أستغفر الله إلا مِن محبتكم                                      فإنها حسناتي يوم ألقاه.

وإن زعمت بأن الحب معصية                             فالحب خير ما يُعصى به الله.

هذا ما استهل به الدكتور أحمد العرفج حلقته، فضلاً عن ذكره الحديث النبوي الذي يقول “لا يُؤمِن أحدكم حتى يُحِب لأخيه ما يُحِبه لنفسه” وطرحه لعدد من الأسئلة.

قال الدكتور عدنان إبراهيم إن الحُب في اللُغة العربية هو اللزوم، من قولهم أحب الجمل – فالجمل مُحِب ومُحَب – إذا حسر فلزم مكانه، والإحباب من الإبل كالحيران من الخيل.

تحفَّظ على المُقارَبة اللُغوية لأنها لا تُعطي حقيقة المعنى، وقال تُوجَد لفتة جميلة جداً في تعريف الحُب في متن العربية لأنها تشي أن الإنسان عموماً يبحث عن مَن يُحِب أو أن الإنسان دائم التسفار إلى أن يجد مَن يُحِب، فإذا وجده شعر بالاستقرار فألزم، وهذا تفسير باللوازم والمُقتضيات.

تابع أن هذا المعنى مذكور في الأساطير وبعض التحليلات الفلسفية، فمُحاوَرة المأدبة لأفلاطون Plato تحدَّث فيها عن الحُب وذكر أسطورة – لم يتبناها وهي أسطورة شهيرة عند اليونانيين وموجودة عند العرب، فهي موجودة في كلام الراغب ومسكويه وأبي بكر محمد بن داود بن عليّ الأصفهاني – تقول كانت الآدمية ثلاثة أجناس، كان لدينا في البداية الرجل والأُنثى والخُنثى وكانوا على شكل كرات، لذلك ابن حزم يقول وليس كما نقل عن بعضهم إنه كان تنصيفاً وتقسيماً للأُكر، أي الكرات، وبعد ذلك هؤلاء البشر كانوا شرسين ختى وصل آذاهم إلى الآلهة، ومن هنا اجتمعت الآلهة واهتدى كبير آلهة اليونان زيوس Zeus إلى تقسيم كل كرة إلى اثنين، لكي يزيد عددهم وتضعف قوتهم، وبعد ذلك بحث كل نصف عن الآخر وماتت الأنصاف، فلما رأى أنها ستفنى أنزل رحمته فجعل الذكر يتزاوج مع الأُنثى ليكون لهم امتداد.

أضاف أن هذه الأسطورة تُفسِّر الطبائع العجيبة عند البشر وتُفسِّر الحُب، لذلك بعض الرجال يعشقن الرجال لأنهم من أنصاف الرجال وبعض النساء يكتفين من النساء لأنهم من أنصاف النساء، أما الرجل الذي يعشق الأُنثى من نصف الخُنثى، ثم

نوَّه على أن التعريف الاصطلاحي للحُب مُعقَّد، ثم عرَّف الكراهية بأنها نقيض الحُب، فمَن كره شيئاً نفر منه، علماً بأن الكُره اسم أما الكَره فهو المصدر.

اعتمد تعريفاً للُحب لكي يُعالِج به ما هو شائع في العالم العربي والإسلامي، لأن لدينا نوع من تبني مفهوم الحُب على أنه ذوبان في الآخر، وهذا تعريف فيه اشتطاط ولا تُؤيِّده مُعظَم الوقائع، فتطلب حُب كهذا ينتهي بالعداوة والبُغض لأن فيه سحق لكيان آخر، لذا هذا ليس الحُب.

ألقى شعراً شهيراً لسعدي الشيرازي – طيَّب الله ثراه وذكره – للتأكيد على مفهوم التمازج والذوبان المُطلَق بين كيانين، وهذه وجهة مأخوذة من مفهوم تصوفي عرفاني وهو الفناء في الله، مُشيراً إلى أن الكثير من الدارسين رجَّحوا أن مُصطلَح الفناء مأخوذ من الأدبيات الهندية وخاصة النيرفانا Nirvana.

تابع أن هذا النزوع في تعريف الحُب لم يعد مقبولاً في العصر الحديث، لذا المُفكِّر إريك فروم Erich Fromm – فروم Fromm تعني التقي – في كتابه فن الحُب كان ضد فكر التوحد بالطريقة التقليدية بين كيانين، ومن هنا قال أن تُحِب الآخر معناه أن تُحِبه في إطاره كما هو، أي تأخذه كما هو من غير شروط، فضلاً عن تأكيده على ضرورة الاحترام الكامل.

أوضح أن هناك الكثير من الأخطاء في ثقافتنا، فبعضهم يُفهِمك أنك إذا أردت أن تُحِبه فلابد أن تُوافِقه في كل شيئ وأن تتطابق معه، وهنا تساءل هل هذا حُب أم استعباد؟

أجاب بأن هذا استعباد وهو استعباد إفناء، فمثل هذا الرجل لا يحتاج إلى حُب، ومن هنا أفلاطون Plato حدَّثنا عن أُناس مُجوَّفين وهم طواغيت البشر الذين يأكلون الشعوب بلُغة هوميروس Homer وهم أيضاً طواغيت الاجتماع، فهناك الزوج الطاغوت والزوجة الطاغوت والصديق الطاغوت.

أضاف أن مثل هذا الشخص يعيش حالة من الفراغ الداخلي لذلك يستجوف الآخرين، لكن الحب ليس استجوافاً وإلغاءً، فالحُب هو امتداد وتشعشع في الخارج مع الاحتفاظ بالمركز، فالمُحِب لا يذوب ويتواصل مع كل ما حوله – حتى مع الحيوانات والنباتات فضلاً عن البشر – ويحتفظ بكيانيته، فهو يحتفظ بمركزه ويمتد مع الآخرين عطاءً وتواصلاً واعترافاً وقبولاً.

تابع أن الحب يجد نفسه في اللامشروطية، وقال إن الأب بلا شك يُحِب أولاده لكنه ربما يعجز عن أن يُحِبهم بالطريقة الصحيحة، فيُفسِد حبه الصحيح بمفاهيم مغلوطة، لذا المعرفة تُؤدي دوراً وقائياً.

أكَّد على أن الأب يُحِب ابنه لكنه قد يُفهِمه أن هذا الحب مشروط بعدة أشياء، فالأب قد يغضب إذا حقَّق الابن شيئاً وفشل عن بعض الأشياء وربما ينجر الأمر إلى القطيعة والطرد من البيت.

أضاف أن هذا لا علاقة له بالحُب، وهذا من أسباب الكراهية التي عندنا والتمزق الذي عند الشباب، فالتربية التي تبدأ من الأسرة مُهِمة، لذا الحُب المشروط كارثة، لأن لو كان الأب مُحايداً – لا يُحِب ولا يكره – لكن هذا أفضل من أن يُحِب بشروط، لأنه يُفقِد أبناءه وبناته الشعور بالأمان، ومن هنا يُلحِدون اجتماعياً، أي يُلحِدون بالأب والأم والشيخ وإلى آخره.

تأسَّف إلى مُلاحَظة أن كثير من العباقرة عبر التاريخ هم أيتام، لأن الأب المسكين حين يُمارِس عاطفة الحُب يُمارِس السُلطة دون أن يدري، والإنسان لا يُبدِع مع التقييدات.

أكَّد على أنه لا يشك في حُب الوالدين، لذا حديثه هذا للوقاية، ومن هنا سيستفيد الشباب منه لأن المُستقبَل لا يزال أمامهم.

ألمع إلى أن الكراهية هي نقيض الحُب ومن هنا أسباب الكراهية هي نقيض أسباب الحُب، فحين تنظر إلى الآخرين على أنهم ينبغوا أن يلبوا توقعاتك منهم أنت تمهد طريقاً للكراهية.

أضاف أن رب العالمين خلق البشر وأعطاهم حرية أن يكفروا به، وذكر مقولة عيسى – عليه السلام – شمسه تُشرِق على الأبرار والفجّار، لذا يُوجَد الكثير من الملاحدة، لأنه واقعياً برهن على أنه أعطى البشر هذه الحرية، ومن هنا قال طاغور Tagore أنا أُؤمِن بالله لأنه أعطاني حرية أن أكفر به، فأثبت لي أنه إله لأنه غني، وهذا ما يُؤكِّده القرآن في كثير من الآيات مثل وَقَالَ مُوسَىٰ إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ۩.

أوضح أن مَن يُريد قولبتنا وفق ما يُريد هو إله كاذب، فمثل هذا الإنسان يُريد منا أن نُشعِره بأنه مقبول بأن نُلبي توقعاته، لكنه ليس مقبولاً بهذه الطريقة ولذا يُجَن، ومن هنا بداية التطرف.

ذكر أن أحد أسباب الكراهية في العالم الجهل، وقال إن المعرفة نور والجهل ظلام، فالنور يجعل خيارات الإنسان محدودة، لذا حين يعرف الإنسان الآخر سيكون أكثر عدلاً ولن يُلبِسه أكثر مما يحتمل، فلابد من معرفة الإنسان قبل الحكم عليه، خاصة أن الحُكم بجهل يُهدِّد الاستقرار المُجتمَعي وربما يُشعِل الحروب.

عرض الدكتور أحمد العرفج مُداخَلة الحلقة للإعلامي خيري رمضان، ومُلخَّصها أنه تحدَّث عن تغييب الإعلام لفكرة الحُب، ورغب في وجود برامج تنشر ثقافة الحُب، لأن الإعلام وهو ينتمي إليه يرتكب خطيئة حين يغرس كل ما يُفرِّق بين الشعوب والبشر.

أكَّد على أهمية دور الإعلام في المرحلة القادمة، مُشيراً إلى أن الناس ستُسدِل الستار على الإعلام إذا ظل يبحث عن الشقاق كما يبحث الآن وظل يغرس الكراهية في النفوس.

تساءل كيف يُمكِن البحث في جواهر الدين عما يُجمِّع وعن الحُب؟ مُشيراً إلى أننا لا نتحدَّث عن الحُب في الإسلام، ومن هنا تساءل مرة أُخرى متى يُمكِن لعلمائنا وخُطبائنا أن يُكلِّمونا عن الحُب والتسامح؟

استغل الدكتور عدنان إبراهيم الفُرصة لإطلاق رسالة لقادتنا وزُعمائنا وكبارنا يقول فيها عليكم أن تتخذوا خُطوات عملية اليوم قبل الغد لئلا يحترق ما بقي من عالمنا في إغلاق وإخراس كل القنوات الطائفية التي تُحرِّض على الكُره والعنف، مُشيراً إلى وجود قنوات فضائية يُفتى فيها بالذبح.

تساءل مَن الذي يُموِّل القنوات الإرهابية ويُسمَح لها أن تُبَث؟ وأكَّد على ضرورة إيقافها، لأنها تحث على الذبح والكره والتكفير.

أشار إلى أن المُفكِّرين والعلماء لا يُطلَب منهم مُعالَجة كل شيئ، لكن يُطلَب منهم الصدق والتعبير عما يختلج في ضمائرهم.

أكَّد على ضرورة تحمل الحكومات والزعماء لنصيبهم من المسئولية، أما الجُزء الثاني يتحمَّله العلماء والوعاظ، لأننا نحتاج تغييراً يقلب الأمور رأساً على عقب، فنحن عندنا كلام كثير عن الترهيب والمُختلِف، ولذا لابد من قلب هذه الوضعية.

ذكر أن في مُقابِل كل مائتي آية عن الرحمة والعفو تُوجَد سبع عشرة آية عن العذاب الإلهي، ومن هنا ليكون الإنسان مُفكِّراً أو واعظاً قرآنياً لابد أن يعكس الخُطة القرآنية، فيكون الحديث عن سعة رحمة الله أكبر بكثير من الحديث عن عذابه، وبهذه الطريقة سوف يعتدل ميزان المُجتمَع وسوف تُقبِل الناس على الله أحسن، لأن الناس لا تستقيم بالترهيب المُتواصِل، وأكبر قوة تُحرِّك الإنسان الحُب.

أوضح أن الله خلقنا لأنه أحبنا – لو لم يُحِبنا لما خلقنا وأعطانا نعمة الوجود – وأكَّد على أنه مصدر كل محبة.

أكَّد على أن التحريض في القنوات التلفزيونية لا يقتصر فقط على السُنة، فهو عند السُنة كما عند الشيعة، في حين أن الإباضيين لا يبثون الكراهية حتى حين يُعتدى عليهم، لذا حين يحدث أي ضرر في عُمان يتوجَّع الكل هناك ويدعون لمملكتهم بالخير.

ألمع إلى وجود ست قنوات شيعية مدعومة من قوى عدوة لهذه الأمة، وأوضح أن السلفية محسوبة على المملكة السعودية لأن جذور السلفية في المملكة أكثر فضلاً عن أن علماء السلفية يُوجَدون في المملكة بكثرة، وجُزء من هؤلاء العلماء خطابهم طائفي.

قال خير وسيلة لمُواجَهة هذا العبث السُني الشيعي ألا نتكلَّم عليه كثيراً، لذا لابد من تقديم نموذج مُختلَف، فالطبيعة لا تعرف الفراغ، والعملة الصحيحة ستطرد العملة الرديئة، قال الله ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ۩.

أكَّد على ضرورة بث العلم والمعرفة الحقيقة، فليس كل مَن هب ودب يُمكِن أن يتكلَّم، ومن هنا يجب أن يكون عندنا مرجعيات مُحترَمة حسماً ولجماً لهذه الفوضى التي دمَّرت الشباب وحيَّرتهم، لذا بعضهم فر إلى الإلحاد واللا أدرية، لأن الكل يتحدَّث ويقول رأيه والإسلام أصبح إسلامات.

أوضح أن النزعة الحصرية من أسباب الكراهية، ففي حقيقتها هي أنانية وإن تجلببت بجلباب الدين، كأن يُقال نحن أهل النجاة أو نحن الفرقة الناجية أو نحن الأولى بالله ورسوله، أما البقية كلهم ليسوا على شيئ، وهذا كله كلام فارغ، لذا النزعة الحصرية لا تشتغل في كتاب الله حتى في حق اليهود والنصارى.

أشار إلى أن مَن يُتابِع الوضع العالمي فضلاً عن الوضع الإقليمي يشعر بأن هناك مزيداً من الكراهية، مُؤكِّداً على أن المُجرِم الأكبر في هذه القضية الهويات، وهذه الهويات لا تُلغى وإلا سيُلغى الوجود الإنساني، لكن المُشكِلة في طريقة التعامل معها.

أكَّد على وجود أشياء كثيرة تُشكِّل هوية الإنسان، ومن هنا تحدث المشاكل حين يتعاطى مع هويته من زاوية واحدة، كأن يُقال لأحد العراقيين – مثلاً – أنت لست عراقياً فحسب بل أنت عراقي سُني أو عراقي شيعي، وهذا يُشعِل مصائب كبيرة وقد أشعلها.

نوَّه على أن نهضة الأمة واستقرار الدولة والمُجتمَع مرهون بالأُطر الأوسع، مُشيراً إلى أن صامويل هنتنجتون Samuel Huntington في كتابه صدام حضارات صار أشبه بمسخرة لدى المُفكِّرين العظام رُغم أنه مُفكِّر كبير لكنهم لم يتقبَّلوا الأطروحة المُؤدلَجة والمُسيَّسة التي طرحها خاصة أنه صنَّف العالم على أنه ثماني كُتل دينية، وهذا قفز على الحقائق يقع فيه الأصوليون والمُسيَّسون، فبعضهم يُفهِمنا أن خطوط الفصل الحقيقية دينية وهذا غير صحيح.

أضاف أن الدين لا يُمكِن أن يكون خطاً للفصل ثم للاحتراب والقتال كما يحدث الآن في العالم العربي، وهذا عته وبله لا يدري متى سنستفيق منه!

عرض الدكتور أحمد العرفج فيديو الحلقة وهو فيديو للدكتور صلاح الراشد تحدَّث فيه عن مفهوم الحُب الخاطئ، فبعض المُسلسَلات تُصوِّر التعلق المرضي على أنه حُب.

أوضح أن الحُب إرادة وتمني للخير، مُشيراً إلى أن الحُب مُطلَق وحُر، فمتى قُيّد أصبح شيئاً آخر غير الحب، وهذا ما نراه بكثرة في المُسلسَلات والمسرحيات وما إلى ذلك.

أشاد الدكتور عدنان إبراهيم بفيديو الحلقة، ثم عرَّف الحُب قائلاً هو أن تُحِب الآخرين – وهذا غير كافٍ – من خلال حُب الخير لهم والعمل على إيصال الخير لهم، الفرح بفرحتهم والعمل على إفراحهم، والحزن على حزنهم وبحزنهم والعمل على تقليل حزنهم.

أضاف أن الحديث الصحيح “لا يُؤمِن أحدكم حتى يُحِب لأخيه ما يُحِبه لنفسه” يُقرِّر القاعدة التي تُعرَف بالقاعدة الذهبية التي عرفتها كل الحضارات والأديان، وهذه القاعدة مُفسَّرة بوحدة الإنسان، فكلنا في النهاية مخلوقون من نفس واحدة ومن ذكر وأُنثى.

أكَّد على أهمية العمل المُشترَك بين المُؤسَّسات والأفراد، وأوضح أن خطأ ماركس Marx الأكبر التناقض الإنساني وهذا الذي دمَّر المسار الشيوعي الماركسي في النهاية لأنانية المُقتدرين والمُتنفِّذين.

أوضح أن الكراهية شعور لذا لا يُمكِن تجريمها، فكل واحد حر بشعوره مع العلم بأن هذا الشعور لا يُحسَد عليه حامله، لذا قال القـديس أوغسطين Saint Augustin الكراهية كمَن يشرب السُم على أمل أن يموت الآخر، فأول مَن يتسمَّم بالكراهية صاحبها.

تحدَّث عن أهمية التفاؤل والتبشير، واستدل بقول أوسكار وايلد Oscar Wilde المُتفائل يرى ضوءاً غير موجود والمُتشائم يرى الضوء ولا يُصدِّقه.

بشَّر بأن معركة الحُب تربح سريعاً على عكس معركة الكراهية، لذا قال أوجدن ناش Ogden Nash أي طفل في أي مدرسة يستطيع أن يُحِب بكل سذاجة لكن يا بُني – يقول لابنه الصغير – الكراهية فن وحرفة.

أكَّد على أن الكراهية ثقيلة وتنعكس على ملامح الشخص، فالإنسان الذي فيه هدوء وجمال وكلما كبر أصبح أروع هو شخص مُحِب لا تعرف الكراهية الطريق إلى قلبه، ولذا يبقى طفل القلب، وهذا الذي يُعطي القدرة على الإبداع.

أضاف أن الحُب فطرة لأننا من عجينة واحدة على عكس الكره، لذا الطفل يُحِب حتى الثعابين ويُقبِل على كل شيئ، لأنه يرى العالم مكاناً آمناً، لكن الكارهون لأنفسهم جعلوه مكاناً غير آمن.

أوضح أن الإنسان لا يُمكِن أن يكره غيره إلا بعد أن يكره نفسه ولذا يتشنَّج ويتحدَّث بغضب، ومن هنا يأتي الحب الذي هو حل لكل شيئ.

تحدَّث عن محمد القرآني الذي يختلف عن محمد الذي ألَّفه بعض المشايخ وصوَّروه على قد نفوسهم، لأن محمد القرآني أكثر من رائع، فمحمد القرآني بعد أن طردوه وأرادوا قتله وإفناءه وأصروا على كسره ومحو دينه لم يغضب بل حزن وشعر بالحسرة، فهو حزن إلى درجة أشفق الله عليه بسببها، ولذا قال له لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ۩، أي لماذا تقتل نفسك من أجلهم؟ لأن البخاع هو النُخاع الشوكي Spinal cord – – الذي بقطعه يموت الإنسان، فضلاً عن الكثير من الآيات التي تُؤكِّد هذا مثل فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ۩ ومثل فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۩.

أضاف أن هذا من عظمة سيدنا محمد التي لابد أن تُذكَر للجماهير، فرُغم كل ما فُعِل به ككسر رباعيته وشجه وما إلى ذلك رفض أن يدعو على مَن حاربوه لآخر لحظة، وقال لم أُبعَث لعنة، إنما بُعِثت رحمة.

“الذكاء بضاعة إبليس والعشق والحب رأس مال أبينا آدم” هذه التغريدة التي ختم بها الحلقة واقتبس فيها مولانا جلال الدين الرومي الذي يقتبسه كثيراً ويعشقه، وقد أشار إلى أنه أشهر صوفي في العالم كله، فالعالم كله يقرأ هذا الرجل، لأن تصوفه تصوف حُب في حين أن تصوف الغزّالي تصوف خشية.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: