الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر ما صام عبد لله وأفطر، الله أكبر ما سبَّح عبد وحمد الله واستغفر وكبَّر، الله أكبر ما رحم الله وتجاوز وسمح وأعطى وأكرم وغفر، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً.

الْحَمْدُ لِلَّهِ ۩، لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ ۩، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۩، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ۩، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، الحمد لله حمداً يُوافي نعمه، ويُكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ولا نظير له ولا مثال له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمناً محمداً عبد الله ورسوله، وصفوته من خلقه، اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على هذا النبي الأمين الكريم، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المُبارَكين المُحسنِين، وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

يا عباد الله أصبحنا اليوم بأمر الله – سُبحانه وتعالى – مُفطِرين، مَن صام منا أثِم، وقد أصبحنا يوم أمس صائمين، مَن أفطر منا هلك – والعياذ بالله – إلا من عُذر، صُمنا بأمره – سُبحانه وتعالى – ثلاثين يوماً، وأصبحنا اليوم مُفطِرين بأمره أيضاً، فالحمد لله على ما ألهمنا، وعلى ما أرشدنا، وعلى ما وفَّقنا إليه من جميل طاعته، ونستغفره – سُبحانه وتعالى – بعد أن نبوء إليه بعظيم نعمه وجسيم آلائه وبعظيم إسرافنا وكبير تقصيرنا، فله الحمد – سُبحانه وتعالى -، فهو العليّ الكبير.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

أيها الإخوة الأحباب، أيتها الأخوات الفاضلات: 

نحن اليوم – بحمد الله تبارك وتعالى – في يوم مشهود من أيام الله – سُبحانه وتعالى -، إنه يوم الجائزة، إنه يوم المغفرة، يوم افتتح الله به – سُبحانه وتعالى – عيد المُسلِمين، الذي يشهد فرحتهم العامة، فللصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عنده لقاء ربه، يفرح كل ليلة حين يُفطِر مع غروب الشمس، ويفرح فرحةً أكبر حين يُفطِر مع شروق الشمس في مثل هذه الصبيحة، لا يفرح لأنه عاد إلى تناول مُباحات المُشتهيات، وإنما يفرح لأنه ينتظر ويترقَّب جائزة المولى الكبير، لا إله إلا هو! إنه يوم الجائزة، إنها صبيحة الجائزة التي نرغب إليه – سُبحانه وتعالى – ونبتهل بحقه وقُدسه وأعظم أسمائه وأجل صفاته وأعلاها ألا يحرمناها بفضله ومنّه وكرمه، اللهم آمين.

يقول الإمام الجليل محمد بن شهاب الزُهري – رحمة الله تعالى عليه – إذا خرج المُصلون صبيحة العيد إلى الجبّان – أي إلى المُصلى – نظر الله – تبارك وتعالى – إليهم فقال يا عبادي لي صُمتم، ولي قُمتم، ارجعوا اليوم مغفوراً لكم، نسأل الله – تبارك وتعالى – ألا يُرجِعنا من هذه الصبيحة في هذا اليوم إلا وقد غفر لنا وتجاوز عنا كل ذنوبنا، اللهم آمين.

خطب عمر بن عبد العزيز – رضوان الله تعالى عليه – المُسلِمين وكان خليفتهم وراشدهم صبيحة العيد، فقال أيها المُسلِمون صُمتم ثلاثين يوماً لله، وقُمتم ثلاثين ليلةً لله، وجئتم الصبيحة تطلبون مغفرته – سُبحانه وتعالى -.

ومن هنا فرحتنا – أيها الإخوة والأخوات -، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ۩، لسنا فرحين لأننا عُدنا إلى الطعام والشراب وإلى أنواع الملاذ مما يُشتهى، كلا! إننا فرحون لأن الله – تبارك وتعالى – مد في فُسحنا حتى بلَّغنا رمضان، وألهمنا وأعاننا وتلطَّف بنا بجميل ألطافه حتى صُمنا ثلاثين يوماً، وحتى قُمنا ثلاثين ليلةً، فله الحمد والمنّة، له الحمد – سُبحانه وتعالى -، لا يُستطاع شيئ من صنوف الخير وأنواع البر إلا بجميل ألطافه وحُسن إسعاده وتوفيقه وتسديده، لا إله إلا هو! 

من هنا فرحتنا، وحُقَّ لنا أن نفرح، ولِمَ لا؟ نعم إننا لم نبذل المجهود، لا يُمكِن أن نقول أي ربنا قد بلغنا جُهد المُستطاع، كلا والله! بل نقول يا ربنا لقد قصَّرنا وأصرفنا وأسأنا وقصَّرنا تقصيراً عظيماً، لكن فضلك دائماً أوسع لنا، وعافيتك أوسع، ورحمتك أشمل وأعمل، وله الحمد والمنّة.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

جئنا طامعين في رحمته – سُبحانه وتعالى – أن يُجيزنا الجائزة التي ذكر مولانا رسول الله – صلوات ربي وتسليماته عليه – في الحديث الذي يرويه ابنه وحفيده الإمام أبو جعفر الباقر – عليهما السلام والرضوان والرحمات – مُرسَلاً كما ذكره شيخ الإسلام ابن رجب الحنبلي في لطائفه – رحمة الله تعالى عليه -، يرويه عن جده رسول الله مُرسَلاً، قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – إذا كان رمضان فمَن صام نهاره، وقام ورداً مِن ليله، وحفظ سمعه وبصره ولسانه ويده، وبكَّر إلى الجُمعة، وصلى الجماعة، فقد صام الشهر، واستكمل الأجر، واستحق جائزة الرب، يقول أبو جعفر – رضوان الله تعالى عليه – ليست جائزةً كجوائز الأمراء والسلاطين، كلا! إنها أعظم من كل ما يخطر على بال بشر، إنها جائزة العتق من النار – إن شاء الله تبارك وتعالى -، جائزة رفعة الدرجات في أعالي الجنان وفراديسها – إن شاء الله تبارك وتعالى -.

وفي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مُسنَده عن أبي هُريرة قال قال – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون – أُعطيت أمتي في رمضان خمساً، لم تُعطها أمةً قبلها، وذكر خامستها – عليه الصلاة وأفضل السلام -، حتى إذا كان آخر ليلة من رمضان نظر الله إليهم – تبارك وتعالى – فغفر لهم، فقال رجل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – كلا، ألم تر إلى العامل إذا وفى عمله أُعطي أجره؟ فهذه ليست ليلة القدر، إنها ليلة مُبارَكة، ليلة أمس ليلة المغفرة والعتق – إن شاء الله تعالى -، وصبيحة اليوم أيضاً صبيحة المغفرة والعتق والتجاوز – إن شاء الله تبارك وتعالى –، فالحمد لله.

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه كما يُحِب ربنا ويرضى، والحمد لله إذا رضيَ، والحمد لله بعد الرضا، عدد خلقه ورضا نفسه وزِنة عرشه ومِداد كلماته.

والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                                           (الخُطبة الثانية)

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقُرة عيوننا محمداً عبد الله ورسوله، وصفوته من خلقه، البشير النذير، والسراج المُنير، صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى أبد الآبدين.

أيها الإخوة والأخوات:

هذا اليوم هو الأول من شوال، هو عيد المُسلِمين، اختتم الله به رمضان، وافتتح به عيدهم، وافتتح به موسم حجهم، فهو يوم أيضاً مشهود بهذا الاعتبار، لأن الله يفتتح به موسم الحج للمُسلِمين، فهو يوم جليل.

ولا أنسى تذكير نفسي وإياكم وإياكن بوجوب المُسارَعة والحرص الشديد على أن نصوم – إن شاء الله تبارك وتعالى – ستة أيام من شوال، ليس شرطاً أن تكون في أوله أو في أوسطه، ما تيسَّر، وإن كانت مُتتابَعة كان أحسن، وإن فرَّقتموها جاز ذلك وحسن – إن شاء الله تبارك وتعالى -.

ستة أيام من شوال إذا يسَّر الله – تبارك وتعالى – لأحدنا أن يصومها كتب الله له صيام السنة، صيام سائر السنة! لأن الحسنة بعشر أمثالها، لأن الحسنة بعشر أو بعشرة أمثالها، فشهر وستة أيام، شهر بعشرة أشهر، وستة أيام بستين يوماً، أي بشهرين، فهذه سنة كاملة، هذه اثنا عشر شهراً.

ومن هنا معنى قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام – كتب الله له صيام الدهر، لأن مَن صام رمضان كل سنة وصام ستة من شوال كأنه صام العمر كله، صدق رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، لا يهلك على الله – تبارك وتعالى – إلا هالك، هذه متاجر الرب – تبارك وتعالى -، هذا معرض البضاعات الأُخروية، مفتوح لنا، ودلّال الحق – تبارك وتعالى – قائم على الطريق يُنادي، فهل مِن مُشترٍ؟ هل مِن مُشترٍ؟ هل مِن مُفاوِض يُفاوِض نفسه ويُفاوِض شيطانه؟ 

وأُوصي نفسي وإياكم وإياكن ألا نُمكِّن الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء أن يستلبا منا عوداً – أن يستلبا منا مرةً أُخرى – ما اكتسبناه في الشهر الكريم الجليل من فضل الله ومن نفحاته وبركاته.

يا إخواني وأخواتي:

ألم تشعروا ليلة أمس بحُزن عميق؟ ألم تشعروا بنوع من الحسرة وبنوع من التندم؟ ما سبب هذا الحزن؟ إن غير المُسلِم لا يستطيع أن يفهم سر هذا الإحساس، كيف يحزن الصوّام والصائمات على أيام التعب، على أيام الصيام، وعلى ليالي التهجد والقيام؟ إنه نصب وتعب ولو بوجه من الوجوه! لا يستطيعون أن يفهموا هذا المعنى، لماذا؟ لأنهم لا يُدرِكون أن رمضان كان شهر النفحات، شهر الإقبال، إقبال المولى الجليل – تبارك وتعالى – على عباده، ولا يدري أحد إذا أقبل الله على عبده ماذا يُريد أن يُعطيه، لا يدري أحد، لكن المُسلِمين الذين جرَّبوا هذا المعنى يدرونه بحمد الله، كلٌ منا يدري هذا المعنى بحسبه ووفق ما ألهمه الله وهداه – سُبحانه وتعالى -.

فبالله أيها الإخوة والأخوات استعينوا بالله – سُبحانه وتعالى – لكي تُواصِلوا طريق التوبة وطريق الأوبة وطريق العبادة والبُعد عن كل ما يقطع عن الله – سُبحانه وتعالى -، لعل الله – عز وجل – يرحمنا في هذه الدار، ويُعلي شأننا في الديار الأُخرى.

ونسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُعيد علينا وعلى أمة محمد – صلوات ربي وتسليماته عليه – رمضان وعيد الفطر وقد تحرَّرت فلسطين من رجس الصهاينة الغاصبين، وأعاد العراق إلى عزه وإلى أبنائه البررة المُجاهِدين وخلَّصه الله من رق الأمريكان المُجرِمين.

اللهم إنا نسألك أن تجعل تجمعنا هذا وتجمعات المُسلِمين تجمعات مرحومة، اللهم واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، اللهم لا تدع فينا شقياً ولا مطروداً ولا بائساً ولا يائساً ولا محروماً، بفضلك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تغفر لنا في صبيحتنا هذه مغفرةً عامةً شاملةً لكل ما تقدَّم من ذنوبنا يا رب العالمين.

اللهم تُب علينا حتى نتوب، اللهم تُب علينا حتى نتوب التوبة النصوح، اللهم اجعلنا من أوليائك الصالحين، ومن عبادك المُتقين، اللهم قوِ على طاعتك جوارحنا، واشدد على العزيمة جوانحنا، وهب لنا الجد في خشيتك ومُواصَلة طاعتك على الدوام حتى نعبدك عبادة المُخلِصين، ونُساكِن عبادك المُقرَّبين في جوارك يا رب العالمين، آمين اللهم آمين.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، وصل اللهم على مولانا محمد وعلى آله الطيبين وصحابته المُبارَكين.

تقبَّل الله مني ومنكم ومن سائر إخواننا المُسلِمين والمُسلِمات أعمالنا، وكل عام وأنتم بخير.

(25/11/2003)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: