سنختم – إن شاء الله – درسنا، وهذا يعني أننا سنترك المجال للأسئلة، بالنسبة إلى موضوع تمايز الله وتمايز الأشياء قلنا يُمكِن بحسب القرآن للحي القيوم – تبارك وتعالى – أن يتمايز من مخلوقاته في حين أن المخلوقات لا تتمايز منه، هذه علاقة جديدة، لكن كيف؟ نُريد أن نفهمها بعمق، هي لا تستطيع أن تتمايز لأن وجودها به، الحي القيوم يقوم به كل شيئ ولا يقوم هو بشيئ، وحده لا إله إلا هو، أليس كذلك؟ وجوده من ذاته كما يقول علماء الكلام، لذاته وبذاته! ووجود كل شيئ بالله، أليس كذلك؟ لا قوة إلا بالله، كل شيئ وجوده بالله، كل شيئ! الله حين خلق العرش قال لملائكة حملة العرش – يُقال هي ثمانية صفوف ويُقال هم ثمانية، وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ۩، قيل ثمانية أملاك وقيل ثمانية صفوف من الملائكة، الله أعلم – احملوه، قال لهم احملوا العرش هذا الذي بحجم الكون بلايين المرات، أي أنه شيئ مُخيف، فلم يقدروا طبعاً، مُستحيل! مثلما أنا وأنت لا نقدر على رفع أيدينا إلا به، والله العظيم! كيف ترفع يديك أنت؟ نفس الشيئ! مثل السمع والبصر، كيف؟ أنت تقول أنا فكَّرت، لكن كيف فكَّرت؟ من أين يبدأ التفكير؟ ويستند على ماذا؟ أشياء كلها ألغاز، كل حياتنا وكل شيئ لغز، كل شيئ لغز! كل شيئ غير مفهوم، لكن بالمُناسَبة هذه اللامفهومية جميلة جداً في الإيمان أيضاً، لماذا؟ لأن هي حقيقة الله، كيف؟ حين تأتي وتُحلِّل أي ظاهرة بسيطة جداً جداً – أي ظاهرة أمامك حسية، على الأقل طبيعية – ترى أنها في النهاية تصل بك إلى حد غير مفهوم، لماذا هكذا؟ هي هكذا! لماذا؟ مثلما تحدَّثنا أمس عن الانضغاط وما إلى ذلك، ماذا عن التلاصق؟ التلاصق بحسب قرب الجُزيئات، وقرب الجُزيئات بحسب الذرات، والذرات بحسب كذا وكذا، جيد! ولماذا هذا في النهاية؟ لأن على مُستوى الذرة كذا وكذا، ولماذا هو هكذا؟ لماذا لا يكون العكس؟ يقولون يُوجَد هذا، البنية الذرية بُنيَت بالطريقة هذه، لماذا؟ هي هكذا! لكن كونها هكذا هو الذي جعل الأمور على هذا النحو، افهموا!

حكيت لكم مرة شيئاً غريباً يُجنِّن! وبالمُناسَبة نجمها هو روجر بنروز Roger Penrose، هو الذي قام بعمل الحسابات هذه، عالم رهيب هذا، عالم رياضياتي عجيب وفلكي عجيب! أنا كنت أُحِب أن أحكي هذا الشيئ اليوم بالمُناسَبة، نحن وجودنا له علاقة بالتمايز، وهذه صارت نظرية، نظرية كاملة! وهي قرآنية، وجودنا هذا قائم بالله ولا يستطيع التمايز من الله بالإطلاق، هل تعرفون لماذا؟ لأن هذا الوجود وجود مُكتنَف بعدمين، أوله عدم وآخره عدم، لكن ليس بالمعنى البسيط الآن، لا! بالمعنى الحقيقي الطبيعي، كيف؟ فكأنه ليس وجوداً، كأنه فقط إرادة الله، الله أراد شيئاً فقط فكان، لكن فعلاً ليس له وجود بمعنى وجود كحقيقة قارة راسخة، لا! كيف؟

نأخذ البداية – بداية كل هذا الوجود المخلوق، أي الكون – وهي البيج بانج Big Bang، أليس كذلك؟ هذه النظرية عجيبة، قد يقول لي أحدكم لماذا أنت مُتعصِّب للنظرية هذه وتراها كأنها الحقيقة؟ وأنا أقول له علمياً هي الحقيقة، إلى الآن أنا مُقتنِع، أنت تحتاج إلى سبب ديني، السبب الفلكي ذكرناه قبل ذلك وذكرنا معه أسباب كثيرة، وهي تُعاني من ثلاث نقاط ضعف ذكرناها، لكن أنا عندي ناحية دينية تُفسِّر لماذا أتقبَّلها والحمد لله، لأن لما فكَّرنا بعمق وجدنا لله أسلوباً في الخلق إن جاز التعبير، يُوجَد عنده أسلوب في الخلق، لا إله إلا هو! والله قال أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ۩، أسلوب العمل! كيف يد الله تعمل؟ هذا هو! الله قال عَمِلَتْ أَيْدِينَا ۩، كيف يد الله تعمل؟ العلم نفسه مُحاوَلة لمعرفة كيف تعمل يد الله، علم الحيوان والنبات والفيسيولوجيا Physiology والكوزمولوجيا Cosmology والفيزياء والكيمياء، كلها! هي علوم تُحاوِل أن تبحث كيف تعمل يد الله وكيف تُدير هذا الكون، هذه هي! أي البحث عن القوانين، الكون هو بحث عن كيف تعمل يد الله، وقلت لكم ستيفن هوكينج Stephen Hawking عنده كتاب صغير سماه عقل الله، بعيداً عن تشنج المُصطلَحات هم أحرار، لكن المعنى الصحيح، كأنه يقول نُريد أن نُحاوِل – ولله المثل الأعلى – الدخول في عقل الله، الله ليس عنده عقل مثل عقلنا، ليست هذه القضية، لكن هذه تعبيرات مجازية – Metaphoric – كلها، نُريد أن نُحاوِل أن نفهم كيف يُدير الله الكون، جميل هذا! مطلب جميل، هوكينج Hawking – ستيفن هوكينج Stephen Hawking – يُحاوِل هذا، كتاب عجيب! المُهِم رأيت أن أسلوب الله في الخلق هو هذا، يُمكِن أن أُسميه الأسلوب البذري أو الجنيني، صحيح! وجدت أن الإنسان يُخلَق من بذرة واحدة اسمها النُطفة والبوييضة، أليس كذلك؟ بذرة! هذا مضبوط، وفي هذه البذرة والزيجوت Zygote بعد ذلك حين تُوجَد النطفة الأمشاج موجود كل الإنسان، كل ما يتعلَّق بكل صفاته تحملها خمسة وثلاثين ألف جين Gene، الآن عرفوا هذا قديماً، كانوا يقولون مائة ألف، واتضح أن الرقم الصحيح هو خمسة وثلاثون ألف الآن بالضبط، أقل من الرقم القديم، خمسة وثلاثون ألف جين Gene! وجدنا في النبات نفس الشيئ، دوحة عظيمة جداً جداً جداً تكون كلها مخزونة ومُبرمَجة في بذرة، بذرة واحدة فعلاً! البذرة حين تضعها في الأرض وتُعطيها مُدتها تخرج شجرة عجيبة، غريب! وجدنا العلم بذرة، يخرج الإنسان وبالكاد يرى دون أن يفهم ما يراه، هذا الطفل المسكين لا يعرف شيئاً، يسمع ولا يفهم أي شيئ، لكن هناك بذرة للفهم، لو لم تكن موجودة لكبر دون أن يفهم شيئاً، أليس كذلك؟ مُستحيل! ربّ عندك سمكة أو ربّ عندك كلبة حتى – الكلبة أذكى من السمكة – وسوف تجد أن من المُستحيل أن يفهم مُحاضَرتنا هذه عن الهندوسية وعن الله وعن كذا وكذا، يستحيل! سيظل المسكين جالساً وهو يلهث دون أن يفهم شيئاً، ليس عنده البذرة هذه، لكن الطفل يُولَد وعنده بذرة، قد تقول لي هذا في جين Gene عنده، لكن هذا صعب، لا يُوجَد جين Gene واحد اسمه جين Gene الفهم، لا يُوجَد! إذن كله على بعضه، هناك بذرة بحسب هذا المعنى، تبدأ تعمل بسرعة ما شاء الله، يصل إلى الثمانية عشرة والعشرين وهو يفهم حقائق عجيبة جداً وغريبة.

أينشتاين Einstein وضع النسبية وعمره ثنتا عشرة سنة، شيئ فظيع! نيوتن Newton وعمره خمس وعشرون سنة هلك الدنيا، قال أحد شعراء عصره كان الكون ظلاماً فخلق الله نيوتن Newton، فحين خلقه قال أضئ الكون فأضاء الكون، أفهمنا ما يحدث، بدأنا نفهم كيف هذه الدنيا تشتغل، فهمنا كيف العالم هذا يشتغل عن طريق نيوتن Newton، عقل كبير، شاب في الثلاثين من عمره عنده بذرة واستعداد، نظام البذرة! والعلم هكذا أيضاً، لذلك ماذا يقول علماؤنا والعارفون عندنا؟ الإمام عليّ – عليه السلام – والإمام الغزّالي من بعده وكلهم بعد ذلك قالوا العلم نُقطة كثَّرها الجهل، هو نُقطة في النهاية، هو بذرة يتفرَّع منها كل شيئ، لا إله إلا هو! (ملحوظة) سأل أحد الحضور عن سبب استخدام كلمة كثَّرها، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم هل تعرف لماذا؟ هذا جوهر الميتافيزيقا – Metaphysics – الهندوسية، والميتافيزيقا – Metaphysics – التي أسميتها أمس Perfect Metaphysics هذا جوهرها، العلم كله في النهاية، وهذا شوق العارفين الكبار، يُريدون أن يصلوا إليه، هو استبصار بشيئ واحد كُلي، ليس بخمسين ألف بليون Billion حقيقة، إذا وصلت إليه واستبصرت به فسيبدو إليك كل شيئ مفهوماً مكشوفاً، كل شيئ! انتهى، هذا إن أدركت الكُلي الذي لا يُمكِن أن يتأطَّر في إطار أصغر منه ولا يخضع لأي تقسيم منطقي على الإطلاق، شيئ غريب! لكن هذه نهاية العرفان، مسألة غريبة عجيبة.

فأنا حين وجدت أن أسلوب الله هو الأسلوب البذري الجنيني في كل شيئ جاءت النظرية هذه لكي تُقدِّم لنا أكبر هدية وتقول الكون كله – الكوزموس Cosmos هذا، ليس العالم وإنما الكوزموس Cosmos كله – خُلِق من بذرة، سوف أقول هذا صحيح، هذا أسلوب الله في الخلق، جالينوس Galenus بالمُناسَبة في أحد كُتبه التي ترجمها العرب – العرب ترجموها – اعترف، جالينوس Galenus – الطبيب اليوناني العظيم – قال كثير جداً من الأدوية ومنافع الأعشاب وخواصها وعلاج بعض الأمراض كان يأتيني في المنام وكنت أُلهمه إلهاماً، شيئ يقع في قلبي ويقول لي هذه كذا كذا، لأن هناك إرادة لله لكي يتعلَّم الإنسان ويعرف، ولابد أن يُعطيك @@8:40،  يضعك على أول الطريق ويدعك لكي تُكمِل، ودائماً هو يمدك لأنه يُريد هذا، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ۩ وَعَلَّمَ آدَمَ ۩، كما قلت لكم تعريف الإنسان عندي – والحمد لله أنا سعيد بهذا التعريف الذي هداني الله إياه – ما هو؟ الإنسان عندي – هذا تعريفي، تعريف عدنان إبراهيم – هو الكائن المُتسائل عن الله وليس العارف بالله، ليس العارف فالملائكة تعرف، لذلك ليس عندها تساؤل ولا شك، لكلن الإنسان ليس كذلك، لذلك الإنسان هو الكائن المُؤمِن، كيف هو المُؤمِن؟ الملائكة غير مُؤمِنة، ائتني بآية واحدة تقول إن الملائكة تُؤمِن، ائتني بها! أرأيت؟ وهذا مما هداني الله إليه أيضاً، هذا @@@9:10، عقيدة قرآنية! هل هناك آية قرآنية تقول الملائكة آمنت بالله؟ لا تُوجَد، هل تعرف لماذا؟ لأن الإيمان فعل، ليس عطاء وليس حالة ناجزة، فعل! الإيمان فعل مثل اليقين، وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ۩، من المُؤمِنين! لابد وأن تتساءل وأن تشك وأن تأتي بالدليل والدليل المُضاد وتقول لماذا وترتقي، تكفر مرة وتُؤمِن مرة وتشك مرة وتتقلقل مرة وتتزلزل، قد تقول لي هذا لا يحدث عندي، لذا أنت مُسلِّم، أنت تقريباً لا تفهم شيئاً، الذي لم يحدث عنده هذا ولم يجد عنده شك ولم يجد كذا وكذا لم يُفكِّر أبداً ولم يُؤمِن أصلاً، هذا مُقلِّد! يُقلِّد أباه وأمه وجدته، لا يُمكِن! مَن يُفكِّر تحدث له مشاكل دائماً، انتبه! عند كل العلماء الكبار حدث هذا، مَن يُفكِّر تحدث له مشاكل كبيرة، فهذا اسمه الإيمان في النهاية، نحن نُؤمِن بالملائكة وبوجودها، الله أخبر عن هذا، لكن لا تقل لي الملائكة تُؤمِن بالله، الملائكة تعبد الله وتُوحِّد الله، إلى آخره! لكن لا تقل لي إنها تُؤمِن أو آمنت، أرأيت؟ الرسول يُؤمِن لأنه بشر مثلنا يستدل، وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ۩، لكي نُرقيه في الإيمان درجات من إيمان وتسليم إلى يقين لابد أن يرى، هو هكذا! قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۩، لكي يطمئن أُريد أن أرى، غير هذا! الملائكة ليست كذلك، هي مُبرمَجة Programmed، انتهى! نحن كائنات نادرة عجيبة، ولذلك مزيتنا هذه – احذر من تضييعها – هي الفكر وطرح السؤال وطلب المعرفة، ولا تظن أن كل شيئ مفهوم، لا يُوجَد شيئ مفهوم تقريباً، اجعل عندك نفسية الطفل.

حدَّثتكم مرة عن ابن عمي، أخي كان يستغرب منه، فكنت أقول له لا تستغرب منه، هذا ذكي جداً جداً، يا ليته تعلَّم، لو تعلَّم لكان فيلسوفاً، إنسان عادي، أُمي تقريباً! يكتب ويقرأ لكنه أُمي، كان يقول يا ابن عمي أنا غير قادر على أن أُوضِّح لك، أقول له ما الأمر؟ كنت أُحِب حديثه وأُحِب مجلسه، لأن عنده فكر لكنه لا يقدر على أن يُفكِّر، لم يدرس نظريات ولم يعرف شيئاً، قال لي سأقول لك – مثلاً – كيف، قال لي أنا غير قادر على أن أفهم شيئاً، الدنيا هذه كلها ألغاز، فقلت له كيف مثلاً؟ قال لي الورقة هذه حين تُشعِل فيها النار لماذا تصير هكذا؟ لماذا؟ قلت له فعلاً هذا السؤال ليس سهلاً، والعلم يُقدِّم لك جواباً في خُطوتين فقط، هو لا يعرف كل شيئ! الماء سكبه لي ذات مرة – والله العظيم – وقال لي انظر، كيف هذا؟ لماذا يُكَب هكذا؟ لماذا يسيح هكذا؟ لماذا؟ قلت له صعب جداً هذا السؤال، أنا أعرف أنه صعب، يتساءل عن طبائع الأشياء، لِمَ هي هكذا؟ ما الذي طبَّعها هكذا؟ لماذا؟ لماذا هي هكذا؟ لماذا الكوب لا يندلق؟ ولماذا الماء الذي فيه يندلق؟ أنت تقول هذه ماء وهذا أمر عادي، هذه الأمور يُسمونها البديهيات، لكن بديهيات ماذا يا حبيبي؟ بالمُناسَبة هذه البديهيات مُهِمة جداً في معرفتنا الغبية – معرفة الجهل – لكي نقدر على أن نعيش كبشر جُهلاء، لكي تقوم بعمل روبوت Robot ذكي – قالوا – سوف تجد مُشكِلة دائماً عنده، ما هي؟ عدد البديهيات التي ينبغي أن تُخزَّن فيه كبديهيات لكي يقدر على أن يُفكِّر بعد ذلك تفكيراً معقولاً إلى حدٍ ما، لابد أن يفهم الروبوت Robot – مثلاً – أن هناك أشياء – وهذه ينبغي أن تُخزِّنها له – إذا وقعت فستُكسَر، مثل الزجاج فهو يُكسَّر، لكن الحديد لا يُكسَّر، الخشب لا يُكسَّر، لكن أنواع من الخشب تُكسَّر ولابد أن يفهمها، الإنسان يعرف البديهيات هذه، هذه بديهيات عنده! لابد أن يعرف الروبوت Robot أن الماء إذا نزل على أرض فهذه الأرض ستتبلل، @@@12:30 ستبلل، لابد وأن يعرف أن هذه بديهية، وكذلك لونها يختلف، لابد أن يعرف هذا! فهذا الأمر أصابهم بالهبل إلى اليوم، دائماً ما تجد العلماء يقولون هذه بديهيات، هذه كلها أسموها بديهيات وهي ليست ببديهيات، هذه طبيعيات ومُعطيات الله طبَّعها هكذا، لكن لماذا؟ لماذا لأنني أُريد أن أفهم؟ لن تفهم، هذا أصعب من أن تفهمه، سوف تصطدم بجدار.

نرجع إلى موضوعنا، اللهم صل على سيدنا محمد، ماذا قلنا؟ عجبي أن كيف هؤلاء اهتدوا بهداية الله؟ الله ألهمهم، الله ألهم عالماً هكذا وقال له اذهب وفكِّر، والعجيب أن هذا العالم كان قسيساً، وهو القسيس لومتر Lemaître البلجيكي، هذا عالم فيزيائي وقسيس، ليس قديساً وإنما هو قسيس، لومتر Lemaître البلجيكي فكَّر وكان أول مَن طرح الفكرة الخوارقية هذه، مُذهِلة! قال الكون هذا كله لماذا لم يكن في البداية أصغر وأصغر وأصغر؟ كان صغيراً جداً جداً جداً جداً، وسوف نُسمي هذا البيضة الكونية، أي Cosmic Ei، الــ Cosmic Ei هي البيضة الكونية، أينشتاين Einstein سخر من هذه الفكرة وضحك بسببها، قال له بيضة ماذا؟ ما البيضة الكونية هذه؟ مُستحيل قال له، أينشتاين Einstein بهبله كان يُؤمِن بأن الكون طيلة حياته كان كما هو الآن، الكون سواء خلقه الله أو لم يخلقه هو هكذا، كبير ومُترامٍ، لم يكن يوماً صغيراً ثم كبر، كيف كبر؟ مُستحيل قال له، هذا أينشتاين Einstein! وحدَّثتكم مرة أن أكبر خطأ وقع فيه أينشتاين Einstein – انتحر علمياً أينشتاين Einstein به – هو أن النسبية العلمية General relativity – لأن هذه رياضيات – بطريقة نظامية Systematically أوصلته في النهاية إلى أن الكون يقوم بعمل توسع Expanding لكنه قال ما الهبل هذا؟ كيف يتوسَّع؟ المُعادَلات قالت له هذا في النهاية، لكنه لم يبحث المسألة هذه، ليس له علاقة بها! كان يبحث في أشياء أُخرى، لكن هذا ما خرج معه، وهذا يعني أن الكون يتوسَّع دائماً، يزيد! قال لا، هذا هبل والناس سوف يسخرون مني، لكن النظرية مُتكامِلة مع بعضها، فذهب الأهبل واضطر أن يُقحِم إقحاماً – وضعها في النظرية وغرسها كالإسفين – الثابتة الكونية، أي الــ Cosmic constant، وضعها من عنده هكذا! النظرية لا تُريدها ولا لهاعلاقة بها، لكنه وضعها هكذا لكي يخرج الكون ثابتاً في النهاية، وبعد ذلك في حياته – على عينه كما يقولون، أي على عين أينشتاين Einstein – ثبت أن الكون يتوسَّع، وثبت بالتلسكوبات Telescopes هذا، إدوين هابل Edwin Hubble –  صديق أينشتاين Einstein ودارس للنسبية – قال له يتوسَّع، هناك الــ Redshift، هل تعرفون الــ Redshift؟ بالــ Redshift يتوسَّع فعلاً، الكون يهرب، يرمح الآن، يرمح ويجري، كله يجري! أينشتاين Einstein قال آخ، لقد كانت أكبر حماقة في حياتي، كم أنا نادم على تلك الحماقة! قال، اخس علىّ! طبعاً أضاع على نفسه مجداً علمياً، وإلا قال كل هذا بتفكيري ونظرياتي الجميلة ورياضياتي أثبته على الورق، وهذا الذي كان يُذهِل العلماء، زوجة أينشتاين Einstein زارت المرصد الخاص بإدوين هابل Edwin Hubble نفسه، وإدوين هابل Edwin Hubble كان مُلاكِماً أيضاً وعالماً فلكياً، كان يدخل في مُلاكَمات، فهي زارت هذا المُلاكِم وعالم الفلك ورأته وهو مُعلَّق في كرسي تلسكوب Telescope ضخم جداً جداً، شيئ مُخيف! أنا عندي صورة له وهو مُعلَّق، فقالت له ما هذا؟ قال لها أدرس الكون، قالت له بكل الآلات الضخمة هذه والأشياء المُخيفة الهائلة؟ زوجي يدرس الكون أيضاً لكن على ورق مُزيَّت – عليه زيوت حتى، كزيوت الفلافل وما إلى ذلك – وعليه خرابيش، فقال لها نحن ندرس الكون في ضوء ورق زوجك المُزيَّت هذا، هذه الخرابيش الخاصة به هي التي تجعلنا نفهم الكون، قالت له إلى هذه الدرجة؟ فقال لها طبعاً، هذا الإنسان عظمته هنا، ليست في هذه آلات الغبية وما إلى ذلك، هذه آلات بسيطة يقدر أي أحد على تصنيعها، عظمته في النظرية وفي النموذج العلمي الذي ألَّفه، كم هو مُتناسِق ودقيق وذكي وفرضياته صحيحة! فهذه كانت غباوة من أينشتاين Einstein، المُهِم انظر إلى هذا، لعل في هذا حكمة، لأن أول مَن أُلهِم هذا الشيئ كان رجل دين، أي أنه كان يُحاوِل قليلاً أن يقترب من الحقيقة الكُبرى التي يضمحل إلى جانبها كل شيئ بما فيه العالم، فهو لاحظ اضمحلال العالم وافترض المسألة هذه، وبعد ذلك اتضح أن هذه أكبر نظرية إلى الآن تُؤيدها البحوث، الآن انظر إلى العجب، يقولون مَن الذي طبَّع الطبيعة؟ لا يُمكِن أن نتفهم أن هذه الطبيعة طبَّعت نفسها، يُوجَد شيئ طبَّعها وبدقة لكي تنتهي إلى كل هذا الجمال والجلال والدقة الرياضية الساحرة، هذا يعني وجود ذكاء أكبر من كل هذا الذكاء الناشئ، إذا افترضتا أن الكون فيه ذكاء ذاتي – جيد – فهذا الذكاء لابد أن يكون ذكاءً جنينياً، أليس كذلك؟ مثل ذكاء الجنيني فينا، ذكاء بسيط! 

للأسف عندنا عالم فلك سوري أهبل وهو فايز فوق العادة، غبي! غبي يا أخي، مُسلِم غبي هذا، لم يدرس شيئاً ولم يفهم شيئاً، هذا من أصحاب الشهادات، تخيَّل! يقرأ الكُتب لكن ليس عنده عقل فلسفي أو لاهوتي لكي يفهم الأشياء بعمق، وألَّف كتاباً عن الذكاء الكوني، قال يُوجَد ذكاء لكن هذا من الكون في الكون، من الكون نفسه! الكون يُنظِّم نفسه وينسخ نفسه ويضبط نفسه ويُعدِّل نفسه، يا أخي أنت غبي! قلت لكم هذا غبي وهذه أغبى نظرية، هل تعرفون لماذا؟ يقولون عندنا بيضة كونية Cosmic Ei وعندنا كون، لكن هذه ليست بيضة كونية Cosmic Ei، يا ليتها كانت بيضة! زمان كانوا يتصوَّرونها قد حجم المجموعة الشمسية لمرتين أو ثلاث وسموها البيضة الكونية Cosmic Ei، لأن الكون طبعاً بعد بلايين السنين الضوئية يصير في حجم المجموعة الشمسية، كلام فارغ! دقائق ضوئية هذه، ليست بلايين السنين، فيا ليت هذه مجموعة شمسية، اتضح أنها شيئ أصغر من البروتون Proton بمرات ومرات هائلة، أصغر من البروتون Proton! هذا الشيئ عدم، حقيقةً عدم! الآن أنا أقول لك لو هناك ذكاء في هذا الشيئ الأصغر من البروتون Proton لكان ذكاءً مُمتَداً – Expanded – أو ذكاءً جنينياً؟ الجواب هو ذكاء جنيني عدمي، يكاد ألا يكون شيئاً، ليس بشيئ!

ماذا يقول روجر بنرزو Roger Penrose يقول مع ستيفن هوكينج Stephen Hawking؟ الاثنان يشتغلان على الشيئ، اسمع الإعجاز يا أخي، شيئ يُقشعِر البدن، أُقسِم بالله، هذا الشيئ الصغير جداً جداً وهو الــ Singularity – حكيت هذا في الخُطبة عدة مرات – غير مفهوم، مثلما قال برتراند راسل Bertrand Russell، قال لابد أن نعترف بوجود ظروف غير مفهومة، لماذا يا برتراند راسل Bertrand Russell؟ مَن؟ مَن الذي أخرجها من حالة الاستقرار والثبات إلى الاختلال والانفجار؟ وهل هو انفجار؟ لا يقدر أكبر فيزيائي اليوم في العالم ولا أكبر كمبيوتر Computer على أن يتنبأ تنبؤاً صحيحاً قريباً من الحقيقة ويقول لنا لو وُضِعَت قنبلة الآن في الأرض وانفجرت ماذا ستفعل بدقة، مُستحيل! أشياء تقليدية، يُمكِن أن تُهشِّم زجاجاً على بُعد ستة أمتار ونصف المتر، يُمكِن كذا أو كذا، سوف تجد أشياء مُختلِفة تماماً، أليس كذلك؟ صعب جداً، لأنها هذا عشوائي وفوضوي Chaotisch، تفضَّل إذن أعظم انفجار في تاريخ الوجود، حين تم انفجار هذه الــ Singularity – قال – تم التوسع بسرعة – بسرعة الضوء في كل الاتجاهات التي بدأت تُخلَق، لم تكن هناك اتجاهات أصلاً، لم يكن هناك فضاء، لكن بدأ الفضاء يُخلَق من خلال تمدد هذا الشيئ الذي ينفجر، يتولَّد الزمان والمكان الآن، تخيَّل! ميلاد الزمان والمكان شيئ فوق العقل، جيد! اسمع ماذا يقول ستيفن هوكينج Stephen Hawking وروجر بنروز Roger Penrose، هذا المُحيِّر! لو هذا التمدد والرمح و”البرطعة” كما يُقال – بسرعة الضوء هذا – كان أسرع أو أبطاً بجُزء من مليون مليون مليون جُزء من الثانية لما وُجِدنا ولما وُجِدَ هذا الكون، سنقول سُبحان الله مائة مرة، أُقسِم بالله العظيم هذا الشيئ يُصيبني بالجنون وبالهبل، أي حساب يا رب العالمين هذا؟ هذا الذي أدركه العقل الإسلامي، هذا الذي أدركته حسابات روجر بنروز Roger Penrose الرياضية، هذه النظرية اشتغل عليها ما يقرب من عشرين سنة، قال هذا ليس انفجاراً فقط خرج منه الكون، لا يا حبيبي! الأمر محسوب بدقة فوق التصور، لو عجَّل قليلاً أو بطّأ قليلاً بجُزء من عشرة أس ثماني عشرة من الثانية لما وُجِدَهذا الكون ولما وُجِدَنا نحن الآن لنتكلَّم عنه وندرس هذه الحقيقة، أي حقيقة وجود الكون والإنسان، يا ربي! يا الله!

الآن أرجع وأسأل فايز فوق العائدة والمُصابين بالهبل من أمثاله والمُقلِّدين هل ذكاء الكون الخاص بالـ Singularity هو الذي عمل هذا الحساب؟ مُستحيل! لا يقول أحد الكلام هذا، مُستحيل! ولذلك أنا حدَّثتكم ليس عن فايز فوق العائدة السوري للأسف ومَن مثله – هذا الله حرمه، اللهم اهده يارب – وإنما عن عالم فلكي روسي كبير، علّامة وفيلسوف! هل تعرفون ماذا قال؟ قال يُقال إن الاعتراف يُطهِّر النفس – وهذا صحيح – ولابد لي أن أعترف، كنت إلى وقت قريب جداً جداً أُعلِن بإلحادي – أي أستعلن بإلحادي وكفري بالله – لكن بعد هذه الحقائق عن خلق الكون ودقته ودقة انطلاقه في مُخطَّطه لكي يُعطي هذه النتيجة ما من مناص من الاعتراف بأنني كنت مُخطئاً مُخطئاً، أنا أُعلِن اليوم إيماني بالله، رُغماً عنك! لا يُمكِن غير هذا، شيئ يُقشعِر البدن، لا يُمكِن غير هذا يا أخي، يُوجَد ذكاء أكبر من الكون وأكبر من كل شيئ هو الذي صاغ الكون، هو الذي أطلع الكون من الانفجار هذا بالدقة العجيبة هذه يا جماعة!

جاء بنروز Penrose وقال لا، دعونا نطرح الموضوع من ناحية ثانية، ما هي؟ قال ما احتمال أن يكون الكون هذا بتنظيمه العجيب ونحن فيه أيضاً كبشر نشأ من الانفجار هذا بطريق الصُدفة By chance؟ هل يُمكِن أن يكون بالصُدفة نشأ؟ أغبى خلق الله مَن يتكلَّمون عن الصُدفة، لا يفهمون شيئاً عن قانون الصُدفة العلمية الخاصة بباسكال Pascal أصلاً، لا يفهمون شيئاً! هؤلاء أغبياء وحمقى، قال نعم، هناك احتمال، ما مقداره؟ يا ربي! شيئ يُصيب بالهبل، لعلي أذكر الرقم ولعلي نسيته، لكن المُهِم أنه شيئ مُخيف، أي أنه واحد على ما لانهاية تقريباً، واحد على عشرة مرفوعة إلى الأس عشرة مرفوعة تقريباً إلى مائة وثماني وعشرين أو شيئ كهذا، أكثر من الجوجل Google! ملايين أو آلاف الملايين من الجوجل Google، أي صفر! مُستحيل علمياً ورياضياً، شغل عشرين سنة هذا، تخيَّل! هذه رياضيات، هو ليس رجل دين ولا يهمه الدين، هذا علم فقط! يدرس الرياضيات مثل أينشتاين Einstein.

أُريد الآن أن أسألكم عن شيئ لكي تفهموا ما الذي أُريد أن أقوله، ما معنى أن الكون كله هذا ونحن وكل شيئ في البداية كان هذا الشيئ الذي لا يُتخيَّل؟ نحن لا نتخيَّله، أنت لا تقدر أصلاً على أن تتخيَّله، ما الذي يُمكِن أن تتخيَّله؟ أنت الآن حين تُغمِض عينيك يُمكِن أن تتخيَّل نُقطة،أكثر شيئ صغير يُمكِن أن تتخيَّله نُقطة، نُقطة ماذا؟ النُقطة هذه بحجم الكون الذي يحكون عنه قبل البيج بانج Big Bang بلايين المرات، حجمها أكبر من الحجم الحقيقي بلايين المرات، بلايين! قد تقول لي هذا يعني أنه عدم، وهذا – والله – قاله أحد علماء الفلك الكبار، قال هذا في مرجع فلكي أمريكي كبير عندي، قال فيه إذا كنا نُريد أن نكون صادقين مع أنفسنا يجب أن نقول إن الكون إنما أُوجِد من العدم، لأن الحديث عن Singularity بالحجم هذا – أصغر ملايين ملايين المرات من البروتون Proton، ولم تُوجَد لا رياضيات ولا فيزياء ولا قوانين، لم يُوجَد أي شيئ! انتهى – مُستحيل، إذن لِمَ لا نقول إننا نتحدَّث عن المعنى؟ أنا أقول لك هذا ليس العدم، لا! شيئ بعد العدم بشيئ لا تتخيَّله، هل تعرف ما هو؟ أول انبثاق عن قول الله كُن ۩، أول شيئ حدث حين قال الله كُن ۩ للكون، كُن ۩! حين قال كُن ۩ كان هذا الشيئ، هو هذا فقط! لو لم يقلها لما كان حتى هذا الشيئ، وهذا يعني أن قبل أن يقولها كان يُوجَد العدم، وبعد أن قالها وُجِدَت الــ Singularity هذه التي هي شبه عدم، لا فضاء، لا زمان، لا جاذبية، لا كهرومغناطيسية، لا قوى نووية ضعيفة، لا قوى نووية قوية، لا شيئ! ولا عقل ولا تصور ولا كائنات، لا شيئ! قد تقول لي والله يا أخي هذا يعني أن الكون كله – ليس نحن فقط – كان مُعلَّقاً في الأول في العدم، بالضبط! كان مُعلَّقاً في العدم، أي في الــ Nothingness بالإنجليزية أو في الــ Nichts بالألمانية، الآن قد تأتي وتقول لي ماذا عني؟ ماذا عن الشجرة والميكروفون Microphone وأنا وأنت والكوب والشاي؟ انظر وسوف ترى أن كل شيئ يتشعَّع ويتشعَّع ويتشعَّع وينزل وينزل وينزل ويتصاغر ويتصاغر ويتصاغر، وفي النهاية ينتهي إلى ماذا؟ العدم، جُسيمات تتركَّب من جُسميات ومن جُسيمات وما إلى ذلك، ومن طاقة طبعاً – كما قلنا – في النهاية، أيضاً هي قول الله كُن ۩ دائماً، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا ۩، سوف تقول لي يا ويلتاه، هذا يعني أن وجودنا ووجود الكون لكه – وجود كل شيئ – مُعلَّق بين عدمين: عدم الــ Singularity وعدم التشعع اللانهائي لوجودنا هذا، لانهائي!

الآن يُوجَد علم في الرياضيات جديد – أكيد أخذتم فكرة عنه أو على الأقل بعضكم – اسمه علم الكسوريات أو العشوريات، أي الفركتلات Fractals، الفركتلات Fractals يتحدَّث عن هذا التشعع اللامُتناهي، لكن العجيب أن هذا التشعع اللامُتناهي مُرتبِط أيضاً بمبدأ رياضي، أي أنه ليس فوضوياً Chaotisch أيضاً، له مبدأ رياضي يحكمه، هذا نفس الشيئ! بنية الذرة ستظل تتشعَّع وتتشعَّع، قد تقول لي إلى أين ستظل تتشعَّع؟ إلى أن تنزلق إلى أين في النهاية؟ في اللاشيئ، كما هي في الماضي تنزل وتنزل وتنزل، وطبعاً هذا إلى أن تنزلق في اللاشيئ، وهذا بالضبط وجود الكون، مُعلَّق بين هوتي العدم، كيف هذا ثابت الآن؟ كيف نرى أنفسنا ونحن نتكلَّم ونُفكِّر ونطرح النظريات هذه؟ كل هذا معنى إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا ۩، كله بالحي القيوم، به هو! وجوده ذاتي، لا إله إلا هو، وجوده ذاتي، من ذاته ولذاته وبذاته، لا كلام في هذا! هذا هو الوجود الحقيقي.

نرجع إلى فكرة خُطبة أمس، معنى هذا الشرح العلمي الآن أن الكون لا يتميَّز من الله، مُستحيل! أين هذا؟ مَن كان مُعلَّقاً بين هوتي العدم لا يُمكِن أن يتميَّز من الله، تميّزه من الله أقل من لُحيظة يعني أنه سيهوي في العدم مُباشَرةً، هذا هو طبعاً! لذلك الله يُمسِكه بـ كُن ۩ – لا إله إلا هو – فيظل ممسوكاً، قد تقول لي هل الله يتميَّز منه؟ طبعاً، لأن الله كائن – لا إله إلا هو – قبل أن يكون كل هذا الكون، وهو الذي كوَّنه، يُمكِن أن يُفنيه كله دون أن يتأثَّر بشيئ – لا إله إلا هو – أو يشعر بهذا الزهق الهندونيسي الغبي أو بالملل العبيط، لا يُوجَد عند الله الشيئ هذا، حاشا لله! لا إله إلا هو، الله غني، غني عن العالمين! قال هذا، لم يقل عنكم وإنما قال عن العالمين، لا يحتاج إلى شيئ هو، لكن عنده كرم ذاتي ورحمة، عنده هذا! عنده رحمة بلا ثمن، شيئ يُجنِّن، حين تُفكِّر بالمُناسَبة تجد أن كل مَن يُعطي يُعطي بمُقابِل، أليس كذلك؟ حتى مَن لا يُريد المُقابِل منك هو يُريد المُقابِل من الله، إذن هو يُريد المُقابل أيضاً، قال أحدهم وقد أتوا برجل مُلحِد في برنامج في التلفزيون Television – حضرت هذا والحلقة أنزلوها على اليوتيوب YouTube – حتى الملاحدة يُمكِن أن يكونوا طيبين، فقلت والله مَن يتكلَّم هذا مِن أغبى خلق الله ولا يفهم شيئاً، واتضح أنها حلقة غبية جداً جداً جداً، هؤلاء الناس لم يتعمَّقوا في شيئ، (ملحوظة) سأل أحد الحضور هل كانت الحلقة باللُغة العربية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لا، كانت باللُغة الإنجليزية طبعاً، وأتوا حتى بمقولات كارل ساغان Carl Sagan وهو كان مُلحِداً للأسف، قالوا لا، يُمكِن لمُلحِد أن يُعطي من غير مُقابِل، وهذا يعني أنه إنسان Kind، أي إنسان صالح وطيب، كيف؟ لا! يفعل هذا بمُقابِل، هل تعرف ما المُقابِل؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور لأنه يُريد أن يتكامل، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، يُريد أن يتكامل لأنه يشعر بفقره وبضعفه الإنساني، فهو يُريد أن يتكامل، يُريد أمام نفسه – أمام نفسه وفي مرآة ذاته – أن يشعر بأنه أعطى وتفضَّل على الناس، يقول أنا عندي القدرة على أن أُعطي، عندي القدرة على أن أصفح، عندي القدرة على أن أحلم على غيري، ولا أُكافئ جهله بجهل مثله، لأنك فقير! إذن أنت مُحتاج، كل هذا يعني أنك مُحتاج، مُحتاج أنت تُشعِر نفسك بهذا، أليس كذلك؟ هناك مَن يحتاج إلى أن يُشعِر غيره، وهذا لا يزال أكثر فقراً، لماذا؟ لأن تكامله ليس بذاته، تكامله بغيره للأسف! كما قلنا هناك مَن يتكامل بحذائه، هناك مَن يتكامل حتى ببدلته، هناك مَن يتكامل بسيارته الجيب Jeep الخاصة به، يتكامل بأشياء لا تزال خارجية عنه، ويظن أن هذه ستُعطيه مجده، لا! هذا المُلحِد الذي يتكامل ذاتياً لا يزال أفضل من هذا الذي يتكامل بغيره ويقول لهم أروني وأنا أُعطي، هذا المُرائي، أليس كذلك؟ لكن هذا لا يزال أفضل، قد تقول لي ما معنى هذا؟ معناه أن الله – لا إله إلا هو – أعطى مُقابِل ماذا؟ فكِّر في هذا، الجواب هو لا شيئ، لا شيئ! كيف؟ الفكرة نفسها فوق التصور، ما الكرم هذا إذن؟ لا يُتصوَّر، لا يُوجَد مثله، لا يُوجَد كرم في الكون مثل هذا، لا كرم محمد ولا عيسى ولا موسى ولا أي أحد، لا يُوجَد بشر على هذا النحو، فهو خلقنا وأوجدنا وأعطانا كل هذا، أنا سعيد جداً جداً بوجودنا الإنساني كما قلت لكم، أنا سعيد جداً جداً بوجودنا الإنساني وبوجودي أنا أيضاً كفرد، لست سعيداً فحسب، بل أكثر من سعيد، والله العظيم! كان يُمكِن أن نبقى في العدم، أليس كذلك؟ غير موجودين وغير شاعرين، نبقى في العدم وينتهي الأمر، لكنه أطلعنا من العدم وخلقنا وأعطانا العقل والذكاء وأعطانا الإيمان به وأعطانا الشوق إليه والشغف به والتفكير فيه، لا إله إلا هو! أليس كذلك؟ وأعطانا الاستقامة، لم نُلحِد به، لم يُفقِدنا جلاله وجماله الهيبة والقدس اللائق به، لا إله إلا هو، بالعكس! نشعر أننا نُقصِّر جداً جداً لأننا غير قادرين على أن نبلغ به ما يليق به من جلال، لا إله إلا هو! أليس كذلك؟ النبي ماذا كان يقول له؟ لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، كيف أمدحك؟ ماذا أقول؟ وترى أي صعلوك اليوم لا يفهم دينه يقول لا، حين تقول له من غير أن يفهم – يُمكِن أن تأتي بأكبر واحد وتستزله – هل تستطيع أن تحمد الله بكلمات – وطبعاً لديك القرآن الكريم يا أخي – تبلغ بها حمده؟ يقول لك طبعاً يا أخي، طبعاً هذا يُمكِن بالقرآن، هذا كلام الله، الله حمد نفسه، يا أهبل! حمد نفسه إزاءك، حمد نفسه لك، باللُغة التي تفهم أنت، لو حمد نفسه كما يليق بجلال وجهه ما فهم أحد منا ولا الرسل، سوف يحكي كلاماً ولن نفهم شيئاً، لأنه حمد نفسه بلُغة تفهمها أنت، بلُغة! وهذا يعني وجود إطار مُحدَّد، انتهى! النبي قال كان يفهم الحقيقة هذه، قال له لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، سوف تقول لي هو أثنى على نفسه، لا يا حبيبي! ما في القرآن بعض ثنائه على نفسه، لأن في الحديث الصحيح الآخر عنده أسماء حُسنى لا أحد يعرفها، لأنها لا تُستوعَب، أليس كذلك؟ أو استأثرت به – قال له – في علم الغيب، لن تجدها في القرآن، انتبه! لن تجدها لأن من الصعب أن تقدر لُغتنا البشرية على احتواء هذا الشيئ.

لكي نُقرِّب لك هذه المعاني سنرجع إلى موضوع الأبعاد الآن، نفترض وجود كائن يعيش في بُعدين على سطح ورقة، مثل نُقطة الآن على سطح ورقة، أليس كذلك؟ عادي! مُتسِقة مع عالمها ذي البُعدين، تفهم كل شيئ وتظن أن هذا مُنتهى المُراد، أليس كذلك؟ هذه عبادان، هذه كل شيئ! ولا تقدر أن تتخيَّل هذه النُقطة أو هذا الإنسان النُقطي المُسطَّح – Flat – على هذه الأرض المُسطَّحة – Flat land – وجود عالمنا الثلاثي، أليس كذلك؟ تتحرَّك في بُعدين، هناك بُعد فراغي ثابت، فلا يُمكِن أن تتخيَّل هذا، أليس كذلك؟ لو أحببنا أن نُفهِمها عملياً وإمبريقياً فأتينا ودسسنا أصبعنا وخزقنا الورقة لن تفهم أيضاً، ماذا سوف ترى؟ سوف ترى دائرة تُحيط بمساحة من الورقة، سوف تقول ما الدائرة الغريبة والكبيرة هذه؟ سوف تراها دائرة فقط، دائرة! لن ترى أُصبعك لا من تحت ولا من فوق ولن ترى أنه مُجسَّم، مُستحيل! فأولاً سوف تُدرِكه ضمن بُعدين، هذا واضح ومفهوم.

ثانياً نحن الآن في عالم ثلاثي، هيا تفضَّل الآن تخيَّل في عالمنا الحالي كائناً يعيش في عالم رُباعي الأبعاد، أي ضمن عالم رُباعي الأبعاد، سوف تقول كيف هو رُباعي؟ مهما تخيَّلت سوف تتخيَّل أشياء ثلاثية، لا يُمكِن غير هذا! كيف هو رُباعي؟ لن تفهم، مثل النُقطة هذه التي تعيش في بُعدين ولن تفهم الثلاثة الأبعاد، أليس كذلك؟ أبعاد Dimensionen! وأنت الآن كذلك، سأقول لك لا، أنا أُريد أن أُعقِّدك بشكل زائد، تخيَّل كائن يعيش في عالم خُماسي، سوف تقول لي هل أنت أهبل؟ الرُباعي لا أقدر على استيعابه، لست قادراً على  التفكير فيه، لا أتخيَّل كيف هو الرُباعي، فكيف بالخماسي؟ كيف بالخامس عشري؟ كيف بالخمسيني؟ تخيَّل عالماً بخمسين بُعداً، تخيَّل كائناً يعيش في عالم بخمسين بُعداً! هذا كله مُستحيل، لا يقدر على هذا، مُستحيل! لكن هناك ما هو أصعب من هذا، ما هو؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور بدون أبعاد، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، فتح الله عليك، يعيش في لا بُعد، وهو واحد لا مثيل له، الله لا إله إلا هو، لأن الأبعاد مخلوقة، كل الأبعاد الله أحدثها يا جماعة وخلقها، كلها! قد تقول لي هل الله – عز وجل – يُوجَد في لابُعد؟ في لا بُعد، نعم! أين عالم اللابُعد هذا؟ لا يُمكِن فهمه، لا تقدر على أن تفهم ومن ثم سوف تسكت، وهذا الذي يجعلك تقول في النهاية أنت كما أثنيت على نفسك، إياك أن تفهم أنه يعيش في بُعد مثل بعض العلماء والمشايخ ومَن مثلهم، فتظن أنه مثلك برجلين ويجلس على كرسي وما إلى ذلك تاركاً فراغات، ما الهبل هذا؟ الملائكة ربما تعيش في عالم رُباعي ونحن لا ندري، بالعكس! أنا رجَّحت هذا في مُحاضَرة لي قبل ثنتي عشرة سنة كانت عن الأبعاد، كانت بفضل الله سبباً في إسلام شاب فيزيائي سوري عبقري، أعني مُحاضَرتي تلك بفضل الله! لم يحضرها لكنه سمعها في كاسيت Cassette فأسلم وأصبح صوفياً، نابغة في الفيزياء! هذا عقَّد أباه الذي كان أستاذاً في الجيولوجيا Geology، قال لي عقَّدت أبي وكاد أن يُجَن حين وصل إلى الحادية عشرة من عمري، وقد كنت مُلحِداً، تخيَّل! ذكي جداً، قلت له كيف؟ قال لي في الحادية عشرة من عمري كنت دارساً لنسبية أينشتاين Einstein وكنت أفهمها، عنده رياضيات وما إلى ذلك، عبقري!@@34:50@ الولد، غير طبيعي، بفضل الله مُحاضَرة الأبعاد جعلته يُسلِم ويتصوَّف ويتألَّه، سهَّل الله عليه، هو في أمريكا الآن، المُهِم رجَّحت في تلك المُحاضَرة أن الملائكة تعيش في عالم رُباعي الأبعاد، هل تعرفون كيف؟ أثبت هذا علمياً وفيزيائياً، يأتي الملك ليلة المعراج بسهولة، والنبي يرى الملك عنده، يأتي الملك من فوق والنبي يراه عنده فجأة، لا السقف انفتح ولا تكسَّر ولا الحائط تكسَّر، الملك عنده! يا أخي كيف هذا؟ كيف دخل هذا؟ ولم يأت إليه في شكل بخار مثلاً، لم يقل رأيت بخاراً وما إلى ذلك، لم يُوجَد بخار، لم يُوجَد! في لحظة كان يجده عنده، من أين أتى هذا؟ هل أتى من تحت أم من فوق أم ماذا؟ سأُفهِّمك هذا بفيزياءالأبعاد، وبعد ذلك قال شق صدري، هل تعرف كيف نحن نُفكِّر؟ نظن أنه شق بالسكينة، لا يا رجل! لا ليس هكذا، هذه مسألة أبعاد! عادي أن يُدخِل يده وأن يأخذ كل شيئ من غير أن يشق صدرك، كيف؟ عادي! لأنه من عالم رُباعي الأبعاد، وشرحت هذا في المُحاضَرة شرحاً مُبسَّطاً جداً جداً.

الآن هذا الكائن المُثلَّث سُنسميه السيد مُثلَّث Mister dreieck، وهو كائن يعيش في بُعدين، أليس كذلك؟ جميل! الآن أنت وأنا نعيش في أي بُعد؟ في ثلاثة، أليس كذلك؟ أين جلد السيد مُثلَّث؟ أين جلده؟ ما حدوده؟ الأضلاع الثلاثة، أليس كذلك؟ نفترض أن في الداخل عنده دائرة، هذا القلب! وهناك مُربَّع وهناك مُستطيل وأشياء مثل هذه، هذه أعضاؤه الثانية! أنا مُباشَرةً من غير أن أشق جلده سأضع يدي على قلبه، جيد! سوف يُصاب بالهبل، سوف يقول كيف هذا؟ كيف تصرَّف في قلبي هكذا وفعل فيه أشياء من غير أن يشق جلدي؟ كيف؟ هذا الجلد الآن مشقوق! لأنني في بُعد ثلاثي، أدخل إليه مُباشَرةً، هل فهمت ما أردت قوله؟ سوف تقول لي نعم، نحن في بُعد ثلاثي والملك في بُعد رُباعي، يدخل لك في بيتك من غير أن يشق لك لا السقف ولا الحائط ولا الأرض ومن غير أن يأتي إليك من واحدة منهم، ما رأيك؟ يأتي إليك من بُعده، افهم! هذه فيزياء، هذا ليس كلامي، هذه فيزياء! فيزياء الأبعاد، ونفس الشيئ يحدث معك، هذا قلبك وهو يأتي ويُدخِل العضو الخاص به الذي تُسميه يداً عنده، لكن ليس شرطاً أن يكون يداً كيدنا الثلاثية هكذا، لا! هذا شيئ آخر، الله أعلم كيف شكله، لا تظن أنه مثلنا، أتظن أن الملك مثلنا؟ ليس مثلنا يا رجل، هو من عالم رُباعي، ويفعل نفس الشيئ، يدخل ويأخذ شيئاً من قلب النبي، من غير أن يشقه ومن غير أن ينزل دم ومن غير أن تحدث أي مشاكل، هذه هي! سوف تقول لي قضية الأبعاد هذه تفتح آفاقاً واسعة، وهذا صحيح فهي تفتح أشياءً وتفتح آفاقاً في التصور، لكن الأعجب من هذا كله رب وحيد أوحد – لا إله إلا هو – يعيش في غير بُعد، يا لله! كيف هذا؟ أين هذا؟ لأن هذا مُستحيل، ليس له مثيل، لا تقدر على أن تفهمه، ولا تقدر على أن تتعاطى معه، لا إله إلا هو، أرأيت؟

نرجع إلى موضوع التميز الآن بدقة لكي نفهم، هذا كله يجعلنا نفهم ضرورة أن نُطوِّر مهارات تخيلية أرقى ومنطقية أقوى وأرسخ إلى أردنا أن نتعامل مع ملف الذات الإلهية، لا يُمكِن أن ندخل بهبل هكذا، كأن ندخل بأفكار بسيطة منطقية، كما قلنا فعل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، فوقع في أخطاء من أبشع ما يكون، مسكين! لأن عنده قصور، لذلك العلماء الكبار مثل الشيخ العارف بالله زروق ماذا قالوا؟ هذا عارف بالله، كان يقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية – مثلما أقول أنا – رضوان الله عليه وكان يمدحه، وقد مدح نقده للصوفية، الشيخ زروق قطب التصوف في عصره، لكنه فعل هذا لأنه مُنصِف! الله أعطاه الإنصاف وعرف الحقيقة، لكنه قال شيخ الإسلام علمه أكبر من عقله وأبو حامد عقله أكبر من علمه، وهذا صحيح! شيخ الإسلام دخل في مسائل ظن أن ذكاءه يُساعِده في أن يقول فيها الكلمة الأخيرة، ذكاؤه خانه لأنها أكبر منه، مسائل عقلية أكبر من كل المعلومات، فتخربط المسكين، عادي! تعامل مع الله على أنه جسم وعلى أنه مُتحيِّز، عادي! وأكَّد هذا في كُتبه التي يُمكِن أن أحضرها لكم، عشرات الكُتب! أكَّد هذا بشكل واضح جداً جداً جداً، تخربط المسكين، تخيَّلوا! وهو شيخ الإسلام قدَّس الله سره، لكن هذه هي، نسأل الله أن يحفظ علينا إيماننا وأن يُعمِّق لنا الإيمان هذا – التنزيه هذا كله عطايا من الله تبارك وتعالى – وألا يفتننا.

نعود الآن إلى التميز، ق يقول لي أحدكم أنا سأُعطيك مثالاً، يُمكِن في الدنيا الآن – في أشياء الدنيا – أن يتميَّز شيئ من الشيئ لكن الشيئ الآخر لا يتميَّز منه، وهذا صحيح! طبعاً هذا موجود، مثل الظل! أليس كذلك؟ أنا أتميَّز من ظلي، لو الظل هذا أُعدِم بأي طريقة لن يحدث لي أي شيئ، وجودي غير مُتوقِّف على ظلي بالكامل، لا يُؤثِّر في لا من قريب ولا من بعيد إلا في العقلية البدائية، في العقلية البدائية عندهم إذا خبطت على ظل إنسان فستحدث مُشكِلة وتذهب إلى المحكمة وتدفع مالاً لأن هذه إهانة، تخيَّل! وفي العقلية البدائية ظل الواحد يُمكِن أن تعمل له سحراً وتكب عليه سحراً لكي يُسحَر صاحبه، وهذا كلام فارغ! 

الشمس يا سيدي في كبد السماء تقف في جلالها وفي سُلطانها، وصورتها على سطح الماء، أليس كذلك؟ الصورة هذه لا تتميَّز من الشمس في السماء، مُستحيل! والشمس تتميَّز من صورتها، بدليل لو أخفينا الصورة هذه هل تختفي الشمس؟ أتينا بجسم غير عاكس يستقبل شُعاع الشمس ولا يستقبل صورتها، اختفت صورة الشمس لكن هل تختفي الشمس؟ لا، هذا أولاً.

ثانياً لو تكسَّرت صورة الشمس في الماء – جاء رجل وخبط بحجر فتكسَّرت – هل تتكسَّر الشمس في السماء؟ لا، هل يُمكِن أن تنشأ صورة الشمس من غير الشمس في السماء؟ لا، إذن صورتها لا تتميَّز، والشمس تتميَّز من صورتها، إذن هذا لا يزال مبدأ شيئي، مُستحيل! أنا ما أردت أن أقول الكلام هذا، مُستحيل! هذا الكلام مرفوض عندي، هل تعرفون لماذا؟ لأن هناك أُناساً سواء في الهنود أو في المُسلِمين الصوفيين للأسف الشديد آمنوا بهذه الحالة، آمنوا بأن هذا الوجود الخاص بالكون وجود ظلي، يُسمونه الوجود الظلي أو الشبحي لله، وشبَّهوه بموضوع الشمس وصورتها في السماء، وهذا أيضاً إلحاد، كلام فارغ! أنا أعني ما ذكرته لكم اليوم، وهو أن وجودنا لا يتميَّز من الله لأنه وجود بين عدمين، هذا فهمي الخاص بالمسألة هذه، بين عدمين! ممسوك فقط بكلمة ماذا؟ كُن ۩ دائماً، إلى المشيئة، إلى أن يأتي أمر الله، في كل واحد! ففي جسمك هذا تبقى العلاقة الدوامية مع الروح أو النفس إلى أن يشاء الله، تأتي لحظة تسقط فيها ساكتاً وتُصبِح كومة حجر، انتهى! ترجع إلى التراب، الكون هذا كله نفس الشيئ، يأتي إليه أجله ومصيره فيسقط كله مُتحطِّماً بالكامل، لا إله إلا الله! اسمها القيامة هذه، هذه هي! أنا هكذا أفهمها، لكن هذا ليس موضوع الظل، لأن في النهاية إذا قلت أصل وظل وأصل وصورة فهذا يعني أنك تخضع أيضاً لقوانين الأشياء ومحدودياتها، حاشا لله! الموضوع ليس هكذا يا أخي، لا موضوع صورة ولا موضوع ظل ولا موضوع كذا وكذا، كلام فارغ! ليس هكذا، أنت تتحدَّث عن وجود حقيقي قائم بذاته وعن وجود بين عدمين، سمه ظل شبحي بهذا المعنى، أهلاً وسهلاَ، لكن بهذا المعنى المجازي – أعوذ بالله – لا يُمكِن، غير صحيح! وهذا الكلام أقرب إلى الإلحاد، كلام فارغ هذا، فارغ بكل المعاني، لماذا؟ الآن فهمنا أيضاً لماذا، لأنك تتحدَّث عن وجود خارج الأبعاد، عن وجود خارج الزمان، إذ تقول البيج بانج Big Bang إن الزمان والمكان وُلِداً مع الانفجار، أي أن قبله لم يُوجَد لا مكان ولا زمان.

طبعاً أنا أعرف أن عقلك – حمى الله عقولنا الضعيفة هذه – لا يُدرِك هذا، سوف تقول لي أنا لا أقدر على أن أتخيَّل هذا، أكيد هذه الذرة البسيطة كانت موجودة في فراغ، غلط! لا يُمكِن، سوف تقول لي كيف؟  لن تقدر! عقلك قاصر، كما كان قاصراً قبل قليل على تخيل عالماً خماسي الأبعاد أو سداسي الأبعاد أو خمسيني الأبعاد، غير قادر! أنت لم تقدر على هذا وهنا أيضاً لن تقدر، مهما تخيَّلت لن تقدر، الملائكة – مثلاً – كيف تتخيَّلها؟ ثلاثية، أليس كذلك؟ والله العظيم كلنا هكذا، تتخيِّل الملك وهو واقف بجناحين جميلين، وهو أبيض ووجهه يلمع، ثلاثي! تتخيَّل أنه ثلاثي، لكن مَن قال لك إنه ثلاثي؟ إذا كان رُباعياً فكيف شكله؟ الله أعلم، إذا كان رُباعياً فلن نتخيَّله، لكن علم فيزياء الأبعاد ماذا قال؟ قال إذا كان رُباعياً فسوف تقدر على أن تكتشفه إذا كشف لك عن نفسه بحيلة واحدة، هل تعرف ما هي؟ الظل الخاص به، هذا إذا الله أراد أن يُلقي بظله على عالمنا، وطبعاً أنت يُمكِن أن تُلقي بظلك على عالم ثُنائي، لكن ماذا عنه إذا ألقى بظلك على عالمك، هل تعرف كيف سوف ترى الظل؟ ثلاثياً، الظل نفسه ثلاثي، أف! طبعاً لأنه رُباعي وظله ثلاثي، أنت ثلاثي وظلك ثنائي طبعاً، ليس أُحادياً وإنما هو ثنائي، أرأيت؟ الكائن الخماسي الأبعاد ظله رُباعي، تفضَّل! تخيَّل يا حبيبي ما ظل الرُباعي، أنت غير قادر على أن تفهم الرُباعي نفسه لكي تفهم ما ظل الرُباعي، فظل الرُباعي سوف يكون ثلاثياً، قال تعالى – وهذا أيضاً مما هداني الله إليه في موضوع الأبعاد – انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ۩، أنا فهمت أن الظل مُثلَّث وهذا يعني أنه فراغي، ليس ظلاً على الأرض بثلاثة شُعب، لا! هذا ظل ثُلاثي الأبعاد، لأن هذه النشأة الأُخرى يا حبيبي، هذه النشأة الأُخرى! كل قوانينها مُختلِفة، شيئ رهيب، فالحمد لله على الأقل على نعمة حتى الرياضيات والفيزياء التي جعلت العلماء هؤلاء يُوضِّحون لنا ويكشفون لن عن موضوع الأبعاد وما إلى ذلك، ومَن أول مَن فكَّر في موضوع الأبعاد الأكثر من ثلاثية هذه؟ كالوزا Kaluza، هذا كان مُتأثِّراً بأينشتاين Einstein وكان عالماً كبيراً، وهو شاب صغير كان عبقرياً، بعث لأينشتاين Einstein بحثاً في صفحات يسيرة – حوالي عشرين أو ثلاثين صفحة – عن الأبعاد، وقال له هذه يُمكِن أن تُحِل الكثير من المشاكل والإشكالات إذا افترضنا أن الكون فيه أكثر من ثلاثة أبعاد، أينشتاين Einstein صُدِم! كيف هذا؟ لكنه أخذ البحث وبدأ يقرأ فيه، ظل يُراجِع ويقرأ وما إلى ذلك، هل تعرفون إلى كم؟ إلى سنتين، سنتان وهو يضعه في درج المكتب وبين الحين والآخر يرجع إليه، بعد سنتين أجاب كالوزا Kaluza، قال له بصراحة يا ابني بحثك هذا رائع جداً جداً، وأنا الآن صرت أعتقد أنه فعلاً يُمكِن أن يُقدِّم خدمة كبيرة لعلم الفيزياء، أحثك على نشره وأُزكيك، وهذا تواضع منه! فعلاً نشره وبدأ علم فيزياء الأبعاد، علم جديد بالكامل، والآن بدأوا يتكلَّمون عن ستة أبعاد وعن أحد عشر وعن اثني عشر وعن ستة عشر، أكثر ما قرأت أنهم تكلَّموا عنه هو ستة وعشرون بُعداً، لكن إلى الآن لم يُطوِّروا لا رياضيات ولا نظريات، كلها لا تزال مُجرَّد افتراضات فقط، أشياء مُعقَّدة جداً جداً جداً جداً، وتحتاج إلى عقول تجريدية بشكل مُذهِل ومُحيِّر، تخيَّلوا! رياضيات الأبعاد الخمسة هذه وبعضهم يقول الستة يُقال على وجه البسيطة كلها يُوجَد مَن يعدون على أصابع اليدين – ثلاثة منهم من المجر – مَن طوَّروها، أي طوَّروا هذه الرياضيات، يُقال الرياضيات العُليا الجامعية التي يقرأها المُتخصِّصون تُعتبَر لعب أطفال بالنسبة إلى هذه الرياضيات، شيئ مُعقَّد جداً جداً جداً جداً، لأن هذا شيئ غير عادي، هذه عظمة الإنسان، عظمة النفخة الإلهية! الإنسان يُحاوِل أن يتغلَّب قليلاً على حدوده، أليس كذلك؟ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۩، حتى الإدراك نفسه أليس من عالم الخلق؟ بعون الله إدراكنا هذا نفسه سوف يتوسَّع مع القرون، هل فهمتم ما قصدتم قوله؟ هذا صحيح!

إقليدس Euclid قديماً كان يتحدَّث فقط عن هندسة مُسطَّحة، كان مشغولاً بها ومُطمئناً، وكان كلامه صحيحه وما إلى ذلك، لكن حين أتى القرن التاسع عشر أتى غاوس Gauss وريمان Riemann وغيرهما – كل هذه الجماعة وخاصة ريمان Riemann – وقالوا هذا هبل، إقليدس Euclid هذا هندسته تُوجَد من خلال الوقة والقلم، لكن لو أخذنا أجزاء كبيرة فيها تعرج وتسطح لصارت كل هندسته كلاماً فارغاً، وهذا صحيح! ارسم – مثلاً – مثلَّثاً على الكرة الأرضية زواياه أكثر من قائمتين، بل ارسمه حتى على كرة لعب صغيرة وليس على الكرة الرضية، ارسم عليها المُثلَّث هذا! رُغماً عنك – لا فائدة – ماذا ستجد؟ اعمل خطين مُتوازين، سوف يلتقيان فوق عند القطب أو عند @47:24@ الخاص به، سوف يلتقيان، لا فائدة! فريمان Riemann هذا قال لا، هذه الهندسة الإقليدية Euclidean هندسة مُستوية بسيطة، كثَّر الله خيرها لكننا نُريد هندسة جديدة، كانت هذه البداية، وهذه كانت بدايات حتى التفكير في الأبعاد، البدايات البسيطة الجنينية! تخيَّل إلى أين وصلنا الآن، من ريمان Riemann إلى اليوم بدأوا يُفكِّرون كما قالوا في ستة عشر وعشرين وستة وعشرين بُعداً، بعد ألف سنة إلى ماذا سوف يصل الإنسان؟

رجل من إخواننا الأفاضل – هو إنسان بسيط وهو عامل، لكن عقله نظيف – علَّق على شيئ قلته في رمضان هنا، قال لي يا شيخ أنا أُريد أن أقول لك شيئاً، فقلت له تفضَّل، قال لي أنا أعتقد أن الإنسان كلما تقدَّم به الزمان والقرون لابد وأن يقترب من الله أكثر، فقلت له طبعاً، قلت له برافو Bravo عليك لأنك أدركت الحقيقة هذه، هذه حقيقة بنسبة مائة في المائة! قلت له أنا أقول لك – وقلت هذا في دروسي في تلك الأيام – لا يُسعِدني ولا أُريد بصراحة أن أُدرِك حقائق التوحيد والحقائق التي تتعلَّق بالله وبالمسائل الإلهية بالطريقة التي كانت مُتاحة لأبي بكر وعمر، التجربة الروحية شيئ ثانٍ، هي لن تنفع ولم يقلها أحدها لي، لابد وأن أخوضها، لكن الطريقة المنطقية العلمية تختلف، أين يا بابا؟ وضعه فقير جداً جداً، هو كان يستدل بالبعرة على البعير والخُطوة على المسير ويتحدَّث عن بحر ذي أمواج وسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، أشياء بسيطة! ونحن اليوم نتكلَّم عن البيج بانج Big Bang وعن الأبعاد، كلام عميق! أعمق بكثير من الكلام السابق، لذلك أحد كبار علماء الكم – فيزياء الكم – الأمريكان ماذا قال؟ مُذهِل وعظيم الإيمان بالله الرجل هذا، هو عقل فيزيائي رهيب، قال عبارة ذكرتها مرة لكم، عبارة مُخيفة يا إخواني! ما العبارة هذه؟ قال الذي خلصت إليه أن كل ما فعلناه عبر آلاف السنين الفائتة أننا كنا نقوم بكشط الطبقات عن وجه الله، نحن علماء الطبيعة والفيزياء فعلنا هذا من أيام مدرسة طاليس Thales، وطبعاً قبل طاليس Thales كانت هناك مدرسة اسمها مدرسة كانادا Canada، هذه مدرسة طبيعية مادية في علم الذرة، وكانت في الهند يا حبيبي، هذه التي تخرَّج منها العلماء مثل طاليس Thales وغير طاليس Thales، كلهم منها! هذه الهند، الهند تكلَّمت عن الذرات قبل كل اليونان، هؤلاء اليونان أُناس شحّاذون وسرّاقون بالمُناسَبة، والله العظيم! سجلوا علومهم من مصر ومن الهند، سرقوا الدنيا! ثم قالوا نحن البداية، واتضح أن هذه أُكذوبة كُبرى، لا بداية ولا زفت على رأسهم، هم مُتعَبون ومحدودون، المُهِم قال ما فعلناه من أيام مدرسة طاليس Thales إلى اليوم أننا كنا نقوم بكشط الطبقات عن وجه الله، أي في الفهم – في الفهم الفيزيائي – حين كنا نُفسِّر وما إلى ذلك، وأنتم تعرفون أنهم في القرن التاسع عشر انبسطوا وقالوا لا يُوجَد الله، انتهينا من هذا، لا الله ولا كلام فارغ، كل ما كان يُعزى إلى الله العلم أعطانا مفتاحه السحري، الآن مفهوم لماذا!

أنا سأقول لكم شيئاً اليوم كتبته، خاطرة علمية وفلسفية! أنا أرى أن الإنسان البدائي – Primitive man – الذي كان يُؤمِن بالأروحية – أي الـ Animism بالإنجليزية أو الـ Animismus بالألمانية – كان أقرب إلى الحقيقة، رأى النهر يمشي ويتعرَّج كالثُعبان فعبده وسجد له، لماذا؟ قال فيه روح، ما الذي جعله يمشي هكذا؟ هذا سؤال ابن عمي، لماذا هذا يندلق هكذا ويسيل؟ قال أكيد فيه روح هي التي تجعله يسير هكذا، لم يعرف أن هذا لاختلافات المُستويات والجاذبية وقوة الدفع وما إلى ذلك، ليس عنده هذه الأشياء، فقال فيه روح، هي التي تُحرِّك الماء وتدفعه، فيتحرَّك كالثُعبان، فعبده! أي عبد النهر، رأى الشجر يتحرَّك وعنده حفيف فقال فيه روحه، ما هذا؟ لم يعرف تأثير الهواء وما إلى ذلك، فقال هذا الشجر فيه روح، مُستحيل! رأى النار تلتهب وتتوهَّج ورأى ألسنتها وهي تطلع وتنزل وما إلى ذلك، فقال فيها روح وعبدها وسجد لها، وهكذا!

الآن أنتم تنظرون إلى هذه الأشياء بسخرية، لكن لا تسخروا، نحن لسنا أحسن منهم كثيراً، طبعاً الفيزياء الحديث والمُحدَث والمُعاصِر ينظر طبعاً بتعالٍ كبير إلى هذا البدائي الغبي الذي لا يفهم شيئاً لأنه فهم، بالعكس! أنا أقول لكم وضع البدائي أدخل وأقرب إلى الحقيقة الكونية منك، لماذا؟ حين فهم البدائي أن هذا فيه روح هل فهمها على أنها روح فردية – جُزء من الروح الكُلية – أم روح كُلية؟ هذا موضوع ثانٍ عنده، دعوه فنحن نُريد أن نُبسِّط القضية، لكن البدائي حين قال هذا الشيئ فيه روح كانت كلمة روح تعني ولا زالت تعني السر الغامض، سر غامض! غير مفهوم الماهية وغير مُكتنه، نقف أمامه بإجلال وتوقير، بتجلة واحترام! لأن هذا سر، ينتمي إلى عالم الأسرار، إلى الماوراء، هذا صحيح! وهذا يعرف أن البدائي إلى الآن يعترف بماذا؟ بجهله، أنا جاهل بحقيقة ما يجري، فأعزوا هذا إلى شيئ لا أفهمه لكنني أُسميه الروح، وهو شيئ كبير، أكبر من عقلي! يحتاج إلى العبادة لأنه أكبر من عقلي، مثلما الله أكبر من عقلنا ونحن لا نفهمه، لكن الفيزيائي المُحدَث هذا خاصة في القرن التاسع عشر والمُعاصِر في الوقت الحاضر الآن من هبله ذهب ومشى خُطوتين – هذه خُطوات صحيحة إلى الإمام – وفهم وفسَّر لنا كيف يتحرَّك الشجر وكيف يمشي الماء وكيف تلتهب النار وكيف كذا وكذا، فسَّر نعم! لكن هذا التفسير اتضح أنه ليس تفسيراً، اتضح أنه مُجرَّد وصف، لم يكن تفسيراً نهائياً لكنه ضلَّل العالم هذا فاعتقد بكل راحة وطمأنينة أنه فسَّر الظاهرة واستغنى عن الله خاصة في القرن التاسع عشر.

قد تقول لي ما الذي رجَّع العالم الفيزيائي في القرن العشرين إلى الله؟ أكثر علماء الفيزياء الآن مُؤمِنون، سُبحان الله يا أخي، أكثرهم! هناك ملاحدة لكنهم قلة، عكس القرن التاسع عشر، كان قرن الإلحاد، الذي أسماه أوجست كونت Auguste Comte المرحلة الوضعية، قال كنا نقول أرواح وماوراء وما إلى ذلك ثم اتضح أن هذا كله كلام فارغ، ها هي قوانين العلم تُفسِّر لنا كل شيئ، انتهى! هل تعرف لماذا؟ رجع في القرن العشرين وأدرك أن كل ما قُدِّم على أنه تعليل وتفسير لم يكن كذلك، هو مُجرَّد توصيفات قاصرة، بالكاد وضعتنا على أول الطريق وأفضت بنا إلى مُحيط من الظلام، لم نعد قادرين على أن نفهم أي شيئ إلى اليوم، إلى اليوم بل إلى ساعتنا هذه العلماء غير قادرين على أن يقولوا كلمة نهائية في طبيعة الضوء مثلاً، أليس كذلك؟ هل هو جُسيمات؟ هل هو موجات؟ لا يزالون يقولون جُسيمات وموجات، كيف؟ نوع من التطبيق، لكي يُفسِّرو الظواهر التي يسلك فيها سلوك جُسيمي قالوا هو جُسيم، لكنه في ظواهر أُخرى يسلك سلوكاً موجياً، مثل الحيود! فقالوا هو موجة، هذا هبل! يُمكِن بعد مائة سنة أو ألف أو ألفين أن ينسخوا كل هذا، سوف يقولون لا، عرفنا أن عنده طبيعة من نوع مُختلِف لم نُفكِّر فيها من قبل، خارج موضوع جُسيم وموجة، شيئ جديد جداً، مُمكِن! أليس كذلك؟ هذه هي، قبل أن يكتشف علماء الفيزياء في القرن العشرين أيضاً الحالة البلازمية للمادة كانوا بكل راحة يقولون المادة: صلب، غاز، وسائل، أليس كذلك؟ أين البلازما Plasma؟ لم يعرفوها، حين جاءت البلازما Plasma قالوا لا، هناك حالة رابعة عجيبة غريبة لا نراها هكذا، اسمها البلازما Plasma، وهناك فيزياء البلازما Plasma، ويُمكِن أن تكون هناك حالة خامسة أو سادسة أو أكثر وأنت لا تعرفها، أليس كذلك؟ فبدأوا يتراجعون، قالوا كنا مغرورين في هذا الكون، اتضح أننا لا نزال في أول الطريق ونحن لا نفهم شيئاً، هذه كلها توصيفات، اعترفوا بهذا، قالوا هذا كله توصيف وليس تعليلاً، لكن هذا التوصيف ضلَّلك حين عرضته على أنه تعليل نهائي وتفسير نهائي وآمنت به واستغنيت حتى عن الله، البدائي لم يستغن، قال لا، تُوجَد روح في الوراء، هناك روح مُقدَّسة وسر كبير، على الأقل هو ظل أقرب إلى الحقيقة.

أنا أقول لك موقف البدائي هو الذي حفزك على أن تبحث هذا البحث العلمي، أليس كذلك؟ لأن الروح تعني وجود سر، إكس X، علامة استفهام! حاولت أن تدخل وأن تعرف ماهيتها فخرج لك شيئ ثانٍ، وسوف تظل هكذا! فيقول هذا العالم كنا نكشط الطبقات عن وجه الإله، قال ونحن الآن في الثلث الأخير أو الرُبع الأخير – نسيت بالضبط – من القرن العشرين صرنا يلوح لنا وجه الله من خلف ستار رقيق وحجاب شفيف في عالمنا الطبيعي هذا، ما أعظم الكلمة هذه! تخيَّل أن هذا فيزيائي يُحدِّثك عن شعوره الإيماني، فيزيائي أمريكي من فيزيائيي الكم، ويقول لك أنا كيفيزيائي بالذي أدرسه وبالذي أفهمه كأني أرى الله يلوح خلف كل الظواهر، كأني أرى يده تعمل، لا إله إلا الله! هذا يعني في النهاية يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۩، وبعون الله بعد مائة سنة سوف يكون الوضع أحسن، بعد مائتي سنة سوف يكون أحسن وأحسن، وبعد ذلك سوف ترى جداراً سوف نصطدم به كلنا كبشر وسوف نموت، سوف تموت البشرية لأننا سوف نصطدم به، وهو جدار الجهل النهائي هذا، وسوف تفهم في النهاية أن المرجعية المُطلَقة لكل شيئ والمصدر الوحيد الأوحد لكل شيئ وما يُفسِّر كل شيئ هو الله وإرادته وفعله وحكمته، هو التي يُفسِّر لك السمع والبصر والكلام والفهم والعلم والنماء والحياة وكل شيئ هناك. 

طبعاً قد تقول لي لكن هذا الكلام الآن لم يصر مفهوماً، هل هذا في صالح الإيمان بالطريقة هذه أم أنه ضد العقل في صالح أم أنه في صالح الاثنين أم ما القضية؟ أنا أقول لك هو في صالح الاثنين، لكن هذا في الأبعد، فهو في صالح الإيمان والتوحيد، لماذا؟ هل تعرف لماذا؟ هناك كلمة قلتها أمس وهي كلمة مُناسِبة إن شاء الله، حين تتعرَّف على الله طبيعي جداً – وهذا جوهر التوحيد – أن تتعرَّف على ما لا يُدرَك ولا يُحاط به ولا تُفهَم طبيعته ولا يُكتنه سره، تعرف أنه موجود ويفعل ويعمل وكل هذا تابع له لكن ما هو؟ كيف هو؟ ما علاقته بالأين وبالآن وبكذا وكذا؟ لن تفهم وسوف تقول يبدو أنه شيئ مُختلِف تماماً، انتهى! هذا المطلوب، لماذا؟ لأن كل شيئ ينطبق عليه هذا، يقول الله وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ ۩، وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ ۩، هي آية، أي دليل! على ماذا هي دليل؟ أنا قلت هذا أمس، هل هي على عقل مثل عقلنا؟ لو كانت دليلاً على عقل مثلنا عقلنا لفهمنا ولوصلنا إلى التعليل النهائي، سوف نفك الشيفرة، أنا قلت أمس سوف نفك الكود Code، سوف نفكه! اعمل أكبر شيفرة لي وسوف أفكها كبشر، سوف أفكها! اليوم أو غداً – لا فائدة – سنفكها، كم مرة شفَّروا بريمرا 57:57هذه! أعني قناة بريمرا، أبو زكريا يعرف القصة هذه كلها لأنها يلعب فيها دائماً، يتصل مع أُناس في الهند – الهنود هؤلاء – ويفكونها، الهنود يفكونها، تخيَّل! عندهم رياضيات، بريمرا هذه عملوا لها كودات Codes من ست مجموعات وكل مجموعة من تسعة أرقام، شيئ يُجنِّن! وكلها تعمل مع بعضها، بريمرا هذه قناة تبث أفلاماً للعرض الأول في التلفزيون Television باشتراك، يُدفَع من أجلها المال في ألمانيا وغير ألمانيا، لكن الهنود يفكونها! يفكون شيفرة من ستة طوابق وكل طابق فيه تسعة أرقام، وكلها تعمل بشكل @58:27@@، أي في نفس الوقت، لو رقم انتقل من مكانه لما اشتغلت، لكن الهنود يفكونها، تدفع مائة يورو في السنة وترى بريمرا طيلة السنة، الهنود! لأن الذي عمل الشيفرة هذه بشر، حتى الكمبيوتر Computer الضخم خلقه بشر، صنعه بشر! البشر يقدر على أن يفك الشيفرة هذه، لكن البشر إلى الآن غير قادر على أن يفهم كيف نُبصِر؟ كيف نسمع؟ لماذا نُضغَط؟ لماذا لا نُضغَط؟ لماذا هو كذا؟ لماذا كذا وكذا؟ لماذا حين تذهب الشمس يأتي الليل؟ لماذا حين تطلع الشمس يطلع النهار؟ لماذا؟ وكيف بالضبط؟ طبعاً نفهم أن هناك شعاعاً وهذا الشعاع يُساوي كذا وكذا وهناك الغلاف الجوي وقانون رايلي Rayleigh في الفيزياء، كل هذا نعرفه! لكن في النهاية نقول أيضاً لماذا؟ لماذا هو هكذا؟ لأن هو هكذا، لأنه طُبِع هكذا، وجميلة كلمة الطبيعة هذه بالعربية، الطبيعة كلمة حلوة جداً جداً، لأن فعيل بمعنى مفعول، طبيع يعني مطبوع، مَن الذي طبعها؟ مَن الذي طبعها هكذا؟ مَن الذي أعطاها كل شيئ طبيعته؟ مَن؟ هذا السؤال! وهذه الطبيعة اتضح أنها ليست عشوائية، اتضح أنها ذكية جداً جداً ودقيقة ومحسوبة بجُزء من مليون مليون مليون جُزء من الثانية، ولا يُوجَد مكان للمُصادَفة بالمرة، هذا يعني مَن الذي فعل هذا؟ هو، سوف تقول لي هذا يعني أنني في النهاية سأقف وسأقول أنا غير قادر على أن أفهم لكنني أعرف أنه يقف وراء الشيئ هذا، كيف يفعل؟ هل أنت تعرف كيف يفعل؟ لن تعرف أبداً، مُستحيل! هل أنت تعرف كيف يفعل؟ يستحيل، أليس كذلك؟ 

الآن يُمكِن أن تأخذ نملة – نفترض أنك تُربي نملاً أو دوداً وما إلى ذلك – وتضعها في إناء صغير وتُسكِّر عليها يا حمدي وتأخذها في سيارتك وتذهب إلى شفيخات Schwechat وتركب الطائرة وتذهب بها إلى جنوب إفريقيا، ومن ثم سوف ترى نفسها في الأرض هناك، لكن لن يُمكِن أن تستوعب أنها الآن انتقلت من أوروبا إلى إفريقيا وأن هناك وسائل نقل اسمها السيّارة والطيّارة وأن هناك مبدأ السيّارة والطيّارة وما إلى ذلك، يستحيل! لا يُمكِن، إذن أنت لا تزال أبعد من هذا بكثير، هل تعرف لماذا؟ الفرف بين ذكائك وذكاء الدودة ليس كبيراً جداً، ما رأيك؟ ليس كبيراً جداً أنا أقول لك، والفرق بين ذكاء الوجود كله وبين حكمة الرب لا نهائي، أنا أقول لك هناك قاعد طبِّقها وهي رياضية إلهية، أي فرق تُريد أن تُحدِّده بين الله وبين الخلق أو أي صفة من الخلق هو دائماً لا نهائي، هو هكذا! يا رب، قد تقول لي سأُجَن، لكن هو هذا! وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ ۩ يا حبيبي، تتحدَّث عن الله، ليس عن فيلسوف أو شيخ أو صالح أو مُدير للكون أو صانع للكون، كلام فارغ كل هذا! تتحدَّث عن رب العالمين، الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، الذي خلق كل هذا الكون بما فيه دماغك وعقلك، دماغك هذا – نفس الشيئ – ليس حجمه الذي يُفسِّر لك ذكاءك، انتبه! ليس هذا هو الذكاء، الذكاء من عنده، هو الذي يُفهِّمك، هو الذي يُعلِّمك ويُسمِّعك ويُبصِّرك، حين يشاء أن تسمع تسمع ولا ترى، هو! بدليل أنك ترى كائنات بسيطة جداً جداً – افهم هذه الأمثولة العجيبة، هذه كائنات بسيطة حقيرة – عندها تماكر وتحايل ودهاء، فتُصاب بالهبل أمامها، كيف تفهم هكذا هي؟ الحكاية لا تتعلَّق بأنها تفهم، هي لا تفهم، مثلما أنت لا تفهم، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ۩، أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ۩.

مثلاً يُوجَد حيوان في الكويت – نوع من الحيوانات الصغيرة – مثل القنافذ، حين تلسعه الحية – حكيت هذا ذات مرة في خُطبة قديمة – يذهب يجري إلى نبتة من آلاف النبتات، اسمها نبتة الرمرام، حتى اسمها الآن الطبي أدخلوا فيه @1:2:7@@، يذهب إلى الرمرام ويحك اللدغة، مُباشَرةً تختلط ببعض الدم مواد من هذه النبتة، تعمل على إبطال مفعول السم بالدم، أفهمني من أي جامعة وأي طب أعشاب – Herbal medicine – درس هذا الحيوان؟ كيف؟ أفهمني هذا، هيا تفضَّل، أفهمني وقل لي! سوف تجد مثل هذه الظاهرة ملايين الظواهر في عالم الحيوانات والحشرات.

حكيت ذات مرة عن ظاهرة جننتني، قرأتها في كتاب ذات مرة، غير طبيعية! نوع من الحشرات، وهي تقتنَص كحشرات، جيد! من الفراش وغيره وما إلى ذلك، حتى لا تُقتنَص كحشرة ماذا تفعل هذه الحشرات؟ تذهب تجتمع كلها مع بعضها وهي بالمئات، تجتمع بشكل نظامي هندسي، (ملحوظة) قال أحد الحضور إنها تُكوِّن وردة، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، تُكوِّن وردة، حين تراها تجدها وردة، كلها وردة! وردة مُحيطها أحمر على بنفسجي على كذا وكذا، وفي الداخل يُوجَد لون أصفر، مركز الوردة! تُعطي شكل وردة، رآها العلماء فظنوا أنها وردة، جاء أحدهم لكي يُمسِكها فوجد حشرات، قل لي أي عقل عمل هذا؟ هل عند الحشرات هذه وعند كل حشرة الآن عقل ومنظور هندسي ثلاثي الأبعاد يقدر على أن يفهم وضعيتها مثلما يحدث في الأولمبياد Olympiad؟ يعملون مثل هذا في كوريا وفي الصين وفي غيرهما، حين تنظر من منظور هليكوبتر Hélicoptère تجد عشرة آلاف بنت وولد يقفون ويُعملون في النهاية شكلاً مُعيَّناً، كشكل رجل يحمل راية – مثلاً – أو شيئاً كهذا، أليس كذلك؟ الإنسان يقدر على أن يعمل هذا طبعاً، أليس كذلك؟ لأنه يتصوَّر هذا ويعمل له مُخطَّطاً وبعد ذلك يأتي بعشرة آلاف واحد ويُرقِّمهم ويقول لكل واحد أين يقف، يقول أنت تقف هنا وأنت تقف هنا وهكذا، فهو يفعل هذا لكن بهندسة وبمُخطَّط مُعقَّد جداً جداً، أليس كذلك؟ شغل وتوزيع أدوار، الحشرات الصغيرة الحقيرة هذه كيف كوَّنت وردة؟ أفهمني! أُريد مَن يُفهِمني هذا، لن تفهم! لا أحد يفهم، أنا أقول لك الجواب معروف، كما قال وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ۩، لا إله إلا هو! وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ ۩، قال بأمر مني، الأمر يُسيِّرها، كما يأتي إليك الأمر هذا فيجعلك تسمع، أنت تسمع بالأمر الإلهي يا بابا، يا حبيبي! يُقال فلان أُصيب بالخرف – Dementia – فبدأ يفعل أشياء غير مفهومة، وما عاد يفهم شيئاً، انقطع عنه شيئ من المدد الإلهي، اذهب وفسِّر أنت، تحدَّث عن الخلايا والوصولات وما إلى ذلك، وقل هذه تعطَّبت وهذه كذا وكذا، لكن هل تعرف كل هذه الأشياء لماذا؟ كلها حُجب، الله يُحاوِل أن يحجبك عنه، العارف لا يُحجَب، لا خرف -Dementia – ولا هبل!

لذلك يا إخواني وأحبابي خُذوا الفائدة هذه، أنا سأقول لكم شيئاً، هناك علم جديد الآن يُسمونه علم السر، ربما سمعتم به! اسمه The secret science، أي علم السر! ما علم السر هذا؟ أنا أقول لكم جوهره أنا أُؤمِن به، لِمَ لا أحكي لكم عنه؟ سأحكي عنه واستفيدوا منه، هذا العلم الآن تسبَّب في فرقعة كبيرة في أمريكا وهناك أُناس أُصيبوا بالهبل وأكَّدوا أنهم نجحوا فيه وقالوا نحن فعلنا ما نُريد، ما القصة؟ ما الذي يحدث؟ عنده أساس قرآني وينجح، النبي أشار إليه والقرآن أشار إليه، هذا العلم يقول تستطيع أن تصير أكبر عالم إذا أردت، إذا أردت أن تأخذ نوبل Nobel في العلم فسوف تأخذها، إذا أردت أن تصير مليارديراً أو @@1:5:30@ فسوف تصير مليارديراً، إذا أردت أن تتزوَّج فلانة فسوف تتزوَّجها، ما تُريده سوف تفعله، ما القصة هذه؟ كيف؟ هل هذا إله؟ هل الإنسان سيصير إلهاً؟ لا قال لك، لا! يجب أن تُؤمِن بهذا – تُؤمِن بهذا إيماناً لا زعزعة فيه – وأن تتوجَّه إليه، ولا تتوجَّه إليه بالسلب، انتبه! هذه الآن نصيحة مُهِمة جداً وقد شرحتها قديمة، إياك أن تقول لنفسك لا ينبغي أن أرسب في الامتحان، سوف ترسب وأنا أُبشِّرك، سوف ترسب! لا تقل لا ينبغي أن أغضب على زوجتي اليوم، وإلا سوف تغضب وسوف تُضرَب – إن شاء الله – الليلة، لا تقل لا ينبغي أن أعمل كذا وكذا، وإلآ سوف تعمل ما لا ينبغي أن تعمله، سوف تقول ماذا أفعل؟ قل ينبغي أن أنجح في الامتحان، ينبغي أن أحصل على المركز الأول، إياك أن تقول لا ينبغي أن يسبقني فلان، وإلا سوف يسبقك، لا علاقة لك به، دع عنك هذه الأنانية السخيفة هذه، ليس لك علاقة به، دع عنك الناس! قل أنا سأنجح وسأحصل على المركز الأول، طبعاً هذا ليس وأنت جالس تُدخِّن وتأكل بذراً، ادرس واشتغل وافعل كل شيئ، هذا معروف! لكن قل هذا وسوف تنجح، حين تخرج لكي تمشي على حائط بعرض عشرة سنتيمترات قل سأمشي عليه من أوله إلى آخره وبسرعة أيضاً، وسوف تمشي! لا تقل لا ينبغي أن أقع وإلا سوف تقع مُباشَرةً، ستقع إذا قلت هذا مُباشَرةً، انتبه! إياك أن تُفكِّر سلبياً، كأن تقول لا ينبغي أن يحدث كذا، وإلا سوف يحدث، هذا اسمه قانون كويه Couè، أي Couè’s law، فرنسي مشهور! هذا في علم النفس ومذكور بالرياضيات يا حبيبي، محسوب! لكن علم السر قال لا، مَن كويه Couè هذا؟ هذا الكلام يرتقي إلى حوالي أربعة أو خمسة آلاف سنة، كان موجوداً ومكتوباً على حجر، قانون رهيب جداً جداً، تستطيع أن تُغيِّر بما ما تشاء.

حدَّثتكم مرة عن نفسي – العبد الفقير – حين كنت شاباً صغيراً في المدارس، كل إخواني في المدارس الآن هم أساتذة في الجامعات ويعرفون هذا، كنت طيلة السنة أقرأ كُتب في الفلسفة والتاريخ والدين والفن، اقرأ كل ما أريد وأتمتَّع، لا أحضر الدروس، كنت غائباً في ثلاثة أرباع السنة، والمُدرِّسون كانوا يعتبرون أنني حالة خاصة دائماً، سواء غبت أو حضر لا يُكلِّمني أحد منهم، ولا حتى المُدير، عادي! عدنان هذا حالة خاصة من كل المدرسة، يعرفون هذا! وكنت في آخر السنة أحصل على المركز الأول إذا أردت، كيف؟ طبعاً كنت أقرأ ليلة الامتحان، الكتاب أقرأه كله في ليلة واحفظه، انتهى! في ليلة يحدث هذا، وهذا من الله! في بعض المرات للأسف كنت أمرض، وهذا حدث معي في مرتين، تخيَّلوا! الله لم يُرِد أن أفعل هذا، كنت أمرض ولا أقدر على أن أقرأ أي شيئ، فاذهب إلى الامتحان وأنا ينبغي أن أحصل على صفر بجدارة، يجب أن أرسب، لأنني لا أعرف شيئاً في المادة، مثلَّثات وتحليل وجبر وما إلى ذلك، ولا أعرف شيئاً، لم أقرأ! طيلة السنة كنت غائباً تقريباً ولا أحل ولا أعرف شيئاً، الكتاب لم اقرأه ولم أفتحه لأنني مرضت، سقطت صريع الفراش أو صريع المرض، لكنني لم أرسب أيضاً، فقط كنت أتأخَّر عن المركز الأول، كيف؟ كنت أجلس دون أن أخاف من الرسوب أو أرتبك، رُغم أنني لم أعرف شيئاً، أُقسِم بالله! تأتي إلىّ الأسئلة ولا أعرف شيئاً، لأنني لم أدرس، أجلس وأقول للأستاذ – هذا الأستاذ لا أعرفه، نحن في غزة، وهذه بلد آخر مُختلِفة تماماً – تعال، لابد أن تأتي ولابد أن تُنقِّلني، ستأتي بالأسئلة وتُعطيني إياها، هيا! وأُركِّز عليه، والله العظيم في مرات عديدة حصل هذا بفضل الله هذا، في أولى ثانوي حصل هذا، في التوجيهي حصل هذا في مرتين على الأقل في السنوات الأخيرة، ولم أكن أعرف السر ولم أدرس الشيئ هذا، اتضح أن هذا علم كامل، في أمريكا الآن أصاب الدنيا بالهبل، وأنا أقول هذا صحيح، أبصم له! جرَّبته ولازلت أُجرِّبه في حياتي، عجيب العلم هذا، وله أساس إلهي، وهو فرع الكرم الإلهي يا حبيبي، كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ ۩، قل له فقط أُريده يا ربي وسوف يُعطيك إياه، أنا قلت لك في آخر مرة قل له أُريد أن أشك فيك وأُريد أن أُشكِّك الناس فيك وأُريد أن أصير مُلحِداً عتياً وسوف يُعطيك هذا، سوف يُعطيك شُبهات على ذاته الشريفة وعلى وجوده تُعجِز أكثر الناس ومن ثم سوف يُضلِك، أنت طلبت هذا ونحن سوف نُعطيك، القرآن قال هذا! أتُريد هذا؟ سوف نُعطيك، إذا قلت لا أُريد هذا يا ربي، أُريد توحيدك وتنزيهك، وأُريد ألا أنفصل عنك أبداً، فسوف يُعطيك ويكشف لك أكثر وأكثر أيضاً، لا يهمك هذا، يا ربي! لكن انتبه، أنا أقول لك لا تقل له أعطني، قل له أُريد أن أمشي في النار وكب نفسك فيها ولن تحرقك، لكن إذا قلت أُريد أن أمشي في النار دون يقين فسوف تحرقك، انتبه! لا تلعب مع الله، ادعوا الله وأنتم مُوقِنون بالاجابة.

سوف تقول لي هذا سر أن أحد العارفين الكبار والمشايخ تسبب في علاج فتاة كانت مشلولة من عشرين سنة، من عشرين سنة مشلولة! أنا درست الطب وربما بعضكم درس الطب، يستحيل طبياً أن تعود طبيعية، يستحيل! ما رأيكم؟ أشياء لها علاقة بالعظم مُستحيل أن تعود طبيعية، أشياء لها علاقة بالأربطة – Ligaments – مُستحيل أن تعود طبيعية، أشياء لها علاقة بتليف العضلات مُستحيل أن تعود طبيعية، أشياء لها علاقة بالأعصاب مُستحيل أن تعود طبيعية، طبياً مُستحيل مُستحيل مُستحيل، حين تحكي هذا لأي عالم طبي يقول لك أنت أهبل، أنت تقول أشياء غير صحيحة، هذه خُرافاتكم كشرقيين، لكن هذا حصل ويحصل – بفضل الله – وما زال يحصل، عشرون سنة وهي مشلولة يا أخي، لا تتحرَّك! لكنه قال بسم الله، يا ابنتي قولي كذا وكذا، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قومي يا ابنتي، فتقوم البنت تمشي يا حبيبي، يا بابا! ثم يقولون رب العالمين غير موجود يا حبيبي، لا إله إلا هو! هو الموجود، هو الحاكم، هو العامل في كل شيئ يا إخواني، هو الحاكم يا إخواني لكن لابد من إيمان كالصخر وكالجبال، لا يتزعزع! قامت تمشي، كما قلت لكم يُمكِن أن يكب أحدكم نفسه في النار، وهذا الكلام الذي أقوله لكم لعل أحدكم يستطيع أن يفعله ولعل لا أحد يستطيع، أنا أعرف هذا! أعرف أن هذا الكلام اختصاصي جداً ولبعض الناس، وهذا لا يُقال على المنبر بالمُناسَبة، يأتي رجل أهبل ويُحاوِل أن يفعله فيموت أو يُدخَل في السجن، هذا لناس – أنا أقول لكم – ربنا هيأهم وأعطاهم قابليات روحية، هم على قدر الشيئ هذا ويقدرون على أن يفعلوه، أليس كذلك؟ وينجحون بعون الله تعالى، لكنهم قلة! كل هؤلاء قلة، فجرِّبوه! لذلك الكنز – هناك الكنز المفقود الذي يحكون عنه – هو الله يا جماعة، كنز الكنوز، لا إله إلا هو! تعرَّفوا عليه، تقرَّبوا إليه، اعشقوه، لا تدعوا فكركم يزيغ عن لحظة في ليل أو نهار، دائماً فكِّروا فيه باستمرار، والله العظيم! وأنتم تذهبون وأنتم تجيئون، قلنا أنه أعطانا كل هذا كله بمُقابِل، حين تُفكِّرون في هذا بحد ذاته تتأثَّرون جداً جدً جداً، تقولون ما الكرم هذا؟ ما العطاء هذا؟ ولا مُقابِل لا منا ولا من غيرنا، هو هكذا، لا إله إلا هو! محض الجود والعطاء والكرم، سُبحانه وتعالى! فكِّر فيه باستمرار.

الحمد لله أعتقد أن فكرة مثل هذه وتصور مثل هذا يُغنينا كثيراً عن أخطاء الهنادكة وعن أخطاء الفلاسفة وعن هذه المداخل التي فيها أشياء كثيرة من الوثنيات والشركيات والأشياء غير الصحيحة، الحمد لله! أعتقد فعلاً بلا شك – ليس لأنني مُسلِم والله العظيم – أن الله كما نعرفه نحن على ما تعرَّف إلينا به وعليه – بفضل الله – هو أحسن وأوضح وأنقى تصور لله عرفته الدنيا، أليس كذلك؟ والحمد لله لذلك خُتِمَت الكلمات الإلهية بهذا الكتاب، ائتوني بكتاب إلهي غير القرآن على هذا النحو، له ما يقرب من ألف وأربعمائة وثلاثين سنة، أليس كذلك؟ ائتوني بكتاب إلهي أو زُعِمَ أنه إلهي اعترفت الدنيا به، هل هذا موجود؟ غير موجود، القرآن عنده مصداقية تاريخية، قال لك أنا آخر الكلمات، لأنك لا تحتاج بعدها إلى أي شيئ، كونه ختام لا يعني أنه ختام زمني فقط، لا! ليس هذه هي، كونه ختام يعني أنه ينوب عن كل شيئ، أليس كذلك؟ ويسد مسد كل شيئ، ويصلح بدل كل شيئ، ولا تحتاج معه إلى شيئ، هو هكذا! انتهى الأمر.

انظر إلينا حين نعتصم به، نظل على السواء! حين نتركه ونُقدِّم ونُدخِل أشياء باسم الحديث يختلف الأمر، باسم الأحاديث النبوية ربنا شاب أمرد، أستغفر الله العظيم! باسم الأحاديث ربنا ينزل في الربيع ويمشي في الحقول، تخيَّل! أحاديث تقول هذا وبعضهم صحَّحها، باسم الأحاديث الله يقعد على العرش ويترك على يمينه فراغاً بمقدار خمسة أصابع لكي يقعد محمد، هذا باسم الأحاديث! لكن باسم القرآن وبمنطق القرآن لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۩ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ۩، ليس له كفو من أي تصور، لا إله إلا هو، هذا هو!

(ملحوظة) أراد أحد الحضور أن يستفصل أكثر عن علم السر، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم علم السر أنا أعطيتك مُلخَّصه، علم السر هو هذا! تتوجَّه إلى أي شيئ تُريده بيقين كامل، أنك تُريده وأنه سيحصلك لك، وإياك أن تتوجَّه بالسلب، طبعاً هو علم كبير لكن أنا أُعطيك الخُلاصة، لا تتوجَّه بالسلب، قل أنا أُريد كذا، وهذا طبعاً بعد أن تكون فعلت ما عليك بعون الله، وبعون الله سوف يحدث ما أردت، سوف يحدث! وأنا أقول لك إذا هذا يحدث مع مسيحيين أمريكان وغيرهم فمع المُسلِم لابد أن يحدث هذا بلا مثنوية، بكل تأكد بعون الله تعالى، وهذا – كما قلنا – معنى وأنتم مُوقِنون بالإجابة، أنت – بعون الله تعالى – تقدر على هذا، لكن – أطلت على نفسي وعليكم – هل تعرف ما الذي يُفقِدك هذه الثقة؟ لماذا ليس عندك الثقة هذه؟ لماذا يا محمد؟ (ملحوظة) أجاب مَن سُئل بأن هذا يعود إلى التقصير والذنوب، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، ذنوبك! ذنوبك هي المُشكِلة.

حكيت لكم في مرة سابقة عن فلسفة فهمتها لأول مرة في حياتي للعقاب الإلهي، أنا لا أرى أن الله يُعاقِب كما نحن نتخيَّل، بمعنى أنك فعلت شيئاً وأنا أُريد أن أضربك مثلما نتعامل نحن مع بعضنا، لا! الله أرحم من هذا، العقاب مُعظَمه – ليس كُله وإنما مُعظَمه على الإطلاق – هو أثر الذنب نفسه، هل تعرف كيف؟ أنت ترتكب ذنباً، وهذا تماماً مثلما تشرب شوربة – Soup – أو تأكل طعاماً فاسداً مُعفَّناً، ما الذي يحدث لك؟ مغص ومشاكل وغسيل معدة، وقد تذهب إلى المُستشفى لمدة أربعة أيام، تستأهل! لا نقول أنت أكلت الطعام المُعفَّن والله عاقبك لأنك أكلته، لا! الطعام المُعفَّن يُساوي هذا، حين تتغذى غذاءً ناقصاً – ناقص الدسم والفيتامينات Vitamins والبروتينات Proteins – لمدة ستة أشهر تُصاب بفقر الدم والأسقربوط Scurvy وبخمسين ألف مرض كتشقق الجلد والاستسقاء، هذه مُشكِلتك! طعامك كله غلط، أليس كذلك؟ هذا شيئ طبيعي، هذه نتائج طبيعية، العمل الخاص بنا نفسه عنده نتائج طبيعية، أليس كذلك؟ بمعنى أنت حين تعمل وتُرائي بعملك – تُريد من الناس أن تراك – يُضعِف هذا الرياء بحد ذاته قدرة الروح على أن تُبرِق، يُضعِف سهم الروح على أن يُوتَّر جيداً، كما قلت لك أنت لكي تضرب وتُصيب – بعون الله – لابد أن تُحسِن توتير القوس الخاص بك، أليس كذلك؟ تمسك السهم وتشده جيداً حتى لا يبقى في قوس الصبر منزع كما يقولون، لا يتبقى مكان، تشد حتى النهاية، حين تترك السهم يُصيب الهدف، لكن حين تفعل العكس يسقط عند رجلك، هذا الرياء! ليس عندك فرصة، لا تُحِب ولا تقدر على أن تعبد ربك سنة وأنت ساكت، عبدته بركعتين وقلت والله – الحمد لله – حدث معي كذا وكذا، بعض الناس يُصلون ويحدث معهم كذا وكذا، يا أخي أنت لم تُصل إلا بالأمس، هداك الله! أنت فعلت هذا لأول مرة بالأمس واليوم أتيت لكي تُعطينا دروساً، بدأت بالأمس تقوم الليل، ومع ذلك تقول والله – الحمد لله – من اليوم الذي قمت فيه الليل تحوَّلت حياتي إلى جنة يا أخي، يا أخي ما هذه الحياة؟ سوف يتوقَّف عن قيام الليل لسنة، ضاع عليه هذا، تخيَّل! لأنه يُرائي، لم يُوتَّر السهم، لم يشده جيداً، اتركه! كل شيئ يحتاج إلى وقته، هل فهمت قصدي؟ البذرة ضعها في الأرض وسوف تخرج ثروة كبيرة ومن أحسن ما يكون، لكنها سوف تموت إذا بحثت عنها كل يوم، سوف تقتلها يا أهبل! تقول لماذا لم تخرج؟ لماذا لم تُنبِت؟ لأنها تحتاج إلى أن تأخذ وقتها، اتركها! أليس كذلك؟ هناك مَن يُعجِبه دور المُدرِّس مثلاً، يُريد أن يُدرِّس في الفضائيات، فذهب وقرأ كتاباً، بالكاد فهم واحداً من ألف، والتسعة والتسعون في المائة لم يفهمها، ثم خرج في الفضائيات وقال كما أخرج الإمام البرقاني كذا وكذا، وهذا لم يحدث، لكن المُهِم أنكم تعرفونه، ويبدأ يتحدَّث بكلام غير صحيح، لماذا تفعل هذا؟ أنت لا تزال غير مُتعلِّم، اجلس واهدأ، اقعد لثلاثين سنة وأنت تتعلَّم، اجلس لثلاثين سنة وحدك وأنت تتعلَّم، ثم اخرج بعد ذلك وعلِّم، ليس الآن! ليس بعد أن تقرأ كتاباً أو كتابين تأتي وتدّعي أنك شيخ، والله العظيم هناك مَن يسمع حلقة ثم يأتي ويقول أنا عندي اعتراض، اعتراض ماذا؟ تأدَّب، قل عندي سؤال يا سيدي ويا مولانا، أنت لا تعرف شيئاً يا حبيبي، أنت حضرت حلقة تُفرَّغ في عشر صفحات، ربما الذي يتحدَّث هذا قرأ مائة ألف صفحة في هذا الموضوع، هل أنت أهبل؟ هذه طبيعة الذنب نفسه! فالإنسان الذي يرتكب ذنوباً يحدث له هذا، أنا أقول لك الذنب هذا يُفقِدك اليقين بالله، ليس أن الله موجود ويُلبي، لا! سوف تقول هو لن يُلبي مثلي، وهذا صحيح! سوف تقول لن يُلبي مثلي، لكن العكس سيحدث لو أنت دعوته حتى وأنت مُذنِب وكان عندك اليقين، وهذا صعب جداً، لماذا؟ لأنك حين ترتكب ذنباً يضعف يقينك في نفسك، سوف تظل تقول لا، أكيد هو لن يُلبي مثلي، أنا قليل الأدب، أنا أمس فعلت كذا وكذا، صعب! لذا اهتز اليقين وذهب، لن يُعطيك ما أردت، أرأيت؟ لذلك التقوى والاستقامة يُعطيانك اليقين.

أحد الصالحين الكبار كان صوفياً هندياً – عنايت خان رحمة الله، كان في أمريكا وكان مُذهِلاً – وكان كلما جاء إليه رجل وقال له يا سيدي أُريد أن أصير مُريداً عندك لكي تُوصِّلني إلى الله يقول له هل تُؤمِن؟ يقول له طبعاً أُؤمِن، فيقول له لا، ليس بالله، الله هذا شيئ ثانٍ، بنفسك! هل تُؤمِن بنفسك؟ إذا قال له نعم فإنه يقول له تعال، أنت من تلاميذي، إذا قال له لا فإنه يقول له اذهب، لا تليق بالطريق، مَن الذي يُؤمِن بنفسه؟ الصافي النظيف الشريف العفيف والذي هدفه الله، انتبه! إذا ذهبت وأنت هدفك أن تقعد مكان عدنان –  تُعجِبك قعدة عدنان ويُعجِبك تنكيته وتدريسه، يُعجِبك الدور هذا، حلو جداً ونُريد أن نفعل مثله، سندعي أننا نتفلسف ونُفكِّر وما إلى ذلك – فلن تنجح،  هذه ليست لُعبة، هذا دين وتكليف، إذا أحسنت فسوف أحصل على جزائي وإذا أسأت فسوف تُقطَع رأسي عند ربي، مسألة صعبة هذه وتُكلِّفنا أشياء كثيرة، لكن أنت لا تبحث لا عن الحقيقة ولا عن الله ولا عن الدين، أنت تُريد مظهراً أمام الناس، أنت تُريد أن تصير بروفيسوراً Professor وأستاذاً، كلام فارغ هذا ولن ينفع، لن ينفعك لأنك ترتكب حماقات، صبياني! هذا مسلك صبياني، أرأيت؟ ليست هكذا المسائل، فهذه طبيعة السلوك، هذه طبيعة الذنب، كما قال اليوم الهنادكة كل عمل تعمله في الظاهر أو الباطن هو ضربة أزميل على صفحة نفسك، على صخرة ذاتك سوف يُوثِّر، سوف يترك أثره، أليس كذلك؟

النبي قال إذا أذنب العبد نُكِتَ في قلبه نُكتة سوداء، هذا هو طبعاً! وهذا يعني أن هذا القلب هو المرآة الخاصة بنا، مرآة النفس والروح والقلب بعون الله تعالى، هذا اسمه منظر الله، ما المنظر؟ اسم مكان، أي المكان الذي ينظر الله فيه، الله لا ينظر إلى شكلك وإلى لحيتك وما إلى ذلك، للأسف هناك مَن يُريد أن يُفهِمونا أن الله ينظر فقط إلى اللحية وحجم اللحية، والله لا، أُقسِم بالله!

هل سيد قطب – شهيد الإسلام – كان عنده لحية؟ هل الإمام أبو زهرة كان عنده لحية؟  شيخ مصر – العلّامة الكبير والأسد في الحق – لم يكن عنده لحية يا أخي، وهناك ألف لحية أصحابها من المُنافِقين، يبيع الواحد منهم نفسه للحاكم الذي سيد قطب ذبح نفسه على يديه، أبو زهرة تحدَّي الحاكم دون أن يكون عنده لحية، هذا كلام فارغ! الله ينظر إلى قلبك يا حبيبي، هذا هبل! سأقول لك شيئاً لكي أُوضِّح لك الأمر، ربما يقول أحدهم أنت تُنكِر السُنة، لكنني لا أُنكِر السُنة يا رجل، افهم قصدي، أنا أتحدَّث عن الجوهر، هل يُمكِن أن تقول للعالم اليوم – للمسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين وإلى آخره – سنشرح لكم دين محمد: وجاءنا باللحية؟ سوف يقولون لك لحية ماذا يا حبيبي؟ نحن عندنا لحية، هل هذا دينكم؟ سوف يقولون لك لا، سوف يقولون لك دع عنا هذا، أي واحد سوف يقول لك دع عني هذا بالله عليك، لا تقل جاءني بالنقاب أو باللحية، لا أُريد هذا، أُريد دينك الذي ليس عندي مثله، ما هو؟ هو هذا! فالبشرية تنتظر منا أن نُعطيها أشياء هي تحتاجها وتشتاق إليها، ولا تقدر على أن تتوصَّل إليها بعقلها وباجتهادها وبأديانها المُحرَّفة، أليس كذلك؟ لا تُفكِّر أبداً في أن تُعطيهم لحيةً ونقاباً وحجاباً، ليس هذا هو يا حبيبي، أعطهم جوهر الدين الذي ليس عندهم، التصور الحقيقي لله تبارك وتعالى، والعقيدة الحقة في الله، وإلى آخره!

المُهِم هذا ما أردت أن أقوله، إذا أذنب العبد نُكِتَ في قلبه نُكتة سوداء، الآن مرآة القلب هذه ينعكس عليها النور الإلهي، المعرفة الإلهية تنعكس في مرآة القلب، كلما تصير سوداء ماذا يحدث للانعكاس؟ ينقص، ينقص، ينقص، ينقص! طبعاً فإن تاب ونزع – أي العبد هذا تاب ونزع واستغفر وما إلى ذلك بعون الله – مُحيت، يرجع القلب إلى صفائه، وإذا ظل مُتواصِلاً في الذنب مثل بعض الناس فلن يحدث هذا، بعض الناس يقول أنا – الحمد لله – أُصلي يا أخي، أنا لا أزني، لكنك تجلس على مدار الأربع والعشرين ساعة لكي تغتاب وتنم، أليس كذلك؟ محمد وسعيد وسعد وسعدان وقردان، ما علاقتك بالناس؟ أنت بطّال، أنا أقول لك والله العظيم أول ما تجد نفسك مشغولاً بالناس وعندك دافع لكي تتكلَّم على الناس اعلم – أُقسِم بالله وأُشهِد الله – أنك بطّال ومبتوت الصلة بالله والله، والله! لأن مَن عرف الله أغناه الله عن كل شيئ يا جماعة، مَن يعرف الله ويُفكِّر فيه لا يعود يُفكِّر في الناس ولا يعود يذكر الناس إلا بالخير ولا يعود إلا يفعل الخير للناس وبين الناس ويُوفِّق بين الناس بإذن الله تعالى، لكن الآخر شيطان رجيم، حسود حقود غيور غشّاش ويقطع الصلات، شيطان رجيم والعياذ بالله منه، انتبه! ولا يزال يتحدَّث عن الله، كلام فارغ! فإن تاب ونزع – قال – مُحيت، وإلا نُكِتَ فيه حتى – والعياذ بالله – يستتم أسود القلب، هذا القلب كله يصير أسود! فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه، كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ۩، أي كسبهم! هو هذا، يصير قلبك أسود، ما عاد يفهم، تسمع كلاماً مثل هذا ولا تتأثَّر به ولا تُريده، أنا أقول لك لو كنت شاباً صغيراً وسمعت خُطبة مثل خُطبة أمس أو موضوعاً كالموضوع الذي ختمت به الخُطبة للحقت بالشيخ الذي يتحدَّث ولو في السند والله العظيم! سوف أركب الطائرات وأترك أهلي وناسي وأتشبَّث به، سوف أقول له تعال، اشرح لي، أفهمني ما تفهمه، ما القصص هذه؟ ما هذا؟ أُريد أن أفهم، سوف أُجَن! لكن الآن يحضر كم واحد؟ تحضر الوجوه الطيبة هذه، والآخرون لا يحتاجون إلى هذا ولا يُريدونه، يقولون أطال الشيخ عدنان علينا، يا أخي بارك الله في أطال علينا، والله العظيم! جزاؤك هو قولهم أطال علينا، تكلَّم في خمس وأربعين دقيقة أو خمسين دقيقة، يا أخي أطال علينا، وراؤنا أشغال، أشغال ماذا؟ وراؤك غيبة ونميمة وكلام، أول مَن تغتابهم الشيخ، هذه غيبة ونميمة! أشغال ماذا يا بطّال، يا كذّاب؟ أنت تجلس أمام التلفزيون Television وفي الشوارع والمقاهي، تكذب علىّ مَن؟ لذلك الناس محرومة، القلوب كلها سوداء، رَانَ ۩! وسخة ولا تُريد أن تفهم، هو هذا! مُصيبة، لكن هذا موضوع الذنب، ليس عندنا يقين لأن ليس عندنا صفاء، صف نفسك! ولذلك في الأول أنا أقول لك العارف أو السالك الذي يُريد أن يصير عارفاً لا يكون هدفه أن يدعو ويُستجاب إليه، لا والله! ما هدفه؟ أن يُصفي المسكين نفسه، لا يُريد كل هذا! لا يُريد مالاً، لا يُريد زوجة حسناء، لا يُريد ولداً، لا يُريد امتحانات، ولا يُريد شهادات، الإنسان الذي أيقظه الله يُريد فقط أن يرجع إلى الله وأن يتخفَّف من ذنوبه ومن أوزاره ومن وساخاته، فيسعد في رحاب الله، بجناب الله يسعد، الله يُعطيه ويُصفيه – بعون الله – بعد فترة ويُنظِّفه ويرتفع أوتوماتيكياً – Automatically – من غير أن يشعر ومن غير أن يطلب إلى مقام إذا دعاني لبيته، أليس كذلك؟ أنا أقول لك الحقيقة التي ذكرناها اليوم هل تعرف ما هي؟ الله هو سمعنا الذي نسمع به، نحن أثبتنا هذا اليوم بالبرهان، نسمع بماذا نحن؟ بالله، نُبصِر بماذا؟ بالله، نبطش بماذا؟ بالله، نُدرِك ونفهم ونتكلَّم بالله، كل هذا بالله، كله بالله! وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۩، من الله وبالله، انتبه! هذا يُسمونه في الفلسفة ما منه الوجود وما به الوجود، الله أكبر! الشيئان الله، ما منه الوجود الله، ما به الوجود الله، يا ربي! شيئ عجيب هذا.

هنا قد تقول لي لكن هذا حديث – حديث أبي هُريرة في البخاري هذا وعند أحمد، من أفراد البخاري – وهذه كرامة للولي، وأنا أقول لك أول هذه الكرامة أن تفهم ما ذكرناه اليوم، ليس أن تسمعه، أنت اليوم سمعته، لكن هل فهمته؟ هل بدأت تتكوَّن لديك عقيدة حقيقية تُوجِّه حياتك؟ هل بدأت تمشي وتسكن وتأكل وتشرب وتأتي وتذر وتأخذ وتُعطي وأنت مُوقِن أنك تسمع بالله وتُبصِر بالله وتتحرَّك بالله وتفعل بالله وتترك بالله؟ إذا صار عندك هذا اليقين – بعون الله تعالى – فأنت بدأت في طريق الكرامة الإلهية، بعد ذلك هذه الحقيقة التي أنت مُوقِن بها – بعون الله تعالى – سوف تتجسَّد عملياً، سوف تشعر في النهاية بقوة إلهية في سمعك، فيُمكِن أن تسمع ما لا يُسمَع، طبعاً هناك صحابة كانوا يسمعون الملائكة، أليس كذلك؟ كانت تُسلِّم عليهم الملائكة ويعرفونها، سوف ترى ما لا يرى الناظرون، سوف ترى – بعون الله تعالى – أشياء لا تُرى، سوف تفهم ما لا يُفهَم، سوف تُدرِك أشياء لا تُدرَك، أنا أقول لك مَن لم يُجرِّب العلم الإلهي وكيف يأتي العلم من الله وليس من الكُتب لن يفهم هذه الأشياء والله العظيم، سوف يفهمها حين يُجرِّب، شيئ غريب!

علم الكتاب موجود في مئات الصفحات، اقرأ وترجم وحط وعلِّق وعقِّب وحاول أن تفعل كذا وكذا، قصة طويلة! والله أعلم فهمت أو لم تفهم وهل هذا صحيح أم غالط، فهذا يعتمد على الكاتب وعلى فكرته، لكن العلم الإلهي هل تعرف كيف هو؟ كما قلنا اليوم نُقطة، لحظة! لحظة يا أخي، شيئ لا يُصدَّق، لحظة والله العظيم بل أقل من لحظة، شيئ يلتمع في ذهنك فجأة ثم ينتهي، فتصير كالأهبل، تكتب بسرعة ما التمع في ذهنك خوفاً من أن يضيع، لا إله إلا الله، كيف جاء هذا؟ لابد أن تُجرِّبه، لن تفهمه إذا لم تُجرِّبه، وبالمُناسَبة له جمال وعليه رونق عجيب وله جلالة، حين يسمعون إليه تخشع قلوبهم، تبخع عقولهم، يشعرون أن هذا الشيئ غير طبيعي، هذا ليس علماً عادياً وليس تحليلاً عادياً، هل تعرفون لماذا؟ لأن مصدره إلهي، هذا ليس من تفكيرك، لم تُفكِّر فيه، وهو بالمُناسَبة يأتي إليك في موضوعات لم تُفكِّر فيها ولم تفتحها ولم تشغل نفسك بها بالمرة، كما يُريد هو، لا إله إلا هو! هل هذا يعني أنه موجود؟ والله العظيم هو موجود، ما رأيكم؟ هناك مَن يقول لا، هو غير موجود، العلم في الكُتب والعلم أثبت كذا وكذا، لكن يا أخي يُوجَد علم إلهي آخر، اسكت يا أهبل! يُوجَد علم إلهي، يُوجَد علم إلهي يُعطيه الله لبعض الناس كما قلنا اليوم، وهذا العلم هو جوهر العلم، ليس علم الكُتب الذي لا نقدر على أن نفهم منه إلا الطقوس والشكليات، هناك علوم كثيرة، لكن هذا الجوهر – بإذن الله تعالى – الذي يدلك على الحقيقة.

اللهم أعطنا ولا تحرمنا، (ملحوظة) طرح أحد الحضور سؤالاً يتعلَّق بكيفية الدعاء، فحدَّثه الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم عن الأدب مع الله، وقال له انتبه، لا تقل يا الله أعطني كذا وكذا، أنا أُريد المال، لا! قل له أعطنى المال أو أعطنى كذا وكذا إن كنت تعلم أنه خيرٌ لي فأنا أُريده، أنت قلت له إنك تعلم، أي أنك تركت الخيار في النهاية لصاحب الخيرة، لأن قد يكون هذا دماراً عليك، لكن أنت مُتأكِّد من أنه لو كان خيراً لفعله لك، هو يفعل لك هذا، لكن مثلاً إذا وُجِدَ عدو – حاق بك عدو الآن – فلن يُمكِن أن تقول له أنقذني إن كان هذا خيراً لي، سوف تقول له أنقذني من عدوي، قل خُذ بأبصار أعدائي عني، وسوف يأخذ بأبصارهم عنك، لن يرونك! سوف تمشي بينهم دون أن يروك، أو الله سوف يُرقِّق قلوبهم عليك، عدوك هذا سوف يأتي في آخر لحظة وبدل أن يذبحك سوف يُقبِّل رأسك ويديك، وسوف يقول لك أهلاً وسهلاً، نحن نتأسَّف لك لأننا روَّعناك وما إلى ذلك، ومن ثم سوف تعود إلى بيتك في لحظة، ينقلب حاله معك في لحظة، لأن قلوب العباد بين أُصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبها كيف يشاء، والله العظيم! عدو يُريد أن يذبحك وفي لحظة ينقلب حال قلبه معك، لن يقدر على أن يمسك، تخيَّل! هذا يقين.

هذا الصالح الذي حدَّثتكم عنه اليوم – هذا الذي قرأ للفتاة على الماء وما إلى ذلك – أخذه اليهود ذات مرة، حقِّقوا معه وكان ذكياً، الله أعطاه ذكاءً فطرياً، اليهود كانوا يتفلسفون، المُحقِّق كان دارساً لعلم النفس وما إلى ذلك، وهذا قال له أنا أعرف لماذا تسأل، قال له أنا أعرف أنك تسأل من أجل كذا وكذا فجُنَّ المُحقِّق، لأنه يفهم كل شيئ ويعرف لماذا يسأل، عنده ذكاء! فقام لكي يضربه، فقال له إياك، أبعد يدك! فقال له كيف تقول لي أبعد يدك؟ فقال له أبعد يدك، ثم قال له والله إذا يدك هذه نزلت علىّ لن تعود كما كانت، سوف تتخشَّب، سوف تبقى مشلولة، وسوف تأتي تُقبِّل يدي – قال له – وتبكي ولن أُعيدها لك، سوف تبقى يدك مشلولة، قال له هل أنت مُتأكِّد؟ قال له أنا مُتأكِّد، جرِّب وافعل قال له، اليهودي عنده يقين يا أخي أكثر من بعض المُسلِمين، حسبي الله ونعم الوكيل، خاف! كأنه يا رجل يخاف من الله، كأن عنده إيمان، عرف أن هناك أُناساً صالحين وهم من غير اليهود، هذا مُسلِم! أنا سمعت هذا من الرجل بنفسي، فقال له لن أضربك بيدي، أصابه بالهبل! قال له سوف أضع فيك الكهرباء، قال له كهرباء ماذا؟ هذا كلام فارغ ولن ينفع، قال له كيف؟ قال له جرِّب، قال له الكهرباء لن تسير في بعون الله، فقال له لماذا؟ لماذاعندك الثقة هذه؟ انظر إلى هذا الرجل، سُبحان الله! وهذا الرجل حين حدَّثنا قال هذا اليهودي كان مُصاباً بالعصبية والنرفزة – أي المُحقِّق اليهودي هذا – وأنا كان عندي نوع من الطمأنينة والبرود العجيب الغريب، هذا من الله! الله ألقى عليه السكينة والثبات، قال له أنا مُتأكِّد لأن أنا إنسان نظيف وبريء، أنت تُريد أن تُلصِق لي تُهمة أنا أبرأ منها، وأنا إنسان – قال له – مع الله، والذي مع الله لا يضيره أي شيئ، يقول الشاعر:

أَيُدْرِكُنِي ضَيْمٌ وَأَنْتَ ذَخِيرتِي                         وَأُظْلَمُ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتَ نَصِيرِي؟! 

وَعَارٌ عَلَى حَامِي الْحِمَى وَهْوَ مُنْجِدِي                إِذَا ضَاعَ فِي الْبَيْدَا عِقَالُ بَعِيرِ.

فقال له أنا مع الله، والله لا يُخيِّبني، قال له سوف أضع فيك الكهرباء، فقال له لن تسير الكهرباء في، فاليهودي خاف وما إلى ذلك، قال له اذهب، توكَّل على الله واذهب، صرفه دون أن يمسه، تخيَّل! أرأيت رجال الله؟ هناك أُناس يُضرَبون بالكفوف ويُبصَق في وجوهها وتُبهدَل، وهذا كله – إن شاء الله – بأجره، لكن حين تكون مع الله الله لا يضيمك، حين تكون مع الله حقيقةً، انتبه! ستقول لي هل هذا مُمكِن؟ نعم مُمكِن، هذا ربك يا أخي، هو هكذا، عنده مدد لأوليائه، ممدد وعطاء، لا إله إلا هو، أعطانا الله من هذا إن شاء الله.

إذا أردنا اليقين وإذا أردنا أن يُلبينا الله يا جماعة فلابد أن نبتعد عن المعاصي، وليس معاصي الظاهر فقط، معاصي الظاهر وأهم منها معاصي الباطن، مثل الحسد، الحقد، والغش والعياذ بالله، وكل المعاني السيئة التي لا يرضاها الله والتي تمنع نظر الله أن يُشعشِع في قلوبنا، حاشا لله أن ينظر في قلب وسخ، انتبهوا! لا ينظر الله في هذا، حاشا لله، هو غني عن هذا، قلبك هذا لكي ينظر فيه الله نظرات ويضع لك فيه الخشوع والتقوى والعلم والمعرفة اللدنية لابد وأن يكون قلباً دُرياً، لابد أن يكون كوكباً دُرياً، لابد أن يكون نظيفاً نظيفاً نظيفاً نظيفاً بإذن الله تعالى، ليس فيه شك وليس فيه شُبهة وليس فيه شهوة، هذا الصحيح! أمراض القلوب شهوات وشُبهات، لا شهوات ولا شُبهات، قلب إلهي، في الحديث القدسي عبدي طهَّرت منظر العباد سنين فهلا طهَّرت منظري ساعة؟ ما منظر العباد؟ (ملحوظة) قال أحد الحضور الوجه، فقال له الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم أحسنت، الجسم! ما ينظر إليه العباد منا هو أجسامنا، ويرون دائما الكرافتة وما إلى ذلك، لذلك نحرص جداً على هذا، ونحلق بآخر جيليت Gillette الذي يصله ثمنه إلى ثلاثة يوروات أو ستة يوروات بعد أن ارتفع سعره، نُنعِّم الوجه ونلبس جيداً ونتعطَّر وما إلى ذلك، لأن هذا منظر العباد، جيد وجميل! الله يُريد هذا أيضاً، فلتفعل هذا، لكن منظر الله يا أخي ألا يُطهَّر؟

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: