إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – تبارك وتعالى – في كتابه العظيم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ۩ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ۩ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ۩ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ۩ أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ۩ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُّبَدًا ۩ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ۩ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ۩ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ۩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ۩ فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ۩ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ۩ فَكُّ رَقَبَةٍ ۩ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ۩ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ۩ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ۩ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ۩ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ۩ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ۩ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:

حين كنتُ في الكويت الشقيقة أعربت عن امتعاضي وضيقي بظاهرة الخدم الذين ينتشرون في كل مكان ويُهرَعون إليك حين يبصرون بك فيحلمون أمتعتك وأشياءك ويُسابِقونك بها إلى حيث تنزل، وعبَّرت لأحد الإخوة المشائخ من طلبة العلم عن ضيقي من هذه الظاهرة وكنتُ أُحاوِل دائماً أن أقوم بهذا بنفسي لأنني لا أُريد مَن يحمل عني ولا أُريد مَن يخدمني، وأشعر بامتعاض شديد جداً لأنه بشر مثلي، هو إنسانٌ مثلي فلماذا ينزل إلى هذا المُستوى حتى وإن كان يقتات منه؟ والرجل لم يستوعب في البداية منطقي فقال “عجيب، هذا من سُنة الله في خلقه، قال الله وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ۩، وهذه ظاهرة عادية”، فقلت له هذا ليس عادياً، يُمكِن تبرير مثل هذه الظاهرة بأطراف جُمل ونتوف نصوص يُلأم بينها من ها هنا ومن ها هناك ويُقال هذا من سُنة الله وهذا مُباحٌ في شرع الله وحصل مثله أيام رسول الله وإلى آخره.

في الحقيقة الرق واستعباد عباد الله أيضاً كان ظاهرة وطبيعية جداً وحصلت أيام الرسول وبعد الرسول، والآن الرق ليس أمراً طبيعياً بالمرة والكل يقف شعر بدنه منه إذا ذُكِرَ أو ذُكِّرَ به ويرى أنه أمراً ليس إنسانياً وليس أمراً رشيداً، وقد نسخه التقدم البشري بحمد الله تبارك وتعالى، فالوعي الذي صارت إليه الإنسانية والمصاف الراقي الذي ارتقته وسمقت إليه نسخ هذه الظاهرة النُكر إلى غير رجعة – بإذن الله تبارك وتعالى – وقد كانت في حينها أكثر من طبيعية، وقلت لأخي الفاضل ذلكم الشيخ إني لآمل وأرجو أن يأتي يومٌ لا يكون بعيداً يُعبِّر الناس فيه عن استغرابهم وعجبهم الذي لا ينقضي من ظاهرة العمل المأجور والخدمة المأجورة في عصرنا هذا، قيقولون هذا أمر عجيب، كيف كان البشر تتسع عقولهم ونفوسهم لهذه المهانة ولإهدار كرامة الإنسان؟ أي أن يكون خادماً عند أخيه الإنسان بعنوان خادم أو حتى بعنوان عامل فيعمل عنده حتى وإن كان العمل مأجوراً بأجرٍ كريم، فهذا لا يليق يبدو بالإنسان أن يعلو على أخيه الإنسان على هذا النحو، وقال كيف هذا؟ إنه مُستحيل، فقلت له هذا مُستحيل من منظورك، لكن من منظوري قريبٌ – إن شاء الله – وليس مُستحيلاً، ولعل هذه المهام وأشكالها تُسنَد إلى الروبوتات – Robots – وإلى الآلات، أي أن الآلات هى التي تقوم بهذه الأعمال ويُصبِح الإنسان سيد نفسه، ولا نعود نرى – بإذن الله وحوله – إنساناً يخدم إنساناً وإنساناً يعمل عند إنسان أبداً، وإنما البشر يُمكِن أن يتشاركوا وأن يستخدموا هذه الآلات بعد يشتروها بأموالهم أو يتساهموا فيها، فالذي يخدم هو الآلة الصماء الميتة وليس الإنسان المُكرَّم الذي هو خليفة الله في الأرض والذي سخَّر الله له مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ ۩، وبداهةً أن المُسخَّر أقل منزلةً وأدنى مثابةً من المُسخَّر له، فلا يجوز أن يُسخِّر الإنسان أخاه الإنسان على أي نحوٍ كان، ومن هنا كان تذمره وامتعاضه – عليه الصلاة وأفضل السلام – وهو مَن هو، حبيب الحق وسيد الخلق أجمعين، نه سيد العوالم وسيد العالمين، حيث كان يمتعض حين يُهرَع بعضهم إلى حمل متاعه، فيحمله بنفسه ويقول صاحب الشيئ أولى بحمله، وحين يذهب مع إخوانه وأصحابه وأتباعه في سفرة يجمع هذا شيئ ويأتي هذا بشيئ ويُهيِّء هذا شيئاً فيقول وأنا علىّ جمع الحطب، ويجمع – عليه الصلاة وأفضل السلام – معهم، وشاركهم في بناء المسجد، ويحمل كما يحملون وأزيد من ما يحملون، فالواحد منهم يحمل حجراً وهو يحمل حجرين، ولذا شاركهم في جوعهم ومسغبتهم، وكانوا إذا عصبوا على بطونهم حجراً عصب هو حجرين، ففي الحمل يحمل حجرين وفي الجوع يعصب حجرين وإن له لأجرين، صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم، وهو القدوة لمَن أراد أن يقتدي والأسوة لمَن أحب أن يأتسي، فلا معدى عنه ولا مندوحة من مُتابَعته صلوات ربي وتسليماته عليه.

الآن ستسمعون الطرف الآخر الذي بسماعه ستبرز أمامكم مُفارَقة بين موقفي وموقف أمثالي – وأسأل الله أن يُكثِّرهم – أصحاب المنظور الإنساني وهو المنظور الإسلامي الإلهي الباريء من الاستضعاف والاستعباد والاستذلال براءته من التضعف والاستخزاء والذل، فهذا مُستضعِف وهذا مُتضعِّف، وهذا مُستكبِر وهذا ذالٌ لنفسه – والعياذ بالله – لكن الله بريء من الاثنين كليهما، والإسلام بريء من الطرفين جميعاً بضربةٍ واحدة.

قرأت قبل يومين عن ناشطة في دولة عربية – وقد عُدت إلى تسجيلها في اليوتيوب YouTubeووجدت أنها تنعت هذا المُقترَح على أنه الحل الوحيد – أنها ترى ببساطة أن الحل الوحيد لما يتخوَّض فيه شبابنا عُزَّاباً ومُتزوِّجين من فواحش – والعياذ بالله تبارك وتعالى – ومُمارَسة الفاحشة ومُمارَسة ما حرَّم الله وتفريغ الشهوة والطاقة خارج مُؤسَّسة الزواج في أن نعود إلى الجواري والإماء، ولذلك تدعو وتُطالِب هذه الناشطة بحسب اجتهادها بسن قانون للجواري، وتشترط شروطاً من لدنها لا أُريد أن أُضحِككم بذكرها، كأن تكون الجارية بين الخامسة عشر والخامسة والعشرين وأن تكون بيضاء لأن البياض يُجمِّل حتى القبيح، وهذا شيئ غريب ونزعة عنصرية،فالكلام فيه نزعة عنصرية ونزعة استعلائية، وفيه منطق أيدولوجي استعبادي لا ينظر إلا إلى المال، ثم قالت وأن تُشترى بكذا وكذا مائة دينار من عملة بلدها على أن يُصرَف لها بعد ذلك خمسون ديناراً شهرياً، ولها الحق بعد خمس سنوات أن تُغيِّر سيدها، كما له الحق أن يستبدل غيرها بها – الباء تُدخَل على المُبدَل منه – طبعاً، لأنه ثبت لديها علمياً أن الرجل يملون وتعتريهم السآمة ويتخوَّنهم الملل بعد خمس سنوات من الحياة الزوجية وإلى آخره.

تلفيقات – كما قلت – وجمع أطراف ولأمٌ بين هاناتٍ وشذراتٍ وشتاماتٍ على كل حال، وهذه مُفارَقة كبيرة، فنحن نأنف ونشعر بمهانتنا الإنسانية من أجل أن إخواننا بني البشر يخدموننا خدمة مأجورة ويعلمون لدينا عملاً مأجوراً، ولا نُحِب هذا ونتمنى أن تنتهي هذه الظاهرة وأن يتحرَّر الإنسان ليكون عبداً لله وحده وسيداً على كل شيئٍ بعده ولا يسود الإنسان إنساناً، وإن ساد فليسد الجمادات والعجماوات والأشياء والمُخترَعات ولكن لا يسود أخاه الإنسان، لأنه سيد بعنوان إنسانيته بغض النظر عن العوارض الاجتماعية، فهذه عوارض تعرض في دورة حضارية، هى تطفر وتنبغ في دورة ثقافية أخرى ثم تزول – بإذن الله – ويبقى الإنسان – أو المفروض أن يبقى الإنسانُ بالأحرى – إنساناً كما أراده الله وكما نعته وكما خوَّله تبارك وتعالى، وأنا أدري أن هذا المنطق يحلو لمَن يحلو لهم المنطق الإنساني الرحيم ولكنه سيُجابَه ويُواجَه باستهجان وتثريب من الذين يقفون مع حروف الدين ويعجزون ويفشلون مرةً ومراتٍ في ميز العوارض من الذاتيات والعرضي في الدين من الجوهري في الدين، فأين العرضي؟ وأين الجوهري؟ بل قد يُسارِعون إلى القول “اربَعْ على ظَلْعك أيها الرجل وخفِّف من حدتك فأنت تُعرِّض نفسك لشُبهة كفرية بلا مرية”، ومن العلماء المُحدَثين قضى العلَّامة الإمام محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان بتكفير مَن أنكر الرق ومشروعية الرق في الإسلام، فقال هو كافر، وهذا شيئ غريب،وهو مَن هو، هو إمامٌ علم – رضوان الله تعالى عليه – لا يُشَق له غبار، وتفسيره يُعرِّف به ويدل على مبلغه من العلم، ولكن كلٌ يُؤخَذ منه ويُترَك إلا المعصوم. صلوات ربي وتسليماته عليه، فلماذا التكفير إذن؟ لماذا التكفير والحقيقة أن جوهر القرآن وجوهر التشريع ضد الاسترقاق وضد مُؤسَّسة الرق على طول الخط؟ علماً بأن الأدلة على ذلك كثيرةٌ جداً، لكن نكتفي مُجتزئين ببعضها – إن شاء الله – في المقام.

غرَّ هؤلاء أن الله – تبارك وتعالى – في خمسة عشر موضعاً من كتابه الأجل الأعز ذكر ملك اليمين، مثل قوله مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۩،وذلك في خمسة عشر موضعاً، فإذن الرق موجود، ونعم الرق موجود لكن أما أن يكون مشروعاً فهذه مسألة أخرى، ولا تُوجَد قاعدة – ليس هناك ثمة قاعدة – شرعية فقهية أو أصولية تقول بأن مُجرَّد وقوع وحصول ووجود اسم الشيئ في كتاب الله يعني مشروعيته، لا تُوجَد قاعدة تقول هذا أبداً، فهل هناك قاعدة تقول هذا؟ هذا غير صحيح بالمرة، ومن هنا سأبدأ بأقوى نُقطة يُمكِن أن نصل إليها في حجاجنا هذا في خُطبتنا هذه – بإذن الله تبارك وتعالى – وهى النُقطة التي تُقرِّر وتقضي بالتفرقة والتمييز بين المبدأ وبين آثاره، هناك فرقٌ كبير بين المباديء وبين آثار المباديء وما يترتب عليها، فهذه مسألة وهذه مسألة، وبضرب المثال يضح المقام، فالله – تبارك وتعالى – نهى عن الفواحش وعن المناكر في غير ما آيةٍ ثم ذهب – سبحانه وتعالى – يُرتِب أحكاماً شرعيةً على تناولها وتعاطيها والتقذر بها، وقال مَن فعل كذا فعليه كذا وكذا وكذا، ومَن فعل كذا فيجب في حقه كذا وكذا، وإلى آخره طبعاً، فهذه الأحكام لا تعني مشروعية المناكر والفواحش، وواضح أن الله نهى عنها بالنص الصريح، وهذا هو الفرق فقط بين الرق وبين هذا المثال، فهنا الله لم ينه بطريقة صريحة، ولكنه نهى بطريقة مُختلِفة تماماً وهى أكثر حكمةً بما يتعلَّق بمُؤسَّسة الرق أو الاستعباد، فكون الله – تبارك وتعالى – رتب أحكاماً على تعاطي المُنكَرات والفواحش وإلى آخره لا يعني مشروعية الفواحش والمُنكَرات، بل بالعكس قد ورد النهي عن صراحةً، وهناك مثال أقرب إلى مُؤسَّسة الرق وهو الفقر، فكون الله – تبارك وتعالى – في كتابه الأعز رتب أحكاماً تتعلَّق بالفقر والفقراء وأوجب لهم حقوقاً وأنصباء في الزكوات والصدقات والأفياء والمغانم والأسلاب وما إلى ذلكم – وإن في المال لحقً سوى الزكاة كما روى الترمذي – فهذا لا يعني أبداً أن الله تبارك وتعالى – يستحسن الفقر ويُحبِّذه ويدعو إليه من أجل أن نجد نُدحةً لنتصدَّق ونتزكَّى ونُعطي ونقسم، ولكن حين يُبتلى المُجتمَع بالشيئ – المُجتمَع يُبتلى بالفواحش ابتلاؤه بالفقر والمسغبة – لابد من اصطناع تشريعاتٍ بأعيانها تتعاطى بوعيٍ وعدالةٍ وسلامةٍ ورشدٍ مع موضوع الابتلاء، مثل الفقر والواحش والرق كما هو هنا أيضاً، فالرق هو المقصود أصالةً بالمقام اليوم والشرح.

إذن الله – تبارك وتعالى – لا يُحبِّذ ولا يستحسن الفقر ولكنه يتعاطى معه بنصب علائم واصطناع أحكامٍ شرعية لرفع خصاصة الناس وتضييق الهوة بين الواجد والمُعدِم وبين الغني والفقير، أي تضييق الهوة بين الطبقات كما يُقال، وهذا لا يعني أن الفقر شيئ طيب ومَن حارب الفقر فقد حارب الشرع لأن الشرع أتى بأحكام كثيرة تتعلَّق بالفقر والفقراء، فأي عقلية هذه؟ لكن هذه عقلية اليوم علماء وعلماء كبار ورسائل دكتوراة في الجامعة ويأخذون عليها الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، فيُقال لك كيف تُنكِر أحكام الرقيق؟ كيف تُنكِر الرقيق لأنك تُنكِر أحكامه؟ ونحن نقول فرِّق بين المبدأ وآثاره يا رجل، فأي منطق هذا؟ وأي منهج هذا في الاستنباط؟ فرِّق بين المبدأ وآثار المبدأ!

مَن تأمَّل في الشريعة وغضونها وتفاصيلها وأنحائها من غير ما زاوية من زوايا النظر رأى أن الشرع الحنيف يُفرِّق بين الكفرِ وآثاره، ويُفرِّق بين الكفر وبين الشرك من جهة وبين الكافرِ والمُشرِك من جهةٍ أخرى، فهذا له حكم وهذا له أحكام تتعاطى مع الظروف والمُلابَسات والاشتراطات والإكراهات وأشياء كثيرة، أليس كذلك؟ هذا هو إذن، ولذلك قالوا ليس كل مَن وقع في الكفر وقع الكفر عليه، لأن قد يقع مُؤمِن مُوحِّد في الكفر وهو ليس بكافر ولا يأخذ أحكام الكافرين أيضاً، وهذا حتى من جهة الآثار بحيالها، فهذا شيئ وهذا شيئ، وأما مسألة الرق فنعم نُقرِّر بنفس المنطق مُطمئنين وواثقين أن الإسلام ابتُليَ بها، حيث جاء التشريع وهذه مُؤسَّسة عريقة جداً، وهى قديمة تقريباً قدم الاجتماع الإنساني إلا قليلاً، فهى مُغرِقة في القدم، وقد عرفتها واصطنعتها وتعاطت معها تقريباً مُعظم إن لم يكن كل الحضارات والثقافات، والعرب لم يكونوا بدعاً من الأمم، وجاء النبي – صلوات ربي وتسليماته عليه وآله وصحبه – فوجد هذه المُؤسَّسة وقد ضربت بجذورها في الأرض واستعلت واستعلنت بفروعها في السماء وتخلَّلت أنحاء الاجتماع والثقافة والاقتصاد، فلو قد ذهب الشارع الحكيم يجتثها بضربةٍ واحدة لما أجدى شيئاً، بل لعله كان يُنتِجُ ثورةً وهباتٍ لا يعلم عاقبتها إلا الله – تبارك وتعالى – وانتفاضة على التشريع والمُشرِّع بل وردة في المُجتمَع حتى بين المسلمين أنفسهم – أي بين بعض المسلمين – أيضاً، فلماذا إذن؟ لأن اجتثاث هذه المُؤسَّسة – كما قلت – التي ضربت في أنحاء الاجتماع والاقتصاد والثقافة بجذورها وبسقت بفروعها وآتت ثمارها المُرة والخبيثة والطيبة لبعض الناس المُستحلاة اللاذة سيعني اضطراباً أو سيعني إحداث اضطرابٍ عظيمٍ جداً في قضايا الاجتماع وفي قضايا الاقتصاد، وهذا غير مُمكِن، فلا يُمكِن للشارع أن يتهوَّر ويفعل هذا، وخاصة أن الشارع هنا هو الله – تبارك وتعالى – الذي يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ۩ والدليل على صحة ما ألمعتُ إليه ما تعرفونه مما هو مزبور في كتب السيرة والمغازي، ففي هوازن – حنين – بعد أن وضعت الحرب أوزارها جاء جماعات من المأخوذين إلى رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً – فقالوا يا رسول الله مُنّ علينا فإنا أهل عشيرة مَنّ الله عليك، يتلمَّحون قوله تبارك وتعالى فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۩ ويعلمون أن هذا من هدي الإسلام ومن سماحته ومن سعة نطاقه واندياح مناديحه في الرحمة والعدالة والإنسانية، فهم يعلمون هذا وقد تناهى إلى سمعهم غير مرة خاصة وأن الآية مكية في سورة القتال أو محمد – صلى الله على محمد وآله وصحبه – طبعاً، قال الله فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ – والمقصود هو الأسر، أي خُذوهم أسرى – فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ – فتمنوا عليهم بلا مُقابِل وبلا نوال وبلا فدية، أي أطلقوا وحرِّروا الأسرى- وَإِمَّا فِدَاءً – وأما أن تُفادوهم وتُطلِقوهم مُقابِل نظير ونوال – حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ۩ وليس هناك خيار ثالث، فليس هناك الاسترقاق، وإلا أوجِدونا الاسترقاق في آية واحدة من كتاب الله، فبما يتعلَّق بأحكام الأسرى الخيار مُزدوَج ثنائي وليس ثلاثياً، إما أن تُحرِّرهم لوجه الله بلا نوال وإما أن تُحرِّرهم بنوال، وانتهى الأمر، فلا يُوجَد خيار ثالث يسمح لك أن تسترقهم وأن تستعبدهم، هذا غير موجود، وإلا أوجِدونا إياه في كتاب الله، فلا تُوجَد آية واحدة تقول هذا، وسيعجز العالمون إنسهم وجهنم عن إيقافنا على مثل هذه الآية التي تأمر بالاسترقاق كأن تقول خُذوهم أسرى أرقاء بعد ذلك، فهذا غير موجود.

الأسر شيئ والاسترقاق شيئ، والفرق بينهما فرقٌ بين الثرى والثريا، فرقٌ بين السُهى وشمس الضُحى كما يُقال، فالأسر ينتهي إلى غاية، والغاية مذكورة بقوله حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ۩، وبلا شك هى خُطة استراتيجية وهى خُطة عسكرية حكيمة، بأن يُؤخَذ هؤلاء المُقاتلة أسري وأن يُظفَر بهم حتى يُكف شرهم، فمن غير المعقول أبداً أن نأخذهم ثم نُطلِقهم ليعودوا إلى القتال ويُعاوِدوا الكرات علينا، وإنما نأسرهم حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ۩ ويظهر الظافر من المُنكسِر، وبعد ذلك نحن مُخيَّرون فيهم، فيُمكِن للنبي ويُمكِن للإمام ويُمكِن للقائد أن يُثخِن – حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ ۩ – في مُجرِمي الحرب منهم، فيقتل مُجرِمي الحرب وقد فعلها النبي، النبي قتل عقبة بن أبي معيط لعنة الله عليه، ومعروف عقبة ومعروف تاريخه مع محمد – صلى الله عليه وسلم – في مكة، فعقبة – لعنة الله عليه – هو الذي وضع عليه سلا الجزور، وقد قتل النضر بن الحارث الشيخ الكبير الذي كان يُحرِّض – هو مُحرِّض بكل وسائله – وذلكم في بدر، ولكنه بالإزاء منَّ على ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة، فمنَّ على هذا الرجل وأسلم من قريب، ففي ساعته أسلم بعد أن منَّ عليه، حيث ذهب غير بعيد فاغتسل ثم عاد وأسلَم في القصة المشهورة الجميلة المُؤثِّرة، لكن أوجدونا مثالاً واحداً أن النبي استرق أحداً من أسراه، فالنبي أسر الصناديد منقريش وإما قتل وإما منّ، أوجدونا صنديداً أو سيداً أو واحداً قرشياً أو عربياً كبيراً معروفاً النبي استرقه، هذا غير موجود ومن ثم ستعجزون عن هذا، ولكن ستجدون عشرات المُفسِّرين يقولون أن النبيُ قتل بعض أسراه وأثخن فيهم ومنَّ على بعض وفاد ببعض واسترق بعضاً، ولا يقعون على مثال واحد على هذا التنظير الرابع، فأين استرق أحدهم؟ أوجدونا هذا، هم يأتون بالأمثلة حتى إذا بلغوا الاسترقاق أعيتهم الحيلة، فهذا غير موجود ولكن هذا من فهومهم، وهم عكسوا الأصول على الفروع وردوا الأصول إلى الفروع، والحق أن الفروع تُرَد إلى الأصول وأن التنظير يُرَد إلى النصوص، فالنصوص لابد أن تهدي في التنظير، لا أن تُنظِّر أولاً ثم تذهب تطلَّب شيئا في النصوص فإذا أعيتك سكت وكأن المقام – مقام التنظير – مُكتفٍ بذاته، فهذا غير صحيح، وهذا نوع من الخلط والخبط المنهجيين الذي ينبغي على العالم المتين أن يبرأ منهما حين يذهب يُنظِّر أو يُقعِّد ثم يُطبِّق لما نظَّر وقعَّد، وعلى كل حال هم قالوا للرسول فإنا أهل عشيرة مُنّ علينا مَنَّ الله عليك، فقال لهم اختاروا بين أبنائكم ونسائكم وأحسابكم وأموالكم، قالوا يا محمد خيَّرتنا بين أحسابنا وبين أموالنا واخترنا أحسابنا، نساءنا وأبناءنا، فقال فإن ما لي ولبني عبد المُطلِب – ما وقع في يدي من أسارى ومن سبي وفي يد عبد المُطلِب كلهم،
بنو جعفر وبنو عقيل وبنو طالب وإلى آخره – لكم.

الله أكبر، فالنبي قال هذا مُباشَرةً، لأنه مُتشوِّف – صلى الله عليه وسلم – إلى التحرير وإلى الحرية، ثم قال فإذا صليت الظهر – يقول لهم انتظروا – فقوموا فقولوا إنا برسول الله على المسلمين وإنا بالمسلمين على رسول الله في أبنائنا ونسائنا، أي نستشفع بالرسول على المسلمين ونستشفع بالمسلمين على الرسول أن يهب لنا أبناءنا ونساءنا، أي ذرارينا وما يُعرَف بالسبي، فلما صلى وانصرف من صلاته قاموا فقالوا العبارة التي لُقِّنوها – النبي لقَّنهم إياها – وهى إنا برسول الله على المسلمين وإنا بالمسلمين على رسول الله في نسائنا وأبنائنا، فقام – صلوات ربي وتسليماته – وقال – ما أعظمه حقاً، بالله يا إخواني وأخواتي انظروا إليه لا بمقياس عصرنا وستجدونه عظيماً بمقياس عصرنا كل عظمة ولكن انظروا إليه بمقياس عصره وستجدونه مُضاَعف العظمات، إي والله، فهو يقول هذا في عصر كان الاستعباد شيئاً عادياً، بل هو أقل من عادي وأقل من العمل المأجور والخدمة المأجورة اليوم، أقل بكثير طبعاً، فهو شيئ عادي كالنفس، لكن النبي يفعل هذا، فانظروا إلى خُطته وما لقيت من مُجابَهة ومن صد ومن شبه تمرّد وتحريض – لهم إن ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، أي أنه قال لمَن نشده واستشفع به تنازلت أنا وكل أقربائي – أنا وكل حمولتي وعشيرتي – لكم، هو يمنّ عليهم كما نقول بالعامية، فقام المُهاجِرون – رضوان الله عليهم – وقالوا وإن ما لنا فهو لرسول الله وهو لكم، أي خُذوهم، وقام الأنصار – رضوان الله عليهم – وهم هم فقالوا وإن ما لنا فهو لرسول الله وهو لكم، وقام عُيينة بن بدر الفزاري وقال أما أنا فإن ما لي ولبني فزارة فلا.

اتفو عليك – كما يقولون – فعلاً، أفٍ وتف لك يا أيها المُؤلَّف قلبه، فهو الأحمق المُطاع كما سماه عمر – رضوان الله على عمر – فعلاً، هو أحمق مُطاع حقيقة، فأف وتف ألف مرة عليه وعلى أمثالك، هذا القلب الجافي الغليظ القاسي الكذوب يُجابِه الرسول بهذا، وقام الأقرع بن حابس التميمي وقال وما لي ولبني تميم فلا، أي أن حقنا لنا، فلماذا تغصبنا حقنا وتُحرِجنا وتُحرِّج علينا في حقوقنا؟ هذه حقوقنا وهذه سبيٌ لنا، فهؤلاء مُؤلَّفة قلوبهم – والعياذ بالله منهم – ولم يتشرَّبوا بالإسلام الصحيح ولم يجدوا بشاشة الإيمان المليح،وقام العباس بن مرداس السُلمي وقال وإن ما لي ولبني سُليم فلا، فقام الحيان – المُهاجِرون والأنصار – وقالوا له كذبت، فإن ما لك هو لرسول الله، أي كذبت وأثمت يا بعيد، كيف تقول هذا لرسول الله؟ فهم غضبوا وحُق لهم أن يغضبوا – رضوان الله عليهم وعلى غضبهم وعلى مَن غضب منهم – طبعاً، ومن ثم قالوا كذبت، فإن ما لك هو لرسول الله، لكن الرسول أراد أن يُهدّيء هذه الثائرة، فهؤلاء ثلاثة – سيد بني فزارة وسيد بني تميم وسيد بني سُليم – والمسألة صعبة، ومع ذلك ويأتيك الآن مُتحذلِقون من علمانيين وليبراليين ومُستشرِقين شرقيين وغربيين ويقولون لماذا لم يمح الإسلام الرق بضربة واحدة؟ أما تقرأون السيرة؟ أما لكم عقل؟ اقرأوا وأنصفوا ورجِّحوا وحاكموا وقارنوا فالعلم مُقارَنة ووعي، فالله يُحِب الإنصاف، والإسلام ملآن زريِّان – والله – بحب الحرية والتحرير، وسوف ترون مصداق هذا بعد قليل في أحداث وآيات كثيرة ولكن لابد من اصطناع خُطة رشيدة حتى لا تثور ثائرة أمثال هؤلاء وحتى لا تنقلب الخُطة وبالاً على المُجتمَع وعلى الشرع والتشريع برمته فيفسد الأمر كله، ما هكذا تُورَد يا سعدُ الإبل كما يُقال، ولكن بحمد الله هذه ليست إبل سعد وسعيد وسعدان، إنها إبل رب العالمين، ولذلك عرف كيف يُورِدها وكيف يُصدِرها، وقد أوردها أحسن إيراد وأصدرها أحسن إصدار، ثم قال رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – أيها الناس خلوا ما بأيديكم، ثم وعدهم أن مَن خلا ما بيديه فله ست فرائض مما يُفيء الله عليه، ثم ركب راحلته وانطلق فاتبعوه حتى ألجأوه إلى سمرة – شجرة فيها شوك وما إلى ذلك – فخطفت رداءهوهم يقولون اقسم بيننا فيئنا يا محمد، فهل رأيتم ماذا فعل هؤلاء وأمثالهم؟ أدركوا النبي وقالوا له تعال هنا، إلى أين تذهب؟ نحن نُريد أن تقسم الفيء، فنحن لا نُسامِح في هذا، وهذا هو معنى اقسم بيننا فيئنا يا محمد، فغضب النبي حتى رُؤيَ هذا في وجهه وقال لهم والذي نفسي بيده لو كان عدد شجر تهامة نعماً – أي أنعاماً مثل المواشي والأبقار والأغنام والجمال والنوق والمعز – لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني – أي لا تجدونني – بخيلاً – أي أنني لستُ بالبخيل – ولا جباناً ولا كذَّاباً، يقول الرواي ثم إنه مال على سنام جمل أو ناقة فأخذ منه بين السبابة والإبهام وبرة – وبرة من سنام الناقة أو الجمل – فرفعها هكذا في الهواء لكي يروها وقال إنها لا يحل لي من مالكم هذا مثل هذه، أي أن هذه الوبرة لا أستحلها لنفسي، فأنا أكرمكم وأنا أعدلكم – هذا معنى الكلام – وأنا أتقاكم لله وأنا أجودكم وأنداكم يداً وأسمحكم نفساً، ثم قال لا تحل لي إلا الخُمس، والخُمس مردودٌ فيكم، أي حتى الخُمس لا أُريده وسأتركه لكم، فأنا سأعيش فقيراً أو كالفقير وكذلك أموت فقيراً أو كالفقير، لأن الخُمس سأرده فيكم لأنني لا أُريد خُمسكم.

الله أكبر، فالله – تبارك وتعالى – هو الذي خوَّله هذا، لكنه قال والخُمس مردودٌ فيكم،وانظروا إلى التحدي – هو تحدٍ صعب – الآن، حيث يأتيكم هؤلاء المُتهوِّكون ويقولون لمَ لم يشطب على الرق بجرة قلم؟ لكن ليس هكذا تجري الأمور، متى حصل هذا أصلاً؟ ومَن الذي شطب على الرق بجرة قلم ونجح الأمر معه؟

الرئيس الأمريكي الشهير المُوحِّد للشمال وللجنوب وقائد حرب تحرير العبيد التي من أجلها لقيَ حتفه طبعاً أبراهام لينكون Abraham Lincoln – هذا الرجل قُتِلَ من أجل أنه كان مع العبيد وضد استعباد الناس حقيقةً – حين أراد فعلاً أن يُحرِّرهم بضربة واحدة فشل حتى مع العبيد أنفسهم لأنهم غير مُهيّأين نفسياً وغير مُهيّأين اجتماعياً وغير مُهيّأين اقتصادياً ومالياً وغير مُهيّأين ثقافياً، ومن ثم هم لا يُريدون هذا، فقد تعوَّدوا على ذلك، وبالتالي لابد من خُطة التدرج والتدريج.

إذن علينا أن ننتبه إلى وجود فرقٌ بين مقامين، وهما مقام الإبطال ومقام التنفيذ أو مقام الحكم ومقام التنفيذ، فأما الحكم فنحن نُقر ونُقرِّر وواثقين – بإذن الله تبارك وتعالى – أن الإسلام أبطل الرق ولم يُبح استئنافه بضربة واحدة، فهذا هو مقام الحكم، أما مقام الإنفاذ والتنفيذ فقد اصطنع فيه خُطة التدرج والتدريج لكي ينجح، فهل نجح؟للأسف لم ينجح، والسبب المسلمون الذين أعادوها جذعة – والعياذ بالله – وتوسَّعوا في الاسترقاق واستعباد عباد الله وجعلوه من أهم أهدافهم وتلمّحاتهم ومقاصدهم في موضوع الجهاد، وإلى اليوم تجد من الشباب المسلم الواعي المُخلِص الصادق الخشوع التالي للقرآن في المحاريب والسفَّاح للدموع مَن يقول “آه على الجهاد، حي على الجهاد، لو كان هناك ثمة جهاد حقيقي لأسرنا وسبينا وتمتّعنا بالإماء”، فهل هذا هو مقصودك يا مسكين؟ هل هذا الذي فهمته من دينك ودين رسولك الذي هو رحمة للعالمين؟ قال الله وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ۩، وأنت تتوعَّد الناس بالاستعباد وبالاسترقاق من أجل شهوة حقيرة تُريد أن تُفرِغها وأن تتمتّع وأن تتوسَّع فيها يا رجل، يا رجل أعد النظر في فهمك للدين يا أخي.

هذا – والله العظيم – لو كان له علاقة مع الله حقيقية لشغلته عن هذه التوافه، لكنه يُفكِّر بطريقة تافهة، فقط يُفكِّر في الجنس والنساء والجواري والعشرة والعشرين والثلاثين، فهل هذا الرجل قلبه مُعلَّق بالله؟ هذا كلام فارغ، فأصبح الدين طقوساً، ولذلك تقول الآية الكريمة فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ۩ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ۩ فَكُّ رَقَبَةٍ ۩، وليس ركوب رقبة والنزول على الرقاب واستعباد الناس ذُكراناً وإناثاً بإسم الدين، فالله يقول هذه عقبة، والعقبة العُظمى والعقبة الكُبرى لا تُفَك ولا تُقتحَم إلا بجُملة خصال تتقدَّمها في رأسها خصلة فك الرقاب، فإذن أعتق الرقبة وفكها، والنبي لم يصح عنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – أن كان لديه أي عبيد، ووربما بعضكم إن لم يكن كلكم يظن أن النبي كان عنده أرقاء وعبيد، وهذا غير صحيح، فالنبي ليس له أي عبد، لم يكن لديه ولو عبدٌ واحدٌ، لأن النبي حرَّر ما تحت يده من العبيد في الجاهلية – أي الذين ورثهم في الجاهلية – وحرَّر كل ما أُهديَ إليه من العبيد، وعنده فقط موالي، ومن هنا يُقال لك فلان هو مولى رسول الله، فثوبان مولى رسول الله وقزمان مولى رسول الله وهكذا، ونفس الشيئ مع مولى أبي بكر وأسلم مولى عمر وحمران مولى عثمان وفلان مولى عليّ وهكذا، فكلهم كانوا من الموالي، لكن ما معنى موالي؟ عُبدان حرَّرهم أسيادهم، فالسيد يشتريه ليُحرِّره لوجه الله، ويبقى ولاؤه لسيده ويبقى قلبه مُعلَّقاً بسيده طبعاً، فسيده هو الذي حرَّره ومَنَّ عليه برقبته وبإنسانيته، لأن الحرية تُساوي الإنسانية، وعلينا أن ننتبه إلى أن إنسانية بلا حرية – والله – ليست إنسانية، فهى ليست فقط منقوصة بل هى ليست إنسانية أصلاً، لكن إذا قرأتم أحكام العبيد والإماء في الفقه سوف تقشعر أبدانكم وسوف تقولون هل الدين يُريد هذا؟ هل الدين يُريد استئناف هذا واستبقاء هذا؟ لكن لا والله، فالفقهاء هم الذين أرادوه، أما الله فوالله لم يرده، لا الله ولا رسوله أرادا هذا، ومع ذلك يُوجَد أحكام غريبة مُفظِعة في الفقه إلى اليوم، فيُقال أن لا شهادة له ولا ولاية له، وأن يتزوَّج باثنتين فقط، أي على النصف منا كأنه كسر إنسان، ويمتلك أو يملك على زوجته تطليقتين لا ثلاثاً، وهى تحيض بحيضتين لا بثلاث حيض، ولا زكاة عليه لأنه لا ملك له وبالتالي لا استطاعة له إلى الحج فلا حج أيضاً، فهم اسقطوا الحج عن العبد، وقالوا لا حج عليه ولا زكاة عليه ولا فطر عليه – أي صدقة الفطر – لأن لا ملك له، بل بالعكس هو تُؤدّى عنه ولا يُؤدّيها ولو كان ذا مال، وأشياء كثيرة قالوا فيها لا ولا ولا ولا ولا، وأحكام أكثر وصلت إلى مئات الأحكام، وبسهولة يُمكِن أن تقع على مائتي من هذه الأحكام التي تتعلَّق بالعبيد وتقشعر لها الأبدان، فضلاً عن أنه لا جمعة عليه، والعبد ليس واجباً عليه أن يُصلي الجمعة، إن أذن له سيده فلا بأس ولكن هذا غير واجب، فلا جمعة عليه، وكذلك لا عيد عليه عند مَن قال وجوب العيد ولا وجوباً على الكفاية، أي لا عيد عليه ولا جمعة عليه وكل شيئ لا عليه ولا عليه ولا عليه وهكذا، وهذا شيئ غريب، بل قالوا لا إقرار له، فهو لا يُقِر حتى لأنه ليس إنساناً بل بالعكس، وعودوا إلى المُدوَنات الفقهية في القديم والحديث واقرأوا تعريف الرقيق، فما هو الرقيق كأثر من آثار المبدأ وهو الرق، أي الاسترقاق والاستعباد؟ هو ضعف حكمي يُوجِب تأهُل مَن قام به لأن يُمتَلك، أي يُصبِح ملكاً، فيقول الفقهاء أنه يُمتَلك كما تُمتَلك المُباحات والأشياء من صيدٍ وغيره، أي أنك تصيده وتمتلكه كما تمتلك الصيد، فأنت تأخذ أي شجر أو أي حشيش وتعضده فيصير لك ولسآمتك من المُباحات، وهذا أيضاً كالمُباحات الآن!

الله أكبر يا أخي، ما هذا المنطق التشيئي؟ هم يتحدَّثون عن الإنسان بمنطق تشيئي على أنه شيئ من الأشياء، ثم ترون العشرات والمئين من العلماء والمُفكِّرين وأهل الذكر والفكر إذا ذهبوا يُعالِجون مسألة الإسلام وموقفه من الرق يمنون على العالم وعلى الأرقاء أو العُبدان دائماً بأن الإسلام أوجب من حُسن مُعامَلتهم وحُسن التعاطي معهم ما لا يُقارَن بما فعله الآخرون، فلا ليس هكذا، ليس هذا المنطق الرجيح،هو صحيح في ذاته ولكنه ليس بالمنطق الرجيح، فلماذا؟ لأن الله – تبارك وتعالى – أكرم وأرحم من أن يُغامِر بمصائر الملايين من عباده ليجعلها في أيدي عبادٍ أمثالهم ثم الأمر من بعد لهم إن شاءوا أحسنوا إليهم وإن شاءوا أساءوا، وأنا أقول لكم والله الذي لا إله إلا هو كثيرٌ – لا أقول أكثر ولكن كثيرٌ – مِمَن يعمل أُناس تحت يديه – ليسوا عُبداناً وليسوا جواري أو إماء عنده وإنما هم عُمَّال ومُوظَّفون – يستعبدونهم ولا يُحسِنون إليهم بل يستذلونهم ويُهينونهم وكله بإسم لقمة العيش، فكيف الحال لما يكون عبداً عنده؟ ونحن الآن نسمع في بعض الدول التي فيها خوادم وخادمات – هم ليسوا عبيداً أو إماء وجواري – مثل هذه الأشياء، فالواحدة منهن تكون خادمة – أي تعمل عملاً مأجوراً – ومع ذلك تُهان، فنسمع عن الاغتصاب وتضييع الحقوق والضرب والتثريب الدائم، وهذا يحصل كثيراً – لا يحصل قليلاً بل يحصل كثيراً – طبعاً، فهل الله – عز وجل – يُريد أن يُوكِل هذه المسألة إلى ضمائر الناس ويكتفي فقط بالأمر ويأمرنا بأن نُحسِن؟ لا طبعاً، الله لم يكتف بهذا، الله – تبارك وتعالى – قصد مُباشَرةً إلى منع الاسترقاق، وأعود وعوداً على بدء لكي أقول أوجدونا آية واحدة تُشرِّع للاسترقاق، ولكن نحن سنُوجِدكم وأنتم واجدون لها عشرات الآي التي تأمر بالعتقِ وفك الرقاب، فمعنى أن تُعتِق أن تنفرد، ومعنى أن تفك أن تُشارِك، فالنبي فسَّرها هكذا، وانظروا إلى هذا الفهم الدقيق، حيث يُوجَد فرق بين عتق رقبة وبين فك رقبة، فمعنى أن تُعتِق أن تنفرد بذلك، وفي الصحيحين قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – أيما رجلٍ أعتق امرءً مسلماً أعتق الله بكل عضوٍ منه عضواً منه من نار جهنم، الله أكبر، وهذا رواه البخاري ومسلم، فماذا تُريد أكثر من هذا؟ولذلك كان الصحابة – عبد الله بن عمر وحكيم بن حزام قريب خديجة وغيرهم – يشترون العشرات والمئين من العبيد ويعتقونهم، فعبد الله بن عمر أعتق ما يقرب من ألف عبد، وهؤلاء كانوا ثروة طائلة بالملايين، فهم هؤلاء كلَّفوه الملايين – ملايين الدراهم – طبعاً، لكن هو كان يشتريهم ويعتقهم ويشتريهم ويعتقهم، أما حكيم بن حزام على ما أذكر – لم أُراجِع هذا لأنني قرأته وأنا صبي صغير – اشترى وأعتق زُهاء أربعمائة وخمسمائة تقريباً، وذلك بملايين الذهب والفضة، فلماذا إذن؟ لأنه يعلم الأجر الذي عند الله ويعلم أن هذا هو مقصود الله تبارك وتعالى، فلابد من العتق والتحرير، حرِّروا عباد الله!

يُوجَد لدينا شيئ إسمه المُكاتَبة، فأين هم من آية المُكاتَبة؟ قال الله وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ۩، وليس هذا فحسب بل قال وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ۩، أي أعينوهم على الكتاب وأعينوهم على المُكاتَبة،ومعنى المُكاتَبة وجود سيد أو سيدة عنده – أي في ملكه – جاريةٌ – أمةٌ – أو عبدٌ، وهذه الجارية أو الأمة أو العبد قال لسيده أو سيدته يا سيدي أو يا سيدتي أُريد أن أشتري نفسي، أُريد أن أتحرَّر وأن أشتري حريتي وأن أعود إلى إنسانيتي لقاء مال أؤدّيه لكَ أو لكِ، فكم تُريد ؟ هل تُريد ألفاً أو خمسة آلاف أو عشرة آلاف أو خمسين ألفاً أو أربعيناً ألفاً؟ سوف أُعطيك هذا في مُدة نتفق عليها ونتوافق عليها – مثل في في خمس سنين أو في سنة أو في ستة أشهر أو في عشرين سنة – كتابة، فهذا إسمه الكتابة أو المُكاتَبة، والله يقول فَكَاتِبُوهُمْ ۩، وقد ذهب إلى وجوب الكتابة أو المُكاتَبة عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، وهذا ليس بدعاً لأن عمر هو القائل متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتم أحراراً؟ وعمر هو الذي ذهب إلى تحريم سبي العرب وقال لا سباء لعربي، فممنوع أن يُسبى عربي، لأنه يُريد أن يُضيِّق مع أن ليس عنده أي دليل، وإذا كان لا سباء لعربي فكأن عمر يتلمَّح مرحلة أو زمناً – إن شاء الله – يأتي يكون فيه لا سباء لأحد من خلق الله، لأن في النهاية لا فضل لعربيٍ على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، وهذا الدين لا يُفرِّق على أسس إثنية وعرقية بين البشر، حاشاه أن يفعل هذا، فهذا الدين العظيم كفر وهجَّن هذا المُنطلَق الإثني العرقي، تقول الآية الكريمة إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۩، والنبي قال الناس لآدم ، وآدم من تراب، فعمر قال إذن لا سباء لعربي، وهذا معروف وقد ثبت عنه أنه قال هذا، وقد رواه البيهيقي في السُنن الكُبرى، وثبت عن عمر بن عبد العزيز – رضيَ الله عنه – مثل هذا، وعليه العمل عند أهل العلم كما قالوا، فلا سباء لعربي، وبالتالي – إن شاء الله – لا سباء لغير عربي، أي لا سباء لأي إنسان، فالمفروض نصل لهذا المُستوى الراقي من الفقه الجوهري، من الفقه الذاتي للدين وليس العرضي أو العروضي.

على كل حال ذهب عمر إلى وجوب المُكاتَبة، وذهب إليها عطاء وهو أحد قولي الشافعي وأخذ به الظاهرية وهو الذي رجَّحه أبو جعفر بن جرير الطبري فضلاً عن آخرين، فهم قالوا بوجوب المُكاتَبة، أي يجب أن تُكاتِب، وروى البخاري في صحيحه عن موسى بن أنس – وهذا ابن أنس ابن مالك وإسمه موسى رضيَ الله عنهما – قائلاً أراد سيرين أن يُكاتِب أنساً – سيرين كان عبداً عند أنس بن مالك وأراد أن يُكاتِبه – فقال سأُعطيك مالاً نتوافق عليه ثم أملك نفسي فأبى، أنس قال لأ لأنه يُحِب هذا الخادم أو هذا العبد، فقال له لأ، سوف تبقى في العبودية عندي، فقصد إلى عمر وقال يا أمير المُؤمِنين أردت الكتاب ولم يُكاتبني، فأتى عمر وقال كاتبه يا أنس، وأنس بن مالك هو صحابي جليل وخادم الرسول، فقال لا، فضربه بالدرة وتلا عليه قول الحق – تبارك وتعالى – وهو يضربه وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ۩ كأنه يقول له ما هذا؟ هذا واجب، أي أن الأمر للوجوب، لكن ذهب الذين قالوا أنه ليس للوجوب وإنما إلى الندب قائلين “سلَّمنا وآمنا أن الأمر للوجوب إلا أن تقوم قرينة صارفة تصرفه إلى حكمٍ آخر كالإباحة أو الندب”، لا يُمكِن أن يكون للوجوب ويُصرَف للكراهة – مثلاً – أو للحُرمة، فهذا مُستحيل طبعاً، لذا ينصرف بالقرينة إما إلى الإباحة وإما إلى الندب، وهو أقرب إلى الوجوب، وذهبوا إلى أن القرينة مذكورة – أي ذكرية – وهى قوله في الآية التي تقول إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ۩، فقالوا “وكل الله – تبارك وتعالى – الاجتهاد في هذه المسألة إلى المولى أو إلى السيد، فهو حر في هذا، فهو يُقدِّر هل فيه خير هذا أم ليس فيه هذا، ولذلك الأمر لا يكون للوجوب”، وهذا اجتهادٌ ضعيف، فنحن نرده ونقف مع سيدنا عمر بن الخطاب إمام الحرية وإمام العدالة وإمام المُساواة بعد رسول الله، لكن لماذا؟ لأن الخير هنا قد يُراد به – وهو القول الراجح – الإسلام، والإسلامُ أمرٌ ظاهر لا يُوكَل أمر الاجتهاد فيه إلى مولى وغير مولى، فهذا أمر ظاهر سواء أسلم أو لم يُسلِم، على أن المُراد هنا – أي في قوله إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ۩ – إذا أسلموا هو قول الله تبارك وتعالى وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ۩، والمقصود عند أكثر المُفسِّرين كما قالوا يدعون إلى الإسلام، وقال الله – تعالى – في الأنفال قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ ۩، وأكثرهم على أن المُراد بالخير الأولى هو خير الإسلام وإرادة الإسلام، والعجيب من فقهائنا – طيَّب الله ثراهم ورضيَ الله عنهم وجزاهم جزاء شاكر على حُسن ما قدَّموا للأمة وإن أخطأوا فكل مُجتهِد مأجور وإن أخطأ بأجرٍ واحد – أنهم قالوا “الأسير إذا بقيَ كافراً فنحن مُخيَّرون فيه بين أن نقتله إذا كان مُجرِم حرب – بلغة العصر – وبين أن نمنّ عليه أو نُفادي به”، وهذه خُطة عادلة، ثم قالوا “أما إذا أسلم الأسير – انظروا بالله إلى هذا المنطق، فهو منطق غريب جداً جداً لكنه منطق الفقهاء رحمة الله عليهم وعلينا معهم أجمعين الذين قالوا به – صار رقيقاً عبداً بحكم إسلامه، وهذا ما قاله الحنابلة، أي أنه لم يستفد من الإسلام إلا أنه أصبح عبداً فطالت المُدة الآن، في حين الذي يستفيد من التخيير هو الذي يبقى في كفره، فإذن خيرٌ له ان يبقى كافراً، لكن هذا المنطق يقول به الفقهاء؟ فهذا فقه مذهبي وهناك مذاهب تقول بهذا، فهم قالوا بحكم الإسلام مُباشَرةً يُصبِح رقيقاً ويُصبِح عبداً وينتهي كل شيئ، ثم يتحكَّم فيه سيده بعد ذلك، لكن ماذا عن الإسلام يا جماعة؟ النبي قال أُمِرت أن أُقاتِل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها – وحق المال هو الصدقة والزكاة، أليس كذلك؟ وحق النفس هو الدم، أي ألا تُقتَل وهى معصومة إلا في حدٍ أو بقصاص،وهذا هو معنى الحديث – وحسابهم على الله، أي أن النبي قال كفوا عنهم، والله يقول في التوبة يا جماعة في موضعين مثل هذا، فقال فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۩ وقال أيضاً فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۩، فالله يقول خلوا، أي اتركوهم وحرِّروهم، لكن هم قالوا لأ، إذا أسلم سوف نقول له تعال هنا لأن ليس لدينا تخلية، وهذا شيئ عجيب، فأي فقهٍ هذا؟ هذا الفقه ضد الآية وضد منطوق الآية، لكنهم قال لك هذا هو لأن عندنا تأويلات، وعندهم طبعاً تأويلات، فهم ليسوا بهذه البساطة لأنهم فقهاء أجلاء، ولكن على كل حال هم يُصادِمون ظواهر هذه النصوص وإن لم يُصادموا بواطنهم باجتهادهم – إن شاء الله – الذي أُجِروا عليه وبه، فصار الكفر خيراً لصاحبه من الإسلام، وهذا لا ينسلك في ذهن مسلمٍ مُحترَم، ولا ينسلك في ذهن مسلمٍ عالمٍ مُجتهِد مُحترَم، هذا غير معقول، لكنهم ذهبوا يتأوَّلون وقالوا هذا حق الإسلام، فإذا أسلم يُعصَم دمه ولكن عصمة المال والعِرض غير موجودة، فلا يُوجَد مال، لأن ليس للعبد أي ملك، فكله لسيده هو وما ملك، وأي عِرض هو لسيده، ولذا قالوا لا تُوجَد عصمة العِرض ولا عصمة المال غير موجودة، أما بالنسبة لعصمة الدم فإنه يُقتَل مادام أسلم، ولكنه يصير عبداً لنا، وهذا شيئ غريب، وهو مُصاِدم – كما قلنا – لظواهر النصوص، والإسلام أعظم من أي شيئ يا أخي، لكنهم قالوا تعارض حقان، حقٌ قديم وحقٌ حادث، والحق القديم دائماً له الأسبقية، فالأحقية بالأسبقية وهذه قاعدةٌ مُقرَّرة، لكن هذا كلام إنشائي غير دقيق، فما معنى الأحقية بالأسبقية؟ هذا القانون روماني طبعاً، لكن هم اعتقدوا أن هذه قاعدة مُقرَّرة في الشريعة الإسلامية، في حين أن ليست مُقرَّراً أن الأحقية بالأسبقية، لكن ما معنى الأحقية بالأسبقية في مقامننا؟ معناها أنه في البداية كان كافراً، ووقع في السبي أو الأسر وهو كافر، وبعد ذلك أسلم لكن هذا لن ينفعه، فهذا الآن من حق المُجاهِدين ومن حق مَن وقع هو في قسمته، فتعارض هذا الحق مع حق آخره أوجبه إسلامه، والحق القديم يقضي على الحق الجديد، وهذا الكلام غير دقيق بدليل قول الله – تبارك وتعالى – وهو يُعدِّد النساء المُحرَّمات – صنوف النساء المُحرَّمات – لنا، حيث بدأ بقوله وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ۩ إلى أن ختمها بقوله وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ ۩، وهذه هى الآية الرابعة والعشرون من سورة النساء، وسبب نزول هذه الآية ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري حيث قال بعث النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – وهو في خبير جماعة من أصحابه إلى أوطاس – لكي يغزونها – فلقوا القوم فقاتلوهم فأظفرهم الله بهم – المسلمون ظفروا وأنجحوا بفضل الله تبارك وتعالى ووقع سبيٌ لهم، وعلينا أن ننتبه إلى أن السبي غير الأسرى، لكن ما الفرق بين الأسرى أو الأسارى وبين السبي؟ الأُسارى أو الأسارى أو الأسرى هم المُقاتِلة الذين نظفر بهم، فهؤلاء إسمهم أسرى، أما ما يقع في أيدينا من النساء والذُرية والضعفة الذين لم يُقاتِلوا فهؤلاء إسمهم سبيٌ، فلابد أن نُفرِّق بينهما – فوقع في أيديهم من الأسرى والسبي أو السبايا فأخذوهم، فكان بعض المسلمين تحرَّج من غشيان النساء، أي أنه تحرَّج من أن يغشاها، فلماذا إذن؟ لحق أزواجهن، فالواحدة منهن مُزوَّجة، فهى عندها زوج مُشرِك كافر لكن كيف أغشاها وهى مُزوَّجة؟ فأنزل الله تبارك وتعالى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ – أي صحيح مُحرَّم عليك أن تنكح امرأة مُزوَّجة وهى في عصمة آخر – إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ ۩، فجعلهن الله – تبارك وتعالى – ضمن ماذا؟ ضمن ملك اليمين، وقال الرسول في الحديث فانكحوهن إذا انقضت العدة، فطبعاً لا يكون هذا في العدة، بل لابد أن تنقضي العدة، ومن ثم يُمكِن أن تُنكَح هذه المرأة، والقرطبي ذهب مذهباً آخر واستحسنه فقال وهو قولٌ حسن، وعلى كل حال الآية مُشكِلة جداً، وابن عباس كعَّ عنها حتى سُئل سعيد بن الجبير لماذا ابن عباس لم يقل فيها؟ فقال كان لا يعلمها، لأن هذه الآية مُعقَّدة جداً جداً جداً وليس من السهل فهمها، لكن لا أُريد الآن أن أُصدِّعكم بذكر اختلاف المُفسِّرين والفقهاء في فهمها وتأويلها، وعلى كل حال القرطبي ذهب مذهباً آخر في في تفسيرها، وقد نقله عن بعضهم واستحسنه واستثمنه فقال وهو قولٌ حسن، حيث القرطبي أن معنى قول الله إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ ۩أي ما ملكتم عصمته منهن بزواجٍ أو ملك الرقبة بشراء، فصرن كلهن كملك اليمين، فحتى الزوجة العادية تُصبِح كملك اليمين، إذن يُوجَد خلاف في المسألة، وحتى مُصطلَح ملك اليمين هناك وجوه وشجون في تأويله، فلا يُوجَد قولٌ واحدٌ، ولذا هى من المسائل المُعضِلة في كتاب الله تبارك وتعالى.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخُطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.

إخواني وأخواتي: روى الإمامان أبو داود والترمذي – رضيَ الله عنهما – أن جماعةً من عُبدان المُشرِكين فروا إلى رسول الله في الحديبية قبل الصلحِ – قبل وقوع الصلح وإمضائه بالحديبية – فبعث إليهم مواليهم – أي أسيادهم – يقولون يا محمد إن هؤلاء لم يفروا إليك رغبةً في دينك وإنما فروا إليك فراراً من الرق، أي من العبودية، فإذن هم يعلمون ماذا؟ يعلمون أن النبي سوف يُحرِّرهم من فوره، فهو لن يقول لهم أبداً أنتم عبيد وسوف تُصيرون عبيداً الآن بإسم الإسلام، بل هم أحرار، والنبي يتشوَّف إلى هذا لأن هذا دين الحرية ودين العقبة، قال الله فَكُّ رَقَبَةٍ ۩، فاحفظوا هذا لأن كل هذه كفارات، فالله يُنادي بعتق الرقبة باستمرار ويقول فَكُّ رَقَبَةٍ ۩، فقال بعضُ الناس – أي بعضُ الصحابة، وواضح من السياق أنهم من قريش، لأن قريش عندها هذه النزعة الاستعبادية والاستعلائية لأنهم يرون أنهم غير بقية الناس، ولذلك النبي شدَّد كثيراً على قريش وكان يقول يا معشر قريش، يا معشر قريش دائماً، لأنه يعرف ماذا سيفعلون، وقد فعلوا الأفاعيل بالأمة كثيراً، فهم فعلوا لها الكثير وفعلوا بها الأفاعيل أيضاً، ولذا كانت قريش مُشكِلة كبيرة، واقرأوا كتاب قريش لحسين مُؤنِس، وهو كتاب في ثمانمائة صفحة لكي تعرفوا مَن هى قريش وماذا فعلت قريش – يا رسول الله ادفعهم إليهم، أي رجِّع العبيد رغم أنهم جاءوا لكي يُسلِموا، فغضب النبي وقال إنكم يا معشر قريش – هذا معناه أنهم قرشيون – لا تنتهون حتى يبعث الله عليكم مَن يضرب رقابكم على هذا، أي أنه قال هذا ما سيحدث في نهاية الأمر إن لم ينتهوا لأن الجزاء من جنس العمل، فإذا كان لديك أي تشوف إلى استعباد الناس سوف تصير – والله العظيم – إلى دورة وإلى زمن تُستعبَد فيه، وأقول لهذه الأخت – بارك الله فيها على اجتهادها وهى ليست من أهل الاجتهاد على كل حال لكنها من أهل الجرأة بلا اجتهاد، لكننا نقول على كل حال وفَّقها الله – ولأمثالها – فهناك شيوخ في مصر وغير مصر ومُحاضَرات عن الرق وحل أزمة الأمة بالرق بطريقة لا تُصدَّق – أما تخشون أن تنقلب وتدور الدائرة الوهيمة هذه عليكم، فأزمة الأمة الجنسية والاجتماعية والاقتصادية يرون أنها تُحل بالرق عن طريق الجهاد والقتال وأخذ الناس، ولا أعرف في أي عصر يعيش هؤلاء، ولا أعرف ما هى القنابل التي تُوجَد عندنا ما شاء الله، فالناس عندهم قنابل ذرية وهيدورجينية، ونحن عندنا قنابل حجرية، قنابل صوتية – Verbal – تتفرّقَع على المنابر وفي اليوتيوب YouTube الآن، وهذه حالة استهبال طبعاً، فالأمة صارت إلى حالة استهبال وخبال أسأل الله أن يُنقِذها منها – والله العظيم – وأن ترى الواقع بعينين بصيرتين يقظتين، فهناك مُحاضَرات لحل أزمات الأمة عن طريق مثل هذه الأشياء، وعلى كل حال أقول لهذه الأخت ولأمثال هؤلاء المشائخ وهم قلة بفضل الله – هم قلة وليسوا كثرة – أما تخشون يوماً قريباً – نحن في الحقيقة الأقرب إليه من بين الأمم، فوالله الذي لا إله إلا هو أضعف الأمم دفاعاً عن نفسها وأقلها عتاداً هى هذه الأمة المسكينة، ومع ذلك هى تتنطَّع، فمنها مَن يتنطَّع للحروب وتهديد العالمين بالاسترقاق والاستعباد، فلا أدري ما هذا الهبل الذي نعيش فيه – تنقلب وتدور فيه هذه الدائرة الوهيمة عليكم وتُؤخَذ بناتكم وأمهاتكم وأخواتكم سبايا من بعد حرية وأن تُفعَل بهن الأفاعيل؟ ما هذا التفكير يا أخي؟ ديننا علَّمنا أن نرضى للناس ما نرضاه لأنفسنا وأن نحب للآخرين ما نُحِبه لأنفسنا، وهو رحمة للعالمين، فهذا الدين رحمة وليس نقمة وليس جحمة يا أخي، لذا غضب النبي وقال إنكم يا معشر قريش لا تنتهون حتى يبعث الله عليكم مَن يضرب رقابكم على هذا، إنهم عتقاء الله عز وجل، فهكذا تمَّم النبي بقوله – إنهم عتقاء الله – فقطع جهيزة قول كل خطيب، فهو يقول أنا نبي الحرية وهؤلاء عتقاء ومن ثم يجب أن تنتهوا، فمن أجل هذا غضب – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – غضباً حقيقياً، وقد أجد مِن بعض الناس مَن يقول لي يا رجل أنت تتكلَّم في قضية عفا عليها الزمان، لكن هذه القضية لم يعف عليها الزمان، فمادام هؤلاء يتكلَّمون ويرَطنون ويُنظِّرون لا يُمكِن أن نقول، فكيف نقول عفا عليها الزمن وذيولها جاثمة حاضرة ماثلة مريرة؟ في السنغال المسلمة وفي مالي وموريتانيا بل وحتى في دول عربية أُخرى لن أذكرها يُوجَد هذا، علماً بأن المملكة ليس فيها هذا الآن على ما أعلم لكن يُوجَد عبيد إلى الآن، وموريتانيا كانت من أواخر الدول التي قنَّنت لحظر الرق، أي الاسترقاق كمُوسَّسة وكمبدأ وذلك في سنة واحد وثمانين أو اثنين وثمانين، ولك أن تتخيَّل هذا، فهى من أواخر الدول في العالم التي فعلت هذا، وبعض الدول العربية والإسلامية مُورِسَ عليها ضغوط عالمية اقتصادية وتهديدات لكي تُلغي الرق، فهذا أمر لا إنساني ومع ذلك يقولون لك “نحن نسترق ونُبيح الرق بأدلة عقلية غير الشرعية، ويُوجَد دليلان لدينا، فالرق جزاء على الكفر والرق مُعامَلة بالمثل”، ولن نتحدَّث الآن عن هذا الكفر لأن الوقت انقضى ولكننا سوف نتحدَّص عن المُعامَلة بالمثل، فالعالم بفضل الله من قرون حرَّم الرق وأنهاها ودفع فيه أثماناً سخية باهظة، فلماذا أنتم لا تُنهونه يا مسلمون؟ أنتم أولى – والله – بهذا، ودينكم الأجدر وهو الأول الذي أراد أن يُنهي الرق بالكامل، ولكن أنتم لا تُدرِكون هذا، وفي موريتانيا من تسعة وثمانين إلى خمسة وتسعين حصلت تمرّدات وهبات ومُطالَبات ومشاكل انتهت إلى قتل العشرات – لن أقول المئات وسأكتفي بقول العشرات – من هؤلاء وإلى سجن العشرات مِمَن يُطالِبون بالتحرير وإلغاء الرق، وقد هرب سائرهم إلى السنغال ومالي ودول أخرى، حتى جاءت في ألفين وسبعة حكومة جديدة – ولد عبد الله – فسمحت لهم أن يعودو ا إلى موريتانيا، وإلى اليوم المعركة مُضطرِمة، ومعركة الرق والاستعباد في بلادنا الآن يُراد لها أن تأخذ أشكالاً وصوراً أخرى بإسم مُحارَبة الفواحش وقضاء نزوات الشباب، والعجيب أن هذه السيدة زارت مصر قبل أيام وفي لقائها مع روز اليوسف قالت “حتى النساء لهن نفس الحق، من حق المرأة أن تشتري عبداً، فهى تتخيَّره كما تُحِب – كأن يكون أبيضاً أو جميلاً أو أشقراً أو أزرقاً أو طويلاً أو منفوخاً وإلى آخره – وتدفع فيه ثمناً وتقضي حاجتها على شرط أن يدفع هو المهر لها”، أي أنها هى التي تشتريه ومع ذلك هو الذي سوف يدفع المهر لها، ما شاء الله، فهذا الكلام له خبيئٌ ومعناه ليس لنا عقول، لأنها تقول هى التي سوف تشتريه ومع ذلك تشرط عليه يدفع لها المهر – كأن يضع في جيبه درهمين لها – فكيف هذا؟ هذا شيئ غريب جداً جداً جداً، وهذه مهزلة فعلاً، وكما قال الشاعر يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ، فنحزن ونبكي – وشر الأمور فعلاً ما أبكى وأضحك – على أمتنا ثم يسألون ما سبب ما فيه المسلمون من هم وتخلف ومن هذه الحالة الزرية التي انتهوا إليها؟ نحن نحتاج إلى فكر وضيء، ولكن أنا أقول لكم أن هذا الفكر الوضيء لا يلده إلا قلبٌ كبير، والوظيفة الأساس الرئيسة للدين أن يُمتِّعك بقلبٍ عظيم، بقلب فيه رحمة وفيه إنسانية وفيه اندياح، فهذا هو إذن.

وأنا أقول لكم أن كل إنسان ليس عنده هذا القلب الرحيم الإنساني الكبير هو مُتدين – والله العظيم – بتدين مغشوش وتدين مغلوط مخلوط منكوس ومعكوس، فالتدين الحقيقي يُفضي إلى قلب عظيم وإلى رحمة واسعة وإلى منظور إنساني مُعجِب، ويجب علينا بعد ذلك أن نبدأ في توليد الأفكار والتنظير لها، وفي المثل يُقال الأفكار الكبيرة لا تلدها إلا القلوب الكبيرة، وهذا مثلٌ صحيحٌ رجيح.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا (1/7/2011)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: