بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المُرسَلين سيدنا محمد بن عبد الله النبي الأمين وعلى آله الطيبين وصحابته الميامين، ربنا افتح علينا بالحق وأنت خير الفاتحين.

سيداتي، سادتي:

أُحييكم جميعاً بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، في البداية أود أن أُؤكِّد أن هذا المسعى والمنشط العلمي هو إنساني بدرجة أولى، ومما يبعث على السعادة والطمأنينة أنني سمعت قبل أن آتي إلى هذا المُلتقى من أحد الإخوة أنه قال بلهجة الحامد الشاكر وبلهجة النادم المُتحسِّر إنه قد أجرى في العام الماضي عملية ختان إلى ابنته حين نزل إلى بلده العربية المُسلِمة، أما بقية بناته فهو يحمد الله حمداً كثيراً أنهن قد أُنقِذن بحمد الله – تبارك وتعالى – من أن تُجرى عليهن هذه الجراحة المقبوحة.

أيها الإخوة:

لكي أُدلِف إلى موضوعي بشكل عميد ورئيس أود أن أقول سأتحدَّث أولاً في مُقدَّمة سريعة عن موقف الإسلام من الجسد كلاً – جسداً وروحاً – وعن موقف الإسلام من المُتعة، وأعني المُتعة الجسدية أو المُتعة الجنسية، وبالذات المُتأكِّدة كحق للمرأة أيضاً كما هي للرجل، ثم سأتكلَّم بعد ذلك عن الختان كتصور سريع، لأن الحُكم على الشيئ فرع تصوره، وقد كفتني الآنسة سيمونا أعتقد جُزءاً كبيراً من مؤونة هذا الحديث، بعد ذلك أُثلِّث بتبيان الموقف الفقهي من هذه القضية ومُستنَدات هذا الموقف الفقهي التي سنُجري لها حساباً، سنُناقِشها الحساب هذه المُستنَدات الفقهية، وسنخلص إلى نتيجة تقتضيها الصرامة المنهجية، ليس الهوى وليس الغرض وليس شيئاً غير ذلك أو دون ذلك، وفي النهاية نُريد أن نُحوصِل ونُركِّز ونُلخِّص موقفنا إذن من هذه القضية، لأن هذا الموقف لا ينبغي أن يكون موقفاً أخلاقياً محضاً يكتفي بالتنديد أو بالإعراض أو بالاستنكار، لابد أن يتحوَّل إلى مسعى عملي حقيقي لوقف هذه الجريمة المُستدامة، التي كما سمعنا من آنسة سيمونا تقع كل يوم بمُعدَّل ستة آلاف حالة، ستة آلاف حالة يومياً! إذن هي جريمة دائمة أيها الإخوة والأخوات.

أولاً فيما يتعلَّق بموقف الإسلام من الإنسان فهو يتعاطى مع هذا الإنسان في كُليته، يأخذه روحاً وجسداً مرةً وجُملةً واحدة، التناول الإسلامي للإنسان لا يقبل التفكيك، والإسلام – نقولها بوضوح – يرفض اختزال الإنسان إلى مُجرَّد جسد، ويرى في ذلك تخفيضاً – أي Reduction – لهذا الإنسان، كما أنه في نفس الوقت يرفض اختزال الإنسان وتخفيضه إلى محض روح، ونحن سنقول كلمة، لا نُجازِف بل نُقرِّر حقيقة الموقف الإسلامي مُلخَّصاً بهذه الكلمة، حقيقة الموقف الإسلامي يُمكِن أن تُلخَّص بهذه الجُملة: إن مَن يُجازِف بالتنكر لجسده ورغائبه وأشواقه في نهاية المطاف سيقع ضحيةً لهذا الجسد، باختصار! مَن يتنكَّر ويُجازِف بالتنكر لجسده ورغائبه وأشواقه وغرائزه سيقع شاء أم أبى ضحيةً لهذا الجسد ذاته، هذه واحدة.

ثانياً بالنسبة للمُعاشَرة الجنسية في إطار مُؤسَّسة الزواج، وبعد ذلك بالنسبة لنيل مطلب اللذة أو المُتعة الجنسية، موقف الإسلام جد واضح كما أنه جد مُتفتِّح أيضاً، سانت أوغستين Saint Augustine أو القديس أوغستين Augustine – ذو الأصل الجزائري، صاحب مدينة الله والاعترافات – وصف اللذة الجنسية – بعد أن أجرى مُراجَعةً دقيقةً لكي يعترف بأنها خطأُ البشرية لا خطأ الرب سُبحانه وتعالى – بأنها شيئٌ (مُقرِف)، أما اللاهوتي القرطاجي مثلاً – والاستشهادات كثيرة لكن نكتفي بهذا – ترتليان Tertullian فقد وصف المُتعة والبهجة الجنسية بأنها شيئ يهبط بمُستوى إنسانية الإنسان، في المُقابِل الإسلام يقول بوضوح إن التبتل والرهبنة والانقطاع عن تلبية أشواق وحاجات الجسد ليست طريقاً إلى الله، بل وُجِدَ من علمائنا كالإمام أحمد وهو أحد الأئمة الأربعة مَن كان يقول إن كبار المُتزهِّدين والسائرين إلى الله كبشر بن الحارث الحافي – مثلاً – ما كان ينقصهم وقصَّر بهم دون بلوغ منزلة الكمال هو عدم الزواج، قال لو تزوَّج بشرٌ لتم أمره، إذن هو ناقص من حيث يطلب الكمال، فموقف الدين من التبتل ومن الرهبنة والانقطاع عن تلبية أشواق الجسد الغرزية – وأعني الجنسية بالذات – موقف واضح.

لا أُريد الآن أن أسوق الأدلة والشواهد التي تُؤكِّد على حق المرأة في المُعاشَرة الجنسية، لأنها واضحة جداً، وكثيرة في القرآن والسُنة، إنما أُريد أن أدخل إلى ما هو أكثر حساسية للأسف في شعور وفي تصور بعض الناس من هذه النُقطة، حق المرأة في المُتعة الجنسية، هل المرأة لها حقٌ في الاستمتاع الجنسي أم حقها فقط يقف عند حدود المُعاشَرة الجنسية بمعنى أن تُقدِّم نفسها ميداناً سلبياً لمُتعة الرجل الزوج؟ كلا،الإسلام أيضاً يُقرِّر أن حق المرأة في الاستمتاع الجنسي حقٌ وفق القواعد الشرعية أعظم من حق الرجل، وستستغربون الآن! لماذا؟ لأن القاعدة الشرعية تقولالخراج بالضمان طبعاً، والنعمة بقدر النقمة، هذه أيضاً من قواعد الشرع! الخراج بالضمان، والنعمة بقدر النقمة، إن لم تكن هذه القاعدة واضحة فستكون واضحة لدى التطبيق، بمعنى أن المرأة هي التي ستتحمَّل تبعة هذا الوقاع أو هذه المُعاشَرة الجنسية، حبلاً أو حملاً وولادة، إذن من باب أولى أن يكون حقها في الاستمتاع الجنسي مُؤكَّداً أكثر من حق الرجل، لأنها هي التي ستتحمَّل تبعة هذا اللقاء وتبعة هذه المُعاشَرة المشروعة، نحن نتحدَّث على الأقل إلى الآن في إطار المشروع بلا شك ونحن مُلتزِمون به نظراً وعملاً.

النصوص – أيها الإخوة والأخوات – في القرآن الكريم وسُنة محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام – كثيرةٌ جداً، القرآن يُكني – لا يستخدم لُغة التصريح ويُكني – عن المُعاشَرة الجنسية في آيات كثيرة بالمس واللمس، وبحسب علم الجنس – السكسولوجي Sexology – الحديث المُعاصِر نعلم أن المس واللمس هو عنصرٌ مُهِمٌ جداً في تهييج المرأة وفي استثارتها وفي إمتاعها، فكأن القرآن يقول لنا لا حقيقة للمُعاشَرة إن لم تكن مساً وإن لم تكن لمساً، وهذه مُقدِّمات المُعاشَرة، وهذا أسلوب جد ذكي من القرآن الكريم يتلطَّف به إلى فتح أعين وبصائر الناس إلى هذه الحقيقة التي يحتشمون التصريح بمُقدَّماتها وآثارها أيضاً.

في آية أُخرى أعجب الله يقول نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ۩، كالأرض التي تُحرَث، وأنتم تعلمون وتعلمن أن الأرض لا تُحرَث إلا بعد أن يُقلَّب كل شبر فيها، فلابد أن تأخذ حظها من التقليب والتهوية، وكذلكم جسد الزوجة، لابد أن يُقلَّب بالكامل كما تُقلَّب الأرض، بعض الناس لم يأخذ من هذه الآية إلا الإشارة الإعجازية إلى ما يُعرَف بالعامل المُحدِّد للجنس Sex-determination factor، لا! هي أبعد من ذلك، إنها تتحدَّث إذن عن مُقدِّمات الوقاع أو المُعاشَرة الجنسية، ثم يقول نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۩، واستطلاع سبب نزول هذه الآية يُؤكِّد لنا باختصار أن الآية تُريد أن تفتح أُفقاً وسيعاً أمامنا رجالاً ونساءً لكي نتفنن ونفتن كما يُقال في اصطناع فنون المُعاشَرة الجنسية، الله يقول  فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۩، أي لا تلتزموا وضعية – Position – واحدة، لا تلتزموا وضعية واحدة! كل الوضعيات مسموح بها ما دام ذلك في صمام واحد، أي في القُبل، أي في موضع واحد، أما الوضعيات فهي عملية مفتوحة تماماً، ثم تقول الآية ثالثاً – وهذا كله في شطر آية، في جُزء من آية – وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۩، والتقدمة هنا ما معناها؟ بحسب ما نفهم من سياق الآية وموضوعها وبحسب ما جاءت الأحاديث الكثيرة التي نوَّرت مقصد الآية نفهم أن وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۩ هي مُقدِّمات الوقاع أو ما يُعرَف بالــ Foreplay actions، ما يصطنعه الرجل والمرأة كلاهما قبل هذه العملية، وهذه الأشياء جُزء من العملية ذاتها، الله يقول  وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۩.

النبي المُحمَّد – عليه الصلاة وأفضل السلام – يقول لا يقعن أحدكم على أهله كما تقع البهيمة، أي بسرعة من غير مُقدِّمات، لأن من حقها أن تستوفي حظها من المُتعة والاهتياج والاستثارة المُباحة التي هيأتها لها القدرة الإلهية باصطناع أعضائها وجسمها كالرجل أيضاً على سواء وفق صيغة مُعيَّنة، وليجعل بينهما رسولاً، أي Messenger، واسطة! قالوا ما الرسول يا رسول الله؟ قال القُبلة والمُداعَبة، وفي رواية القُبلة والكلام، الكلام! لأن المرأة تعشق بأُذنيها، المرأة تعشق بأُذنيها وتُستثار بأُذنيها أكثر من باصرتها، لابد من الكلام الجميل، هناك حديث رائع آخر أخرجه أبو يعلى الموصلي، الحديث الأول أخرجه الديلمي وهذا أخرجه أبو يعلى، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – ليُصدِق أحدكم زوجه قبل أن يأتيها، بمعنى ليُعطيها صدقة، ما المُراد بالصدقة؟ هدية، هدية صغيرة! الرسول يُريد – أيها الإخوة والأخوات، السيدات والسادة – أن يجعل من كل مُناسَبة جنسية ومن كل عملية اتصال حميم كما تُسمى ليلة زفاف بحيالها، كل مرة هي ليلة زفاف! كل مرة لابد أن تكون ليلة زفاف، فقدِّم لها هدية، افتح مغاليق قلبها، توسَّل إليها في البداية حتى تُحِبك وحتى ترضى وحتى ترغب في هذا الشيئ، مُقدِّمة! قال ليصدقها، من الصدقة! واسمعوا تتمة الحديث: فإن قضى حاجته فلا يُعجِلها قبل أن تقضي حاجتها، عجيب! إعجاز عجيب من رسول الله عليه السلام، يعلم أن خط المرأة كما يُقال هو منحنى، أي Curve بالإنجليزية أو Kurve بالألمانية، أما خط الرجل فهو خط مُستقيم ينكسر في لحظة، معروف هذا! الرجل يبلغ ما يُعرَف بدرجة الإنعاظ – أي Orgasm بالإنجليزية أو Orgasmus بالألمانية – سريعاً، مُعظَم الرجال! أما المرأة فلا تبلغها إلا في شكل مُنحنى Curve، والنبي يعلم هذا! يقول إذا انتهيت قبلها فلا تقم عنها، أعطها الفُرصة حتى تقضي هي حاجتها، لأن حقها في المُتعة مُؤكَّد كحق الرجل، بل جعل النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – إغضاء الرجل عن مُراعاة هذه النُقطة الحساسة علامة على أنه عاجز، ليس جنسياً بمعنى Impotence وإنما هو عاجز في افتنان أساليب إمتاع زوجته، وهذا العاجز إن أصر على عجزه فهو أناني في نهاية المطاف، رجل أناني، أي Egoistic! النبي قال ثلاث في الرجل من العجز – يكون عاجزاً، ليس كيساً، ليس ذكياً، وليس لطيفاً -، ومنها أيها السيدات والسادة أن يأتي أهله فيقوم عنها قبل أن تقضي حاجتها، قال هذا عجز، فلا تكن عاجزاً أيها الرجل، كُن كيساً!

ولذلك نحن نُفسِّر الحديث المُخرَّج في الصحيحين – حديث جابر بن عبد الله – كالآتي، والحديث فيه شاهدان لها بخصوص نُقطة الإمتاع والتلذاذ، النُقطة الأولى: النبي قال له هلا بكراً تُلاعِبها وتُلاعِبك؟ ليست المسألة مسألة ميكانيكية، هناك مُلاعَبة وهناك مُضاحَكة، ثم قال له وأنت تقدم – أي تأتي – على أهلك الليلة يا جابر فالكيس الكيس، العلماء فسَّروها بطلب الولد ولا داع حتى لترجمة هذا التفسير، المُهِم تفسيرات ليس لها وزن حقيقةً، التفسير المُتعيَّن للكيس الكيس عليك أن تتوسَّل بالوسائل التي تُحقِّق لزوجك المُتعة واللذاة المشروعة، عليك! لكي تكون ماهراً وتنفي العجز عن نفسك.

أيها السيدات والسادة:

نساء المُسلِمين – وأقول هذا بالذات للنساء – كُن أكثر جراءة من نساء المُسلِمين اليوم وأكثر تفتحاً، اسمعوا واسمعن فقط هذا الحديث المُخرَّج في الصحيحين، في البخاري ومُسلِم! جاءت زوجة رفاعة القرظي – امرأة تزوجها صحابي اسمه رفاعة القرظي – تشتكي زوجها، اسمعوا مضمون الشكوى في البخاري ومُسلِم، وأبو بكر شاهد وسعيد بن العاص شاهد، تقول يا رسول الله كنت عند ابن عبد الرحمن بن الزُبير – في الأول كانت مُتزوِّجة بعبد الرحمن بن الزُبير – فطلَّقني وبت طلاقي – أي طلَّقها طلاقاً نهائياً – فتزوَّجني رفاعة القرظي وليس عنده إلا مثل هُدبة الثوب، كناية عن لين وارتخاء عضوه، أي تقول هذا الرجل ليس مُناسِباً لي، لا يُحدِث عندي الإشباع، في البخاري ومُسلِم! حديث صحيح، يندر أن يتحدَّث به الخُطباء على المنابر، يستحيون! لكن هذه المرأة تحدَّثت بهذا أمام الرسول وأمام أبي بكر الصديق وسعيد بن العاص، فسعيد يقول لأبي بكر يا أبا بكر انظر ما تقول هذه المرأة لرسول الله، عجيب! هذه امرأة جريئة جداً، امرأة واعية وتُطالِب بحقها، لأن هذا حقها، تُطالِب بحقها بوضوح! هذا الرجل لا يصلح، فالنبي فهم مقصدها وقال تُريدين أن تعودي إلى ابن الزُبير؟ أي إلى الزوج الأول؟ لأن الآخر تزوَّجك فتظنين أنك أصبحتي حلال الأول بعقد شرعي، قالت نعم، قال لا، حتى يذوق عُسيلتكِ وتذوقي عُسيلته، بمعنى كناية عن الدخول، لابد أن يتحقَّق الدخول، التحليل لا يكون بغير دخول، لابد من زواج حقيقي كامل، أي الزواج الثاني، والشاهد الثالث هنا أن النبي كنى عن الجماع بالعُسيلة، مُصغَّر قطعة العسل، فالجماع إن لم يكن عسلاً فلا خير فيه، سيكون عملية ميكانيكية لا تُساوي شيئاً، النبي يقول عُسيلة.

لذلك قد يستغرب بعضكم أن النبي – عليه السلام – كان أستاذاً في هذا الفن مع زوجاته، كيف كان ذلك؟ الوقت لا يتسع، هناك أحاديث كثيرة جداً جداً وصحيحة وحسنة تُؤكِّد أنه كان أستاذاً في هذا الفن، ويُعلِّم الناس أيضاً أن يكونوا أساتيذ ومهرة في فن اللقاء والمُعاشَرة الزوجية، إذن حقٌ للمرأة بلا شك، لو جئنا إلى كلام الفقهاء أيها السيدات والسادة فيما يتعلَّق بموضوعنا لوجدنا أن الفقهاء ذكروا بوضوح أن رجلاً لو تعدى على امرأة فقطع شفريها – أي الــ Labia، سواء الــ Labia minora أو الــ Labia majora، أي الشفتين الكُبريين أو الشفتين الصُغريين، طبعاً الشفتان الصُغريان –  الــ Labia minora – أهم في العملية الجنسية وأكثر حساسية، على كل حال هذا ربما نأتي عليه لاحقاً – ففيهما الدية كاملة، كأنه قتلها خطأً! لو قتلها خطأً الدية كاملة مع أشياء أُخرى طبعاً، ولو قطع شفريها الدية كاملة! ليس هذا الشاهد فقط، الشاهد أنهم قالوا مُعلِّلين لهذا الحُكم – لماذا يجب أن يدفع الدية كاملةً؟ قالوا الآتي – لأن قطعهما يمنعها من اللذة، يُصبِح هناك جماع بلا لذة، مُصيبة! الفقهاء يُدرِكون أن هذا مُصيبة، ونحن نُؤكِّد بمُمارَساتنا المقبوحة للأسف الشديد ودفاعنا عنها أن التذاذ المرأة هو جريمة وعلامة على شيئ غير حميد وينبغي أن نحول بينها وبين أن تخبر هذه اللذة أصلاً في يوم من الأيام، كارثة! كارثة وجريمة حقيقية في حق المرأة، أنا أتحدَّث هنا على الأقل ع الختان في صوره البشعة المُتطرِّفة، كالــ Infibulation وما شاكل ذلك، الأخت كفتني الحديث عن النماذج – Types – الأربعة للختان، وأسوأها الثالث والرابع، كلها سيئة! لكن أسوأها – الأكثر سوءاً – الثالث والرابع، فالفقهاء علَّلوا ذلك بأنه يمنعه اللذة.

الإمام ابن جُريج – رحمة الله عليه – فيما يرويه عبد الرزّاق الصنعاني يقول اجتُمِعَ لعمر بن عبد العزيز، ما معنى اجُتمِعَ؟ أي اجتمع عنده العلماء على هذا الرأي، هذا معنى هذا الاصطلاح، العلماء اجتمعوا وأجمعوا في مجلس عمر بن عبد العزيز على هذا الرأي، على ماذا أجمعوا؟ على أن في العفلة الدية كاملة، ما معنى العفلة؟ نتوء أو تدرن يُصيب قُبل المرأة من جراء ضربة، إذا ضُرِبت ضربة مُعيَّنة وصار عندها مثل هذا النتوء الشائه ففيه الدية كاملة، وعلَّلوا لذلك بماذا؟ قالوا لأنه يمنعه اللذة، لا تمتنع عملية الجماع لكن اللذة لا تقع الآن، بسبب ما يُعرَف بالعفلة، بهذا النتوء الكبير! الشافعي أيضاً نقل عنه ابن حزم أنه قال في العفلة الدية كاملة، إذن الفقهاء كانوا واضحين في هذه النُقطة أيها الإخوة والأخوات.

نأتي الآن لأن الوقت يُطارِدنا بسرعة إلى مسألة ثانية، إلى مسألة الختان، الحُكم على الشيئ فرع تصوره، بعض الناس حين يتحدَّث عن الختان يقصره أو يختزله فيما يُعرَف بختان السُنة، وهو قطع جُزء بسيط من أعلى البظر Clitoris، جُزء بسيط! أُحِب هنا قبل أن أستطرد أيضاً أن أفتح مُزدوَجين لأُسجِّل مُلاحَظة مُهِمة جداً (لو عُدتم إلى مُدوَنات الفقهاء لوجدتم أن كل الفقهاء وفي جميع المذاهب لم ينصح أحد منهم صراحةً على أن الذي يُقطَع هو جُزء من البظر أبداً، وكل كلامهم يُمكِن أن يُفهَم منه أن الذي يُؤخَذ منه ويُقطَع هو الجلدة، أي الغشاء البسيط الذي يُغطي البظر، هذا الغشاء Prepuce، اسمه Prepuce كما يعرف الأطباء، هذا الــ Prepuce نأخذ منه جُزءاً بسيطاً، وهو يُغطي ماذا؟ يُغطي بالذات حشفة البظر، أي الــ Clitoral glans أو الــ Glans clitoris، يُغطيها! تماماً كما هو عند الرجل، هذا هو العدل، حين نختن الرجل هل نقطع جُزءاً من عضوه؟ أبداً، إنما نقطع الجلدة التي تُغطي الحشفة، أي رأس العضو، وكذلك عند المرأة كما قال الفقهاء، وهذا تقدم، يُعتبَر الفقهاء مُتقدِّمين كثيراً وبعيداً عن المُسلِمين المُعاصِرين الذين يُدافِعون عن الختان دون أن يفهموا ما هو أصلاً).

أيضاً أُحِب أن أُسجِل مُلاحَظة أُخرى قلقة، أقلقتني حقيقةً! ما هي؟ (بعض العلماء قديماً وحديثاً وبعض كبار الأئمة والعلماء يتحدَّثون عن القضية دون أن يستصحبوا معهم تصوراً علمياً دقيقاً لها)، وسأضرب مثالاً بفقيه عظيم جداً بل هو أمير المُؤمِنين في الحديث في عصره، وهو الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري، شارخ البخاري المُتوفى في ثمانمائة وأربع وخمسين هجرياً، عجيب! لاحظت عند هذا الرجل الجليل وهو من كبار أئمتنا بلا ريب في ثلاث مُجلَّدات من الفتح حين تعرَّض لضبط وتفسير مُصطلَح أو لفظة البظر – Clitoris – قال في المُناسَبة الأولى البظر هو ما يبقى بعد قطع العضو من المرأة، الذي يبقى اسمه البظر! وهذا غير صحيح، في الموضع الثاني في مُجلَّد آخر قال البَظْر – بفتح الباء وتسكين الظاء المُشالة – هو محل القطع من الأُنثى، المحل أو المكان الذي يحدث فيه القطع اسمه البظر وليس العضو! وهذا غير صحيح، أصاب في المرة الثالثة، انتبهوا! قال البظر هو العضو الذي يُؤخَذ منه – أي ما يُقطَع منه – عند ختان الإناث، فإذا كان فقيه وإمام وعلّامة كبير ولُغوي – وابن حجر هو تَلميذ الفيروزآبادي صاحب القاموس، تتلمذ عليه شخصياً – لا يستصحب وعياً علمياً واضحاً بهذا الشيئ الذي يتحدَّث عنه فأنا إذا سأتراجع وأكع مُباشَرةً وأقول أنا آسف، لا أستطيع أن آخذ منك الآن نصيحة فقهية أو حتى تصويراً فقهياً للمسألة، لأن الحُكم على الشيئ فرع تصوره، لذلك أيضاً سأستطرد واسمحوا لي واسمحن لي أيضاً لكي أقول على الفقيه قبل أن يتكلَّم في هذه المسألة أن يسأل علماء التشريح وعلماء وظائف الأعضاء وعلماء الجنس، ويقول لهم أعطوني فكرة واضحة، ما هو هذا العضو الذي يُقطَع منه أو يُقطَع من طرطوره، أي الــ Prepuce؟ وما معنى الشفرين أو الشفتين الصُغريين والشفتين الكُبريين؟ ما الفرق بين المهبل والفرج؟ ما هو الدهليز؟ وما هو العُنق؟

إذن بالتحديد نقول على الفقيه قبل أن يُدلي بدلوه بين الدلاء كما يُقال عليه أن يعود إلى أهل الاختصاص، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ۩، استصحبوا معكم المثال الذي أوردته عن الحافظ العظيم ابن حجر العسقلاني، هذا ابن حجر! فكيف بفقهاء العصر؟ لن أنقل لكم ماذا قرأت وماذا سمعت من فقهاء العصر، شيئ يُضحِك الثكلى ويُبكي الموتى، لن أتكلَّم! والأمر لا يتسع للأسف الشديد، لأن بعض الناس يقول أفتى فلان وكتب فلان وقال فلان، المسألة ليست بالأشخاص، المسألة بالتحقيق الصحيح الراجح للمسائل علمياً، وبصرامة منهجية لا تقبل المراء ولا المُجامَلات، لابد أن يعود الفقيه إلى العلماء ذوي الاختصاص ليسألهم، ما هو البظر؟ وهل هو عضو زائد مثل الزائدة الدودية – Appendix – ومن ثم يُمكِن تحت أي سبب أن نقطعه ونتخلَّص منه؟ ما وظيفته؟ ما دوره؟ ما الغرض منه؟ لماذا حبا الله المرأة بهذا العضو؟ إلى آخره، إلى آخره!

سيأتيكم الجواب مُختَصراً، الوقت لا يتسع للتفصيل، هذا العضو مثل عضو الرجل تماماً، المنشأ – التركيب التكويني والمنشأ الجنيني – واحد، لكنه يقف عند المرأة في مرحلة مُعيَّنة ولا يتطوَّر، ويستمر التطور في الرجل إلى مرحلة أبعد، فقط! وهذا العضو يُشبِه عضو الذكر تماماً أيضاً ويُغطى بهذا الغلاف – Prepuce – كما يُغطى أيضاً عضو الرجل، وفي رأسه بل فيه كله – هو كله أصلاً – نهايات عصبية شديدة التحسس، شبكة أعصاب قوية جداً جداً، أكثر مما عند الرجل بثلاثة أضعاف على الأقل! هذا العضو الصغير شديد الحساسية، يتمتع بشبكة أعصاب ونهايات عصبية تجعله أكثر تحسساً من عضو الرجل ثلاث مرات أو ثلاثة أضعاف، والعلماء الإخصائيون – أي المُختَصون – يقولون ليس لهذا العضو وظيفة إلا الإمتاع الجنسي، الله خلقه لكي يُعطي المرأة إشباعاً وإمتاعاً ولذة جنسية، الله – عز وجل – هو الذي خلقه لذلك، مخلوق لذلك أصلاً، هو مخلوق لذلك!

وأما الشفران الصغيران – أي الــ Labia minora – فهما أيضاً يتحسسان لكن أقل من تحسس البظر، تحسسهما أقل من تحسس البظر! لكنهما الأكثر تحسساً بعد البظر، للجس أو اللمس أو التناول باليد، الرجال للأسف – هذا موجود عند الرجال العرب كثيراً – يظنون أن أهم نُقطة في هذه العملية هي عُنق الرحم في قعر مهبل المرأة، وهذا غير صحيح! بل هذه المنطقة تقريباً معدومة الإحساس، ولو كان فيها إحساس لماتت المرأة عند الوضع، تموت! الله جعلها معدومة الإحساس حتى لا تموت المرأة من الألم في ساعة الولادة، هذا غير صحيح! هذا ليس مكان المُتعة الذي يُعطي المرأة فُرصتها في الالتذاذ كالرجل، طبعاً بعض الناس قد يستغرب هذا الكلام ويستغرب هذا الطرح من أصله، لكن سنقول له لا تكن أنانياً، وسل نفسك يا رجل لو حُرِمت أنت هذه المُتعة ماذا سيكون موقفك؟ كيف ستستحيل حياتك هماً وكمداً وسوداوية؟ من حق المرأة كالرجل على قدم سواء بل قلنا في المُقدِّمة أقوى من حق الرجل أن تحصل لها المُتعة واللذة حتى تشعر بالارتواء والإشباع في إطار مُؤسَّسة الزواج، نحن نُصِر على ذلك!

إذن الشفران الصغيران لهما وظائف، وأيضاً الشفران الكبيران لهما وظائف أُخرى أقل أهمية في العملية الجنسية، لكن لهما أهمية أيضاً في مسألة الولادة، ولهما أهمية أيضاً في توسيع الفرج مع الشفرين الصغيرين، وأشياء أُخرى كثيرة! ولذلك أعتقد بعد أن نفهم وظائف هذه الأعضاء التي خلقها الله بها ولها سنتوقَّف كثيراً قبل أن نُدلي برأي في استحسان قطع جُزء أو قطع البظر كله أو غض الطرف عن قطع كل الأعضاء وتشويه المرأة جنسياً ونفسياً – وبعد ذلك طبعاً مسلكياً للأسف الشديد – علينا أن نتوقَّف طويلاً، لابد أن نتوقَّف طويلاً، فلنُفض الآن أو ليُفض بنا الحديث إلى الموقف الفقهي – أيها الإخوة والأخوات – والأدلة التي يستند إليها وعليها.

الموقف الفقهي باختصار هكذا: أكثر الفقهاء قالوا ختان الإناث ليس مُستحَباً حتى، إذا تقول مُستحَب أو مندوب أو سُنة – إذا تغاضينا عن التفرقة – فهذا الشيئ لا بأس به وجيد، لكنهم قالوا لا، أقل من ذلك قالوا، لا يرتقي إلى درجة أنه سُنة، أقل! أقل من سُنة، ما هو؟ اصطلاح مُفرَد Unique، ليس له مثال في كل المُدوَنة الفقهية، أنا لم أجد في أي مُناسَبة أو في أي موضوع فقهي آخر شيئ يُسمى بالمكرمة إلا في ختان البنات، قالوا هو على الرجال فرض أو واجب وللنساء مكرمة، ما معنى مكرمة؟ لدينا الحلال ولدينا الحرام ولدينا الواجب ولدينا المُستحَب ولدينا المكروه ولدينا العفو عند بعضهم، أين تُوجَد مرتبة المكرمة؟ قالوا شيئ أقل من مُستحَب، أقل من مندوب، وأقل من سُنة! اسمه مكرمة، واستندوا في ذلك إلى حديث الآن سيأتيكم القول فيه – إن شاء الله – وفي تخريجه، هل حديث صحيح أو ضعيف؟ وما قصته؟ هذا قول أكثر الفقهاء، الشافعية فقط هم الذين قالوا ختان الإناث واجب، الشافعية! الحنابلة – الفتوى عند الحنابلة – قالوا ليس بواجب، طبعاً بعض الناس لا يعرف أن ختان الذكور أيضاً ليس واجباً عند كل العلماء، أكثر العلماء كعدد أن ختان الذكور سُنة، المالكية قالوا سُنة، الأحناف قالوا سُنة، الشافعية والحنابلة قالوا فرض أو واجب، هذا ختان الذكور! ختان الإناث الشافعية فقط هم الذين قالوا إنه واجب، وليس عندهم أثارة من دليل، ليس عندهم أثارة من دليل ولا دليل بين أيديهم، سنقول هذا الآن!

فهل ختان البنات فعلاً سُنة؟ وهل ثبت هذا في الدين؟ ربما هذه الفقرة هي الأكثر أهمة للحاضرين والحاضرات في هذا الموضوع في مُحاضَرة اليوم، أولاً إذا بدأنا بالكتاب العزيز فليس هناك أي دليل في القرآن الكريم على الختان بشكل واضح، لا ختان الذكور ولا ختان البنات، فلنتغاض إذن عن هذه النُقطة.

بالنسبة للسُنة هناك حديثان مشهوران عند العامة، انتبه! الشهرة قد تكون عند علماء الحديث وقد تكون عند عامة الناس، هناك حديثان مشهوران عند عامة المُسلِمين، لكن عند العلماء لا وزن لهما، الحديث الأول ويعرفه الكل – الكافة – هو حديث أم عطية الأنصارية الذي أخرجه أبو داود السجستاني في آخر كتابه السُنن، في آخر شيئ! وقبل الباب الأخير ببابين فقط، أخرجه أبو داود بإسناده عن محمد بن سعيد بن حسان عن عبد الملك بن عُمير عن أم عطية الأنصارية، واضطُرِب فيه، أي في إسناده! لأن قيل مرة أن أم عطية هي التي قيل لها النبي ذلك، رواية أبي داود تقول لا، أم عطية تروي هذا، أن النبي قال لختّانة، أي لأمراة أُخرى وليس لأم عطية، وهذا اضطراب في السند واضح طبعاً، المُهِم سواء قال النبي لأم عطية في بعض الروايات أو أم عطية تروي أن النبي قال هذا لامرأة أُخرى ختّانة قال لها لا تُنهكي، في روايات أُخرى أشمي ولا تُنهكي، فإنه أسرى وفي رواية أنور وفي ثالثة أضوأ للوجه، وأحظى للبعل، وفي رواية أحب للزوج أو أحب للبعل، والفقهاء بذكائهم فسَّروا هذا وبعضهم كان واضحاً، قال أشمي أي خُذي من أعلى الجلدة التي تعلو إذن العضو، أي خُذي من الــ Prepuce وليس من العضو نفسه، انتبهوا!

الذي كان يحدث – لم يكونوا جرّاحي تجميل – أنهم كانوا يأخذون الموسى أو الشفرة ويقطعون هذا الجُريب أو هذا الغشاء بالطول، وهذا موجود في الكُتب! فإذا قطعوه بالطول جار هذا القطع على جُزء من البظر، وفي هذا جناية وخطأ كبير، كان يحدث هذا! اليوم لو أراد أحدهم أن يُطبِّق هذا الختان بالوصفة الفقهية الدقيقة فإنه لابد أن يأخذ من الجلدة بشكل دائري ودقيق، وهذا يحتاج إلى جرّاح تجميل لصغر البظر، لأنه بوصة واحدة تقريباً، إنش Inch واحد! فلابد أن يكون بشكل دائري ودقيق جداً، عملية تجميلية لا يستطيعها حتى كل طبيب عادي، تحتاج إلى جرّاح تحميل، ونحن حتى لنا موقف من هذه القضية، لكن أنا أقول لكم الواقع، ماذا تقول كُتب الفقه وكُتب العلم؟

فنأتي الآن إلى هذا الحديث: أشمي ولا تُنهِكي أو لا تَنهَكي، من أنهك أو نهك، من نهك لا تَنهَكي، من أنهك لا تُنهِكي، هل هذا الحديث صحيح؟ انتبهوا، لا تسألوا عدنان أو سُفيان أو زيداً أو عمر، أبو داود نفسه الذي خرَّج هذا الحديث ماذا قال؟ قال وهذا الحديث لا يصح، لأن فيه محمد بن حسان، ومحمد بن حسان لم يعرفوه، مجهول! شخص مجهول لا نعرفه، هل هو صادق أو كاذب أو زنديق أو قدّيس أو إبليس؟ لا نعرف عنه أي شيئ، حديث فيه مجهول مُباشَرةً يُرَد، لا نستطيع أن نعتمد عليه، ووافق أبا داود على تجهيله لمحمد بن حسان الإمامان ابن عدي والبيهقي، قالا نعم مجهول، وخالفهم – أي خالف الثلاثة – الإمام العظيم المقدسي رحمة الله عليه، فقال بل هو الزنديق المصلوب في الزندقة، ليس مجهولاً، لا! لأن المجهول هوكوفي،اما الشامي فقال أحمد قتله المنصور وصلبه في الزندقة، فأسوأ وأسوأ! أي إذا كان هو محمد بن سعيد بن حسان الكوفي وهو مجهول فالحديث ضعيف، إذا كان هو الزنديق الكافر فالحديث لا قيمة له أصلاً، فالحديث لا يصح! لكن هذا الحديث رُويَ وله شواهد أُخرى كلها لا تخلو من مطعن ولم تزده إلا ضعفاً، ولذلك ضعَّف أحاديث ختان البنات – انتبهوا الآن، احفظوا هذه الأسماء حتى تحتجوا بها – من الأئمة كل مَن تصدى لهذا الأمر: أبو داود، ابن عدي، ابن عبد البر حافظ المغرب – رحمة الله عليه – في التمهيد، البيهقي – أبو بكر البيهقي – في السُنن الكُبرى وفي معرفة السُنن والآثار، وضعَّفها الإمام ابن حجر العسقلاني، لأنني قرأت لبعض المُعاصِرين للأسف الشديد (مَن كذب على ابن حجر) وزعم أن ابن حجر قالوللحديث طريقان يتحسَّن بهما، يشهد أنه لم يقل هذا، لا في التلخيص الحبير ولا في غيره، لأنه عزاه إلى التلخيص الحبير، وقد عُدنا غير مرة إلى التلخيص الحبير المُحقَّق تحقيقاً جيداً، ابن حجر لم يقل كلمة من هذا، ابن حجر ضعَّف الحديث وضعَّف أيضاً طرقه، لماذا هذا الكذب على العلماء؟ هذا شيئ يسوءنا ويُسقِط مصداقية الباحث العلمية، ابن حجر ضعَّفه! ابن المُنذِر – أبو بكر بن المُنذِر مُجتهِد الشافعية في عصره رحمة الله عليه، وهو من المُتقدِّمين – قال لم يصح في هذا الباب – ختان البنات – لا خبر يُرفَع ولا سُنة تُتبَع، أبداً قال! لا يُوجَد أي شيئ، هذا ابن المُنذِر، وكذلك الشوكاني وهو من المُتأخِّرين أيضاً، الحافظ العراقي – شيخ الإمام ابن حجر العسقلاني – ضعَّف أحاديث ختان البنات، كل العلماء المُختَصون في علم الحديث ضعَّفوا هذا الحديث.

يقول لنا بعض الناس هناك حديث آخر أنت ألمعت إليه، وهو حديث الختان واجب في الرجال ومكرمة للنساء، ويرويه بعضهم مكرمة في النساء، لا علينا! المُهِم هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مُسنَده والإمام البيهقي – رحمة الله عليه – في السُنن الكُبرى، وآفته عنده – عند مَن أُخرجه، هم قالوا هذا، قالوا هذا آفته – حجّاج بن أرطاة أو بن أرطأة القاضي الكوفي النخعي الذي كان صدوقاً – هو صدوق – لكنه كان كثير الخطأ والتدليس، هذه مُصطلَحات ربما لا يحتاجها كل الناس، لكن المُهِم كثرة الخطأ من هذا الإمام القاضي وكثرة التدليس – المُهِم هذا مُصطلَح ولا نُريد أن نشرحه – يُسقِط حديثه مُباشَرةً، وقد اضطرب فيه اضطراباً شديداً، يرويه مرة عن أبي المليح بن أُسامة بن عُمير عن أبيه أُسامة بن عُمير عن رسول الله، اضطرب فيه! ويرويه مرة عن أبي المليح بن أُسامة بن عُمير عن شدّاد بن أوس، ويرويه بطريقة ثالثة ورابعة نفسه، فهذا اضطراب شديد، ويرويه مرة عن مكحول عن أبي المليح، وهذا شيئ غريب جداً، ومرة عن أبي أيوب وليس عن أُسامة ولا عن شدّاد، فيه اضطراب شديد، لذلك قال الحافظ ابن عبد البر هذا الحديث مداره على حجّاج، وليس حجّاج مِمَن يُحتَج به إذا انفرد، قال متروك، معروف! لذلك رُفِضَ هذا الحديث، له طريقان أُخريان أو طريقتان أُخريان، وطريق تُؤنَّث على الأفصح وتُذكَّر فتقول طريق أُخرى، هناك طريقان أُخريان: الطريق الأولى عند ابن عدي والطريق الثانية عند أبي بكر البزّار، لكن رواية البزّار فيها مندل بن عليّ وهو ضعيف عند كل علماء الرجال، فهي طريقة لا تُنهِض الحديث، وأنت تعلم أنه لكي يشهد لك لابد أن يكون أصدق منك، أليس كذلك؟ أو أعدل منك، إن كان مثلك كيف يشهد لك؟ لا يزيدك إلا ضعفاً، ولذلك العلماء قالوا الحديث إذا كان ضعيفاً لا يتقوَّى – احفظوا هذه القاعدة – بمُجرَّد كثرة الطرق، كثرة الطرق أحياناً تزيده وتُؤكِّده أنه ضعيف، تزيده ضعفاً وتُؤكِّد ضعفه! لكن متى تكون؟ إذا جاءت طرق أحسن من الطريق الضعيفة، نعم قد ترتقي به، وهذا ما لم يحدث في هذين الحديثين فانتبهوا، لذلك لا تغتروا بتصحيح الشيخ الألباني – رحمة الله عليه – من المُعاصِرين، لأن طريقته للأسف التي التزمها في أكثر تصحيحاته هي أنه يُصحِّح بكثرة الطرق مع إغفال هذا الشرط، وهذا الذي أُخِذ عليه منهجياً مِمَن مارس هذا العلم وحذقه، على كل حال هذه قضية أُخرى، فطريق الإمام أبي بكر البزّار فيها مندل بن علي وهي ضعيفة، وطريق الإمام ابن عدي فيها خالد بن عمرو القرشي وهو أضعف من مندل، فالحديث لا يصح، انتهى!

إذن لا مُتمسَّك لنا في هذين الحديثين، انتهى! لا يقل لنا أحد حديث أم عطية أو الحديث الآخر، وطبعاً بعض الناس يقول هناك حديث أم حبيبة الذي ذكره شيخ الأزهر العلّامة المرحوم جاد الحق رحمة الله عليه، طبعاً ينبغي أن تُلاحِظوا أن الفقه لا يعني العلم بالحديث، هناك فقهاء كبار جداً معرفتهم بالحديث مُزجاة، بعضهم حتى لا يُحسِن تخريج الحديث، مُجرَّد التخريج لا يُحسِنه! لذلك لا الشيخ جاد الحق ولا مَن أتى بعده ولا مَن أتى قبله ذكر مخرج هذا الحديث، لم يحدث أن أحداً منهم ذكر مخرج هذا الحديث، أعني حديث أم حبيبة، هل تعرفون لماذا؟ لأنه لا مخرج له، غير وارد في أي كتاب حديثي، وقطع بذلك العلماء، حديث أم حبيبة – مُهاجِرة – أن النبي قال لها يا أم حبيبة – هذا في المدينة – هل الذي كان في يدك لا يزال في يدك؟ أي الصنعة ويقولون كانت ختّانة، فقالت نعم، فأوصاها بأن تخفض ولا تُنهِك، الحديث! الحديث ليس له مخرج أصلاً، أي لا خطام ولا زمام، هكذا حديث في الهواء، فلا قيمة له، لا تغتروا به!

نُحاوِل أن نُحوصِل بسرعة، هناك مَن يحتج – أيها الإخوة والأخوات – بأن النبي قال إذا التقى الختانان – وهذا حديث صحيح، في الصحيحين – قد وجب الغسل، إذا التقى الختانان! لا حُجة في هذا، هل تعرفون لماذا؟ لأنه جارٍ على عادة العرب في التغليب ورد الأدنى إلى الأعلى والأثقل إلى الأخف، يقولون القمران، أي الشمس والقمر، بدل أن نقول الشمس والقمر نقول القمران، العمران: أبو بكر وعمر، الظهران: الظهر والعصر، الجديدان… وهكذا! هذا اسمه تغليب، وإلا – وهذه معلومة أعتقد مُهِمة، وقد راجعت بنفسي بحمد الله – القواميس والمُعجَمات العربية الوثيقة جداً بدءاً من العين للنضر بن شُميل وأستاذه الخليل مروراً بالجمهرة لابن دُريد، وأيضاً مررت على المُحكَم والمُحيط الأعظم لابن سيده والمُخصَّص وهو مُعجَم موضوعي لابن سيده أيضاً رحمة الله عليه، كما مررت على قاموس الفيروزآبادي، كل هذه المُعجَمات والقواميس ذكرت قولاً واحداً: الختان موضع القطع من الذكر. نُقطة! وليس من الأُنثى، أي النبي يقول ختان الأُنثى – ختانها – للتغليب، هذا للتغليب ضمن قوله الختانان، فقد غلط على العربية مَن زعم أن ما عند المرأة يُسمى ختاناً، هذا خطأ لم يُورِده إلا ابن منظور في لسان العرب نقلاً عن أبي منصور مُحتَجاً بالحديث، فهذا خطأ للُغة، المسألة ليست سماعية، إنما اجتهادية في اللُغة وأخطأ فيها أبو منصور الأزهري رحمة الله عليه – فتنبَّهوا، هذه نُقطة دقيقة جداً.

إذن هذا لا حُجة فيه، الأعجب والذي يُضحِك أن بعض الناس يحتج بقول حمزة بن عبد المطلب الذي وقع شهيداً في أُحد للمُشرِك سباع حين برز له، قال سباع – والحديث في الصحيحين – هل من مُبارِز؟ فنهد – أي نهض ووقف – له حمزة وقال يا سباع يا ابن أم أنمار مُقطِّعة البظور، قالوا حُجة! حُجة ماذا؟ هل أم أنمار حُجة لنا في الشرع؟ هذا سمعته من علماء كبار للأسف يكتبون ويُحاضِرون! ما هذا؟ نحن لا نُنكِر أن الختان كان معروفاً في الجاهلية ومُورِس في الإسلام لكن يبدو بصيغة يُمكِن أن نُسميها الختان الرمزي، أي قطع جُزء من الــ Prepuce فقط، وبالمُناسَبة – سأقول هذا وبعض المُتخصِّصين ربما قرأ هذا – أنا قرأت بعض المراجع العلمية في علم السكسولوجي Sexology التي تقول بعض حالات البرود الجنسي عند المرأة تُعالَج بقطع جُزء من الــ Prepuce، فيُصبِح عند المرأة مزيد شهوة، انتبهوا! أنا أقول على تقدير صحة الحديث وهو لم يصح أن هذا ما أراده النبي، لو صح هذا ما أراده النبي عليه السلام، هل تعرفون لماذا؟ كل مُتزوِّج يعلم أن المُشكِلة الأزلية بين الزوجين أن الزوج سريع الإنعاظ – أي يصل إلى الذروة بسرعة، إلى الــ Orgasm – والمرأة بطيئة الإنعاظ، أليس كذلك؟ فيحدث ما يُعرَف بالإنكسار في الذروة، وهذا يعمل مشاكل كبيرة للزوجين وخاصة للمرأة، أليس كذلك؟ فالنبي يُريد بذكاء عجيب ووحي إلهي ربما أن يُعالِج هذه المسألة – لو صح عنه – فيقول يُؤخَذ من هذه الجلدة حتى تزيد شهوة المرأة، ليس كما يقول الجهلة حتى نقتل شهوتها، لا! حتى تزيد قليلاً، ويُختَن الرجل لكي يُبطيء قليلاً، وختان الرجل يُؤدي إلى تبلد الحشفة عنده، تتبلَّد وهذا معروف، بالاحتكاك والتعرض للهواء دائماً والمياه تتبلد، فربما يُؤدي هذا إلى أن يُبطيء قليلاً، هذا مُجرَّد اجتهاد وتأويل وقد لا يصح.

المُهِم نريد الآن أن نقول ليس هناك ثمة دليل واحد من القرآن أو السُنة على مشروعية الختان، لو سألتموني هل هذا كان شائعاً؟ بلا شك كان شائعاً، هل فعله بعض الأسلاف؟ ربما كثير من الأسلاف، ربما فعلوه بلا شك، هل سمع النبي بهذا؟ بالحري سمع به، لكن النبي بالقطع تعاطى مع هذه القضية على أنها تدبير صحي أو وقائي أو علاجي ربما شائع في قومه، وما داموا يرون أن فيه صلاحاً فلا بأس، لكن لو ثبت بالقطع واليقين أن ليس فيه صلاح وأنه يُذهَب به إلى غاية تجعله كارثة وجريمة فما عساه يكون موقفنا الفقهي؟ المنع، المنع البات!

أيضاً لو ذهبنا لنسأل سؤالاً آخر – وهذا أهم ما في المُحاضَرة الآن، هذه النتيجة – هل يُمكِن أن يُؤخَذ من موقف رسول الله – عليه السلام – حين غض الطرف ولم يتكلَّم دليلاً؟ لم يُنكِر كما لم يُؤيِّد، ليس لدينا نصوص أنه أباح هذا الشيئ، أي تركه على الإباحة، موضوع مُباح! يُمكِن أن يُقال جعله مُباحاً على ظن أنه قد يكون مُفيداً، وطبعاً بعض الناس قد يستنكر هذا الأسلوب لكن هذا يحتاج إلى نقاش علمي طويل بالمُناسَبة، نقاش علمي طويل وفيه أدلة مُتوافِرة! النبي قد يظن في أشياء أنها تدبير حسن باجتهاد دنيوي وقد يكون الخطأ في جانبه، وهناك أدلة في الصحاح تدل على ذلك لكن لا علينا، الآن القاعدة الشرعية أن المُباح – أيها السيدات والسادة – إذا اتُخِذ وسيلة أو جسراً إلى شيئ يُسبِّب الضرر فضلاً عن الكارثة فلابد أن يُمنَع، ومن صلاحيات ولي الأمر ومصلحة المُسلِمين أن يمنع هذا المُباح، وهو ليس أكثر من مُباح، ليس أكثر من مُباح إذا قُدِّر هذا الموضوع!

هل مِن الفقهاء الأجلاء مُن توصَّل إلى هذه النتيجة؟ نعم، وسأبدأ بأشهرهم لأنه معروف لديكم جميعاً، العلّامة الفقيه – وهو بلا شك فقيه فقيه فقيه – الشيخ الأستاذ الدكتور القرضاوي، والذي أفتى قبل بضع سنين بأن ختان البنات مسألة أقل من سُنة، لا حرج على مَن فعلها ولا حرج على مَن تركها، فلا يعنف بعضنا بالمُخالِف من البعض الآخر، لكنه عاد ليُسجِّل تراجعاً على موقع إسلام أون لاين IslamOnline.net – وهو يختص به اختصاصاً شديداً – ليقول بالحرف الواحد أما وقد ثبت أن لهذه العملية أضرار بشهادة الإخصائيين فنحن ندعو إلى منعها أصلاً، لا سُنة ولا غير سُنة! نُريد أن نسد هذا الباب، لأنك إذا تركت الباب مُوارِباً هكذا سيقول لك كل جاهل وكل إنسان مهووس بطريقة مرضية بهاجس الشرف والمُتعة والجنس وحق المرأة وحرمان المرأة من هذا الحق، سيقول لك هناك رُخصة، نُمارِس ختام السُنة، وسيُمارِسها كما يفهمه وبما يُريده هو بما يُهدئ من روعه وخوفه، فالأفضل ألا يُترَك الباب مُوارِباً، الأفضل أن يُغلَق الباب بالكُلية، لأن هذه المسألة أصبحت ذريعة لفساد عظيم.

السيدة المُحاضَرة قبلي قالت هذا يُمارَس أكثر شيئ في بلدان إفريقية، خمس وثمانون في المائة بلدان إفريقية! في مصر يُمارَس الختان الفرعوني، وأُريد أن أحكي هذا بالعربية، وبعض الناس ربما لأول مرة يسمع بهذا، وخاصة مِن الشام والعراق والدول هذه، ما الختان الفرعوني؟ ما الطهارة السودانية أو ما الخفاض الفرعوني؟ الخفاض الفرعوني كما يُسمونه في السودان أو الطهارة السودانية كما يُسمونه في مصر هو الــ Infibulation، وهذا يا إخواني جريمة كُبرى، يُستأصل البظر والشفران الصغيران والكبيران بالكامل ويُغلَق كل ما هناك بخيوط من أمعاء وغيرها من الحيوانات ويُوضَع عود ثقاب أو قلم رصاص لكي فقط تنزل المُخرَجات المعروفة من المرأة، فإذا أرادت أن تتزوَّج يعملون لها ما يُعرَف بالــ Defibulation بالخنجر وأحياناً بتدخل جراحي، يفتحونها من جديد لكي يُمكِن الجماع، جريمة غريبة بل كارثة، جريمة كلمة مُلطَّفة جداً، يفتحونها! فإذا غاب زوجها في سفر أعادوا لها التكميم، الــ Infibulation معناها التكميم، أي رتق وإغلاق، من مشبك Fibula، إذا طُلِّقت يُعاد لها التشبيك مرة أُخرى! ما هذه الكارثة؟ ما هذه الجريمة؟ والأصل أن الختان له مُبرِّر في الدين وقال سيدي فلان وقال سيد علان، الأفضل أن يُغلَق هذا الباب من أصله حتى لا تقع هذه الجرائم لا على أيدي جهلة ولا على أيدي مهووسين أو مهجوسين بهاجس الشرف بطريقة مرضية.

رحمة الله على شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت، كان له موقف مُتنوِّر جداً وهو علّامة كبير وأصولي وفقيه مشهور، قال الشيخ شلتوت في هذه المسألة، قال الذين يقولون إن الختان لأجل شرف المرأة وعدم اغتلامها وعدم ثوران شهوتها نقول لهم يقع من المختونات من الجُنح – والعياذ بالله – والمفاسد الأخلاقية أكثر مما يقع من غيرهن كما هو مُثبَت، قال الشيخ شلتوت هذا، يبدو أن بعض المُختَصين أطلعه على ذلك، قال يقع منهن من الجُنح والمفاسد الأخلاقية أكثر مما يقع من غيرهن كما هو مُثبَت، لماذا؟ إسراف وحيدة عن المنهج العلمي أن تقول الشرف يتم باستئصال أعضاء أو باستبقاء أعضاء، الشرف ليس هكذا! الشرف هو خيار أخلاقي حر ناجم عن تربية وعن وعي وعن سلوك حميد وعن قناعات، وإلا – بالعكس – نفسياً الشخص الذي فقد قدرته الجنسية ذكراً كان أو أنثى مُؤهَّل – إن لم يعصمه الله تبارك وتعالى – أكثر من غيره أن يحرف جنسياً من باب الإثبات، أن يُثبِت لنفسه أنه قادر، بالعكس! هذا تفكير مغلوط وغير سليم أبداً.

على كل حال أختم الآن، أيها الإخوة:

الشيخ القرضاوي هذا موقفه، الدكتور القانوني الشهير – وهو بلا شك فقيه أيضاً – محمد سليم العوا موقفه أكثر تشدداً، ورفض كل الصور بلا استثناء، وقال المسئولية الجنائية والمدنية مُناطة ومعصوبة بجبين مَن يفعل هذه الجريمة ولابد أن يُساءل، الشيخ محمد عرفة – عضو جماعة كبار العلماء في مصر وهو أزهري عريق – قال ولئن منعنا هذا الشيئ قانونياً – بحُكم القانون – كما فعلت دول المغرب العربي أو بعضها أو تركيا فيكون هذا حسناً، فليُمنَع باسم القانون! الشيخ محمد حسنين مخلوف – الشيخ المالكي ومُفتي مصر، العلّامة الكبير وابن العلّامة الشيخ مخلوف الكبير – قال بالحرف الواحد لا مطعن في إيمان ودين مَن ترك ختان البنات، قضية تافهة! كما لاحظ المُستشرِق فينسينك Wensink في الموسوعة الإسلامية الآتي، قال غريب، هذا الموضوع لم يستحوذ على اهتمام الفقهاء إلا في نطاق جد طريق، تعرفون الفقهاء باختصار لا يعرضون له في المُدوَنات المُوسَّعة إلا في سطر أو سطرين، فقط! لكن – يقول – المُسلِمون يُعلِّقون عليه من الأهمية ما هو أكبر منه، يقصد موضوع الشرف، يعتبرونه ضمانة لشرف البنت، وهذا غير صحيح! أيضاً الشيخ سيد سابق قال لم يصح في موضوع ختان البنات ولا حديث، لا صحيح ولا حسن، فينبغي أن يُتساهل فيه جداً، ثُلة من العلماء قالوا هذا، الشيخ لُطفي الصباغ – من علماء الشام الكبار، بارك الله فيه – أيضاً له موقف مُماثِل، هناك عشرات المشايخ والعلماء من أهل الاختصاص ومن أهل أيضاً الفقه الدقيق والنظر الوثيق طالبوا بموقف مُماثِل.

أكتفي – إن شاء الله – بهذا القدر، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

(ملحوظة) فتح الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم الباب لتلقي الأسئلة، والتي أتت على النحو الآتي:

– سألت أخت سودانية عما إذا كانت صلاة الفتاة غير المختونة غير مقبولة وأن الله لا يتقبَّل منها الطاعات.

– أجاب الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم قائلاً طبعاً بالنسبة لسؤال الأخت هل لا يتقبَّل الله – تبارك وتعالى – عبادة السيدة المُسلِمة أو الفتاة المُسلِمة إذا لم تُختتن؟ هذا لم يقل به أحد لا من القدماء ولا من المُحدَثين بحمد الله تبارك وتعالى، هذا كلام العامة، هذا كلام العامة ولا يستند إلى دليل شرعي، ليس بصحيح، بالعكس! نحن رأينا أن ما يستند إلى الدليل الشرعي يجعل هذا الختان أمراً شبه مرفوض أو مرفوضاً بالكامل خاصة في هذا الوقت، الأفضل ألا تفعلي ذلك، نصيحتي – وأنا حتى سأقول هذا بوضوح، وأنا أقول للإخوة دائماً هذا – كالآتي، حتى مَن أراد أن يتزوَّج مِن حقه الشرعي أن يسأل هل التي سأتزوَّجها مختونة؟ وأي نوع مِن الختان؟ وإلا طبعاً سيكون ضحية، سيقول بعض الناس هذه الآن ستدفع الثمن مرتين، لا! إلى أن ننتهي من هذه الكارثة اليومية – إن شاء الله – هذه سوف تجد لها مَن يُناسِبها مِمَن يعتقد بأن هذا من الدين وجوهر الدين، ريثما ننتهي من هذه الكارثة اليومية إن شاء الله، هذا من حق الرجل، هذا من حق الرجل لأن من حق المرأة أيضاً – ويجب أن نُؤكِّد هذا – أن الزوج إذا كان عنيناً – أي فاقداً للقدرة الجنسية – أو كان مخصياً أو كان مقطوع الآلة أن تطلب التفريق فوراً، في حالة العُنة يُعطيها القاضي سنة وبعد ذلك ينتهي عقد الزواج، كذلك من حق الرجل أن يعرف هل التي سيتزوَّجها امرأة كاملة أو كسر امرأة للأسف الشديد، هذا ما نفعله في بناتنا، نجعلهن كسور أناث، كسور إنسان! لن نتردد مرة أُخرى أن نُسمي هذا جريمة، بعض الناس يستنكف أن يُسميها جريمة، خاصة الختان في صوره المُعقَّدة والسيئة، وشكراً لكم.

 

– سأل أخ صومالي كيف له أن يتزوَّج امرأة من الصومال دون أن تكون مختونة؟ وفي المُقابِل مَن سيتزوَّج هؤلاء النساء المختونات؟

– أجاب الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم قائلاً أخي الفاضل، ربما أنا ألمعت إلى الجواب عن هذا السؤال المُشكِل، سؤال مُشكِل بلا شك بطريقة أو بأُخرى، بالنسبة لك كفرد لا يُشكِّل مُشكِلة، وبالنسبة للعشرات والمئات من أصحاب القناعات سيجدون فُرصتهم أن يتزوَّجوا صوماليات غير مُختتَنات أو غير صوماليات، بالنسبة للصوماليات المُختتَنات هي المُشكِلة، هي جوهر المُشكِلة! مَن سيتزوَّجها؟ هي ستسأل! أنا الآن ضحية وأدفع الثمن مرتين، وأنا قلت لك هذه المسألة لا تُعالَج نظرياً ولا تُعالَج بفتوى، ستُعالَج واقعياً، لأن مثل هذه المُحاضَرات ومثل هذه المناشط العلمية لن تُقنِع كل الرجال بالعدول عن هذه المُمارَسة المقبوحة، سيبقى رجال كثيرون وإلى عقود من السنين يُريدون هذا، الأخت السودانية قالت تقريباً يعملون من خمسين سنة والتقدم ضئيل إلى الآن، أليس كذلك؟ التقدم ضئيل، وسيبقى هناك تقدم وربما يزداد إن شاء الله، ريثما يستوي الكل أو الآخرون على قناعة واحدة – بإذن الله – ستنتهي المُشكِلة، هل فهمت قصدي؟ ريثما تصل هذه القناعة – وهذه تحتاج إلى عقود من السنين – إلى كل الأجيال ستكون المُشكِلة مُنتهية أصلاً إن شاء الله، أما هؤلاء الضحايا – هؤلاء ضحايا ونحن نرثي لحالهن – المختونات سوف يجدن مَن يُحِب هذا الختان ويراه شارة شرف وضمانة مُستقبَل كريم،  والله أعلم.

 

– رغبت سيدة نمساوية في معرفة مَن هو المُستفيد مِن عملية ختان النساء؟

– قال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم مُجيباً أنا أقول بشكل عام المُستفيد هو الرجل، الرجل المُنحَط في فكره والمُنحَط في اتجاهه والمُنحَط في ثقافته، أنا أولي الجذر الثقافي أهمية بالغة في هذه الموضوعات، الجذر الثقافي مُهِم جداً، ولذلك أنا أقول للأخوات اللاتي يُخامِرهن الإحباط ربما ونوع من اليأس وهن ينشطن في هذا الجمال لابد أن نُغيِّر أولويات حياتنا، وبما أن الثقافة العامة في البلاد العربية والإسلامية ترتكز في مُعظَمها على الجذر الديني فلابد أن ينشط العلماء المُستنيرون الإسلاميون في هذا الصدد بالذات ليُعيدوا ترتيب الأولويات، شعارنا في ذلك أولوية الأولويات الإنسان، وأولوية الإنسان الحرية، وإذا انطلقنا من الحرية كأولوية للإنسان فأول ما ينبغي أن يُراعى حرية التفكير وحرية العقل وحرية أن يختار هذا الإنسان معلومات علمية غير مُسمَّمة، فهذه القضية – مثلاً – ترتكز على معلومات دينية وعلمية مُسمَّمة وغير صحيحة بالمرة، يكفي فقط أن نُذكِّر بأنه في الثقافة العامة للشعوب العربية – وقد وجدت هذا للأسف في مصادر سُنية كما في مصادر شيعية على سواء – هناك اعتقاد سائد وقار أن المرأة تفضل الرجل في شهوتها بتسعة أعشار الشهوة، أي تسعة أضعاف الشهوة عند المرأة وعُشر واحد عند الرجل، هذا الذي يجعل الرجل مهجوساً بهاجس أن المرأة قد تستحيل إلى بغي، قد تستحيل إلى مُجرِمة، وقد تُفرِّط في عرضها في أي لحظة، فهل الأبحاث العلمية الحديثة تُؤكِّد هذه الخُرافة؟ أكثر مَن تخصَّص في هذه المسألة ربما ماسترز Masters وصديقته جونسون Johnson في كتابهما المعروف الاستجابة الجنسية الإنسانية، بالعكس! أكثر ما تُوصِل إليه إلى الآن أن المرأة إن لم تنزل عن الرجل في هذا الباب فهي لا تزيد عليه، هي مثله أو أقل منه بقليل، غير صحيح! ولذلك نحن نحتاج إلى ثورة في ثقافتنا، نحتاج إلى تأسيس علمي، أن تناول قضايا بطريقة علمية.

أنا أستغرب – مثلاً – هذه القضية كيف يُمكِن لفقيه أن يقطع فيها برأي دون أن يعود – كما قلت – إلى المُختَصين مثلاً، لماذا؟ وهو ليس عنده مُجرَّد تصور تشريحي للمسألة، هذا يُعتبَر اعتساف ويُعتبَر نوع من التكلف الذي يُنهى عنه العالم وطالب العلم، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ۩، فنحتاج إذن أن نُعالِج الجذر الثقافي لهذه المسائل مُعالَجة واضحة، ونحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات.

 

– أجرى أحد الحضور مُداخَلة ودارت في مُجمَلها عن رغبته في معرفة الخُطوات التي يجب اتخاذها لتغيير موقف المُجتمَع من المرأة ولتحقيق القناعات العلمية الصحيحة التي تخص المرأة في العملية الجنسية على أرض الواقع.

– قال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم نُريد أن نُجيب عن سؤال أخينا أبي محمد بسّام، يقول ما هي خُطوات التغيير؟ وأيضاً هذا الكلام فيه جُزء من الجواب، نحن نحتاج الآن إلى ثورة تنوير إسلامية، أوروبا هذه أعتقد كانت مُتخلِّفة أكثر منا بمراحل فعلاً، لكن هناك حدث بلا شك تنوير حقيقي، له أخطاؤه بلا شك وله عقابيله، لكن أنا شعاري أن الخطأ والمُجازَفة أو المُغامَرة أفضل من الجمود، ما تُعانيه أمتنا اليوم – أيها الإخوة والأخوات – هو الجمود، الجمود كارثة، الخطأ أحسن من الجمود، المُغامَرة أحسن من الجمود، الانحراف أحسن من الجمود، لكن الجمود كفيل بأن يجعل الأمور تبقى على ما عليه إلى مائة ألف سنة آتية، وهذه كارثة! لذلك نحتاج أن نُحطِّم جدار هذا الجمود بكل ما استطعنا من وسائل وطرق، هذا الذي نحتاجه، ثورة ثقافية حقيقية، نحن لا نخاف على ديننا، أنا قلت مرة إن الله – عز وجل – لا يخاف من النقد، بعض الناس يتحرَّج جداً جداً من إعادة – مثلاً – مُحاكَمة أو تقويم أو مُناقَشة الحساب لبعض المأثورات العلمية ولبعض – مثلاً – الشائعات الفقهية، الله لا يخاف من النقد، وقرآننا لا يخاف من النقد، علينا أن نكون واعين ومُتفتِّحين جداً بإزاء هذه القضايا، وأنا أزعم أن الإسلام دائماً سيخرج مرفوع الرأس ومُنتصِراً كمُسلِم يعتقد بهذا الدين، لكن علينا أن نُنصِف هذا الدين من تأويلات الجاهلين، من انتحالات المُبطِلين، من أغراض المُغرِضين أيضاً، ومن انتفاع المُنتفِعين، لأن هناك مُنتفِعين إلى اليوم، وهذا أيضاً يتعلَّق بسؤال الأخت.

بعض علماء الأنثروبولوجيا Anthropology يقول المُنتفِع من ختان المرأة هو الرجل المُنحدِر من عصور الملكية، من أول ما عُرِفت إلى اليوم! لأن هذه البنت البريئة حين تُختَن ويُفسَد جهازها التناسلي تقريباً بالكامل أو شبه بالكامل فإنه يضمن ملكيتها في قابل الأيام كزوجة، موضوع ملكية! موضوع ملكية بلا شك, وهذا تفسير أنثروبولوجي، وهناك تفسيرات أُخرى، فنحتاج باختصار إلى ثورة ثقافية، وهذا ما حدث أعتقد في القرن الأول للإسلام، محمد أحدث ثورة ثقافية أيها الإخوة والأخوات، والله أعلم.

 

– شارك أحد الحضور بمُداخَلة شكر فيها مَن ساهم في هذه المُحاضَرة وخاصة الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم للتأكيد على ضرورة الإسراع بالحديث في هذا الموضوع وتنوير الناس بعدم شرعيته، مُسمياً ما يحدث بالمذابح.

 

(ملحوظة) بعث أحد الحضور بسؤال عما يُشاع حول احتكاك عضو المرأة وما يُسبِّبه من رغبة جنسية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم الأخ الذي بعث هذا السؤال يسأل عن احتكاك هذا العضو لدى المرأة وهل يُهيج كما يُقال رغبتها الجنسية؟ في الحقيقة هذا العضو لمَن يدرسه تشريحياً قاعدته تبتعد عن فتحة البول بمقدار بوصة، ولذلك هو بعيد عن أن يكون عنصراً احتكاكياً، هذا من ناحية علمية، ولذلك هذا العضو إن لم يُحَك لا يحتك بذاته، هذه فكرة أيضاً سائدة وغير صحيحة، هذا أولاً.

ثانياً المعلومات العلمية بحسب ماسترز Masters وجونسون Johnson في كتابهما Human Sexual Response أن العملية الجنسية تبدأ في الدماغ ولا تبدأ في الأعضاء، لابد من تقدمة طويلة جداً لهذه القضية، فلا أدري كيف نختزل نحن العملية الجنسية عند المرأة بالذات في قضية عضو يحتك بالملبس وتحدث الكارثة، غير صحيح! هذا علمياً غير صحيح.

 

– شكر أحد الحضور الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم لإلقائه الضوء على هذا الموضوع ثم سأل عن أبعاد إثارة موضوع ختان الإنسان.

– رد الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم قائلاً بالنسبة لسؤال الأخ الفاضل الصحافي حُسين عون بارك الله فيه، يقول هل هناك خلفية وراء إثارة هذا الموضوع؟ أنا أُطمئنه – وإن شاء الله أرجو أن أكون معروفاً بصراحتي الواضحة وأحياناً المُؤلِمة – لم يكن أحد وراء إثارة هذا الموضوع أصلاً، يعرف الإخوة الذين عملوا معنا في التنسيق لهذا الموضوع – بحمد الله تبارك وتعالى – أننا مُنذ سنين نتهمم بإثارة مثل هذا العمل أو إنجاز مثل هذا العمل، قبل مُؤتمَر الأئمة أيضاً – ويشهد الإخوة بذلك – أنا الذي أثرت هذا الموضوع، أنه لابد من مُحاضَرة مُوسَّعة، والهدف منها ليس إعلامياً ولا دعائياً ولا حتى توصيل رسالة إلى أي جهة، الهدف منها إنقاذ أخواتنا وبناتنا، إنقاذ مُستقبَلهن وحياتهن، هذا هو الهدف، وذكرنا هذا – ويشهد الله – قبل مُؤتمَر الأئمة، وبعد مُؤتمَر الأئمة صار الوقت مُناسِباً لأننا كنا مشغولين بمُؤتمَر الأئمة، هذا كل ما هنالك.

وأُحِب فقط أن أُشير إلى قضية ذكرتها في مُحاضَرة قريبة جداً، مُنذ فترة – بحمد الله – أنا أنجزت مُطالَعة أعداد مجلة المنار لرشيد رضا في قُرابة أربعة وثلاثين ألف صفحة، الشيئ الغريب الذي لفت نظري أن المُجدِّد والإمام المُصلِح الكبير محمد رشيد رضا – تَلميذ محمد عبده – ناقش المسيحيين الأقباط والمسيحيين الإنجليز المُستعمِرين وناقش شبلي شميل ورئيف خوري والعلمانيين واللادينيين وناقش جميع الأفكار ولم أصطدم بجُملة واحدة في خمس وثلاثين مُجلَّداً وكل مُجلَّد في زُهاء ألف صفحة يتحدَّث فيها عن قضية مُؤامَرة وأن الإسلام يُمكَر به وأن هناك مَن يأتمر بنا، لنجعل الأفكار تتناقش، لا نُشخصِن الأمور، لا أدري لماذا نحن لدينا مثل هذا الهاجس المُتعِب، الذي أتعبنا! المُسلِم الواعي والمُسلِم الشريف الذي لا يُساوِم على دينه ولا على عقله ولا على موقفه لا يُمكِن أن يكون مدفوعاً لكي يضر بقضيته أو يحتال على أمته، مُستحيل! فأُحِب فقط أن أقول هذا للطمأنة.

 

– أجرى أحد الحضور مُداخَلة، مُلخَّصها أنه أراد أن يعرف حقيقة مُمارَسة الختان وهل هي عادة أم عبادة؟

– قال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم بالنسبة لسؤال الأخ هل هي عادة أم دين؟ هي عادة، بدليل أنها تُمارَس في مصر من الأقباط كما المُسلِمين، الأقباط يُمارِسونها، فهل هي دين إسلامي؟ والمُسلِمون يُمارِسونها في مصر، لأنها عادة! وهي معروفة بحسب بعض الوثائق التاريخية قبل الأديان التوحيدية الثلاثة، قبل اليهودية حتى وقبل المسيحية وقبل الإسلام! وهي عادة فعلاً ذات أصول فرعونية كما هو مشهور، والدليل أنها عادة وليست عبادة وليست ديناً أن علماء في غير البلاد التي تُمارَس فيها هذه العادة يستهجونها وتقشعر وتقف شعور أبدانهم منها، أي من قطع المرأة بهذه الطريقة، وعلماء في هذه البلاد يُدافِعون عنها باستماتة، ليست القضية قضية دليل إذن، هي قضية عادة، لأنهم اعتادوها وورثوها عن آبائهم وأجدادهم والأولين، فلابد من مُحاكَمتها علمياً.

طبعاً بالنسبة لسؤال الأستاذ الشيخ الجليل أقول له لا، ليس لدينا أي خبر ولا أثر عن أن واحدةً من بنات رسول الله أو من نساء رسول الله خُتِنت ولا حتى مارية القبطية، ليس عندنا! مَن عنده فليتفضَّل ليقفنا على هذا الدليل، هذا غير موجود ولم نرتطم به في أي كتاب أو مصدر حديثي.

في النهاية طبعاً كالمُعتاد فعلاً أود من كل قلبي أن أشكر كل الإخوة والأخوات طبعاً قبل الإخوة الذين ساهموا في إنجاح هذا العمل الذي أسأل الله – تبارك وتعالى – أن يكون عملاً مُتقبَّلاً وأن يكون جُهداً عبادياً وجهادياً، لأن بعض الإخوة يقول كيف نفعل؟ ماذا نُمارِس؟ ماذا يجب علينا أن نضطلع به؟ أنا أقول هذا جهاد علمي، والقرآن يقول في المرحلة المكية وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ۩، النبي يقول جاهدوا المُشرِكين باللسان والسنان، الجهاد العلمي جهاد حقيقي! نحن هنا إذن نُجاهِد جهاداً علمياً من أجل استنقاذ إنسانية الأُنثى مُسلِمة كانت أو غير مُسلِمة، مُسلِمة أو مسيحية في بلادنا وفي غير بلادنا.

أشكر أيضاً جميع الإخوة والأخوات الذين شرَّفونا بحضورهم، بمُشارَكتهم، وبتأييدهم، وهم على قدم سواء معنا، قد ساهموا أيضاً في إنجاح هذه التظاهرة العلمية الإنسانية، أشكركم جميعاً، وشكر الله لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: