إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُجاهِدين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

 أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

 

ثم أما بعد: 

أيها الإخوة المسلمون الأفاضل، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ۩ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً ۩ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ۩ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.

أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الأخوات الكريمات:

وقفنا في الخُطبة السابقة عند طرف مما لاقاه ولقيه رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – من شدة وأذى وعنت، في سبيل نشر دعوته وتبليغ رسالته والدلالة على ربه – عز شأنه -، ولقد تعلمون جميعاً أنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – كان قبل أن يُبتعَث بنبوءته وأن يصدع برسالته صادقاً صدّيقاً، أميناً مأموناً، مُبجَّلاً مُكرَّماً، لم يتكلَّم فيه أحد بقالة سوء، لم يُهِنه أحد، لم يُسفِّه أحد عقله أو رأيه – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

وهذا – أيها الإخوة والأخوات – دليل على أن ما لقيه – عليه الصلاة وأفضل السلام – إنما كان بسبب رسالته، بسبب دينه، بسبب نبوءته، لا بسبب شخصه، قال المولى – عز شأنه من قائل – قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ ۩، ليست المسألة شخصية، أنت ليس فيك عيب كشخص، لا يُمكِن أن تتطرَّق إليك قالة السوء في جانب من جوانب شخصيتك المُتكامِلة المثالية، وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ ۩، هذه هي القضية، هذا هو نصاب القضية، وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ۩، إنه موقف الجحد والنُكران لقاء أو إزاء هداية السماء وأنوار الله – تبارك وتعالى -، هذه هي القضية!

وقد قصصت عليكم ما تعرفونه وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ ۩ مما لقيه – عليه الصلاة وأفضل السلام – من ثقيف بالطائف، حتى أنه كان – عليه الصلاة وأفضل السلام – يعد ذلكم اليوم أو تلكم الفترة أصعب ما لقيه وأشد ما جابهه من صنوف الأذى والعنت.

روى البخاري ومُسلِم – رضيَ الله عنهما – في الصحيحين عن أم المُؤمِنين عائشة – رضيَ الله تعالى عنها -، قالت يا رسول الله هل لقيت يوماً كان أشد عليك من يوم أُحد؟ هي تظن وتحسب – رضوان الله تعالى عليها – أن يوم أُحد كان أشد ما لقيه النبي، في أُحد فُجِع النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – بأسد الله، بعمه حمزة – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه -، وباثنين وسبعين من خيرة أصحابه، فجيعة عظيمة، كان مُصاباً كبيراً، ولذلك حُقَّ لها أن تظن أن يوم أُحد كان أكبر وأعظم وأشد ما لقيه رسول الله من الأذى.

قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – يا عائشة لقد لقيت من قومك – لقد لقيت من قومك، يُريد من قريش، من أهل مكة -، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، أي كان يوم العقبة أشد ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، بالقطع ليست عقبة منى، أين الطائف من منى؟ إنها موضع آخر بالطائف، لقيَ فيه وعنده – عليه الصلاة وأفضل السلام – ابن عبد ياليل بن عبد كُلال، حيث عرضت نفسي على ابن عبد ياليل وأخويه، فردوني وأجابوني أسوأ جواب وأغروا بي سفهاءهم وصبيانهم.

يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، وفي رواية هائماً على وجهي، يركب التعاسيف، لا يدري أين يذهب، من الهم والحُزن، ليس حُزناً لأنه أوذي في نفسه، لكن لأن أحداً لم يستجب لدعوته، لأن أحداً لم ينمعه، لم يُحرِزه – عليه الصلاة وأفضل السلام -، ليُبلِّغ كلمات الله – تبارك وتعالى -، هذا دائماً هو سر حُزنه كما نبَّهنا في الخُطبة السابقة، لا لما يُصيب شخصه ونفسه وبدنه، كلا!

فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، مكان تلقاء مكة كما قال الوزير المُؤرِّخ الجغرافي البكري في مُعجَم ما استعجم، قال مكان تلقاء مكة، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فحياني وقال لي يا محمد إن ربك – تبارك وتعالى – قد سمع قول قومك لك وما ردوا به عليك، وهذا ملك الجبال أرسله الله – تبارك وتعالى – لتأمره بما شئت فيهم، والحديث في الصحيحين، بما شئت! قال فحياني ملك الجبال وقال يا رسول الله إن ربك – نفس مقالة جبريل عليهما السلام – قد سمع قول قومك لك وما ردوا به عليك، وأنا ملك الجبال، وقد أرسلني ربك إليك لتأمرني بما شئت فيهم، فمُر يا رسول الله، فلو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين، جبلين عظيمين، كل جبل عظيم يُدعى أخشب.

فلو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين، ماذا كانت مرجوعته – عليه الصلاة وأفضل السلام -؟ بماذا أجاب؟ قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – لا، بل إني لأرجو الله – تبارك وتعالى – أن يُخرِج من أصلابهم مَن يعبد الله لا يُشرِك به شيئاً، في رواية قال له ملك الأخشبين أنت كما سماك ربك رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ۩، عليه الصلاة وأفضل السلام.

أمل عجيب، لا يفقد هذا الأمل المُنداح الفسيح في كل أطواره – عليه الصلاة وأفضل السلام -، والعجيب أنه يُبشِّر ويُمنِّي ويُؤمِّل – عليه الصلاة وأفضل السلام – في ظروف ومُلابَسات لا تُعينه على هذا التأميل، لا تُعينه على مثل هذا التبشير، هنا يرجو ذلك، وقد كان، وبالذات أهل ثقيف كما قلنا في الخُطبة السابقة، ثبتوا حين ارتد الناس، هم وقريش! فقط ثقفيف وقريش الذين لم يرتدوا، وارتدت العرب عن آخرها، ارتد سائر العرب، تصديقاً له – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

حين خرج هارباً مُهاجِراً من مكة أدركه سُراقة، لقد رآه وصاحبه، ماذا قال؟ ارجع يا سُراقة ولك سوارا كسرى، أفي مثل هذه الحالة؟ أفي مثل هذا الظرف؟ يُبشِّر بأن الله سيفتح على أمته، وهو الطريد المُهجَّر المُخوَّف، الذي فُزِّع وأُخرِج من أرضه وبلده – عليه الصلاة وأفضل السلام -، ارجع ولك سوارا كسرى، وهكذا كان، ولبسهما سُراقة كما تعلمون ساعة من زمن، ثم جعلهما في بيت مال المُسلِمين، رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه، هكذا!

ماذا حدث يوم الخندق وقد تحزَّبت الأحزاب في عشرة آلاف فارس ومُقاتِل؟ عشرة آلاف! غير اليهود الذين غدروا بعد ذلك، قريش وغطفان وبنو مُرة وبنو سُليم وبنو أسد، كثيرون! في عشرة آلاف، وتستعصي عليهم صخرة، ويأتي سلمان – الرجل الطوال القوي – ولا يستطيع أن يفعل فيها شيئاً، فيأخذ النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – المعول من سلمان الفارسي، ويضرب الصخرة، فيصدعها صدعاً، فتُضيء، يقول الراوي أضاءت ما بين لابتيها، ما بين حدود وجنبتي المدينة، حتى كأنها مصباح في ليلة ظلماء، ثم كبَّر النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – وكبَّر المُسلِمون، وهكذا فعل ذلك ثلاث مرار، حتى انفلقت وانصدعت الصخرة بالكُلية، ثم سُئل – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فقال نعم، لما ضربت الضربة الأولى وسطع هذا الضوء -أضاء هذا الضوء وتألَّق – لقد رأيت قصور الحيرة ومدائن كسرى، وإن أمتي ظاهرة عليها، سيُفتَح عليها هذا الجُزء من العالم، قصور الحيرة ومدائن كسرى، مملكة الساسانيين.

وعند الضربة الثانية أو وعند الضوء الثاني – يقول عليه الصلاة وأفضل السلام – لقد رأيت القصور الحمراء من أرض الروم، المملكة الثانية! إذن هما القوتان الكُبريان العُظميان في عالمهم آنذاك، وإن أمتي ظاهرة عليها، ثم رأيت – يقول عليه الصلاة وأفضل السلام – في المرة الثالثة حين أضاء هذا الضوء قصور اليمن، وإن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا، فقال أصحابه – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين – موعود صادق، موعود صادق! ومن هنا كان أبو هُريرة – رضيَ الله عنه وأرضاه – حين يفتح أصحاب رسول الله – رضوان الله عليهم – ما يفتحون من البلاد وما يفتح الله عليهم من الأصقاع والأمصار يقول افتحوا ما بدا لكم، فوالذي نفس أبي هُريرة بيده لا تفتحون بلداً وما فتحتم من بلد إلا وقد أعطى الله محمداً مفاتيحه من قبل – صلى الله تعالى عليه وآله وأصحابه وسلم -.

هذا لا يكون إلا عن يقين راسخ، ليس بالنفس، ليس بالأحزاب، ليس بالأنصار، وليس بالأتباع، بالله! وبالله وفي الله فقط، لا إله إلا هو، هذا يقين النبي ويقين الرسول، لا يُمكِن أن تكون عزمة بشر بمثل هذه القوة، هذا أمر فوق احتمال وفوق طوق البشر أجمعين – صلى الله تعالى عليه وأصحابه وسلم -، هكذا! لكنه أوذيَ أذية شديدة، واحتمل ذلك، وكان كفاءه كله، كان كفاء كل ما لقيَ في سبيل الله وفي مرضاة الله.

روى الإمام الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وابن ماجة وابن حبان والإمام أحمد في مُسنَده عن أنس بن مالك – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، قال قال – عليه الصلاة وأفضل السلام – لقد أُخفت في الله وما يُخاف أحد – بالنباء للمجهول -، ولقد أوذيت في الله وما يُؤذى أحد، أي مثل ما أوذيت، مُتفرِّد – عليه الصلاة وأفضل السلام – في تلقي هذه الأذية، لقد أُخفت في الله وما يُخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يُؤذى أحد، ولقد مر علىّ ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال من شيئ يأكله ذو كبد إلا ما يُواريه إبط بلال، ثلاثون يوم وليلة لا يأكل هو وصحابه بلال إلا شيئاً يُواريه إبط بلال، كِسر! ثلاث أو أربع كِسر تقريباً في اليوم، الرسول وبلال! الله أكبر، تجويع، تخويف، مُطارَدة، تهجير، تسفيه، وحرب عليه وعلى أصحابه وعلى دينه، الله أكبر، هكذا! هو أكثر نبي أوذيَ – عليه الصلاة وأفضل السلام -، وأكثر رسول أوذيَ، ولكنه كان أيضاً أكثر رسول أُسعِد، هو السعيد المسعود في ذاته، وهو الذي سعدت به لا أقول أمته فحسب بل البشرية جمعاء، ومن هنا دلالة الإسراء والمعراج.

بعد هذه المرائر، بعد هذه الألاقي، بعد هذه الصنوف والألوان من الأذى والشدائد، طُلب – عليه الصلاة وأفضل السلام -، طُلِب ولم يَطلب، بعض الناس يقول كان التكليم لموسى، نعم الفرق بين مقام محمد – عليه الصلاة وأفضل السلام – ومقام الكليم موسى – صلوات الله وتسليماته عليه – هو الفرق بين المُريد والمُراد، بين المُريد والمُراد! موسى كان مُريداً، ومحمد كان مُراداً، بين الطالب والمطلوب، موسى كان طالباً، ذهب ليُناجي ربه، كان طالباً، أما محمد فمطلوب، الملك الأعلى الأجل – لا إله إلا هو – هو الذي استدعاه، هو الذي أراد أن يحتفي به، وأرسل إليه عظيم سفراء العالم العلوي، جبريل – عليه الصلاة وأفضل السلام -، إذن هو الفرق بين المُريد والمُراد، بين الطالب والمطلوب، ما بين محمد وموسى – عليهما صلوات ربي وتسليماته -.

ولكن روايات الإسراء والمعراج مُتضارِبة وكثيرة، حتى ما ورد منها في الصحيح، فالإمام البخاري أورد ما يزيد أو ما يُناهِز العشرين رواية عن ستة من الصحابة، خلاف ما في مُسلِم وما في الكُتب الأُخرى، روايات كثيرة أعيت وعضلت بالمهرة من أئمة ونقدة الحديث، أن يُوفِّقوا بينها وأن يجمعوا بينها، ولذلك أنا أُريد فقط أن أجتزئ في هذا المقام بأصح هذه الروايات، وأصح هذه الروايات وهي تُعَد بالعشرات ثلاث روايات، رواية الإمام مُسلِم عن ثابت البُناني عن أنس بن مالك عن رسول الله، هذه أصح الروايات، وهي رواية مُحرَّرة، سوية الترتيب، ما فيها يتفق مع ما اتفقت عليه جماهر علماء المُسلِمين وأئمة هذا الدين العظيم، ولذلك سنجتزئ بها ونُضيف إليها إضافات يسيرة مع التنبيه.

تليها رواية قتادة – الإمام قتادة من التابعين – عن أنس بن مالك عن صحاب رسول الله أيضاً مالك بن صعصعة، وهي في الصحيحين، لكن ليس فيها ذكر الإسراء، فيها فقط ذكر المعراج، وثالثة هذه الروايات هي رواية أنس بن مالك عن أبي ذر – رضيَ الله عنهما -، هما صحابيان، وهي في الصحيحين، وأيضاً ليس فيها عرض للإسراء، الرواية تتحدَّث عن المعراج فقط، فالأولى أكمل وأصح وأحسن وأسوى ترتيباً – إن شاء الله تبارك وتعالى -.

عن أنس بن مالك – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – أن رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – قال أوتيت بالبراق، في رواية مالك بن صعصعة قال كنت في الحطيم، وفي رواية ربما قال في الحجر، وفي رواية بين النائم واليقظان، إذن هذا هو المكان الذي كان فيه، هنا مُباشَرةً قال أوتيت بالبراق، وهو دابة أبيض، طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند مُنتهى طرفه، سريع جداً، لعله مُشتَق من البرق، ولعله يسير بسرعة الضوء، سريع جداً، الله أعلم! 

يضع حافره عند مُنتهى طرفه، فركبته حتى أتينا بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، البراق هو مركوب الأنبياء، ولعلهم كانوا يربطونه في نفس هذه الحلقة، ولهذا أشار النبي بقوله فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، قال ثم دخلت فصليت ركعتين، ثم خرجت، وهنا لم يُذكَر في هذا الحديث من هذه الرواية، لم يُذكَر إمامته بالأنبياء، لكنها ثابتة في أحاديث أُخرى، ثابتة في أحاديث أُخرى لكنها ليست في هذه الراوية.

صلى ركعتين، قال ثم خرجت، فجاءني جبريل، وعرض علىّ إنائين، في أحدهما لبن، وفي الآخر خمر، في روايات أُخرى عرض عليه ثلاثة من الأواني، ثلاثة آنية، هنا عرض إنائين فقط في رواية أنس، في أحد الإنائين لبن وفي الآخر خمر، فاخترت اللبن، فقال لقد اخترت الفطرة – عليه الصلاة وأفضل السلام -، هكذا قال في هذه الرواية.

ثم عُرِج بنا، حتى بلغنا السماء الأولى، فاستفتح جبريل، فقال – أي الحارس أو البوّاب، هكذا فقال – مَن أنت؟ قال جبريل، قيل ومَن معك؟ قال محمد، قيل وقد بُعِث؟ بحذف همزة الاستفهام، لأن السياق يدل عليها، أي أوقد بُعِث؟ وقد بُعِث إليه؟ قال نعم، قد بُعِث إليه، قال جبريل قد بُعِث إليه، فُفتِح لنا، فإذا أنا بآدم – عليه الصلاة وأفضل السلام -، في السماء الأولى، فإذا أنا بآدم، رحلة عجيبة! تصوَّروا وعيشوا معاني هذه الرحلة بقلوبكم وبأرواحكم، ليس على أنها نبأ يُردَّد دائماً، شيئ عجيب، بشر يُفعَل به هذه التكرمة؟ بشر يُرقّى في هذه المنازل؟ شيئ عجيب، ويلتقي بهذه الأرواح الماجدة الشريفة؟ أرواح خير خلق الله – تبارك وتعالى – في هذا العالم، شيئ عجيب! صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم، هو إمامهم ومُقدَّمهم.

فإذا أنا بآدم – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فحياني ودعا لي بخير، ولم يُذكَر في رواية أنس شكل التحية وكيفية التحية، ولكن في رواية ابن صعصعة ذُكِر، قال له مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، وهكذا حتى لا أُكرِّر في كل مرة، وهكذا كانت تحية إبراهيم في السابعة، بالابن! لأن إبراهيم – عليه الصلاة وأفضل السلام – هو شيخ وأبو الأنبياء، قال مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح، أما تحية سائر الأنبياء الخمسة وسنذكرهم فكانت مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، حتى لا نُكرِّر! هذه في رواية مالك بن صعصعة، أيضاً في الصحيحين، فهنا حياه ودعا له.

ثم عرجنا إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل، فقيل مَن أنت؟ قال جبريل، قيل ومَن معك؟ قال محمد، قيل وقد بُعِث إليه؟ قال قد بُعِث إليه، ففُتِح لنا، فإذا أنا بابني الخالة، عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا – عليهما وعلى نبينا وآل كل وأصحابه الصلوات والتسليمات -، فطرحا التحية على رسول الله ودعوا له بخير، قال ودعوا لي بخير.

ثم عُرِج بنا إلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل، ولا نُعيد هذه الصيغة، نفس الصيغة! استفتح، فقال مَن أنت؟ إلا في السماء السادسة والسابعة قال مَن هذا؟ مَن هذا؟ قال جبريل، لكن نفس الصيغة، قال مَن أنت؟ قال جبريل، قيل ومَن معك؟ قال محمد، قيل وقد بُعِث إليه؟ قال قد بُعِث إليه، وفُتِح لنا، في الثالثة! فإذا أنا بيوسف – عليه الصلاة وأفضل السلام – وقد أوتيَ شطر الحُسن، قد أوتيَ شطر الحُسن، لكن محمداً – صلوات ربي وتسليماته وتبريكاته وتشريفاته عليه أبد الآبدين – أوتيَ الحُسن كله كما قال السادة العلماء، محمد أوتيَ الحُسن كله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، ما خلق الله أجمل ولا أبهى ولا أجل منه – صلوات ربي وتسليماته عليه -.

حيا النبي ودعا له بخير، في الرابعة قال فإذا أنا بإدريس، نفس السياق، الكلمات تتكرَّر، فإذا أنا بإدريس، حيا النبي ودعا له بخير، قال النبي قال الله – عز وجل – وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ۩، إدريس في السماء الرابعة، قيل رُفِع روحاً وبدناً، شأنه في ذلكم شأن عيسى – عليه الصلاة وأفضل السلام -، قال الله – عز وجل – وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ۩.

في السماء الخامسة قال فإذا أنا بهارون، فحياني ودعا لي بخير، رحَّب به ودعا له بخير، في السماء السادسة قال فإذا أنا بموسى – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فرحَّب بي ودعا لي بخير، في السماء السابعة قال فإذا أنا بإبراهيم، وإذا هو مُسنِد وفي رواية فإذا أنا بإبراهيم مُسنِداً – على الحالية – ظهره إلى البيت المعمور – البيت المعمور الذي أقسم الله به تبارك وتعالى -، وإذا هو – يعني البيت المعمور – يدخله كل يوم سبعون ألف من الملائكة، ثم لا يعودون إليه، باستمرار تسبيح وتقديس وتهليل لمجد الله – تبارك وتعالى -، لا يعودون إليه، ولم يذكر أن إبراهيم حياه، بالحري أنه حياه، في رواية مالك بن صعصعة قال هذا، ولكن هنا لم يُذكَر في رواية أنس بن مالك، طبعاً ومن هنا اختلاف الروايات بالزيادة، بالنُقصان، بالإسهاب، بالإيجاز، وأحياناً بالوهم، كرواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر، فيها اثنا عشر وهماً، مع أنها في الصحيح، فيها تخليط كثير جداً جداً.

على كل حال هكذا، قال ثم رُفِعت إلى سدرة المُنتهى، بعد إبراهيم مُباشَرةً وبعد السماء السابعة رُفِعت إلى سدرة المُنتهى، لماذا سُميت سدرة المُنتهى؟ في صحيح مُسلِم – وهذا من أقوم وأحسن الأقوال – عن ابن مسعود سُميت سدرة المُنتهى لأنه ينتهي إليها ما ينزل من فوقها، فيُقبَض منها، وينتهي إليها ما يعرج من الأرض، فيُقبَض أيضاً فيها أو منها، ولذلك سُميت سدرة المُنتهى، ينتهي إليها ما ينزل من فوقها وما يعرج من تحتها من الأرض، سدرة المُنتهى!

يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – وإذا ثمرها وفي رواية ابن صعصعة وإذا نبِقها كالقلال، النبِق بالكسر، النبِق الثمرة، ثمرة السدر المعروف، قال وإذا ثمرها أو ثمارها وهناك قال وإذا نبِقها كالقلال، وفي الرواية الأُخرى كقلال هجر، أي القلة هكذا كبيرة، قلة كبيرة، النبي قال واحدة، وإذا أوراقها كآذان الفيلة، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – فلما غشيها من أمر الله ما غشي تحوَّلت، تحوَّلت حُسناً وجمالاً وألقاً وبهاءً ولألاءً وضياءً، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – حتى ما يستطيع أحد من خلق الله أن ينعتها من حُسنها، قال ولا أنا، لا تُنعَت، لا تُوصَف، شيئ لا يُوصَف، لا إله إلا الله، كم رأى – عليه الصلاة وأفضل السلام -! كم رأى – عليه الصلاة وأفضل السلام -! لا يُوصَف – قال -، أي هذا الحُسن، لا يُوصَف.

يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – ثم أوحى الله إلىّ ما أوحى، مُباشَرةً بعد ذكره سدرة المُنتهى قال ثم أوحى الله إلىّ ما أوحى، ففرض علىّ خمسين صلاةً في اليوم والليلة، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – هذا، فرضيَ وسلَّم، انتهى! قال هناك خمسون صلاة، إذن هناك خمسون صلاة، فلما رجعت إلى موسى قال ما فرض عليك ربك؟ وكيف عرف موسى؟ لابد من كرامة الضيف، الرسول – عليه الصلاة وأفضل السلام – اليوم هو في قرى مَن؟ في كرم مَن؟ بساحة مَن؟ بساحة رب العزة، وعادة الكرام – فكيف بأكرم الأكرمين؟! – أن ينفحوا وأن يُعطوا وأن يُكرِموا زوارهم، والرسول اليوم هو الزائر، ورب العزة هو المزور، وهو سيفترض ويعرف هذا.

ما فرض عليك ربك؟ قال خمسين صلاةً في اليوم والليلة، قال ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا تطيق، أي لا تطيق ذلك، لا تطيق خمسين صلاةً، وصدق موسى، صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم موسى، ما أرحمه بهذه الأمة! لقد كان مُحِباً واداً لنا، ولقد نصح لنبينا ونصح لنا، فجزاه الله عنا خير الجزاء، أي موسى – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

فإن أمتك لا تطيق ذلك، وإني قد جرَّبت بني إسرائيل قبلك، وفي رواية وعالجتهم أشد المُعالَجة، وفي ثالثة فإني أعلم من الأمم ما لا تعلم، يقول له أنا أعلم منك بالأمم، لماذا؟ انتبهوا هنا، يُوجَد ملحظ علمي منهجي عجيب، يقول السادة العلماء وفي قول موسى – عليه الصلاة وأفضل السلام – دليل على أهمية علم التجربة الذي يُؤخَذ بالمُمارَسة وليس بالمُدارَسة، الأمر ليس بالنظر فقط، ليس بالحفظ، ليس بالتلقين، هناك علم المُمارَسة، علم مُكامَعة ومُجامَعة أحوال الحياة وكوائنها ومجارياتها، مُعالَجة الأمور عن قرب مسيس، يقولون إن علم التجربة لا يُغني عنه كل علم ولا يُؤخَذ إلا بالتجربة، فإن محمداً – عليه الصلاة وأفضل السلام – هو أفضل البشر وأعلمهم جميعاً، سيما وإنه كان حديث عهد بتكليم مولاه، هو الآن أتى من لدن رب العزة، قد كان في ساحته وفي قُدسه، مَن أعلم منه؟ ومَن أفضل منه؟ لكن موسى قال له أنا أعلم منك بالأمم، بالأمم! لماذا؟ علَّل لذلك، لأنني صاحب تجربة، صاحب مُمارَسة، ملحظ منهجي عجيب جداً هذا، لأني صاحب مُمارَسة ومُعالَجة، وإني عالجت بني إسرائيل قبلك أشد المُعالَجة، ارجع فاسأله التخفيف، فرجع – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فحط الله – تبارك وتعالى – عنه خمساً، طبعاً هكذا بالحساب البسيط لابد أن يكون رجع تسع مرار، حتى يبقى ماذا؟ خمس صلوات، وفعلاً رجع تسع مرار – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

خطر لي بالأمس أن هذا كان من كرم الله وتيسير الله وشدة محبة الله لعبده وشدة محبة رسول الله أيضاً لربه وشدة مُراعاة الله لخاطر حبيبه، لأن الفراق صعب، الفراق صعب جداً جداً، ولابد أن طرف القلب وطرف البصيرة ينثني دائماً عائداً، ولذلك ردده الله – تبارك وتعالى – بينه وبين كليمه تسع مرار جبراً لخاطره ومُواساةً له وليُعطيه أقصى ما يتمنى، هذه كرامة لرسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، وكرامة لنا بالتخفيف، وكرامة لموسى، لماذا؟ يقول أحد العارفين لأن موسى – عليه الصلاة وأفضل السلام – لما اشرأبت همة روحه إلى رؤية المولى الجليل – حين طلب الرؤية كما في سورة الأعراف، أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۩ – ولم يُعطها ظل الشوق يحدوه، والأمل يُقلِقه، حتى علم أو وضح له أن محمداً رأى ربه – وهذه مسألة خلافية -، فأحب أن يجتلي العظمة الإلهية من وجه محمد، لأنه حديث عهد بالحبيب، وقد رآه – تبارك وتعالى -، فردَّده إلى ربه أيضاً لأجل هذا الغرض، وهذا غير بعيد، والله – تبارك وتعالى – أعلم، عليهم الصلوات والتسليمات أجمعين.

قال فرجعت إلى موسى، وقلت له لقد حط عني خمساً، قال إن أمتك لا تطيق، ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف، قال فلم أزل أتردَّد أو قال ارجع بين ربي وبين موسى، حتى قال لي – أي المولى تبارك وتعالى، في المرة التاسعة إذن، هذا في المرة التاسعة – هن خمس صلوات، قال لي – تبارك وتعالى – هن خمس صلوات، وكل صلاة بعشر، فهن خمسون، أي في الأجر، وفي التكليف هن خمس، في رواية مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩، علم النبي هنا لقوله – تبارك وتعالى – لكن ليس في رواية أنس وإنما في رواية أُخرى صحيحة مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ۩ أنها آخر مرة، ولا ينبغي أن يُسأل في تخفيف زائد، لا ينبغي أن يُسأل في تخفيف زائد – تبارك وتعالى -، علم النبي هذا، ولذلك لم يعد العاشرة، لم يعد إلى مولاه – تبارك وتعالى – العاشرة.

إذن يُستنبَط من هذا التردّد والمُراجَعة أن النبي – صلوات ربي وتسليماته عليه وآله وأصحابه – كان يعلم أن الخمسين في المرة الأولى لم تكن على سبيل العزم، كرامة! الصلاة كانت كرامة أصلاً لنا، كرامة! خذوا هذا الرزق، خذوا هذه الكرامة، لكنها ثقيلة على أكثر المُكلَّفين، لكن ليس على سبيل العزم، وأما ما بقيَ منها – أي الخمس – فهي على سبيل العزم، قضاء مُحتَّم، لا عود فيه، مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩.

نعود إلى رواية أنس، يقول فرجعت إلى موسى، فقال إن أمتك لا تطيق، أي حتى الخمس الصلوات، ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف، قال فقلت له يا أخي يا موسى لقد استحييت من ربي من كثرة ما رجعت إليه، بل أرضى وأُسلِّم، في رواية ابن صعصعة قال ثم سمعت مُنادياً – حين قال النبي ذلك وانصرف من لدن موسى – يقول أمضيت فريضتي وخفَّفت عن عبادي، لا إله إلا الله، ما أوسع رحمة العالمين بنا! هو يُريد ذلك، أمضيت فريضتي وخفَّفت عن عبادي، خمس في التكليف وخمسون في الأجر، هكذا!

هذا هو مُلخَّص بل هو نص – إن شاء الله تبارك وتعالى – إلا قليلاً حديث أنس في صحيح مُسلِم، الذي هو أقوم وأثبت هذه الأحاديث جميعاً – إن شاء الله تبارك وتعالى -.

يتساءل بعض العارفين ولِمَ؟ لِمَ لَمْ يُرجِعه إبراهيم الخليل – عليه الصلاة وأفضل السلام -؟ فعلها موسى، لكن إبراهيم الخليل في السابعة! أجاب أحد العارفين بالله – عرَّفنا الله به ودلنا عليه دلالة الصادقين – لأن إبراهيم كان له مقام الخلة، هو خليل الرحمن، وهذا المقام يقتضي الرضا والتسليم، وليس الكلام والمُراجَعة، والكلام يتعارض مع هذا المقام، وهذا جواب قوي، يرضى ويُسلِّم بكل أمر الله – تبارك وتعالى -، وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا ۩ – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

وأما موسى – عليه الصلاة وأفضل السلام – فهو صاحب مقام ماذا؟ مقام التكليم، وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ۩، فله الإدلال والانبساط، له الإدلال والانبساط! يتبسَّط، عنده مقام الإدلال، هو مُدلَّل، وهو الذي طلب من ربه في الدنيا – في دار الدنيا وهو حي – أن يراه، قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۩ قَالَ لَن تَرَانِي ۩، لأن له مقام الإدلال والانبساط – عليه الصلاة وأفضل السلام -، لماذا؟ لشدة ما لقيَ أيضاً في ذات الله، فهو الذي أُرسِل إلى فرعون، أطغى الطواغيت – والعياذ بالله تبارك وتعالى -، ولذلك لم يعتب الله عليه في مواطن كثيرة، لم يعتب عليه حين كسَّر الألواح وضربها في الأرض، وإن لم يصح هذا عندنا كما قال الحافظ ابن كثير، لكن الله لم يعتب عليه، في القرآن وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ ۩، وأما أنه ضربها فانكسرت فهذا في كتاب يهود، في التوراة! ولكنه حتى حين ألقاها لم يعتب الله عليه.

وإذَا الحبيبُ أتى بِذَنْبٍ وَاحدٍ                           جَاءتْ مَحَاسِنُه بأَلْفِ شَفِيعِ.

بقية الحدث كما تعلمون أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – عاد، في نفس الليلة! والصحيح أنه أُسريَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالبراق، على البراق! ثم بعد ذلك عُرِج به في المعراج، انتبهوا! بعض الناس يحسب أنه عُرِج به على البراق أيضاً، وهذا غير صحيح، البراق ظل مربوطاً بحلقة في جدار مسجد بيت المقدس، حتى عاد إليه وركبه، ليؤوب على ظهره إلى مكة مرة أُخرى، ولكنه عُرِج به في المعراج، وهذا سبق عجيب، في رواية أوتيت بالمعراج، والمعراج هو السلم، أوتيت بالمعراج، وعرج فيه، قيل هو المعراج الذي تعرج فيه الأرواح أيضاً حين تخرج من أجسامها، حين تخرج من أبدانها أو أجسامها، والله – تبارك وتعالى – أعلم.

أخبر – عليه الصلاة وأفضل السلام – بما وقع له من هذه الكرامة ومن هذه الآية المُعجِزة، هي أعظم الآيات الحسية، أعظم الآيات الكونية، تتلوها مُباشَرةً آية تقل عنها قليلاً وليس كثيراً، وهي آية انشقاق القمر، وقد وقعت بعدها على ما رجَّحه بعض العلماء الأثبات، وبعض كُتّاب السير يذكر آية انشقاق القمر قبل آية الإسراء والمعراج، وبينهما مُناسَبة عجيبة، فكلتا الآيتين آيتان كونيتان مُعجِزتان، من المعاجز الحسية العجيبة، لم يُسمَع بمثلها، ومن هنا ابتدأ الله – تبارك وتعالى – سورة الإسراء أو سورة بني إسرائيل بقول سُبْحَانَ ۩، أي تنزَّه وتقدَّس، لماذا؟ لأن بعض الناس قد يظن أن هذا الأمر يعطاص القدرة ويعطاص مقام النبوة، الله قال لا، وبعضهم قد يُكذِّب النبي، فالله سبَّح نفسه، لماذا؟ سبَّح نفسه أن يُرسِل نبياً كذّاباً، وحاشاه! صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم، وأيضاً سبب وسر ثالث، لأن بعض الناس قد تُفتَن برسول الله، فلأجل ألا تضل أمته قال الله سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ ۩، أنا الذي أسريت، هو لم يسر، إنما أنا الذي أسريت به، وأنا أعطيته ذلك، وأنا الذي أريته، وهو بنفسه لا يستطيع أن يرى، لِنُرِيَهُ ۩، قال لِنُرِيَهُ ۩، ولذلك بدأ بالتسبيح لئلا تضل أمته – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم -، وهكذا!

في روايات صحيحة – وهي الرواية الثالثة، أنس عن أبي ذر، في الصحيحين – أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – قبل أن يُسرى ويُعرَج به آتاه آتٍ فشقه من هنا، من ثُغرة نحره، إلى شِعرته، شقه واستخرج قلبه، وغسله بماء زمزم، فقد أتى هذا الآتي بدلو مملوءة حكمةً وإيماناً، وغسل القلب، ثم حشاه، ثم أعاده إلى رسول الله، طهارة! لأنه سيلتقي في هذه الليلة وسيعرج إلى مقام لا يدنو إليه لا عقل ولا وهم، ولم يقربه لا نبي مُرسَل ولا ملك مُقرَّب، فلابد أن يكون على طهارة كاملة، طهارة تامة.

انتبهوا! والصلوات فُرِضت ليلة المعراج، أين فُرِضت الصلوات؟ في حضرة القُدس، لم تُفرَض كبقية الفرائض، الصلاة هي العبادة الوحيدة التي فُرِضت في حضرة القُدس، في إشارة إلى أنها معراج المُؤمِنين، كما كان المعراج معراجاً لسيد خلق الله أجمعين، وكما طُهِّر – عليه الصلاة وأفضل السلام – فمن شروط أدائها ومن شروط صحتها الطهارة، فلا تجوز هذه العبادة إلا على طهارة، وكما أنه ناجى ربه ليلة المعراج فنحن نُناجي ربنا وهو يُكلِّمنا ويرد علينا في الصلاة، يقول حمدني عبدي، أثنى علىّ عبدي، مجَّدني عبدي، هذا لعبدي، ولعبدي ما سأله، لا إله إلا الله! إلى آخر السورة كما تعلمون في حديث صحيح في صحيح مُسلِم، نفس الشيئ! إنها معراج المُؤمِنين، إنها كرامة رب العالمين لنا معاشر المُكلَّفين، لا حظ في الإسلام لمَن لا صلاة له، مساكين الذين تثقل عليهم الصلاة، الصلاة في الحق هي كرامة، لو تأمَّلنا في حقيقتها لوجدنا أنها كرامة أكثر منها تكليفاً، هي كرامة، منحة، هدية، وجائزة لنا، كرامةً لنبينا، أكثر منها تكليفاً، إنها معراج الأرواح، مفتاح النجاح، مفتاح السعادة والوصول إلى رب العالمين.

نسأل الله – تبارك وتعالى – بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلا أن يُعيننا على أدائها، لا على قضائها، وإنما على أدائها، في وقتها، وعلى الوجه الذي يُرضيه عنا – تبارك وتعالى -، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيهما وخير أعمالنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                                 (الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المُبارَكين المُجاهِدين، وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلينا وعليكم معهم، والمُسلِمين والمُسلِمات أجمعين، بفضله ومنّه.

أيها الإخوة:

لا بأس أن نُشير على جهة الاستعجال إلى المُعجِزة الحسية الثانية، التي قال العلماء إنها أعظم ما أوتيَ النبي من معاجز كونية حسية بعد مُعجِزة الإسراء والمعراج، أما أعظم المعاجز بالكُلية هكذا وبالإطلاق فهي الآية العُظمة: القرآن العظيم، أما أعظم المعاجز القدرية الكونية الحسية فهي مُعجِزة الإسراء والمعراج، ثم مُعجِزة انشقاق القمر، بعض الناس يحسب أن هذه المُعجِزة لم تقع، اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۩، قالوا وسينشق، هذا كلام فارغ، التعبير هنا جاء واضحاً، وَانْشَقَّ ۩، وقد تواترت الآثار الصحاح عن أصحاب رسول الله بأن هذه المُعجِزة والآية قد وقعت، حكى في ذلكم الاتفاق كما حكى التواتر الحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر والإمام السُبكي – رحمة الله عليه، التاج القاضي – والإمام السيوطي والإمام الكتّاني – من المُعاصِرين – وغيرهم كثير، خبر انشقاق القمر مُتواتِر، وإن استبعد ذلك قُصراء وضُعفاء الإيمان وبعض مَن لا عقل تاماً لهم، لأن العقل التام لا يُحيل ذلك، لا يُحيل!

في القرن التاسع عشر لقد انفلق مُذنبان كبيران جداً، كما حكى العالم الفلكي المشهور جونز Jones – سبنسر جونز Spencer Jones – في كتابه عوالم بلا نهاية، مُذنبان كبيران! مُذنب ومُذنب آخر، في القرن التاسع عشر انفلقا، ولكنهما لم يلتئما ولم يلتحما، مُذنبان! أكبر من الكرة الأرضية بملايين المرات، فُلِقا بقدرة الله – تبارك وتعالى -، هذا يحصل، لماذا نستبعد ذلك؟

كان الفلاسفة من قديم – أرسطو Aristotle وأتباع أرسطو Aristotle – يرون أنه لا يُمكِن للفلك الأعلى وللأجرام العُليا أن يحدث فيها انشطار، لماذا؟ لأنهم يُحيلون – يقولون باستحالة – الفتق والرتق في عالم الفلك، كلام فارغ! تأملات فلسفية، جاءت مُعجِزة انشقاق القمر لتُؤكِّد عدم صحة هذا الكلام، هذه هلوسة فلاسفة، يُمكِن وتأييداً لما أخبر به كل الأنبياء والمُرسَلين أن الساعة حين تقوم تنفطر السماوات، تتشقَّق السماوات، عكس كلام الفلاسفة!

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۩، روى هذا الحديث جماعة كثيرون من أصحاب رسول الله، عبد الله بن عباس، عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عمر، أنس، أبو هُريرة، جُبير بن مُطعِم، حُذيفة بن اليمان، وغيرهم! صحابة كثيرون، تواتر الخبر بانشقاق القمر، ومُلخَّصه أن كفّار قريش طلبوا من رسول الله آية عُظمى، في بعض الأخبار أنهم عيَّنوها، وفي بعضها لم يُعيِّنوها، ماذا طلبوا؟ قالوا شُق لنا القمر، قال فإن فعلت هل تُؤمِنون؟ قالوا نعم، فدعا الله – تبارك وتعالى -، فانشق القمر ليلتها، في المساء، في الليل! انشق مرتين في لفظ البخاري، أي فلقتين، وهذا معنى مرتين، وليس بمعنى كرتين، وإنما يُقصَد بمرتين شطرين أو فلقتين، انشق القمر باثنين، وكان بينهما جبل حراء، فلقة هنا وفلقة هناك، هذه الآية العجيبة ابن عباس لم يشهدها، لأنه أسلم بعد الهجرة وكان صغيراً، وكذا أنس، لكن الإمام عليّ شهدها بعينيه وصح عنه ذلك، ابن مسعود شهدها بعينيه وصح عنه ذلك، وهكذا! رآها جُملة من الصحابة، ورآها الكفّار، وهي من أقوى الأدلة.

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۩، لم يُسجِّل لنا التاريخ عن واحد من كفّار مكة أو من كفّار المدينة من اليهود وغيرهم أنه كذَّب القرآن أو الرسول لأنه أخبر بهذا الخبر، هل فكَّرتم؟ لماذا؟ لأنهم شهدوه، لم يستطيعوا أن يتكلَّموا، القرآن يقول وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۩، ولم يُكذِّبه واحد، كلهم سكتوا، لأنها وقعت حقيقةً، ولم يقولوا محمد يكذب علينا ونحن أحياء لا نزال، سكتوا جميعاً، لقد انشق القمر حقيقةً.

الإمام أبو الحجّاج المزي – رحمة الله تعالى عليه – من أئمة بلاد الشام، ومن أعظم علماء الحديث في تاريخ الإسلام، ينقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية الآتي، وهو أرفع بكثير في علم الحديث من شيخ الإسلام ابن تيمية، بكثير! صاحب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أبو الحجّاج المزي – رحمة الله تعالى عليه – ينقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله عليه رحمة واسعة – أنه حُكي أو حَكى بعض الناس مِمَن كانوا بقارة الهند – ببلاد الهند – أنهم رأوا بناءً قديماً خالداً تالداً، كُتِب عليه بُنيَ ليلة انشق القمر.

ابن كثير قال وقد أُثِر ذلك عن سُفّار – أي مُسافِرين – كانوا ببلاد الهند، نفس الشيئ! بعض الناس يقول هذا كلام إسلاميين، مَن ابن كثير؟ ومَن ابن الحجّاج؟ انتبهوا! هناك العلّامة المُعاصِر أو المُحدَث – العلّامة المُحدَث وهو من أكبر علماء الهند – رحمت الله الهندي، صاحب المُناظَرة المشهورة مع المسيحيين، في إظهار الحق – انتبهوا، هذا دليل مُهِم جداً – نقل الآتي عن كتاب في التاريخ للهنود، لعبّاد البقر، ليس كتاباً في التاريخ الإسلامي، أي هذا ليس كلام ابن كثير والمزي وابن تيمية، إنه كتاب فريشته Firishta، كتاب يُدعى فريشته Firishta، في المقالة الحادية عشرة فيه كُتِب – وهو من تاريخ الهنود، وهذا الكتاب نُشِر حديثاً، ورد به رحمة الله عليه على المسيحيين البريطانيين، ولم يُكذِّبوه، لأن الكتاب موجود في التاريخ الهندي، في كتاب فريشته Firishta في المقالة الحادية عشرة كُتِب هكذا – لقد رأى أهل إقليم مانيبور Manipur من بلاد الهند القمر وقد شُقَّ باثنتين، فلقتين! شُقَّ باثنتين، ثم لما تحقَّق والي مانيبور Manipur وكان مجوسياً من مجوس الهند – لما تحقَّق أن هذا وقع في نفس الليلة التي دعا فيها محمد نبي العرب بذلك – أسلم، أسلم الرجل ودخل أهل مانيبور Manipur في الإسلام، وهم إلى اليوم من أحسن المُسلِمين، وخرَّجوا لنا علماء.

إذن وقعت الآية، وإليكم الدليل الأخير، وهو من أعجب الأدلة، هناك حزب الآن إسلامي في بريطانيا، اسمه Islamic Party of Britain، الذي أسَّسه – أي المُؤسَّس، الــ Founder – يدُعى داود موسى بيتكوك David Musa Pidcock، للأسف بعض الإيميلات وبعض المواقع تقول بيسكوك، ليس بيسكوك، اسمه بيتكوك Pidcock، وموقعه موجود، ارجعوا إليه، مكتوب فيه اسمه، ارجعوا إلى www.islamicparty.com، موجود فارجعوا إليه، يُمكِن أن تُراسِلوا هذا الشخص، وقد كان من طائفة الروم الكاثوليك، وهو الآن مُسلِم كبير، وهو مُؤسِّس هذا الحزب الإسلامي، هل تعلمون لماذا أسلم  داود موسى بيتكوك David Musa Pidcock؟ أسلم هذا الرجل بسبب حدوث الآتي، يقول كنت أطلب الحقيقة، ويعلم الله أني كنت أطلبها بشغف وصدق وتجرد، فأعطاني أحد أصدقائي ومعارفي ترجمة معاني القرآن، يقول فلما فتحت – لا أدري من سوء حظه أو من حُسن حظه، ولعله من حُسن حظه إن شاء الله – وجدت أول ما فتحت سورة القمر، اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۩، بالنسبة إلىّ كان فألاً سيئاً، قلت هل انشق القمر وعاد فالتحم؟ هذا (تهجيص)، خُرافات – Myths -، كلام فارغ! وأقفلت المُصحَف – يقول – أو الترجمة، ولم أعد بعد ذلك مدفوعاً للقراءة فيه، اعتبر أن هذا دين أسطوري ودين خُرافات.

يقول بيتكوك Pidcock – داود موسى بيتكوك David Musa Pidcock يقول – وفي يوم من الأيام وأنا جالس بإزاء الرائي أو التلفاز وجدت مُناظَرة بين مُعلِّق بريطاني وثلاثة من علماء الفضاء الأمريكان، وهذا المُعلِّق البريطاني يتغيَّظ ويستنكر عليهم، كيف يُنفِقون هذه المليارات؟ حتى أنهم واجهوه بأنهم أنفقوا مائة مليار –  أي بليون بالأمريكي، مائة بليون – دولار لكي يضعوا قدم أول رائد على القمر، في التاسع والستين، قال فغضب هذا المُعلِّق، وقال هذا سفه وهذا تبذير، والأرض فيها فقر وفيها مرض وفيها أُمية، لماذا؟ قالوا له نحن لم نفعل ذلك من أجل أن نضع قدمه وأن نغرس علم أمريكا فوق القمر، لا! وإنما أردنا أن ندرس الطبيعة الحقيقية للُب القمر ولقشرة القمر، قال فماذا وجدتم؟ قالوا لقد وجدنا حقيقة، لو أنفقنا عليها أضعاف هذا المبلغ لما صدَّقنا الناس ولما كان كثيراً.

يقول المُعلِّق البريطاني ماذا وجدتم؟ قالوا لقد وجدنا أن القمر قد شُقَّ في يوم من الأيام من مُنتصَفه، قالوا لقد وجدنا صخوراً مُتحوِّلةً، هناك حزام يلف القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطح آخر، سلاسل الجبال مقسومة، والجبال – هي من نفس النوع – لا تتلاءم مع أشطارها، حدث اندياح وتحول في الجبال، إنما تتلاءم مع أشطار جبال أُخرى، انشق ولم يعد كما كان بالضبط، ولما سألنا علماء الجيوفيزيكس Geophysics والجيولوجيا Geology قالوا هذا لا يُمكِن أن يحدث إلا إذا كان القمر قد انشق.

قال فقفزت من كرسي، قلت الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وأن هذا القرآن حق، مُعجِزة صنعتها القدرة الإلهية لرسول الله قبل ألف وأربعمائة سنة، يُيسِّر ويُسخِّر لنا الأمريكان لكي يُنفِقوا مئات المليارات لإثباتها للعالمين، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ۩، صدق الله العظيم، وبلَّغ رسوله الكريم – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

اللهم إنا نسألك وندعوك ونرغب إليك أن تُحيينا على سُنته، وأن تُميتنا على مِلته، وأن تحشرنا غداً يوم القيامة تحت لوائه، اللهم اسقنا بيده الشريفة شربةً لا نظمأ بعدها حتى ندخل الجنة، اللهم اجزه خير ما جزيت نبياً عن أمته، وخير ما جزيت رسولاً عن رسالته.

اللهم صل عليه في الأولين، وصل عليه في الآخرين، وصل عليه في الملأ الأعلى أجمعين، وصل عليه إلى يوم الدين، اللهم صل عليه إلى أبد الآبدين، حتى ترضى وحتى نرضى يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمُسلِمين والمُسلِمات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه يزِدكم، وسلوه من أفضاله يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

(26/9/2003)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: