إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه سبحانه ومُخالَفة أمره لقوله سبحانه من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سبحانه وتعالى – في كتابه الكريم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ۩ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا ۩ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ۩ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:

يُقال في العادة المعرفة قوة، كما يُقال المعرفة شجاعة، وسنقول اليوم المعرفة أمان وطمأنينة، مقولة نُضيفها إلى هاته المقولات المأثورة، مصدرُ رُعبنا وفزعنا من أشياء كثيرة في أحوال كثيرة هو الجهل، الرعب من الشيئ والخوف منه يتظاهر في أحوال كثيرة بالكرهِ والبِغضة، يحكي مسكويه في كتابه تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق حكايةً لطيفة مُتخيَّلة وقد تكون واقعية ليس فيها جانبٌ أسطوري عن حكيمٍ أفاد أميراً أو سُلطاناً ذات مرة بأن سبب خوف الناس وقلقهم الذي يستبد بهم هو الجهل وأن العلاج الأنجع والأفيد يكمنُ في المعرفة، لكن كيف برهَن هذا التقرير لذلكم الأمير أو السُلطان؟ قال له من بعد إذنك أو عن إذنك أيها السُلطان الجليل في آخر مجلسنا الليلة سأقومُ بإلقاء آنية نُحاسية كبيرة من أعلى شُرفات القصر على هذه الساحة التي نجلس فيها معكم، فوافقه السُلطان، وهكذا بعد أن أوشك المجلس الليلي على أن ينفض وينتهي وقد نالوا من طيبات المطاعم ولذائذها والمشارب لم يُرع الناس إلا بصوتٍ عظيمٍ مُزلزِل صك آذانهم – إنها الآنية النُحاسية الكبيرة الثقيلة التي أُلقيَ بها من أعلى شُرفات القصر – كرد فعل طبيعي غرزي قام الجلوس جميعاً يتدافعون حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً وطأً ودهساً ودوساً إلا اثنين – قام الجميع إلا اثنين – ظلا جالسين لم يبرحا مجلسهما في أمان وطمأنينة والتذاذ يرقبان المشهد، أي مشهد التدافع والروع والفزع الذي استبد بهؤلاء الجلوس، والمعنى واضحٌ جداً، الملك والحكيم لم يُرعا، لماذا؟ لأنهما يعلمان السبب، سبب هذه الزلزلة وسبب هذه الأصوات المُفزِعة ولذا لم يُرعا، فالمعرفة أمان والمعرفة طمأنينة.

قدَّمت بهذه الحكاية تعليقاً على موقف الأخت التي ذكرتها لكم قبل أسبوع تقريباً أو ربما أسبوعين في الخُطبة قبل السابقة التي اتصلت من الولايات المُتحدة الأمريكية، الدكتور الفاضلة الشيعية التي تُعرِب عن خوفها الشديد لأنها لم تعد مُقتنِعة بعقيدة المهدي، وقد أجابتها بما تلوته على مسامعكم، ولكن في الأسبوع المُنصرِم جاءني أخٌ شيعي فاضل أيضاً من إخواننا الذين يختلفون إلى مسجدنا هذا – الذي أسأل الله أن يُبارِكه ومَن حلَّ فيه واختلف إليه – وقال لي لم أنم منذ ليلتين، لم أذق غماضاً، فقلت لماذا؟ كفى الله الشر، قال يا شيخ ما ذكرته بخصوص المهدي وأنك لا تعتقد بعقيدة المهدوية لا على الطريقة السُنية ولا على الطريقة الشيعية أقلقني فلم أستطع أن أنام، كيف وهذا من الدين بل من أصول الإيمان ومن مباديء الاعتقاد؟ فقلت له خفِّف على نفسك، اهدأ ولا ترتع، إنك لن تُراع بإذن الله، المسألة أهون مما تظن، ثم اقتضبت له جواباً شجعني وحفزني على أن أجعله موضوع خُطبة اليوم، أعجبه جداً وقال لقد اقتنعت تماماً مع أنه حوزويٌ، فقد تلقَّى العلوم الشرعية على الطريقة الإمامية في الحوزة، لكن هذه مُقارَبة جديدة لم يسمع بها من علماء الحوزة ولا نسمع بها من علماء المُؤسَّسات السُنية، العقائد لدينا كثيرة عند السُنة كما عند الشيعة، هى كثيرةٌ جداً، إنها ليست تتحدَّد بما ذكر الله ببساطة ويسر وسهولة وتحدّد حقيقي، قال الله وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ – هذا هو الإيمان ببساطة وبسهولة – فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ۩، فأين المهدي؟ وأين الدجّال؟ وأين السُفياني؟ وأين القحطاني؟ وأين عودة عيسى بن مريم إلى الأرض؟ وأين وأين وأين؟ عشرات إن لم يكن مئات المُعتقَدات والمباديء التي أُلحِقَت بأركان الإيمان وأصوله التي نصَّ عليها الكتاب نصاً بتعبير إمامنا أبي عبد الله الشافعي – رضوان الله عليه – لا يدخله تأويلٌ صحيح، حتى التأويل الصحيح غير جارٍ فيه لأنه نصٌ قطعيٌ واضح، الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، هذه مسائل واضحة جداً وضوح الفروعيات من باب حُرمة السرقة وحُرمة القتل عمداً للنفس المعصومة وحُرمة الزنا ووجوب الصلاة ووجوب الصوم ووجوب الحج ووجوب الزكاة، هذه أيضاً فروعٌ أو فروعيات – أي مسائل فروعية، والنسبة إلى هذا الجمع جائزة عبر العصور، لقد تجوَّزوا فيها، حتى لا يُقال عكس هذا، فهذه نسبةٌ جائزة – وردت أيضاً مورد القطعي الذي لا يدخله تأويلٌ صحيح.

لكن قبل أن أخوض في الموضوع الذي أصبحتم على دراية عامة جُملية به، على الأقل دراية عنوانية – سنتحدَّث عن أركان الإيمان وعن هذه المُلحَقات وعن هاته الفضول والذيول التي أُلحِقَت بأركان الإيمان وأصول الاعتقاد – أُحِب أيضاً أن أُقدِّم بُمقدِّمة أُخرى، الدين كيف نتعاطى معه؟ خُطبة اليوم على الأقل في نصفها إن لم تكن في ثلاثة أرباعها ستكون في فلسفة الدين أو ما يُمكِن أن ندعوه ميتا – Meta – دين، أي Meta-Religion، ما هو الميتا Meta؟ هو الشيئ الذي يبحث في الشيئ، نحن لا نبحث الآن في مسائل دينية وإنما نبحث في الدين بعامة، مثلاً ما هو الدين وكيف ينشأ ولماذا ينشأ ومُبرِّرات التمسك به واختلاف ربما الشرائع واختلاف المفاهيم الوحيانية من دين إلى دين والظاهرة الدينية وظاهرة النبوة وظاهرة الوحي وإلى آخره، فضلاً عن علاقة الدين بالفلسفة وبالعلوم، فهذه المسائل كلها تدخل في صُلب فلسفة الدين، ليس من مسائل الدين، تبحث الدين من خارج فانتبهوا، مَن دخل في الدين وتلا عليك وعرض عليك مسائل دينية أصلية أو فرعية بأدلة دينية فإن هذا بحثٌ ديني محض، ولكن مَن جاء مِن خارج الدين ودرس المسائل الدينية بأسلوب مُقارَن وبمُقارَبات مُختلِفة فلسفية وأنثروبولوجية وسوسيولوجية وسيكولوجية وإلى آخره فإنه يُقال هو يتحدَّث في فلسفة الدين وليس في الدين، هذا معنى فلسفة الدين، وهذا مبحث كبير، وهو علم الآن له كراسي في الجامعات حول العالم، هناك مسألة من مسائل فلسفة الدين أود أن أطرحها وهى كيف نتعاطى مع الدين؟ لذلك أنا ذكرت هذا حتى أُبرِّر لكم طرحي لها لأنه ليس من المُعتاد أن يطرحها شيخ، هذا مُستحيل فالمشائخ لا يطرحونها، المشائخ يطرحون مسائل دينية، المسائل التي في فلسفة الدين لا تعاطي لهم معها ولا مع هذا الفن، لأن معظمهم لا يعرفونه، فالمشائخ التقليديون لا يعرفونه وربما لم يسمعوا به أصلاً، ما معنى فلسفة الدين؟ ما علاقة الفلسفة بالدين؟ هذا موضوع آخر، كيف نتعاطى مع الدين؟ هل نتعاطى معه كحقيقة أم نتعاطى معه كهوية؟ للأسف نتعاطى معه كهوية، ليس المسلمون فقط بل أن كل المُتدينين حول العالم وعبر التاريخ يتعاطون مع أديانهم ومُعتقَداتهم ونحلهم على أنها هوية، وهنا قد يقول لي أحدكم وما فيها؟ ما وجه الاعتراض؟ بلا شك أن الدين يُشكِّل جانباً والجانب ربما الأهم من وجهة نظر المُتدينين في هويتهم، أي أنني مسلم وأنه مسيحي أو يهودي أو هندوسي أو بوذي أو حتى مُلحِد، تقول الآية الكريمة لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ۩، فالكفر دين أيضاً في النهاية، هو نظرة كونية مُعيَّنة ومُقارَبة لهذه المسائل فانتبهوا، ما الفرق بين الهوية وبين الحقيقة؟ وهل يتناقضان؟ ليس بالضرورة، لكن الحقيقة ذات طابع إطلاقي وذات طابع شمولي، أي عام أو عمومي، كون الشمس هى سبب الضياء وانبساط النهار على هذا العالم وعلى هذا الكوكب هذه حقيقة، ليست من مسائل الهوية، هذه حقيقية طبيعية فيزيقية كونية لا يختلف فيها مسلم مع يهودي ولا بوذي مع هندوسي، لا يختلف حولها اثنان لأنها حقيقة، هذه الحقيقة دونها حقائق أيضاً أو ضمنها حقائق مثل كيف ينبسط شعاع النهار ولماذا ينبسط على كوكبنا ولا ينبسط على القمر، أي ترى الشمس كما نراها على الأرض، لكن جو القمر مُظلِم تماماً، مُظلِم ولا يُوجَد فيه نهار، النهار في الأرض، يُفسَّر لك هذا بمباديء مُعيَّنة في الفيزياء، مثل تشتت الضوء، وهذا مبدأ مشهور، فهو يحتاج إلى بخار الماء، الأرض عندها غلاف جوي ويُوجَد بخار ماء فيُوجَد النهار، لكن القمر ليس عنده بخار ماء ومن ثم ليس فيه نهار، ترى الشمس وكل مُظلِم، وكواكب كثيرة كذلك، وأيضاً هذه حقيقة علمية أصغر من تلك الحقيقة تُشبِه أن تكون تفسيراً لها، هذه حقائق طبعاً، إلى مُختلِف هذه القوانين، وهذه الحقائق – كما قلنا – ذات طابع إطلاقي وذات طابع عمومي أو شمولي ، لا يختلف فيها الناس باختلاف نحلهم ومُعتقَداتهم ومُنتمياتهم أبداً، كما أنها لا تستشيرهم ولا تستأذنهم، إذا تناول أحدٌ السُم فلا يُنتظَر أن يسأله السُم هل أنت مسلم؟ إذا كنت مسلماً لن أقتلك، وإذا كنت غير مسلم سأذبحك، هذا مُستحيل لأن السُم يقتل المسلم كما يقتل غير المسلم، لا علاقة له بدينك ولا علاقة له باعتقادك، أحد العارفين – والعجيب أنه عارف وليس مُجرَّد فيلسوف أو عقلاني – طرح سؤالاً وقال رجلان انكسر بهما قاربهما في الماء، وأحدهما مُؤمِن والآخر كافر، مَن الذي ينجو؟ قال الذي يُحسِن العوم، هذا قانون لا علاقة له بالدين، هذه هى الحقائق وهذه قوة الحقائق، وهنا قد يقول لي أحدكم ماذا تُريد أن تقول؟ بالله عليك عجِّل لقد أتعبتنا وأرهقتنا، ماذا تُريد أن تقول؟ هل يُمكِن أن يُعرَض الدين على أنه حقيقة؟ نعم، وهذا ما فشلت الأديان للأسف – أي المُتدينون والمُؤسَّسات الدينية – في عرضه وفي ترجمته فشلاً مُمأسَّساً ومُراداً ومقصوداً، ويتذرعون بوسائل كثيرة لإنجاح هذا الفشل، إنه الإنجاح الفاشل، إنه الفشل الناجح، ما معنى أن يحكي لنا القرآن العظيم عن نوح عليه السلام؟ تقول الآية الكريمة فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ۩، فنوح يقول مِنَ الْمُسْلِمِينَ ۩، كيف يكون مسلماً؟ لماذا؟ هل هو من أتباع محمد؟ مَن قال لك أن محمداً هو الذي أتى بالإسلام؟ محمد نبيٌ مسلم ولكنه آخر الأنبياء المسلمين، قال الله مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۩ وقال أيضاً وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ۩ فضلاً عن أنه قال هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا – أي في القرآن، من قبل القرآن، من قبل محمد، من قبل هذا الدين العظيم، هذه الأمم الوحيانية من أتباع الأنبياء السماويين أمم مسلمة – لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۩، وقال أيضاً أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ۩، ماذا قال الحواريون؟ وقبل الحواريين ماذا قال أنبياء بني إسرائيل عموماً؟ قال الله إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ۩ والآية من سورة المائدة، إذن النبيون بماذا وصفهم الله؟ بأنهم مسلمون، يقول النبيون المسلمون، أنبياء بني إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام، قال الله يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا – لمَن؟ – لِلَّذِينَ هَادُوا ۩، أي يحكمون لِلَّذِينَ هَادُوا ۩ لكن هم نبيون مسلمون، ماذا قال الحواريون؟ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ۩، هذا هو، ما معنى هذا؟ لكن هناك ما هو أبعد من هذا، قال الله وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۩، القرآن درَّجنا ورقَّانا لكي يقول لنا عليكم أن تتعاطوا مع هذا الدين وأن تتعاملوا معه وأن تُقارِبوه على أنه حقيقة، قد يقول أحدكم هل هو حقيقة كالحقائق الكونية مثل حقيقة طلوع وشروق وغروب الشمس؟ نعم على هذا النحو تماماً، قال تعالى أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ۩، فالله يقول لَهُ الْخَلْقُ ۩، مَن الذي يُطلِع الشمس من مشرقها ويؤوب فيها في مآبها ومغربها؟ مَن؟ هو الله، قال الله أَلَا لَهُ الْخَلْقُ ۩، مَن الذي خلقنا وأبدعنا وسوّانا وصوّرنا؟ مَن الذي سمك السماء ورفعها وأعلاها وشد بناءها؟ الله تبارك وتعالى، قال الله أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ ۩، مَن الذي تمت كلماته صِدْقًا وَعَدْلاً ۩؟ هو صاحب الأمر لا إله إلا هو، قال الله يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ ۩؟ لا إله إلا الله، مَن الذي يُدبرِّ الأمر الكوني الطبيعي؟ الله، مَن الذي يُفصِّل الآيات التشريعية؟ الله، انظروا إلى هذا، تكامل بين الأمرين، بين عالم الخلق وعالم الأمر، بين الكون والشرع، وهذا يلفت إلى أن هذه حقيقة من جنس هذه، كيف من جنس هذه؟ هذه كونية وهذه شرعية والذي يُوحِّد بينهما كونهما حقيقتين ربانيتين، ربانية القانون وربانية الدين، أي بالاصطلاح القرآني الشرع، ليس الشرع بمعنى الحلال والحرام وإنما الدين، وأهم شيئ في الشرع – أي في الدين – التوحيد، الشرائع تختلف بالمعنى الإصطلاحي لدينا، الشرائع – الحلال والحرام – تختلف من نبي إلى نبي ومن رسول إلى رسول، ما كان حراماً هناك صار حلالاً هنا والعكس صحيح، في شريعة إسرائيل كان يجوز الجمع بين الأختين لكن في شريعتنا لا يجوز، في شريعتهم قصَّ الله علينا في سورة الأنعام أطرافاً أو طرفاً مما حُرِّمَ عليهم تناوله من المآكل، ونحن نعلم جميعاً من عند آخرنا أنه حلالٌ لنا ولكنه كان حراماً عليهم، إذن هى تختلف ومع ذلك الصراط واحد والدين واحد، تقول الآية الكريمة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۩، ليس صراط محمد وحده، فصراط محمد هو صراط عيسى وموسى وإبراهيم وأنبياء إسرائيل من ذُرية إبراهيم، والأنبياء من قبل مثل آدم وشيت ونوح وأدريس وكل هؤلاء، فهذا صراطٌ واحد، بدليل اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۩ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ۩، ورأس المُنعَم عليهم مَن هم؟ النبيون، قال الله وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ ۩، فهو بيَّنهم بقوله مِّنَ النَّبِيِّينَ ۩، رأس المُنعَم عليهم هم النبيون، إذن أنت تسير في صراط النبيين وليس في صراط محمد وحده، محمد يسير في صراط إخوانه النبيين، قال تعالى في سورة الأحقاف قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ ۩ فالله يقول قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا ۩، أي أنا رسول مثل هؤلاء، صراطي صراطهم وسبيلي سبيلهم، يا رب، يا للعجب، كيف السبيل هو السبيل والصراط هو الصراط على أن الأحكام الفرعية اختلفت؟ هذه لا تُؤثِّر كثيراً، ليس المُهِم هو الأحكام الفرعية على أهميتها وإنما المُهِم وله الأولوية المُطلَقة الاعتقاد والتوحيد، قال الله وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۩ وقال أيضاً مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۩ لا إله إلا الله، ولذلك كثَّف القرآن العظيم هذه المسألة كلها بقوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا – نحن، أتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ومَن والاه وسلم تسليماً كثيراً – وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ – عجيب، فقط هذه هى – وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۩، تكثيف الآن، كثَّف جداً وقال لك إيمان بالله وعمل الصالحات، وهنا قد يقول لي أحدكم إيمان بالله واليوم الآخر، وهذا صحيح طبعاً، لا يُمكِن الإيمان بالله من غير الإيمان باليوم الآخر، هل تعرفون لماذا؟ صورة الله – تبارك وتعالى – العقدية تبقى ناقصة وشائهة وقلقة غير مُستقِرة بالمرة بغير أن تُشفَع بالإيمان باليوم الآخر، خاصة فيما يتعلَّق بالعدلِ والحكمة، إذا آمنت بالله دون أن تُؤمِن بالحياة الأخرى وبالنشأة الآخرة حتماً – ولا تستطيع أن تنفك من هذه الورطة ولا أن تستقيل منها – سيبدو الله في النهاية غير حكيم وغير عادل طبعاً، هل تعرفون لماذا؟ لأن الرواية لم تكتمل، القصة لم تنته، عاش الظالم وعاش الجبَّار باطشاً عنيداً سفَّاحاً سفَّاكاً للدماء ومات المظلوم مظلوماً ولم يُنتصَف لهذا من هذا وانتهى كل شيئ، لو كان الله موجوداً كيف سمح بهذا العبث؟ هذا عبث، لذلك لابد أن يُشفَع الإيمان بالله باليوم الآخر، هناك تستوي الأمور على سوقها ويعود كل شيئ إلى نصابه الصحيح، إنه الجزاء الأخروي، لذلك يُسمّى يوم الدين، إنه يوم الدين أو يوم الدينونة، كلٌ يُدان بما عمل، فلا يُمكِن أن تكتمل صورة الله – عز وجل – العقدية بغير أن تُشفَع بالإيمان باليوم الآخر، ومن هنا ضرورة الحديث دائماً عن الإيمان بالله واليوم الآخر في أكثر التكثيفات والتركيزات تكثيفاً وتركيزاً، أقصى تكثيف مُمكِن للدين هو هذا والقرآن فعله، مرةً اشتكى توماس ستيرنز إليوت (ت. س. إليوت) Thomas Elliot (T. S. Eliot) – الشاعر الأمريكي الكبير صاحب الأرض اليباب The Waste Land – قائلاً ليت شعري، أين المعرفة التي ضاعت في المعلومات؟ ليت شعري، أين الحكمة التي ضاعت في المعرفة؟ البصراء والأيقاظ يبحثون دائماً عن اللب وعن الجوهر، لا أُريد أن أضل ولا أن أتيه في كموم مُتراكِبة مُتراكِمة من المعلومات، ماذا أستفيد في النهاية؟ سأضل وسأقلق وسأتحيِّر وأتهوك، أُريد معرفة، أُريد نظرية ما تنظم هذا المركوم التائه والشذرات الهتامية، تأتي المعرفة، ولكن المعرفة وحدها لا تُغني، أُريد الرحيق، أي النكتار Nectar، وهو اصطلاح ديني عند المسيحيين، وهو الرحيق الإلهي Divine، أُريد هذا النكتار Nectar أو هذا الرحيق، أُريد اللب، أُريد الجوهر، أُريد المفتاح الذي يفتح الخزائن، قال الله وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ۩، على هذا النحو نُريد مفتاحاً، قال لك المفتاح هو في الحكمة، ليس في المعرفة فضلاً عن أن يكون في المعلومات، إنه في الحكمة، والحكمة دائماً صفتها وسمتها الرئيسة الأساسية التكثيف، لا يُمكِن أن يُقال “حكمة اليوم ” ثم تُتلى عليك نصف صحيفة، هذه ليست حكمة، الحكمة دائماً مُكثَّفة، جُملة أو كلمات يسيرة جداً، كلمة إليوت Eliot حكمة، حكمة بخصوص المعلومات والمُعطيات المعرفية، هذه حكمة بلا شك،
القرآن فعلها، لم يُطوِّل علينا الطريق وأراحنا وألهمنا وأوحى إلينا، قال مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا ۩ وقال أيضاً إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ۩، هنا لم يقل ربنا الله وآمنوا باليوم الآخر وإنما قال ثُمَّ اسْتَقَامُوا ۩، لماذا؟ لا يمكِن الاستقامة على نهج الله – تبارك وتعالى – ووفق شرع الله بغير أن تشفع الإيمان به باليوم الآخر، الاستقامة لا تُبرَّر بغير الإيمان باليوم الآخر عند مُعظم البشر إن لم يكن عند كل البشر لذلك هى مُضمَّنة، قال الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا ۩، بماذا تتقوَّم الاستقامة؟ انظروا إلى القرآن العظيم، ما أعظمه حين يروح بعضه يُفسِّر بعضاً، يُوجَد سؤال يثور الآن، بماذا تتقوَّم الاستقامة؟ كيف نُعرِّف الاستقامة؟ ما هى مُقوِّمات الاستقامة ومُشخِّصات الاستقامة؟ القرآن أجاب عن هذا، وذلك بعمل الصالح، أي عمل العمل الصالح أو عمل الصالحات، قال الله مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا ۩، وقال أيضاً قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ۩، إذن الاستقامة هى عمل الصالحات، انتبهوا إلى أن العمل الصالح وعمل الصالحات ليس يعني أن تعبد الله طقوسياً فقط، الطقوسيات مطلوبة وتأثيرها محدود، بعيداً عن جوهرها تأثيرها محدود جداً جداً جداً، أحياناً إن لم يكن دائماً الطقوسيات بلا جوهر عاملٌ في تفريغ الدين من جوهره، عامل مُعاكِس لهدف الدين ولغايات الدين ولمقاصد الدين، من أجل أنه يُصلي هو يستبيح ويُبرِّر لنفسه أكل أموال الناس، لأن هذه حسنة تمحو سيئة إن شاء الله، وهذا أمرٌ عجيب، عجيب هذا النمط من التدين، عجيب هذا النمط من التعبد لله، أترون أن الله يُريد هذا النمط؟ شبَّهته مرة بالذي يُولع بالمُحافَظة والهُيام بالقفص لكنه يُضيِّع العصفور، كذلك الذي يُولع بالطقوسيات هو مُولَع بالقفص، وضيَّع عصفور الروح، ضيَّع جوهر الدين،
كالذي يُولَع بالصدفة لكن حين نفتحها نجدها صدفة بلا لؤلؤة، مُجرَّد صدفة لا قيمة لها، بالمُناسَبة هوستن سميث Huston Smith الروحاني العالمي الكبير وأحد أشهر المُتخصِّصين في الأديان حول العالم وأحد مُؤلِّفي أكثر الكتب انتشاراً في هذه الموضوعات ذكر أن كل دين تقريباً لابد أن يتقوَّم بأركان ستة، هو سماها الجوانب Aspects، أي الجوانب أو الوجوه الستة، وهذا في كل دين من الأديان، ومن هذه الجوانب الطقوس، أي الجانب الطقوسي التعبدي الشعائري، قال والمُلاحَظ أنه في الأغلب الأعم على عكس ما يظن الناس أن اللاهوت والإيمان وعلم الكلام والعقيدة عموماً للتسهيل إنما تنجمُ عن وتنبتُ بين أعشاب الطقوس والشعائر، فالشعائر أولاً والعبادات أولاً ثم العقيدة، سجَّلت تعليقي قائلاً إلا في الإسلام، الإسلام يُشكِّل استثناءً واضحاً عنيداً، هذا غير صحيح، قبل أن يكون لدينا طقوس وعبادات – وهذا من اليوم الأول – كان لدينا رؤية كونية اعتقادية، أي اعتقاد، كل مَن درس علوم القرآن والسيرة النبوية يعلم تقريباً أن المرحلة المكية برمتها كانت وقفاً على وقصراً على تربية الاعتقاد – الرؤية العقدية – على عكس الأديان الأُخرى، وهذا مُهِم جداً، هذا مُهِم جداً اليوم في إحياء الإسلام وفي تجديد الخطاب الإسلامي وفي ترجمة الإسلام وعكسه كحقيقة لا كهوية، إلى أي حد ننجح في عكس الإسلام كحقيقة لا كهوية؟ أنا أقول لكم نحن لا ننجح بالمرة، لأن المسألة غير مطروحة برمتها عندنا أصلاً، لم يطرحها مُفكِّر إسلامي على حسب علمي البسيط والمحدود، لم يطرحها داعية مُفكِّر أو مُنظِّر أو مُصلِح، هى لم تُطرَح أصلاً، لذلك يُطرَح الإسلام ونتورَّط، نحن مُتورِّطون حتى الأذقان بل حتى النواصي في الجواب والتسويغ والتبرير والدفاع عن لماذا الحجاب؟ لماذا في الميراث؟ لماذا موضوع الرق؟ لماذا موضوع الإماء؟ لماذا موضوع القصاص؟ لماذا كذا وكذا؟ ما هذا؟ هذه حماقات، هذه حماقات حقيقية، يجب أن ننخرط أولاً في عرض ما يُمكِن أن يُترجَم به الإسلام كحقيقة على غرار الحقائق الكونية، قضية الله – تبارك وتعالى – والإيمان به وتعريف الله قرآنياً كما تعرَّف إلى عباده، هناك أسئلة كونية ثلاثة لم تُزايل الإنسان ولم تتركه في حقبة عبر تاريخه المُمتَد الطويل، ولن تتركه فهى دائماً تُلِح عليه وتُؤرِّقه، السؤال الأول من أين؟ أي من أين أتيت وما مصدري؟ والسؤال الثاني إلى أين؟ والسؤال الثالث كيف السبيل؟ وهذا الإيمان بالله، هذه أركان الإيمان، من أين وما مصدري؟ الله تبارك وتعالى، نحن صنعة الله، نحن خلق الله، نحن عبيده وفي يده وقبضته، نحن مخلوقون له، نحن صنعة الله تبارك وتعالى، والمسألة واضحة عند المسلم، اذهب تفلسف وادرس ما كنت دارساً وما شئت دارساً لا بأس فستنتهي إلى هذه الحقيقة، أعظم تفسير وأبسط تفسير وأقوى وأمتن تفسير هو الله تبارك وتعالى، الله على النحو القرآني فانتبهوا، ليس الله على نحو التشويش الذي عانت منه عقائد وأديان كثيرة، وإنما الله على النحو القرآني، لا إله إلا هو، الله الذي في خُطب سابقة بيَّنت وأوضحت أنه ينسجم تماماً ويتواءم تماماً ويتسق مع الرؤية التي زعزعت أركان الإيمان بالله في منظومات عقدية شتى كثيرة مُختلِفة، وهى الرؤية الشواشية الهيولانية التي تتعلَّق بالـ Chaos، لكن حتى الـ Chaos ينسجم تماماً مع الله تبارك وتعالى، يقول لك أين هذا؟ لا يستطيع أحد أن يُضارِعني ولا يستطيع أحد أن يدانيني أو أن يقترب مني في إخراج كل هذا النظام والجمال من قلب العدم الشواشي، لكن أنا أفعل هذا، بالعكس أنا بنيت العالم على أساس – نحن نتكلَّم الآن بلغة العلم، لغة ميكانيكا الكم وفيزياء الكم – شواشي يمنع اليقين ويتناقض معه على طول الخط، لكن أكبر سؤال دقَّ وأرَّق عقول كبار الفيزيائيين إلى اليوم كيف أمكن هذا لعالم مبني على وحدات شواشية وبقوانين شواشية حقيقية لا تُعزى ولا تُفسَّر بقصور وسائلنا البشري؟ هو عالم شواشي حقيقي وهذا طبع مُتأصِّل فيه، هذه سمة ذاتية له، ليس قصوراً من البشر وآليات البشر وإنما هذه سمة ذاتية في هذا العالم، العالم الذري ودون الذري Sub-Atomic World، ومع ذلك في العالم الماكروي يُوجَد النظام والانتظام والجمال والجلال والدقة العجيبة، فكيف؟ إلى الآن لا يُوجَد جواب حقيقي، الجواب الحقيقي غير موجود لأن المسألة مُعقَّدة جداً، الله يقول أنا أفعل هذا، وأما مسألة الشواش فأنا الذي أُدير وأدبَّر وأُقدِّر كل النظم الحسَّاسة لأدنى اختلاف في الشروط البدئية بلغة الفيزيائيين، أنا أفعل هذا لأنني العليم، تقول الآية الكريمة وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ۩، أين من هذا الإله العظيم القرآني إله يُستغفَل ويُضحَك عليه وتُسرَق منه النبوة ويدخل في معارك ويتعب ويُرهَق ويقع حتى في مُحاوَلة اغتصاب جنسي؟ أين هذا؟ أين هذا الإلحاد في أسماء الله وصفاته ومن ثم في ذاته؟ أين؟ يا للأسف نحن ضيَّعنا القرآن، ضيَّعنا رسالة الله التي أودعها الكلمة الأخيرة، ضيَّعناها لأننا اشتغلنا بحجاب وبلحية وبقتل المُرتَد وقتل كذا وفعل كذا، نحن اشتغلنا بهذا وقلنا هذا هو الإسلام، لكن هذا الإسلام لا يُغري العالمين، أنا أقول لكم هو لا يُغري العالمين، لا يُغري الأذكياء ولا يُغري المُتفتِحين ولا يُغري المُتعمِقين ولا يُغري هذا العالم بشكل عام، هذا العالم يتقدَّم ويتناسخ حقبةً فحقبة وجيلاً فجيلاً، لكننا ضيَّعنا رسالة الله.

أعود وأقول هل نحن نفشل تماماً لأن المسألة غير مطروحة كهوية أم كحقيقة؟ كهوية، إذا تكلَّمت عن هوية لن تستطيع أن تحتفظ بالإفراد، ستتكلَّم رغماً عنك ملزوزاً عن هويات، وداخل الهوية هويات، وهذه الهويات ليست تضامنية، بالعكس إنها هويات مُتنافية مُتنابِذة، وإلا ما معنى أن يُكفِّر الشيعي السُني وأن يُكفِّر السُني الشيعي؟ كيف تقول لي هذه هوية مُتضامِنة؟ لا، إنها هويات مُتناحِرة مُتكارِهة مُتنابِذة مُتنافية، كلٌ منها تنفي الأخرى، تعال بالله أقنع لي العالم بل أقنعنا نحن وأقنع أبناءك وأقنع بناتك أن هذا الإسلام دين يضم ويُوحِّد وأنه حقيقة إلهية كونية، كيف يُقال حقيقة إلهية كونية؟ بالعكس هى ذبحت أمتها وفرَّقت أمتها ومزَّقتها، إنها تُبرِّر الجريمة، تُبرِّر الذبح والمقتلة والمجزرة، كيف تقول لي حقيقة؟ أي حقيقة؟ لكن هؤلاء لا يهتمون، علماً بأن هذه مأساة الدين عبر رجاله وعبر مُؤسِّساته المُنتفِعة المصلحجية والطائفية والهوياتية، كان يُوجَد في القرن التاسع عشر الكسندر كامبل Alexander Campbell في الولايات المُتحدة الأمريكية، وفي أمريكا الآن يُوجَد زُهاء ألف فرقة دينية كلها تنتمي إلى التيار الإصلاحي البروتستانتي، ولكم أن تتخيَّلوا هذا، ألف فرقة بروتستانتية في أمريكا وحدها وتزداد الحمد الله، نوع من التناسل المُتسرطِن، في القرن التاسع عشر قام رجل عنده ضمير وعنده محبة ليس للمسيحية وإنما للمذهب الإصلاحي البروتستانتي فأشفق عليه وهو الكسندر كامبل Alexander Campbell وقال أنا سأدعوكم إلى شيئ معقول جداً وينبغي أن يكون مقبولاً عند الجميع، ما هو؟ قال لهم يُوجَد معيار واحد يجمع الجميع وهو أن نعود إلى الكتاب، نحن عندنا الكتاب المُقدَّس، لماذا نُغرِق في تفسيرات وفي حرفيات وفي تأويلات والكتاب لدينا؟ كلما اختلفنا عُدنا إلى الكتاب، نجعل الكتاب هو المعيار، والرجل كان واثقاً أن أمله سيتحقَّق ويُترجَم على الأرض، لكنه فشل تماماً، كتب يقول والذي راعني وأدهشني حين فشلت أنني وجدت كلاً – كل رؤساء وزعماء هذه الطوائف البروتستانتية الإصلاحية – يُقدِّمون باستمرار مصلحتهم أو مصالحهم ومصالح طوائفهم على مصلحة البروتستانتية وعلى معيارية الكتاب، وهذا يحدث تماماً بحرفيته مع المسلمين اليوم، أليس كذلك؟ إذا تحدَّثوا عن تقريب فإن التقريب في وجدان الشيعي لا يكون إلا بأن يتخلى السُني عن كل ما لا نرضاه عنه، لكن لا قرَّبت يا شيعي، وإذا تحدَّث السُني عن تقريب فإن التقريب عند السُني أن يتخلى أخوه الشيعي – عدوه وليس أخاه، أعوذ بالله، كيف يُقال أخوه؟ هو يُكفِّره ويذبحه، لا أقول أن يتخلى أخوه، أستغفر الله، لقد سحبتها وسأقول أن يتخلى ذاك الشيعي اللعين – عن كل ما يراه هو غير مُتناسِب مع الدين وأصول الاعتقاد من منظوره طبعاً، يقول لك هذا ليس منظوري، هذا الدين في المُطلَق، وهذا شيئ غريب، ولذلك سنفشل، حتى هنا نفشل، فإذا فشلنا هنا – بالله عليكم – هل يُمكِن لنا أن نتحدَّث عن عرض الدين كحقيقة – مُحاوَلة تحقيق الدين – للعالم؟ أنا أقول لكم لم يأت الوقت إذن الذي يعم فيه نور الله هذه الأرض ويعم فيه نور الإسلام، هذا لا يُمكِن لأن هذا الإسلام لا يستحق، أنا أقول لكم هذا الإسلام الطوائفي وهذا الإسلام المذاهبي وهذا الإسلام المُتنافي المُتنابِذ لا يستحق، هذا مُستحيل بحكم طبيعة الأمور وطبائع الأمور، لا يستحق ولن ينجح، وهنا قد يقول لي أحدهم سأكسر رأسك وهو يستحق، لكن انظر إلى الواقع فهو لن ينجح، لن ينجح أن يعم العالم ولا أن يعم حتى شطر العالم، هذا مُستحيل طبعاً، هو يفشل دائماً، وهو يفشل في أرضه ويفشل بين أبنائه وبين مُعتنِقيه للأسف، فمسألة مُقارَبة الدين كحقيقة أو هوية مسألة لابد أن نُؤكِّد عليها وأن نُبديء فيها ونُعيد وأن نستوعبها، المسألة صعبة لأنها تُطرَح لأول مرة تقريباً، ولكن لابد أن نُبديء فيها ونُعيد، وانتبهوا إلى أن هذه المسألة لها جذور قرآنية كثيرة، لكن من أظهرها مُخاطَبة القرآن ومُناشَدته للإنسان وللناس، أكثر الكلمات في مُعجَم السوسيولوجية العمومية ما هى؟ كلمة الناس، هل كلمة الناس تخص الأبيض دون الأحمر؟ لا تخصه أبداً، هل تخص الحر دون الرقيق؟ لا تخصه أبداً، هل تخص الأسود دون الأبيض أو العكس؟ لا تخصه أبداً، هل تخص المسلم دون الكافر؟ لا تخصه أبداً، كلمة الناس يدخل فيها الذكر والأنثى والكبير والصغير والمُتعلِّم والجاهل والمسلم والكافر، أي كل الناس، والقرآن يُخاطِب الناس، القرآن يُناشِد الناس، القرآن يُخاطِب الإنسان، ما معنى أن يُخاطِب هذا القرآنُ الناس والإنسان؟ معنى ذلك أنه يُشدِّد على أن يُقارَب كحقيقة، ما الذي أحتاجه أنا كإنسان – واحد من الناس – من دينك؟ شيئ عمومي، شيئ إطلاقي، كأن ينطبق على كل الأعصار وعلى كل الأزمنة ويُواجِه كل التحديات، هذا هو فلا تقل لي أنا سأُعطيك الحل في حجاب أو سأُعطيك الحل في صلاة أو سأعُطيك الحل في زكاة أو في صوم أو في حج، لا ليس هذا الحل، يُوجَد ما هو قبل هذا، وذلك في الرؤية الكونية وفي العقيدة فانتبهوا، ولذلك حتى هنا في الغرب الذي يدخل الإسلام إنما يدخل على خلفية اقتناع أو قناعة عقدي، بعد ذلك الأمور تتسلسل بسهولة، فيقول ليس عندي مُشكِلة، ما أمر الله به أنا به مُؤتمَر وما نهى الله عنه أنا مُنتهي، حتى لن أُصدِّع رأسي بطلب تبريرات له، انتهى الأمر، لكن نحن نعكس القضية، نبدأ بالفروعيات ونُريد أن نُدافِع بأساليب فلسفية ومنطقية فنفشل دائماً، وطبيعي أن نفشل، فإذن هذه مسألة مُناشَدة القرآن للإنسان ومُخاطَبة القرآن للإنسان وللناس.
للأسف الوقت يتضيق والنقاط كثيرة، نعود إلى موضوعنا، الإيمان القرآني بسيط وسهل وواضح وميسور ويسمح بالتعمق، كلما تعدَّدت مُقوِّمات الشيئ حالت دون التعمق فتورَّطنا في نزعة سطحية وسذاجة دينية أو تدينية، هذه سذاجة كالتي يُعاني منها مسلمون كثيرون اليوم، وهذا يُوجَد حتى على مُستوى علماء وقيادات روحية، هناك سذاجة في الخطاب وفي الفهم وفي العرض، لماذا؟ لأن مخه مشغول بخمسين ألف مسألة، هذا كله دين، وكل مسألة مُستعِد أن يُؤلِّف فيها كتاباً أو يُجري فيها بحثاً، كما قلت لكم عن الدجّال كتب مُؤلَّفة وعن المهدي مُجلَّدات مُؤلَّفة، أي المهدي المُنتظَر عند الشيعة وعند السُنة، فهناك مُجلَّدات عنه، هذا ما دخله بالدين؟ سنفهم ما علاقة هذا بالدين، في المنطق يُقال في أبحاث التعريف كل زيادة في الحد مُباشَرةً يتبعها ويلزم عنها ومنها نقصٌ في المحدود، والعكس صحيح فانتبهوا، هذا النقص في المحدود الملزوم له أيضاً يقتضي صعوبة الإدخال وسهولة الإخراج، يكون من الصعب جداً جداً جداً أن تكون مُؤمِناً ويكون من السهل جداً جداً جداً ان تصير كافراً، سؤالي الآن – علماً بأنني سأُوضِّح هذا – هل هذا يتواءم ويتسق مع رحمة الله – تبارك وتعالى – ومع كونه هادي العالمين لا إله إلا هو؟ هل هكذا تكون الهداية؟ هذه هداية لناس بُسطاء جداً، أعلم طبعاً أن في الأدبيات الإسلامية التصوفية كما في الأدبيات النصرانية هناك مقولات ومقبوسات كثيرة تُؤكِّد أن الطريق ضيق جداً وأن السالكين أفراد، حتى لا نظلم هؤلاء وهذه الأدبيات نقول إن كان المقصود طريق العرفان وقطع مراحل وأشواط بعيدة على صراط تعبد الله والإيمان بالله فهذا كلام صحيح، وإن كان المقصود الطريق الهدائي في عمومه وشروط الهداية ومُقوِّمات الهداية فهذا كلام غير صحيح بالمرة، وهذا مُقتضى رحمة الله، فالله هادي العالمين وهذا بحد ذاته أيضاً مُقتضى كون الله الرحمن الرحيم، ولذلك سورة الفاتحة في جزء منها تقول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۩ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ۩ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ۩ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ۩ اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ۩، مَن أحب أن يدعو الله فليفعل هذا، انتبهوا فهذا هو الدعاء المُتعمِق، هذا الدعاء الذي يُوجِب إجابة بإذن الله – تبارك وتعالى – ويُرجِّح الإجابة، لا تقل يا هادي العالمين اهدني، هذا ناقص لأنه تبرير غير نهائي، هل تُريد تبريراً نهائياً؟ قل يا رحمن يا رحيم اهدني، لأن الهداية تبعٌ للرحمة ومُقتضى الرحمة طبعاً، لأنه رحمنا هدانا لا إله إلا هو، ولو أراد أن يُضِلك ما فعل هذا، الأستاذ إذا أراد أن ينتقم من التلميذ ترك على غاربه، لم يُوجِّهه إلى خطئه ولم يُميِّز صوابه من خطئه، تركه حتى إذا كان الامتحان أتى الصفر أحمراً مُدوَّراً، أليس كذلك؟ هذا انتقام، لكن الله ليس كذلك، هو هادي العالمين، ولذلك يرحمنا – لا إله إلا هو – بهدايتنا، فقل يا رحمن يا رحيم اهدني لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي مَن تشاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۩.

القرآن لم يُعقِّد الحد، لم يُدخِل فيه عوامل كثيرة، قال هل تُريد أن تكون مُؤمِناً وأن تتعلَّق بعقدة وعروة النجاة؟ عليك أن تُؤمِن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وذلك بحسب الترتيب في سورة النساء، قال الله وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ۩، فهذا هو، هذه هى الأركان، موضوع القدر وأنه ركن سادس هو أيضاً أحد لوازم الإيمان بالله وبالصورة القرآنية لله، الله الذي قدَّر كل شيئ وأحاط علمه ورحمته بكل شيئ، فطبيعي أن يكون مفهوم القدر واضحاً لدينا إذن، لا يُوجَد شيئ خارج عن ملكه، لا يُوجَد شيئ خارج عن علمه وقدرته وإرادته، وهذا يتبع الإيمان بالله حتماً، وهذا أفضل طبعاً، وعلى كل حال في نقاش قبل زُهاء بضع عشرة سنة مع أحد قياديي التكفير أو التكفيريين اختلفت معه على أن أحاديث الآحاد لا تُوجِب عقيدة، لا تُوجِب علماً ولا يُمكِن أن نستخرج العقيدة من أحاديث آحاد مهما كانت صحيحة، سواء كان هذا في البخاري أو في مسلم أو في الكليني، هذا غير مُمكِن، فالعقيدة لابد أن يكون طريقها التواتر والقطع وليس الظنون، لكن الآحاد ظنون، فقال لي أين أركان الإيمان إذن في كتاب الله؟ فقلت له عجيب، ألا تعرف هذا؟ موجودة في سورة النساء، وللأسف هذا زعيم التكفير في بلادنا هناك في فلسطين المُحتَّلة، هو زعيم التكفيريين، وطبعاً تضعضع لأنه لم يكن يعرف هذا، يظن أن أركان الإيمان مُرتَّبة في حديث المشهور أو في حديث جبريل الذي يقول أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره، لكنها مذكورة في القرآن الكريم، والقرآن يُغنينا عن الحديث هنا، هذا إيمان الآن، هل القرآن يُريد أن ينتظر حتى يأتي الحديث يُكمِله؟ هذا مُستحيل، في قضايا الإيمان مُستحيل أن يحدث هذا وهو غير مُتصوَّر أصلاً، فقال لي لكن ليس في القرآن أنها ستة أركان، فقلت له وهل الإيمان بستية الأركان من أركان الإيمان؟ فتوَّرط الشيخ وقال نعم، فقلت له ستُصبِح سبعة، لأن الركن السابع سوف يكون وأنها ستة، ومن ثم يُصبِح السابع، وأنها سبعة سيُصبِح ثامناً، وقلت له هذا سوف يدور، تُصبِح السبعة ثمانية والثمانية تُصبِح تسعة وهكذا لا تنتهي أركان الإيمان، فأُسْقِطَ في يَدِه، لماذا؟ لماذا تُريد أن تُعقِّد الأمور؟ هل تظن أن الملائكة ستسأل العبد أو الله يوم القيامة سيُحقاقه ويقول له عدِّد لي أركان الإيمان؟ قل كم هى ؟ هل هى خمسة أم ستة؟ هذا لن يحدث، المُهِم هو مَن ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في هذا الرجل؟ وانتهى الأمر، لن يقول له كم عددها؟ وكأنه اختبار في الحساب البسيط الساذج الصبياني، هذا غير صحيح، فهذا ليس اختباراً في الحساب، والقرآن واضح جداً جداً جداً وقال هذا هو الإيمان، وكما قلت لكم لقد كثَّفه وقال إيمانٌ بالله واستقامة، والاستقامة تتقوَّم بعمل الصالحات، من أهم ما ينبغي أن نُؤكِّده وأن نُؤكِّد عليه أن عمل الصالحات لا يعني فقط العبادات والطقوس، وإنما يعني أيضاً ضمن ما يعني ومن أهم ما يعنيه بذل المعروف والندى والبر لعباد الله ،مسلميهم وكافريهم إلا مَن أُمِرت بمُنابَذته وحربه لأنه نابذك وحاربك، وهذا في حالة الحرب، لا أدري لماذا يُصِر بعض المسلمين على أن يُصوِّروا العلاقة بيننا وبين غير المسلمين على أنها دائماً علاقة حربية، هذا غير صحيح، فهذا فقط في الحرب يا أخي وفي المعركة، الحالة الحربية لها أحكام خاصة عند كل الأمم، الأخ إذا حارب أخاه ربما يتأدى الأمر إلى قتل أحدهم، وهو أخوه من أمه وأبيه، هذه مسألة أُخرى، لكن عندك مشائخ وفقهاء ومُنظِّرون عندهم عقلية حربية، كأن الإسلام دائماً وكأن الإسلام إنما أتى لكي يكون حرباً على العالمين وسيفاً مُسلَطاً، أعوذ بالله وحاشا لله، هذا رحمة للعالمين وليس حرباً دائمة، أوجاستين Augustine قال الحرب العادلة وهؤلاء قالوا الحرب الدائمة، حرب مفتوحة إلى يوم الدين، وهذا كلام فارغ، فيماعدا ذلك تبذل الندى وتتوسَّع في البر لجميع عباد الله تبارك وتعالى، هذا عمل الصالح أيضاً، ولذلك قال الله الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ۩، فهذا أيضاً يدخل فيه، ماذا قال شُعيب – على الأرجح – لموسى عليه السلام؟ قال وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ۩، عن أي صلاح يتحدَّث شعيب؟ هل قال له سوف تراني وأنا أُصلي وأصوم ليل نهار يا موسى أم لا قال له سأكون لطيفاً معك وبراً ورحيماً؟ قال له لن أشق عليك في موضوع الرعي والحجج أبداً، سأكون ليناً مُتساهِلاً، وهذه هى علامة صلاحي، هذا هو الصلاح، لكن هناك مَن لديه صلاح بلحية وبصلاة وبطقوس وهو سيئ المُعامَلة ما شاء الله مع العباد، من أسوأ الناس خليقة ومن أشرسهم عشرة، وأنا أقول له أنت بريء من الصلاح، لا علاقة لك بالصلاح لأن الصلاح أخلاق، وهناك صلاح يُبرِّر الجريمة، يُصلي ويصوم ويحفظ الكتاب والسُنن ويتعبد لكي يخرج يُفجِّر نفسه في الناس، فأي دين هذا؟ أي فهم للدين هذا؟ أين توقير الحياة؟ لكن أنا أقول لكم هذا دين الإنسان، التعمق فيه هو تعمق في الأنسنة، مَن يتعمَّق دينياً يتأنسن إنسانياً، هو هذا فقط، إذا كان العكس فهو لم يتعمَّق، هو ذبح الدين ونحره في صورة أنه ينحر عباد الله – تبارك وتعالى – من إخوانه وغير إخوانه وبالجُملة وبالتفصيل، هم ينحرون بالجُملة وبالتفصيل ولا يسأل الواحد منهم كم سيموت في هذا الانفجار؟ والعجيب دائماً – هذه حكمة القدر ورسالة القدر لمَن كان يفهم رسائل الله إلى البشر – أن تقريباً لا يخلو تفجير حدث في الغرب وفي غير الغرب من ضحايا مسلمين، هذا الأبله الذي فعل ما فعل وفتح رشاشه في فرنسا على بعض المارة وقتل سبعة تقريباً كان من بينهم اثنان مسلمان، الله أكبر، هذه رسالة دائماً، كأن الله يقول لنا مَن شك في عته وبله وجنون هؤلاء الذس يُمارِسون الجريمة بإسم الإسلام فأنا أُعطيه البرهان لئلا يشك، دائماً يقع ضحايا من المسلمين، وطبعاً انتبهوا إلى أننا لا نحتاج أن يقع ضحايا مسلمون حتى نقول العمل مُجرَّم وأن هذه جريمة، هذا لا يُمكِن، كل ضحية ضحية ونحن لا نُفرِّق، والدم المعصوم معصوم، هؤلاء معصمو الدم، يا أخي بأي حق استحللت دماءهم أنت؟ كيف تفتح وتقتل؟ ما هذا؟ ولكن سلوا مَن يُعلِّم وسلوا مَن يُدرِّس – أقصد سلوا مَن يُسمِّم وليس مَن يُعلِّم ويُدرِّس، أستغفر الله لقد سحبتها، هذه ثاني مرة أسحب فيها كلامي اليوم – ومَن يُسمِّم العقول؟ كل رؤية للمسائل تتأسَّس على أفكار، لا تُوجَد رؤية عائمة، كل رؤية تتأسَّس على أفكار، حتى الرؤية الإجرامية والتجريمية تتأسَّس على أفكار وعلى مقولات وعلى إيحاءات وانطباعات فكرية ومعرفية وتربوية.

هناك تجربة – ذكرتها مرة ربما قبل سنين – من أروع التجارب أجراها طالب في كلية علم النفس في جامعة نيويورك New York على مجموعة طلاب أتوا لكي يأخذوا – ينالوا – دورةً صيفية في القانون التجاري، وطبعاً الذين درسوا المنهج التجريبي يعرفون أنه لابد من تقسيم المجموعات إلى مجموعة دائماً تجريبية ومجموعة ضابطة، المجموعة التجريبية هى التي نختبر أثر المُتغيِّر التجريبي – يُسمونه المُستقِل في علم المناهج – عليها، والآن سوف نفهم ما هو هذا المُتغيِّر التجريبي، وقسَّموا هؤلاء الطلاب إلى قسمين، مجموعة تجريبية ومجموعة ضابطة، المجموعة الضابطة لا يُراد اختبار مُتغيِّر عليها – أي المُستقِل – أبداً، وكان قبل أن يدخل هؤلاء الطلاب على الفصل يعرض عليهم على شاشة فارغة – شاشة سينمائية – لقطات تُومِض سريعاً، تُضيء ثم تُطفيء في جزء من الثانية، بحيث أن الوقت – وقت الإيماض – أقل من أن تستوعب المكتوب، تكاد ترى بعض الكلمات، في المجموعة الضابطة جُملة حيادية، مثل الناس يعبرون الشوارع، وهذا أمر عادي، ومثل الناس يجلسون على المقاهي والناس ينامون في البيوت والفنادق Hotels، هذه كلمات حيادية وموضوعية وتحدث كل يوم، ومثل الناس يمشون في الشوارع، لكن هذا لا يُراد، الذي يُراد اختباره – المُتغيِّر التجريبي المُستقِل – ما هو؟ أنا وأمي الحبيبة شيئٌ واحد، هذا إيحاء بماذ؟ بالحميمية وبالحب وبالود، تذكير وتحسيس بالإنسانية وبالعواطف الإنسانية الأصيلة في الإنسان، جُملة تُومِض سريعاً عُرِضَت على المجوعة التجريبية لأن يُراد اختبار تأثيرها، أنا وأمي العزيزة شيئٌ واحد، وفعلوا هذا مرات كثيرة أثناء الدورة، وبعد ذلك عند الامتحانات كانت نسبة الناجحين من المجموعة التجريبية أضعاف الناجحين من المجموعة الضابطة، ودرجات الناجحين في المجموعة التجريبية أعلى بكثير من درجات الناجحين في المجموعة الضابطة، هل فهمتم الرسالة؟ حين آتي هنا أُحدِّثك عن الحب كأن تُحِب أخاك الإنسان ثم تُحِب أخاك المسلم شيعياً كان أم زيدياً ام إباضياً أم سُنياً أم وهابياً أم صوفياً فتُحِب المسلمين وتُحِب أهل لا إل إلا الله وتقول إخوة حتى وإن بغوا علىّ وإن أكلوا لحمي وفروه لأنهم يظلون إخواني في الدين ثم إخواني في الإنسانية فإن هذا يُؤثِّر في حياتك ويُؤثِّر في إبداعك ويُؤثِّر في استقرارك النفسي وفي استقرارك العاطفي وفي القدرة على العطاء والإنجاز وفي طرد القلق والخوف والوحشة والرعب من نفسك وفي التواءم والتكيف مع الآخرين، هذا يُؤثِّر فانتبهوا، لكن كم نفعل هذا؟ نحن لا نكاد نترك خُطبة إلا بعد أن نفرغ من الدعاء على العالمين إلا المسلمين وإلا المسلمين الذين يتطابقون معنا بأن يفعل الله بهم وبأزواجهم وأراملهم وأيتامهم وأبنائهم وإلى آخره،
يا أخي هذه دعاوى مُخيفة، أنت حين تسمعها وتخاف، هل الله أمرك بهذا؟ هل الله أمرنا بهذا؟ هل الله أرسلنا سُخطة ونقمة على العالمين؟ سأعود إلى موضوعي لأن للأسف الوقت يُدرِكنا، ولعلنا نعود إليه في فرصةٍ أخرى.

أركان الإيمان بسيطة جداً جداً ومُقوِّماته محدودة، إذن يُمكِن لأكبر عدد من الخلق أن يصيروا مُؤمِنين، العملية سهلة جداً، من الصعب جداً إخراجهم إلا بعد أن ينقضوا هذه الأركان أو واحداً منها، لو كفر الواحد منهم بواحدة منها يكفر، مَن يفعل هذا؟ الحمد لله، لكن لماذا بالذات الإيمان بالله وبالملائكة وبالكتب وبالرسل وباليوم الآخر؟ أي لماذا هذه الأشياء بالذات؟ الأسئلة الكُبرى الثلاث – كما قلت لكم – عبر المشوار والمسيرة البشرية ما هى؟ من أين؟ الله تبارك تعالى، من عند الله، تقول الآية الكريمة إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۩، وهذا أمرٌ عجيب، هذا المبدأ وهذا المصير، نحن عندنا المبدأ وعندنا المصير والآن نُريد المسير، قال الله وَكُتُبِهِ ۩، نحن عندنا الكتاب، قال الله الم ۩ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ۩إذن الله يقول هُدًى ۩، ويقول أيضاً إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ۩ فضلاً عن أنه يقول الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ۩، ما معنى أن الدين كمل؟ ما معنى أن الدين كمل بنص هذه الآية الجليلة النازلة عشية عرفة في حجة الوداع؟ كمل بلحاظِ تحقيقه أغراضه وأهدافه، ما هى أغراض الدين الأصيلة الرئيسة وأهدافه؟ الهداية، قال الله هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ۩، هذه هى الهداية، الله يقول مَن أراد الهداية سوف يجدها موجودة في كتابي كاملةً غير منقوصة، قال تعالى إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ۩، أعظم هداية وأتم هداية في القرآن الكريم، لا تقل لي آمن بالدجّال والمسيح والمهدي وإلا فأنت كافر، هذا كذب على الله وكذب على القرآن، هذا تخبيص وتخليط وتخبيط، من أين أتيتم به يا شيعة ويا سُنة؟ من أين؟ لا أدري، ومع ذلك ويُكفِّرون الناس ويُشكِّكون الناس، الرجل لم ينم ليلتين والأخت مرعوبة لأنه بدأت تشك في المهدي، شُكي حتى يشك الشك نفسه، ما المُشكِلة؟ لا مُشكِلة أبداً، وسوف نرى لماذا، إذن هذا المبدأ، هذا المصير وهذا المسير، وذلك بالكتاب، وهنا قد يقول لي أحدكم وماذا عن الرسل والأنبياء؟ وسائط يا حبيبي، وسائط يا أخي في الله، هذه وسائط يا إخواني، والشيئ الجميل الذي لفت نظري اليوم وأنا في الطريق إليكم أن القرآن وصلنا عبر واسطتين لا واسطة واحدة، وجميل أن يكون الأمر على هذه الشاكلة، لأن هذا الكلام هو كلام الرب المُتعال، يُقال لك الله عز وجل والله تعالى، فهو – لا إله إلا هو – مُتعالٍ، خارج الزمان وخارج المكان وخارج الوهم وخارج الخطوط، خارج كل هذه الأشياء، ومن ثم هذا أمر طبيعي، ماذا تُريد؟ هل تُريد أن الله يُخاطِبك مُباشَرةً؟ وهل تستطيع؟ هل تفهم؟ لن تفهم شيئاً، لذلك هذا الكتاب تكيَّف مرتين، هكذا فهمت هذا وأنا في الطريق إليكم، القرآن العظيم تكيَّف مرتين، تكيَّف بالملكية ثم تكيِّف بالبشرية النبوئية، أي النبوية الرسالية، فجاء الملكُ به – الكتاب هذا جاء عبر ملك فتكيَّف طبعاً – لكن كيف تلقاه الملك؟ هل الملك رب؟ هو عبد مثلك ومخلوق، ولكنه أكثر شفافية منك وأكثر تجرّداً، بلغة الفلاسفة يقولون “العقول المُجرَّدة ” على طريقتهم، فالملك أكثر تجرَّداً وأكثر شفافية، الملك لا يشك ولا يرتاب ولا يقلق، ليس عنده القلق الديني والحيرة الأنطولوجية، هو أصلاً بالنسبة إلينا من منظورنا من عالم الغيب، لكن الملك أيضاً له غيبه، أليس كذلك؟ الله – عز وجل – وما يتعلق به للملائكة غيب، لذلك هو غيب الغيب لا إله هو، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ ۩، هل تظنون أن الله – عز وجل – ملِك يجلس على الكرسي وتأتي الملائكة تراه وتُحدِّق إليه وترمقه ويُخاطِبها؟ حاشا لله، حاشا لله لا إله إلا هو، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ۩، لذلك هنا على الملائكة أن تتكيَّف، لقد كيَّفها الله، الله أنزل عليها الكلام بطريقة مُعيَّنة بحيث يتكيَّف معها ملكياً، لا يُمكِن يهبط مرة واحدة علينا، لا أحد يحتمله ولا أحد يفهمه ولا أحد قادر على أن يفك شيفراته ولا بعض شيفراته، ثم مِن الملك تلقاه مَن؟ النبي الرسول عليه الصلاة وأفضل السلام، فتكيَّف مرةً أخرى بالبشرية النبوئية النبوية، وبعد ذلك أُلقيَ إلينا ووصل إلينا فأمكن التعاطي معه، يُمكِن فك الشيفرة، وهذا ليس دائماً أو بشكل قطعي، هناك آيات من المُتشابِهات، انتبه فهذا لا يُمكِن دائماً، هذا هو!

هذا الكتاب الأعز الأجل هو واسطة والنبي والرسل واسطة والملائكة واسطة، وهذا أمرعجيب، إذن الأسئلة الثلاثة فعلاً هى الأسئلة الثلاثة، عندنا المبدأ وعندنا المصير وعندنا المسير بالكتاب، أما النبي فواسطة، وهو الواسطة الثانية المُتأخِّرة، وأما الملك فواسطة، لكن لابد أن نُؤمِن به أيضاً، نُؤمِن بالملك كواسطة حتى نعرف مصدر الكتاب، من أين أُلقيَ إلينا هذا الكتاب؟ قال نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ۩، إذن الله يقول الرُّوحُ الْأَمِينُ ۩ ويقول قَلْبِكَ ۩، فهاتان واسطتان، والمُراد الهداية بالنذارة والهداية بالبشارة كما في آيات أُخر، فالهداية هنا بالنذارة والهداية بالبشارة، هذا هو، هذه أركان الإيمان، والآن سؤالي هل أنتَ كمُؤمِن يا أخي وهل أنتِ كمُؤمِنة يا أُختي تحتاجان هذه الأركان الآن وهنا؟ طبعاً، نحتاج إليها كلها الآن وهنا، كل مُؤمِن لا محيد ولا محيص عن أن يحتاج إلى هذه الأركان كلها بضربة واحدة، لا يُمكِن إلا هذا، فأنا أحتاجها دائماً، وهنا قد يقول لي أحدكم أن الإيمان ليس بالنبي وإنما بالأنبياء لأن الله لم يقل بالنبي وإنما قال بالأنبياء وكذلك الإيمان ليس بالكتاب – القرآن – وإنما بالكتب، فلماذا إذن؟ واضح جداً جداً جداً لماذا، سأقول لك لماذا، لأن لو كان الإيمان فقط بالنبي – أي نبينا وخاصتنا ومحمدنا ورسولنا – لما تبرَّر هذا الإيمان، لما أمكن برهانه أبداً ولا أمكن دحضه وتكذيبه من أقرب وأقصر طريق، هل تعرفون لماذا؟ لأنه سيُقال لماذا نبيكم هو أول نبي وآخر نبي؟ سنقولالله ابتعثه ونبَّأه لهدايتنا- لهداية البشرية – وهو رحمة للعالمين، سيقول لك قائل مُباشَرةً أما الأجيال السابقة في عشرات ألوف السنين إن لم يكن في مئات ألوف السنين أو ملايين السنين كما يقول علماء الأنثروبولجيا Anthropology هلكوا وذهبوا إلى الجحيم، هذا السبب نفسه هو الذي أوقع مسيحيين ويُوقِع مسيحيين كُثر في كل العصور في التشكيك في دينهم خاصة بلحاظ مبدأ الكفَّارة، أي أن أن الله أرسل ابنه الوحيد وذبحه أو صلبه – صلبه على الصليب وأماته على الصليب – من أجل أن يُكفِّر الخطيئة الموروثةErbsünde، والسؤال الذي يثور من فوره ما مصائر البشر الذين لم يُدرِكوا المسيح ولا فداء المسيح على الصليب؟ هلكوا في الخطيئة، ما ذنبهم أن يذهبوا إلى إلى الجحيم Hades أو Hölle؟ لماذا؟ لا يُوجَد جواب، صعب جداً أن تُجيب، كذلك أنت الآن حين تقول لي محمد أول نبي وآخر نبي فإن هذا يعني أن أجيال البشر قبل محمد ذهبوا إلى إلى الجحيم، ولذلك القرآن رفض هذا وقال قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ ٱلرُّسُلِ ۩، وقال أيضاً لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۩، وانتبه إلى أن بنفس هذا التبرير والتسويغ الوحياني العقلاني والمفهوم جداً يقول الله مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ ۩، لست مُحتاجاً أن نقص عليك كل أنباء الأنبياء والرسل، لماذا؟ لأننا ما قصصنا عليك إلا فقط لتبرير النبوة وتبرير بعد ذلك نبوتك تبرير نبوتك خاصةً وقد حصل، هذا يحصل بماذا؟ بأن تعرف أن سلسلة الأنبياء لم تنقطع، قال الله وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ۩، بنفس المنطق يكون تبرير الوحي وتبرير الكتاب بالتأكيد على الإيمان بجُملة الكتب، هذا ليس أول كتاب، وهنا قد يقول لي أحدكم الله نبَّأ نبياً وأرسل رسلاً لكن بلا كتاب فلماذا نبيكم عنده كتاب؟ النبي قال لك لا، لست أنا الوحيد، الرسل الفخام العظام عندهم كتب، والأعجب من هذا أيضاً أن كتابي يُصدِّق ما في كتبهم، نرجع مرة ثانية إلى مسألة الهوية والحقيقة، الدين كهوية أو كحقيقة؟ حقيقة يا أخي، حتى على المُستوى الوحياني الهدائي حقيقة مرة أخرى، يقول لك هذا الكتاب لم يأت ببدعٍ أيضاً في مُقوِّمات الهداية، هو هو، نفس أصول الإيمان، هى هى، نفس معاقد الأخلاق وأصول الأخلاق، هى هى، اقرأوا الوصايا التسع في الكتاب المُقدَّس، واقرأوا آيات الأنعام عندنا، في آخر الأنعام قال الله قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ۩ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۩، اقرأوا هذه الآيات، فهى تقريباً تنطبق على الوصايا التسع تماماً، ولكم أن تتخيَّلوا هذا، ولذلك قال الله وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ۩ وقال أيضاً فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ۩، مَن هم أهل الذكر؟ ليس ابن عباس أو محمد عبده، وإنما اليهود والنصارى، اقرأوا التفسير، أهل الذكر اليهود والنصارى، الله يقول إذا كنتم تُريدون أن تعرفوا أن هذا القرآن من عند الله وأنه كتاب حق وحقيقة اسألوا الله اليهود والنصارى، إنه لا يختلف ولا يتناقض ولا يتعارض مع المُقرَّرات الكُبرى في الشريعة والعقيدة الموجودة المزبورة في الكتابين، أي في التوراة والإنجيل، قال الله فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ۩، وهذه الآية ألف مرة تلونها، وهناك آيات كثيرة لا أُحِب أن أخوض فيها، لذلك نُؤمِن بالكتب ونُؤمِن بالنبيين وبالملائكة، فنحن نُؤمِن أيضاً بالوسائط، كل مُؤمِن وكل مُؤمِنة يحتاج إلى معاقد الإيمان هاته الآن وهنا، هى أسئلة الوجود الكُبرى، لكن هل كل مُؤمِن وكل مُؤمِنة يحتاج إلى الإيمان بالمهدي المُنتظَر وأنه سيُبعَث – الله أعلم – بعد ألف سنة أو بعد ألفي سنة أو بعد مائة ألف أو لن يُبعَث – الله أعلم يا أخي – وما إلى ذلك؟ إلى الآن ألف وأربعمائة سنة وثلث القرن ولم يظهر المهدي، فهل هذا له علاقة بإيماني؟ أنا لو لقيت الله – تبارك وتعالى – لم أسمع في حياتي بموضوعة المهدي هل إيماني ناقص؟ أبداً، قرآنياً إيماني كامل وتام، قال الله الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ۩، لا يُوجَد شيئ إسمه المهدي في القرآن الكريم ولا شيئ إسمه الدجّال ولا حتى شيئ أسمه عودة عيسى بشكل قطعي وصريح، هذا غير صحيح، هذه عقيدة مسيحية تسلَّلت إلينا في الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة ، ولكن القرآن ضدها تماماً، القرآن يُبطِلها لكن هذا مبحث آخر يحتاج إلى تفصيل وإسهاب، على كل حال مَن شاء – حتى لا نُضيِّق ولا نكون مُتعنِتين – أن يُؤمِن بالمهدي وبالدجّال وبعيسى وبالسفياني وبالقحطاني وبكل هذه الأمور نقول له لا تُوجَد أي مُشكِلة ولكن إياك ثم إياك ثم إياك أن تقول إنها من أركان الدين ومن أصول الاعتقاد ويجري بها الابتلاء والاختبار في الدنيا وفي الآخرة ، فمَن لم يُقر بها فهو كافر وفي الآخرة فهو في نار جهنم، هذا غير صحيح بالمرة فانتبهوا، إمامنا الشافعي في الرسالة وفي كتاب جماع العلم له عبارة من أجمل ما يكون في فقرة طويلة يتحدَّث فيها عن علم العامة وعلم الخاصة، وباختصار لضيق الوقت قال علم العامة هو علم الظاهر والباطن، أي علم الفروع وعلم العقيدة والأصول، ولا يُعذَر أحد بجهله، تلخيصاً لكلامه قال هذا الثابت بالسُنن المُتواتِرة وبكتاب الله، بنصوص لا يدخلها تأويلٌ صحيح على حد تعبير الشافعي كما نقلت لكم، قال هذه فصل بين الإيمان والكفر، بين مسلم وغير مسلم، هذا علم العامة، وهناك علم الخاصة، ما هو علم الخاصة؟ ما ينوب الناس من فروع الدين – فروع – وبعض مسائل الاعتقاد التي لم ترد على النحو الذي وردت به المسائل الأولى، أي نحو قطعي لا يُمكِن أن يدخلها تأويل صحيح، مثل الدجّال ومثل المهدي عند مَن يُؤمِن به ومثل عودة عيسى ومثل كل هذه المسائل، ماذا يقول أبو عبد الله الشافعي؟ لأن الشافعي مذهبه معروف، هو أقوى من أيَّد الأخذ بالآحاد في الفروع، وفي مسائل التصديق والاعتقاد قال نأخذ بها، لكن كيف تأخذ بها؟ لا على أنها مسائل إيمان وكفر فمَن لم يُقر بها كفر، وهذا التأويل ذكي جداً، وأنا ظننت أنني لم أُسبَق إليه لكنني وجدت إمامي سبقني إليه والله، قال من المُمكِن أن تُصدِّق بشيئ وتعتقد به لكن هذا ليس من أصول الدين الإيمان، إذا شكَّ فيه أحدهم وردَّه لا تُكفِّره، هل تعرفون ماذا قال؟ قال لا نقول له تب، كلمة تب كلمة كبيرة، لكن اليوم يُقال لك تب يا زنديق يا كافر، لقد شكَّك في البخاري ومسلم، لقد شكَّك في الكليني، هذا كافر زنديق، ما هذا الجهل؟ قتل الله الجهل يا أخي، اجتث الله جذور الجهل يا أخي واطفأ جذوته، ما أجهلكم وما أحمقكم، الشافعي يقول لا نقل له حتى تب، لأنه لم يرتكب جريمة، لكن نقول له ما ينبغي لك أن تشك، كما لا ينبغي لك أن تشك في شهادة الشهود العدول على أنها شهادة انفرادية، حيث يشهد اثنان أو يشهد واحد، وهى محلها الظن لكن تُقبَل، الشرع قال تُقبَل، قال حتى شهادة الشهود العدول في الرواية عن رسول الله – وهى رواية وليست شهادة – تُقبَل، ولكن هذه ليست مسائل كفر وإيمان، هل فهمتم؟ المسألة أصبحت واضحة تماماً، إذن قل لي أين الكفر والإيمان؟ لا تقل لي لقد ردَّ حديثاً من البخاري وهو حديث عقيدة ومن ثم كفر، هذا كلام فارغ، حتى قال قائلٌ عمر لا يرد البخاري، وكأن البخاري طبعاً قبل عمر أو شيخ عمر.

إذن لك أن تُؤمِن بها ولك أن تُصدِّقها، لكن لا تجعلها مسائل اختبار للإيمان، لا تُكفِّر على وفاقها وخلافها، إياك أن تفعل هذا، ما يُكفَّر به المُؤمِن أمور واضحة في كتاب الله تبارك وتعالى، معاقد الإيمان وأصول الدين، هذا ما يُكفِّر، لكن مَن أنكر المهدي ومَن أنكر هذه المسائل لا يُكفَّر، ثم أننا من ناحية تدبرية – كما قلت لكم – لا نحتاج إلى هذه العقائد، فهمنا لماذا نحتاج إلى العقائد الخمس أو الستة في كتاب الله والسُنة المُتواتِرة، واضح أننا نحتاجها الآن وهنا، فأنا أحتاجها حتى أعرف مبدأي وأعرف مصيري وأعرف مساري وكيف تكون الخُطة الهدائية في المسار ومن أين أتت، فهذا تبرير وحياني لها، لكن المهدي الذي سوف يُبعَث فيما بعد وسوف يُصلِح الله به أرضاً ليست أرضي وإنما هى أرض أخرى بعد موتي بألف سنة أمر – والله – لا يعنيني كثيراً هذا، والدجّال الذي سوف يُفتِن الله به أُناساً كثيرين ويُهلِكهم ويُدخِلهم جهنم بعد موتي بألف أوألفين سنة أمر لا يعنيني أن أُؤمِن به، وليس من الغيب الذي أُمِرت أن أُؤمِن به، الغيب الذي أُمِرنا أن نُؤمِن به هو في أركان الإيمان، هذا هو فانتبهوا، قال الله يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ۩، الحديث عن أركان الإيمان، هذا هو الإيمان فقط ولا علاقة له لا بدجّال ولا بعيسى ولا بمهدي، لذلك موضوع المهدي أنكره جُملة من علماء المسلمين الكبار، ابن الجوزي أنكره، ابن الجوزي قال لا يُوجَد شيئ إسمه مهدي، هذا كلام فارغ، ابن الجوزي قال هذا في العلل المُتناهية في الأحاديث الواهية، الجوزجاني في الأباطيل والمناكير أنكره، ابن حزم عدّه حيلةً فارسية، قال الفرس وضعوا هذه الحيلة، لا يُوجَد شيئ إسمه المهدي، هذا كلام فارغ، ابن حزم قال الأحاديث كلها ضعيفة، وهذه حيلة فارسية، ابن خلدون بعد هؤلاء جميعاً في القرن الثامن – مات في أول التاسع بعد سنيتن فقط – ماذا قال؟ قال هذه فكرة أصلها يهودي، هذه فكرة يهودية تتعلَّق بالمشية والمشياح، فهذه ليست فكرة إسلامية ومن ثم ردَّها، علَّامة الإسلام وشيخ الإسلام في وقته الطاهر بن عاشور التونسي – طيَّب الله ذكرهم جميعاً – ماذا قال؟ قال ليست من أركان الدين، ليست من أركان الإيمان، لكن هى مسألة تتوسَّع بها المعارف الإسلامية، أي نوع من المسائل العلمية، سواء آمنت بها أو كفرت بها أنت في حلٍ من أمرك، لكن – كما قلت لكم – لا مُبرِّر ضروري للإيمان بها، لن تختل الرؤية الكونية عندي ولن تختل الرؤية العقدية، تخيَّلوا مُؤمِناً لا يُؤمِن باليوم الآخر، اختلت الرؤية العقدية واختل المسلك عنده، تخيَّلوا مُؤمِناً لا يُؤمِن بالكتاب، اختلت الرؤية العقدية عنده، تخيَّلوا رجلاً لا يُؤمِن بالأنبياء أو بالنبي، اختلت الرؤية العقدية عنده، تخيَّلوا رجلاً لا يُؤمِن بالله، اختل كل شيئ من أصله وانتهى الأمر، فرق كبير جداً جداً جداً بين هذا وبين إيمان بمهدي ودجّال وعيسى!

إذن فهمنا الآن هذه الخُلاصة المُهِمة التي أردت أن أُمهِّد لها لكن تضيَّق الوقت علىّ وعليها فأجملتها إجمالاً، هو هذا فقط، ميِّزوا بين هذا النوع وهذا النوع من الأشياء التي يعقد الإنسان قلبه عليها وينطوي على إيمان بها، أسأل الله – تبارك وتعالى – أن يُنوِّر قلبي وقلوبكم وقلوبكن وأن يهدينا لما اختُلِف فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۩.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمضن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت، اللهم إنا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، اللهم أنت أصلحت الصالحين فأصلِحنا لك بما أصلحت به عبادك الصالحين، اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها وأجِرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ۩.

اغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا وأخواتنا وقراباتنا ومشائخنا وأحبابنا وإخواننا فيك، وللمُسلِمين والمُسلِمات معهم بفضلك ومنك أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المُسلِمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، وسلوه من أفضاله يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا (30/3/2012)

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: