الرؤوس بين القطع والزرع!؟

audio

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ۩ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ۩ 

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.

إخواني وأخواتي:

قبل أكثر من سنة أعلن العالم والطبيب الإيطالي سيرجيو كانافيرو Sergio Canavero  عن أن مشروع زرع الرأس الإنساني قد أصبح وشيكاً وزالت كل العقبات من أمامه، وقد جُرِّب مشروع زرع رأس لفأر في الصين ونجحت العملية، وذلك للرأس بكل ما فيه من مُكوِّنات وأعصاب، وهذا شيئ عجيب، أما الرأس الإنساني فستُدشَّن أول عملية لزراعته في مطلع ألفين وسبعة عشر، أي بعد أقل ربما من سنتين، نحن نقطع الرؤوس وهم يزرعون الرؤوس، أين سنمضي؟ أين سيمضون؟ مَن الفائز؟ مَن الذي له المستقبل؟ الذي يزرع الرأس، لكن على كلٍ قد يكون أجدر الناس بأن يُسابِقوا إلى حجز مكان لزراعة رؤوس جديدة لهم بعض المسلمين، فهم أجدر الناس، يتخلَّصوا من رؤوسهم في المُقدِّم ليتخلَّصوا من هوسهم ومن أفكارهم ومن حروفيتهم ومن جمودهم ومن جنونهم وإلى ما شئت من الأوصاف، ولكنهم لن يفعلوا، لأنهم لا يستطيعون أن يُفكِّروا خارج رؤوسهم، هم لا يُفكِّرون إلا بهذه الرؤوس ولذلك لا حل، الحل لا يُمكِن أن يكون بقطع الرؤوس ولا يُمكِن أن يكون أيضاً بزرع الرؤوس، لإنك حين تزرع رأساً تقريباً أنت تتعامَّل مع شخصية جديدة مُختلِفة تماماً، شخصية صاحب الرأس، أما صاحب البدن فلا شخصية له تقريباً، ولهذه التقريباً موضع.

على كل حال الحل في برنامج إصلاحي تجديدي تربوي تأخذه المُؤسَّسات والهيئات والسُلطات الرسمية والمدنية أيضاً – أي التشكيلات المدنية، تشكيلات المجتمع المدني على اختلافها – مأخذ الجد، أن يُطوَّر فهمٌ، قبل أن نُطوِّر خطاباً لابد أن نُطوِّر فهماً، وقبل أن نُطوِّر فهماً لابد أن نُطوِّر تجديداً في آليات الفهم، آليات الفهم لدينا المُعبَّر عنها بعلم أصول الفقه آليات مُحترَمة، وحقيقةً لا يعرف كم هى مُحترَمة إلا مَن تعمَّق درس هذه الآليات، وسوف يقول سبحان مَن أعطى هؤلاء الأئمة والعلماء هذه المقدرة وهذه الليقات الفكرية، وذلك حين يقرأ مُتعمِّقاً، كما نقول دائماً ليس كتاباً في مائتين أو ثلاثمائة صفحة، وإنما حين يقرأ مُتعمِّقاً ومن ثم سيعجب، ولكن هذا عمل بشري، على المسلمين أن يُدرِكوا البديهيات لأنهم ينطلقون ويُفرِغون عما يُؤكِّد أنهم يُصادِمون البديهيات، من البديهيات أو في رؤوس البديهيات أن كل شيئ يشيخ، فالفكر الإنساني يشيخ والعطاء البشري يشيخ والآن فكر علمائنا مهما كانوا أجلاء – وهم أجلاء بلا شك – ومهما كانوا كرماء ألباء حذقاء أذكياء بمرور القرون والأزمان يشيخ، لا يُمكِن لفكر بشري أن يُساوِق وأن يسير مع النص الإلهي المُطلَق المحفوظ قدماً بقدم  وخطوة بخطوة، هذا يُساوي مساواة الإنسان بالله، معنى هذا أن الله الذي أنزل القرآن – أستغفر الله – يُساويه في علمه وحكمته وقدرته وتقديره للأمور بإحكام هذا الشارح الأول أياً كان، صحابياً كان أم تابعياً أم تابع تابعي وإلى آخره، انتبهوا فهذا خطير جداً، هنا تُوجَد وثنية بسبب هذا الاستتباع وهذا التقديس للأسلاف وكأنهم أتوا بالقول الفصل مرة وإلى الأبد وانتهى كل شيئ، هم قالوا قولاً في النص ونحن نعتصم بهذا القول إلى يوم القيامة، وهذه وثنية في حقيقتها عند تفكيكها تعني أننا نُعادِل بين الشارح والنص، بين الله الذي يتكلَّم وبين العبد مثلي ومثلك الذي تكلَّم على كلام الله وتكلَّم حول كلام الله، وهذا شيئ خطير، فالفكر يشيخ، علينا أن نُدرِك أن الفكر يشيخ، وخاصة أننا لم نعد قادرين ولا مُستعِدين للتعايش مع نتائج هذا الفكر فانتبهوا، أنت قد تُفكِّر على نحوٍ ما بل قد تفعل فعلة ما أو قد تجترم جرماً ما – أنا أتحدَّث حتى عن مُجرِم يجترم جريمة ما – لكن ليس هذا أخطر ما في الأمر، أخطر ما في الأمر المدى الذي يُمكِن أن تذهب إليه في مُعايشة نتائج هذه الفعلة، إلى أي حين يُمكِن أن تتعايش أنت مع نتائج فعلتك؟ أنت يُمكِن أن تسرق مال أحد، لكن إلى أي حين يُمكِن أن تتعايش مع هذه النتيجة؟ حين تُقدِّم هذا المال لأولادك الصغار تغذوهم به وتُعلِّمهم به، وأنت حريص أن تُعلِّمهم الخير والفضيلة بمال مسروق، كيف تكون المُعايشة هنا؟ هل هذا يُمكِن؟ حين تُلبِس زوجتك أو تهديها في عيد ميلادها أو في عيد زواجكما هدية جميلة أو تحفة ثمينة طائلة من مال مسروق، وهى تفرح بهذا جداً وتشكر لك الاهتمام والتقدير واللفتة الكريمة لكن هذا من مال مسروق، فكيف تكون المُعايشة هنا؟ ولذلك انتبهوا فالمسألة ليست محض فكرية ومعرفية، المسألة تربوية تتعلَّق بتربية الضمير وتهذيب الضمير، الضمير بالذات هو الشيئ الذي لا ينبغي أن يكون مرناً، وذلك خلافاً للعقل، العقل ينبغي أن يكون مرناً إلى آخر حدود المرونة المُمكِنة، أما الضمير ينبغي ألا يكون مرناً، لأن الضمير حين يكون مرناً يعني – والعياذ بالله – أنه خرب – أي ضمير خرب ومن ثم يستحل الشيئ ونقيضه، ضمير لا يُؤمِن بالمباديء، ضمير حربائي يتلوَّن كل حين بلون ويأخذ كل ساعة صورة جديدة، وهذا أخطر شيئ، هذا أمرٌعجيب، والآن أظنكم حدستم بالفكرة، بعض الناس لديه فكر ثابت جامد كقوالب من برونز أو حديد وضمير مرن جداً، كيف اجتمعت هذه الخلطة اللعينة؟ فكر جامد حروفي صبياني هزلي – مسخرة وليس فكراً – وضمير مرن جداً جداً جداً جداً يُحلِّل ويُحرِّم ويتقلَّب مع الأشياء كيفما شاء، هذه لعنة حقيقية لا تليق بالإنسان، تليق بأي شيئ  آخر لكن لا تليق بالإنسان.

لم نعد إذن قادرين أو مُقتدرين على أن نتعايش مع نتائج أفكار كثيرة محفوظة في تراثنا، على كل حال جئت لأُحدِّثكم عن أمر الآن تقريباً خف الحديث عنه، لا أحب أن أركب الموجة دائماً في كل حدث من هذه الأحداث الأليمة وما أكثرها الآن، فحياتنا أصبحت سلسلة من الأحداث الأليمة والسريالية أيضاً غير المعقولة نوع من العبث Absurd، ولذا هى حياة عبثية، لكنني جئت أُحدِّثكم اليوم عن التماثيل والأصنام والمعركة مع الحضارة والتاريخ، وفي الحقيقة هذا ليس درساً في التاريخ وليس درساً في تقرير وتبجيل الحضارة والتاريخ، إنما هو درس في تجديد المنهج لكي نتخفف، لكي أتخفف أنا وأنتم معي من الترقيع لأننا مللنا وتعبنا، أنا تعبت جداً من الترقيع، علماً بأننا نُرقِّع وليس أمامنا إلا أن نُرقِّع طبعاً، هل تعرفون لماذا؟ أنا مُعظَم ما أتحدث فيه ترقيع، ينبغي أن أُرقِّع وأفهم أنني أُرقِّع ولا استطيع إلا أن أُرقِّع في المرحلة الراهنة، هل تعرفون لماذا؟ لأن الآخرين لا يعملون لكي تحكم على عملهم، إنهم يُدمِّرون ويُخرِّبون ويُمزِّقون فقط وأنت ينبغي أن تُرقِّع، لا يُوجَد فكر حقيقي يتحرَّك فانتبهوا، لا يُوجَد مشروع حقيقي برؤية – مشروع رؤيوي حقيقي – أبداً، لا تدخل معهم في سجال وفي جدال وفي أخذ ورد، كل ما هنالك تخريب وتدمير وتمزيق وتخريق ويُنسَب إلى السماء ويُنسَب إلى رسول السماء وإلى القرآن والسنة، وأنت عليك كمُؤمِن تغار على دينك وتغار على نبيك وتغار على كتابك وتُحِب هذا الدين – ما زالت تُحِبه وأسأل الله أن يميتنا على هذا – ليس أمامك إلا أن تُرقِّع، صنفان من الناس يكرهون مُهِمتنا هذه التي لا نُحسَد عليها – مُهِمة الترقيع مُهِمة لا نُحسَد عليها – وهما المُخرِّبون الذين نرقع من ورائهم والحريصون على أن يطوى بساط هذا الدين والأمة، يُريدون أن يُوضَع على الإسلام (X) وأن يُقال أنه من الماضي، هم يُحِبون هذا ويُجَن جنونهم من أمثالنا وينعتوننا بالتزينيين الذين نُزيِّن الإسلام ونكذب على النصوص ونكذب على الفهم والتأويل، لكن لا والله، نحن لا نكذب لكن نحن نأخذ بحقنا في أن نفهم، نحن – كما نقول دائماً – لا نعبد إلا الله ولا نُؤمِن إلا برسول واحد هو رسول الله، لا نعبد البخاري ولا مسلم ولا ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب ولا سيد قطب ولا حسن البنا ولا الشافعي ولا أبا حنيفة ولا الصادق ولا زيداً، لا نعبد أحداً، نعبد الله وحده ولنا حقٌ أن نُفكِّر ولنا حقٌ أن نجتهد وأن نُعمِل عقولنا، والمسألة ليست بالأقدمية كأن يُقال أن الأٌقدم يفهم أكثر، إذا كان الأٌقدم يفهم أكثر فإذن الجاهلية خيرٌ من الإسلام، انتبهوا لأن هذه نزعة خبيثة وغبية، النزعة السلفيبة بالمُطلَق نزعة غبية، إذا المسألة الفضل فيها للمُتقدِّم فالجاهلي المُتقدِّم على الإسلامي أفضل من الإسلامي إذن، لكن هذا غير صحيح بالمرة، بالعكس الركب البشري بخصوص المعارك بالذات مُختلِف، وحدَّثتكم عن ظاهرة قُبيل ربما أشهر يسيرة، هذه ظاهرة رُصِدَت في القرن العشرين وهى الذكاء البشري يتقدَّم بمتوالية غير طبيعية، وهذا في القرن العشرين نفسه، هذا في قرن واحد فقط، فإياك ألا تُدرِك هذا، هناك مَن يحرص على أن يفهمك أنك غبي، والآن عموماً كهنة الفكر الديني – أنا أُسميهم كهنة وهم كهنة فعلاً ولهم معابد وينتفعون – حريصون جداً على أن يُفهِموك أنك غبي غير قادر على أن تفهم وغير قادر على أن تجتهد، أنت لا شيئ، أنت صفر، يُحِبون أن يُفهِموك هذا لأنهم هم أمام الأوائل وأمام الكبار أصفار، هم حقيقة أصفار، وهؤلاء المساكين الذين نُشفِق عليهم وعلينا أكثر من إشفاقنا عليهم لأن الأمة تدفع الثمن – ليس لهم ولا يتهيأ لهم إلا أن ينقلوا ويرددوا، مُجرَّد أدوات ومُسجِّلات، وطبعاً الآن يُغني عنهم الشيخ جوجل Google والشيخ ياهو Yahoo والشيخ كذا، هذا يُغني عنهم تماماً، وهم لا يزيدون على ما يُمكِن أن يمدك به النت Net، أي الشبكة العنكبوتية، هذا مستحيل لأن ليس عندهم أي شيئ هؤلاء المساكين، ويُحِبون أن تكون صورة منهم وصورة حتى ممسوخة عنهم بحيث يظلون أساتيذ لك، قد ضلَّ مَن كانت العميانُ تهديه، حتى لا يُقال هذا يتفلسف ويُقدِّم بمُقدِّمات عجيبة غريبة سأُقدِّم بمُقدِّمة حقاً غريبة من نوع من أنواع الغرابة الآن، ما هى؟ أُحدِّثكم عن الإمام شهاب الدين القرافي، وقد حدَّثتكم عنه قبل ذلك وفي مُحاضَرتي عن الفن في الإسلام وحكم التماثيل، أي Figuren  بالألمانية بمعنى التماثيل وليس الأصنام لأن هذه مُحرَّمة، في جهنم هى وأصحابها، فالحديث عن التماثيل والصور الزيتية والمائية وغيرها والتصاوير عموماً وحتى الصور الفوتوغرافية، وهذه المُحاضَرة كانت قبل ربما سبع سنوات وطالت ربما أكثر من خمس ساعات، أي أن هذه من قديم وليست من أجل تماثيل اليوم وداعش ومدينة  نمرود – كالخو وما إلى ذلك، فالموضوع قديم والمفروض يفرض نفسه لكنه ما كان فارض نفسه، الآن فرض نفسه، حدَّثتكم عن الإمام شهاب الدين القرافي، وقاريء الفقه وتاريخ الفقه ومُدونات الفقهاء وعلماء الأصول بالذات – علم أصول الفقه – يعلم مَن هو القرافي، شارح المحصول، الشرح العظيم المُوسَّع المبسوط، ومع ذك المحصول يُشرح، محصول الرازي أصلاً موسوعة يغرق فيها السبّاح الماهر ومع ذلك يُشرح، فهذا غير كافٍ، هل محصول الفخر غير كافٍ؟ نعم ويُشرَح، يأتي يشرحه العلامة اللوذعي وفريد عصره فعلاً شهاب الدين القرافي، وهو تلميذ شيخ الإسلام وسُلطان العلماء العز بن عبد السلام، إمام من أئمة المالكية بل من أئمة الإسلام قاطبة، وهو صاحب الفروق، فالفروق مشهورة له، هذا هو الإمام القرافي وهو مِن أحسن مَن يُفرِّق، عقلية ذكية جداً للغاية، يُحدِّثنا في شرحه على المحصول ويقول بلغني أن الملك الكامل الأيوبي صُنع له شمعدان، صنعه أحد المُهندِسين المسلمين وقد يكون شيخاً مثل القرافي، أي من شيوخ الإسلام، وفي هذا الشمعدان كل ساعة يُفتَح باب ويخرج رجل ويتغيَّر اللون، وذلك كل ساعة، حتى إذا مر عشر ساعات خرج رجل ووقف أمام الملك طبعاً – الشمعدان موضوع أمام الملك – ورفع يده إلى أذنه وقال صبَّح الله الملك بالسعادة والخير، وانتبهوا إلى أن هذا ليس كلام أساطير وألف ليلة وليلة، الإمام القرافي العالم العلّامة المهندس الفيزيائي الميكانيكي وعالم الحيل هو الذي يتحدَّث عن هذا بنفسه، والآن سوف يُثبِت لك أن هذا حق وأن علماء المسلمين قبل أوروبا والغرب صنعوا الروبوتات Robots، هذا روبوت Robot يتحرَّك وينطق، وهذا شيئ عجيب وشيئ مُدهِش، وواضح أن الذي نجهله عن حضارتنا أكثر بكثير مما نعلمه، نحن لا نكاد نُصدِّق هذا، وتعال اسأل أكبر متخصص في تاريخ الروبوتات Robots سوف يقول لك هذا غير صحيح، الروبوتات Robots صناعة غربية محض، لم يصنع أحد روبوتاً Robot يتحرَّك بهذه الطريقة، لكن نحن صنعناه وكان يتكلَّم، يقول الإمام شهاب الدين القرافي وصنعت أنا بحمد الله – تبارك وتعالى – شمعداناً، هو الذي صنع، وهذا أمر عجيب، هل الأصولي الفقيه فعل هذا؟ نعم لأنه طبعاً عالم في الفيزياء والحيل والميكانيكا، هذا علّامة كبير، هذه هى الأدمغة وليس داعش والقاعدة، هذه هى مشائخ الإسلام، الأمام القرافي – رحمة الله عليه – قال وصنعت أن بحمد الله – تبارك وتعالى – شمعداناً فيه أسد، أي تمثال لأسد، وسوف يُقال أعوذ بالله، قاتلك الله، أنت وأسدك في النار، روى البخاري وروى مسلم، وكأنك تفهم ما لا يفهمه القرافي، ابعث له رسالة عبر القرون إلى مقبرته في قرافة مصر وقل له يا جاهل بالأحاديث، هذا شيخ الإسلام القرافي فاقرأ عنه في الأول حتى تعرف مَن هو القرافي، قال فيه صورة أسد – تمثال أسد – تتغيَّر عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد ألى الحمرة الشديدة، ويُوجَد طائران يُلقيان بحصاتين في أوقات محددة، ونفس الشيئ يحدث حيث يخرج رجل ويُغلَق عليه الباب، حتى إذا جاء الصباح – وقت صلاة الفجر – خرج رجل في أعلى الشمعدان – هذه كلها روبوتات Robots  تتحرَّك آلياً – ورفع يده إلى أذنه والتفت كهيئة المؤذن، قال ولم أستطع أن أصنع صنعة الكلام، فالصوت لم أُفلِح فيه، أي لم أُفلِح أن أُخزِّن فيه الصوت وما إلى ذلك، لكن غيره أفلح، وهذا تواضع علمي لأنه يحكي الحقيقة،  لكن ما صنعته يا إمامنا ويا شيخ الإسلام ليس بالهيِّن وليس باليسير خاصة في زمنك، بالمرة ليس بالهيِّن، أن تصنع هذه الروبوتات Robots المُتحرَّك وتتغيَّر ألوان عيونها ليس أمراً هيِّناً، قال وصنعت في الشمعدان أيضاً صور مُجسَّمات لحيوانات تمشي وتتحرَّك لمسافات وتلتفت وتُصفِّر، أي تُخرِج صوت الصفير، وطبعاً لم يعبدها أحد، لا يُوجَد عندنا أُناس تعبد العجل الذهبي، أي عجل بني إسرائيل، لم يعبدها لا القرافي ولا الأمراء ولا السوقة من الناس، وكان يُحدِّثنا عن نفسه، هذا هو القرافي، واليوم تُهدَم أثار الحضارة – الأصنام المعبودة من دون الله – على مبعدة ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسين سنة، مدينة كالخو المعروفة بمدينة نمرود بناها شلنمصر في سنة ألف ومائتين وخمس وسبعين قبل الميلاد، حوالي ألف وثلاثمائة سنة بقيت هذه شاهداً على المسيرة البشرية وعلى اليد الإنسانية الصناع وعلى تطوّر الفكر الإنساني والفن الإنساني، وتركتها الحضارات وتركتها الحكومات – حكومة بعد حكومة بعد حكومة – حتى أتى هؤلاء وتلوا علينا بياناً فأقنعونا في ثلاث دقائق وذكَّرونا أن هذه أصنام وأوثان كانت تُعبَد من دون الله ولذلك لابد أن نجعلها جزازاً وعلى بركة الله، وتذكَّروا دائماً أنهم يُركِّبون الرؤوس ونحن نقطع الرؤوس، هم يُركِّبون الرؤوس، رؤوس بأدمغتها وبأعصابها وبأوعيتها وبكل محتوياتها، وستنجح العملية طبعاً، ونحن نقطع الرؤوس ونقطع مع تاريخ الحضارة، هناك أقوام موتورون مع الإسلام ومع الشرق العربي والإسلامي غاظهم ويغيظهم جداً أن لنا تاريخاً، ليس كمسلمين وإنما كشرقيين، فقبل الإسلام بصراحة ونحن لنا تراث ولنا حضارة، العراق شهد ثلاث حضارات وليس حتى حضارتين وإنما ثلاث حضارات وربما أكثر، هذه بلاد عريقة، إسمه عراق وهو عريق، هذه بلاد عريقة جداً، الموصل الذي فعلوا به وبمتحفه وبمكتبته الأثرية ما فعلوه مركز محافظة نينوى وهناك أكثر من ألف وثلاثمائة مركز أثري، أكثر من ألف وثلاثمائة نقطة أثرية، هناك أثار وأشياء كثيرة، حضارة وعظمة، هناك أمم عمرها لا يزيد على ثلاثمائة سنة وأمم عمرها لا يزيد على سبعين سنة – أنتم تفهمون ما أقول – يغيظهم جداً هذه العراقة وهذا الامتداد وهذا الضرب بالجذور في الأرض، وجاء الإسلام وتوَّج هذا بأمثال القرافي وابن سينا وابن النفيس وهذه العبقريات المُذهِلة المُعجِبة فضلاً عن ابن رشد الذي غزا السوربون Sorbonne من أوسع أبوابه كما قال إرنست رينان Ernest Renan، هذا يغيظهم جداً جداً، والحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروهٍ سواه بأيدينا لا بأيدي عمرو وأخوة عمرو نُهدِّم صروحنا ونشطب على تاريخنا ونقتلع جذورنا ونُكبِّر، تماماً بنفس البله والعته حين نُكبِّر ونحن نقطع الرؤوس ونأكل الأكباد والقلوب ونُكبِّر!

هذا حالنا وهذا وضعنا، وهو شيئ مخيف، حتى أكون واضحاً سيسألني سائل ويقول لي يا رجل قل لي مَن الشاذ في فكره وفتواه ومَن القاعدي المعياري؟ وأنا سأقول له نحن الشاذون ولنا الفخر، تفكيرنا شاذ وفتوانا شاذة وطريقتنا في الفهم شاذة، لابد أن أعترف بهذا، بمعنى لو جاء أحد وأحب أن يضعني في الزاوية – وأنا سأُبادِره – وقال لي عفواً كلامك جميل ونحن نقبله ونُبارِكه ونُقدِّره ونشكره لكن هل كلامك هذا يتساوق ويتطابق مع مُجمل تراثك الفقهي في هذا الباب – باب الصور والتماثيل وكذا – أم كلام داعش هو الذي يتساوق ويتطابق؟ سأقول له كلام داعش، يتساوق ويتطابق مع مُجمَل فتاوى العصر، مواقع إسلامية رسمية كبرى في الدولة الفلانية والكذائية والعلانية تفتي بمثل هذا، قبل سنتين – في ألفين واثني عشر – يُقال ما حكم هدم الأهرام وأبي الهول؟  أبو الهول صاحب الأنف المكسور فهمنا يا سيدي سببه، هذا صنم ووثن، لكن ماذا عن الأهرامات؟ قالوا هذه قبور، هذه قبور مُشرِفة، فالأهرامات مُرتفِعة وعالية كثيراً، فطبعاً بحسب حديث أبي الهياج الأسدي تُهدَم، وهم يفرحون بهذا لأنهم يحفظون هذه الأحاديث ويقولون رواه مسلم والترمذي والنسائي ويفرحون جداً، وكأن الواحد منهم ضربك بصخر في رأسك وأفحمك بالحديث، حديث ماذا؟ أنت تُحدِّثنا أحاديث أنت لا تفهمها أصلاً، ومن الصعب أن تفهمها، لأنك مُؤسَّس بالمقلوب، لابد أن تتأسَّس بطريقة صحيحة، التأسيس بطريقة صحيحة يكون بأن نبدأ بالله تبارك وتعالى، نبدأ بما قال الله، نبدأ بالقرآن المحفوظ المُتواتِر وليس بأحاديث صحت أو لم تصح، وحين تصح – كما أقول دائماً  – لا تعز، هذه أحاديث آحادية، أي لم يشهد عليها حتى اثنان في كل طبقة لكي نعلم أن النبي قال هذا ويُترَك بها ظاهر كتاب الله المُتواتِر، تقول الآية الكريمة يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ۩، هذا نبي، سليمان نبي مُوحِّد عظيم وابن نبي عظيم وملك ابن ملك، كان عنده تماثيل، والمجال لا يتسع أن تذهب في تأويل كلمة تماثيل كيفما تُحِب، هذا غير مُمكِن فالأمر واضح، تماثيل جمع تمثال والتمثال هو المنحوت ذو الظل الذي يأتي على مثال سابق، فقد يأتي على مثال إنسان فهو مثال أو تمثال وقد يأتي على مثال خروف أو بقرة – أعزكم الله – وقد يأتي على مثال شجرة، لكن معظم التماثيل للإنسان والحيوان، هذا معنى أنه تمثال، فهو يأتي على مثال كائن وعلى مثال سابق، لذا هو تمثال.

قال مُجاهِد كما روى الطبري في تفسيره لقول الله  مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ۩ كانت هذه التماثيل من نحاس لبشر، وبعضهم ذكر أنها كانت لأنبياء وصالحين، ونحن نستبعد هذا، لكن مذكور في العهد القديم أن سليمان كان يضع تماثيل الأنبياء والصلحاء في المعبد، لكن المذكور ما هو أسوأ، سليمان مذكور عنه أشياء وثنية – والعياذ بالله – فانتبهوا، وسليمان في العهد القديم ليس نبياً وإنما هو ملك الملوك فانتبهوا إلى هذا، لكن سليمان القرآن نبي وأبوه نبي، سليمان وداوود في العهد القديم ليسا نبيين وإنما كانا ملكين  ولهما مآتي  كثيرة ما شاء الله، أي بعضها وبعضها، وذلك في العهد القديم، على كل حال قال قتادة أنها من خشب وزجاج كما روى عبد الرزاق في المُصنَّف، فهذه تماثيل لبشر ولحيوانات في قصور أو مُتعبَّدات سليمان، فكيف هذا؟ هل سليمان يجهل هذا؟ هذل يجهل سليمان – عليه السلام – هذا؟  لكن قبل أن نخوض من ناحية فقهية نقول أننا – كما قلت لكم – نُرقِّع، والترقيع لن تنتهي مسيرته، لن تنتهي هذه المُهِمة، ولذلك أنا أقول لكم إذا أردنا لابد أن نُجدِّد فهماً في الآليات – أي يكون  جديداً في وسائل الفهم – وبعد ذلك سينتج لنا فهمٌ جديد ومن ثم خطابٌ جديد نتداوله من الروضة حتى الجامع، تسمع مائة خطيب يتحدَّثون بالخطاب الجديد المُتقَن القوي المقاصدي الغائي الفاقه، وتسمع أحد المأفونين يتحدَّث بالخطاب المنسوخ، فليذهب إلى حيث ألقت لن يؤثر فهناك مائة خطيب،  لابد أن تفعل هذا الدول والمُؤسَّسات والتنظيمات والجماعات والمُجتمَع المدني، لابد أن يُفعَل هذا وبسرعة وإلا إسلامكم يتسرَّب من بين أيديكم، دينكم يضيع بضياع إيمان أبنائكم وبناتكم، وهذا ما يحصل حالياً وبشكل دراماتيكي غير مسبوق، إلى وقت قريب – والله العظيم – قبل أقل من عشرين سنة كان هناك – وإلى الآن يوجد فروخ هؤلاء – مَن يُحرِّم حتى التصوير الفوتوغرافي، يقول هذا ممنوع وحرام إلا للضرورة، مثل صورة في جواز السفر أو لشيئ مثل هذا، أما غير ذلك ممنوع، وهذا أمر عجيب، واليوم منطق العالم هو منطق الصورة أكثر منه منطق الكلمة، اليوم الصورة تفعل – كما يقول المثل الصيني – أكثر مما تفعله ألف كلمة، ألف خطبة لا تفعل فعل الصورة، منطق الصورة هو منطق العالم كله اليوم، بعد ذلك بالله عليك إذا أردت أن أفهم نظرية في وظائف الأعضاء وفي علم الحيوان وفي علم كذا وكذا كيف أفهمها؟ من أين هذا؟ كيف أفهم إذا لم يكن هناك أي صور؟ لابد من وجود صور لحيوانات أو صور لبشر أو صور لأجساد بشرية، حتى المُعجَمات – Dictionaries -الصغيرة في الغرب مثل لاروس Larousse الفرنسي وغير لاروس Larousse يُكتَب لك إسم حيوان وصورته إلى جانبه مرسومة أو مُصوَّرة ومن ثم تفهم،  لكن اقرأ أنت مُعجَمات مثل الزبيدي ومثل الفيروزآبادي صاحب القاموس واقرأ ما شئت في وصف حيوان ووالله لن تعرفه، حيوان لطيف أنيق برجلين سوداوين ويأكل كذا ويتغذى على كذا، وأنت لا تفهم شيئاً، ويتضح في النهاية أن هذا الحيوان مُربَّى لدى جارك وقد رأيته مليون مرة ومع ذلك لم تفهم، لكن بالصورة ينتهي الأمر، يُقال لك هذا هو الحيوان ومن ثم تفهم، لذلك سُئل رينيه ديكارت René Descartes الفيلسوف والمُهندس والعالم الكبير مِن أين لك كل هذا العلم بالجسم الإنساني؟ هو كان صاحب نظرية ميكانيكية في تفسير فسيولوجيا البدن وعمل البدن فقيل له مِن أين لك هذا العلم؟ هذا علم خطير فظيع، هذا غير مأثور عن جالينوس Galen، فجالينوس Galen لا يقول لك هذا، مِن أين أتيت بهذا العلم؟ أخذ يد السائل وأدخله مشرحته وقال له من هذا وأشار إلى جثة – Corpse أو Leiche – ميتة، قال هذا أستاذي – أي هذه الجثة – وانتهى الأمر، إذا لم تكن الجثة موجودة يُمكِن الاستعانة بصورة، فالصور تنوب عنها وتُفهِمك  – بإذن الله – وانتهى الأمر، إلى وقت قريب كيف يُمكِن لفقيه في القرن العشرين والحادي والعشرين أن يُفكِّر على هذا النحو؟ أنا أقول لكم هذا مُمكِن جداً جداً جداً لأنه غير مُهتَم بالمرة بصناعة الحضارة، حضارة ماذا يا رجل؟ هم يُنكِرون أن الناس أصلاً وصلوا إلى القمر ويستريحون، هالهم وأزعجهم وأرقهم الفارق الفلكي بيننا وبين الآخرين في الحضارة والعلم والفكر، هذا جنَّنهم  ومن ثم يُريدون أن يستريحوا على الطريق في محطة، فقالوا هذه أكذوبة ولم يصعدوا على القمر،  يا سيدي لم يطلعوا لكنهم فعلوا ما هو أصعب من هذا مليون مرة، لقد فجَّروا الذرة، فجَّروا شيئاً لم تروه ولم يروه هم وإنما فهموا قانونه وفهموا دستوره الداخلي الغيبي دون أن يروه، الذرة لا تُرى، هذا مستحيل، ولم ير أي أحد البروتون Proton أو الإلكترون Electron، هذا مستحيل طبعاً، ثم أخرجوا طاقة الربط وأبادوا بها أمماً، أمتنا الإسلامية كلها التي تصل إلى اثنين مليار يُمكِنهم إبادتها بنصف قنبلة هيدروجينية، هؤلاء لم يصعدوا على القمر فقط بل فعلوا ما هو أصعب بكثير، أنت لا تستوعب معنى وفكرة القنبلة الذريبة، أنت لا تفهم شيئاً وتُريد أن تستريح فتُكِّذب هذا وتقول هذه أكذوبة وتتحدَّث عن الظل وغير الظل وكل هذا الكلام الفارغ الموجود على المواقع السخيفة، وتعرض صوراً وتقول لم يصعدوا على القمر، لكن ماذا عن تركيب الرؤوس؟ سوف نرى بعد سنتين، ألم يقوموا بعمل الاستنساخ؟ ما لك؟ أين تعيش؟ غير مهموم هذا الفقير وفروخه وأولاده وغلمانه العلميون بالمرة بصناعة الحضارة وخدمة الركب البشري والمُساهَمة ولو بشيئ واحد ولو بدواء واحد ولو بتجربة ناجحة ولو بنظرية لها قيمة، هم غير مهتمين بهذا الهجس الفارغ ويُعيِّروننا به، إذا رأوك تفعل ما أفعل يقولون كيف يتحدَّث على منبر رسول الله عن أمور في النيرولوجي – Neurology – والفسيولوجي – Physiology – وستيفن هووبينغ – يقصدون ستيفن هوكينج  Stephen Hawking – وما إلى ذلك؟ هل هو مجنون؟ ما هذا؟ طبعاً مجنون، نحن مجانين طبعاً، حين تعقل في وسط مجانين تغدو مجنوناً، تعود مجنوناً وترتد مجنوناً وإلا اشرب من ماء الجنون فتغدو عاقلاً في مجانين، لأنك مجنون بين مجانين، ومن ثم تغدو عاقلاً في هؤلاء المجانين، وهذا شيئ عجيب.

نعود إلى موضوعنا، ما القصة؟ ما الحكاية؟ باختصار نحن – كما قلت لكم – سنُرقِّع  ومُضطَّرون أن نُرقِّع إلى أن يبرز الخطاب الجديد مدعوماً ومُدَّعماً بكل الوسائل التربوية في المُؤسَّسات التربوية، بحيث نغدو بعد ذلك لا تُجرَح آذاننا بسماع الحماقة والغباء والتفاهة، فلا نسمع إلا الذكاء وإلا التواصل مع العصر  والفهم الدقيق الغائي المقاصدي للنص، نسمع العبقرية فنرتاح، نموت مُرتاحين على مُستقبَل أبنائنا وأحفادنا وعلى مستقبَل ديننا، يجب أن يحصل هذا، أنا أقول لكم إن لم يحصل لن يكون الدمار أو العار وإنما سيلفنا العدم، بكرة العدم الآن تشتغل علينا وتلفنا، نحن نخرج من التاريخ، واضح أننا نخرج من التاريخ، علماً بأن هدم كل هذا التراث والاشتباك في حرب حقيقية مع التاريخ والحضارة تمهيد حقيقي لإخراجنا من الجغرافيا أيضاً، سنكون خرجنا من التاريخ لأننا بلا تاريخ، نحن طمسنا تاريخنا، ما شاء الله وتبارك الله، يبقى الجغرافيا، هل خرجت من التاريخ؟ هذا ممتاز، بُورِكَت اليد، يبقى أن تخرج من الجغرافيا، لماذا؟ لأنه سيُقال لك بمُعادَلة مَن الذي يستحق أن يبقى؟ مَن الذي يستحق أن يعيش؟ هل يبقى الذي يُركِّب الرؤوس أم الذي يقطع الرؤوس؟ الذي  يُركِّب الرؤوس، انتهى الأمر إذن، المسألة محسومة، واجعل الفأس والمعول والسكين والمسدس الذي تحارب به ينفعك حين ذاك.

خذوا الأمر بجد، كونوا مسئولين حين تتكلَّمون، ونعود الآن إلى الترقيع، لا تُوجَد فايدة فلابد أن نُرقِّع، وسوف يُقال  أنت اعترفت بأن موقفك شاذ، وهذا صحيح طبعاً، هو شاذ في كل هذه العتمة، شاذ في هذه الآلة المجنونة التي تُولِّد لنا هذه السريالية كلها، هذا صحيح لكن أنا أقول لكم هذا مُلتئم تماماً ومُلتصِق تماماً مع منطق السماء ومع منطق يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ ۩، لن نقول إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ۩ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ۩ وإنما سنتحدَّث عن التماثيل، الله يقول تماثيل في قصر نبي موحد أبعد ما تكون عن أن تكون مظنة للعبادة، هذا مستحيل طبعاً، هل سليمان يعبد التماثيل؟  إذن لماذا يا سليمان عندك تماثيل؟ عظمة الملك، هذا ملك عظيم، هو نبي وملك، تماثيل لأسود ولفهود ولرجال ولكبار ولأشياء، هذا أمر عادي، القصور تفعل هذا، لا تُوجَد أي مُشكِلة أبداً لأنها لا تُعبَد، المُشكِلة أن علماءنا القدماء الكبار مثل فلان وفلان وأبي فلان وأبي علان اعترفوا وقالوا نعم كان ذلك مشروعاً في شرعهم، في شرعهم كان ذلك مباحاً، يجوز لداوود ولسليمان أن يعملوا تماثيل لبشر ولحيوانات، هذا أمر عادي، وهو في شرعنا مُحرَّم، أنا معك وسأقول هذا مُحرَّم لكن انتبه، هل هو مُحرَّم أبدياً أم مُحرَّم سياقياً في ظل سياق محدد؟ هل هو مُحرَّم مُؤقَّتاً؟ لابد أن يكون مُحرَّماً مُؤقَّتاً سياقياً فقط، قل لي لماذا؟ لأن لو كان مُحرَّماً للأبد سيكون مُحرَّماً لذاته وانتهى الأمر، سيُقال التمثال مُحرَّم لذاته، ما دام تمثال فهو حرام، تعبده أو لا تعبده وتضعه أو لا تضعه هو حرام، لو كان ذلك كذلك ما جاز قط أن يكون حلالاً في شرع سليمان، لأنه هذا نبي وليس فيلسوفاً، هو ليس سقراط Socrates وليس أرسطو Aristotle، هذا نبي يُوحى إليه، وحاشاه لله أن يحل شيئاً مُحرَّماً لذاته وماس بجناب التوحيد أصالةً لذاته، هذا مستحيل طبعاً، لكن ما حدث بكل بساطة أن النبي حرَّم التماثيل وقد يكون فعلاً كما هى نصوص صحيحة في البخاري ومسلم حرَّم حتى الصور التي لا ظل لها، لماذا؟ في ذلك السياق الناس كانوا مُفعَمين بتقديس الأخشاب والأحجار والأوثان والأنصاب والعياذ بالله، اتخذوها آلهةً مع الله ومن دون الله، فطبعاً لابد قطعاً لذريعة الشرك أن يُحرَّم هذا مُؤقَّتاً، وطبعاً يُقال هذا أزرى بالعقل الإنساني، فإياكم أن تسمعوا المُدلِّسين والحاقدين الذين يقولون محمد هدم التماثيل، أي هدم الفن – Art – ثم يزرون عليه، لكننا نقول لهم لا، محمد – عليه السلام – هدم وأمر بهدم وتحطيم وطمس ما طمس العقل الإنساني، فقد عبدوا هذه الأصنام قبل محمد مئات السنين، فماذا خرج منهم؟ وأد البنات والاقتتال على فرس وعلى ناقة لأربعين وثلاثين سنة، وكانوا عُبداناً وخولاً لفارس والروم، اللخميون والغساسنة، هؤلاء لفارس وهؤلاء للروم، أي كلام فارغ، أمة لم تكن شيئاً، على هامش التاريخ.

آرنولد توينبي Arnold Toynbee أنا كثيراً ما استشهد به، هذا الرجل أنا مُعجَب به، هو مُؤرِّخ عظيم وفيلسوف تاريخ، هذا درس معنى الحضارة وقيام الحضارات وأفول الحضارات في نظرية التحدي والاستجابة Challenge and response theory، لاثنتين وأربعين سنة هذا المُؤرِّخ العبقري العظيم يدرس هذه المسألة، توينبي Toynbee أيضاً في مُختَصر دراسة التاريخ – A Study of History Summary – يقول ماذا؟ تحدَّث عن حسنات الإسلام وحاول أن يفهم كيف نشأت الحضارة الإسلامية، كيف هذا؟ هؤلاء بدو في صحراء كما ترونها الآن قاحلة ليس فيها أي شيئ، لا تُوجَد معالم حضارية ولا أي شيئ، كيف عملوا حضارة غير طبيعية انتجت لنا بعد ذلك ابن سينا وابن النفيس والزهراوي وابن زهر والقرافي وابن رشد والغزالي؟ ما القضية؟ كيف هذا حصل؟ هل تعرفون ما هو التفسير الذي اقترحه آرنولد توينبي Arnold Toynbee؟ التوحيد، توحيد الله ومُحارَبة الوثنية، قال الوثنية اعتقلت عقولهم طبعاً، الوثنية ضرب من الـ Animism بالإنجليزية أو الـ Animismus  بالألمانية، أي اعتقاد الحيوية في الكائنات الميتة، في الاخشاب والأنهار وما إلى ذلك، يظنون أن هذا حي ويضر وينفع، وهذا يعتقل قدرة الإنسان، لا يمُكِن أن تتوجه إلى الطبيعة وتريد أن ترتفقها وأن تُسخِّرها وأن تدرسها وأنت تعتقد إلاهيتها وربوبيتها في الأحجار والشمس والقمر، والحمد لله طبعاً لا داعش ولا غير داعش يقدروا على الوصول إلى القمر، وإلا كانوا دمَّروه وقالوا هذا عُبِدَ من دون الله، هذا وثن وقال تعالى لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ۩، الله قال هذا فدمِّره إذن، ومن ثم سوف يختل النظام الكوني، لكن ليس عندهم قدرة ولا في الخيال بفضل الله طبعاً، وهنا قد يقول لي أحدكم ما دخل الشمس والقمر يا فيلسوف بالأوثان؟ هذا نفس الشيئ تماماً، هذا التمثال الذي أمامك من المُمكِن أن يكون تمثالاً ويبقي تمثالاً ومن المُمكِن أن يستحيل صنماً، حين يُصبِح صنماً سيكون لعنة على صاحبه، هذا هو فقط لكي نكون دقيقين والوقت يجري بسرعة، أولاً حين يُصبِح صنماً لصاحبه حتى الذي يعيش في ذمتك وفي أرضك ويدفع لك الجزية كما كان قديماً – هذا منطق قديم منسوخ – هل أنت بتحطيمه؟ اللهم لا، ولم يفقه الفقهاء هذا ولم يعملوا علي تطبيقه، نحن أُمِرنا أن نُقِر أهل الأديان على أديانهم مُقابِل ما تعلمون، أهل الأديان يعبدون آلهة أخرى وما إلى ذلك، فاتركهم ولا علاقة لك بهم، هذا دينهم وهم أحرار سواء عبدوا أو لم يعبدوا، أنت مأمور بتركهم وما يدينون، علماً بأن هنا تبرز السماحة الإسلامية في أجلى مظاهرها وفي أصبح وجوهها وفي أعظم تجلياتها مع فتوى بسيطة مكتوبة في سطر واحد للإمام الشافعي أبي عبد الله،  شيخ الإسلام الشافعي قال رجل مُسلِم مُتزوِّج بكتابية يهودية أو نصرانية هل يعرض عليها الإسلام؟ هل يقول لها أسلِمي؟ قال لا، الشافعي منع هذا وقال ممنوع أن تعرض عليها الإسلام، يُمكِن أن تُحدِّثها عن الإسلام وتقول في ديننا كذا وكذا وأنا كمسلم أفعل كذا وكذا وعندنا الله يقول، لكنه قال لا تقل لها أسلمي يا فلانة فلو أسلمتي سيحدث كذا وكذا، وهنا قد يقول أحدكم هذا أمر عادي وأنا أُحِب لها الخير، لكنه منع هذا وقال لأن في هذا شُبهة إكراه، أنت لا تعرض هذا على امرأة في الشارع وإنما تعرض على امرأة هى زوجتك، والبعل له سُلطة معنوية وسُلطة أدبية على زوجته، فمن المُمكِن لو قلت لها أُدخلي الإسلام ويُكتَب لكِ – إن شاء الله – النجاة في الدنيا والآخرة أن تُوجَد  شُبهة إكراه، أبو عبد الله الشافعي منع الزوج المسلم أن يعرض الإسلام على زوجته الكتابية فقط، وقالوا لك الإسلام دين إكراه، أين هذا؟ وطبعا حتى في التراث تُوجَد مظاهر مُمتازة جداً وتُوجَد مظاهر بصراحة غير هذا حتى نكون واضحين.

إذن نحن أُمِرنا بتركهم وما يدينون، ليس لك علاقة ببوذي أو بغير بوذي، ليس لك علاقة بأحد، هذه أصنامه وآلهته وهو حر فيها،  إذا حاربك هو وأحب أن يُدخِلك في دين صنمه ووثنه ومنع عليك حق توحيد الله – تبارك وتعالى – واضطرك أن ترفع  سيف في وجهه وأمكن الله منه من المُمكِن أن تُحطِّم له صنمه هذا ارغاماً لأنفه، وتقول له الآن لن أعطيك هذا، وأنا الآن أتحدَّث عن مَن بصراحة؟ عن محمد بن عبد الله،  قال لهم اتركوني أُبلِّغ دين ربي، هذا سباق ديني، أنتم لكم دينكم وأنا لي دين، وليس عندي أي مُشكِلة لكنني أُريد فقط أن أُبلِّغ ديني، أنتم بلَّغتم دينكم وبشَّرتم به وأنا أُريد أن أُبشِّر بديني،  قالوا لا، هذا ممنوع ، لماذا هو ممنوع؟ قالوا ممنوع، وهجَّروه وأرادوا اللحاق به في المدينة – كما أقول دائماً – وقالوا لابد أن نستئصلك،  ممنوع التوحيد، فقط الأصنام، ما هذه المُشكِلة؟  فطبعاً لما أظهره الله عليهم وهم دخلوا حتى في الدين قال لهم انتهى عهد الصنمية، لا وجود لها الآن، وهذا عدل طبعاً، هذه مُعامَلة عادلة، أما في غير هذا لم يحدث شيئاً مثلما كان الأمر في البداية، وكما تعلمون دائماً هذه خُطتنا وهذا هو المنهج، القرآن ليس فيه منسوخ، القرآن  كله مُحكَم، قال الله وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ ۩، مَن هم هؤلاء؟ مَن هم المَدعوون مِن دون الله؟ الأصنام مثل هُبل واللات والعزى ومناة وذو الخلصة وكل هذا الكلام الفارغ، الله قال لا تسبهم ولا تقل لعنة الله على كذا وكذا، هذا ممنوع فاتركهم، قال الله وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ۩، كل إنسان يُحِب دينه فاتركه إلى أن يقتنع، لكن إن منعني أحدهم حق أن أكون حراً في اعتقادي هذا شيئ ثانٍ، هو أدخلني في معارك لحجة ضيقة غصباً عني وضداً على رغبتي وهذا شيئ ثانٍ، لكن فيما عدا هذا انتبه، إياك أن تفهم أن الفقهاء يأمرونك –  يُقال تغيير المنكر – بأن تُغيِّر أديان الناس أو تُكسِّر أوثانهم وأصنامهم، هم أحرار في أوثانهم وأصنامهم وصلبانهم، لا علاقة لنا بهم، هذه واحدة لكي نكون واضحين.

ثانياً التماثيل أعم من الأصنام والأوثان، طبعاً  كل شيئ عُبِدَ من دون الله هو وثن، ولك أن تتخيَّل هذا، أي شيئ ينطبق عليه هذا هو وثن، لو خشبة صغيرة يُعتَقد فيها النفع والضر وأنها إله وأنها رب تُعتبَر وثناً، الأوثان تكون بهذا المعنى، فانتبهوا إلى أن التماثيل أعم من الأوثان والأصنام، أي صورة مُجسَّدة تُعتبَر تمثالاً، قد تُتخَذ للزينة فإذن هى ليست صنماً وليست وثناً، لا تقل لي هذا وثن، هذا ليس وثناً وليس صنماً، إذن ما هذا؟ تمثال – Figure أو Figur –  فقط، ومن ثم أضعه على مكتبة أو أضعه في بيتي، وفي شيوخ الإسلام المُعاصِرين أناس كانوا أذكياء لكن لم يكن عندهم جرأة أن يتكلَّموا دائماً بصوت عالٍ، لا ينقص هؤلاء المساكين أن يحدث لهم صداع رأس – Headache – ومشاكل، الشيخ الغزالي – رحمة الله عليه – كان يضع على مكتبه تمثالاً لحيوان، وكان يُدرِّس شريعة بل كان عميد كلية الشريعة ، فإذا وجدت تمثالاً جميلاً لقطة – مثلاً – ضعه، العقاد كان يضع بومة طبعاً، لكن قد يُقال هل العقاد هو شيخ الإسلام؟ لا ليس شيخ الإسلام، لكن الشيخ محمد الغزالي فعل هذا، فالسلفيون وخاصة الشباب التائهين المساكين أُصيبوا بالعُقَد، فتجد مَن يُنكِر وجود تمثال، هذا تمثال وليس صنماً وليس وثناً، لكنه يظن أن التمثال هو الصنم، هل الشيخ الغزالي يعبد وثناً؟ هذه تحفة فنية جميلة، هذا فن فقط، أنا أقول – والله أنا أتمنى هذا وأُقسِم بالله عليه – يا ليت كان الله فتح أدمغة علمائنا ومشائخنا من ألف سنة وكان عندنا الآن أي تماثيل وصور مرسومة لابن سينا والفارابي والغزالي والفخر الرازي وابن خالدون وفلان وعلان، ياليت كان هذا والله العظيم، الأمم كلها عندها هذا، سانت أوجستين Saint Augustine عنده صور وهو يكتب وما إلى ذلك، هذا من القرن الرابع ومات في أول القرن الخامس ومع ذلك تُوجَد صور له، لكن نحن ليس لدينا هذا، كل شيئ حرام، فلم نفهم شيئاً للأسف وإلى اليوم لم نفهم وأصبحنا مُتشدِّدين ولم نقدرعلى أن نمضي خطوة للأمام بجرأة.

إذن ما أُريد أن أقوله أن التماثيل أعم من خصوص الأوثان والأصنام فانتبه، قالوا هذه كانت أصنام تعبد من دون الله، لو أفترضنا صحة هذا فإننا نقول كانت تُعبَد فانتبهوا،وأين كانت؟ كانت في المُتعبَّدات، كانت تُرتاد للعبادة، هذا الشيئ كان في الماضي، لكن الآن أين هى؟ في المتاحف، هى في المتاحف الآن وليست في المتعبدات وليست في مكان يُقال أنه مظنة أن تُقدَّس وأن تُعبَّد من دون الله، هذا غير موجود يا رجل، انتبهوا ولا تُصدِّقوا الشيخ العلّامة الدكتور فلان الفلاني – لن أذكر أسماء لأننا لا نُحِب أن نُهين الناس، نحن نحترم الناس ونستفيد منهم حتى حين يُصيبون – حين قال مظنة أن تعبد من دون الله باقية إلى يوم القيامة، يُوجَد أُناس همل، وهذا غير صحيح، والأحكام لا تدور على الندرة ولا على الشاذ ولا على فتح باب الا حتمالات، فباب الاحتمالات وسيع وإذا فُتِحَ لا يُسَد، الأحكام تدور على مُلاحَظة الواقع والوقائع وعلى الفهم الدقيق للنصوص، النبي قال بكلمة واحدة إني لا أخاف أو لا أخشى على أمتي الشرك بعدي، انتبهوا فهذا في الصحيح، هل أنت تُريد الصحيح؟ أنتم جننتمونا بالأحاديث والنصوص، هذا نص يا سيدي في صحيح مسلم، محمد – عليه السلام – يقول لك لا تخف، هذه الأمة محمدية لن يأتيها يوم – بإذن الله – ترجع فيه لعبادة هُبل واللات والعزى ومناة وذي الخلصة، هذا مستحيل ولن يحدث، وطبعاً انتبهوا لكي تعرفوا كيف يكون التناقض في الأحاديث ولكي تعرفوا أن بعض هذه الأحاديث – لن أقول كلها وإنما بعضها – مُفبرَكة – Fabricated – ومُصنَّعة، تُصنَّع في دار صك النصوص، هذا في مسلم لكن في الصحيح أيضاً حديث يُفيد بأن الساعة لن تقوم حتى تختلف كذا – كلمة فيها وصف جنسي فلن نقوله – نساء دوس حول ذي الخلصة، قال سوف تُعبَد ذو الخلصة مرة أُخرى، وهذا غير صحيح، والله العظيم  لن تُعبَد مرة أُخرى، ذو الخلصة ماذا؟ ما هذا الهبل؟ لكن هذا في الصحيح، هل تعرف إذا أرادت الناس أن تعبد شيئاً – ولن يفعلوا أصلا – ماذا سيعبدون؟ سيعبدون أنفسهم، سيعبدون عالماً كبيراً في الذرة، سيعبدون الشخص الذي زرع رأساً، هذا يستحق العبادة وليس ذا الخلصة، هذه أحجار فقط، ومع ذلك لن يعبده أحداً، الإيطالي سيرجيو كانافيرو Sergio Canavero   الإيطالي نفسه الذي سوف يُركِّب لك رأساً إذا حدثت ضده مُخالَفة مادية سوف يفضحون أباه في الجرائد في أوروبا هنا، سوف يُقال هذا عالم لكنه سرّاق ولص كبير فانتبهوا، إذا فعل شيئاً مع بنت سوف يُقال هذا داعر وهذه بنت قاصر، وقد فعلوها مع رئيس وزرائهم برلسكوني Berlusconi، الناس تحرَّرت ولذلك حاولوا أن تفهموا لماذا خُتِمَت النبوة بمحمد؟ البشرية رشدت وانتهى الأمر، فقط نحن قُصَّر ومُقصِّرين في تبليغ ديننا، أنت الآن أمام بشرية عاقلة راشدة، حاول أن تُعطيها التوحيد رحيقاً شهداً وليس سماً زُعافاً تُسميه الإسلام وتقول هو هذا وينبغي أن تأخذه وإلا سوف أُنهي حياتك، أعطهم إياه رحيقاً شهداً يُخاطِب العقول ويُخاطِب المنطق، لكن لابد أن يكون عندك في الأول العقل والمنطق، لابد أن تكون عملاقاً وأن تكون دارساً للفلسفات والعلوم والمنطق وأن تكون حياتك كلها في العلم، لا أن تكون صعلوكاً من الشوارع عنده عقد ويُريد فقط أن يذبح وأن يقول الله أكبر ثم تقول لي أنك تُمثِّل الإسلام، لقد خطفتم ديننا، هذا لن نسمح به ولن نسكت على  مخطوفية ديننا من هؤلاء وأمثالهم، لن نسكت أبداً لأننا – والله العظيم – مسئولون يوم القيامة بين يدي الله تبارك وتعالى، أُقسِم بالله أننا مسئولون عن كل هذا العبث.

على كل حال هذا لم يعد صنماً، هنا قد يقول لي أحدكم كيف تكذب على التاريخ؟ هو كان صنماً  لكنه اليوم تمثال – Figure أو Figur –  وموضوع  في متحف – Museum – ولا يُعبَد،  سوف تقول لي ما القصة إذن؟ طبعاً إذا لم توافقني على هذا أنت صنمي، أنت سوف تكون وثني، كيف؟ أنا لا أُهدِّدك ولا أُمارِس عليك الإرهاب الفكري، هل تعتقدون  أن هذه الأصنام والأوثان تنفع أو تضر؟ لا تنفع ولا تضر اليوم ولا يوم صنعت ولا في أي يوم، هى دائماً أحجار وأخشاب ومنحوتات لا تضر ولا تنفع ولا تُقدِّم ولا تُؤخِّر ولا تسمع ولا تُبصِر، الله قال وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۩، هذا الصخر الكبير الذي صنعوه وسموه اللات ووضعوا عليه العسل وكان الدم يُهرَق عليه إذا أتى عليه الذباب وأخذ شيئاً من هذا العسل ومن هذا الحلو هل يقدر على أن يسترجعه؟ كيف يسترجعه؟ هذا حجر مسكين لا يفعل شيئاً، وهذا مُهِم لكي لا تلعبوا على وهم الإعجاز العلمي، لا تقل لي كما قال الدكتور فلان وعلان وفلان أن لا يستطيع أكبر مصنع اليوم ولا أكبر معمل – Labor – في العالم أن يستخرج من الذبابة كذا وكذا، لا تستعجل لأن الله لم يقصدنا نحن، الإنسان مُمكِن يفعل هذا، إذا سلب الذباب أحدنا شيئاً فإنه يُمكِنه أن يقول له سوف استخرج منك السكر الخاص بك والجينات – Genes – الخاصة بك أيضاً، وسوف آخذها وأضعها في سحلية وأعمل البدع، مع العلم بأنهم فعلوا هذا، فما رأيكم؟

الذي لا يعرف هذا الفصل في تاريخ العلم  يقرأ عن جينات الهوكس – Hox genes – وعن قضية جينات الهوكس Hox genes، الذي لا يقدر على أن يستوعب ينظر الآن في أمريكا ماذا يفعلون، هل تعرفون العنكبوت Spider؟ يُصنِّع الخيوط الخاصة به بشكل أقوى من الحديد عشرات المرات وهى طبعاً بنفس الثخانة، وهذه مادة قوية جداً جداً ويحتاجها الجراحون كثيراً وبالذات في الجراحة، لأن الجسم لا يلفظها، ليس عنده أي تحسسس مناعي ضدها، لكن هذا مُجرَّد عنكبوت فكيف سيُصنِّع كل هذا؟ كيف نُصنِّع كميات هائلة منها ونعملها على بكرات ونحتفظ بأطنان منها ونُخزِّن ونبيع؟ هم فعلوا هذا، هل تعرفون كيف؟ بالماعز، هل تعرفون الماعز Goats؟ الماعز تفعل هذا، كيف تفعل هذا؟ هل أصبحت الماعز عنكبوتاً Spider؟  نعم أصبحت عنكبوتاً – Spider – بطريقة أو بأخرى، أحضروا الجين – Gene – المسئول عن تصنيع هذا الحرير العنكبوتي وغرسوه في خلية الماعز يا حبيبي، هذا عالم آخر، نحن عالم  وهم عالم آخر، فهم زرعوا هذا، والماعز حين تراها تجد شكلها مثل الماعز العادية، ليس عندها أي أطراف زائدة وتضع الحليب بشكل طبيعي، مع الحليب تنزل هذه المادة الحريرية، مُباشَرةً يأخذون هذا في نفس المكان، وهذا كان في مزرعة تابعة لجامعة يوتا Utah في الولايات المتحدة الأمريكية، ومُباشَرةً في نفس المعمل – Labor – يُحلِّلون البروتين – Protein – في خمس دقائق ويستخرجونه، والبكرات تكون جاهزة وتلف الحرير ومن ثم يستخدمونه في الجراحة، وهذا شيئ لا  يكاد يُصدَّق، فلا تقل لي أن الله كان يتحدَّث عن البشر حين قال وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۩، الله يتحدَّث عن الأصنام، يتحدَّث عن اللات والعزى  وذي الخلصة، هؤلاء لا يقدروا على أن يعملوا شيئاً، لكن أنا أقدر، الإنسان عموماً يقدر على هذا ومن ثم هذا الكلام ليس عن البشر وإنما عن الأصنام، لم يقل الله أننا لن نقدر، سوف نقدر بل أننا قدرنا وأنهينا هذا أصلاً وعملنا البدع، هذا عصر فيه البدع.

أنا أقول لك ينبغي أن تسأل نفسك الآن إذا كان هذا مُجرَّد حجر لا يضر ولا ينفع وهو اليوم على مسافة ثلاث آلاف ومائتين سنة أو ثلاثة آلاف سنة على الأقل لا يضر ولا ينفع إذن كيف كان قبل ثلاث آلاف سنة صنماً؟ هو لم يكن صنماً، هو صنم في عقل مَن عبده، إذن الصنمية في الشيئ ذاته أم في عقل من يُصنِّم؟ في العقل، هو صخرة منحوتة أصلاً، وأنت تاخذها اليوم كأثر من آثار التاريخ، فتقول سبحان الله لقد بادوا وذهبوا، سواء كفروا أو آمنوا هم انتهوا وبقيت هذه كآية، قال تعالى وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً۩، من ماذا؟ من قرية لوط، بعدما قلبها الله ترك آيات، قال الله وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّ‌ونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ ۩.

فرعون قال أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ۩، وهذه إشارة عجيبة إلى أن الشعب المصري في ذلك الوقت كان يعبد مجموعة آلهة، كان لديه آلهة كثيرة فعلاً من ضمنها العجل، لذلك بنو إسرائيل ماذا فعلوا؟ عبدوا العجل الذهبي مُباشَرةً، تأَّثروا بالمصريين لأنهم كانوا يعبدوا العجول وأشياء كثيرة، لكن فرعون ماذا قال لهم؟ قال لهم – أستغفر الله العظيم، اللعم غفراً – أنا أكبر رب، تقول الآية الكريمة أنه قال أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ۩ وتقول آية كريمة أُخرى أنه قال مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي ۩، هذا وثن طبعاً، لكن مَن أخطر: حجر يُدّعى فيه الألوهية أم بشر مُتحكِّم مُسلَّط يدعي؟ البشر طبعاً أخطر بكثير، قال النمرود أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ ۩، فهو قال أذبح وأميت وأفعل اشياء كثيرة، تقول الآية الكريمة أن فرعون قال وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ ۩، فهو كان له هذا الملك كله ومن ثم فتن الناس، ماذا قال الله حين أغرقه؟ قال الله فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۩، انتهى فرعون وانتهى الفراعنة ولم يعد فرعون يُعبَد لكنه إلى اليوم موجود، نعم اختُلِف في ماهيته أياً كان أو أياً يكن لكن لماذا أبقاه الله؟ لماذا لم يُحرِقه الله يا داعش؟ لماذا لم يُحطِّمه الله يا داعش؟ الله قال أنا سأتركه، سأترك هذا الذي ادّعى – هو الذي ادّعى بلسانه وليس ادُّعيَ فيه – الإلهية العُليا وهو حجر لكي يكون آية للناس، لا يُوجَد إله يموت، أليس كذلك؟ لكنه مات وشبع من الموت، وهذه الأصنام طيلة حياتها لا تضر ولا تنفع.

إذن أنا أٌول لك إذا اعتقدت أن الذي كان صنماً يبقى صنماً أنت مُصنِّم، أنت وثني حين تعتقد أن هذا الشيئ في ذاته فيه خاصيية صنمية، أي بمُجَّرد أن تراه سوف تعلم أنه صنم ومعبود من غير الله، لكن هذا غير صحيح بالمرة وغير واقعي، أنت الآن سترى تمثالين ولن تُميِّز أيهما للعبادة من الآخر، حتى تُخبَر بهذا ويُقال لك هذا معبود في الديانة الفلانية، لماذا؟ لأن الصنمية ليست في التمثال ذاته، الصنمية في رؤوس مُصنِّميه، الآن السؤال إذن هل ما في الموصل ومدينة  كالخو – مدينة نمرود – وغيرها أصنام؟ اللهم لا، نُشهدِك اللهم لا، هل هى أوثان؟ اللهم لا، إذن ما هى؟ تماثيل، هذه تماثيل بقيت آية في السجل الحضاري على مرحلة زمنية مُعيَّنة وعلى دين قوم وعلى مُتعبَّدات قوم، وليس عندنا أي مُشكِلة في هذا، هذه آية للعبرة، لتعتبر الأجيال وللدرس وللفحص، ولم تعد أصناماً ولا أوثاناً، عادت تماثيل كما هى في حقيقتها – مُجرَّد تماثيل – نحتتها يدٌ بشرية.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

 

الخُطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

قبل أن أُغادِر سأقول ثلاث وأربع جمل شريعة، قد يُقال لنا لكن النبي صح عنه النص بحُرمة التصاوير وأن أعظم الناس عذاباً يوم القيامة المُصوِّرون، نقول لهم بكلمة الذين يُصوِّرون آلهةً تُعبَد مع الله ومن دون الله، هذا معنى الصور، والدليل ما رواه الترمذي عن أبي هريرة في جامعه في سننه أنه يُقال لأهل الأديان وللناس يوم القيامة ليذهب كلٍ إلى ما كان يعبد مِن دون الله، فيذهب أهل الصليب إلى صليبهم ويذهب أهل التصاوير إلى صورهم، ويذهب أهل النار إلى نارهم أو نيرانهم، السؤال الآن ما معنى يذهب أهل التصاوير؟ قال إلى ما كانوا يعبدون من دون الله، أي التي كانت تُعبد من دون الله، فكلام النبي عن الصور وأشد الناس والصور هى صور الأصنام التي تُتخَذ أصناماً فتُصبِح تماثيل مُصنَّمة – والعياذ بالله – تُعبَد من دون الله ومع الله على قدم سواء، الذي يفعل هذا طبيعي أن يكون هذا عقابه، لأنك تنشر الوثنية والكفر والعياذ بالله بدل التوحيد فطبعاً سوف يكون هذا عذابك عند الله، هل تُريد أن تأخذ جائزة نوبل  Nobel يوم القيامة؟ طبعاً من المُؤكَّد أن عذابك أشد العذاب بدون كلام، وهذا كان أولاً.

ثانياً قد يقول لي أحدكم ليس هذه هى العلة فقط، لكنها مذكورة في الأحاديث وليست من عندي، هذه أحاديث صحيحة، قد يُقال أن النبي قال أن الله عز وجل يأمر يوم القيامة أن يحيوها، يقول لهم أحيوا ما خلقتم، وهذا صحيح طبعاً، قال السادة العلماء فهذه محمولة على مَن صوَّر صورة مُجسَّمة بالذات أو حتى غير مُجسَّمة – انتبهوا مهم جداً هذا الكلام، هذا ليس كلامي وإنما كلام السادة العلماء – وكان قصده أن يُضاهي بخلق الله، لقول النبي يُضاهئون أو يُضاهون خلق الله، وفي رواية أخرى يُشبِّهون بخلق الله، بمعنى ماذا؟ فنان مجنون سيكوباتي – Psychopathic – يعتقد في نفسه الإلهية وأنه من المُمكِن أن يخلق كخلق الله، هذا لا يفعله إلا مجنون، هذا المجنون المُلحِد شيئٌ ثانٍ، وطبعاً هذا مُحرَّم، لكن إنسان فنان يرسم أو ينحت أو غير هذا من غير قصد أن يُضاهي الله في خلقه، ثم أن اليوم لا يُوجَد إنسان عاقل يُضاهي الله في خلقه، أنت لا تستطيع أن تخلق خلية حية – Cell – واحدة فكيف تعمل لي صنماً مثل مايكل أنجلو Michelangelo وتقول لي ضاهيت خلق الله؟ هذا ولا شيئ، هذا تمثال لا قدَّم ولا أخَّر.

هذا هو الصحيح يا إخواني، أحببت أن أختم بهذا وأشياء أخرى لكن ضاق الوقت!

اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزِدنا علماً وفقهاً ورشداً، اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسرنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا، زِدنا ولا تنقصنا، أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تُهِنا، وانصرنا على مَن بغى علينا يا قوي يا جبّار يا عزيز يا رب العالمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، وسلوه من فضله يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

 (انتهت الخُطبة بحمد الله)

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: