إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُحسِنين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

 أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد: 

أيها الإخوة المسلمون الأكارم، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ۩ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ۩ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ۩ لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ۩ 

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.

أيها الإخوة والأخوات:

أخرج الإمام مُسلِم والنسائي وابن ماجه عن صاحب رسول الله جرير بن عبد الله – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -، قال كنت جالساً مع رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – في المسجد، إذ أتى جماعة مُجتابي النمار، مُتقلِّدي السيوف، عليهم أُزر، ليس عليهم شيئ سواها، فلما رأى رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – ما بهم من الجهد والعري والجوع تغيَّر وجهه، وعُرِف ذلك في وجهه – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم -، فهو كما سماه ربه بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ۩، عظم عليه جداً أن يرى جماعةً من إخوانه ومن أمته على هذه الحالة، ثم قام – عليه الصلاة وأفضل السلام – فدخل بيته، ثم خرج، فصلى الظهر، ثم قام على المنبر، فحمد الله – سُبحانه وتعالى -، ثم قال أما بعد، أيها الناس، فإن الله – تبارك وتعالى – أنزل يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ۩ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ۩ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ۩،  أيها الناس، تصدَّقوا قبل أن لا تصدَّقوا، تصدَّقوا قبل أن يُحال بينكم وبين الصدقة، تصدَّق امرؤ من ديناره، تصدَّق امرؤ من درهمه، تصدَّق امرؤ من شعيره، تصدَّق امرؤ من بُره، هذا قوله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، لا يُحقرن شيئ من الصدقة، لا يُحقرن – أي لا يَحقرن أحدكم شيئاً – شيئ من الصدقة، ولو بشق التمرة، وفي روايات بشق تمرة، ولو بشق التمرة!

يقول جرير – رضوان الله تعالى عليه – فقام رجل من الأنصار بيده صرة، فدفعها إلى رسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فتهلَّل وجهه، رُؤيَ فيه السرور والبشر – عليه الصلاة وأفضل السلام -، فتهلَّل وجهه – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم -، ثم قال مَن سن في الإسلام سُنةً حسنةً فعُمِل بها كان له أجرها ومثل أجر مَن عمل بها، لا ينقص من أجورهم شيئاً، ونقص فعل لازم ومُتعدٍ، يُقال نقص الشيئُ ونقص الشيئَ، هنا جاءت مُتعدية، لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومَن سن في الإسلام سُنة سيئة فعُمِل بها كان عليه وزرها ومثل وزر مَن عمل بها، لا ينقص من أوزارهم شيئاً.

يقول جرير – رضوان الله تعالى عليه – ثم تفرَّق الناس، ثم تفرَّق الناس أي عادوا إلى أماكنهم وبيوتهم، لكي يجتلبوا ما يتصدَّقون به، ثم تفرَّق الناس، فعادوا، فمن ذي دينار، ومن ذي درهم، ومن ذي طعام، ومن ذي بُر، ومن ذي شعير، ومن ذي… ومن ذي… حتى تكوَّمت كومة، كومة كبيرة! فأخذها – عليه الصلاة وأفضل السلام – فقسمها عليهم، على هؤلاء الذين جاءوا وحلوا زوّاراً وضيوفاً، وقد أجهدهم الفقر، وبلغت بهم المسغبة، قسمها عليهم – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ۩، في التفاسير هذا اليوم – يوم غد – هو يوم القيامة، قرَّبه الله جداً، حتى جعله كاليوم الذي يتلو يومنا هذا، غد! لأنه قريب جداً، والبعيد ما لا يكون، البعيد ما لا يكون! كل آتٍ فهو قريب، وهذا اليوم آتٍ آتٍ آتٍ، البعيد ما ليس يأتي، ما ليس يكون، اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۩.

أيها الإخوة:

لماذا لم يكتف بقوله يا أيها الذين آمنوا انظروا أو فلينظر أحدكم أو فلتنظر نفس إلى ما قدَّمت لغد، إنما قال اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ ۩؟ لأن الإيمان بحياله أو الإيمان وحده مُجرَّداً يبدو أنه ليس كافياً لأن تستعد الاستعداد المطلوب للآخرة، كثيرٌ من هذه الأمة – فيها كثير جداً جداً – أو كلها تقريباً من المُؤمِنين، استوفوا أركان الإيمان، يُؤمِنون بأُسس وأركان الإيمان، لكنهم يحطبون في حبال المعاصي، يعصون الله كثيراً، يُقصِّرون، يُسيئون إلى أنفسهم، ولا يرجون لربهم وقاراً، مع أنهم مُؤمِنون في الجُملة، هذا الإيمان لم يرتق إلى درجة، إلى رُتبة، وإلى مصاف التقوى، التقوى إذا حلت القلب استحال الإنسان شيئاً آخر، استحال الإنسان خلقاً جديداً، يبدأ بحلولها قلبه يمهد لنفسه، يدخر لنفسه، يعمل لغده، لكن بالإيمان وحده لا يحدث هذا، فكيف بالإسلام – إسلام اللسان فقط، مع ضعف جذوة وفتيل الإيمان في القلب -؟ الأمر بعيد، بعيد جداً، اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۩.

أيها الإخوة:

نحن الآن كما تعلمون على أبواب ومشارف رمضان، هذا الشهر الكريم الفضيل، الذي نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُبلِّغناه ونحن في عافية وخير وأمن وإيمان – إن شاء الله -، اللهم آمين، بيننا وبينه إما تسعة أيام وإما ثمانية أيام، أقبل هذا الشهر، فلنستعد لهذا الشهر، فلنستعد لهذا الشهر الكريم، كيف نستعد له؟ بتوبة، بأوبة، برجعة صادقة إلى الله – تبارك وتعالى -، فإن الله يُحِب الأوّابين، ويُحِب التوّابين، ويُحِب الرجّاعين، يقول ولي الله سهل بن عبد الله التستري – رضيَ الله تعالى عنه -، يقول ليس للعبد إلا مولاه، يا أخي المُؤمِن ويا أختي ليس لكم إلا الله – تبارك وتعالى -، مهما ذهبتم، مهما رحتم، مهما كبرتم، مهما صرتم، مهما بلغتم، ليس للواحد منا إلا الله – سُبحانه وتعالى -، وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ۩، وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ۩، من أرجى الآيات في كتاب الله – حتى عدها بعض العلماء أرجى آية في كتاب الله – ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ۩، الله هو مولانا، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ ۩، الكفّار لا مولى لهم، ومن حُسن إطماعه – سُبحانه وتعالى – ومن جزيل كرمه ومن بالغ حفاوته أنه قال مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ۩، اكتفى بالإيمان، فمَن كان مُؤمِناً فهو ولي لله، والله مولاه – سُبحانه وتعالى -، هكذا! الولاية العامة الإجمالية.

الحمد لله على ما أنعم وهدى وزكى – سُبحانه وتعالى -، إذن ليس للعبد كما يقول سهل إلا مولاه، إذا عصى الله – تبارك وتعالى – قال اللهم إني أسألك أن تستر علىّ، فأنت تحتاج إليه حتى في المعصية، يقول مولانا ابن عطاء الله – قدَّس الله سره الكريم – الستر على ضربين، ستر في المعصية، وستر عن المعصية، فأما العامة من الخلق – شأننا، أمثالنا – فهم يطلبون ماذا؟ يطلبون الستر في المعصية، هم يعصون الله – تبارك وتعالى -، ويطلبون منه ويرغبون إليه في أن يسترهم وألا يفضحهم، لماذا؟ لأنه إن لم يفعل فُضِحوا وافتُضِحوا في أعين الخلائق، نزلت رُتبتهم ومثابتهم في أعين الناس، وهم حريصون جداً عليها لجهلهم لأنهم عامة، عامة، عُميان، بُكم، حريصون على أن يستوفوا كرامتهم وأن يحتفظوا بمثابتهم في أعين العباد، في أعين الضعاف، في أعين العُصاة من أمثالهم، في أعين الفقراء المساكين، أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ۩، هذا لجهلهم ولغباوتهم، وأما أهل الله وخاصته – نسأل الله أن يُرقينا إلى مراتبهم، وأن يحشرنا في زُمرهم – فهم يطلبون الستر عن المعصية، ألا يقعوا أصلاً في المعصية، وهل مثل الله يُعصى – سُبحانه وتعالى -؟!

يقول أحد العارفين بالله – عرَّفنا الله به ودلنا عليه -، يقول استمع يا عبد الله إلى البتول الصدّيقة مريم – عليها السلام -، إذ تقول يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ۩، حياءً مِن ماذا؟ ومِمَن؟ مِن المخلوقين، حياءً مِن أن تُفتضَح أمام المخلوقين، يقول هذا العارف فكيف بالحياء مِن رب العالمين يوم القيامة؟! حتى إن غفر، حتى إن ستر، هل لك عين وهل لك وجه أن تقف بين يديه – سُبحانه وتعالى – وأن تعلم ماذا فرَّطت في جنبه وماذا أحدثت في هذه الدنيا التي زالت عنك ونعيمها وأعراضها؟ كل ذلك اضمحل وتلاشى! كيف؟ كيف تُقابِله – سُبحانه وتعالى -؟!

وقف العارف بالله الفُضيل بن عياض – أبو عليّ قدَّس الله سره الكريم – في حجة من حجاته عشية عرفة اليوم بطوله، حتى غابت الشمس، تحت الشمس ولم يرفع يديه، استحيا من الله أن يسأل الله شيئاً، هو يرى أن مثله لا يسأل الله، كيف يسأل وهو العاصي المُذنِب؟ هكذا يرى نفسه، وقف هذا هكذا، هذا الولي المُخبِت الرجّاع وقف اليوم بطوله دون أن يسأل الله شيئاً، فلما غابت الشمس سح الدموع سحاً وقال واسوأتاه وإن غفرت! حتى إن غفرت لي، فواسوأتاه! وافضيحتاه! كيف أُقابِلك غداً؟ كيف تنظر إلىّ؟ كيف أنظر إليك يا رب العزة؟ لكن أين؟ أين مثل هذه القلوب؟ أين مثل هذه الأرواح التي تُراعي الله وترعاه وترقبه في الظاهر والباطن، في السر والعلن، في الخلوات والجلوات؟ نقرأ عن هؤلاء أقاصيص وحكايا كالكذب، كالأساطير، ونستعجب، وبعضنا يدهش، وبعضنا يقول هذه مُبالَغات، طبعاً لأنه يجهل، ومَن جهل شيئاً عاداه، وانحط في مُعاداته، نتعجَّب وندهش ونقول كيف؟ كيف تأتى لهم الوصول إلى أمثال هذه الرُتب؟ كيف أمكنهم أن يعبدوا الله هذه العبادة؟ حتى قال قائلهم وهو إبراهيم التيمي – قدَّس الله سره – يوماً، قال والله لو نُوديَ أن القيامة تقوم الساعة ما استطعت أن أزيد في عملي، يعبد الله في كل اللحظات، يُراقِب الله في كل الخواطر، لا يستطيع أن يزيد، أكثر ما عنده! سُبحان مَن أقدره على ذلك، سُبحان مَن عصمه، هذه كالعصمة، سُبحان مَن حفظه، كيف؟ لقد أجمع السادة العارفون بالله تبارك وتعالى – عرَّفنا الله عليه -، أجمعوا – أيها الإخوة والأخوات – على أن مَن راقب الله في خطراته وفي باطن خطراته عصمه الله – تبارك وتعالى – وحفظه في حركات جوارحه، أنت راقب الله في الباطن، ولا عليك بعد ذلك، هو سيعصمك فيما تأكل وفيما تشرب، في لسانك وفي عينيك وفي أُذنك وفي يدك وفي رجلك وفي فرجك، سيعصمك، سيحفظك، سيحول بينك وبين أن تعصيه، لأنك كريم عليه، أنت راقبته في السر، وهو حفظك في العلن، هكذا!

تحدَّثنا في الخُطبة السابقة عن ابن سيرين – قدَّس الله سره الكريم -، هذا الرجل يقول والله إني لأرى المرأة في المنام – في المنام يا عباد الله – فأعلم أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها، الله أكبر، في المنام! الله – عز وجل – يحفظه حتى في منامه، في رؤاه! القلب مُعلَّق بالله – تبارك وتعالى -، مُعلَّق! وهل لنا إلا الله – تبارك وتعالى -؟ ليس لنا إلا الله، في الأولى وفي الآخرة وفيما بين ذلكم، أبداً ليس لنا إلا الله، هكذا!

إذن العامة تطلب الستر في المعصية، والخاصة تطلب الستر عن المعصية، لماذا؟ لأن همهم ووكدهم وقلقهم من ماذا؟ من أن يسقطوا من عين الله – تبارك وتعالى -، أما أعين الخلق فهذا لا يهمهم، لا يهمهم ماذا يقول الخلق وماذا يرى الخلق، لأن الخلق لا يرضون، أصلاً أكاد ألا أُرى – أي أظن – أن هناك قاعدة بعد طبعاً العتيد من كلام الله ورسوله تنفع مثل هذه القاعدة، قاعدة ماذا؟ ليكتمل يأسك من عباد الله، كُن يائساً من الناس، لا تلتفت إلى واحد من خلق الله، لا إلى مَن مدح ولا إلى مَن قدح، لا إلى مَن أحب ولا إلى مَن عادى، لماذا؟ لأن رضاء الخلق غاية لا تُدرَك، وإذا أنت طلبت رضاء الناس وراعيتهم في أعمالك فأنت المُعنى، أنت التعب، ولن تبلغ رضاهم، ولا رضا عُشر هؤلاء الناس.

كان يمشي لُقمان الحكيم – عليه السلام – ذات يوم وقد أركب ابنه على دابة، حتى إذا أتيا السوق لهج بعض الناس، قالوا سُبحان الله، ما أعق هذا الغُلام! شيخ كبير يمشي، وغُلام يركب، قال انزل يا بُني، لأركب أنا، هو يُريد أن يُعلِّم ابنه، هو حكيم ويُريد أن يُعلِّم ابنه، اجعل همك الله، ايأس من الناس، لا تلتفت إلى الناس، الذي يرضى اليوم غداً يسخط، الذي يسخط اليوم غداً يرضى، وسواء رضيَ أو سخط لا عليك، فركب الشيخ الكبير – أي لُقمان -، وجعل الغُلام يمشي، فلهج بعضهم، بعض آخرون، قالوا سُبحان الله، ما أقسى قلب هذا الشيخ الكبير! يركب، وهذا الغُلام يمشي في شدة الحر، قاسٍ، رجل قاسٍ، قال يا بُني اركب معي، اردفه خلفه، فقال فريق ثالث من الناس – في السوق، في سوق واحدة -، قالوا سُبحان الله، اثنان على دابة، ثم قالوا مُستهزئين ساخرين هلا أردفوا ثالثاً؟ سُخرية! اركبوا ثلاثة أفضل، حتى تقسموا فقار هذه الدابة، قال يا بُني لننزل كلانا، فنزلا يمشيان، يجران الدابة، فقال الناس سُبحان الله، سُبحان مَن قسم العقول، حمقى! أحمقان يمشيان والدابة فارغة، فمن أين يرضى الناس؟ من أين؟ لا يُمكِن! 

واحد مثلي مسكين – مثلاً -، وضعه الله في هذا المقام، يتكلَّم ويُحاوِل أن يعظ نفسه أولاً ثم يعظ الناس، إذا أحسن قالوا مُتفيهق، مُتشدِّق، مُتفلسِف، مُتعمِّق، يستعرض عضلات علمية، إذا أخطأ قالوا لماذا يصعد المنبر وهو جاهل لا يستطيع أن يُبين ولا أن يُقيم لسانه بجُملة؟ هكذا الناس، لا يرضون، إن أحسنت لا يرضون، إن أسأت لا يرضون، على كل الأحوال! شيئ عجيب الناس.

ولذلك اجعل همك الله – تبارك وتعالى -، اجعل مقصودك، قبلتك، وكعبتك الله، والله وحده، ولا تُشرِك معه ولا به أحداً من خلق الله، كلهم مثلك غرقى فقراء مساكين، لا تلتفت إليهم، التفت إليه، واستأنس به وحده، هُوَ اللَّهُ ۩، إذا استأنست بالله استشعرت الوحشة من عباد الله، حتى من الصالحين منهم، لا يُؤنِسك بعد ذلك إلا الله، إلا الله وحده – سُبحانه وتعالى -، وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية – قدَّس الله سره – حين قال إن في القلب خلةً – أي فراغاً، يُوجَد فراغ كبير – لا يسدها إلا الله، محبته وخشيته وخوفه ورجاؤه، الله! مُستحيل غيره، كل الدنيا لا تستطيع أن تسد هذه الخلة، تبقى كالتائه، كالحيران، كالضال، كالمُتردِّد، كالمُتشكِّك، وكالفاقد، كالفاقد! فإذا عرفت الله صرت كالواجد، وجدت كل شيئ، وإذا كان لك الله فلك كل شيئ – إن شاء الله -، ولا يضرك ما فاتك بعد ذلك، لا يضرك!

يقول سهل ليس للعبد إلا مولاه، إذا أذنب وعصى الله قال اللهم إني أسألك أن تستر علىّ، فإذا ستره – سُبحانه وتعالى – قال اللهم إني أسألك أن تتوب علىّ، فإذا تاب عليه – المعصية تحتاج توبة، وتحتاج توبة مقبولة – قال اللهم إني أسألك أن تُوفِّقني إلى العمل، العمل يا عباد الله، العمل أيها الإخوة والأأخوات، دائماً نُرجئ العمل، نُرجئ الصالحات، نُرجئ التوبة، إلى متى؟ أنت يا ابن الأربعين، أنت يا ابن الخمسين، يا ابن الستين، يا ابن السبعين، إلى متى؟ كل واحد منا يُرجئ، ابن السبعين هذا كان يُريد أن يعمل قبل أربعين سنة وإلى اليوم لا يعمل، متى تعمل؟ متى تعمل؟ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۩، يا عباد الله النبي يقول تصدَّقوا قبل أن لا تصدَّقوا، تصدَّقوا قبل أن يُحال بينكم وبين الصدقة، هكذا! حتى إذا بلغت الحلقوم – والحديث في الصحيحين – قلت أتصدَّق، لفلان كذا، ولفلان كذا، يقول – عليه الصلاة وأفضل السلام – وقد كان لفلان، أردت أو لم تُرِد مالك سيُصبِح لفلان، سيصير لفلان إردت أو لم تُرِد، لأنك الآن تموت، آلآن تُريد أن تتصدَّق وأنت مُدبِر عن الدنيا ومُقبِل على الآخرة؟ لا يُمكِن، تصدَّق وأنت فقير، تصدَّق – النبي يقول – وأنت فقير، خير الصدقة – قال حين سُئل – أن تتصدَّق وأنت فقير، تأمل الغنى وتخشى الفقر، تصدَّق! تصدَّق في هذه الحالة، لأن دواعي الصدقة ضعيفة جداً، فلا يُغلِبها إلا ماذا؟ إلا ماذا؟ لا يُقويها إلا داعي الإيمان، داعي التقوى، داعي أن تمهد لنفسك في آخرتك، هذا هو! نعم، وقد كان لفلان – يقول عليه الصلاة وأفضل السلام -.

فإذا وفَّقه الله للعمل – يقول سهل – قال اللهم إني أسألك أن ترزقني الإخلاص في العمل، لأن العمل بغير إخلاص أيضاً غير مقبول، ما الفائدة أن تعمل وأن تُصلي وأن تحج وأن تعتمر وأنت مُراءٍ؟ تُرائي العباد بذلك، أنت تُريد وجه الناس، لا تُريد وجه الله، لا ينفع! لا ينفع هذا، لا يقبل الله هذا العمل، الله لا يقبل إلا ما كان له، وله وحده – لا إله إلا هو -، هكذا!

قال اللهم إني أسألك أن ترزقني الإخلاص، فإذا رزقه الله الإخلاص قال اللهم إني أسألك أن تتقبَّل مني، لا إله إلا الله! فالمسألة طويلة، مشوار طويل، هذا مشوار طويل، وليس للعبد إلا مولاه – سُبحانه وتعالى -، وهو رب رحيم، ليس به أن يُعذِّبنا، وليس به أن يُعنِتنا، وليس به أن يُحرِجنا، والله فتح لنا كل أبواب الرحمة، دائماً – سُبحان الله – أتذكَّر كلمة رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – وأرى كم هذه الكلمة بليغة! وكم تبلغ من النفوس الفاقهة! لا يهلك على الله إلا هالك، لا يهلك على الله – والله – إلا هالك، غداً لن يخسر ولن يُساء وجهه ولن يدخل جهنم تحطمه حطماً إلا مَن كان يستحق ذلك، وهو سيرى، هو سيرى هذا، وسوف يعترف بأنه يستحق ذلك، لأن الله فتح لك الأبواب مُشرَعة، آلاف وآلاف وآلاف الأبواب، ويُمكِن أن تنجو بأعمال قليلة، فلِمَ لا تعمل؟ لِمَ لا تعمل؟ اترك الذنوب، اترك الذنوب أولاً، ثم بعد ذلك اقتصد في العمل، تبلغ – إن شاء الله تبارك وتعالى -، لكن لا تُخلِّط، تعمل الذنوب – الكبائر والصغائر – وتُقصِّر أيضاً في الواجبات، ثم تأمل في رحمة الله، نعم رحمة الله واسعة، لا نُحجِّر هذه الرحمة، لكن لا ندري هل تُصيب أو لا تُصيب؟ لا تترك نفسك في خطر المشيئة، لا تترك نفسك يا عبد الله في خطر المشيئة، وكُن كفاروق هذه الأمة ومُلهَمها  ابن الخطاب – رضوان الله تعالى عليه -، لم يكن يقول دائماً وعلى كل الوجوه لو قيل كل الناس هلكى وكل الناس يدخلون النار إلا واحداً، لظننت أنني أنا هو، كان يعتقد ذلك، لكن هذه نصف الحقيقة، ويعتقد في نفس الوقت أنه لو قيل كل الناس ناجون وكلهم يدخلون الجنة إلا واحداً، قال لظننت أنني أنا هو، لن أدخل الجنة لأعمالي، لذنوبي، لقلة حيائي من الله، هكذا ينبغي أن نتعامل مع الله، وإلا فهو رب رحيم – لا إله إلا هو -، يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ۩، ويفرح فرحاً شديداً بعبده إذا تاب وآب إليه، والله! يغفر ويُعفّي على آثاره، يُعفّي على سيئاته وعلى ما مضى منه.

يقول أحدهم دفنا رجلاً أعرابياً، كان سيء السُمعة بين الناس، لم يعمل خيراً قط، مُسلِّم مُوحِّد لكن رجل مُجرِم – والعياذ بالله -، لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلا احتقبها، فلما مات فرح الناس، أهل المحلة فرحوا بموته، قالوا الحمد لله، مصداقاً لقول رسول الله في الصحيحين عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -، قال أبو قتادة مُر بجِنازتين – يُقال جَنازة وجِنازة -، فقال النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – مُستريح ومُستراح منه، قال فقلنا يا رسول الله ما مُستريح؟ وما مُستراح منه؟ قال مُستريح هو المُؤمِن، استراح من عناء الدنيا وآذاها، من نصب الدنيا وآذاها، استراح إلى الله – تبارك وتعالى -، هكذا! ومُستراح منه هو الفاجر – والعياذ بالله -، تستريح منه البلاد والعباد والشجر والدواب، أخرجاه في الصحيحين، هكذا! فالناس استراحوا من هذا، استبشروا بموته، إلى حيث ألقت كما يُقال، إلى حيث ألقت!

قال فأردنا أن نُواريه التراب، وقبل ذلك أردنا رجلاً يُحسِن أن يُلقِّنه، فأبى الناس، قالوا لا، كل واحد كان يقول لا، لا أُلقِّنه، استخسروا عليه حتى كلمة التلقين من إجرامه، سيء السيرة والسُمعة، قال فاهتممنا لذلك، أي هذا مسكين، ونُريد أن نُلقِّنه، قال فنظرنا، فإذا بفارس يَقدَمُ من بعيد – يَقدَمُ من بعيد، قَدِمَ يَقدَمُ، أي أتى، لكن قَدُمَ يَقدُمُ، أي صار عتيقاً -، فقلنا له يا عبد الله تُحسِن تُلقِّن؟! قال إن شاء الله، قال فنزل في الحفرة، وساره في أُذنه بكلمات لم نسمعها، هكذا لقَّنه على طريقته الخاصة، ساره في أُذنه، سار الميت بكلمات، لم نسمع منها شيئاً، ثم انطلق، فرأى – سُبحان الله – غير واحد من الذين شيَّعوه ودفنوه هذا الأعرابي المُسرِف المُجرِم، رأوه في أحسن حالة في جنات النعيم، يتبختر هانئاً رضياً مسعوداً، من غير خوف ولا حزن، عجيب! أكثر من واحد رأى هذا، الله أراد أن يُبيِّن لهم أنه قد غفر له، فحكى كل منهم هذه الحكاية الغريبة للأمير، هذا يقول رأيت، وهذا يقول وأنا رأيت، وهذا يقول وأنا رأيت،وهذا يقول وأنا رأيت، قال أحدهم وسألته بِمَ نلت ما نلت يا عبد الله؟ قال بسبب الرجل الذي نزل معي في حفرتي، فقال الأمير علىّ به، لابد أن يأتي هذا الرجل، فطلبوه فوجدوه، فقال له تعال يا عبد الله، بالله ما الذي قلت لهذا العبد، لهذا الرجل الميت؟ ماذا قلت له؟ قال والله ألهمني الله أن أقول له الآتي، وسررت في أُذنه به، قلت له لو نزلت علىّ ضيفاً نحرت لك جزوراً، ولكن أبشِر ولا تخف ولا تحزن، فإنك تنزل على أكرم الأكرمين، الله أكبر! لا تخف – قال له -، لا تخف، فإنك تنزل على أكرم الأكرمين، قال نعم – أي الأمير -، هذه التي بلغت به، لا إله إلا الله! هذا الظن، وهذا ظن مَن؟ ظن الذي لقَّن، وليس ظن الميت، الذي لقَّن أن الله – إن شاء الله – لن يُخيِّب رجاء هذا العبد المسكين، الذي يأس الناس من رحمة الله أن تناله، لكن الله لم يُيئسه من رحمته – تبارك وتعالى -، ببركة كلمات أُلهِمها هذا العبد الصالح، هذا الفارس الراكب، نسأل الله ألا يقطع منه رجاءنا، وأن يرحم ضعفنا، وأن يجبر خاطرنا وكسرنا، وأن يتولانا بالرشد في كل أعمارنا، اللهم آمين، هكذا! اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۩.

أيها الإخوة:

ليُفكِّر كل واحد منا كم يبلغ منه الخبيث وكم تبخسه نفسه حظه من الخير وقسمه من الرشاد! كيف؟ أيها الأخ، أيتها الأخت، تنام أو تنامين ليلة طويلة، بطولها، هانئاً وادعاً، تتنفَّس جيداً، تتحرَّك جيداً، بلا مغص، بلا آلام، ليلة بطولها، حتى إذا انفجر الصباح وقمت تُصلي استقصرت الصلاة، صليت صلاةً قصيرةً وجيزةً سريعةً مُعجَلةً أو أنت مُعجَل فيها، وتثور لك من الدوافع ومن البواعث ما يجعلك تراها حملاً ثقيلاً، تُصلي الصبح بعد ليلة طويلة في نعمة الله في ثلاث دقائق أو في دقيقتين كما يفعل بعض الناس، أما يستحي أحدنا من الله – تبارك وتعالى -؟ أهذا جزاء النعمة؟ أهذا جزاء نعمة النوم ليلة كاملة بطولها؟ أتقوم تتعجَّل الصلاة في دقيقتين؟ أما اشتقت إلى مولاك؟ أما تُحِب أن تقف فعلاً بين يديه؟ لأنك لم تذق طعم هذه العبادة، لم تذق لذة المُناجاة، لم تذق لذة القرآن الكريم أن تترنم به بين يدي المولى الجليل.

وفي الصحيحين ما أذن الله أذنه – ورواه الترمذي أيضاً، هذا في الصحيحين وعند الترمذي، ما أذن الله، أي ما استمع، وليس ما سمح وأعطى، إنما ما استمع، ما استمع الله لشيئ – لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن، قال العلماء ولغير النبي أيضاً من المُخلِصين الصادقين في تلاوتهم، نفس الحُكم – إن شاء الله تبارك وتعالى -.

تعرفون جميعاً وتعرفن أيها الإخوة والأخوات حديث أُسيد بن حُضير، الأنصاري الجليل هذا، الذي كان يقرأ ليلة الجُمعة وتنزَّلت الملائكة لقراءته، قيل كان يقرأ الكهف، وقيل كان يقرأ آل عمران، وقيل غير ذلك، الروايات مُختلِفة، المُهِم هذا الرجل – لا أُريد أن أذكر الحديث بطوله، فهو طويل – على كل حال كان يقرأ، وقد تنزَّلت الملائكة لقراءته، ورآها بأم عينه كالظُلة، مثل الثُريا العظيمة، ثُريا من أنوار عظيمة جداً، فخاف! خاف على نفسه وخاف على ابنه يحيى، فدخل، فلما غدا على المُصطفى – صلوات ربي وتسليماته وتبريكاته وتشريفاته عليه ما ذكره الذاكرون وما غفل عن ذكره الغافلون – من الصباح قال له اقرأ ابن حُضير، اقرأ ابن حُضير، في رواية ثلاث مِرار، ثم قال له تلك يا ابن حُضير الملائكة، تنزَّلت لتلاوتك، الله أكبر! أليس عند الواحد منا غيرة؟ لماذا لا يغار الواحد منا؟ لماذا لا أُصبِح هكذا؟ لماذا لا أجلس بصدق وإخلاص؟ بعض الناس يجلس بتمثيل، يقرأ مُمثِّلاً، الله أكبر! أتُمثِّل على الله؟ تُمثِّل على مَن يا مسكين؟ بعض الناس يستعرض صوته، بعض الناس يستعرض علمه، يُريد أن يُفهِم الناس أنه يقرأ بالأحكام، ما هذا؟ ما هذا الجهل؟ ما هذه الغباوة؟ ما هذا الجنون؟ جنون! جنون النفاق، جنون الرياء، اقرأ لنفسك يا رجل، اقرأ لله – تبارك وتعالى -، استشعر أن الله الآن يتجلى عليك وهو فرح، فرح بك – سُبحانه وتعالى -، ينظر إليك – تبارك وتعالى -، وربما نزَّل عليك ونزَّل في بيئتك على أهلك وفي دارك الملائكة، نزَّل الملائكة تستمع، ألا تغار أن تصل إلى هذا الموصل؟

الدكتور البوطي الذي كان هنا – العلّامة البوطي حفظه الله ونفع به – كان مرة هو ووالده وأبناؤه أيضاً في ورد، وهذه عادتهم كما يقول، يجلسون بعد صلاة الفجر في ورد – ورد تسبيح وأذكار واستغفار لهم، ورد طويل، رحمة الله على والده -، قال كنا في الورد اليومي، ككل يوم أو ككل صباح، وإذا بفتاة وهي جارتنا في الطابق العُلوي تأتي وتطرق الباب، قالت يا جماعة ألم تشعروا بما يخرج من عندكم؟ قلنا لا، ما الذي يخرج؟ قالوا لنا ساعة – ليست البنت وحدها، كل أهل الدار، الجيران الذين هم فوق – ونحن نرى طيوراً كثيرةً جداً، بيضاً وسوداً، تخرج من شُرفة منزلكم، الله أكبر! كشف الله لهم هؤلاء، رأوا الملائكة، تخرج طيور بالمئات وربما بالآلاف، كثيرة – تقول -، كثيرة جداً! بيضاً وسوداً، تخرج من الشُرفة، لماذا تخرج؟ ما هذه الطيور؟ ملائكة! قالوا والله ما رأينا شيئاً، لكن هؤلاء الناس الصالحين – يبدو أنهم أيضاً من الصالحين – رأوا ذلك.

هناك الإمام بديع الزمان النورسي – قدَّس الله سره -، الإمام بديع الزمان سعيد النورسي، الذي حفظ الله به الإسلام في تركيا الكمالية، لعنة الله على كمال أتاتورك Kemal Atatürk وعلى أمثاله من الكفرة العلمانيين الذين ماتوا كافرين مُلحِدين مُجدِّفين هكذا، الإمام النورسي حين توفاه الله رأى الناس – ورأى ذلك آلاف الناس إن لم يكن عشرات الآف – طيوراً، آلاف الناس! حين توفاه الله رأى الناس طيوراً غص بها المكان، آلاف مُؤلَّفة، طيور كثيرة جداً جداً، سدت فضاء السماء، كيف ألوانها؟ بأجمل وأزهى ألوان، ما رأى الناس مثلها، ما رأى الناس مثلها من قبل، ألوان عجيبة غريبة، ورآها الناس بالآلاف، لم يرها واحد أو اثنان أو ثلاثة، كرامة واضحة جداً، ما هذه الطيور بالألوان الغريبة؟ وليست من طيور المنطقة، ولم يرها الناس من قبل أصلاً، وأرسل الله رذاذاً خفيفاً، مطراً خفيفاً رخياً طيباً على الناس، احتفال إلهي، احتفال من الملأ الأعلى بولي الله، الذي صار إلى رحمة الله، اللهم صيِّرنا إلى رحمتك في الدنيا والآخرة يا رب العالمين.

علينا أيها الإخوة هكذا أن تكون همتنا، أن نغار قليلاً، لكن ما الذي يحدث؟ بالله ما الذي يقطعنا عن الله – تبارك وتعالى -؟ بعض الناس حتى في شعبان بل بعض الناس حتى في رمضان يعصون الله، لا يُوفَّقون إلى الطاعة، لماذا؟ لأن حُب الدنيا استبد بقلوبهم، استولى عليها، ينامون ويقومون وهم الدنيا يُنيمهم ويُقعِدهم، هم الدنيا! تفكيرهم دائم الجولان ودائم الدوران والخطور في ماذا؟ ماذا أُعطيَ فلان؟ وماذا أخذ فلان؟ على ماذا تحصَّل فلان؟ وماذا كسب فلان؟ والحسد يأكل قلوبهم، لماذا؟ ألما أخذه فلان ولما أخذه فلان؟ فلان سيموت، وأنت ستموت أيضاً، وهذا سيذهب يا مسكين، هذه الدنيا من آلاف السنين كم تعاورها ملوك وأمراء وأغنياء وفقراء أيضاً ودهماء! بلايين مُبلينة، أليس كذلك؟ كله ذهب، وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ۩، يقول رب العزة كله ذهب، وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ۩، أبداً!

ذُكِر غنى أحدهم لرسول الله، يا رسول الله فلان – ما شاء الله – الله أعطاه وفتح عليه من الأموال، فقال النبي ببساطة – انظروا إلى رسول الله، انظروا إلى منطق رسول الله – أليس من ورائه الموت؟ ولماذا أنتم فرحون ومُستغرِبون؟ سيموت حتى لو عنده كل بلايين الدنيا، ليس لها قيمة إلا إذا أنفقها في مصالح المُؤمِنين، إلا إذا أنفقها في نُصرة قضايا أمته، إلا إذا ابتغى بها ما عند الله مُخلِصاً صادقاً، فلها قيمة، في الصحيحين نعم المعونة هو، في الصحيحين نعم الصاحب هو، عند أحمد نعم المال الصالح، هكذا! يكون المال صاحباً أو يكون معونةً لك وصاحباً إذا ماذا؟ إذا ابتغيت به وجه الله، وساعة إذ وحالة إذ يُغنيك الله – تبارك وتعالى -، تشعر بالغنى، سواء كان عندك ألف أو سواء كان عندك عشرة ملايير، أنت الغني.

في الصحيحين من حديث أبي هُريرة – رضيَ الله عنه وأرضاه – قال – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – ليس الغنى عن كثرة العرض، ليس الغنى عن كثرة العرض! أعراض الدنيا هي أموالها وأثاثها ورياشها، هكذا! ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس، أنت غني بالله، غني بثقتك بالله – تبارك وتعالى -، حتى وإن كنت مُقِلاً، لست مُكثِراً، وراضٍ، ولا تحسد الناس على ما آتاهم الله، لماذا؟ أصلاً أنت لا تمد عينيك إلى ما متَّع الله به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا، عينك غير ممدودة، عينك قصيرة، لا تنظر إليهم، ولا تُنافِسهم، ولا تنفس عليهم، ولا تحسدهم أصلاً، لماذا؟

يقول ابن سيرين – رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – الحمد لله، ما حسدت أحداً على دنيا قط، قال ما حسدت أحداً على دنيا قط! قالوا لماذا يا أبا بكر؟ قال لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده وهو إلى الجنة يصير؟ هل أنا غبي؟ قال، هل أنا أحمق؟ هل أحسد رجلاً على شيئ من الدنيا؟ إذن حري بي أن أحسده على ماذا؟ على الجنة، ليس على الدنيا، وإن كان من أهل النار فكيف أحسده وأنا أعلم أنه إلى  النار يصير؟ هل أحسده؟ أُشفِق عليه، أرثي له، وأدعو له، أي هذا المسكين، لا أحسده، قال لا أحسد، لا أهل الجنة ولا أهل النار من أهل الجنيا، الله أكبر، حكمة! حكمة كبيرة، والحكمة لا يُؤتاها إلا قلب مُخبِت، إلا قلب مُتعلِّق بالله – تبارك وتعالى -، والله! انتبه إلى هذا، ما العلم؟ ليس العلم كالذي تسمعون مني ومن غيري، أكثر هذا كلام فارغ، موجود في الكُتب، تقرأ وتحفظ الأحاديث والآيات والأشاعر، ثم تأتي تنبعق بالكلام مثل ما أنبعق أنا وغيري، لا! ليس هذا العلم، العلم ما دلك على الله، العلم ما نبتت به الخشية في قلبك، العلم ما ألزمك وأوقفك عند حدود الله – تبارك وتعالى -، العلم ما أبكاك وأسال دموعك وأنت خالٍ، وحدك، مع الله – تبارك وتعالى -، هذا هو! العلم ما عظَّم الشوق في قلبك إلى مولاك – سُبحانه وتعالى -، هذا هو العلم، هذا هو العلم النافع، لكن – سُبحان الله – حتى أدنى الحكمة لا يُؤتاها العُصاة، حكمة بسيطة جداً، انتبه إلى هذا.

الناس يفخر أحدهم ويُدِل على الناس ويتعالى، لماذا؟ لأنه خادم عند الرئيس، أوه! الخادم عند الرئيس شيئ كبير جداً، لو كان من خدم الرئيس – الذين يمسحون حذاء رئيس أو ملك – يرفع ويضع، أليس كذلك؟ يُدخِل ويُخرِج من السجون والزنازين، شيئ كبير هذا، خدّام! يمسح صباط الرئيس أو يمسح حذاء الرئيس، أما إذا كان من الحراسات الخاصة الخاصة ببندقيته فسيزداد نفوذاً، أوه! هذا مَن يصل إلى ما وصل إليه؟! هذا ماذا؟ ملك عند الدهماء، خادم! فكيف إذا كنت خادماً لرب العالمين؟ أن تكون خادم رئيس – والله العظيم – ليس بشرف، أُقسِم بالله ليس بشرف، أن تكون وزيراً عند رئيس عاصٍ يُحارِب الله وشرعه ودينه ليس شرفاً، مقت – والعياذ بالله -، مقت وسخط وعلامة غضب من الله عليك، الشرف أن تكون عبداً لله، أن تكون من أهل الله، وأن تكون مُعتزاً بالله، وأن ترى نفسك فوق كل هؤلاء الصغار البُسطاء الذين هم غداً حطب جهنم – والعياذ بالله -، هم لها واردون، الشرف أن تكون عبداً، افخر بذلك لله.

بعض الناس حتى في الصلاة كما قال يقف مُستكبِراً، أهذا في الصلاة؟ أفي الصلاة تشد عضلاتك وصدرك؟ أفي الصلاة؟ لابد من الذل، يجب أن تذل لله – تبارك وتعالى -، جرِّب أن تقف محزوناً مكسوراً، جرِّب أن تسفح الدموع وأن تسفكها، جرِّب أن تسأله بتصاغر وتطامن، جرِّب أن تبوء إليه بمعصيتك، اعترف! بعض الناس لا يعترف – والعياذ بالله -، يحتقب المعاصي كلها ثم يظهر أمام نفسه وأمام الناس على أنه سيد الطائعين والمُتقين، يا أخي ما هذا؟ لا إله إلا الله! نعوذ بالله من عمى الأبصار والبصائر، يا رجل أنت تعرف نفسك، أنت تعرف الذنوب التي تأتيها صباح مساء.

والله العظيم – أيها الإخوة والأخوات – لا يُوجَد طريق إلى أن تخرج من هذه اللعنة إلا بالافتقار والذل، وأن تبوء إلى الله بالمعصية، مولانا رسول الله – صلوات ربي وتسليماته عليه – الذي ما برى الله ولا خلق في الورى بشراً يُرى كمثله – كمحمد صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – كان يقول أبوء بك – أرجع وأعترف وأُقِر – بنعمتك علىّ وأبوء ذنبي، أبوء بذنبي؟ نعم، وهو رسول الله، قال وأبوء، قال وأعترف وأُقِر، وأرجع إليك بالاعتراف والإقرار، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، كان يقول والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة، وفي رواية مائة مرة، هل تفعلون أنتم ذلك معاشر المُسلِمين؟ معاشر الإخوة في الله هل تفعلون ذلك؟ رسول الله كان يستغفر سبعين مرة! أروا وجرِّبوا هذا الطريق، التطامن، الذل، والاعتراف بالمعصية، جرِّبوا أن تعترفوا بمعصيتكم.

قل نعم، أنا العاصي، أنا المُذنِب، أنا الذي لا يستحي من ربه ولا يخشاه ولا يرجوه، فيا رب أقدرني على نفسي، اللهم ألهمني رُشدي، وأعذني من شر نفسي، هكذا! يفتح الله عليك الفتح المُبين – إن شاء الله تبارك وتعالى -، والله في لحظة يُمكِن أن يفتح عليك، في ساعة، في يوم، في أسبوع، في شهر، ويُلحِقك بكبار أوليائه الصالحين وعباده المُقرِّبين، يُحقِّقك بحقائق أهل القرب، لكن إذا سرت في الطريق الصحيحة المُوصِلة، الطريق التي تُوصِل، ليس في طريق التمثيل والرياء والنفاق والكذب والاستكبار، لا! أقصر طريق إلى الله الذل والافتقار، لابد من التواضع، التواضع أولاً لله، ناس يتواضعون للناس، أليس كذلك؟ ويتكبَّرون على ناس، المُؤمِن لا يتكبَّر على أحد، وهو مع الجميع بطريقة واحدة، نمط واحد، وصورة واحدة، لماذا؟ لأنهم عباد الله، وهو أيضاً مثلهم عبد، السيادة والعز والكبرياء والجاه كله لرب العالمين، لا إله إلا هو! تعلَّموا هكذا أن تتواضعوا في نفوسكم أولاً، ليس للكبراء وليس للأغنياء وليس للوزراء، لله! في النفوس، لابد أن يرى الله هذا الافتقار وهذا الذل من قلوبكم، وسيُعطيكم الكثير الكثير – إن شاء الله تبارك وتعالى -.

نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يمنّ علينا أجمعين وإخواننا المُسلِمين وأخواتنا المُسلِمات بتوبة صادقة نصوحاً، يمحو بها – سُبحانه – ما كان منا في الزمان الأول، اللهم آمين.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                                (الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه سلَّم تسليماً كثيراً.

أيها الإخوة والأخوات:

إن الأمر جد، ليس بالهزل، إن الأمر جد، ليس بالهزل! أكثر ما يُعين على فهم هذه الحقيقة أن نتذكَّر الموت، أن نعمل لغدنا، مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۩، هذا الغد الذي أوله حُفرة، اشترى أحدهم داراً، وجاء فرحاً جذلاً بها إلى الإمام عليّ – عليه السلام وكرَّم الله وجهه -، قال اكتب لي بها قبالة، والقبالة هي الوثيقة التي يلتزم صاحبها أداء ما عليه من دين، اكتب لي بها قبالة، فكتب الإمام المُلهَم – أبو الحسنين عليه السلام – بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، اشترى مغرور من مغرور داراً، دخل بها سكة الغافلين، صاحبها يفنى ولا يبقى، ولها حدود أربعة، الحد الأول ينتهي إلى الموت، والحد الثاني ينتهي إلى القبر، والحد الثالث ينتهي إلى الحشر والنشر، والحد الرابع ينتهي إلى جنة أو نار، والسلام، فلما قرأ الرجل هذا الكلام بكى، بكى بكاءً مُراً، ثم رد الدار وأخذ ثمنها وتصدَّق به لله – رضيَ الله عنهم وأرضاهم -، مُباشَرةً! موعظة بليغة، أربع كلمات أو أربع جُمل بلغت منه كل هذا الشيئ، مغرور من مغرور، ما هذا؟ أأنت تتمَّلك في الدنيا؟ أهذه دار مُلك يا ابني؟ لا بأس أن تتملَّك، لكن دائماً استحضر أنك تترحَّل.

قيل لأبي موسى الأشعري وقد كبرت سنه وأصبح شيخاً ضعيفاً وكان يصوم اليوم الطويل في حر الصيف، قيل له يا صاحب رسول الله يوم طويل، ارفق بنفسك، وأنت شيخ كبير، قال الرفق أطلب، أنا أطلب هذا الرفق، أنا أرفق بنفسي بهذا الصيام، لأن النبي قال لأبي ذر وصُم يوماً شديد الحر ليوم النشور، قال الرفق أطلب، وقيل لأحد الصالحين ارحم نفسك، قال إنما أنا ساعٍ في رحمتها، بهذه العبادة، بهذه الطاعة، وبهذا الاجتهاد أنا أسعى في رحمتها، لا تُعلِّموني، لا تنصحوني، هذه هي الرحمة، نسأل الله أن يرحمنا في الدنيا والآخرة.

اللهم إنا نسألك كما أصلحت الصالحين أن تُصلِحنا لك يا رب العالمين، اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، وتول أمرنا، بلِّغنا مما يُرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.

اللهم زِدنا ولا تنقصنا، اللهم أكرِمنا ولا تُهِنا، اللهم أعطِنا ولا تحرمنا، اللهم كُن لنا ولا تكن علينا، اللهم انصرنا ولا تنصر علينا، اللهم امكر لنا ولا تمكر بنا يا رب العالمين، اللهم خذِّل عنا ولا تخذلنا.

اللهم اجعلنا نخشاك حتى كأنا نراك، وأسعِدنا بتقواك، ولا تُشقِنا بمعصيتك، وخِر لنا في قضائك، وبارك لنا في قدرتك، حتى لا نُحِب تعجيل ما أخَّرت، ولا تأخير ما عجَّلت، واجعل اللهم غنانا في أنفسنا، ومتِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا، واجعل ثأرنا على مَن ظلمنا، وأقِر بذلك عيوننا.

اللهم اجعل حُبك أحب الأشياء إلى قلوبنا، واجعل خشيتك أخوف الأشياء عندنا، وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم، فأقِر عيوننا من عبادتك، واقطع عنا حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك وندعوك ونضرع إليك أن تنصر الإسلام وأن تُعِز المُسلِمين، اللهم عليك بأعدائنا، أعداء الدين، اللهم أحصهم جميعاً عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تُبق منهم أحداً، فإنهم لا يُعجِزونك يا رب العالمين.

اللهم عليك بيهود، اللهم عليك بالصهاينة المُجرِمين المُعتدين يا رب العالمين، فإنهم قد أفسدوا وطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، اللهم فصب عليهم سوط عذاب وكُن لهم بالمرصاد يا رب العالمين، وأدِر عليم دائرة السوء، اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم، اللهم عليك بهم وبمَن ناصرهم وعاونهم وأمدهم وكان معهم يا رب العالمين، اللهم أرنا فيهم يوماً أسود قريباً كأيام عاد وثمود، واجعلهم عبرةً للمُعتبِرين وشماتةً للشامتين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩.

____________

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩، قوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

(17/10/2003)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: