إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

 أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولز وم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سُبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

 

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العظيم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ :

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ۩ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ۩ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ۩ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ۩ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى ۩ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ۩ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ۩ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ۩ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ۩ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ۩ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ۩ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالأُولَى ۩ فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ۩ لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى ۩ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ۩ وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى ۩ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ۩ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ۩ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى ۩ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:

إذا أجلتم النظر وغلغلتم الفكر في ما حولكم من الوجود المادي إن على مُستوى هذا الكوكب الأرضي أو على مُستوى الكونِ المشهودِ كلهِ بطوله وعرضه لن تجدوا أدنى أثر للشيطان وللحضور الإبليسي، لأن الشيطان ليس أكثر من مُفرَدة من المفرَدات فهو أحد مخلوقات الله – تبارك وتعالى – في هذا الوجود، لا سلطان له ولا سيطرة ولا هيمنة ولا دليل على وجوده وأثره في هذا الوجود المادي كلهِ بطوله وعرضه،فهذا الوجودُ كلهُ مُرصَدٌ للدلالة على مُبدِعه وصانعه وخالقه ومُنشيه – سبحانه وتعالى – ومن هنا تسميته بالعالم الذي يُجمَع على “عالمين”، فالعالم مُشتَقٌ من العلامة أو من العلم لأنه علامةٌ على صانعه – لا إله إلا هو – الذي قال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۩، فالله يتحدَّث عن الآيات، وكما قال أبو العتاهية:

وفِي كلِّ شيءٍ لَهُ آية ٌ                                  تَدُلّ على أنّهُ الواحِدُ

كل هذا الوجود عبارة عن آيات دالات على الصانع الحكيم والخالق المُدبِّر المُهيمن  الكريم – لا إله إلا هو – فالعالم مُعلِمٌ بهذه الحقيقة أو دلالة وعلامة عليها، ومن هنا اشتقاقه من العلم أو من العلامة، وهذه الزنة أو هذا الوزن الغريب “فَاعَل” يُطلَق للدلالة غالباً على الآلة مثل طَابَع وخَاتَم وعَالَم، فكأن هذا العالم آلة واسطة للدلالة على الله – تبارك وتعالى – لأنه مصنوع ومُهيأ بطريقة بحيث يدل على مُكوِّنه وصانعه، مع أن جمع عالم على عالمين ليس له نظير في اللغة العربية، فقط كلمتان في العربية جُمِعتا هذا الجمع  “عالم على عالمين، وياسم على ياسمين”، فقط كلمتان لا ثالث لهما.
إذن الشيطان لا حضور له، لا أثر له، ولا دور له يلعبه في الوجود المادي أبداً، فهو مُفرَدة من مُفردات الخلق، لكن الشيطان موجود وله أثر وله حضور في العالم الإنساني وفي الوجود البشري لأن هذه ساحته الأصيلة، هذا ميدانه العتيد الذي يلعب فيه ليل نهار وعلى مدى ألوف السنين وإلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها وتُطوى أو يُطوى بساط هذه الخليقة، فميدان النفس – كما قلنا غير مرة – الإنسانية هو الميدان الذي يصطرع فيه الرحمن والشيطان، يحضر فيه الحضور القدوسي والحضور الإبليسي، وهذا ما يحدث فيك وفيّ وفيها وفينا جميعاً وليس في الكون الخارجي، وكما نحس أو نشعر بالحضور الإلهي عميقاً جداً أحياناً – وهذا يتوقَّف على مدى عمق تجربتنا الإيمانية وعلى مدى وثاقة صلتنا بالله – تبارك وتعالى – ومدى خصوصية ووثاقة هذه العلاقة بالله – أيضاً في أوقاتٍ أخرى نشعر بمدى حضور بل هيمنة الحضور الإبليسي  – والعياذ بالله – في نفوسنا، ومن هنا أيضاً التناهي المُقلِق المهول المُريع والتفاوت البعيد اللافت المُثير بين آحاد البشر، بين الأفراد من الناس، فهناك تناهٍ عجيب لا نجد له مثالاً في غير هذه الخليقة، هذا التناهي وهذا التفاوت وهذه الحالة الاستقطابية موجودة أيضاً على مُستوى الفرد الواحد، أي فيك كفرد أيضاً وليس بينك وبين أخيك الإنسان، إذن حالة التناهي والاستقطاب والتفاوت البعيد بين الأفراد موجودة بين هذا وهذا، فيُوشِك أن يكون هذا ملاكاً في مسلاخ بشر ويُوشِك أن يكون ذاك – والعياذ بالله – شيطاناً رجيماً في شكل إنسان، وهذا شيئ عجيب رغم أن هذا إنسان وهذا إنسان.
في الحقيقة الذي بعثني على هذه الخُطبة وصلة – مقطع يوتيوب YouTube  – بعثها أحدُ أحبابي إلىّ وحرَّج علىّ أن أرى ما فيها، وأنا في الحقيقة من فترة ليست بالقريبة أتحاشى أن أُتابِع الأخبار في التلفاز لأنها في الحقيقة لا تُطالِعنا إلا بما يغم النفس ويُنكِّد العيش ويُنغِّصه ويُتعِب الأعصاب حقيقةً، فلا نكاد نُتابِع إلا عبر الشبكة العنكبوتية فقط الأخبار كرؤوس لكن لا نُحِب الدخول في التفاصيل فهذا شيئ مُتعِب جداَ، ونسأل الله أن ينتشل هذه الأمة من وهدتها وأن يرحمها برحمته الواسعة وأن يُبصِّرها بطريقها وأن يُلهِمها رشدها فالخطبُ عميم وعظيم، والله المستعان وحده – لا إله إلا هو – وعليه التوكلان، فدخلت على  اليوتيوب – YouTube –  فإذا هو يتعلَّق بحادثة المشفى الشهيرة التي وقعت في اليمن قبل أسبوعين تقريباً ولم أكن سمعت بها فكما قلت لكم أنا علاقاتي محدودة ولا أكاد ألتقى الناس إلا في هذا اليوم الكريم لأنني أنستُ بعزلتي، طبعاً قرأت كلاماً وتعليقات ووجدت شيئاً لا يكاد يُصدَّق علماً بأنني لا يهمني أن أعرف الخلفيات البعيدة أو القريبة التي تتعلَّق بسبب هذا الفعل وعلى خلفية انتقام ما فُعِل بهم أو بإخواتهم، كل هذا لا يهمني ولكن يهمني المشهد بحد ذاته، ويهمني من تفاصيل المشهد أن الذين قاموا بهذه الجريمة الشنعاء العمياء النكراء مسلمون مُوحِّدون من أهل لا إله إلا الله ومُلتحون أيضاً، وهذا شيئ لا يكاد يُصدَّق، فمن غير مُبالَغة حين رأيت هذا تمنيت أنني كنت مت، من غير مُبالَغة تمنيت على ربي – تبارك وتعالى – أن يكون أخذ روحي قبل أن أرى الإسلام يُفعَل به هذه الأفاعيل، لأن هذه الأفاعيل ليست فقط بالناس، بالبشر الأبرياء بل هذه الأفاعيل بالإسلام، ولكن يُمكِن أن ننظر إلى الجانب الإيجابي – لن أقول الجانب المُشرِق وإنما الجانب الإيجابي – لهذا الحدث المُروِّع، وكم له من أمثال في حياتنا اليوم هنا وهناك وهنالك ؟!
الجانب الإيجابي لهذا الحدث المشين، لهذا الحدث الإجرامي أن هذا الدين الذي يتدين به هؤلاء بهذه الطريقة تُطوى صفحته الآن بإذن الله – تبارك وتعالى – لأن هذا الدين

 إلى أفول، هذا الدين إلى اضمحلال، هذا الدين كفيل أن يجعل كل بشر يكفروا به، ولكن عن أي دين أتحدَّث؟!

عن دين هؤلاء، أي عن الدين كما يفهمه هؤلاء، ومنه هنا أقول لهم كونوا مُطمئنين أنكم أكدتم على الناس أن يكفروا بكم وبطريقة فهمكم للدين أياً كانت مُبرِّراتكم.

في قتال الكفّار المُعلِنين بالكفر والمُعلِنين بالحرب وليس عليك أو علىّ وإنما على الله ورسوله أيام رسول الله هناك شرف وهناك مباديء مرعية وهناك قواعد تُتبَع فلا يُقتَل إلا مَن يُقاتِل والنساء لا يُقتلن، والنبي غضب غضباً شديداً لما رأى امرأةً كافرة في ساحة الوغى مقتولة، غضب وقال “ما كانت هذه لتُقاتِل”، كيف قُتِلَت؟!

ونحن رأينا بأم أعيننا مَن هم لديهم اللحى ويفعلون أفعال إجرامية، حيث أتى أحدهم إلى طبيبة – طبعاً بلا شك هى أشرف من ملء الأرض من أمثاله إلى يوم الدين ونُشهِد الله على هذا وقد اشتعلت الحرائق في المشفى من كل جانب، ولم يعد هناك إلا أصوات التفجير وأصوات القتل وإطلاق الرصاص وتصفية الناس بالجُملة وبالتفصيل، لكن هذه الطبيبة لم تستطع إلا أن تقوم بواجبها حين رأت أحدهم يُنزَع ويُحتضَر فاقتربت منه لتُحاوِل أن تُقدِّم إليه ما يُمكِن من وجوه الإسعاف والعلاج، ولكن جاء – ما شاء الله – المُلتحي المُجاهِد في سبيل الله وضربها في رأسها بالرصاص، علماً بأنه يُمكِنكم أن تروا هذا مُصوَّراً وهذا من سوء حظهم ومُمكِن من حُسن حظ الإسلام والشباب وأبناء وبنات الإسلام لكي يروا هذا ولكي يعلموا أن عليهم أن يكفروا بهذه الطريقة في فهم الدين، فلا ندري على يد أي إبليس تربى هؤلاء وأي إبليس أو أي شيطان هو الذي غرس هؤلاء ومسح عقولهم، فكيف يُمكِن أن يُفهَم دين الرحمة وقرآن الرحمة وكتاب الرحمة على هذا النحو؟!

بعض الناس قال لي “أنا رأيت هذا أيضاً وأنا مُتأكِّد إذا العالمون رأوا هذا، إذا العالم كله رأى هذا فسيجد نفسه مدفوعاً أن يكره هذا الدين من أعماق أعماقه” فقلت له “بلا ريب” لأن هذا شيئ مُرعِب حيث تم قتل المرضى وتصفية المرضى وهم على أسرتهم  بالرصاص ولا فرق بين كبير وصغير، فتم قتل الناس بالجُملة والتفصيل، وهذا كله موجود في حوالي خمس دقائق ومُصوَّر بكاميرات المشفى التي التقطت صورة لأحدهم وقد أتى إلى جماعة وُعِروا وفُزِّعوا من هول ما يرون ويسمعون من القتل والتصفيات والانفجارات والحرائق فتجمعوا مع بعضهم فلما رأوه – وطبعاً هم يلبسون لباس الجيش لكي يتنكرون في خسة ما بعدها خسة لكن أحذيتهم – البيادات – واضح أنها أحذية رياضية وليست أحذية الجيش، وعُرِفَت هوياتهم بعد ذلك طبعاً وقُتِل أكثرهم وضُبِطَ بعضهم بعد أن أُلقيَ القبض على بعضهم –
استغاثوا به، فأتى بكل دم بارد كما يُقال – هذا هو الدم البارد والقتل بدم بارد الذي تسمعون عنه وقد رأيناه بأم أعيننا – وتقدم منهم  ثم استخرج قنبلة ورماها بينهم وذهب يعدو، فما هذا الإبليس؟!

ما هذا الشيطان؟!

هل أنت مَن تُحدِّثنا عن الدين وتُحدِّثنا عن الإسلام وعن الجهاد؟!

صدِّقوني أنا أيضاً كأنني مُوقِن أن هناك قوى كونية بالغة الشر وبالغة المكر هى التي تصنع هؤلاء على عينها وتتعمد أن تصنعهم على هذا النحو لأنها علمت وأيقنت أن هذا أقصر طريق لكي تكفر هذه الأمة بدينها، نعم أنا لا أكفر وأنت لا تكفر لكن أبناؤنا سيكفرون، الجيل الصاعد سيكفر وسيقول لك كذا وكذا في هذا الدين وفي هؤلاء المُتدينين، فهذا هو أقصر طريق إلى الإلحاد ومن ثم سيُلحِدون فضلاً عن أنهم يُلحِدون الآن، فشبابنا يرتمون في أحضان الإلحاد الآن، والحديث لم يعد عن مئات وألوف بل عن عشرات ومئات ألوف الشباب من هذه الأمة الآن بسبب هذه الأشياء!

كل الأمم تُظلَم، كل الأمم مرت بتجارب مظلومية، وكل الأمم أفرزت مَن يُناضِل ومَن يُكافِح من أجل الحقوق ومن أجل كشف ورفع المظلومية، لكن هناك شرف في القتال، شرف في النضال، شرف في الجهاد، فما هذه الخسة التي نراها؟!
هل مكتوب علينا أن نكون أخساء إلى هذه الدرجة الواطية بالذات نحن كمسلمين؟!

هذا غير معقول، فهذه الحادثة المُخيفة المُزلزِّلة الهازة الصادمة الساحقة الماحقة جعلتني أعيد النظر في الإنسان نفسه، وأول ما أُشفِق أُشفِق على نفسي لأنني من هذا القبيل، أنا من هؤلاء البشر أيضاً، وهؤلاء بشر ولهم عينان ولسان وشفتان ويمشون على قدمين مثلي تماماً ويقرأون كتابي وينتمون إلى نبيي وإلى ربي وهذا هو الشيئ المُخيف الذي يجب أن ننتبه له، فهل كان يُمكِن أن أكون مثلهم؟!

مُمكِن جداً!

هل كان يُمكِن أن تتدلى وأن تكون مثلهم؟!

مُمكِن جداً!
إذن هذه هى مسألةً الحضورين في الإنسان، فأنت مُهيأ لأن يحضر فيك الرحمن – لا إله إلا هو – ومُهيأ لأن يحضر فيك إبليس، فيُمكِن أن تكون عبداً ربانياً وأن تشعر بمعية الله – إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ۩ – حقاً معك وحضوره، وتشعر في لحظة مُعينة حين يتأكد هذا الحضور الإلهي معك – وهذا ليس في ساعة ولا في ألف ساعة ولا في يوم ولا في ألف يوم بل في أكثر من هذا – بأنه فعلاً لا حول ولا قوة إلا بالله، تصل إلى درجة تشعر فيها أنك لا تُبصِر إلا به ولا تسمع إلا به ولا تتكلم إلا به ولا تقوم ولا تقعد ولا تُفكِّر ولا تأكل ولا تشرب ولا تحيا ولا تموت إلا به – لا إله إلا هو – فتشعر مُوقِناً أن هذا الكون كله قائمٌ له – لا إله إلا هو -، وبهذا الحضور الإلهي تكون الآن أنت البركة، أنت العبد الرباني، أنت النور، أنت السرور لهذه الدنيا ولهؤلاء الأحياء، لهذه البشرية اللاغبة الساهية التائهة وهكذا، لكن يُمكِن تماماً في حالة أخرى أن يحضرك – والعياذ بالله – إبليس والشياطين، فالله قال في كتابه وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ۩ وعلَّمنا أن نتعوَّذ من أن يحضرنا الشياطين، أي من هذا الحضور الإبليسي، فيُمكِن أن يحضرك إبليس والشياطين فتغدو أو ينتهي بك الحال أن تكون شيطاناً رجيماً كالذين نسمع ونقرأ عنهم أيضاً صباح مساء في مصر وفلسطين والعراق واليمن والسعودية والكويت وفي كل أرض لله لكن هذه بلاد المسلمين والعُرب، فقبل أيام  دهس أحدهم والده الكبير في السن بالسيارة فقضى عليه، وذاك الذي احتاج إلى شيئ من مال فأتى إلى أبيه فأطلق عليه الرصاص وأخذ المال من خزنته، فخرج فرأى أمه فأطلق عليها الرصاص ثم هرب وضُبِط بالحدود، وهذا شيئ لا يكاد يُصدَّق، والله العظيم  – أُقسِم بالله على هذا – هذه الأشياء حين نقرأها أو نسمع عنها أشعر بالعار كإنسان من هذا الإنسان وأشعر بالرعب على نفسي، هل كان يُمكِن أن أكون أنا ذاك الإنسان؟!

يُمكِن، بل ودائماً يُمكِن هذا.
لذلك القضية ليست في هذه اللغة الخشبية، ليست في التثريب والنكير، ليست في الدعاء بالرحمة أو الدعاء باللعن، ليست في أن تعلوا أصواتنا بمثل هذه الكلمات، ولكن القضية في أن نُفكِّر على مُستوى البدايات،أي أن نكون فلاسفة لأن الذي يُفكِّر على مُستوى البدايات والمُقدِمات هو الفيلسوف فقط، والآن الفلسفة ليست ترفاً فنحن لا نتحدث عن فلسفة مذهبية نسقية، وإنما عن الفلسفة بهذا المعنى الذي  ننبش به أركيولوجياً لكي نصل إلى الأعماق فنُسائل البدايات والمُقدِمات كيف يُمكِن للإنسان بما هو إنسان – ليس هذا أو ذاك أو تلك وإنما الإنسان مُجرَّداً – أن ينحط إلى هذه الدرجة؟!
هل هو مُهيأ إلى هذا؟!

نعم هو مُهيأ، المُصيبة أنه مُهيأ ومن ثم يُمكِن أن يقتال أباه وأمه.

وقبل أيام أيضاً سمعنا عن الذي قتل أخاه ثم ثنى بأولاد أخيه على الرغم من أنهما الآن صغيران، لكن ربما حين يكبران يُطالِبان بالثأر فضربهما أيضاً فقضى عليهما، فذُبِحَ ولد صغير وبنت صغيرة في عمر أقل من خمس سنين على يد عمهما في دولة عربية مسلمة، فضلاً عن أولائكم النساء اللائي نسمع عنهن كل حين وآخر أنها ذبحت ابنها وقطعت أوداجه بسكين من أجل أن تستتم لحظة مُتعة مُحرَّمة مع عشيقها، وهذا يحدث في بلاد العُرب وفي بلاد المسلمين، فكل يوم والثاني نسمع عن أمثال هؤلاء وهذا شيئ لا يكاد يُصدَّق، وبعضهن مُحجَّبات أيضاً ومن هنا حرصت إحداهن في هذه اللحظة على أن تضع حجابها على رأسها، فأي مسخ وفهم ودين هذا؟!

ماذا نفعل نحن؟!

وانتبهوا أيضاً إلى أن للمشائخ والعلماء – أيضاً – والكبار والصحفيين والمُفكِّرين جرائمهم وخساساتهم ونذلاتهم التي تربو وتزيد عن هذه الأشياء، وهذا من قديم وليس من من اليوم، فهذا هو الإنسان الذي يُمكِن أن يكون فعلاً وبجدارة  شيطاناً أو أن يكون ملاكاً رحيماً وعبداً ربانياً يُذكِّر بالله – لا  إله إلا هو – كالذين إذا رُأوا ذُكِرَ الله عز وجل، ولكن مَن هم أولياء الله يا رسول الله؟!

أولياء الله من الوَلي والمُوالاة أي القرب، فالولي هو القريب، ومن ثم الأولياء هم الأقرباء والقريبون من الله، لكن كيف أعرف أنه قريب من الله؟!

إذا كان قريباً من الله فهو قريب إذن من النور ومن الرحمة ومن الجلال ومن الجمال ومن الكرم، لأن هذه صفات الله وطبعاً ستنعكس عليه ولذلك حين تراه يرق قلبك فأنت تذكر الله بمُجرَّد رؤيته، وطبعاً هؤلاء موجودون بفضل الله – كثَّرهم الله في هذه الأمة – ومن هنا نصيحتي – والله العظيم – لك “إذا وجدت مثل هذا شُد عليه يديك تماماً واتخذه أخاً وخِلاً وخليلاً وصديقاً ولو كان وحده واتركك من العالمين، لا تُبالي بالعالمين، لأن الناس غدوا مُخيفين جداً ومُرعِبين جداً جداً، فأنت تبحث عن الرباني فيهم وعن رجل الله فيهم ورجل الحق والصدق  كما تبحث عن إبرة – كما يُقال – في كومة قش كبيرة”، فما هذا الزمان الذي نعيش فيه؟!
فعلاً شيئ مُخيف وشيئ مُرعِب لأن في المُقابِل – أنا شخصياً أعرف بعض الناس على هذه الصفة التي ستسمعون والعياذ بالله – هناك بعض البشر – والعياذ بالله – لعنة حقيقية في شكل بشر، لا يُمكِن إذا اقتربت منه أو اقترب منك أن ينالك خير أو تلمس خيراً أو تشعر أو تحس بخير بل هو الشر فقط، وإن دخلت معه أي مدخل فهو العار والشنار والخسار، تخسر وتلحقك المعرة وتلحقك اللعنة، فأنت في لعنة حقيقية ولا يُمكِن إلا أن تكون كذلك لأنه عبدٌ بعيدٌ بعيدٌ جداً من الله، هذا عبدٌ من أولياء الشيطان، فالقرآن هو الذي قال أن للشيطان أولياء – فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ ۩ – كما أن للرحمن أولياء، فهناك أولياء الشيطان وهناك أولياء الرحمن، فلا تغتر بأنه من المسلمين وأنه من أهل لا إله إلا الله لأن هذه كلمات – والله – ليس أكثر، أقسم بالله أن بعض الناس يقول هذه الأشياء ككلمات لا يفهمها ولا يشعر بها ولا يعيشها، فهو – كما قلت لكم – مسلم فقط في البطاقة – بطاقة الهوية – ولكنه يعيش ويموت كافراً زنديقاً، ومن ثم من المُستحيل أن تكون المسألة مسألة عنوانات فقط، وفي المُقابِل قد تجد مَن تدعوه أنت وأنا كافراً لأنه غير مسلم وليس من أهل لا إله إلا الله ولكن يُومِن بأن الله موجود ويرعى هذا الكون وأن للناس في يوم من الأيام موقفاً بين يديه ولكنك ترى منه الشيئ عجيب، فلا ترى منه إلا الصدق وإلا البر وإلا الخير وإلا الرحمة، والله – تبارك وتعالى – هو الأعلم بمصائر هؤلاء، ويغلب على الظن أنهم أيضاً من أهل الله – تبارك وتعالى – وهم من أهل النجاة، فلا تغتر يا مسكين لذلك هو رب العالمين – لا إله إلا هو – لأن هذا الشيئ مُرعِب ويتعلَّق بالحضور القدوسي والحضور الإبليسي، يقول عليه الصلاة وأفضل السلام “إن للشيطان لمةً بابن آدم”،

فالشيطان لا يتركك ولا يُزايلك، فهو يدور ويدور باستمرار ثم يرجع لك، بل أحياناً يُعشِّش – والعياذ بالله – ويُقيم إقامة دائمة، لكن كيف أعرف أن هذه الحالة التي اعتورتني أو تعتريني حالياً هى حالة إبليسية؟!

جميعنا تعترينا حالات إبليسية، ومن ثم عليك أن تنتبه إلى أن هذه الحالة تعتريك في اللحظة التي تشعر فيها بالحقد وبالحسد وبالغيرة وبالرغبة في القضاء على أخيك، بالرغبة في أن يُقضى على ما هو فيه من خير ونعمة، فتكرهه وتُحاوِل أن تُوصِّل إليه شيئاً من ضر وتُحاوِل أن تُؤذيه ولو بلسانك، فإذا كنت هكذا فاعلم أنك في حالة حضور إبليسي، أنت الآن تلعب دوراً شيطانياً بل يُلعَب بك إبليسياً، أنت لُعبة إبليس الآن، فهذه هى الحالة الإبليسية طبعاً.
النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – كان جالساً مرة وأبو بكر الصديق يجلس ورجل آخر على ما يبدو أنه من الضعاف وقد يكون من المُنافِقين فجرت بينهما مُلاسَنة، حيث أن ذاك الرجل ينال من أبي بكر ويقول له أنت وأنت وأنت بسلاطة لسان وقلة أدب بمحضر رسول الله، فلم يكن عنده ثمة توقير حتى لنبيه، هذا إذا كان يعتق نبوته طبعاً لأنه قد يكون من المُنافِقين فعلاً، فلا يفعل هذا مسلم حق ومُؤمِن صادق، وأبو بكر ساكت لا يرد عليه، أما النبي فينظر ويتبسم، ولكن بعد أن سكت أبو بكر قال له أنت بك وبك وبك، فقام النبي طبعاً ورُأيَ عليه الكراهة لأن الوضع لم يُعجِبه، فقال أبو بكر كأنه شعر بظلم: يا رسول الله أنت سمعت ما كان يقول لي – أي أن الرجل كان يسبني وأنا سكت – فلما رددت عن نفسي – أي رددت بعض الرد فهو شيئ بسيط لا يُساوي عُشر ما أساء إلىّ – قمت أنت يا رسول الله؟!

قال له يا أبا بكر ليس هكذا – أي أن ليس هذا هو السبب – ولكن حين كان يسبك، ينال منك وأنت ساكت كان ملكٌ كريمٌ يرد عليه – أي أنه لا يرى هذا الملك الواقف على كتابه ويرد عنه – ويقول له بل أنت وأنت وبك وبك، لكن طبعاً الناس لا تفهم هذه اللغة الروحية، ويا حسرتاه اليوم على علماء المسلمين – طبعاً لا نتحدَّث عن الكل وإنما عن نفر خاص من علماء المسلمين وعلى بعض أبناء المسلمين – الذين صار ديدنهم السخرية من روحية وروحانية الإسلام وهم يعتبرون أن هذه دروشة، ولكن هذا غير صحيح لأن بلا هذه الروحانية وبلا هذه الدروشة لا إسلام، سينتهي دينكم وستنتهون أنتم إلى ملاحدة وزنادقة لأن هذا هو جوهر الدين، وهو أن تُدرِك أن هذا الكون كما له ظاهر له باطن، وباطن هذا الوجود يُدبِّره الله بقوانين أخرى تنتمي إلى عالم الروح وإلى عالم الغيب وليس إلى عالم المادة، ولكن إذا أصبحنا ماديين تماماً فما الفرق بيننا وبين الملاحدة أو بيننا وبين الزنادقة الذين يعلمون أكثر منا إذن فقال الله عنهم يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۩؟!

سأُوضِّح لكم كيف هذا، لأن هذه الروحانية هى الفرق بيننا وبين هذا الزنديق أو الكافر أو المُلحِد أو الشكوكي الذي لا يعترف بالله ولا بوجوده ولا بعنايته ولا بهيمنته، ومن هنا حين تخوض معه أو يخوض غيرك معه تجربة خصومة عليك أن تنتبه وأن تكون على حذر لأنه سيتوسل كل وسيلة مُتحامياً سطوة القانون فهو خطير جداً وسيلعبها بذكاء هو، هو لا يُريد أن ينتقم منك وأن يُدخِلك السجن بل يُريد أن يُدمِّرك ويُدمِّر عائلتك وأهلك وناسك وقبيلك ويبقى هو مُعزَّزاً مًكرَّماً، فلن  يتورع عن أن يركب أي مركب هو دون أن تطاله يده القانون وسيُؤذيك أذيةً بقدر ما يستطيع، فهو إنسان مُلحِد كافر لا يخاف الله – تبارك وتعالى – ومن ثم سيتكلم في عَرضك وسيطعنك في دينك وفي أمانتك بل سيفعل أي شيئ، وإذا أمكنه أن يتخلص منك بأي طريقة سيتخلص بل وسيبصق على قبرك أيضاً، فهذا شيئ عادي وطبيعي بالنسبة له لأنه من الكفار الذين لا علم له بالله –  يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۩ – على عكس المُؤمِن الذي يختلف عنه تماماً، فالمُؤمِن ما أحسنه؟!

لا تعرف حسن المُؤمِن إلا حين تُخاصِمه فتجده يتقي الله فيك لأن شعاره في نهاية المطاف هو شعار الأنبياء وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩ لأنه مُوقِن وعنده سكينة تُريحه ولا تُتعِبه بأن الله قائمٌ على كل نفسٍ بما كسبت وأنه رقيب وأنه يسمع ويرى وأنه سيُصفي الحساب بطريقته الخاصة – لا إله إلا هو – لأن الله قال إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ۩ وقال أيضاً وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ۩، فهذا هو المُؤمِن الذي لا يعلم فقط  ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۩، بل هو يرى ظاهر الدنيا من خلال باطن الغيب ومن خلال عمق الروح السارية في هذا الوجود، عمق الوجود الرباني.

لذلك أنا قلت لكم مرة على هذا المنبر نصيحة وأعيدها – وصدِّقوني وفكروا في هذه النصيحة – فيالها من نصيحة لنفسي ولكم: إياك يا أخي المسلم، يا أختي المسلمة أن تلعب مع أهل الله، مع أولياء الله، العب مع الأوساخ ومع الكذبة الكذابين لكن إياك أن تلعب مع أهل الله الذين هم أهله حقاً لأن الله ينتصر لهم وينتقم لهم، وستتحطم وستكون نهايتك – أقسم بالله العظيم  – أسوأ مما تظن يا مسكين، هذا هو ولذلك قال الرسول لأبي بكر له”الملك كان يرد عنك يا أبا بكر، فلما رددت عليه صعد الملك وحضر الشيطان، فلم أكن أُحِب أن أجلس في مجلس حضرة الشيطان”،

أي أن المجلس كله أصبح شيطانياً، ففي الأول في تعادل كان هناك نوع من التعادل بوجود ملك رحيم وفي شيطان رجيم ومن ثم سيغلب الملك ولذلك كان النبي جالساً، ولكن حينما غاب الملك وصعد أتى شيطان ثانٍ، فأصبح هناك شيطان عند الرجل وآخر عند أبي بكر، ولك أن تتخيَّل أن النبي يرى هذا، ولذلك هو نبيٌ ويتحدث بلغة النبوة ولغة الروح ولغة الباطن، فهذا هو المُؤمِن.

إذن يُوجَد حضور إبليسي وحضور قدوسي، وكما قال النبي “إن للشيطان لمةً بابن آدم” للملك لمة أيضاً، فالشيطان يُلِم والملائكة أيضاً تُلِم بابن آدم، ولكن كيف نعرف هذه الحالة؟!
قال الرسول لك “فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق”

إذن لمة الشيطان تكذيبٌ بالحق وإيعادٌ بالشر – والعياذ بالله – لأن الشيطان لا يُمكِن أن يقول لك “اتركها على الله، توكل على الله، الله – تبارك وتعالى – سينتصر لك، الله سيُغنيك من فضله، الله سيحق الحق بكلماته” أبداً، بل يقول لك “أنت انتهيت، قُضى عليك وسينتهي بك الأمر إلى السجن، ستُقتَل، ستفتقر، ستُذَل، ستفقد وظيفتك، ستتلوث سمعتك، هم قضوا عليك” ومن ثم تبدأتُفكِّر في الانتقام وتتساءل كيف ترد عليهم وتنتقم لنفسك بل وتبدأ تستنصر أيضاً بأعداء الله على أعدائك، وبالتالي تكون دخلت في مدخل من أسوأ ومن أبشع المداخل وأكثرها تلوثاً، إذن حضور شيطاني وهذه كانت حالة شيطانية إبليسية لديك، ولكن عليك أن تنتبه إلى أن هناك الحضور الرحماني فالرسول قال”وإن للملك لمةً بابن آدم”، وكيف يلم بنا الملك؟!

قال الرسول “وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق”، فأنت دائماً ما تُصدِّق ودائماً يكون لديك هذه الطمأنينة العجيبة وهذا الغنى بالله، فإن سألتم الله – تبارك وتعالى – فسلوه في ضمن وفي رأس ما تسألوه أن يُغنيكم به – لا إله إلا هو – فقولوا له “اللهم أغننا بك، اللهم أغننا بالافتقار إليك”، هذا هو الغنى الحق، فهناك أُناس لديهم الملايين ولديهم السُلطة النافذة ولكن – والله العظيم – ما ينبغي أن تحسدوهم ولا أن تغبطوهم – أُقسِم بالله على هذا – بل بالعكس هم أحرى أن ترثوا لهم وأن تحزنوا من أجلهم فحسابهم طويلٌ طويل لأنهم مِمَن لديهم السُلطة النافذة التي يتحكَّمون بها في عباد الله، وطبيعي أن يكون حسابهم طويلاً بغض النظر عن أحسنوا أم أساءوا، ومن ثم إما نجوا وإما هلكوا، فعلى كل الأحوال حسابهم طويلٌ طويل، لكن الذي حقه أن يُغبَط – ولا نقول بالحسد وإنما بالغبطة – هو ذاك الرجل الذي آتاه الله شيئاً من سُلطة أو من مال لكنه يُدبِّر هذا الشيئ – من السُلطة أو من المال – بأمر الله وفي رضا الله ولوجه الله، فوالله العظيم هذا الذي يُغبَط – أقسم بالله العظيم – وهذا الذي على كل واحد منا أن يتمنى أن يكون مثله، فأنا كلما سمعت أو قرأت عن المرحوم مصطفى محمود – رحمة الله تعالى عليه – أشعر بهذا، علماً بأنني أُحِب أن أتحدث عنه كثيراً  لأنه لم يعد عندنا أمثلة ونماذج كثيرة مثله حتى في رجال الدين وفي العلماء لكي نضرب بهم الأمثال، لذلك هذا عندي أرجح في ميزاني – وقد أكون مُخطئاً – من ألوف ألوف من أمثال هؤلاء، لأن هذا هو المُتدين الحق وهذا هو العالم الرباني، فمصطفى محمود ليس من علماء الدين الذين يشتغلون بالفقه وأصول الفقه وما إلى هنالك، فهو ليس له علاقة بهاته الأمور ولكنه يعرف جوهر الدين ومن ثم عاش به، الله منَّ عليه وفتح عليه وأوسع عليه فعاش ومات مُتقلِّلاً بل عاش بصدق زاهداً، عاش حياة الزهّاد، لكن لماذا نغبطه؟!

نحن نغبطه – ولا نقول نحسده – لأنه أقام مشاريع هامة، فأحد مشاريعه – بل هو في الحقيقة أكبر مشاريعه – كان يتكفل به ستين ألف أسرة شهرياً، فكيف لا أغبطه ولا أبكي فرحاً له؟!

والله العظيم يا هنيأً له، هو مات ومَن كان عندهم مليارات أيضاً ماتوا لكنه فعل ما لم يفعله الكثير من هؤلاء، فمصطفى محمود عُرِضت عليه الوزارة  أكثر من مرة أيام المرحوم السادات  – رحمة الله عليه – ولكنه كان يرفضها واعتبر أن هذا كله كلاماً فارغاً، فلم يقبل لا بوزارة الأوقاف ولا بوزارة الثقافة، لأنه يرى نفسه من مُفكِّري الأمة الذين يُفكِّرون من أجل أمتهم ودينهم وبالتالي كان يرفض الوزارة باستمرار حين كان تُعرَض عليه علماً بأنه كان صديقاً مُقرَّباً للسادات ويجلس معه بالساعات شهرياً ومع ذلك رفض السُلطة حين عُرِضَت عليه وآثر أن يُفكِّر لأمته وأن يُقدِّم لها شيئاً له قيمة، فضلاً عن أنه – ما شاء الله – يتكفَّل ستين ألف أسرة شهرياً، فوالله العظيم يا هنيأً له، هذا هو!
وهناك أيضاً العلماء القوّامون بالحق في التاريخ من أمثال أبي حنيفة، فأبو حنيفة طُلِبَ منه أن يشهد بالباطل وأن يقضي بالباطل ولكن الرجل رفض، فكان يُؤيّد أهل الحق وأهل الصدق ومن ثم كانت نهايته أن يُودَع السجن ويموت فيه، بل وقيل أنهم دسوا له السُم فمات مسموماً، فهذا هو أبو حنيفة – رضوان الله عليه – فهنيأً له وهنيأً لكل إمام قام بالحق وقال به – وَبِهِ يَعْدِلُونَ ۩ -، ولكن في المُقابِل أُشفِق على مثل الإمام الأوزاعي لأن صح عنه ما كتبه المُؤرِّخون فستكون مُصيبة، فوالله العظيم أُشفِق عليه جداً لأن كان هناك رجل في عصر الإمام الأوزاعي إسمه غَيْلان بن مُسْلم أو غَيْلان بن عبد الله  – مُختلَف في إسمه – الدِّمشقيُّ، وهو رجل مشهور ولكن مَن يقرأ علم العقائد الآن يقول لك أنه زنديق ومُهرطِق وهرطوقي وما إلى هنالك من أوصاف وهذا غير صحيح فالرجل ليس زنديقاً، لكن واضح أن الرجل كان من القدرية وكان ضد النزعة الجبرية التي يُبرِّر بها بنو أمية ظلمهم واضطهادهم للناس فكانوا دائماً ما يقولون أن الله هو الذي يُريد ذلك وهو الذي قضى به ومن ثم لا ينبغي أن يسير الناس ضد قضاء الله إلى آخر هذه النزعة جبرية، علماً بأنك لا يُمكِن أن تجد طاغوتاً أو حاكماً ديكتاتورياً مُستبِداً يُحِب النزعات القدرية ويقول لك أن كل إنسان مسؤول عن عمله رغم أن هذه نظرية قرآنية بديهية فالله يقول كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ  ۩ ويقول أيضاً وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۩  فضلاً عن الآيات الكثيرة التي قال فيها بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۩  وقال بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ۩  وقال أيضاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ۩،فهذا هو القرآن الذي يُؤكِّد عبر ألوف الآيات أنك مسؤول ومن ثم إياك أن تسمع للأكاذيب ولوساوس النفس أيضاً، فأنت مسؤول أمام الله شئت أم أبيت، ومن ثم الله لم يكذب عليك ولم يخدعك وأخبرك أنك مسؤول عن كل ما تأتيه وما تتركه وستُحاسَب عليه، وإلا فلتجعل مثل هذه السفسطاطات تنفعك يوم القيامة علماً بأنها لن تنفعك لأن الله يقول بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ۩، ومن هنا غَيْلان الدِّمشقيُّ كان هكذا، فكان يتحدَّث بمنطق المسئولية، فيقول أن المسئولية تبدأ من عند الخليفة ثم من عنده كعالم حتى تصل إلى أدنى شخص في الدولة، لأن الكل مسؤول، ومن قال “أنا كعالم سأُبريء ذمتي وسأقول ما أعتقد، سأرمي بما لدي في وجه السُلطة ووجه علماء السُلطة، وسأقول لهم لا تظلموا الناس ولا تأكلوا أموالهم  ثم تقولوا بعد ذلك أن الله قضى بهذا وأن الله أراد هذا”، ثم استتلى قائلاً ” أعوذ بالله أن أُجرِم في حق الأمة والدين هذه الجريمة وأن أكذب على الله”، أي أن السُلطة هى المسؤولة، ومن ثم أغضب السُلطة جداً مثل هذا المنطق التحريري التنويري للإنسان، لأنهم يُحِبون المنطق الجبري لأنه منطق اعتقالي، فهذا المنطق يعتقلك ويُجمِّدك ومن ثم يجعلك ترضى بكل هذا الظلم والعبث وتعتقد أن فيه الخير وأنت تُردِّد  أن الله هو الذي أراد هذا ونحن لسنا بأحكم منه، وتسير الأمور كلها على هذا النحو حتى تحدث الاستقالة التامة من الحياة.

لكن الخليفة الراشد المهدي فعلاً عمر بن عبد العزيز اتصل حبله بحبل غَيْلان وأُعجِب به لأن الرجل عنده منطق وعنده صدق فهو آمّار بالمعروف ونهّاء عن المُنكَر وقوّام بأمر الله تبارك وتعالى، ومن ثم حاوره في مسائل ثم قال له “أُريد أن أستعين بك على أمانة المسلمين”، فقال له” ولني  بيع المظالم، مظالم أعمامك وآبائك وأجدادك”، كأنه يقول أن بني أمية ظلمة، فإن أردت أن تستعين بي فليكن ذلك في رد المظالم، وذلك ببيع ما عندهم من قصور وأساور وخواتم وذهب وفضة وفصوص ومراكب وديباجات وأشياء تُقدَّر بالملايين، فقال له “هو لك”، أي أنه وافق على فعل هذا، فيرى الناس في يوم من الأيام غَيْلان الدِّمشقيُّ في السوق في دمشق وهو -سبحان الله – يبيع متاع بني أُمية، والناس تنظر إلى هذه الأشياء المُخيفة وتعجب، وعو يقول “هلموا، تعالوا إلى متاع الظلمة، تعالوا إلى متاع الخونة، هذه حقوق الأمة، هذه أموال الأمة التي خانوها وتغولوها”، والناس يرون هذا المشهد ثم يقول: مَن يعذرني – أي  مَن عذيري – من امريءٍ يزعم أن هؤلاء أئمة هدى وهذا متاعهم والناس يموتون جوعاً؟!

فهو يعجب مِمَن يقول عنهم أئمة هُدى ودين بل هم ظلمة والذي يُدافِع عنهم هو ظالم مثلهم، لذا قال: من امريءٍ يزعم أن هؤلاء أئمة هدى وهذا متاعهم والناس يموتون جوعاً؟!

والناس كانت مُتأثِرة جداً جداً وعمر بن عبد العزيز – رضوان الله عليه – كان مسروراً، ثم يمر أحد ظلمة بني أُمية الذي كان إسمه أحول بني أُمية وهو هشام بن عبد الملك الذي جاء بعد عمر، فنظر إلى ما يجري وقال “هذا يعيبني ويعيب آبائي – كما لو كان نبياً أو كما لو كان غيلان يُعيب الجناب المُقدَّس له ولآبائه – فوالله لئن أمكنني الله منه لأقطعن يديه ورجليه”، لأنه من الظلمة الذين يخافون على مصالحم وحيثياتهم من الضياع، وهذه هى المُشكِلة فالصراع بين الحق والباطل لا ينتهي، ومن ثم يموت عمر ويفر غَيْلان وصاحبه صالح إلى أرمينية ويبعث هشام بن عبد الملك في أثرهما فيُؤتا بهما وتدور مُناظَرة حامية بين هشام وبين غَيْلان الدِّمشقيُّ ولكن سيُفحِمه فيها غَيْلان، بل أنه كان يجبهه في وجهه بأنه خائن كآبائه وأجداده وبأنه ظالم وبأنه بعيد من ولاية الله وأن الله أكرم وأجل مِن أن يتولى مثله، وكل هذا يحدث في القصر أمام الناس وغيلان لا يخاف ويقول له أن هذه هى الحقيقة فيغضب الرجل، علماً بأن غَيْلان كان قد ألَّف كتاباً في الرد على الأوزاعي  الذي كان إماماً للمسلمين في بلاد الشام وكان عنده نزعة جبرية كنزعة بني أُمية بل كان من عمّال بني أمية وكان معروفاً بهذا لأنه كان يعمل عندهم ويُبرِّر الأشياء بالمنطق الجبري القائل بأن الله هو الذي أراد هذا وفعل هذا، ومن ثم ألَّف غَيْلان كتاباً في الرد على الأوزاعي ليُثبِت له أن هذا الكلام باطل وغير صحيح ومن ثم لا يُمكِن أن نُذنِب وننسب هذا إلى الله – تبارك وتعالى – لأن هذا الكلام غير معقول، فماذا فعل هشام بن عبد الملك طبعاً؟!

انظروا إلى ما سيحدث علماً بأن يُسمى التذرع أو الذريعة حيث أن هناك العشرات – صدِّقوني – من علمائنا وثوارنا وأحرارنا قُطَّت وقُطِعَت رؤوسهم في تاريخنا – والله – بإسم أنهم زنادقة ومُرتَدون ومُهرطِقون وملعونون ومدسوسون ولكنهم كانوا – صدِّقوني – نبلاء هذه الأمة وكانوا أحرار هذه الأمة، ولكن في كل مرة كانوا يُقتَلون بإسم أنهم زنادقة وهراطقة، ولا أُنكِر وجود بعض الزنادقة الحقيقيين الملاعين ولكنني أتحدَّث الآن عن الأحرار والنبلاء من أمثال هذا الرجل، فهذا لا يُمكِن أن أعتقد أنه كان زنديقاً أو هرطوقياً، مُستحيل أن يكون غَيْلان كذلك، هذا كان رجلاً صالحاً فرحمة الله تعالى عليه.
فقال له هشام بن عبد الملك “نأتيك بمَن يُناظِرك” وهو الأوزاعي طبعاً لأنه خصمه في العقيدة، فأتى الأوزاعي وجرت مُناظَرة سخيفة – من أسخف ما قرأت في حياتي – يرويها مُؤرِّخ الشام : ابن عساكر – أبو القاسم بن عساكر  – في تاريخ دمشق، حيث قال “يا غَيْلان اختر إما أن أُورِد عليك سبعاً أو خمساً أو ثلاثاً”، فقال له “هات لي ثلاثاً”، فقال له “قضى الله على ما نهى عنه”، فهو كان يتحدَّث بكلام غريب وألغاز، ومن هنا قال له أنه لم يفهم كلامه ومن ثم هذه لا ينبغي أن تكون مُناظَرة، فقال الأوزاعي” فحال دون ما أمر به”، فرد عليه قائلاً “هذا أشد علىّ من الأول”، أي أنه لم يفهم ماذا يقول، فقال الأوزاعي “فحرَّم شيئاً ثم أحله”، فقال أنه لم يفهم شيئاً فضُرِبَت عنقه وقيل عنه زنديق، فما هذا التلاعب بالدين؟!

وفي الحقيقة طبعاً ابن عساكر قرمَّط القصة، فهو لم يأنر بضرب عنقه فحسب بل أخرجه وصاحبه – هشام بن عبد الملك  – من باحة القصر إلى الخارج وأمر بقطع أيديهما وأرجلهما، ولك أن تتخيَّل هذا فكل جريمة هذا الرجل أنه قال للظالم أنت ظالم وقال للناس عليكم أن تنتبهوا وأن تقوموا للحق وتعدلوا به فأنتم مسؤولون أمام الله، فقط هذه هى جريمته ومن ثم عُدَّ مُشاغِباً لأن هذا يُزعِج السُلطة جداً ويُشوِّش ويُعكِّر حالة النوم العام في الأمة، وبالتالي قُطِعَت الأيدي والأرجل – يا إخواني – وعُلِقَ.

فقال هشام بن عبد الملك  للأوزاعي “يا إمام هات لي ما عندك، أنت قلت ثلاث كلمات ولم نفهم شيئاً”، فقال له أن قضاء الله على ما نهى عنه يعني أن الله – تبارك وتعالى – نهى آدم عن أن يأكل من الشجرة ولكنه أكل منها فقضى عليه بهذا”، وهذا هو طبعاً المنطق الجبري ومن ثم كان هذا من أسخف النقاشات لأن فيه مُصادَرة على المطلوب، فمَن قال لك أن آدم لم يأكل إلا بحريته واختياره، آدم أكل باختياره ولذلك الله – تبارك وتعالى – آخذه على فعلته وسماها معصية، فحاشا لله أن يكون الله أرغمه على هذا ثم يُسميها معصية ويقضي عليه بخروجه من الجنة، هذا الكلام يُعَد كذباً في دين الله ، ومن ثم هذا – والله العظيم – شيئ مُزعِج، ثم قال له “أمر بشيئ وحال دونه تعني أن الله أمر إبليس بالسجود لآدم ولكنه منعه منه”، وهذا كلام فارغ ومع ذلك يُصدِّق هو وجماعته وهشام عبد الملك – الأحول هذا – أنهم افحموا غيلان بهذا الكلام، فهل الله هو الذي منعه من السجود يا أوزاعي؟!
ما هذا الكلام الفارغ؟!
هذا مُصادَرة على المطلوب، فكان عليه أن يُثبِت هذا، فليس هكذا يكون النقاش!
ثم قال الأوزاعي في الثالثة”حرم شيئاً ثم أحله تعني أن الله حرَّم الميتة والدم ولحم الخنزير إلا ما اضطررتم إليه –  قال الله فَمَنِ اضْطُرَّ ۩ – ومن ثم أحله بعد أن حرَّمه”، فما هذا العبث بالدين الذي أدى إلى قتل رجل داعية حرية وفكر وتنوير وتحرير مثل غَيْلان بهذا الكلام الفارغ؟!
أنا لا أدري كيف سيُواجِه ربه الأوزاعي وغير الأوزاعي، فهذا هو الفرق بين العلماء من أمثالي أبي حنيفة في جانب وأمثال الأوزاعي في الجانب الآخر، فحتى على مُستوى الأئمة هناك فرق كبير كالذي بين السماء والأرض.

بعد ذلك يعطش المسكين صالح – صديق غَيْلان  – عطشاً شديداً فيستسقي، فيقول له بعض أهل الشام الحاضرين “لا والله لا نُسقيكم شيئاً حتى تشربا من الزقوم”، فيلتفت غَيْلان الدِّمشقيُّ – رضوان الله عليه – إلى صاحبه صالح  ويقول له “يا صالح لإن كان هؤلاء صدقوا فيما قالوا فإن ما نحن فيه ليسيرٌ جداً إلى جانب ما نصير إليه من عذاب الله وغضبه – أي إذا كان فعلاً كلامهم صحيح وإحنا من أهل النار فهذا التقطيع لا شيئ بالنسبة لما سيحدث لنا – ولإن كذب هؤلاء فيما قالوا يا صالحُ فإن ما نحن فيه ليسيرٌ جداً إلى ما نصير إليه من روح الله ونعيمه ورضوانه، فاصبر فإنما هى ساعة  ثم نرد على الرحمن”، لكن صالح فارقته الحياة قبل أخيه غَيْلان فمات، فحرفه ببدنه إلى القبلة وصلى عليه من غير أيدي فتأثر الناس ثم قال “قاتلهم الله، كم من باطلٍ أحييوه وأظهروه، وكم من حقٍ أماتوه، وكم من عزيزٍ بالله أذلوه، وكم من ذليلاٍ بمُعاداة الله أعزوه” فجعل الناس يبكون، ولكن هناك مَن دخلوا على هشام وقالوا له “قطعت يديه ورجليه وتركت لسانه فقد أبكى الناس حوله”، فأمر بقطع لسانه، فجاءه الجلّاد وقال “اخرج لسانك”، فقال “ما كنتُ لأعين على نفسي”، فكسروا فكيه واستخرجوا لسانه ثم قطعوه ومات إلى رحمة الله، إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۩

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

(20/12/2013)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: