسياً، معروف أنه يهتم بالرجال، وكان عنده عشيق، معروفة قصته، فهو ليس رجلاً كاملاً، هذه مُشكِلة هذا الرجل، وكان طاغية، نعم فاتح عظيم لكنه طاغية، كان طاغية وقد قتل أقرب المُقرَّبين إليه، مُتهَم بقتل والده، وهذه تُهمة راجحة عليه، وقتل مُؤرِّخه كاليسثينيس Callisthenes، قتله لأنه فقط قال له لا يُمكِن أن تكون رباً، أنت لست رباً هنا، أنت رب في مصر وفي بلاد فارس والعراق، لكن عندنا أنت لست رباً، أنت بشر مثلنا، كف عن هذا الكلام الفارغ، هل ظننت أنك ابن زيوس Zeus؟ المصريون عقولهم كبيرة، قالوا اتركوه لأنهم يعرفون أنه أهبل، المصريون استهبلوه وقالوا له أنت ابن زيوس Zeus، ويعرفون أن لا علاقة له بزيوس Zeus، لكنهم قالوا له أنت ابنه ففرح بكلامهم وبنى مدينة الإسكندرية – أهلاً وسهلاً – على اسمه وما إلى ذلك، اليونانيون قالوا له لا، لا نقبل هذا، العقل الغربي من قديم فيه نوع من الحرية يا أخي، نحن عندنا عقول استبدادية، يُقال الشرق المُستبِد، هذه مُشكِلة الشرق، إلى اليوم يُحِب الظلمة ويُحِب الطواغيت، يُدافِع عن مُعاوية بعد ألف وأربعمائة سنة بل ويفرح به أيضاً، ومهما فعل مُعاوية ليس عنده مُشكِلة ويظل مُمتازاً، انتهى الأمر، نُحِب الطواغيت، يُدافِعون عن الحجّاج أيضاً ويُؤلِّفون عنه الكتب، فالإسكندر Alexander قتل كاليسثينيس Callisthenes، عذَّبه ستة أشهر وسجنه وبعد ذلك قتله، فهو طاغية، أحرق بلاداً كاملة أيضاً، طريقة الإسكندر Alexander أنه يدخل بلد ما فإذا استسلمت له يُعامِلها كما يُعامِل الفاتحون، يأسر ويأخذ النسوان وما إلى ذلك، إذا لم تستسلم يحرق البلد بما فيها، تدمير كامل، ما هذا الملعون؟ شخص مُعقَّد طاغية Tyrant، تعال وانظر إلى هتلر Hitler، تعال وانظر إلى نابليون Napoléon، نابليون Napoléon ثبت عنه الآتي وهناك بعض الوثائق الدقيقة جداً جداً، الرجل في آخر حياته في سانت هيلانة Saint Helena خرجت له أثداء كأثداء النساء وأصبحت مقعدته عظيمة جداً، أي خلفيته، فثبت أن الرجل للأسف الشديد عنده نقص هرموني، وأنت حين تراه تجد مُشكِلة فعلاً في شخصيته، نابليون Napoléon ليس رجلاً كاملاً، فمثل هذا الرجل الذي كان مطعوناً في الرجل لابد أن يُصبِح أكبر قائد وأكبر فاتح ويُدمِّر الدنيا، القذّافي من يوم يومي كما يُقال وأنا أُشير إلى انحراف القذّافي الجنسي، الطُغيان الذي في شخصية القذّافي والعُقدة القاتلة عنده من كل رجل واضحة، حتى حراسته من النسوان، لا يُريد الرجال، يحقد حتى على لاعبي كرة القدم، أنا رسّام فماذا عني؟ لا يحتمل هذا، وقد رأينا اللقاء مع المُصوِّر الخاص به، قال كنت أكون يوماً معه وثلاثة أيام في السجن أو أكون يوماً معه وأربعة أيام في السجن، قال لا يحتمل أبداً أن تقول له فلان مُصوِّر عظيم، لا تقل هذا وإلا تُقطَع رأسه، القذّافي مُصوِّر عظيم، لم يبقى إلا أن يكون زبّالاً عظيماً، في كل شيئ يتفوَّق القذّافي، لا يحتمل نجاح أحد، لماذا؟ لأنه مطعون الرجولة، وبعد ذلك ثبت هذا ببعض الأشياء، المُهِم هذه موضوعات أُخرى ولا نحكي كل ما نعرفه، الآن يُوجَد رجل ألماني عمره ثمانين سنة وقد عاش مع القذّافي عشرين سنة في الداخل، الآن يكتب كتاباً، أنا بيني وبين هذا الألماني واسطة واحدة حدَّثتي بكل شيئ، وسوف يصدر هذا الكتاب، عشرون سنة في حظيرة القذّافي، قال هو شاذ وجماعة من أولاده شاذين كانوا، وواضح تماماً هذا، أنا – والله العظيم – قلت – وذكرت هذا في خُطبتي قبل أن تصلني هذه المعلومة عن هذا الألماني، علماً بأن هذا الألماني جنرال كبير وملياردير كبير جداً جداً – عنده مُشكِلة جندرية، أليس كذلك؟ وقال الليبيون كنا نظن في هذا الطاغية كل شيئ إلا المُشكِلة الجندرية هذه لم ننتبه إليها، لكن أنا كنت مُنتبهاً إليها، كنت أعرفها وأراها تماماً، عبد الناصر لم أستثنه، أليس كذلك؟ لم تُعجِبني لُغة عبد الناصر، أسلوبه في الكلام يُشير إلى شيئ، وقلت لكم سيكشف التاريخ هذا، إلى الآن لم ينكشف هذا لكن سوف ينكشف، يقول خلقت فيكم العزة والكرامة بطريقة تختلف عن طريقة الرجال، الرجل لا يتكلَّم بهذه الطريقة، يقول العزة والكرامة بصوت غريب، الرجل لا يتكلَّم هكذا، هناك مُشكِلة مُعيَّنة، هتلر Hitler كان كذلك، كنت صغيراً في الأعدادية ورأيت كيف كان يتكلَّم فقلت هذا مُخنَّث، مُستحيل، ما هذه الحركات؟ ما هذا؟ وفعلاً خرجت شُبهة كبيرة على هتلر Hitler، العقاد لم تفته مُلاحَظة هذا الأمر، وكتب هتلر Hitler في الميزان واتهمه بوجود نقص في الرجولة، وقال صدره رفيع وحوضه عريض جداً، قال عنده مُشكِلة هرمونية، العقّاد ذكي، فطلب رأسه هتلر Hitler، ولما دخل قواته مصر فرّ إلى السودان العقّاد، كان مطلوب الرأس، ذكي ولم يفته الأمر هذا، وفعلاً اتضح أن هتلر Hitler عنده مُشكِلة، الآن بدأ يتكشَّف الأمر، لا يُوجَد طاغية إلا وعنده عُقدة، ليس شرطاً أن تكون عُقدة جنسية فانتبهوا، هذه الناحية الجنسية، هناك عُقدة الفقر، يكون صعلوكاً، يكون رجلاً وليس عنده أي مُشكِلة لكنه يعيش في أسرة فقيرة جداً جداً، لا يجد الخبز كما يقولون، لا يجد شيئاً، عُيَّر بالفقر وعيَّرت أمه وربما اضطرت أن تعمل عند الناس خادمة وما إلى ذلك، يُصبِح حاقداً على المُجتمَع وعنده عُقدة المال، يكبر ويُصبِح رئيساً أو يُصبِح وزيراً أو يُصبِح أميراً فيُحِب أن يحتاز الدنيا بما فيها، لا يشبع ولا يقنع، يُجنِّن الناس ويطلب المزيد باستمرار، يقول هات دائماً، أنا أفترض الآن – وقلت هذا للإخوة بعد الدرس فأنا أُحِب أن أكون صريحاً – أن مُعاوية عنده على الأقل كلتا العُقدتين، طبعاً هناك عُقد في النسب، كأن يكون الإنسان مطعوناً في نسبه، ظنين وزنيم، يُقال هذا أبوه أو ليس أباه وأمه أخطأت وما إلى ذلك، هذه المسألة تُحدِث له عُقدة كبيرة جداً جداً، ولذلك المطعونون في أنسابهم – والعياذ بالله – دائماً يشتغلون إما جواسيس أو أعوان للظلمة أو طواغيت وما إلى ذلك، لعنة على الناس، وقل مَن ينجو منهم، بعضهم يُمكِن أن ينجو ويُصبِح إنساناً صالحاً، هذا موجود، لكن مُعظَمهم ليس كذلك، لأنه حاقد، حاقد على المُجتمَع وعلى أبيه وعلى أمه وعلى كل شيئ، لا يكون المسكين إنساناً سوياً، وقد يكون عند الله له بعض العُذر، على كل حال هناك عُقد كثيرة، تخيَّل أن ابن الزنا يُصبِح رئيساً، لماذا نقول هذا؟ لأن زياد ابن أبيه هو ابم زنا، وهذا صار والياً على البصرة والكوفة ونواحي خراسان، ذبح الدنيا هذا ودمَّر الناس، ابنه نفس الشيئ، أعني عُبيد الله بن زياد، هؤلاء أولاد حرام، ماذا تتوقع منه أن يفعل؟ هذا يقتل ابن النبي، يفرح بنفسه لأنه قتل ابن النبي، يقول البعيد نعم أنا ابن زنا لكن أنا تسببت في قتل ابن النبي، لعنة الله عليك وعلى أصلك، لا يهتم ويجد مَن يُؤيده، هذه عُقد، أنواع من العُقد واللوثات، أنا أفترض أن مُعاوية عنده عُقدتان بالنسبة لي واضحتان، عُقدة الصعلكة والفقر، حديث صعلوك لا مال له، وحديث يا رسول إنا أبا سُفيان رجل شحيح لا يُعطيني ما يكفيني وولدي، وهذا الحديث معروف ومشهور جداً وهو حديث صحيح، قال لها خُذي – هند – ما يكفيكِ وولدكِ بالمعروف، فهمنا الآن أنه ابن سُفيان وزعيم بني كنانة بعد موت جده عُتبة في معركة بدر وأبو سُفيان رأس الأحزاب وكهف الكفّار والمُنافِقين وما إلى ذلك لكن أبو سُفيان عاش ومات مسّيكاً شحيحاً بخيلاً، جلدة كما نقول بالعامية، كان جلدة لا يبض بقطرة، فولد مثل مُعاوية طبعاً عنده طموح وما إلى ذلك مثل أمه – أخذ الطموح من أمه – يعيش بهذا يُصبِح ناقماً ومُتعطِّشاً للأموال، سوف ترون اليوم طرفاً من عشق هذا الصعلوك للمال، عشق غريب لم أر مثله، لم أر أحداً يعشق المال في جيل الصحابة والجيل المُبارَك مثل مُعاوية بن أبي سُفيان، عشق رهيب، لا يشبع الرجل، لا يشبع ولا يقنع وهذا عجيب، فهذا كان أولاً، ثانياً العُقدة الجنسية وهي العقدة الثانية، كل أوصاف مُعاوية في كل الكتب التي أرَّخت له تُؤكِّد أن عنده مُشكِلة، وكان يُلقَّب بالمُسته، يُقال في وصفه وكان مُستَهاً، ما معنى وكان مُستَهاً؟ خلفيته – عدم المُؤاخَذة في هذه الكلمة – عظيمة، ولذلك تعرفون ما حدث حين جاء له أحد الناس ومد رجليه، ومُعاوية لأنه صعلوك لا يقدر على أن يسكت، لابد أن يُهينك بكلمة في عِرضك أو في شكلك أو في أكلك، صعلوك فعلاً، لا يتصرَّف كملك حقيقي، وقالوا مُعاوية – هذا يُنسَب إلى الصحابة وهذا كذب، هذا مُهِم لكي تعرفوا هذا الكذب وتعرفوا كيف يُضحَك علينا – أسود الناس، قالوا وكان لا يُدانيه في السيادة – أي لا أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ – إلا رسول الله، ما شاء الله بعد الرسول أكثر رجل يُمكِن أن يكون ملكاً وسيداً مُعاوية، كذبتم يا أخي، اتركوا هذا الكلام الفارغ، اقرأوا تراجم مُعاوية، مُعاوية صعلوك حقيقي، ألفاظه وحياته كلها صعلكة في صعلكة، ملك في حقيقته صعلوك أو صعلوك في ثوب ملك، لا نُريد أن نُغَش عنه، مَن يُحِب أن يُخدَع فيه فليُخدّع وليفرح بهذا الصعلوك الذي يُحِبه، لكن نحن لا نُخدَع فيه، هذا الرجل مد رجليه فمُباشَرةً نبذه، قال يا ليت لي جارية لها مثل ساقيك، قال له في مثل عجيزتك يا أمير المُؤمِنين، مُباشَرةً أفحمه، العرب كان عندهم نوع من الحرية، أبيع لك ديني – كان بعضهم يبيع دينه – لكن إياك أن تتكلَّم في شيئ يطعن في شخصياً لكي تُهينني، لا أتحمَّل ولو وصل الأمر إلى قطع رأسي، عندهم هذا الشيئ الأعراب، قال له في مثل عجيزتك يا أمير المُؤمِنين، عجيزة مثل عجيزتك وسيقان مثل سيقاني، أهلاً وسهلاً بهذا، مُباشَرةً قال له هذا فسكت أو بالأحرى أُسكِت، صعلوك، لماذا تجر على نفسك مثل هاته المقالات؟ لأنه يتحمَّل السكوت عن الناس، يُحِب أن يُؤذي الناس، سوف ترون كيف آذي أسامة بن زيد بعد قليل في أمه، أي أم أيمن، شيئ عار، لكن هكذا طبع هذا الرجل، على كل حال هناك العُقدة الجنسية، ليس فقط لأنه كان مُستَهاً لأن سوف ترون روايات أُخرى عنه، أنا قلت أنني أعربت عن شكي في موضوع سوف نُناقِشه حين نأنتي إلى موضوع الذين اغتالهم أو شارك في اغتيالهم مُعاوية، وهو عندنا ليس بريئاً تماماً طبعا، ليس مُداناً مائة في المائة لكن ليس بريئاً تماماً من اغتيال عليّ، وحكاية أن ثلاثة من الخوارج خرجوا فذهب أحدهم إلى مصر وذهب الثاني إلى الشام وذهب الثالث إلى الكوفة غير مقبولة، الذي اغتال الأسد – أسد الله الغالب – كيف نجح؟ أعني عبد الرحمن بن ملجم لعنة الله عليه، واغتال مَن؟ الأسد الذي تخاف أن تقترب منه، هذا عليّ عليه السلام، عليّ لم يقدر أحد عليه، أفرس الفرسان، لكن هذا نجح في اغتياله ما شاء الله، عمرو بن العاص لم يخرج، قدر ومقدور، خرج القاضي وقُتِل، مُعاوية ضُرِب فقط في خلفيته وأُصيبت فخذه، هكذا قالوا، هل فعلاً حدث هذا الكلام؟ قالوا حدث وبعد ذلك جاء الطبيب وقال له إما أن أكويك بالنار فتبرأ وإما أن تشرب دواءً مُراً جداً فتشفى يا أمير المُؤمِنين ولكن ينقطع نسلك، أنا لم أُصدِّق هذا، قال النار لا صبر لي عليها، كان عنده يزيد وربما عبد الله، أي كان عنده اثنان، لم يكن عنده أولاد، معروف أن آل حرب كانوا قلة، مُعاوية كان يغتاظ من هذا، لماذا آل حرب قلة؟ آل أبي العاص كانوا كثرة، النبي تنبأ بهذا وقال إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا دين الله دخلاً وعباد الله خولاً ومال الله دولاً، وهذا الذي حدث، سُبحان الله هذا الذي حدث، هم الذين غلبوا في هذا الشيئ، فمُستحيل أن رجلاً كمُعاوية يفعل هذا، وهو عنده ما يُريد من الجواري والنساء ويُحِب أن يكون له أولاد، أليس كذلك؟ لكي يرثوا مُلكه، قال لا صبر لي على الكي، القصة في نظري مُلفَّقة كلها، فقط هي نوع من الحيلة، يحتال لإقناع الناس ولإقناع زوجاته بالذات أنه توقَّف عن النفع، أنا عنين، وقال ابن عساكر وغيره انقطع حبل منيه، لأن هذا بعد ذلك اضطُر إلى كذا وكذا، الكلام كله مُتناقِض، قالوا قطع بالسكين أو بالموسى من لحمه، أنتم تقولون أنه غير قادر على أن يصبر على الكي، فما حكاية قطع وما قطع؟ انقطع حبل المني فيما بعد، وهذا يعني أن الرجل توقَّف عن النفع، وهذا لكي تقتنع زوجته وما إلى ذلك بأنه لا ينفع لأن هناك حادثة اتفقت له، وهذا كله تأليف في تأليف، لا يدخل مُخي هذا الكلام، وسوف ترون كيف كانت عنده عُقدة جنسية، يُحِب أن يسأل الرجال عن حالتهم مع النسوان وعن وضعهم، إذا قلت له أنا مُمتاز وفحل أكلت هواء، أي تُعاقَب، سوف ترون هذا اليوم وسوف تسمعون أشياء غريبة جداً، فالرجل مُعقَّد وغير طبيعي، إنسان غير طبيعي يا أخي، وأعان الله أي أمة – والله العظيم – وأي شعب يحكمه إنسان غير طبيعي، أنا قلت في دروسي وفي مُحاضَراتي أعانك الله يا أخي المُسلِم – والله العظيم – إذا حبلك اتصل بإنسان غير طبيعي كأن يكون صديقك، أعانك الله عليه، سوف يُجنِّنك وأُقسِم بالله على هذا، لا يقدر المسكين على ألا يفعل هذا، ويعرف أنه يفعل أشياء غير طبيعية وغير صحيحة لكنه يُريد أن يُغيظك، لأنه يقول أكيد هو كذا وكذا لكن أنا لست مثله فأُريد أن أغيظه، سوف أنتقم منه وما إلى ذلك، ويتسبَّب في خصومات وأشياء ليس لك علاقة بها ولا تخطر لك على بال، ويفترض أنك تفهمه وتشعر به وتعرف عُقدته، أعانك الله وشفاه الله، هذه مشاكل الناس، لكي لا نُطوِّل نرجع إلى موضوعنا إن شاء الله تعالى.

نأتي الآن إلى نماذج من صعلكة الرجل هذا، سير أعلام النُبلاء للذهبي، المُجلَّد الثاني، صفحة خمسمائة وسبعة: أخبرنا عمرو بن بكير عن أبي عبد الرحمن الطائي – هو يرويه من طريق ابن أبي الدنيا، وطبعاً هذا مروي أيضاً في أنساب الأشراف وسنقرأه اليوم أيضاً – قال قدم أسامة على مُعاوية – مَن أسامة؟ أسامة بن زيد، الحِب ابن الحِب، وسوف نرى كيف كان يُعامِل مُعاوية الحِب ابن الحب، لو كان عنده احترام وحُب لرسول الله لأحب كل مَن أحب الرسول واحترمه ووقَّره، هو يفعل العكس تماماً – فأجلسه معه وألطفه فمد رجله. فقال مُعاوية: يرحم الله أم أيمن – مَن أم أيمن؟ بركة الحبشية حاضنة الرسول، النبي كان يقول هي أمي بعد أمي، بركة زوجة مُتبناه، أعني زيد بن حارثة -، كأني أنظر إلى ظنبوب ساقها – انظروا إلى هذا بالله عليكم، أي حرف الساق اليابس وقيل ظاهر الساق وقيل عظم الساق، هذا الظنبوب – بمكة، كأنه ظنبوب نعامة خرجاء – الله أكبر، النعامة الخرجاء التي فيها سواد وبياض، هي حبشية ورجلاها رفيعتان وما إلى ذلك، يستهزئ بصحابية جليلة وهي أم رسول الله وحاضنته وزوجة زيد وأم أسامة، ما هذه الصعلكة؟ هذا صعلوك، الإنسان الكريم لا يتحدَّث بهذا المنطق ولا يسخر بعباد الله ولا يُؤذي الناس في أنسابهم وفي أمهاتهم وفي آبائهم أبداً، المُحترَم مُحترَم يا إخواني حتى لو كان من الكفّار والله العظيم، أحياناً تجد رجلاً كافراً ويكون مُحترَماً فعلاً، لا يُمكِن أن يُؤذيك أبداً، ويُمكِن أن تجد رجلاً مثل هذا يقول أنه صحابي وأمير المُؤمِنين ويقول هذا الكلام، ما هذه السخافة؟ ما قلة الأدب هذه؟ قال كأنه ظنبوب نعامة خرجاء، فغضب أسامة المسكين -. فقال: فعل الله بك يا مُعاوية، هي والله خيرٌ منك – مكتوب خيرٌ منك، طبعاً المُناسَبة رواية البلاذري، قال له هي والله خيرٌ من أمكِ وأكرم، قال له وأكرم؟ أي أكرم من أمي أيضاً؟ يرى نفسه شيئاً كبيراً طبعاً، ابن هند وابن أبي سُفيان شيئ كبير وقد صار أمير المُؤمنين، ولكم أن تتخيَّلوا صعلوكاً يُصبِح أمير المُؤمِنين، رجل سماه النبي صعلوكاً، النبي سماه بهذا الاسم فلا تقل لي لا تُسمِه به، وسوف نبقى نُسميه الصعلوك، هذه دمغة دمغه الله بها لما أعلمه الله من حقيقته، النبي أعطاه هذه الدمغة، وأعطى أُناساً آخرين لقب سيف الله المسلول والفاروق والصدّيق وأعطاه لقب السيد، قال لها والله لقد زوَّجتك سيداً في الدنيا وإنه لسيدٌ في الآخرة يا فاطمة، عن عليّ عليه السلام، هذه ألقاب وتيجان، وهذا أعطاه لقب صعلوك، قال لها مُعاوية صعلوك، وبقيَ صعلوكاً، يعرفه النبي لكن نحن نُدافِع عنه ونجعله قريباً من أبي بكر وعمر وعليّ بل هو أحسن من عليّ قليلاً عندنا، وأرجع وأقول للمرة الألف الذي يسب عليّاً عندنا نقبله ونقول ثقة،كيف يكون ثقة وهو يسب عليّاً؟ قالوا هو ثقة، يسب عليّاً كل يوم، يسبع سبعين مرة صباحاً وسبعين مرة عصراً وهو ثقة، يقول أحمد ثقة ثقة ثقة، ومَن يغمز مُعاوية أو يطعن عليه لا يُعجِبنا، ليس أهلاً لأن يُروى عنه، فعل الله به وفعل، ما شاء الله واضحة المسائل، بالنسبة إلينا واضحة تماماً، مُعاوية في قلوبكم أجل من عليّ، على ألسنتكم عليّ أفضل وأحسن لأن هو كان كذا وكذا، كلام فارغ، ما عُدنا نُخدَع، مثل ابن تيمية دائماً يقول رضيَ الله عن أهل بيت النبي ونتقرَّب إلى الله بحبهم ويأتي بالشعر، والله! وعند المُحاكَمات يا ابن تيمية دائماً تستنتج أنهم أخطأوا وتغمزهم، أليس كذلك؟ دائماً يحدث هذا وتُبريء جماعتك، ثم تقول أنك تُحِبهم كثيراً، لكن نحن لن نُصدِّقك والله، لن نكون مُغفَّلين، لن نُستغفَل، هذا اسمه استغفال، تترضى علىّ وتضربني – ! قال: يقول معاوية: اللهم غفراً – هذا غير موجود عند البلاذري، أي غير موجود اللهم غفراً.

في التذكرة الحمدونية أن كان مُعاوية كان يُوصي عمّاله بقلة الأكل ويا للعجب، الأكول التلقامة المعدود في الأكلة يُوصيهم بقلة الأكل، قال لعامله يوماً كُل قليلاً تعمل طويلاً، لعله كان يغار، في بعض الروايات قالوا كان يغار على الأكل غيرة شديدة، لا يُحِب من يأكل كثيراً، لا يُريد هذا، هو فقط الذي يأكل، وهذا لا يقتصر فقط على الأكل بل يمتد إلى الدور وإلى الأموال بل وإلى كل شيئ، هو يُريد كل شيئ له، في الكامل لابن الأثير الجزري رحمة الله تعالى عليه، المُجلَّد الثاني، صفحة مائة وخمسين: ودخل عُبيد الله بن أبي بكرة – أبو بكرة الثقفي الصحابي المشهور، نُفيع بن الحارث، هذا ابنه عُبيد الله بن أبي بكرة – على مُعاوية ومعه ولدٌ له – ابن، أي ابن عُبيد الله بن أبي بكرة – فأكثر من الله – ظل يأكل – فلحظه مُعاوية – وهذا من لؤم الإنسان، لؤم أن تلحظ ضيوفك وماذا يأكلون وكم أكلوا، ما هذا يا أخي؟ لؤم شديد جداً وأنت أمير المُؤمِنين، عندك مليارات، لماذا تنظر إلى أكله وتعرف هل أكثر أو قلَّل؟ ما علاقتك أنت وأنت أكلت الدنيا كلها؟ – وفطن عُبيد الله – رأى أن مُعاوية لا يُعجِبه هذا، ينظر إلى الولد وهو يأكل – وأراد أن يغمز ابنه – كأن يقول لابنه قم معي وتوقَّف عن الأكل – فلم يرفع رأسه – الولد ظل يأكل لأنه جائع – حتى فرغ من الأكل – وأكيد أكل ملوك شهي ولاذ، هذا أكل مُعاوية – ثم عاد عُبيد الله وليس معه ابنه – في مرة ثانية جاء عُبيد الله وحده بدون ابنه، لا يقدر على المجيء به، الأمير أو الملك هذا ينظر إلى الناس لكي يعرف ماذا يأكلون، عار وفضيحة، أرأيتم الصعلكة؟ هذا من عندي، هكذا فسَّرت الصعلكة، هذا الصعلوك، هذه نفسية صعلوك – فقال مُعاوية ما فعل ابنك التلقامة؟

تلقامة! وماذا عنك يا مُعاوية؟ نحن لم نسمع ولم نر الأمثال تُضرَب بابن عُبيد الله، الأمثال إلى اليوم شعراً ونثراً تُضرَب بمُعاوية في الأكل طبعاً، يقول الشاعر:

وصاحبٍ لي بَطْنُه كالْهَاوِيَةْ                           كأن في أمْعَائِهِ مُعَاوِيَهْ.

صار يُضرَب به المثل، يقولون آكل من ابن صخر، آكل من مُعاوية، معروف أنه الأكول رقم واحد، ومع ذلك قال له ما فعل ابنك التلقامة؟ – ابنه تلقامة – قال اشتكى – قال له مرض والله -، قال قد علمت أن أكله سيُورِثه داءً. قلت سيمرض أكيد بعد هذه الأكلة، لكن هو لا يمرض، هو عنده مناعة ما شاء الله!
في نثر الدرر للأُبي كان يُعمَل لمُعاوية لونٌ من المُخ لا يُشارِكه فيه أحد – مُخ بعض الحيوانات، فقط يأكله هو وحده، أي يستأثر به -، فأُتيَ به فضرب عبد الله بن جعفر بيده فيه – عبد الله بن جعفر يعرف أن مُعاوية يُحِب أن يأكله وحده فأراد ان يغيظه، وضع يده لكي يأكل منه -. وقال: إنّما أردت به أُنسَك يا أميرالمؤمنين – أي أحببت أن نأتنس معاً بالأكل -. قال: ما آنستني – أرأيت؟ صعلوك نفسه ضيقة، أُراد هذا وحدي، لا يُريد أن يأكل أحد معه -! ثمّ استحيا – عرف أنه أخطأ خطأ كبير، أمير المُؤمِنين نفسه ضاقت أن يُشارِكه أحد في بعض المُخ، لماذا؟ هذا بعض المُخ، كلام فارغ، سخافة الدنيا – فأرسل إليه عشرة آلاف – مُعاوية أرسل لعبد الله بن جعفر عشرة آلاف، درهم أو دينار؟ الله أعلم -، فقال عبد الله: كم في هذه من لون مخ؟

إذا كنت تُعطي عشرة آلاف لماذا ضاقت نفسك عن طبق مُخ؟ لكن انتهى الأمر، النفس الضيقة ضيقة فانتبهوا، النفس الضيقة ضيقة!

وفيه أيضاً تغدى أعرابيٌ عند مُعاوية فنظر مُعاوية إلى شعرة في لُقمته – شعرها يراها، ينظر إلى كل اللُقم لكي يعرف ماذا تأكل – فقال يا أعرابي خُذ الشعرة من لُقمتك، قال وإنك لتُراعيني حتى تُبصِر الشعرة في لُقمتي؟ والله لا أكلت معك أبداً.

غضب الأعرابي، طبعاً هذه حقارة، والمفروض فعلاً ألا يحدث هذا إذا آتى إليك أحدهم، من آداب الضيافة – هذا في إحياء علوم الدين – حين يأتيك ضيف ألا تلحظه بعينك وهو يأكل، لا تنظر إليه، كُل وتكلَّم كأنك لا تراه، انتبه ولا تنظر إليه فضلاً عن أن تعد ماذا أكل.

رجل كان يخضم مال الأمة خضم الإبل الربيع ثم ينظر إلى شعرة في لُقمة، يرصد الأمور رصداً مُمتازاً!

وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة من بني ربيعة بن كعب بن سعد والجون بن قتادة العبشمي والحتّات بن يزيد أبو مُنازِل إلى مُعاوية بن أبي سُفيان فأعطى كل رجلٍ منهم مائة ألف وأعطى الحتّات – الحتّات بن يزيد الذي يُكنى بأبي مُنازِل – سبعين ألفاً، فلما كانوا في الطريق سأل بعضهم بعضاً، فأخبروه بجوائزهم – هذا مائة وهذا مائة، لكن هو أخذ سبعين فغضب – فكان الحتّات أخذ سبعين ألفاً، فرجع إلى مُعاوية فقال: ما ردّك يا أبا مُنازِل؟ قال: فضحتني في بني تميم، أما حسبي بصحيح أولست ذا سن؟ – أنا رجل كبير في السن وسيد في القوم مُطاع – أولست مطاعاً في عشيرتي! فقال مُعاوية: بلى، قال: ما بالك خسست بي دون القوم؟ – لماذا نقَّصت جائزتي؟ هم أخذوا مائة وأنا سبعين – فقال: إني اشتريت من القوم دينهم – هكذا قال، مُعاوية يشتري دينك بالمال، تسب عليّاً وتلعنه وتتبرأ منه وتقف معي في الحق وفي الباطل فأعطيك المال، أرأيتم الصعلوك؟ يأخذ مال الأمة ويشتري به ضمائر الناس، ولكم أن تفهموا أن في الجُملة مُعاوية لا يُعطي المحاويج والمساكين، لا يسأل عنهم أصلاً ولا يُمكِّنون من الدخول عليه، مُعاوية دائماً تفد إليه الوجوه، الوجوه فقط، رؤوساء العشائر الكبار والقادة العظام وما إلى ذلك طبعاً، هؤلاء الذين يهتم بهم مُعاوية ويُغدِق عليهم لا كرماً، رجل تضيق نفسه عن طبق تأكله معه، كيف يُعطيك المائة ألف؟ لكنه مُضطَرٌ أن يُعطي مائة ألف وأكثر، لماذا؟ لتستتب له الأمور، ويعلم أنه لو لم يُعط لثار عليه الناس من عند آخرهم في غير بلاد الشام على الأقل، غير محبوب، لماذا؟ وغير مرضي، لكن لابد أن يُعطي الكبار والقادة فيُسكِتون الصغار، وهذا الذي كان يحدث، وكان يُعطي لكي يستتب له المُلك – ووكلتك إلى دينك ورأيك في عثمان بن عفّان – وكان عثمانياً – كان هذا الحتّات عثمانياً، هواه عثماني -، فقال: وأنا فاشتري منّي ديني – قال لا أُريده، بيعته فأعطنى ثلاثين ألفاً لكي نرجع بهم، ولك أن تتخيَّل هذا، هكذا قال، قيل افتُضِحوا فاصطلحوا، أنا أفهمك وأنت تفهمني، أنت تُريد موقفي وسيفي ورأيي فأعطني المال، وبالنسبة إلى ديني بعتك إياه والعياذ بالله، ولذلك أنا قلت لكم هذه الأمة ضُرِبَت بالذل أربعة عشر قرناً، أربعة عشر قرناً يحكمها أُناس والعياذ بالله لا يستحقون ولا يستأهلون وكابراً عن كابر ويرثونها كما يُورَث المتاع، أمة تُورَث كلها بأرضها وبلادها وبعبادها وبتراثها كما يُورَث المتاع والله العظيم، أربعة عشر قرناً، أعود وأكرِّر وأقول لكم أن دروسي ومُحاضَراتي وأفكاري أكثر ما تُزعِج أصحاب السُلطان، وهي فعلاً تُزعِجهم، مُنزعِجون جداً جداً، لا يُريدون أن يُبَث في الأمة فكر مثل هذا الفكر، وقلت لكم المُعادَلة البسيطة، إذا مُعاوية وهو المُسمى صحابي وما إلى ذلك لم ينج أفننجو نحن؟ انتهى الأمر، إذا فُتِح هذا الباب مُباشَرةً تلحقهم النار، يسيل بهم السيل، أليس كذلك؟ لذلك هم حذرون ويترصَّدون، ضد هذا الكلام تماماً هم، ضد هذا الكلام مُبتدأ ومُنتهىً – فأمر له بتمام جائزة القوم.

على كل حال مُعاوية أتم له الجائزة من سبعين إلى مائة ألف وعاد إلى قومه من بني تميم، نلقاكم – إن شاء الله – في حلقة مُقبِلة فالسلام عليكم ورحمة الله.

(تابعونا في الحلقات القادمة)

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: