إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سُبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ۩ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ۩ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ۩ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ۩ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ ۩ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ۩ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ۩ تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.

إخواني وأخواتي:

لا ريب أن البشر، أن الناس في عموم الكوكب، في هذا الوقت بالذات من حياة البشرية وتاريخها، صاروا أكثر معرفةً، صاروا يتوفَّرون على كم من المعلومات أكثر بكثير مما هُيأ واتفق لأسلافهم في الأزمان الخالية.

فاليوم لو أخذت طفلاً في الابتدائية – في الخامس أو السادس الابتدائي مثلاً -، لوجدت بلا شك أن ما يتوفَّر عليه من معلومات في الكونيات، في الأحياء، في الطبيعة أو الفيزياء، في الكيمياء، وفي أشياء كثيرة، أكثر بكثير مما كان يعرفه أرسطو Aristotle في وقته، هذه حقيقة! فنحن أكثر معرفةً، أكثر معلومات، هذا من المُؤكَّد، لكن من المُرجَّح بالإزاء – أي في القبال كما يُقال – أننا أقل وعياً من أسلافنا، على الأقل من أسلافنا الذين عاشوا في ضوء التاريخ البشري، وليس من الأسلاف الذين عاشوا قبل التاريخ، أي قبل عشرة آلاف سنة، في فترة التاريخ البشري المُتعارَف عليها (عشرة آلاف سنة أو العشرة الآلاف السنة الأخيرة)، نعم نحن على الأرجح أقل وعياً، أكثر علماً، أكثر معرفةً، أكثر معلومات، لكن أقل وعياً.

وبالتالي نحن لا أقول مُرشَّحون، وإنما نحن في الواقع وفي عين الأمر والحقيقة أكثر مُعاناةً، من ناحية نفسية، ومن ناحية اجتماعية، الجهات المُختصة في العالم تُقدِّر أنه بحلول ألفين وثلاثين سيكون الاكتئاب – أي الــ Depression – هو المرض الأول من حيث الشيوع ومن حيث الأعباء، أي من حيث الكُلفة الطبية كما يُقال أو الكُلف الطبية – أي الــ Medical costs -، أو حتى الكُلفة الاجتماعية والاقتصادية، رقم واحد الاكتئاب، وهو مرض مُدمِّر ومرض مُؤذٍ ومرض مُزعِج، وطبعاً لسنا هنا بصدد إلقاء مُحاضَرة أهلها أجدر بها من علماء النفس وعلماء الطب النفسي عن مثل هذه الأمراض وبالذات عن الاكتئاب، وإنما نُريد فقط أن نُلمِح إلماحات، تتعلَّق أو تعتلق بموضوعنا، وهو تراجع الوعي، الوعي بماذا؟ الوعي بأي خصوص؟ الوعي بحقيقة القيم، بحقيقة الخارطة، بحقيقة الخُطة – الــ Plan كما يُقال -، التي ينبغي أن تقود الإنسان في حياته، كحقيقة الرؤية الكونية كما يُقال، الرؤية المُعتقَدية، فلسفة الحياة! بكلمة أكثر تبسيطاً وأكثر وضوحاً ومُباشَريةً: فلسفة الحياة.

نحن أقل وعياً من أسلافنا، ولذلك قد تجد امرأً رجلاً أو امرأةً من المُعاصِرين على أعلى الدرجات العلمية، وقد يكون حصد عدداً من الجوائز المُهِمة، ذات البال أيضاً في ميدانه وتخصصه، ولكن وعيه مُستزَف، ولكن وعيه مثقوب بخصوص القيم، التي يعيش بها في الحياة، ولذلك ينتهي الحال بكثير من هؤلاء إلى وجه من أوجه المُعاناة، التي كانت تُسمى إلى عهد قريب – طبعاً اختلف الآن التصنيف – بالعُصابيات، وجوه العُصابيات المُختلِفة، وخاصة مرض الاكتئاب، الذي يعني بكلمة عامية إضراباً عن الحياة، المُكتئب إنسان أضرب عن الحياة، توقَّف عن الحياة، أصابه نوع من التوقف، تماماً كالسيارة أو كالعربة التي تسير في مسارها، وفجأة ينفذ بنزينها أو ووقودها، تتوقَّف! كذلك المُكتئب، إنسان توقَّف عن الحياة، لا يُحِب نفسه حتى، بالعكس! ينخفض تقديره لنفسه بدرجة مُقلقِة، بدرجة عدمية، يرى نفسه أنه لا يستحق حتى أن يعيش، يرى نفسه أنه لا يستحق ما حصَّله من أموال، من شهادات، من زوجة طيبة، من أولاد، من أصدقاء، من احترام الناس، لا يستحق هذا! أنه عبء على نفسه وعبء على الحياة، ولا يُحِب شيئاً، ولا يستجيب لشيئ، ولا يبتهج بشيئ، إطلاقاً! لا مادياً كان هذا الشيئ أو معنوياً، يتوقَّف كل شيئ، ويُمكِن أن تُوصَف هذه الحالة بأنها بلوغ درجة اللا طاقة، مثل مثال العربة اليت نفذ وقودها، اللا طاقة!

سبعون في المائة من المُنتحِرين هم من المُكتئبين، تخيَّل! بين كل عشرة ينتحرون سبعة يكونون مُصابين بمرض الــ Depression أو الاكتئاب، وعشرة في المائة من المُكتئبين ينتحرون، وطبعاً هناك فرق بين هذه النسبة وهذه النسبة، لأنه ليس كل المُنتحِرين مُكتئبين، لكن كم النسبة؟ هي سبعون في المائة، وهذا كثير جداً، أما الذين يُصابون بهذا الداء، فعشرة في المائة منهم ينتحرون، وطبعاً هو ليس داءً عياءً، يُمكِن أن يُعالَج، وهناك احتمال مُرتفِع جداً أيضاً – وخاصة كلما عولج في فترة مُبكِّرة – لهذا، لذا مُهِم أن يكون لدى الإنسان بعض المعلومات – كما قلنا هذه ليست مُحاضَرة عن الاكتئاب، ليس هذا موضوعتنا – عن هذا الموضوع، حتى كما يُقال يُبادِر، يُبادِر الكارثة.

وعشرة في المائة من المُكتئبين ينتحرون، نسبة عالية جداً! من بين كل عشرة يكتئبون واحد ينتهي به الأمر إلى الانتحار، ينتحر! شيئ خطير إذن، القضية خطيرة، هذا مرض العصر الآن، مرض العصر! الآن يتفوَّق – بدأ يتفوَّق – على الأمراض الوعائية، أمراض القلب والشرايين التاجية وما إلى ذلك، بدأ الــ Depression يتفوَّق عليها، في عشرين ثلاثين (2030) سيكون المرض رقم واحد في العالم، والأعلى والأبهظ عبءً وتكلفةً أو تكاليف، تخيَّل! هذا مُدمِّر، في عصر وفرة، وفرة في المواد، وفرة في الوسائل، وفرة في كل شيئ تقريباً، وخاصة في الدول المُتقدِّمة، وبالعكس! هذه الدول المُتقدِّمة ليست أحسن حالاً من غيرها، وحتى نكون صادقين نسبة شيوع الاكتئاب في العالم تقريباً واحدة، فانتبه! هناك قضايا تتعلَّق بالخُرافات، مثل: الدول الإسكندنافية رقم واحد ونحن كذا وكذا، نفس الشيئ! مثلما يُوجَد هذا في إسكندنافيا يُوجَد هذا في مصر وفي العراق وفي فلسطين وفي تونس وفي الجزائر وفي السعودية وفي غيرهم، نفس الشيئ! وكذلك في تنزانيا وفي الكونغو وفي نيجيريا نفس الشيئ، النسبة مُتقارِبة، بين ثلاثة ونصف وخمسة في المائة، وهي تُعتبَر عالية جداً، بين ثلاثة ونصف وخمسة في المائة! ومصر نفس الشيئ، قاسوها في دراسة واسعة المدى – واسعة على عشرات الألوف – واتضح أنها أربعة تقريباً ونصف في المائة، عالية! ولنترك خُرافات ماذا؟ لأننا أمم مُؤمِنة وأمم مُتدينة بطبيعتها، هذه قضية أُخرى، هل لها علاقة بالإيمان؟ لها بلا شك، وطبعاً – كما قلنا – لن نتورط في أن نخوض في هذه المُحاضَرة.

هناك اكتئاب، الاكتئاب – مثلاً – الذي يُمكِن أن يُسمى الأقصوي أو الاكتئاب الأعنف والأشق والأصعب، بالعكس! هذا الاكتئاب الذي لابد في مُعالَجته من العلاج الدوائي، من العقاقير، لابد! هذا يكون ناتجاً عن اختلاطات، عن اضطرابات في التوازانات الكيميائية، كيمياء المُخ، كيمياء الجهاز العصبي، ليس لها علاقة بالإيمان والكفر، تُصيب أي إنسان، مسألة أُخرى هذه، وحتى الوراثة لها بعض النصيب في هذا، وهذا ثابت أيضاً علمياً، لكن هناك الاكتئاب الذي كان يُسمى الاكتئاب التفاعلي، والآن أيضاً لا يُعتمَد في تصنيفات الطب النفسي، لكن كان يُسمى الاكتئاب التفاعلي، هذا الذي يأتي كردة فعل، ردة فعل موقفية عاطفية، على ظروف موضوعية، ظروف تُسبِّب الأسى، تُسبِّب الحزن، تُسبِّب الشعور بالإحباط، الشعور بالفشل، الشعور حتى بالرغبة في العُزلة أو التوقف عن مُمارَسة الأنشطة العادية، أي إنسان يموت له – مثلاً – قريب أو حبيب، أو يُفارِقه بسفرة بعيدة أو بالسجن – مثلاً -، أو يفشل في امتحانه، أو يفشل في صفقة كبيرة جداً، مثلاً تأتي على تسعين في المائة إن لم تأت على كل ماله وثروته، بلا شك هذا يتعرَّض لخضة كبيرة جداً جداً، بعض الناس لا يستطيع أن يتكيَّف، هناك التكيف، أي الــ Adaptation، لا يستطيع أن يعمل Adaptation مع الوضع الجديد، فيُصاب بحالة قد تجره إلى الاكتئاب، في مثل هذا الاكتئاب نقول نعم، هذا ينفع فيه ماذا؟ الموعظة والنصيحة والإيمان والتذكير، لماذا؟ أو ما يُسمى بالمُصطلَح الفني العلاج السلوكي المعرفي Cognitive behavioural therapy، العلاج السلوكي المعرفي مُمكِن، نُذكِّره بأشياء، نُنمي فيه بعض القيم وبعض المُعتقَدات، ينفع بلا شك.

إذن أيضاً هذه قضية مُهِمة أن نلتفت إليها على كل حال، على كل حال نُريد أن نُداوِر وأن نُقارِب موضوعنا بطرح سؤال واضح جداً يا إخواني، واضح جداً! ما هي الصحة النفسية أصلاً؟ لكي نكون أصحاء، غير مُعتلين، ولا نُكلِّف أنفسنا ولا نُكلِّف المُجتمَع والدول، فما هي الصحة النفسية؟ أيضاً لن نخوض في تعريفات كثيرة للصحة النفسية، وهناك تعريف واحد، يُقال إنه التعريف الذي يُمثِّل القول الفصل في القضية، لكن من بين التعريفات التي تروق للإنسان – تروق لك حين تسمعها – التعريف الذي يقول هو – مثلاً – التوافق والتناغم بين الصور الثلاث للشخصية، للإنسان! لكل منا ثلاث صور، أي Three images، ثلاث صور: الصورة الذاتية، كيف تنظر أنت لنفسك؟ وليس بالضرورة أن الصورة الذاتية تتطابق مع الصورة الــ Social أو المُجتمَعية، كيف ينظر إليك المُحيط؟ بعض الناس كما يُقال بالعامية (ماخذ في نفسه مقلب)، يظن أنه شيئ كبير، وأنه مُهِم ومحور الوجود، والناس الذين حوله لا يرونه كذلك، أي يرونه أقل من هذا بكثير، وهم أقرب الناس إليه، ولكنه مسكين هكذا، لظروف مُعيَّنة، أو العكس! بعض الناس التقدير للذات عنده مُنخفِض جداً، والناس تُعوِّل عليه في أشياء أكبر من هذا بكثير، فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل. كما قال الأول.

وعلى كل حال ليس بالضرورة أن تتطابق الصورتان، ومن الصعب جداً أن تتطابق الصورتان، أكيد! تصور الإنسان عن نفسه غير تصور الآخرين عنه وله، وهناك أيضاً الصورة الثالثة، أي الصورة الــ Ideal هذه – (ملحوظة) لفظ فضيلة الدكتور كلمة Ideal مرة بالألمانية ومرة بالإنجليزية -، المثالية! الصورة المثالية، ما هي؟ هي الصورة التي يرسمها الإنسان لنفسه ليبلغها، الصورة التي يطمح إليها، هو يُريد أن يُصبِح كذا وكذا، وهذا في مجالات مُختلِفة طبعاً، ليس في المجال العلمي أو الأكاديمي أو حتى المالي أو الاقتصادي، بشكل عامة مُتكامِلة، ثلاث صور!

حين يحدث التآزر والتوافق والتناغم – أي الــ Harmony – بين الصور الثلاثة يصح الإنسان نفسياً، وهذا كلام معقول إلى حد بعيد، أليس كذلك؟ كلام معقول إلى حد بعيد. لماذا أحياناً تجد بعض الناس مُراً مرارة شديدة؟ أي إنه Bitter، تجده مُراً مرارة شديدة، أول ما (تنكشه) كما يُقال، أو أول ما تستفزه بكلمة، ينفجر كالقنبلة، هذا يُعاني من عدم توافق بين الصورتين الذاتية والمُجتمَعية، المُجتمَع دائماً يُعطيه على رأسه، ويُخيّب توقعاته عن نفسه، أي ويستهلك كما يُقال رصيد تصوره لذاته، بالعكس دائماً! هناك كما يُقال تقدير مُعاكِس، فهذا دائماً يشعر بمرارة ويشعر بالغضب والنقمة على الناس وعلى القدر حتى وعلى الآخرين وعلى القيم والعادات والتقاليد وعلى كل شيئ، مُزعِج المسكين ومُنزعِج، هو مُنزعِج ولذلك مُزعِج، وحين يحدث التوافق والتآزر والتناغم إلى حد معقول تستقر الشخصية، معقول! كلام معقول، وجميل.

هناك أيضاً مَن تحدَّث – وهذا علم نفس العلاقات، أيضاً هذا يقوم على مبدأ تفاعلي، مبدأ تفاعلي! يُسمونه علم نفس المُعامَلات، Interactions، تفاعلات ومُعامَلات، لكن ليست مُعامَلات طبعاً بنكية وما إلى ذلك – وقال لك الصحة النفسية هي أن يحدث التناغم بين الثلاثة الشخوص التي تعيش فيك. في كل واحد فينا فعلاً يعيش ثلاثة أشخاص: الطفل والمُراهِق والأب.

الطفل إذا تُرِك حبله على غاربه ينزع إلى ماذا؟ إلى اللهو وإلى اللعب، أو بالأحرى طبعاً اللعب، ينزع إلى اللعب، إلى الانفعال، إلى عدم الانضباط، إلى عدم التخطيط، الطفل لا يُحِب أن يُخطِّط، فهناك مواعيد للأكل، ومواعيد للنوم، ومواعيد للعب، ومواعيد لكذا وكذا، لا! لا يعنيه الكلام هذا، طفل يُريد أن يعيش بالطول وبالعرض، أليس كذلك؟ كلما عنّ له شيئ قاله أو فعله، أليس كذلك؟ طفل! هذا هو الطفل، اندفاع غير محسوب، مُتحمِّس، مشبوب بعاطفة، غير مُخطَّط له، لعب! والقرآن سماه لعباً، لَعِبٌ ۩، حياة لعب، وكل هذه الأشياء ستفيدنا.

أحياناً قد يستغرب بعض الناس من هذا، وخاصة في المُجتمَعات التي تعيش بطريقة شبه طبيعية، ونحن يُوجَد عندنا مُجتمَعات شرقية تعيش بطريقة غير طبيعية بالمرة، طريقة كلها تمثيل وادّعاء، أي أن الأمر انتهى، فأنت كبير، ولابد أن تسلك دائماً مثل الكبير، يا أخي يُوجَد بداخلي طفل صغير يُطالِب، له مطالبه وحقوقه، قال لك هناك حقوق الإنسان، وهناك حقوق الطفل أيضاً في الإنسان، حقوق الطفل لابد أن تُلبى، لكي أعيش مُستوياً صحيحاً صاحاً نفسياً، لكن ليس من المعقول أن تعيش طفلاً على مدار الأربع والعشرين ساعة، مثل موتسارت Mozart، مَن يعرف حياة موتسارت Mozart يعرف هذا، كان يتصرَف هذا العبقري الكبير كطفل حتى في حضرة الملوك والأباطرة، طفل باستمرار، باستمرار! هذا يُزعِج الآخرين، وخاصة المُتنفِّذين والسُلطويين، يُزعِجهم هذه الطريقة في التصرف الطفولي، ولكن هو طفل، هذا العبقري بقيَ طفلاً، مسكين! موتسارت Mozart كان هكذا، وفعلاً شقيَ، وأشقى مَن حوله، ومات شقيان.

وهناك المُراهِق فينا، أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۩، المُراهِق مَن هو؟ اللاهي، الذي ينزع إلى تلبية نزواته ورغائبه النفسية والحسية بالذات، أي الشهوية، أليس كذلك؟ وأيضاً ينزع إلى الزينة الظاهرة، وينزع إلى الافتعال وإلى الادّعاء وإلى التظاهر، ويقول أنا، لأنه يقوم ببناء الشخصية، انظروا إلىّ وكذا، هذا المُراهِق عنده هذه الأشياء، أي التي يُسمونها الصرعات، دائماً عنده صرعات، هذا المُراهِق!

وهناك الأب بعد ذلك، هذا الأب الناضج، الذي حنكته الحياة والسنون، وجربته التجاريب كما يُقال وهذبته وشذبته، وأيضاً هو صاحب حس المسئولية، هذا أب! مسئول عن زوجة وعن أبناء وعن بنات وعن أسرة وعن مجالات مُختلِفة في مواءمة حياة هذه الأسرة، مجالات اجتماعية ومجالات تربوية وتعليمية ومجالات اقتصادية وانفاقية وتمويلية وعلائقية أيضاً، مجالات كثيرة! هذا الأب، فقال لك ماذا؟ طبعاً أن تعيش أباً دائماً – أي على طول أو على مدار الوقت، طوال الوقت كما يُقال – غير معقول، الإنسان يسأم إذا عاش الجدية والصرامة على مدار الأربع والعشرين ساعة، يسأم ويتحطم، لابد أن يمزج هذه الجدية أو هذه الصرامة بشيئ من ماذا؟ من مزاح، من لهو، من لعب، من تنفيس. فقال لك التواءم أيضاً والتناغم بين الثلاث الشخصيات يُعطي الإنسان ماذا؟ صحة نفسية وعافية. معقول! كلام معقول وجميل إلى حد بعيد.

والعبد الفقير عنده تعريفه الخاص – إن جاز أن يكون لي تعريف، لكن هكذا أنا مُقتنِع بهذا الشيئ -، ربما أكثر ما يُمكِن أن يُعطيك الصحة النفسية والاستقرار النفسي، فتعيش إنساناً طبيعياً، تعيش إنساناً طبيعياً سواء أكنت طفلاً أو بالذات مُراهِقاً – الطفل هذا صعب عليه، ولكن هو يعيش بمنطقه الخاص – أو شاباً أو كهلاً أو شيخاً أو عجوزاً – شيخاً أو عجوزاً كبيرة مُسِنة، العجوز للأُنثى دائماً، والشيخ للرجل أو الذكر -، هو ماذا؟ هو أن تتمكن من التفرقة بين الثمن والقيمة، وأن تعيش وفقاً لهذا، هذا ما يفتقده مُعظَم البشر، حتى وإن كانوا حاصلين على جوائز نوبل Nobel في الفيزياء والكيمياء والطب، ولكن ليس عندهم وعي حقيقي بالحياة وبفلسفة الحياة، ولذلك هذا الذي حصل على نوبل Nobel وحصل معاها ربما على عشرين أو ثلاثين جائزة أُخرى عنده عائلة مُفكَّكة، الطلاق تم من قديم، الأولاد لا يسألون عنهم، وهو لا يسأل عنهم، وإذا ذكروه ذكروه أيضاً بمرارة وبإنكار، هذا الأب النوبلي الكبير! أينشتاين Einstein كان كذلك، وكثيرون! برتراند راسل Bertrand Russell كان كذلك، وكثيرون من هؤلاء النوبليين العظام كانوا فاشلين جداً مع زوجاتهم ومع أولادهم، غريب! لماذا؟ ليس عنده فلسفة حقيقية في الحياة، عنده علم هذا، عنده فيزياء أو عنده كيمياء أو عنده كذا، لكن ليس عنده فلسفة في الحياة، غير فاهم للحياة هذا، ومن المُمكِن أن تجد رجلاً من أسلافنا – مثل جدي وجدك وجدتي وجدتك – أفهم من هذا بمراحل، فهناك مَن عاشت وفق هذه الفلسفة، وعاشت مُستقِرة وسعيدة، وماتت هانئة راضية ناعمة البال، عجيب!

الذي آراه – العبد الفقير – أن هذا هو سر المسألة، أن نُميِّز بين ما ذكرت، وعلى فكرة  هذا مُهِم بالذات في هذه اللحظة من تاريخ البشرية، أي في هذا العصر، ونحن في القرن الحادي والعشرين، وأصبح العالم ليس حتى قرية كونية، والله أصبح غُرفة كونية واحدة، غُرفة! غُرفة مثل هذه الغُرفة، تخيَّل! ونحن أبعد ما يكون من هذه الفلسفة ومن تقدير هذه المعاني، ما هو؟ عن ماذا أتحدَّث؟

أن نُفرِّق أو أن نتمكَّن من التفرقة وعلى نحو صحيح – وهنا تأتي طبعاً النقاشات وكل الفلسفات، والقيم تأتي هنا والمشاكل، ويقول لك أحدهم أي نحو صحيح؟ مَن الذي يُحدِّد أنه صحيح؟ أنت؟ وهنا تأتي فلسفة البشر أصلاً – من الآتي، أن تُفرِّق – وأقول بين قوسين (هنا كل الشياطين تكمن)، بين المُقوَّسين (هنا كل الشياطين تكمن)، لابد أن تُفرِّق وعلى نحو صحيح – بين الثمن وبين القيمة، وأن تعيش وفقاً لهذه التفرقة، إذا اعتقدت بها واقتنعت بها عش وفقاً لها.

ولكي نُبسِّط أيضاً نقول:

مَن منا الآن لا يعرف – مثلاً – ثمن السيارات؟ بسهولة، بضربة على جوجل Google تعرف، يقولون هناك سيارة بوغاتي Bugatti وهناك سيارة لامبورغيني Lamborghini، لا أدري، لا أعرف الأشياء هذه، لكن أسمع عنها أنا دائماً، وأسمع عن أغنياء اشتروا بحسب ما قالوا سيارة بأربعة ملايين أو بخمسة ملايين، ودائماً ما أرثي لهم بكل صدق، بكل صدق مع نفسي ومعكم ولا مرة شعرت حتى بالغبطة أو بشيئ من حسد، أبداً! لا والله، وأنا على منبر المُسلِمين، لا والله، كل مرة أشعر برثاء، شيئ من الحزن لأجل هؤلاء الناس، أعلم أنهم تعساء، أنا أعلم أن مَن يدفع خمسة ملايين أو ستة ملايين أو ثلاثة ملايين في سيارة هو إنسان تعيس، وأعلم أنه Hollow man، هو إنسان فارغ، مسكين! أرثي له والله العظيم، أرثي! أرثي وأقول يا حسرة، يا خسارة، أي يا خسارة على الفُرصة التي هيأها القدر لك، لتكون إنساناً سعيداً ومُثاباً عند الله في الدنيا والآخرة، وتُسعِد مَن حولك، وتكون – ما شاء الله – دُرة، إلا أنك بقلة وعيك، بوعيك المعدوم، بوعيك المنزوف، أبيت إلا أن تجعلها سبباً يُعلِن عن تعاستك، واضح أنك تعيش، وواضح!

إياكم أن تعتقدوا أن هؤلاء الذين يُحرِصون على أن يُعلِنوا عن ثرواتهم سعداء، فهناك مَن اشترى حذاء ربما بعشرين ألف يورور، وهناك مَن اشترى سيارة بخمسة ملايين، وهناك مَن اشترى جاكيتاً Jacket بثلاثين ألفاً، وهناك أشياء لا أدريها، لا تعتقدوا أن هؤلاء سُعداء، وهناك مَن اشترى ساعة بنصف مليون يورو بحسب ما قال، لأنها بالألماس وبهذا الكلام الفارغ، وأحياناً هناك ما هو أكثر، والله هؤلاء مساكين تعساء، وهؤلاء حقيقون بالرثاء منا، أن نرثي لهم وأن ندعو لهم، مساكين هؤلاء، أهدروا حياتهم.

وأيضاً هؤلاء أقاموا من أنفسهم نماذج سيئة للمنزوفين أيضاً، لمنزوفي الوعي من أمثالهم، هؤلاء قدوات لبعض الناس، يقول لك الواحد منهم يا ليتني مثلهم، يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ۩ هذه قصص القرآن، لابد وأن تفهمه بالطريقة هذه، هذا غير صحيح أبداً، أبداً! هؤلاء المساكين ليسوا سعداء، هؤلاء فارغون تماماً، والواحد منهم يُريد أن يُعلِن بهذه المظاهر الهوائية الفراغية عن أنه مُتميِّز، يقول أنا مُتميِّز عنكم، بغض النظر عندكم دين، عندكم علم، عندكم شهادات، عندكم إنجازات، عندكم استقامة، عندكم انضباط، عندكم رأس مال اجتماعي، حياة عائلية مُستقِرة، زوجات كريمات، أولاد بارون، أصدقاء مُحِبون أوفياء، و… أنا عندي سيارات، أنا عندي ملايين. نعم! جيد، دعها تُسعِدك، دعها تُسعِدك! الكثير والكثير من المُنتحِرين كانوا من أغنياء البشر، وأغنياء جداً، من أصحاب الملايين والملايير، وماتوا مُنتحِرين المساكين في ظروف مأساوية تماماً.

إذن مَن منا يجهل قيمة السيارة وقيمة الفيلا وقيمة ساعة الألماس وقيمة كذا وقيمة كذا؟ لا، لا! هذه سهلة جداً، تجوجلها – نسبةً إلى جوجل Google – كما يُقال، وفي لحظات تعرف قيمة هذه الأشياء، لكن مَن منا ومَن منهم يعلم أو يعرف قيمة الزوجة المُحِبة الصادقة، الزوجة الأمينة، الزوج المُحِب الأمين، الابن البار، الابن المُدرِك لمعنى الأبوة ومعنى الأمومة، الصديق الوفي، الذي يفي لك ولعهدك ولأيامك، ويُحِبك لذاتك، لا لمالك، لا لشهاداتك، لا لمنصبك، لذاتك! يُحِبك كإنسان، لأنك في نظره حقيق بالحُب؟ مَن منا يعرف قيمة الدمعة التي يسفكها رجل تأثَّر لأساك ولحزنك بصدق، بكى! وقيمة دمعة الفرح أيضاً، التي تحدرت على وجنة رجل من الأقرباء، من الأصدقاء، من الجيرة، من الأهل، من المعارف، فرحاً بإنجازك، يفرح لك بصدق؟ هذه الأشياء قيمتها بالدنيا وما فيها، إنسان يفرح لفرحي، يفرح حقاً لإنجازي، ويبكي فرحاً، هذا لا يُمكِن أن يُشترى، لا يُشترى بكل مال الدنيا، أقسم بالله! كل الأموال التي تملكها لا يُمكِن أن تشتري بها هذا، خل هؤلاء الأغنياء يشترون مُحِباً صادقاً مثل هذا، خل الملوك وأبناء الملوك يشترون مُحِباً صادقاً، هل يشترون المُنافِقين وسفّاكي دموع ونوائح المُستأجرة؟ نعم، (بالهبل)، يدبون العالم، لا، لا! أحكي عن رجل صادق، يفعل هذا، لا ليُرائيهم، يفعل هذا بالغيب، ويدعو لهم بالغيب فرحاً، أو يبكي حزناً على أساهم ومُصابهم، أين هذا؟ هذا لا قيمة له، هذا لا يُشترى.

وأختم، فليس عندنا إلا دقائق، هذا ما بقيَ، مَن منا يُدرِك قيمة الذكرى – الذكرى الــ Memory – التي يُخلِّفها العمل الصالح؟ صدقة حقيقية، ليست صدقة القروش والملاليم، لا! أنت عندك، عندك ألوف، أعط من هذه الألوف، ولا تعط الملاليم، عندك ملايين، أعط عشرات الألوف ومئات الألوف من الملايين، أعط! كل بحسب ما أوتي، لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ۩، هذا باب أيضاً للتيسير، أن تُنفِق!

فأنفقت صدقة حقيقية مرات ومرات، على الأرملة، على المسكين، على الطالب المحتاج، على الجار المُصاب المدين الغارم، على كذا، على كذا، على مصالح أياً كانت، شهوة تركتها لله – تبارك وتعالى -، لم تفعلها، لأنها مما يُغضِب الله – عز وجل -، اشتريت بها رضا الله، ذكرى! تترك لك ذكرى، هذه تُساهِم في بناء ماضيك، هذا ماضيك أو جُزء من ماضيك.

أنا أسالكم الآن:

كل أموال الدنيا لا تستطيع أن تُغيِّر ماضيك، أليس كذلك؟ مَن عنده مليارات دعه يُغيّر ماضيه، أي دعه يُغيّر ذكرياته، يستحيل! لا، أنا اشتريت ذكرياتي بعملي الصالح، نعم! برؤيتي في الحياة وبفلسفتي في الحياة، صار عندي ذكريات وعندي ماضي، وأعيش به وسأموت فيه، ومرتاح جداً ومُتناغِم وسعيد وفخور بيني وبين نفسي بهذا الماضي، ليس أنا كعدنان، لا! أتحدَث كشخص، أي الذي يتحدَّث، فلسفة الحياة! هل فهمتم؟ هذه قيمة الذكرى، التي يتركها عمل صالح، عمل مبرور، القيمة! هنا القيمة، وليس الثمن، هذه لا ثمن لها، قيمة!

إذن يا إخواني أُس وعماد الصحة النفسية والاستقرار والرضا والسعادة والتكامل والعظمة والبطولة الإنسانية، أن تُفرِّق بين الأثمان وبين القيم، وأن تعيش وفقاً لهذه التفرقة الصحيحة التي تراها.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.

اللهم اهدِنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، اللهم زِدنا ولا تنقصنا، أكرِمنا ولا تُهنا، أعطنا ولا تحرمنا، وانصرنا على مَن بغى علينا.

اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنت أعلم به منا، اغفر لنا ولوالدينا، وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، وجنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك يا رب العالمين، لا تتوفنا إلا وأنت راضٍ عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا 16/11/2018

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 1

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: