استهل الدكتور أحمد العرفج حلقته بمقولة الشيخ صالح المغامسي الترفيه المُباح طريق صحيح لتأكيد وسطية الإسلام وعلى الفقهاء مُراعاة احتياجات الشباب، فضلاً عن أنه طرح عدداً من الأسئلة التي تتعلَّق بموضوع الترفيه في الإسلام.

قال الدكتور عدنان إبراهيم إن مُصطلَح الترفيه شائع أكثر من مُصطلَح الترويح، وليس له إيحاءات دينية كمُصطلَح الترويح الذي يستخدمه المشايخ بشكل أكبر.

أضاف أن الترفيه – Entertainment – يُعرَّف بأنه نشاط يستجلب انتباه واهتمام الجمهور مع منحهم مُتعة وراحة نفسية ولذة، مُشيراً إلى وجود ميادين وتقسيمات عديدة له.

أوضح أن النشاط الترفيهي الإيجابي هو الذي يُبذَل فيه جهد كالجري وتسلق الجبال على عكس النشاط الترفيهي السلبي الذي لا جهد فيه كمُتابَعة فيلم أو سماع قطعة موسيقية.

تحدَّث عن صناعة الترفيه وأشار إلى وجود مُؤسَّسات كبيرة تُعنى به، فهناك عشرات ملايير الدولارات كل سنة تُصرَف على صناعة الترفيه من جانبي الإدارة والاستعمال.

أوضح وجود نشاطات ترفيهية تتعلَّق بالمراحل العمرية، مُشيراً إلى أن الطاعنين في السن لهم أيضاً نشاطات تخصهم.

أشار إلى أهمية المكان الذي يُمارَس فيه النشاط الترفيهي، فقد يُمارَس في أماكن مُغلَقة وقد يُمارَس في الهواء الطلق، والأخير أفضل صحياً.

أوضح أن النشاطات الترفيهية بالنسبة إلى الغرض تنقسم إلى أقسام كثيرة، فقد يكون الغرض غرضاً تعليمياً، وهذا يُؤكِّد أهمية التعليم بالترفيه الذي اعتمدته الكثير من الدول مثل فنلندا وكوريا الجنوبية.

أشار إلى أن أشهر ألعاب العقل الشطرنج، وهو لعبة عقلية قديمة جداً تعارفتها كل الأمم، فالهند تعارفوها أولاً ثم أخذها الفرس عنهم ثم أخذها المُسلِمون بعد الفتح.

أكَّد على وجود أغراض كثيرة جداً للنشاطات الترفيهية، فالنشاطات قد تكون بنائية كألعاب القوى التي تكون ترفيهية وفي نفس الوقت تُفيد الجسم.

قال الترفيه حاجة إنسانية بل ضرورة، لأن مُواصَلة العمل باستمرار يُسبِّب للإنسان حالة من الضغط والإجهاد، والإجهاد المُتواصِل – Stress – يُؤثِّر على الجهاز المناعي مما يُعرِّضه لأمراض قد تكون غير يسيرة مثل آلام المفاصل وقرحة المعدة.

أشار إلى أن الأمم المُتحضِّرة تُعطي الإنسان وقتاً مُستقطَعاً تحت كل الظروف من أجل الترفيه، فيجب على الإنسان أن يُوجِد وقتاً للترفيه وإلا لن يُفلِح بعد ذلك في مُواصَلة عمله بسوية مُمتازة.

أضاف أن العمل ستُصبِح جودته أقل بسبب أعراض الإجهاد، ولذلك قليل من الترفيه سوف يعود على العمل من ناحية الجودة بأكثر مما يتخيَّل الإنسان.

أشار إلى أن الملياردير المُعمِّر هنري فورد Henry Ford كان يقول إن سبب نجاحه هو استقطاعه يومياً ساعة أو ساعة ونصف من وقت العمل للراحة، فهذا كان سر نجاحه.

أكَّد على أهمية الضحك، ولذا يُوجَد الآن التعليم بالضحك والعلاج بالضحك، ومن ثم يجب أن ننظر إلى الترفيه على أنه موضوع جدي وحقيقي.

ذكر قول الله اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۩، مُشيراً إلى مُلاحَظة التدرج العمري في هذه الآية، فالطفل الصغير حياته لعب ثم يأخذ في اللهو حين يُراهِق البلوغ، وحين يُصبِح شاباً راشداً يهتم بالتزين في قصة الشعر والهندام وما إلى ذلك، ثم يأتي التفاخر، فيفخر أنه أنجز كذا وحاز على شهادة كذا، ثم يأتي التكاثر، فليس لديه شهادة واحدة وإنما شهادات وليس لديه مليون وإنما ملايين.

أكَّد على أن منع الأطفال من هذه الحاجة الفطرية جريمة، فالطفل لابد أن يأخذ حظه من اللعب حتى لو كان موهوباً، لذا جون ستيوارت ميل John Stuart Mill ظل ناقماً على طريقة تربيته رغم عبقريته ورغم تعلمه الكثير من الأشياء في طفولته لأن أباه قتل فيه أشياء أساسية كطفل.

أشفق على الأطفال الذين يحفظون بشكل مُرهِق القرآن، ولذا بعض العلماء الكبار شكوا تربيتهم بسبب الضغط الذي مُورِس عليهم من أجل حفظ القرآن الكريم في ظرف ثلاث أو أربع سنوات، مُشيراً إلى أن من الجميل والحسن أن يُحفَظ القرآن لكن ينبغي ألا يُحرَم الطفل من طفولته.

ذكر قول سيدنا عمر مَن كان له صبى فليتصابى له، وأشار إلى أن مِن الناس مَن يفتخر بأنه إذا دخل البيت خيَّم الصمت، وهذا يعني أنه ديكتاتور، لكن الرسول لم يكن كذلك.

أشار إلى أن أحد الصحابة دخل على رسول الله مرة فوجده وطأ ظهره للحسن والحُسين، فقال الصحابي نعم المركب مركبكما، فرد عليه النبي قائلاً ونعم الفارسان هما، وهذا يدل على عظمة النبي التي لم نتعلَّمها.

أكَّد على أهمية العفوية، فلا ينبغي الكذب على الجمهور من أجل تلبية توقعاتهم.

ذكر أن أبا هُريرة قال رأيت عيناي هاتان وسمعت أُذناي هاتان رسول الله والحسن أو الحُسين وقد أخذ النبي بكفيه جميعاً وقدماه على قدمي النبي والنبي يقول له حزقة حزقة ترق عين بقة، وهذه كلمات للتدليل، فجعل الصبي يرقى حتى رقيَ على صدر رسول الله، ثم قال له افتح فاك ففتح فقبَّله ثم قال اللهم إني أُحبه فأحبه.

أكَّد على أن الرسول لم يفعل هذا مع أولاد ابنته – وهم أولاده – فقط، بل كان يفعل هذا حتى مع أطفال الآخرين، وهذا من عظمته ومن أبوته المُنبسِطة على الآخرين، لذا محمود بن الربيع كان يقول إني لأعقل مجة مجها رسول الله في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين، أي أنه كان يُمازِحه وهذا من عظمته.

أشار إلى أهمية الألعاب العائلية، فالإنسان يستمتع حين يرى أولاده يستمتعون، خاصة أن هذه الأوقات تبقى معهم إلى آخر حياتهم.

عرض الدكتور أحمد العرفج مُداخَلة الحلقة للإعلامي تركي الدخيل التي تساءل فيها عن توقيت دخول مُصطلَح الترفيه في الثقافة الإسلامية وعن كيفية شرعنة وتأصيل الترفيه في الحياة العامة، علماً بأنه أوضح أن هذه العبارة لم تكن من عبارات التراث في أصوله الأولى.

أثنى الدكتور عدنان إبراهيم على المُداخَلة وأيَّد رأيه في أن لفظة الترفيه لم تُستخدَم في بداية التراث الإسلامي، لأن المُسلِمين كانوا يستخدمون لفظة الترويح أو الإجمام والاستجمام، وكلها مُصطلَحات مُتقارِبة.

ذكر قول الإمام عليّ روِّحوا عن القلوب وابتغوا لها طرائف الحكمة فإنها تمل كما تمل الأبدان، مُشيراً إلى أن ابن مسعود قال نفس القول وقال فإنها إذا كلت عميت، فضلاً عن أن أبا الدرداء كان يقول إني لأستجم لقلبي ببعض الباطل ليكون أقوى لي على الحق.

أوضح أن كلمة الباطل لا تعني المُحرَّم، لأن في بعض الأحاديث كل لهو باطل ولذا يخاف بعض الناس، فالباطل هو الشيئ الذي لا جدوى منه ومنه أتت البطالة، أي أنه تضييع للوقت، واستدل بقول الإمام مالك في الشطرنج.

أجاب عن سؤال التأصيل وقال يكفي في كتاب الله فقط أن نقرأ الآيات الكثيرة التي تتحدَّث عن إباحة الطيبات، فالترفيه من أطيب الطيبات لأنه يُطيّب الحياة، فضلاً عن أن الله حذَّرنا من تحريم ما أحله لنا واعتبره من العدوان.

أشار إلى أن نشأة الأديان كان يغلب عليها الجهامة والجد، لكن هذا لم يحدث مع رسول الله، فهو من أول يوم لم يكن كذلك.

ذكر أن برتراند راسل Bertrand Russell المُلحِد قال عن المسيح أنا لست مُعجَباً بهذا الشخص ولا يُشكِّل قدوة لي لأنه بحسبما ورد في كل الأناجيل لا يمزح ولا يضحك، مُشيراً إلى أن أمبرتو إيكو Umberto Eco سجَّل نفس المُلاحَظة في اسم الوردة التي تتحدَّث أصلاً عن موضوع الضحك.

قال إن النبي في عشرات المُناسَبات أكَّد على ضرورة الترفيه والمزح، حتى وصفه أحد أصحابه أنه كان من أفكه الناس.

ذكر بعض النماذج المُضحِكة في التراث الإسلامي، فتحدَّث – مثلاً – عن نُعيمان بن عمرو الذي يدخل الجنة وهو يضحك، فهو باللُغة الدارجة الآن صاحب مقالب وقفشات، لذا كان يُعجِب الصحابة ورسول الله.

تحدَّث عن ثلاثة مقالب لنُعيمان بن عمرو للدلالة على أن الصحابة كانوا من أفكه الناس، وقال إن محمد بن سيرين حين سُئل أكان الصحابة يضحكون ويتمازحون؟ قال ما كانوا إلا كالناس، وكان عبد الله بن عمرو يضحك ويمزح رُغم زهده وعبادته، وهذا حال عمر بن الخطاب أيضاً الذي اشتُهِر بالصرامة إلا أنه كان يضحك ويمزح.

أكَّد على أن الذي يُميت القلب ليس الضحك بالمُطلَق، فمُطلَق الضحك آية من آيات الله، وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ۩، مُشيراً إلى أن حديث الضحك يميت القلب يتحدَّث عن كثرة الضحك، فما لم يتعد حد الكثرة والإدمان عليه لا يدخل في الحديث.

قال إن أحد تعريفات الإنسان إنه حيوان ضاحك، وإلى الآن ثابت أن الضحك خصيصة إنسانية، وقد قيل إن الشِمْبانزِي Chimpanzee هو الحيوان الوحيد الذي يضحك ثم ثبت علمياً أن هذا ليس ضحكاً، لأن الضحك له علاقة بالنطق والقدرة العقلية.

أوضح أن هناك تفسيرات عديدة للضحك أشهرها أنه إدراك للمُفارَقة في الحدث أو الكلام، فالمُفارَقة هي التي تصدم الإنسان فيضحك، ولذا الضحك في النهاية محلي، فالذي يُضحِك الإنجليزي قد لا يُضحِك العربي.

عرض الدكتور أحمد العرفج فيديو الحلقة لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذى دار مُجمَل كلامه على حاجة الناس إلى السكن قبل الترفيه.

أثنى الدكتور عدنان إبراهيم على فيديو الحلقة وأكَّد على ضرورة العمل في أكثر من اتجاه بشكل مُتوازي.

أشار إلى أهمية الترفيه كمصدر اقتصادي، وقال إن صناعة الغرب في الترفيه تفي بتوظيف ملايين البشر، فهي صناعة وتنمية.

أكَّد أكثر من مرة على أن الترفيه ضرورة وأوضح أنه لا يقصد الضرورة المُتعارَف عليها في علم المقاصد وإنما الضرورة بالمعنى العام.

أكَّد على أن كل شيئ له محاذيره حتى العبادة، ولذا الترفيه له محاذيره مثل الاختلاط غير المسموح به وتبرج النساء مع الشباب الفسقة.

أشار إلى وجود أنواع من الرقص المُتعري الأشبه بالاستربتيز Srtiptease، وقال إنه نوع من الإثارة الجنسية، لكنه للأسف يُمارَس في بعض البلاد ويأتي في بعض الأفلام كالأفلام المصرية وغيرها، وهو غير سائغ بالمرة.

أوضح أن السينما Cinema من حيث هي أداة مُحايدة لا تُحرَّم من باب سد الذرائع، بل يُمكِن استخدمها ثقافياً، مُشيراً إلى أنها تُعَد في الغرب ثقافة وليست بوابة للفسق كما نرى.

أوضح أن الحفلات الموسيقية ليست مُحرَّمة من حيث هي، فالتحريم بغير دليل حقيقي عدوان، لكن هناك ضوابط لا تخفى على مُعظَم المُسلِمين.

قال إن اللعب بالنرد من المسائل الخلافية، فجمهور العلماء حرَّمه ولم يقع الإجماع على حُرمته، لأن هناك مَن أباحه لكن على غير مال.

أوضح أن الرهان لا يكون مُحرَّماً ولا يكون قماراً إذا كان الرهان من غير المُتراهِنين، أي من الجمهور – مثلاً – الذي يدفع لمَن يفوز، وإذا كان من أحدهما وليس من الاثنين، لأن إذا كان من الاثنين – يدفع الاثنان والرابح يأخذ المدفوع – فهو حرام لأنه ميسر وهو رجس.

أشار إلى أن النبي راهن على فرس اسمه سُبحة، وراهن المُصارِع ركانة ثلاث مرات على ثلاث شياه وحين هُزِم ركانة لم يأخذ النبي الشياه، تركها له حتى لا يحزن وقال له ما كنا لنجمع عليك أن تُصرَع وأن تغرم.

قال إنه يجنح إلى عدم تحريم النرد إذا لم يكن على المال وإن كان يُبنى على الحظ، على عكس الشطرنج الذي يُبنى على شخذ الذهن وليس الحظ، مُشيراً إلى أن أشد المذاهب في الشطرنج هم الحنابلة.

ذكر أن سعيد بن جبير كان يلعب الشطرنج استدباراً، أي يضع الرُقعة خلفه ويلعب، وهذا من ذكائه، لأن كان عنده عقل قادر على التجريد والتخيل، وكذلك ابن سيرين كان يلعبه استدباراً فضلاً عن الشعبي، لذا ابن حجر قال لعبه جماعة من كبار الصحابة ولعبه ما لا يُحصى عدداً من التابعين وتابعينهم.

أوضح أن كل الأحاديث التي تُحرِّم الشطرنج كاذبة، وهذا ما قاله الحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر وغيرهما، فمَن حرَّموه لم يستندوا إلى أحاديث، لذا قال الإمام أحمد أصح ما ورد في الشطرنج أثر عليّ: الشطرنج من الميسر، على أنه غير ثابت عنه أيضاً.

غرَّد قائلاً: روحوا عن أنفسكم.. فإن القلوب إذا كلت عميت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: