إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سُبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

 

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – جل مجده – في كتابه الكريم  بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ۩ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ۩ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ۩ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ۩ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ ۩ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الأَبْصَارِ ۩ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۩ لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ۩

 

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:

تكلَّمت مرة في مُناسَبةٍ سابقة عن دلالة المجاز من حيث روحه وجوهره – من حيث هو – على الله تبارك وتعالى، اللغة هى ما تدل على الله، اللغة بأسرارها – لا أقول بألاعيبها كما يُحبِّذ البعض، وإنما بأسرارها – وبتجلياتها التي تُترجِم الروح، التي تعكس الروح، وعيها بذاتها وبالعالم من حولها.

انتهينا إلى هذا الاستخلاص من زاويةٍ أو من خلال التأمل من زاويةٍ مُعيَّنة وهى أن المجاز بذاته حتى على مُستوى اللفظ – إن جاز يجوز، عبر يعبر، تعدى – يُشكِّل ويُمثِّل طوقاً إلى الماوراء، ومن هنا يُؤثِّر فينا المجاز، لكن لماذا كان المجاز كذلك؟!
ما سر طوقان المجاز إلى أن يعبر؟!

لماذا يعبرالمجاز؟!

لماذا لا يستقر ويكتفي بالعالم ويراه كما يراه الملاحدة والماديون منظومة مُغلَقة مُكتفية بذاتها فلا حاجة إلى أن نتجاوزها ولا حاجة إلى أن نعبرها، وبالتالي نرى العالم من خلال هذا العبور مُجرَّد آية من آيات الله تبارك وتعالى، أي البرهان الآيوي، وبحسب الكتاب الكريم – القرآن العظيم – العالم وكل ما في العالم مُجرَّد آيات عن الله، ومن هنا أتى إسم العالم من العَلم والعلامة فهو بحد ذاته علامة ودلالة على مُوجِده – لا إله إلا هو – وكل ما فيه عبارة عن دلالات وعلامات وآيات، هذه هى البراهين الآيوية، ولكن هل تعرفون لم كان الأمر على هذا النحو؟!

هذه الغاية يبدو أنها تنبني وتنهض على شيئ تحتها لابد أن نقف عنده وأن نُطيل الوقوف، هذا الشيئ هو ما يُجلِّيه لنا المجاز أيضاً من وحدة العالم، فلكي تتجاوز العالم عليك في البداية أن تشهد وحدته، لأنك إذا فشلت وأخفقت أن تشهده واحداً في جوهره وفي روحه فسيكون من المُستحيل أن تتجاوزه، فهو في هذه الحالة عالم مُشتَّت، عالم شتيت، عالم مُتناشِز مُتقابِل، مُتعارِض، مُتناقِض، مُتضاد، مُفرَّق، مُشعَّع، فلماذا إذن تتجاوزه؟!
أما حين يكون واحداً ويدل على الواحد، أي ما يعرفه العرفاء والأولياء والفلاسفة الكبار المُوحِّدون المُؤلِّهون – مُؤلِّهة الفلاسفة – بوحدة الشهود، فوحدة المصنوع تدل قطعاً على وحدة الصانع، على أن ثمة صانعاً وهذا الصانع لا يُمكِن ألا أن يكون واحداً، فالبصمة واحدة والروح واحدة والجوهر واحد والمنطق واحد والنمط واحد، ولكن كيف هذا؟!

دعونا الآن من الفلسفة ومن الفيزياء، نحن الآن نتحدَّث عن اللغة، فيبدو أن اللغة شأنها أخطر بكثير من أن يكون تلاعباً بالألفاظ وصف وتركيب وهدم، اللغة شأنها أكبر من هذا بكثير، ومن هنا تلك المسحة وذلكم الطابع القدسي الذي يُحيط باللغة فهى أشبه بشيئ ميتافيزيقي، ففيها جانب بلا شك مُقدَّس وفيها جانب ميتافيزيقي، الله يقول الرَّحْمَنُ ۩ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ۩ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ۩ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ۩ فالمسألة ليست مُجرَّد سعي ومشغلة اعتباطية عشوائية كما يقول علماء فقه وفلسفة اللغة فتأخذ ما شئت من الألفظ ثم تضعه بعد ذلك على ما شئت من المعاني والمفاهيم والأشياء وانتهى الأمر، هذا غير صحيح لأن المسألة تتجاوز هذا بمراحل كثيرة، ولكن كيف؟!

المجاز يلذ لنا، يشوقنا، يُنعِشنا، يُطرِبنا، يُحزِننا، يُبكِنا أيضاً، تقشعر منه أبداننا، فيلذ لنا أن نخلع وأن نُسقِط ما للحي على غير الحي لأن هذا يخدم مركزية الإنسان طبعاً، فالإنسان يرى نفسه مركز هذا الوجود وأشرف ما في الوجود وأعلى ما في الوجود، لذلك إذا تكرَّم وتنازل وتواضع فخلع بعض ما له على الجمادات أو على النباتات أو على الحيوانات يشعر بشعور التفوق، لأن هذا يُغذي فيه الأنانية والهيمنة، فيقول أنا هو الذي فوق لأن هو الذي يُعطي، واليد العُليا خيرٌ من اليد والسُفلى.

لكن بالله ولله دركم لم أيضاً يلذ لنا، يلذنا ويشوقنا بالقدر ذاته تقريباً – بالقدر ذاته – أن نخلع ما للميت أو ما للجماد على الإنسان، على الحي العاقل ومن ثم تقشعر أبداننا من هذا ونحن نُحِب هذا؟!

إليكم بعض المجازات عن العمر- مثلاً – حيث يقولون عن عمر الإنسان وسني حياته “اهترأت سنوات عمره”، ونحن نُحِب هذا التعبير لأن هذا التعبير أدبي راقٍ وليس تعبيراً مُعجَمياً، ومن ثم لن تجدوا أكثر هذه التعبيرات في المعاجم المُختلِفة مثل معاجم الفيروزآبادي وابن منظور والأزهري وأمثال هؤلاء، ومن المُمكِن أن تجدوا جُملة طائلة منها في أساس البلاغة للزمخشري لكن المسموع منها عن العرب فقط، أما المجازات فهى عالم مُنفتِح ولا ينغلق ومن ثم يهتم بها كل واحد منا، فأهتم بها أنا وأنت فضلاً طبعاً عن الأدباء الكبار والشعراء العظام والروائيين والقصاصين فهؤلاء هم أصحاب هذه الصنعة، ومن ثم لا تنتهي ولا تتناهى ولا تفنى المجازات والصور التي يُخلِّقونها ويُبدعونها باستمرار، إذن هذه المسألة ليست مُعجَمية ولا تُتعلَّم من المُعجَم على كل حال ولا تُتعلَّم أيضاً بالتقليد والحفظ أبداً، ولكن تُتعلَّم بماذا؟!

بتأمل الحياة، بعيش الحياة، بمُلامَستها في أعماقها لا  في السطوح، ومن ثم علينا أن ننتبه إلى أن هذا يُمثِّل نصف الإبداع، أما النصف الآخر من الإبداع – وهو الأبدع – هو خلق أطر جديدة ومناظير جديدة وحيوات جديدة وسياقات جديدة، أحياناً تكون خيالية وتخيلية، أحياناً تكون فنتازيا – Fantasy – وجنون، لكن هذا هو الإبداع أو بالأحرى النصف الآخر من الإبداع وهو الألصق بجوهر الإبداع، فهل ترون الذي يفشل ويعجز عن أن يُلامِس في حدود تجريباتية المعيشة بعض الأعماق وأن يلتفت إلى ما ينبغي أن يُلتفَت إليه يُمكِن أن يتعدى إلى ضفة الإبداع بالمعنى الجوهري في الإبداع، أي الخلق؟!

مُستحيل، هذا بعيد جداً جداً.

ربما سمعتموني أكثر من مرة أُحدِثكم عن دوستويفسكي  Dostojewski‏، فكم هو عملاق وهائل؟!

لكن جربوا أن يذهب كلٌ منكم ويقرأ دوستويفسكي  Dostojewski‏ .

أنا مُتأكِد  بغير مثنوية أن منكم مَن سيقول – لن أقول أكثركم حتى لا أكون مُتبجِحاً ولكن منكم من سيكون هكذا – ما هذا الروائي التافه الذي لم أكد أستسغ منه شيئاً فهو يقضي صفحتين وثلاثاً وعشر وعشرين صفحة يُحلِّل شيئاً بسيطاً جداً مثل لمحة أو قسمة تافهة في شخصية ما؟!

ما هذا؟!

طبعاً نحن نُريد حكايات من باب حكايات جدتي، حكايات ما قبل النوم وهى حكايات بسيطة واحدية مُسطَّحة تليق بالأطفال، أما دوستويفسكي  Dostojewski‏ فشأنه مُختلِف ومن هنا كان الأعظم، تقرأ لأحد النقاد الإنجليز العظام وهو صاحب أركان القصة  فتجده يقول “حين نُقارِن أعظم أدبائنا – مثل برونتي Brontë ومثل ديكنز Dickens وأمثال هؤلاء، هذا يستحيل أن يحدث، ولذلك قال العارفون – وجعلوه حديثاً – قديماً “مَن عرف نفسه عرف ربه”، لكن مَن لم يعرف نفسه لا يعرف شيئاً ومن ثم مُستحيل أن يعرف الله، هذا يلوك إسم الل ولكن لا يُقارَن بالروسي، ومن هنا يقول هذا الناقد العظيم “هؤلاء الروس مثل دوستويفسكي  Dostojewski‏  وتشيخوف Chekhov وتولستوي Tolstoy وهوجو Hugo بمثابة بُناة قصور، حيث أن بإمكان الواحد منهم أن يبني لك قصراً مشيداً هائلاً، أما نحن فنبني أكواخاً وبيوتاً عادية بسيطة جداً لأننا لا نستطيع أن نفعل مثلهم”، وهذا الإنجليزي يعترف بهذا فكيف بالعرب المساكين؟!

نحن مساكين وفقراء جداً، نحن من أكثر الأمم تأخّراً في كتابة الرواية أصلاً، فأول رواية شهدها الفضاء الثقافي العربي هى رواية زينب لمحمد حسن هيكل – رحمة الله عليه – صاحب كتاب حياة محمد  – مُلاحظة الكاتب المقصود ليس محمد حسنين وإنما محمد حسين الأديب والمُفكِّر المصري الكبير – أيام العقاد وطه حسين والمازني والرافعي، فرواية زينب لمحمد حسين هيكل هى أول رواية عربية بمعنى الرواية وليس بمعنى القصة أو الحكاية مثل حكايات ألف ليلة وليلة، بل رواية – Novel – بمعنى الرواية، إذن نحن مُت8اوَلة فقد أُصيب وقد أخطيء لأنني بشر نسبي، إذن لا تقل لي أن هذا هورأ لناقد سعودي مشهور لا يعترف بالرواية السعودية على الرغم من أن السعودية فيها الآن عدد – ما شاء الله – لا بأس به من الأدباء الذين يكتبون الروايات حقيقةً، لكن هذا الناقد لا يعترف بالرواية السعودية ويقول ” لا يُوجَد رواية سعودية” علماً بأنه قد يكون مُتحيفاً بلا شك، لكن على كل حال الرواية السعودية ليست كالروايات الموجودة في الأدب العالمي.

الذي يقروأن الأدب العالمي ويتذوقونه عليهم أن يدخلوا هذا التحدي ويُحاوِلوا أن يقرأوا لدوستويفسكي  Dostojewski‏ على الرغم من أن كثير منكم أو بعضكم لن يستسيغه في البداية وسيقول إنه يُعذِّبني بهذه الصفحات فهو يُحلِّل شيئاً بسيطاً في ثلاثين صفحة، ما هذا الهم والعذاب؟!

ولكن هذا من عظمته لأنه يلفتك إلى ما ينبغي أن تلتفت إليه، إلى ما تعودته ودأبت أن تعمى عنه وتصم، وبالمُناسَبة لدي تساؤل: ما الفارق بين مثل هذا الأديب العظيم وبينك وبيني أو بينها وبيني؟!

هو عاش كما نعيش، وأكيد عاش تجارب يشترك فيها معنا فمُشترَكات الحياة كثيرة، فلماذا أفلح أن يكون هو ونحن لا نُفلِح أن نكون أي شيئ، نحن لا نستطيع أن نفهم حتى أنفسنا فضلاً عن أن نفهم الآخرين؟!

وبالمُناسَبة نحن لم نتعلَّم ولم نتمهَّر أو نتمرَّس في فهم ذواتنا ومن ثم هذا سبب من أسباب هذه الثقافة والعقلية والمزاج الإقصائي العنيف الإرهابي القاتل المُجرِم الذي يشيع بيننا الآن، وهذا شيئ مُخيف ومُرعِب لأن مَن لم يفهم ذاته أو مَن لم يفهم نفسه مُستحيل أن يفهم الآخرين ومُستحيل أن يتواصل مع الله، هذا يستحيل أن يحدث، ولذلك قال العارفون – وجعلوه حديثاً – قديماً “مَن عرف نفسه عرف ربه”، لكن مَن لم يعرف نفسه لا يعرف شيئاً ومن ثم مُستحيل أن يعرف الله، هذا يلوك إسم الله فقط يقول “الله والله والله” وبإسم الله يذبح ويقتل ويأكل أموال الناس ويهتك أعراضهم وهو مرتاح الضمير أيضاً لأنه الضمير ميت، وهذه هى المُشكِلة أو جزء وركن وجانب كبير مُهِم وخطير من المُشكِلة، ففهم الإنسان ليست عملية بسيطة وإنما مُعقَّدة جداً ولكنها ميسورة في نفس الوقت، وسأحل هذه المُفارَقة طبعاً، فكيف هذا؟!

لأنني حين أُريد أن أفهم الإنسان الآخر وهو أخي الإنسان أنطلق من ذاتي، فأنا لدي ذاتي ولدي كل مُقوِّمات التجربة ومن ثم أُحاوِل أولاً أن أفهم نفسي، فإذا فهمت نفسي سأبدأ في فهم الآخرين، علماً بأنه ليس شرط أن يكون فهمي للآخرين عكساً لنفسي – إطلاقاً مش شرط – ومن هنا هذا الحجم الفائض في الدماغ الإنساني، فنحن لدينا دماغ حوالي ألف وأربعمائة مللي ليتر، أي ألف وأربعمائة جرام وهذا أزيد بكثير – كما قلت أكثر من مرة – من حاجاتنا للعيش والنجاة والبقاء، أي الـ Survival.

ولذلك أنا لم أقتنع بتلك التجربة – لعلي ذكرت هذا مرة في خطبة قريبة – السيكولوجية المشهورة المُتعلِّقة بالجنازة وما إلى هنالك، فهم يقولون لك الآن احدس لماذا كانت البطلة تذهب إلى المقبرة، فإن حدست بالجواب الفلاني قطعاً أنت مريض نفسياً  وأنت Psychopath، وهذا غير صحيح وأنا أختلف مع هذا بل أن هناك تجارب نفسية أخرى أثبتت أنه هذا غير صحيح أيضاً وهى تجارب لعلماء نفس مشاهير، لأن يُمكِن أن أحدس بنفسية المُجرِم تماماً وأعرف كيف يُفكِّر دون أن يكون لدي أي نزوع إجرامي حقيقي، ولكن كيف؟!

عن طريق الدماغ، فأنا دماغي كبير لأنني إنسان ولست صرصاراً أو فأراً أو جُـرَذاً، والإنسان مُزوَّد بذكاء أكثر بكثير من مثل هذه المخلوقات، وهنا مأزق التطوريين الماديين الملاحدة على خلفية التطور العضوي، هذا مأزق كبير لهم لأن أنا كإنسان لدي دماغ ولدي ذكاء يُمكِّنني من أن أتخيَّل وأتصوَّر وأتقمَّص حالات لا علاقة لي بها لكنني أستطيع أن أفعل هذا بناءً على ما لدي من لبنات بسيط وهذا شيئ عجيب، ومن ثم أستطيع أن أخوض تجارب لن يُتاح لي في حياتي أن أخوضها أصلاً على مُستوى الواقع المعيش – لن تُتاح لي إطلاقاً – ولكنني سأخوضها تخيلياً، فالإنسان مُؤهَل أن يعرف ربه – لا إله إلا هو – ومن ثم هل لا يستطيع أن يعرف كيف يُفكِّر المُجرِم والشاذ والمُلتاث والخائن والداعر والصالح والطالح وما إلى هنالك؟!

يستطيع، ولكن متى؟!

حين يتمهَّر ويتمرَّس – كما قلنا – بالغوص في أعماقه، بالغوص في أعمق أعماق نفسه، وهذا يحتاج إلى التمهر ويحتاج إلى فلسفة في الحياة عميقة.

وبالمُناسَبة أنا آسى – والله العظيم – علينا – وأنا منكم – نحن العرب – للأسف – بالذات، ولا أستطيع أن أقول آسي على المسلمين وإنما على العرب لأن حتى المسلمون الأعاجم بالذات لديهم عمق أكثر منا وهذا واضح في أشعارهم العرفانية وفي أدائهم الفلسفي فهم أعمق منا، فالعرب إلى الآن – للأسف الشديد – واضح أنهم هم الأكثر سطحية، ومن ثم علينا أن نُفارِق هذه السطحية وعلينا أن نُنشيء ثقافة مُختلِفة لأن الثقافة التي نتلقاها – للأسف الشديد – سطحية إلى حدٍ مُؤذٍ، وخاصة الثقافة المنبرية أو الدينية فهى سطحية إلى حد مؤذٍ جداً لأنها لا تتناسب لا مع العصر ولا مع أشواق الإنسان الحقيقية ولا مع التحديات التي أكلت الأمة ودمَّرتها ومن ثم فجعلتها أكواماً من الركام الآن وتجعلها لا تزال، وبالتالي علينا أن نُفارِق هذا!

إذن مُهِمة فهم الإنسان ليست بتلكم المُهِمة السهلة بل هى مُعقَّدة جداً إلا أنها ميسورة، لأنني حين أشتغل على هذه المُهِمة أنطلق أيضاً – كما قلت لكم – من خبرتي كإنسان، فأنا لدي ما أشتغل عليه، لكن لماذا هى صعبة؟!

كيف يُمكِن أن نُثبِت هذا؟!

القضايا المادية أو القضايا الميكانيكية مُعقَّدة جداً، فلو أخذت أي جهاز أو أي آلة أو أي مُخترَع كسيارة أو طيارة أو صاروخ  ستجده مُعقَّد جداً جداً جداً، وأحياناً هناك تفصيلات في مُنتهى الخفاء واللطافة والدقة تُؤثِّر على عمل كل هذا الجهازا لضخم الذي يحتوي أحياناً – مثلاً – على أكثر من ثلاثين مليون قطعة، وطبعاً الأشياء الإلكترونية أكثر من هذا بكثير ولكن أنا أتحدث عن الأجهزة الميكانيكية الكبيرة هذه، فإذا فسدت قطعة واحدة يفسد كل شيئ حيث أن هناك عقل هندسي جبار طبعاً أنشأ هذا ويعمل عليه، وهذه الأشياء الدقيقة جداً ليست بالمللي بل بأقل من هذا بكثير، فقد تكون بالنانو أحياناً، فإذا كان هذا هو الشيئ المادي إذن كيف يُمكِن أن نفهم الإنسان وهو عالم حي مواّر مُتدفِق سيّال مُتفاعِل – Interactive – ومن ثم هوعالم عجيب من الإبداع؟!

إذن فهمه ليس مُهِمة سهلة لكنها – كما قلت لكم – يسيرة لأنني أنطلق كإنسان في فهم الإنسان، أما حين أنطلق كإنسان في فهم الآلة وفي فهم المادة ستتحداني صعوبات جمة، وهذه الصعوبات لكي يتم تفكيكها وتجاوزها تحتاج إلى عباقرة كبار أفذاذ كعباقرة الكيمياء والفيزياء وهذه العلوم المادية، لكن في فهم الإنسان نحتاج إلى عبقرية الخبرة وعبقرية التأمل الدائب والدائم الذي لا يتوقف.
حين تقرأ الرواية للعظماء من الروائيين وتبدأ تتذوق – كما يُقال – هذا النوع ومن ثم تفهم – وليس مُجرَّد قراءة على عجل لرواية تنتهي بانتصار البطل أو موت البطل لأن حكايا العجائز انتهت – فأنت الآن أمام مُحاوَلة لاكتشاف نفسك من خلال هذا العالم، ومن ثم سوف تستغرب كثيراً جداً وتتساءل: من أين لهؤلاء القدرة على أن يلتفتوا إلى كل هذه التفصيلات الدقيقة المُضحِكة المُحزِنة المُعجِبة الغريبة الغامضة المُلتبِسة التي الآن أنا ألتفت إليها وأدركتها؟!

كم جميل لحظة الاكتشاف هذه؟!
كم جميل أن نكتشف هذا، أن نقف عليه وأن نقع عليه؟!

لماذا لم نفعل نحن مثلهم؟!

لأننا لم نتعوَّد، لم نلتفت ولم نُلفَت إلى هذا، لم نقرأ الرواية، ومن هنا أقول لكم اقرأو واقرأوا واقرأوا حتى تُعمِقوا هذا الجانب الإنساني فيكم.

ونعود إلى موضوعنا الرئيس حيث يُقال مجازاً عن عمر الإنسان وسني حياته “اهترأت سنوات عمره”، وهذا تعبير جميل لأن الاهتراء يكون للقميص أو للبدلة أو للجاكيت أو للبطارية، ولكن تم استخدام لفظة الاهتراء مع عمر الإنسان فقيل عن السنوات أنها اهترأت، وهذه السنوات هى شيئ يخصني كإنسان ومن هنا أتى المجاز لأننا أسقطنا ما يخص المادي الجامد على ما يتعلق بالحي فقلنا”اهترأت سنوات عمري”.

المرحوم عبد الرحمن الأبنودي يقول “والأطفال خلعت أعمارها في الحارة الفلسطينية”، أقشعر بدني من هذا التعبير، وكلما سمعت هذا  أبكي، فما معنى خلعت أعمارها؟!

طبعاً الطفل في الحارة الفلسطينية كف عن أن يكون طفلاً، صار مارداً عملاقاً يتحدى مردة الاحتلال ومردة الظلم والطغيان والعنصرية، وأنتم ترون هذا يومياً لكن الأبنودي من قديم – أعتقد من انتفاضة الأقصى في سنة ألفين – قال “والأطفال خلعت أعمارها”، يا سلام على هذا التعبير، وهل العمر يُخلَع؟!

هل هو لباس لكي يُلبَس ويُخلَع؟!

شيئ لا يُصدَّق، هذا هو الشعر وهذه هى عظمة الشاعر وعظمة الصور، ولكن علينا أن ننتبه إلى أننا أبدننا تقشعر ويقف شعر رؤوسنا حين نسمع هذا وفيه إسقاطٌ وخلعٌ لشيئ مادي على ما للحي العاقل، فما الحكاية والقصة إذن؟!

البعض يقول “سقطت سنوات عمري”، وللإمام أحمد طريقة بعيدة عن روح الأدب قليلاً ولكنها عميقة وذلك حين سُئل عن عمره فقال “والله ما أدري، أتأمل في حياتي فكأنه إناءٌ كان بيدي فسقط مني”، وهناك مَن يقول “فرت سنوات عمري ومرقت”، علماً بأن “مرق” لفظة فصيحة ولفظة عامية فيُقال – مثلاً -عن أحدهم أنه مرق من أمام الدار أو مرق من أمام الباب أو الأبواب، ويُقال أيضاً “مرق عمري من بين يدي على حين غفلة مني” فيُصوِّر العمر هنا كأنه كائن فيه حيوية ويمرق بسرعة ويهرب، ويُقال أيضاً عن العمر أنه يتسرَّب “تسربت أيامي كالماء الآن” حيث يُشبَّه بالماء المادي هنا، فما الحكاية إذن؟!

لماذا يُعجِبنا هذا؟!

وطبعاً الأمثلة كثيرة وكثيرة جداً، وفي الجهة المُقابِلة – كما قلت – هذا مُقرَّر، فيُقال “أرضٌ جافة عذبها العطش”، ونحن نُحِب هذا التعبير طبعاً حيث تُصوَّر الأرض على أن تحس وتتعذَّب، فنحن حين نقول “عذبها العطش” نُسقِط ما للحي على على ما ليس بحي.

هناك ثمة سؤال لابد أن أطرحه هنا على خلفية قرآنية وخاصة على خلفية الآيات التي قرأتها ومثلها كثير في كتاب الله – عز وجل – ولكن قبل ذلك أنتهز هذه الفرصة لكي أقول – وهذا يصلح أن يكون موضوع خطبة بحياله وبرأسه – أنه ينبغي علينا أن نكف عن أن نختطف النص الإلهي ونختطف الدين، ولكن أعني مَن بنحن؟!

مَن يتكلمون بإسم الدين من العلماء والمشائخ والخطباء، كفوا عن هذا لأنه يجب علينا أن نكف عن أن نتكلم بإسم الدين فيجب أن نكون صادقين لا زائفين مُزيِّفين، ومن ثم كفى كذباً، يجب أن نفهم ونُفهِم الناس أن كل ما يتعارك وكل ما يتصارع ليس الدين وإنما خطابات حول الدين وخطابات حول النص الديني، أي ما تقوله أنت وما يقوله هو وهى وأنا ونحن وهم، وهذه كلها مُجرَّد فهوم وخطابات حول النص، فلا أحد يستطيع أن يأتي ويقول “هذا هو النص في صفائه” لأن هذا كذب، فالنص في صفائه هكذا صامت كما قال الإمام عليّ  – عليه السلام وكرَّم الله وجه – أن القرآن هو كتابٌ ساكت أو صامت بين دفتين”، هذا مُجرَّد سطرٌ لا يتكلَّم ولكن بمُجرَّد أن تفتحه وتتلوه وتقرأه مُباشَرةً تتسلط عليه بخلفيتك وبموسوعتك المعرفية وبالمفاهيم التي لديك، ومن ثم خُطبة اليوم هذه كلها هى نوع أيضاً من التسلط على بعض الآيات بخلفية لدي، هى مُجرَّد مُحاوَلة فقد أُصيب وقد أخطيء لأنني بشر نسبي، إذن لا تقل لي أن هذا هو خالص الدين لأن هذا تبجح كبير وهائل أن تتكلَّم بلغة خالص الدين فهذا غير صحيح، حتى لو أنك سلطت الحاسوب على كتاب الله – تبارك وتعالى – وأحاديث المُصطفى – عليه الصلاة وأفضل السلام وآله – ببرنامج حاسوبي – مثلاً – اصطنعته للتعاطي مع موضوعة السلام والقتال في كتاب الله ففي نهاية المطاف حتى هذا البرنامج سيكون خطاباً أو سيعكس خطاباً ما أو مُقارَبة بشرية نسبية فيها أهواء البشر وفيها مُسلَماتهم ومقبولاتهم ومرفوضاتهم حتى وإن قلت لي أن هذه العملية استقرائية وصفية إحصائية ليس فيها أزيد من هذا، وسأُثبِت لك هذا ولكن كيف؟!

مثلاً : هذا البرنامج الحاسوبي سيُحصي لنا كل الآيات التي وردت فيها مُشتقات (قَتَلَ) مثل”قَتَلَ، يُقاتِل، قَاتَلوا، قَاتِلوا، يُقاتِلُ، فليُقاتِل” وهكذا، أي كل ما له علاقة بها، وأيضاً الحال نفسه مع (حَرَبَ) وكل ما له علاقة بالحرب، مثل قوله لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ۩ وإلى آخره، وفي مُقابِل سيُحصي البرنامج مُشتقات (سَلَمَ وسَلِمَ) كسَلَمَ وسلامُ وكل ما له علاقة بالسلام، سوف تجد أن هذا العمل لن يكون عملاً موضوعياً كما قد تظن، فهل تعرف لماذا؟!

الحاسوب سيقول لك أن هذه تواردت في كذا وكذا مائة مرة وهذا تواردت في كذا وكذا مائة مرة – مثلاً – أو هذه ربما عشرة أو عشرات وهذه مئات – مثلاً القتال ورد عشرات المرات والسلام ورد مئات المرات – فلا بأس وهذا لا يكفي لأن هذا يُمكِن لديك أنت – مثلاً – أن يخدم قضية القتال والحرب والعدوان وليس السلام لأنك ضمن مقبولاتك تُسلِّط مفهوم النسخ على على آيات السلام كلها وتقول آيات القتال في سورة التوبة – وهى من أواخر السور نزولاً – ناسخة لكل ما قبها – يا ما شاء الله – فإحصائياً هو هكذا وهذه هى النتيجة التي انتهينا إليها، فتكون تماماً جعلت كتاب الله وأقمته مقام  مَن يُحسِن إلى أحد الناس عشر مرات ثم يُسدَّد له رصاصة في رأسه كما لو كان عملاً عظيماً، فهكذا سيكون منظورك وفهمك للقرآن، إذن هذا الشيئ الصعب فلا يستطيع أحد أن يقول أن هذا هو النص في نقائه وفي طهوريته وفي بكوريته كما هو، لكن الصحيح أن النص كما هو وهو الصامت ولكن بمُجرَّد أن تنطق به أصبح مُلوَثاً مشوباً ممزوجاً ومُختلِطاً بأفكارك ومُسبَقاتك وفرضياتك ومُسلَماتك وأهوائك ونزعاتك وإرادتك كالإرادة المعرفية، هو هكذا الأمر ومن ثم هذه ليست نصوص وإنما خطابات، فلنكن صادقين ولنُفهِم الناس أنها خطابات تتصارع، لكن الناس الآن مساكين ولا يجدون مَن يُفهِمهم فكل يدأب في عمله على معيشته ليرم معاشه كما يُقال، فما علاقته بهاته الأشياء؟!

علينا أن ننتبه إلى أننا يجب أن نُرشِد الناس إلى أن هناك معياراً يُمكِن أن تُعيِّر به تُقارِن وتُوازِن بين هذه الخطابات، فما هو؟!

من ثمارهم تعرفونهم كما قال السيد المسيح، هناك خطابات وهناك مفاهيم وهناك نظريات وهناك مُقارَبات – ما شاء الله – نعرف كيف انتهت بنا وإلى أين انتهت بنا، ومن ثم على الناس أن يفهموا هذا، فهل يُحِبون أن تستمر هذه الخطابات وهذه الفهوم وهذه اللغة؟!

أنا اليوم ذكرت عرضاً الأبنودي حين قال “الأطفال خلعت أعمارها في الحارة الفلسطينية”، لكن قبل يومين أحد أحبابي يبعث لي قصيدة الأبنودي المشهورة  في مدح عبد الناصر “تناتيش” – رحمة الله على عبد الناصر والأبنودي وجميع موتى المسلمين والمسلمات – التي ينفي في بدايتها أن يكون ناصرياً فلم يحدث هذا في يوم وبالذات في حينه وفي زمانه ولكن يعود ويقول “العفن وفساد الأوم – أي القوم – نساني حتى زنازينه” أي سجون عبد الناصر، فواضح أنها قصيدة – تناتيش – في البكاء على عهد من عهود الاستبداد، فهو يبكي ويقول أن زنازينه فيها ظلم لكننا الآن نبكي عليه، مثلما يُنسَب إلى الإمام عليّ – إن صح هذا – أنه قال:

رُبَّ يومٍ بكيتُ منهُ فلما                                 صرتُ في غيره بكيتُ عليه

هو هكذا، وهذا أيضاً بحد ذاته ينبغي أن يكون موضوع مُحاضَرات وخُطب كثيرة  يتناولها الآخرون ليُسهِموا فيها، ولكن كيف انتهينا إلى حالة نبكي فيها على الاستبداد وأيام الزنازين والسجون؟!

واضح طبعاً أن السب هو لأننا صرنا في حالة أسوأ وأردأ منها بمراحل، فعلى الأقل كان يُوجَد مع الزنازين والاستبداد استقرار وقليل من الإنتاج والإنجاز بلا شك، فضلاً عن وجود عزة ونوع من الوحدة ونوع من ضمير المجموع، وهذا ما ذكره الأبنودي في قصيدته، لكن الآن كل شيئ يضيع كل شيئ يتلاشى وهذا شيئ مُخيف، فأصبحنا أمة يأكل بعضها بعضاً بل وحريص بعضها على أن يأكل بعضاً ويقضم بعضاً، وهذا لا يهمنا لأن هذا الكلام نعيشه فلا حاجة لوصفه كما أن كلام الأبنودي غير كافٍ وكذلك استدعاء بيت الإمام عليّ – رُبَّ يومٍ بكيتُ منهُ فلما    صرتُ في غيره بكيتُ عليه – غير كافٍ بالمرة فلابد أن نتجاوز هذا لمُحاوِلة الفهم والتحليل، لماذا؟!

ما الذي دهانا؟!

من أين أُوتينا؟!

ما سر هذا الخبال الذي نحن فيه؟!

أنا أقترح مبدئياً – وهذا السؤال كبير لابد أن تتعاوره أدمغة كبار مُفكِّري هذه الأمة ، أو المُفكِّرين العظام في هذه الأمة – أن السبب وراء هذا أننا بفعل الزنازين – فعلاً – وبفعل الظلم وبفعل كبت الحريات ومُصادَرة الحقوق – نعيش هذا من عقود للأسف الشديد – كانت ردة فعلنا عاجزة فاشلة ومن ثم فشلت في أن تعمل على بلورة مزاج وعقلية وروحية وخطاب أو خطابات تعايش وتسامح وحريات وحقوق، بل قضينا الفترة تقريباً السابقة كلها إلا قليلاً للإنصاف في بناء خطاب ثأري انتقامي دمغي يُحِب فقط أن يدين ويدمغ الحقب الماضية وأن يُثبِت أنها مدموغة وأنه لابد من إدانتها وأنه وأنه فيبدأ يلعن هذه الحقبة بكل رموزها، وقد فعلنا هذا – ما شاء الله – بتجويد عظيم وأصبح هذا الخطاب مملوءاً بإرادة الثأر ومهجوساً بهاجس العنف، وهذا واضح فالعنف إن لم يكن جهيراً فهو ضمنيٌ ومُضمَّن، إذن هذا هو الخطاب في معالمه العامة، وفي فترة مُعيَّنة هذا الخطاب وجد فرصته فانفجر وتجلى، علماً بأن نفس الأوضاع القديمة التي بنت هذا الخطاب هى ذاتها التي نسلت ونُسِلَت منها أوضاع جديدة – والعياذ بالله – أبأس منها، فهناك طبعاً اضطهاد يُمارَس ضد الشعوب والجماعات والطوائف فضلاً عن قتل الناس على خلفيات طائفية وغيرها من قبل بعض الحكومات – تعرفون ماذا أقصد لأنني لا أُحِب أن أدخل بطريقة واضحة في السياسة – فمتى سنفهم أنه لا حل إلا في ثقافة ووصفة – Recipe – واحدة وهى التعايش والتسامح؟!

يجب أن نفهم هذا، لأن ثقافة التنافي والإقصاء والاستقواء بالآخر – الآخر الإقليمي والآخر العالمي – على الأخ وابن الوطن وجاري في الوطن بإسم كذا من التبريرات والديبجات الأيدولوجية الدينية وغير الدينية سينتهي بنا إلى ما ينتهي به الآن، والله العظيم – أقسم بالله على هذا – هذه وصفة إلى الفناء الكامل، فمتى سنفهم هذا؟!

لأ أدري، وطبعاً أنا فاهم لماذا لا نفهم هذا، لأن واضح – كما قلت لكم – أن هناك ثقافة مُسطَّحة وشعوب مُسطَّحة وخطاب مُسطَّح، فلا يُحِبون العمق ولا يُحِبون التأمل ولا يُحِبون الفهم العميق ولا يُحِبون من ينصح بل يكرهون الناصحين ويلعنون الناصحين، فمَن نصح لهم : يلعنونه ويلصقون به كل تُهمة طبعاً، وهذا شيئ عجيب!

على كل حال نعود إلى موضوعنا الرئيس، إذن المجاز يفعل هذا ، وحين يفعله يلذنا – كما قلت – ويشوقنا  فيُؤثِّر فينا جداً ويلمس أعماق أعماق أرواحنا لأنه يُشعِرنا بوحدة العالم، لكن كيف تشعر أنت بوحدة العالم؟!

لماذا شعرت بها حين أسقطت ما للحي على الجماد وما للجماد على الحي ومن ثم تأثرت وبكيت واقشعر بدنك وطربت روحك؟!

لماذا فعلت هذا؟!

هل تعرفون لماذا؟!

لأن هذه الروح بطبيعتها مُؤهَّلة ولائقة ومرصودة لإدراك هذه الحقائق الميتافيزيقية العظيمة، لإدراك وحدة العالم، ولكن ماذا يفعل النص الديني؟!

خطابي هذا هو أحد الخطابات التي تُحاوِل أن تقرأ كتاب الله – تبارك وتعالى – كمُقارَبة مُمكِنة جداً، فماذا يفعل كتاب الله حين يقول أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ  ۩ ؟!

إذن دخلت الطير في في كل هذه، ثم يُكمِل الله قائلاً كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ۩ وهذا شيئ عجيب، فهل الطير تعلم؟!

قد يقول أحدهم أن هذا مجاز، لكن علينا أن ننتبه إلى أن أن قضية فصل وتمييز المجاز من الحقيقة يبدو أنها قضية أعقد وأصعب بكثير مما ظن اللغويون والبلاغيون، فمَن قال لك أن هذا مجاز؟!

لماذا لا يكون هذا حقيقة؟!

لماذا لا يكون الطير فعلاً لديها علمٌ بواجبها التمجيدي الثنائي التسبيحي لله؟!

علماً بأن هذه الآيات كانت من سورة النور، لكن قبلها في سورة الحج الله يقول أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ ۩، ففي آية سورة النور كان الحديث عن التسبيح أما هنا عن السجود، فضلاً عن الله تحدَّث عن هذا في مواضع أُخرى مثل قوله – تبارك وتعالى – في سورة الإسراء تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ

إذن لا تقل لي أن المقصود العاقل لأن مَن للعاقل، فهذا غير صحيح لأن بعدها قال

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ۩فدخل فيها كل شيئ، دخل فيها كل ما ذرأ وخلق وبرأ الله تبارك وتعالى – إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ۩، إذن الله يتحدَّث عن التسبيح والسجود من قِبَل كل كل الكائنات، وهو ما قاله في مواضع عدة مثل سورة الحج حيث قال أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ  وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩، وقال أيضاً في سورة الرحمن الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ۩ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ۩، علماً بأن وَالنَّجْمُ ۩ تعني النبات الذي لا ساق له مثل الأعشاب والحشائش، فهذه يُقال لها النجوم، إذن هذا هو النجم أما قوله وَالشَّجَرُ ۩ فالمقصود به النبات الذي له جذع  وساق، فهذا هو المعنى الأصح طبعاً للنجم وقد يكون المقصود هو نجم السماء ولكن هذا ضعيف، علماً بأن نجم السماء داخل في سورة الحج في قوله وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ ۩ لكن في آية سورة الرحمن هنا – وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ ۩ – المقصود بالنجم الحشائش وما إلى هنالك ويدخل فيها ربما حتى الطحالب، أما الأشجار فالمقصود بها النباتات التي لها جذوع وسيقان، فالله تحدَّث عن هذا كله قائلاً يَسْجُدَانِ ۩، إذنهى تسجد وهى تُسبِّح وهى تعلم لأنه قال كُلٌّ قَدْ عَلِمَ ۩، فمن أين لك أن هذا مجاز؟!

لماذا لا يكون حقيقة؟!

وحين يكون مجازاً فلا بأس ولكن ما سر التعبير بهذا المجاز؟!

لماذا يُخبِرنا الله – لا إله إلا هو – في عليائه أن هذه المخلوقات، هذه الطيور وهى تصف أجنحتها وتقف في الهواء – في سورة الملك قال وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ۩ أنها تُسبِّح بحمد الله وتعلم صلاتها وتسبيحها؟!

ما معنى هذا؟!

معنى هذا أنك أيها الإنسان لست المُتفرِّد فقط بإدراك الألوهية وتمجيدها وتقديسها والثناء عليها والتعبد في محرابها، بالعكس أنت شريكٌ للملك، شريكٌ للملكوت كله في هذا الطريق، في هذا المشوار، في هذا التقديس، هذا هو إذن ومن ثم إن لم تفعل كنت أنت الشاذ الذي يُعارِض روح الكون، ولذلك كان داوود يُسبِّح والجبال تُردِّد معه ويسمع تردادها، وذكر الله هذا في قوله يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ۩، إذن الجبال والطيور تُردِّد وراءه، ويُسبِّح وهى تُسبِّح بتسبيحه .

النبي – عليه السلام – يقول – وذكرت هذا عشرات المرات – عن جبل أُحد “إن أحداً جبل يُحِبنا ونُحِبه”، فضلاً عن أنه كان يعتنق الماء حين تُرسِل السماء الغيث حديثاً طازجاً، فيخرج هكذا يستقبله بصدره الشريف ويقول “إنه حديث عهدٍ بربه”، وكان يُحِب أن يُؤتى بباكورة الثمر لأنها أيضاً حديثة عهد بالله عز وجل فيُقبِّلها – عليه السلام – ويضعها على عينيه، أرأيتم هذا الشعور؟!

هذا هو الشعور، ومن ثم هذا الخطاب الديني يُنمِّي فينا شيئاً عجيباً، لكن الآن – حتى لا أُطوِّل في هذا فكاد أن يُدرِكنا الوقت – السؤال المُهِم هو: كيف يُمكِن للإنسان على خلفية الفهم في نص ديني أو التأمل الفلسفي الميتافيزيقي في الوجود أن يُدرِك وحدته مع العالم ويفشل في إدراك وحدته مع أخيه الإنسان من خلال هذه الحيل التي تحتال بها اللغة لكي تجعل الروح تتجلى وتُعبِّر عن عن أشواقها؟!

الروح تُترجِّم نفسها في المجازات، إذن هو هذا وإلا لما كانت اللغة قادرة على ذلك، لكن كيف ينجح الإنسان في أن يلتقط هذه الوحدة في العالم بكل مُكوِّناته – المادية وغير المادية – ويفشل في أن يُدرِك موحدته مع أخيه الإنسان – إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ ۩، أي من نفس واحدة – فيرى أن أكبر عدو له هو الإنسان وأن التحدي هو إزالة هذا الإنسان؟!

وطبعاً هذا ما يحدث كما ترون ويستمر ويستمر ويستمر حتى يأتي على الآخر أيضاً – كما قلت – في الوطن وفي الدين نفسه لأن الكل يُريد أن يُقصي الآخر، فما هذا الفشل؟!

هل هذا هو ديني؟!

مُستحيل، لأن الروح الدينية روح تعتنق العالم كلها في وحدته، إذن هو هذا ومن ثم هذا معنى توحيد الله عز وجل بأن تُدرِك هذا وتعيشه، فالذي لا يستطيع أن يُدرِك وحدته مع أخيه الإنسان – أخوته للإنسان – هذا من المُستحيل أن يكون مُرشَّحاً لأن يُدرِك وحدة العالم  وبالتالي لن يكون مُرشَّحاً لأن يُدرِك معنى وحدة الله الحق ومعنى وحدانية الله، فهو بعيد عن هذا تماماً، لكن لماذا حدث هذا وظل ولا يزال يحدث؟!

هل هى الطبيعة أم هى الثقافة؟!

علينا أن نعرف أن ماهية الثقافة تاريخية فهى تتحرك في الزمان وتتبدل وتتغير أما ماهية الطبيعة غير تاريخية، أي أنها هى كما هى، فالطبيعة والنحيزة والجبلة وغريزة الإنسان اليوم كهى قبل عشرة آلاف سنة وكهى قبل عشرة آلاف سنة وكهى بعد مليون سنة، لأن هكذا هى الطبيعة، وفي الحقيقة أنا كمُتدين وكتالي لكتاب الله – تبارك وتعالى – أتعاطف مع الجواب الثاني فأرى أن الجواب يتعلَّق بالطبيعة والغريزة وليس بالثقافة في جزء كبير منها، لكن لماذا؟!

من أجل قصة هابيل وقابيل، حيث يبدو منذ البداية قبل أن يكون هناك مُجتمَع حقيقي مُتكامِل وقبل أن تتولد ثقافة وتُبنى ثقافة أن هذه الطبيعة الأنانية وطبيعة الشح والاستئثار كانت موجودة، فهناك إرادة أن أكون أنا وفقط ومن هنا قتل الأخ أخاه، علماً بأن هذا لا يُسلِمنا بين يدي يأسٍ مقيت قابض، بالعكس هذا يفتح باباً للأمل والتفاؤل، ولكن كيف ؟!

إذا كانت هذه هى الطبيعة فإذن يُصبِح التحدي وتُصبِح المشغلة والمُهِمة الأولى الرئيسة – أي المُهِمة رقم واحد – أمام الثقافة أن تُهذِّب الطبيعة، أن تُحوِّر وأن تضبط الطبيعة ومن ثم أن تُعيد بناء هذه الطبيعة، فهذه هى الثقافة وإلا لا تكون إنساناً فتبقى حيواناً يتحرك بالغرائز، لأن ميزة الإنسان من الحيوان هى أنه له ثقافة يضبط بها طبيعته.

سأختم بكلمة للأديب والفيلسوف الفرنسي الشهير المولود في الجزائر  ألبير كامو Albert Camus الذي كان نافذاً وثاقباً حين عرَّف الإنسان قائلاً أنه هو هذا الحيوان الذي يرفض أن يكون كذلك، فبالضبط هو هذا الصحيح، لأننا نحن حيوانات في نهاية المطاف ولكننا أصبحنا بلا شك أناسي وبشراً لأننا رفضنا أن نكون حيوانات، ولكن ما هى علامة الرفض؟!

علامة الرفض هى بناء الثقافة، بناء العقليات، بناء المفاهيم بل بناء شبكة مفاهيمية كاملة تضبط الغرزي الطبيعي فينا فتُحوِّله إلى شيئ يكاد يكون مُختلِفاً تماماً.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 12

اترك رد

  • لسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة الى الدكتور عدنان ابراهيم والى رافع هذا الفديو على اليوتيوب اين الادب مع الله انا اعلم انك تعلم الناس نفع الله الناس بعلمك ولكن اين الادب مع الله العظيم خالق كل شىء وهو على كل شىء قدير .اين الادب مع الله وهو ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.اين الادب مع الله العظيم فى عنوان خطبتك ومحاضرتك الله…ام…اين الادب مع الله فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول في دعاء الاستفتاح: (لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشرّ ليس إليك) رواه مسلم في صحيحه.انا عاتب عليك لانك كاتب عنوان الله…ام…كان ممكن ان تغير العنوان وانت استاذ فلسفه كبير ميزك الله برجاحة العقل عنوان مثل =لا ينبغى ان نقول على الله عاجز او شرير=الله ليس عاجز او شرير=العجز او الشر ليسا من اسماء الله او صفاته=من يقول ان الله عاجز او شرير فقد اشرك فى صفات الله كما قال الله.{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه} الآية [الأعراف: 180].

  • السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، شكرا دكتور على هذا العطاء و نحمد الله الذي لا إله إلا هو الهادي أن هدانا إلى الإقتناع و التسليم بمنهاجك السليم و نحمده جل جلاله النافع أن ينفعنا بما علمك و أن يزيدك علما و نحمده مالك الملك الحكم العدل الرزاق أن يرزقك جوار نبينا محمد صلى الله عليه و سلم.

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة الى الدكتور عدنان ابراهيم
    يادكتور عدنان هل يمكن التسائل بدون كلمة هل=مثلا انت لا تقل هل الله كذا وكذا انا اعتراضى على العنوان يا دكتور ياسعادة الدكتور لماذا لم تضع كلمة هل للاستفهام = هل الله كذا وكذا اعلم ان الخطبة ترد على الملجدين وان الخطبة ليس لها علاقة بالعنوان فهل يمكن ان نسائل يدون كلمة هل = أسماء الاستفهام :(من , ما , ماذا،متى , أيّان , أين , أنّى،كيف , أنى التي بمعنى كيف ،كم،أي)
    انت لم تستعمل اى من ادوات الاستفهام على الاطلاق وتقول انك تخاطب الملحدين وهل مخاطبة الملحدين اقول قولهم انت تقول انا اتسائل هل الله عاجز ام شرير وهل عنوان الخطبة يدل على ذلك ابدا عنوان الخطبة =الله عاجز ام شرير= هذا هو العنوان وانا اعترض عليه اعترضا شديدا جداجداجداجداجداجداجدا

  • تحليل عميق ولغة جزلة شيخنا، جزاك الله خيراً. فإذا كان الإنسان مجبولاً منذ البداية بطبيعته على المفاسد والأنانية منذ أن خُلق، وكان المجتمع العربي للأسف فاقداً لمقومات ثقافة حصيفة تكبح جنوح الإنسان الذي يعيش فيه من اتباع شططه الغريزي والعنيف والإقصائي على النحو الذي نراه متجسد حولنا اليوم، فأي أمل يبقى للأجيال القادمة وأي مجاز؟ وكيف للخالق في نهاية المطاف أن يحاسب مخلوقه الناقص هذا في خلقه والحيواني في طبعه والجاهل في علم نفسه وغيره والمفطوم طبعاً وطبيعة على اجتناب ما حضه ربه عليه والإتيان بما نهاه عنه؟.

  • يا دكتور عدنان حيرتنا : لما الاسلاميين ينادوا بالخلافه تقول لهم انهم حالمين وغير واقعيين وهنا تنادي بوحدة البشر جميعا والتي لم تحدث قط منذ ادم عليه السلام الي اليوم . -يادكتور احنا ما عرفين نتوحد في المدينه الواحده وفي الدين الواحد – . انزل للواقع يادكتور ابعد عن الاحلام الخياليه
    و رغم اني اختلف معاك في كثير جدا من ارائك واجتهادتك العجييبه الا اني احترمك واسمع محاضراتك دائما واستفد كميه هائله من المعلوماتت واشعر بصدقك و كاني جالس مع صديق حميم واتمني لك السداد والتوفيق
    واتمني يا دكتور ان تعمل في نهاية كل سنه مراجعه لمحاضراتك وخطبك التي قدمتها كل سنه وتعمل محاضره تلخص ما تظن انك وفقت فيه وما غيرت رئيك عنه بحيث تسن سنة النقد الذاتي وتعمل تقييم سنوي لنفسك (وهذا ايضا ما اخاول ان اقوم به مع نفسي)

  • لو لم يكن للمجاز أهمية كبيرة لما قال تعالى واصفاً كلماته ب { قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحرُ قبل أن تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا } فهذه الآية تحفيز للمؤمنين بأن يغوصوا للأعماق و يحققوا فيما وراء الأستار و يبحثوا فيما بين السطور و المعاني البعيدة في كتابه عز و جل ليجدوا في ذلك كل بهجة تمحو ما يخالط النفس من اضطراب و غشاوة و يستقيم ما اعوجَّ في حياتهم إذ وُجِد ما ينقي الرؤية و يجعلها صافية جلية لا غبار عليها البتة … ألف شكر للدكتور عدنان إذ نوّهَ عن هذه الناحية بالغة الأهمية للمسلمين حيث أن التفكير السطحي في هذا الزمن أخذ مساحة كبيرة لديهم و لذلك كثرت مشاكلنا و قلت حلولنا و لو أعطينا هذا المجال [ المجاز ] ما يستحق لقلت مشاكلنا و كثرت حلولنا بإذن الله …

%d مدونون معجبون بهذه: