https://www.youtube.com/watch?v=bb2ee0sr1wY&t=1783s
هناك بعض النقاط كنت أثرتها في الخُطبة، وسُبحان الله لم أستكملها! لم أستكملها! منها النُقطة التي تطرقت فيها إلى تعزية شيخ الأزهر – بارك الله فيه -؛ الدكتور الشيخ أحمد الطيب، في الملكة إليزابيث Elizabeth! فمواقع كثيرة بدأت تلوم على شيخ الأزهر، أنه عزى في الملكة إليزابيث Elizabeth، ولم يُعز في الشيخ القرضاوي – رحمه الله تعالى -.
أنا قلت الرجل في نهاية المطاف على رأس مؤسسة تتبع دولة مُعينة، بلا شك هو لا يسعه ولا يُمكنه أن يخرج عن السياسة العامة لهذه الدولة، خاصة أن هذه الدولة لها موقف خاص من الدكتور القرضاوي – الله يرحمه -، الذي له موقف خاص منها، وهو ليس موقفا سهلا ولا عاديا، موقف تحريضي!
الشيخ القرضاوي كان يدعو ويُحرِّض على مصر! وسأعود إلى هذه النُقطة بعد قليل. حتى أنهم وضعوه في لائحة الإرهاب، وحكموا عليه أحكاما، أعتقد حتى من بينها كان حُكما بالإعدام، ربما في سنة ألفين وخمسة عشر! هذا موضوع لا أُريد أن أتطرق إليه، على كل حال.
لكن أُحب فقط أن ألفت الإخوة، إلى أنكم لُمتم على شيخ الأزهر، ولم تنظروا في تغريدته! هل ترحم على الملكة إليزابيث Elizabeth؟ هل ترضى عليها؟ هل استغفر لها؟ التغريدة موجودة على تويتر Twitter.
لكن الشيخ القرضاوي – رحمة الله عليه، وغفر الله له – في ألفين وخمسة، لا أقول غرّد، لم يكن حتى التغريد مشهورا، وإنما له مقطع على اليوتيوب YouTube، وربما في برنامج الشريعة والحياة، ترحم على البابا، بابا الفاتيكان؛ البابا يوحنا بولس الثاني Pope John Paul II، ووصفه بأوصاف جميلة كثيرة، ورجا له الخير عند الله، كفاء ما قدّم لدينه، وبشّر بدينه في العالم، على كبر سنه وعلو سنه، وكلام كثير!
هذا لم تلتفتوا إليه، ولم تروا – من جهتكم أنتم، وبحسب حتى مُنطلقاتكم ومبانيكم الفقهية – أن فيه ما يُنكر، لكن كأنه معرة كبيرة على الأزهر وشيخ الأزهر أنه عزى في الملكة! في حين خلت التعزية من أي استغفار أو ترحم. الإنصاف! الإنصاف! فعلا مَن كان بيته من زجاج، لا يرمين بيوت الناس بالأحجار. بيتك من زجاج، الإنصاف!
ربما قبل ثلاثين، أربعين سنة، كان يُمكن استغفال الناس. وذاكرة الشعوب والجماهير، وخاصة العامة، جدا قصيرة، جدا! الآن لا، ذاكرة اليوتيوب YouTube، المواقع. كل شيء مُسجل، حتى لو رفعته، محوته، غيرك يُعيد تحميله، انتبه! كل شيء مُسجل عليك، كل شيء مُسجل ومُدون عليك! كما تُحب أن تُعامَل، عامِل الناس.
لذلك – كما أقول لكم – مثل هذه المسالك، كلها بشكل عام، هذه ليست دينا، ليست دينا! هذه سياسة، هكذا هي السياسة! هذه المُناكفات السياسية، وهذه هي ألاعيب واختداعات السياسة. المُتدين حقا، الذي دائما يرجو بما يقول وبما يفعل وجه الله – تبارك وتعالى -، لا يُمكن أن تكون مثل هذه مُنطلقات له، أبدا!
المُتدين حقا لا يُمكن أن يقبل بالافتراء على عدوه، وإن افترى عليه! على عدوه، وإن بغى عليه! ما رأيكم؟ لن أتكلم أكثر من هذا! فأعتقد انتهينا من نُقطة الشيخ الطيب والتعزية هذه.
نأتي إلى موضوع تحريض المرحوم الشيخ القرضاوي على الدولة في مصر. هل هذا حصل؟ مُسجل للأسف، يا ليته ما فعل أيضا! مُسجل. ستقول لي نعم؛ لأنه يا أخي تم الانقلاب على الرئيس المُنتخب. لا نُريد أن نفتح هذا الملف، ولا أن نتكلم فيه، وليس من قصدنا أن نتكلم فيه! لكن الذي نحن موقنون منه أن الرئيس المُنتخب، خرج في الثورة عليه؛ في الثلاثين من يونيو، ملايين الناس!
الآن تقول لي لا، ليس كما قال كذا، ليسوا هؤلاء، أبدا! هم ربما عشرة ملايين! نعم، حسنا، الرئيس المُنتخب – رحمة الله عليه، وغفر الله له -؛ الدكتور مرسي، أيضا قال أيام الانتخابات، قال إذا مليونان يخرجان، أنا أستقيل.
جميل! بالإجماع، الذين خرجوا كانوا فوق ذلك، بكثير! لماذا لم تلتزم كلمتك وتستقيل؟ المُسلم عند كلامه! المؤمن لا يكذب. انتهى! أنا قلتها كلمة، انتهى! المُسلم عند كلمته. لما تقول يا دكتور محمد مرسي – رحمة الله عليه – إذا مليونان خالفاني، أستقيل، التزم بكلمتك! التزم، أثبت للشعب وللناس أنك رجل كلمة.
أنا قلت مليونان! خرج عشرون مليونا، خمسة عشر مليونا، تسعة ملايين، أربعة ملايين، السلام عليكم. لو ماتوا، لا ترجع. لن أعود! أنا قلت كلمة – قل لهم -، أنا هكذا عندي، تقديري الفكري، كان مليونين! Bye bye.
لا! والشرعية والشرعية والدماء وسوف نحرقك يا مصر! ورأيتم أنتم في قناة الجزيرة! سوف نُحرقك يا مصر! تحرق مصر؟ معقول؟ أنا عندي – كما قلت لك – هدي رسول الله، حرب أهلية: لا، فتنة أهلية: لا. فتنة طائفية: لا. وفاهم إلى أين سوف تذهب بنا! طبعا رأيتم إلى أين ذهبت بنا! لما رأينا الشباب المُنفلت العقال، الشباب غير الواعي، المُلتهب حمية، وجهلا أيضا! وسوف نحرقك يا مصر!
تحرق مصر لماذا؟ ما الذي حصل إذن؟ هو مرسي – الله يرحمه، ويغفر له – كان نبيا من الأنبياء؟ يا سيدي انتخبه الشعب، وبطّل عنه الشعب! ما المُشكلة! والذين بطّلوا أكثر بكثير من الذين انتخبوه!
كم مليونا انتخبوا مرسي؟ كم؟ ستة؛ ستة ملايين! الذين انتخبوا! انتبه إذن! لأن ليس الشعب المصري كله الذي انتخب. من الذين انتخبوا، اثنان وخمسون في المئة إلا قليلا، يأتي ستة ملايين! يا سيدي عشرة ملايين! جيد، خرج عشرون أو ثلاثون مليونا، يقولون امش، لا نُريدك. إذن انتهينا، Bye bye. الشعب لا يُريدني، أنسحب.
لا، الشرعية! ودخل الشيخ القرضاوي – غفر الله له – على الخط، وبدأ يُحرِّض. وادخل على اليوتيوب YouTube، وشاهد تسجيلاته المُصورة من مكتبه؛ كيف يُحرِّض على استقرار الدولة في مصر؟ معقول هناك رجل يُحرض على أمته، على شعبه؟ معقول يا دكتور قرضاوي – الله يرحمك، ويغفر لك، يا رب -؟
والله العظيم… ماذا أُريد أن أحكي؟ لا أُريد أن أحكي أكثر من هذا! يعلم الله، مدى الشفقة التي كانت في قلبي، لما سمعت بوفاته، واستحضرت كل هذه الأشياء! يشهد الله أنني بكيت؛ إشفاقا عليه. ودعوت له من كل قلبي، بالمغفرة والرحمة.
لكن أُقسم بالله الشفقة حملتني على أن أبكي. أي قلت الله يرحمه، الله يغفر له. وضع مُخيف يا إخواني! أنا أعرف أنه مُخيف! والله العظيم أعرفه مُخيفا! والله أنا أعرف أنك لو مت، أنت ولا أنا، وواحد له في عُنقك يورو واحد، وضعك ليس حسنا عند الله! كيف لو قاتل له ابنا؟ كيف لو أفتيت بقتل ابنه؟ كيف لو أفتيت بقتل، وراح فيها ألوف من الناس، أو مئات ألوف؟
أعرف أن المسألة صعبة كثيرا، غير ما تتخيلون، غير ما تظنون! صعبة المسألة كثيرا كثيرا! فبكيت! بكيت، بكيت بحُرقة، وخفت على نفسي خوفا رهيبا. وأدعو، وها اليوم دعوتها، وما زلت أدعو، أقول له يا رب إن كنت تعلم أنني سأُفتن، وأدخل مثل هذه المداخل، اللهم اقبض روحي إليك غير مفتون. ولو الساعة، الآن! في عُمري هذا! أولادي الله سوف يتولاهم، لكن لا ألقى الله وأنا – والعياذ بالله – مُتورط في دماء الأمة أو كذا. أعوذ بالله، شيء مُرعب يا إخواني هذا! فللأسف دخل على الخط، وحرض!
ولذلك موضوع تحريض القرضاوي – رحمة الله عليه – على بلده، على مصر، غير مقبول بالمرة! جُملة وتفصيلا! الإمام علي، مَن يُنكر أن الإمام عليا كان عنده نوع من عدم الرضا، عن الوضع الذي آل إليه؟ في البُخاري! اقرأ! سورة الأحزاب، تفسيرها، في صحيح البُخاري! لكي تعرف مجاريات الأحداث، كما رواها البُخاري، إمام المُحدِّثين! الإمام علي!
الإمام علي مكث ستة أشهر لم يُبايع أبا بكر – رضيَ الله عنهما جميعا -، لم يُبايع! ولم يُبايع إلا بعد وفاة الزهراء فاطمة – عليها السلام -، حين تغيرت وجوه الناس عليه. أي الناس كانوا يُراعونه من أجل بنت رسول الله. ها هي ماتت، نحن لن نُراعيك الآن. هكذا في البُخاري! ولأسباب أُخرى، وذهب وبايع.
لكن ماذا كان شعار الإمام علي؟ لأُسالمن، ما سلم الإسلام. يا ليتك يا شيخنا، يا قرضاوي، قلت هكذا: لأُسالمن، ما سلمت مصر! يا ليت! والله لحفظتها لك مصر، حكومة وشعبا وأزهر، إلى يوم الدين. لكانوا قالوا هذا عالم الدين، هذه المرجعية الحقيقية!
لا يهمني يكون إخوانيا ولا غير إخواني، أكون أنا ولا غيري، يهمني مصر ألا تُقسّم، مصر ألا تُمزّق، مصر ألا تتشظّى، كما تشظت سوريا والعراق، أليس كذلك؟ هذا الذي يهمني. ليس منطق الشرعية والدم وسوف نأتي بها وسوف نحرقك يا مصر! لا، لا، لا، لا، لا، غير مقبول! غير مقبول!
والحمد لله، أبى الله أن يحدث لمصر ما حدث لسوريا والعراق، وهذا من فضل الله. ونسأل الله أن يُتم النعمة، ولا يحدث ذلك، وتبقى مصر مُنقذة للأمة العربية والمُسلمة؛ لأنها لو راحت مصر، (روحنا كلنا في ستين داهية)، أُقسم بالله العظيم (روحنا)! والله سُنستباح – العرب -، والله لنُداس بالأقدام، انتبهوا إذن! ليست لعبة الحكاية! الله لم يسمح.
الذي أُريد أن أقوله الآن – نُقطة ثالثة -؛ لكي تعرفوا العالم أين يذهب، وماذا يحدث، وماذا يصدر منه، إذا، إذا ارتهن نفسه للساسة والسياسة، وبدأ يلعب لعبة الخلط بين الدين والسياسة! شيء سيء جدا يحدث، جدا جدا!
القرضاوي – الله يرحمه، ويغفر له – له الحق، كعالم كبير، بلا شك، أن يكون له موقف فكري وفقهي وعقدي، من ماذا؟ من أي أفكار يراها مُخالفة، أو شاذة، أو كذا! بل من واجبه أن يقول لنا انتهى اجتهادي إلى كذا، كذا! صحيح؟
القرضاوي قضى ردحا من الزمن، كما صرح هو، من يوم زيارته لإيران، سنة ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين، وهو في مُعسكر التقريب، وهذا يُحمد له. وليس معناها أنك كعالم سُني، تدعو إلى التقريب مع الإخوة الشيعة، أنك أنت شيعي، أو مُتشيع، أو عندك موقف من الصحابة، أبدا، أبدا، أبدا! أي مُسلم سُني، كيف لو كان عالما؟ هذا يُحزنه، هذا يُغضبه، أليس كذلك؟ أن الصحابة يتم النيل منهم، وخاصة أمهات المؤمنين.
لا يوافق عليها أي سُني، كيف لو كان عالما من علماء السُنة الكبار؟ بالتأكيد، هذا لا يُوافق عليه، ولا يرضاه. والقرضاوي كان يعلم، يعلم! يعلم ما الموجود في التُراث الشيعي وفي الحُسينيات والعاشوريات وفي خُطبهم ومنابرهم.
يعلم هذا! لكنه كان في موقف سليم وصحيح. وهو ماذا؟ لا نُريد أن نجعل هذا الخلاف الطائفي والمذهبي والعقدي، وقودا لنار حرب حقيقية بين السُنة والشيعة، لا تُبقي ولا تذر، تأكل الأخضر واليابس! قال لك لا. موقف سليم وجيد، ويُحمد له.
فجأة تغير كل شيء! على أي أساس؟ ما الذي تغير إذن؟ ما الذي تغير في المشهد؟ قال لك لا، أنا رأيت أن دعوات التقريب بين السُنة والشيعة لا يستفيد منها إلا الشيعة! نحن خسرانون – ويضحك -، لا نستفيد شيئا. نحن أولادنا – أي بالمعنى – هم الذي يتشيعون!
حسنا، لحظة! أنت عالم وأكاديمي ودكتور، بالله عليك عندك دراسة إحصائية؟ عندك إحصائية؟ محمد حسنين هيكل، الصحفي والكاتب الناصري – ليس إسلاميا -، هذا الموضوع كله لم يحمله على محمل الجد. قال هذا كلام فارغ! وكان ينتقد مَن؟ مبارك. وفي زمن مبارك! نعم، ليس بعده وكذا، في زمن مبارك، في مُحاضرة عمري ما أنساها، في نادي القُضاة.
قال أنا مستغرب، من موقف الحكومة وموقف الرئيس، كذا، كذا! ويقول لك لا، التشيع! قال تشيع ماذا؟ قدِّموا لي – قال -، كم واحدا تشيع في مصر؟ كم؟ مصر كانت أيامها ربما حوالي تسعين مليونا! هكذا كانت مصر! كم؟ ألف؟ ألفان؟ خمسة آلاف؟ إذا كانت هناك كثرة! سوف تجد مثلهم عشر مرات مُلحدين، ألحدوا! بمعنى إذا تشيع خمسة آلاف، انتهت مصر؟ انتهى السُنة؟ ثمانون مليون سُنيا صاروا في خطر إذن؟ هذا كلام فارغ!
فكلام فارغ هذا! فلا تقل لي إنه صار هناك خطر كبير على المُعسكر السُني والعلم السُني؛ لأن هناك شبابا سُنيا تشيع. حسنا، هناك شباب شيعي يتسنن يا حبيبي! هناك الكثير من الشباب الشيعي يحضرون عدنان إبراهيم! وقال لك أنا أترضى على عمر وأبي بكر. صح ولا لا؟ في كل خُطبة!
سوف تجد كثيرا من الشيعة تسننوا، أليس كذلك؟ لكن كثيرا بمعنى ماذا؟ بمعنى نسبيا، أيضا بضعة آلاف، كلام فارغ، كلام فارغ! في الأخير سوف يظل الخط الشيعي، هذا عُمره ألف وأربعمائة سنة، والخط السُني، ألف وأربعمائة سنة، لن ينتهوا! انس! احلم أنه ينتهي! واضح؟
فلا يُوجد مُبرر يا شيخنا؛ يا شيخ القرضاوي – رحمة الله عليه -، أنك تُغير موقفك هذا التغيير الكامل. أي لا يُوجد مُبرر علمي، معرفي، عقدي، لا! إذن ما المُبرر؟ أنا أقول لك سياسي، سياسي! ستقول لي كيف؟ وهذا الكلام ربما لأول مرة تسمعه، لكن لو أنت تابعت الملف وحدك، سوف تقول عدنان يحكي صحيحا، هو هكذا!
بالضبط، لقي نفسه، الشيخ القرضاوي – رحمة الله عليه – على مُفترق طريق، لا أدري – المُهم -؛ أوعز إليه، أوحي إليه، طُلب منه! أن الآن يُوجد عندنا مرحلة جديدة، نُريد صداما شيعيا سُنيا! ماذا؟ صداما شيعيا سُنيا؟ بمُستوى مُشرعن، وبمرجعية في وزن القرضاوي وجماعته وكذا! شيء خطير جدا جدا جدا!
وهذا متى كان؟ ومُرسي في الحُكم. انتبهوا إذن! افهموا! لكي تفهموا أين الأمور وكم هي خطيرة! ومُرسي في الحُكم. وقبل أن يصدر الكلام، وكان الرمز الكبير فيه هو الشيخ القرضاوي – رحمة الله عليه، وغفر الله له -، قبله بأشهر يسيرة، لا تتعدى أربعة أشهر، الرئيس مُرسي – الله يرحمه ويغفر له – اقترح لجنة حُكماء، أليس كذلك؟ لحل الأزمة في سوريا. وقلنا ما شاء الله! هذا الصح!
بعدها صار مؤتمر لعلماء الأمة، وجاءوا وشاركوا فيه ناس، وأنتم تعرفون، لن أذكر أسماء أكثر من هذا، نحن تكلمنا اليوم عن القرضاوي، ما زالوا أحياء يُرزقون، جاءوا، وأعلنوا النفير تقريبا العام، أعلنوا الحرب على سوريا، ودعوا للجهاد في سوريا! واضح؟
هذا الكلام لما تُترجمه سياسيا، ما معناه؟ معناه اشتعال حرب إقليمية، بين الشيعة والسُنة. رأس السُنة مَن ستكون؟ مصر. التي على رأسها مَن؟ الإخوان المُسلمون، الدكتور مُرسي! وها هو عالم الأمة جاء، وعالم الإخوان المُسلمين! وطبعا رأس المُعسكر الشيعي، ستكون إيران، طبعا! بقدراتها وإمكاناتها وطوائفها ومكرها وسياستها المعروفة للجميع، ما شاء الله! إيران! معروف إيران كيف تلعب في المنطقة.
دخلنا في عشرين، ثلاثين سنة، حرب، ستُدمر كل شيء! وستزدهر تجارة السلاح وتجارة الحرب الطائفية والقتل والاغتيالات، وسترى النتيجة في الأخير؛ ربما نصف الأمة يخرجون من الإسلام! نصف الشباب يكفرون بالدين!
ذكرت لكم غير مرة؛ فرنسا حكمت الجزائر مئة وثنتين وثلاثين سنة، ربما لم تنجح في أن تُنصِّر إلا العشرات، تخيل! عشرات! في العشرية الحمراء، التي قُتل فيها على الأقل رُبع مليون جزائري، طبعا دخلت كل أجهزة الاستخبارات، اللعينة هذه!
كانت هناك استخبارات يا حبيبي، من دول ثانية! ليسوا عربا، وليسوا مُسلمين! يلبسون اللحى، يذبحون الناس، باسم أنهم المُتطرفون! والمُتطرفون يفعلون طبعا! يُوجد منهم مَن يفعل، فعلا! لكن هؤلاء (يزيديون في الطنبور نغمات ونغمات)!
الآن الجزائر، من دول المغرب العربي، من أكثر الدول التي فيها تنصر! يصيرون نصارى، ويخرجون من الإسلام! قال لك لا أُريد. إذا هذا الدين خاصتكم، وهذا الإسلام خاصتكم، لا أُريد الدين كله! انتبهوا يا جماعة، شيء يُخوف!
نعمة الأمن رقم واحد، لذلك قلت لكم ما موقف رسول الله من الحرب الطائفية: انقتل، ولا تقتل. انقتل، عادي! تموت شهيدا. لا تُحاول أن ترفع سلاحا على مَن جاء يقتلك. وعلى فكرة، هذا الحل الوحيد لأي حرب أهلية.
إذا نشبت الحرب الأهلية، لا حل لها إلا ذلك! أن هناك طرفا يترك كل شيء، من غير حتى قيد أو شرط. هذا يصير عنده أمد محدود فقط، أن يُمعن في الذبح، وبعد ذلك لا يقدر، لا يقدر! لكن الخصومة تُسعر خُصومة، الدم يُنادي على الدم، الغضب يُورَّث ويؤرَّث، صحيح؟ ودخلنا في لعنة حقيقية.
ما الذي جد من جديد يا شيخ القرضاوي، ويا دكتور مُرسي، يا رئيس مصر؟ كنتم بالأمس تُريدون لجنة حُكماء وصُلح وكذا واحتواء للموقف، الآن أعلنتوها حربا؟ وستكون حربا مُدمرة! من أجل ذلك، في هذه المرحلة تم التحول – قبل ذلك بقليل -: شيعة وتشييع ونصر الله وحزب الله وإيران ويُشيعون وكذا.
إذن ليس موقفا علميا، ليس موقفا دراسيا معرفيا! موقف ماذا؟ سياسي. هذه الخطورة، هذه الخطورة الشديدة! وإلا القرضاوي ليس عالما صغيرا، وليس صبيا صغيرا، الآن بدأ يعرف ما هي الشيعة!
على فكرة، عنده عبارة عجيبة غريبة جدا جدا! أيضا في التلفزيون! قال لك الشيعة! والشيعة يستغيثون بالحسن والحُسين، وهذا كفر. عجيب! الشيعة يا شيخ القرضاوي من ثمانية وثمانين إخوانك في الدين – على أساس -، وكذا، وتُنكر قتلهم، وتُنكر استباحتهم، وهذا موقف حكيم وصحيح، الآن صاروا كفارا، أو كفرا؛ لأنهم يستغيثون بالحسن وبالحُسين؟
حسنا، ألا تستغيثون أنتم أيها السُنيون، في مصر والعراق والشام وفلسطين وفي كل مكان، بسيدي الدسوقي، وابن مشيش، وأبي العباس المُرسي، وأحمد البدوي؟ ما حياة الصوفية الإسلامية كلها استغاثة بالأولياء! أليس كذلك؟ بهذا المنطق، تعال كفِّر نصف الأمة السُنية، ما رأيك؟ نعم! وسوف تُكفِّر نصف الأزهر!
أكثر من نصف الأزهر يُجيز الاستغاثة بالأولياء، ما رأيك؟ من علماء الأزهر الكبار! يُجيزون، وعندهم رسائل في ذلك، وعلى رأسهم العلامة الكبير يوسف الدجوي – رحمة الله عليه -! الشيخ العلامة، لا يُشق له غبار كان – رحمة الله عليه -!
إذن هذا، مرة أُخرى، يا شيخنا الكريم، ليس ماذا؟ ليس علما! هذه سياسة، هذه سياسة! وليس مثلك مَن يخفى عليه الفرق، وليس مثلك مَن يُنبَّه إلى أنه إن كان الاستغاثة بالحسنين كفرا، فالأمة السُنية نصفها كافر. لا، لا، لا! أنت تعرف هذا جيدا، جيدا! لكن هذه هي السياسة، وحسابات السياسة، ولعنة السياسة. شيء خطير مُخيف مُرعب يا إخواني!
على ذكر الشيعة والشيعة وانقلاب المواقف، تُوجد عندي نُقطة لطالما أشرت إليها، وقبل الثورات العربية، ومن فضل الله تبارك وتعالى:
كان يُثير استغرابي واستنكاري واستهجاني الفتح المُفاجئ لملف الأقباط في مصر! والإخوة الذين تابعوا الموضوع أيضا يعرفون ماذا أعني، وعلى قنوات، وفي رأسها قناة اقرأ، عجيب! التابعة لمجموعة إيه آر تي ART، الخاصة بالمرحوم الشيخ صالح كامل – رحمة الله عليه -.
فجأة وجدنا في برامج أسبوعية تحريضا على الأقباط، مُراجعة لدين الأقباط! يا أخي المسيحية قبل الإسلام موجودة، نحن ما علاقتنا؟ وهؤلاء شركاء في الوطن، اتركهم وما يدينون. أناجيل صحيحة، ليست صحيحة، مُحرفة، ما علاقتك أنت؟ التزم بدينك. خاطب ناسك، وعرِّفهم به. نحن نحتاج كثيرا إلى تعريف بالدين، نحن تائهون، أمتنا تائهة، ديننا مغشوش أصلا، تدين الناس هؤلاء، أكثره مغشوش! علِّم الناس الدين الحق الجوهري.
أتيت تُحاسب النصارى والأقباط ودينهم وكتابهم المُقدس؟ وبغضب، على فكرة! هناك نبرة غضب كانت! بعد ذلك دخل أحدهم، ولن أذكر أسماء؛ لأن هناك واحدا مات – رحمة الله عليه -، وواحدا لا يزال حيا – الله يهديه، ويصلح حاله، ويختم له بالخير -. ودخل على الخط واحد ثان، علم من أعلامهم!
الأقباط والأقباط! ما لهم الأقباط؟ قال لك يُخزنون السلاح، الكنائس ثكنات عسكرية، أسلحة ومدافع ورشاشات! يا جماعة الخير، مجنون يتكلم، عاقل يسمع. معقول الدولة المصرية، ومعلوم قوة الاستخبارات المصرية وحذقها وذكاؤها – ما شاء الله -، تاركة الحبل على الغارب، للإخوة الأقباط، أن يُمعنوا في التسلح وتثكين وعسكرة الكنائس والأقبية التابعة لها؟ من أجل ماذا؟ من أجل ذبح السُنة – أي المُسلمين في مصر -، ولا من أجل تفجير الدولة المصرية؟ معقول؟ كلام مَن هذا؟
أنت يا شيخ، يا دكتور، أيها الذي لم يدخل مصر منذ سنوات، وأنت يا شيخ الذي لك في مصر ولم تُغادرها – الله يرحمه -، من أين لك المعلومات هذه؟ مَن أعطاك إياها؟ اعترفوا لك الأقباط؟ لا، طبعا! الاستخبارات المصرية سربتها لك؟ لا. التي لا يُمكن أن تسمح بها! التي لا يُمكن أن تسمح بها بالمرة!
حسنا، أُريد أن أزيدك من الشعر بيتا: لو سألتك ما هي أحوال الأقباط في الجُملة أيام المرحوم الرئيس الأسبق حُسني مُبارك؟ سيئة أو حسنة؟ سيئة. مُبارك لم يكن مُتعاطفا مع الأقباط، كل القوانين هكذ! هناك دكتور قبطي مُحترم جدا، اسمه الدكتور نبيل لوقا بباوي، هذا عجيب!
الرجل هذا دكتور كبير في القانون، وعنده – أعتقد – شهادتا دكتوراه. الرجل صار مؤلفا ربما ستة أو سبعة كُتب دفاعا عن محمد والإسلام والقرآن، والله العظيم! تقول ما هذا؟ من أروع الكُتب في الدفاع عن رسول الله وعن القرآن وزوجات النبي، وشيء غير طبيعي!
ولكن، يا للأسف الدكتور نبيل لوقا بباوي – لا يزال يعيش إلى اليوم، الله يمد في عُمره! الدكتور نبيل لوقا بباوي – أنا أذكر من أيامها، كان يتكلم وملؤه – تعتصره – المرارة، أن الأقباط مُضيعون في مصر حُسني مُبارك.
وحكى على التلفزيون المصري – كانت هناك حرية أيضا، في مصر، أيام مُبارك، والله كانت هناك حرية! وحكى أيام مُبارك -، قال نحن الأقباط، الذين في حالنا، لا نؤذي أحدا، نُقدِّم على كنيسة، عشرون سنة تمضي، عشرون سنة! لا نأخذ الترخيص! والمساجد تُبنى، بلا تراخيص! على نواصي الطُرق، هنا وهنا وهنا وهنا.
وقال لك الدولة المصرية! الدولة المصرية مُنحازة ضد الأقباط، ظالمة. لا يجوز يا أخي! الأقباط هم أبناء البلد، أليس كذلك؟ مثلهم مثل المُسلمين، يجب أن يأخذوا حقوقهم. قرآنك العظيم، الذي لا يُوجد كتاب مثله – بفضل الله عز وجل -: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ *، كلها قبل: وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا *. يا رجل، تعلم التسامح.
بمعنى – انتبه! افهم كيف الحقائق تُضفر مع بعضها – أيام مُبارك، المُخبارات المصرية، الحكومات المصرية، الدولة المصرية، الزعامة المصرية، مُتعاطفة ولا مُجافية للأقباط؟ لا، مُجافية. هذه غاب عنها أن الأقباط يُعسكرون الكنائس، ويُخزنون الأسلحة والقنابل والمدافع؟
لصالح مَن يُقال هذا الكلام؟ لم يُقل مرة ومرتين وعشر وعشرين ومئة، بضع سنين وهذه البرامج تشتغل! العبد الفقير – بفضل الله تبارك وتعالى – ذكر هذا. وكما قلت لك يكفي ألا تتخندق؛ حتى ترى ما يعمى غيرك عن رؤيته، الله يُعطيك بصيرة خاصة.
أنا غير مُتخندق، أنا يهمني الإسلام، ويهمني الشعوب الإسلامية، يهمني مصر ألا تُدمر، والسعودية والإمارات والكويت وتونس والعراق والجزائر وسوريا وفلسطين، كله! يهمني أن نظل مُحترمين آمنين مُستقرين، لا تنفذ فينا سكين المؤامرات الاستعمارية. لا أُريد، ولن أدخل هذا الطريق اللعين.
فالآن لصالح مَن كان يُفتح هذا الملف؟ والذين فتحوه إسلاميون، من الجماعات إياها، نفسها! لماذا؟ معناها كان هناك تخطيط لماذا؟ لحرب أهلية، تشق مصر، تُدمرها! لماذا؟ نرجع ونقول لماذا؟ نعم؛ لأن في ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين – وذكرت هذا أنا، أي من قبل رُبع قرن، أيام كنا في الهداية، وعمري ما أنساها -، مجلة اسمها كيفونيم כיוונים – بلُغتهم العبرية كيفونيم כיוונים، ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين تقريبا، أو خمسة وثمانين، لكن أربعة وثمانين على الأرجح -، عرّبها واحد يعرف اللُغة العبرية، ترجم المقالة، قال لك ما هذا؟ تخطيط ومكر رهيب جدا، وعلى أعلى مُستويات الدولة المُحتلة هذه؛ لتقسيم مصر، إلى أربع دويلات! الخُطة موجودة! ويُريدون الكلام هذا.
بيترز Petersالأمريكي، عنده خارطة، وموجودة بالعربي، الآن صارت موجودة، وكانت موجودة بالإنجليزي، اسمها خارطة حدود الدم، اسمها حدود الدم! يذكر فيها الإرادة الماضية في تقسيم مصر!
الراحل سيء الذكر برنارد لويس Bernard Lewis، المُستشرق الأمريكي، بريطاني الأصل، المُتصهين، عدو الإسلام، الحاقد على الإسلام، عنده خُطة برنارد لويس Bernard Lewis؛ لتقسيم الشرق الأوسط، وفي الرأس مصر! أربع أو خمس دويلات!
المعاهد الاستعمارية، في أمريكا هناك، والمُتصهينة، وصفوا مصر بالجائزة الكُبرى The big prize! راحت العراق، حسن – قال لك -، مُمتاز، حسن! راحت سوريا، مُمتاز، لكن غير كاف! الجائزة الكُبرى. لن نرتاح ونشخر، إلا لما مصر تُدمر.
فهمتم قصدي؟ لصالح مَن كان يُستفز الأقباط المساكين، وتُنسب إليهم أنهم وأنهم وأنهم؛ الكلام الفارغ، الكذب كله هذا؟ كله كذب! ولو صدق منه واحد في الألف، لكان أول مَن تصدى لهم ماذا؟ جهاز الدولة! أجهزة الدولة المصرية! ولأخذت على أيديهم، بغير رحمة، أليس كذلك؟
ولذلك أنا أحمد الله – تبارك وتعالى -، وأنا جد سعيد، أن حاليا، ومن سنوات – بفضل الله تبارك وتعالى -، الأقباط في مصر، بدأوا يستشعرون مزيدا من الراحة! أنه الآن وضعنا أحسن، بدأنا نأخذ بعض حقوقنا المهضومة. جميل! بدأ يُرخَّص لنا.
الرئيس المصري يفتتح مسجدا من أكبر المساجد – ما شاء الله -! مسجد الفتاح العليم. في نفس اللحظة التي يفتتح فيها ماذا؟ أكبر كنيسة – ما شاء الله -! افتُتحت تواجه مسجد الفتاح العليم. كم سرني هذا!
وانظر إلى الإسلاميين – على الأقل بعضهم، مِمَن خبوا وأوضعوا واجتهدوا وسعوا، في ماذا؟ في تفجير الوضع -، كيف وصفوا هذا الحدث الجميل؟ كيف وصفوه؟ أرأيتم؟ فتح الكنائس! ولا يجوز! والكنائس لا تُبنى في ديار الإسلام! جُن جنونهم، طبعا! لأن هذه خطوات في الطريق الصحيح. خطوات ماذا؟ توطيد الأمن والاستقرار في الدولة المصرية – بفضل الله عز وجل -. لا يُريدون إياه!
الإمارات، الإمارات أيضا، نفس الشيء! تستضيف البابا فرنسيس Pope Francis، البابا! أعظم زعيم ديني في العالم، من حيث التبعية وكذا، كذا، بابا الفاتيكان! مليارا مسيحي وراء كلمته. يأتي إلى الإمارات، ويقوم يمدح الإسلام والرسول الكريم. يقول الإسلام ليس دين إرهاب ولا دين قتل، دين تعايش وتسامح. مَن الذي فعل هذا؟ الدولة الإماراتية. وأكيد هذا كلَّف الكثير، أليس كذلك؟ كلَّف الكثير!
أي هناك مَن يهدم، وهناك مَن يسيء إلى الإسلام، وهناك مَن يحرص أن يُصور الإسلام على أنه إرهاب وقتل ودمار وحرب على الأديان! وهناك مَن يُريد أن يُرمم، وأن يُصلح هذا، ويُلعنون! نعم، ما هي الإمارات دولة زنديقة! ما هي الإمارات مثل حكومة مصر! هؤلاء مع البوذيين، ومع الهنادكة، والصليبيين، والدين الإبراهيمي! اتقوا الله، اتقوا الله.
وأنتم، يا إخواني، الذين تسمعون كلامي هذا، لن أقول لكم فقط اتقوا الله، فتحوا أعينكم جيدا، فكروا باستقلال. قال لك لا، ما هي الإمارات عملت دينا، اسمه الدين الإبراهيمي! تكذبون على مَن؟ تكذبون على مَن؟
على فكرة، إلى الآن لم يُفتتح هذا المجمع، ولم يُصل في الكنيس ولا في الكنيسة ولا في المسجد، ولا واحد إلى الآن. والمفروض كان يُفتتح السنة هذه! لكن الحمد لله. ستقول لي ماذا؟ ماذا؟ ماذا قلت يا عدنان؟ أنا قلت هكذا، نعم، كنيس وكنيسة ومسجد. ستقول لي يعني هم فعلا كنيس وكذا؟ ليس معبدا واحدا للثلاثة؟ لا والله يا حبيبي، لا والله. يكذبون عليك، أو يستغفلونك.
يقول لك هذه خلطة، ثلاثة في واحد! ثلاثة في واحد يا كذّابون؟ حاشاكم. أنا أحكي عن هؤلاء الناس، حاشاكم! يا كذّابون ثلاثة في واحد؟ هناك مسجد لحاله، لما يدخل المسجد المُسلم، سيذهب يُصلي فيه، وهناك كنيس Synagogue يهودي، لما يدخل اليهودي، يأتي يُصلي فيه، وهناك Church – Kirche؛ كنيسة مسيحية، المسيحي الذي يدخل، يُصلي فيه.
هذا موجود هنا، في الـ AKH، ها هي، ها هي! المُستشفى الجامعي عندنا هنا في فيينا، ثالث مُستشفى في أوروبا كلها، مستشفى عظيمة وكذا! هناك مكان يُصلي فيه المُسلمون، وبجانبه واحد لليهود أو كذا، وبعد ذلك كنيسة بروتستانتية، وكنيسة كاثوليكية صغيرة، وهناك حتى غُرفة Meditation. ونحن مُعجبون جدا بهذا! لم يقل أحد اتفلوا على النمسا وحكومتها، يعملون خلطة إبراهيمية.
عيب، عيب! ولذلك أنا أقول لكم استقلوا، حاولوا أن تروا بأعينكم. كما قال السيد المسيح مَن كان له عينان، فلينظر. مَن كان له أُذنان، فليسمع. انتبه من المشايخ الذين يُحولون الدين سياسة، ويُحاول أن يُعيد إنتاج السياسة، ودائما بديباجة دينية! لن أقبلك، لن أثق فيك، لن أستمع إليك، وضعك خطير أنت، أمام الله، وأمام الناس، أمام التاريخ.
إذن – ستقول لي – ما المقبول منه؟ قلت لك المقبول كحد أدنى من أي شيخ أنه يتخندق في خندق دولته. دولتي هذه! شعبي، حدودي! أنا مع دولتي. أي شيء يُهدد دولتي، يُهدد استقرارها، أنا ضده. مقبول!
إذن كيف يُعرب عن مواقفه السياسية؟ كيف يُعرب عن مواقفه السياسية؟ باختصار، تعرف ماذا يقول؟ يقول قادة بلدي، أي أهل الأمر في بلدي، هم ارتأوا خُطة مُعينة، هذا يُسلَّم إليهم، وأنا لست من أهل السياسة. أنا معهم، وأدعو لهم، وأدعو لهم بأن يُوفقهم الله إلى ما فيه خير البلاد والعباد. وفقط، السلام عليكم! أنا لست سياسيا.
على فكرة – وأنا ذكرت مرة، وأُريد أن أذكرها مرة ثانية، مُهمة جدا جدا جدا – الله تحدث عن طائفة من المُنافقين. انتبهوا، هؤلاء الناس مُنافقون! من المُنافقين، يُسمونهم المذاييع. يُسمع الخبر، ويظل ينقله هنا وهنا، ويُشيّره Share، ويدّعي أنه فاهم.
ربنا قال وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا *. الله قال هذا مسلك من أقبح وأخطر مزالق الشيطان وأكثرها زلقا! يُمكن أن يتهور فيه المُسلم، حتى لو كان صاحبا من الصحابة، دون أن يدري. ما هو يا رب؟ قال لك تتكلم في شؤون الدولة، وأنت لست مِن أهل مَن؟ لست من أهل الشأن، لست من أهل المجال.
بمعنى، هناك موضوع له علاقة بملف الزراعة! يُقال إن الزراعة كذا وكذا، واستوردنا بذورا، تأتي كذا، كذا، وتعمل وتُسرطن! مَن الذي يُسأل في هذا؟ وزير الزراعة. أليس كذلك؟ أنت لا تعرف. لا، قرأت تقريرا ألمانيا! ألماني، ياباني، لا يعنيني! الكذب مالئ العالم، والتآمر عليك وعلى بلدك ليس مُتوقفا، أنت أهبل؟
هذا الموضوع، ربنا فهمنا، وزير الإعلام لا يعرفه، وزير الدفاع لا يعرفه. مَن سيعرفه – الله قال -؟ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ *. صاحب المجال، الذي الملف بيده! ما دام قضية زراعة وبذور وكذا، معناها مَن الذي ينبغي أن يُسأل فيها؟ الوزير؛ وزير الزراعة. وهو الذي سوف يُعطيك – كما يقولون – القول الفصل! لا، الموضوع يُوجد منه، أو لا يُوجد منه. انتهينا! وكِّل الأمر لأهله.
أنت ما علاقتك، يا مُسلم، يا عبد الله، وأنت تعيش في آخر العالم؟ أتيت تحكم في شؤون العالم العربي، دولة دولة! والله العظيم! لا يترك أحدا! لا يترك أحدا، لا مصر، لا السعودية، لا الكويت، لا البحرين، لا الإمارات، لا فلسطين، لا تونس، لا العراق، لا سوريا! دولة دولة! وتجعل من نفسك يوتيوبر YouTuber، وتنزل مواضيع كل يوم، وأشياء وثبت والتقارير!
يا ويلك من الله! أُقسم بالله العظيم، يا ويلك! والله العظيم يا ويلك وظلام ليلك! والله بتقريرك هذا ومُتابعاتك واللايكات Likes، والله العظيم لو تسببت – تخيل – في سفك دم، إنسان واحد، لتهلك عند الله. والله لن ينفعك، لا المُتابعات، ولا الأموال التي أخذتها من وراء الأكاذيب هذه! وسوف تقول يا ربي أنا كنت كذا وكذا. الله يقول لك كذاب – البعيد -، لماذا لعبت دورا ليس لك؟ ما أنت؟ مَن أنت؟
أقول لك الآن تعال إلى أي دولة عربية، أو أي دولة في العالم، وتعال… تعرف ماذا؟ إلى رأس الاستخبارات فيها، إلى رئيس جهاز الاستخبارات، واسأله عن بعض شؤون دول أُخرى، فسيقول لك بصراحة هذا الملف ليس عندي، لا أعرف، لا أعرف! سمعت أخبارا وكذا، كالتي سمعت، أما أن عندي تأكيدا، فليس عندي.
لماذا؟ لأنه يكون معنيا بشكل أساسي هو بملفات بلده. أليس كذلك؟ وما يمت إليها، ويعرف! أما أنه ينبغي أن يعرف بلدا بلدا، وبالتحديد! لا يعرف، ليس عنده! ولا في الاستخبارات الأمريكية يعرف، لا يعرف!
أنت تعرف؟ ما شاء الله عليك يا يوتيوبر YouTuber! ما شاء الله عليك أنت! ويُصدقونك الناس، وتدّعي أنك أبو السياسة كلها! يا ويل ويلك! والقرآن قال لك يا ويل ويلك! أنت تتبع خطوات الشيطان، لا تزال!
لو كنت مُحترما، وتهتم بمُستقبل الأمة العربية والمُسلمة والدول والناس، لقلت لا، لا، لا، لا، لا أتكلم. يا أخي هناك تقرير ألماني خرج! يقول لك ما علاقتي أنا؟ وما الذي يعرفني أنا؟ لا أعرف! أنا لست سياسيا، لست في المطبخ، أنا لا أعرف، لا أتكلم.
تعرفون، حدثتكم مرة عن رجل سياسي، كان من أحبابي وإخوتي في الله، توفيَ السنة هذه – رحمة الله عليه رحمة واسعة -، وهو من عيون الصالحين! رجل عابد زاهد تقي، آية من آيات الله! الإخوة يعرفون، الدكتور حسن – رحمة الله عليه – الصومالي.
هذا الرجل كان سفيرا، وكان وزيرا. في وزارته ألوف! قال لي أنا يا فلان كنت وزيرا، وفي إمرتي حوالي ثلاثة آلاف وستمائة موظف. تخيل! أمة! وزير، ورجل مُفكر، يُجيد أربع لُغات إجادة تامة، وعنده دكتوراه، أي (خابز الدنيا وعارفها).
قال لي أنا لاحظت يا فلان – عني – أنك لا تقرأ الجرائد هذه، ولا تُعنى بالسياسة! قلت له نعم، ليس عندي وقت لها. قال لي أحسن شيء فعلته! وأنصحك؛ داوم على هذا، وإياك في يوم من الأيام أنك تتورط، وتدخل في العالم هذا، وتتصرف كأنك سياسي!
قلت له لماذا يا دكتور إذن؟ ما هي السياسة؟ قال لي نحن – وهذا أبو السياسة وأمها طبعا، هذا في المطبخ، في المطبخ فعلا – في عالم السياسة نقول السياسة الحقيقية Four eyes؛ أربعة عيون! لا الذي يُدرَّس في الأكاديميات، ولا الجرائد، ولا الصُحف، ولا التلفزيونات، ولا التقارير التي تُقال، ولا الـ Statements، أبدا!
السياسة الحقيقية أربعة عيون: واحد فوق، الشيطان الأكبر هذا، والذي يتلقى الأمر منه، فقط! وتمشي الحكاية، تنزل هكذا، ويُعاد الأمر! فهمت قصدي؟ ستقول لي ما دامت المسألة على هذا النحو، ومسألة مُخيفة ومُرعبة ومُلتاثة وغامضة وغير واضحة، إذن ما الحل؟ أقول لك ما الحل: اعتصم بالكُليات وبالمنائر الكبيرة. ستقول لي لم أفهم، مثل ماذا؟ أنا هكذا أعمل، العبد الفقير، ووجدت نفسي حتى الآن مُرتاحا. ارتحت، لما سلكت هذه الخُطة! كيف مثلا؟
أنا الآن لو كنت أُريد أن أدخل على العالم اللعين هذا الظُلماني؛ عالم الشبكة هذه، وأُريد أن أُجمع أدلة ضد الدولة المصرية، وأنها دولة كذا، سوف أجد عشرة آلاف دليل! لا، أُريد أن أُجمع أدلة مع الدولة المصرية، وأنها جيدة، سوف أجد عشرين ألف دليل! سوف أظل حيران، ولا أعرف رأسي من رجلي!
لا يهمني! لماذا إذن؟ لأن كله كذب في كذب، لا تعرف أين الصح من الغلط، لا تعرف! ليس عندك قدرة أن تعرف، تفرز أين الصح وأين الغلط، لا تعرف! ليس عندك Access، تصل إلى المصدر، في عالم أربعة عيون يا حبيبي، فاتك الأمر! لكن هناك أشياء كُلية. نفس الشيء؛ موقفي من الإمارات، ما الإمارات؟ تجمع وتأتي وكذا، لن تفهم!
هناك مسألة مُهمة جدا! لا، صور ومنائر كبيرة! أنا أخذت هذا المعيار، هداني – بفضل الله تبارك وتعالى -. ماذا قلت؟ كل دولة، كل سياسة، ستعمل في اتجاه تمزيق الدولة المصرية، إشعال حرب أهلية في مصر، ستكون دولة عدوة للأمة، وتعمل مع أعداء الأمة، لن أؤيدها، لن أُحسن الظن بها. وكل دولة ستعمل على تعزيز الاستقرار في مصر، وتوطيد أركان الأمن في مصر، أنا سأُحسن الظن بها، مهما بدا غير ذلك.
وهنا يكون عندك… تعرف ماذا؟ بُرهان لا يُنقض! لأن لو كانت هذه الدولة عدوة للأمة، وتبغي الأمة الشر، لعملت في الاتجاه المُعاكس تماما، وهو اتجاه ماذا؟ تفجير الوضع في مصر. أليس كذلك؟
فقط! وجدت هذا كثيرا كثيرا أراحني. ومضبوط ولا لا؟ انتهينا! وسوف تحس أنه كلام منطقي، وتقول لي فعلا كلام منطقي. وفقط! والأشياء الدقيقة، التي لا أقدر، ولن أقدر، أن أصل إليها، أتركها لأهلها! لكن أنا لي ماذا؟ الخط العام. هذا الخط العام – الحمد لله -.
هناك ناس بذلت وعملت ودفعت أموالا وكذا، وتحملوا كلاما كثيرا، في سبيل أن تبقى مصر واقفة إلى اليوم، ولا تُقسَّم، ولا تُمزَّق، ولا تتشظى بحرب أهلية. أقول بارك الله فيهم، شكر الله سعيهم، كثَّر الله من أمثالهم، تقبَّل الله عنهم، وأحسن جزاءهم وأجزل مثوبتهم.
وأنت حُر، ادع عليهم، اتهمهم بأنهم أعداء للأمة، حقداء على الإسلام، يكرهونه! لأنني أعرف مقياسك – على الأقل أتحدث عن ناس مُعينين -! أنت مقياسك: كل مَن حال بينك وبين أن تحكم وتتسلط، ستعتقد أنه عدو لله ورسوله، أليس كذلك؟ عدو للإسلام! وإن صلى في اليوم ألف ركعة! هذه موازينك أنت. وعلى فكرة، هذه لن تشفع لك عند الله. الله سوف يقول لك لا، كذبت وأثمت، كذبت وأثمت!
انظر إلى الإمام علي – عليه السلام -، ما أعظم هذا الرجل! وعلى فكرة، أنا لا أنسب إليه ما لم يقله. هذا يتفق عليه السُني، والشيعي قبل السُني؛ لأنه في نهج البلاغة. يذكر أنه وجيشه، لقوا أهل الشام، يقصد مَن؟ مُعاوية وجيشه. ثم ماذا؟ في نهج البلاغة!
قال لا نستزيدهم بالله إيمانا، ولا يستزيدوننا. يا سلام على الإنصاف يا أبا الحسن – عليه السلام -! وقال لك لماذا تعشق عليا؟ أعشقه حتى الموت هذا الرجل. هذا الرجل الذي فهم الإسلام الصحيح. قال لك خلافنا ليس على الدين. أنا لا أُكفِّر مُعاوية، ولا أُكفِّر أهل الشام. نحن مؤمنون، وهم مؤمنون، ونحن مُتدينون، وهم مُتدينون. إذن على ماذا؟ قال لك خلاف سياسي. يُوجد خلاف سياسي، على السُلطة والحُكم.
ستقول لي هنا يا عدنان هذا درس، لا يزال هناك درس آخر، تحت هذا الدرس الأول! في الإنصاف؛ إنصاف الإمام علي. ليس بمُجرد هذا، تذهب فتُكفِّر الآخرين. ثم هذا علي، ليس جماعة في القرن الحادي والعشرين، علي!
ابن الإسلام، أول الصغار إسلاما، على الأقل! لا يُوجد كلام طبعا، لا يُوجد صبي، أو لا يوجد صغير، أسلم قبل علي، أي هذا من (يوم يومه) في الإسلام والتوحيد، ما رأيك؟ عليه السلام! ومعروف بلاؤه، وحُسن بلائه في الإسلام، في جميع الميادين، ما شاء الله!
ومع ذلك هذا لم يغره، ليقول لك أنا وفقط! والذي يُعارضني سياسيا: (ستين في سبعين زنديقا هو). قال لك لا، لا، لا، لا. الحق! الحق وليس التواضع وحسب، الحق! هم مُسلمون، نحن مُسلمون. قال! هم مؤمنون، نحن مؤمنون. يُوجد خلاف في قضايا ثانية.
يا سلام على الإنصاف! يا سلام! ليس: لا، هذه الدولة ضد الله والرسول، ضد الإسلام، ضده! ليست ضد الإسلام، ضدكم أنتم، ضد أطماعكم، ضد خُططكم أن تقفزوا على السُلطة! لن تُعطيكم.
هنا الدرس الثاني؛ بالله عليك، مُعاوية تواضع، وقال والله أبو الحسن أحسن مني، وأقدم إسلاما مني، وأعلم، وصهر النبي، وأبو الحسن والحُسين، وأبو الذُرية، كذا، كذا، اترك له الحُكم؟ مع أن عليا كل الأمة، باستثناء أهل الشام، بايعته! كل الأمة! فقط بلدة وحيدة: أهل الشام. قالوا نحن مع مُعاوية.
معناها مَن الذي كفته أمتع وأرجح؟ علي. أليس كذلك؟ مع ذلك، مُعاوية لم يتواضع، ولم يتنازل وقال لك لا، نتركها لمَن؟ لعلي. لا! علي، من جهته، تتوقع منه أن يقول لك نعم، أنا الأمة كلها بايعتني، أُريد أن أتركها لمُعاوية؟ لم يتركها طبعا، وهو طبعا الأفضل ألا يتركها.
ستقول لي هؤلاء صحابة، وهذا بسبب موضوع الحُكم، وذبح بعضهم بعضا، ومات عشرات آلاف الصحابة والتابعين؟ نعم، عشرات آلاف! قال أنا إسلامي. ما معنى أنا إسلامي؟ أنت إسلامي، أنا مُسلم يا حبيبي! ما هذا؟ يُوجد عندك أركان غير الخمسة للإسلام؛ أركان الإسلام؟ سوف يقول لك لا. الإسلامي! سوف أقول له أنا عندي هذه، الأركان الخمسة أنا قائم بها – بفضل الله -.
يُوجد عندك أركان غير الستة الأركان الخاصة بالإيمان؟ سوف يقول لك لا. سوف أقول له وأنا عندي هذه أيضا! أي ما معنى إسلامي إذن؟ أنت متى وُلدت كإسلامي؟ سوف تقول سنة ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين! مع حسن البنا.
أقول لك بالأمس! الإسلام عُمره ألف وأربعمائة سنة! ألف وأربعمائة وثلاث وأربعون سنة! سوف أشطبك من التاريخ، أنت بأكملك، والإسلام باق، قبلك وبعدك يا حبيبي، (روح روّح)، العب غيرها! تلعب على مَن الآن أنت؟
لا! يُريدون أن يُفهموا الناس أن أي حاكم، وأي سُلطة، تمنع وتحول بينهم وبين وصول السُلطة واغتنام الكذا، فهم هؤلاء أعداء لله ورسوله! ضحك، ضحك على المُغفلين، والله العظيم! عيب!
ستقول لي أنت قلت يا عدنان في الخُطبة إن الناس صاروا، أي أصبحوا، شبه عاجزين عن إعادة واسترداد الإسلام، وقراءة الإسلام، وإعادة إنتاج فهم مُريح للإسلام، خارج الأنماط والقوالب والمناهج، التي سنها الإسلام السياسي، ماذا تقترح؟ إذن ما القصة؟
نبدأ إذن بأشياء يُمكن أن تدخل حتى في الحس المُشترك:
بصراحة لما تتأمل في الدول العربية والإسلامية، بشكل عام، تشعر أن الشعب وأجهزة الدولة ناس مُسلمون. الرئيس تجده يُصلي، ويذهب يحج ويعتمر ويلبس لباس العُمرة، مُسلم الرجل! إذن هل هناك بصراحة مساع ضد القرآن؟ الذي يحفظ قرآنا، كالدول الشيوعية مثلا قديما، الاتحاد السوفيتي، يضعونه في السجن؟ أبدا، أبدا، أبدا! أليس كذلك؟
أكبر دولة عربية كان فيها حفّاظ قرآن ليبيا القذافي. أنا أستغفر الله، حرضت على القذافي، أستغفر الله! لكن، يعلم الله، حرضت عليه بنية مُخلصة وصادقة، بحسب ما كان يصلني من معلومات، من الإسلام السياسي! القذافي عمل كذا وكذا وكذا وكذا وكذا، والقذافي كذا! وصدّقت أنا.
ثم تبين لي أن كثيرا من هذه المعلومات خاطئة. القذافي طبعا لم يكن على رأسه ريشة، ولم يكن ملاكا مُنزها طبعا، لا! عنده أخطاؤه الرهيبة، مثل أي حاكم عربي أيضا، ولكن لم يكن بذلك السوء الذي صورته أنا، وأستغفر الله، دائما أشعر بالحُزن، والله العظيم! وربي يغفر لي، ربي يغفر لي عما ذكرته على المنبر هذا.
القذافي كان عنده أكبر حفاظ للقرآن الكريم، من ناحية العدد، في العالم العربي كله، أو الإسلامي! إذن كيف عدو للإسلام وعدو لله؟ هكذا فهمونا! واضح؟
لا تُوجد دولة عربية ومُسلمة تمنع الصلاة في المساجد، أو تمنع بناء المساجد. بناء (بالهبل) عندنا مساجد، خاصة مصر، ما شاء الله! ما شاء الله! (بالهبل، بالهبل)، حتى سوريا! ألم نذكر الحُكم هذا البعثي وكذا، كذا؟
ولن أقول الحُكم العلوي، انتبه! الحُكم البعثي! لأنني لن ألعب على الوتر الطائفي هذا، كما لعب عليه الإسلاميون، لن أغلط نفس الغلطة، حاشا لله! لكن هذا الحُكم البعثي، اللاديني – هو ليس له علاقة بالدين -، هل منع الإسلام؟ نحن رأينا سوريا، خرجت لنا كبار علماء الإسلام. علماء في الفقه والأصول والتفسير والتصوف، شيء عجيب! أليس كذلك؟
العلّامة البوطي، والشيخ الحلبي – رحمة الله عليه -، والشيخ وهبة الزُحيلي، والشيخ البُغا، والشيخ مُصطفى الخُن، علماء كبار! جهابذة! أليس كذلك؟ ومؤلفات ماتعة! وكُلية شريعة تُدرِّس!
والعجيب أنه لا تُوجد كُلية تُدرِّس المذهب العلوي. لا تُوجد، لا تُوجد! أي ليس عندهم حس تبشيري؛ بشِّر بالعلوية. ليس عندهم، ليس عندهم! انشر إسلامك السُني، لكن ما هو الشرط؟ الشرط الذي في سوريا، هو في العراق، هو في الإمارات، في الكويت، في البحرين، في مصر، في كل مكان! هو شرط الحُكم عموما! وهو شرط مُعاوية، وشرط فلان! ابعد عن السياسة، لا تُنازعني سُلطاني. فهمت قصدي؟
إذا نازعتني سُلطاني، لن أرحمك، لو كنت صحابيا. ولم يرحموا بعضهم، وهم صحابة! هذا الحُكم، لئلا نكون مُغفلين! أليس كذلك؟ فلا تقل لي عدو للإسلام! لا تكذب. هل هذا مَن سميته، أو سميتها من دولة، عدوة للإسلام – كما قلت لك -، تُحارب الصلاة؟ لا، والله. تُحارب القرآن؟ لا، والله. لا تطبع المصاحف؟ لا، والله. تمنع تدريس الشريعة؟ لا، والله، تُدرِّسها حتى في المدارس، إذا لم يكن في الروضة. لكن كل هذا مرهون بماذا؟
ستقول لي لا، لكن هناك دول ضيقت! صح، هناك دول بدأت تُضيق، تُضيق حتى على المُصلين، تُضيق على الحفّاظ، على الخُطباء، على العلماء! تعرف لماذا؟ لأن هؤلاء ناشطون في الحركات، التي يُسمونها بين قوسين (جهادية). قال! مُقاتلة، عسكرية! إسلام سياسي.
وهناك ناس ليسوا ناشطين، ضاعوا تحت الرجلين! السبب مَن؟ السبب في هؤلاء الذين أثاروا الوحش النائم، والغول الكاسر هذا، السُلطة! بماذا؟ بالنزاع على الكراسي. لن يرحمك أحد!
على فكرة، دعونا نكون واضحين جدا جدا جدا، وسوف أُعطيكم مثالين، فقط اثنين، ثلاثة أمثلة، ثلاثة أمثلة! نبدأ بأفغانستان:
كنت أنا في مسجد رسول الله – صلوات الله عليه -، ذات حجة – ربما آخر حجة من حجاتي، في مسجد رسول الله، بفضل الله تبارك وتعالى -، أجلس تماما تلقاء الإمام، وكنا ننتظر صلاة العصر، وها هو المحراب، وها هو الإمام جالس.
وإلى جانبي، عن يساري، رجل كبير وقور، يلبس جُبة، الذي لفتني فيها أنها جُبة تآكلت حواشيها! قلت هذا فقير. واضح أنه من أهل العلم والفضل، وجالس بوقار، ولحية وعمامة، كذا! ولكن الجُبة – زرقاء كانت، سبُحان الله! -، تآكلت حواشيها. لم أعرفه مَن هو، أخجل أنا، لم أُدقِّق في وجهه، لكن أعلم أنه رجل، واضح أنه رجل عجمي، مُسلم مُحترم.
أول ما جاء الإمام وجلس، وبعد ذلك رفع رأسه، قبل أن تُقام الصلاة: هيه! قال له الشيخ صبغت الله، أهلا أهلا سيدي، كيف الحال؟ هيه! أنا اقشعر بدني! هذا صبغت الله مجددي؟ هو! الله يرحم روحه، ومات – أعتقد – ألفين وتسعة عشر -، هو! عن ثنتين وتسعين سنة.
صبغت الله مُجددي! هذا رئيس أول حكومة في أفغانستان، بعد حُكومة نجيب، الشيوعي. أي ألف وتسعمائة وثنتين وتسعين كان أول رئيس لأفغانستان صبغت الله مُجددي، وعُرف بهذا. طبعا خريج الأزهر هو! خريج الأزهر، ومن عائلة دينية عريقة.
لماذا اسمه مُجددي هو؟ لأنه ينتمي إلى المُجدد. مَن المُجدد؟ سيدي مُجدد الألف الثانية في الإسلام أحمد بن عبد الأحد الفاروقي السرهندي – قدس الله سره -. أنا هذا أعرفه من ثلاثين سنة طبعا، وقرأت له المكتوبات! عنده المكتوبات.
سيدي السرهندي شأنه عظيم! الذي يُحب أن يعرف عن الشيخ السرهندي، مَن هو وما شأنه، يقرأ الكتاب العظيم لسيدنا ومولانا أبي الحسن الندوي – رضوان الله عليه -، الذي اسمه رجال الفكر والدعوة في الإسلام. في أحد المُجلدات كلام طويل عن الشيخ المُجددي؛ أحمد بن عبد الأحد الفاروقي السرهندي.
فالمُهم، سلَّم عليه الشيخ الإمام؛ شيخنا وكذا، كذا، كذا. هيه! قلت هذا صبغت الله؟ فانتبهت! والله، وإذا بالإمام يُقرِّب رأسه من رأس الشيخ المرحوم، وقال له يا مولانا أُريد أن أسألك سؤالا. وأنا بجانب الشيخ، أنا أقرب إلى الشيخ من الإمام بكثير، لا أزال! أي بيني وبين الإمام هكذا؛ ربما خمسين سنتيمترا، أنا مُلتصق بالشيخ! وأنا أسمع كل شيء.
قال له تفضل، يا أستاذ، أو يا شيخ. قال له هل حقا ما سمعنا، أن المُجاهدين، حين اختلفوا، استباح بعضهم دماء بعض؟ فسكت هنيهة الشيخ مُجددي – رحمة الله عليه -، وتكلم بألم شديد، وبصوت خفيض، رجلا وقورا كان! عالم أزهري هو.
قال له يا شيخ، ليس هذا فقط! بل استباحوا أعراض أخواتهم المُسلمات! أُقسم بالله! أنا شهيد على هذا، هذا في مسجد رسول الله. هذا الإسلام السياسي! استباحوا أعراض أخواتهم! تعرف لماذا؟ لأنه بسهولة، هو سوف يُحاسبك دينيا! مع أنك أنت مثله، وقاتلت الروس، وقاتلت! نعم، لكن أنت على غير خطي، فأنت كافر – البعيد -.
ورأينا المعركة الرهيبة، بين الجمعية الإسلامية، والحزب الإسلامي! ستقول لي لا أفهم! الحزب الإسلامي مَن هو؟ قَلب الدين، يُسمونه قُلب الدين، حكمتيار. والجمعية الإسلامية مَن؟ بُرهان الدين رباني. أليس كذلك؟ لما ذهب الشيخ مُجددي، انتهت فترته، مَن جاء بعده، حكم؟ الجمعية الإسلامية.
الذي هو مَن؟ بُرهان الدين رباني. مثل الزفت حكم! مثل الزفت! فقط أصدر بعض القوانين الإسلامية الظاهرية هكذا، تخيل! وترك الأُسس، بما فيها حتى الانتخاب الحُر النزيه والشورى والديمقراطية! وصارت المعارك الرهيبة، بين الجمعية وقواتها، وبين الحزب وقواته! وسقوط الضحايا بالألوف، وحمامات الدم، شيء رهيب!
وانتقد الشيخ صبغت الله مُجددي نقدا حادا وأليما حُكم بُرهان الدين رباني! وبروفيسور! رباني كان بروفيسورا أيضا في الجامعة، في الإسلاميات! لكن انظر إلى الإسلام السياسي، ذبح بعضهم بعضا، وليس سفكوا الدماء، وحتى الأعراض، الأخوات اعتُديَ على أعراضهن! أي كأنهن سبايا وكذا، هذا الإسلام السياسي! هذا واحد.
ثانيا لن أتحدث عن كل كوارث حُكم الإسلاميين في السودان، عُمر البشير وفضائح عُمر البشير! وضاع جنوب السودان، ببركات حُكم الإسلاميين في السودان – الحمد لله -، ضاع، ضاع! لم تدخل إفريقيا كلها في الإسلام، ضاع منا الجنوب كله، ببركاتهم، ما شاء الله عليهم!
لا، لا، لا، لا! أنا أسألك فقط ما موقف إسلاميي السودان، البشير نفسه وزُمرته، من أستاذهم الأكبر، مُنظّرهم الأول والأوحد؟ الذي هو مَن؟ حسن الترابي – رحمة الله عليه، وغفر الله له، الثاني -. وضعوه في السجن، أهانوه، (بهدلوه)! تقول لي كيف؟ أليس أستاذهم؟ أستاذهم! هو الذي علَّمهم الإسلام السياسي، ولن أقول لك علَّمهم السحر، هو الذي علَّمهم!
فقال لك أصدقاء السياسة، أعداء بعد رياسة. حتى لو كان هذا، الذي اتخذوه عدوا، شيخكم وأستاذكم؟ الترابي؟ قال لك نعم! ضعه في السجن، وندوس عليه. الكرسي هذا! ماذا تظن، لما تأتي – أنت يا عدنان إبراهيم، أو يا حمدان إسماعيل -، وتقول له أنا رجل من أهل العلم، ورأيت رؤيا صالحة، وقرأت كُتبا كثيرة، وعندي وجهة نظر؟
يقول لك نظرك؟ (تنتص) في نظرك! وجهة نظر ماذا؟ نحن عندنا التسبيح وحرق (البخاخير). تقدر على أن تُسبح، تحرق (بخاخير)، وتُدافع عنا في الحق والباطل؟ أهلا وسهلا بك، نُعطيك ما تيسر من العظام التي عندنا. غير هذا، (تنتص) في بصرك، (اطلع انسلخ). يدوسون عليك، أو يضعونك في السجن. فهمت قصدي؟ هذا هو الإسلام، لما يُسيس. هذا لما الدين بقداسته ونزاهته، يُلعب سياسة.
ورأيتم حماس! وهذه حكومة حماس، وما شاء الله! والحريات الرهيبة التي عندها! الحريات المبسوطة! جرِّب أن تذهب، وانتقد وطوِّل لسانك، وانظر ماذا سيصير!
اسكت! لا تُحدِّثني، شيء رهيب الذي يحصل. فمتى سوف نتعلم نحن؟ متى سوف نتعلم الدرس؟ انس! لن نكون هكذا! وعلى فكرة، هناك مسألة أنا لفت إليها في ليطمئن قلبي، وازعجت هؤلاء، المُسيسين:
الحُكم الإسلامي، والحُكم الإسلامي، يا أخي والإسلام لا بُد أن يأخذ فُرصته! هناك شيء غريب جدا يحدث! عجيب! الإسلام لم يأخذ فُرصته في الحُكم؟ قال لك نعم، وضربه أتاتورك Atatürk الملعون هذا، في سنة ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين، وكذا!
نعم، نعم، نعم! لكن بصراحة قبل سنة ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين، الإسلام ألف وأربعمائة سنة يحكم، يا جماعة! مَن الذي كان يحكم ألف وأربعمائة سنة؟ من الراشدين، فالأُمويين، فالعباسيين، فالمماليك؛ برجية، بحرية! ثم العثمانيين، ثم آل سعود. هو الإسلام يا حبيبي! كله حُكم باسم الإسلام! وكلٌ له وعليه، وما عليه أكثر مما هو له.
تريدون أنتم أن تأتوا الآن، وكأنكم شيء جديد؟ بالعكس، أنتم شيء أسوأ بكثير! على فكرة، سوف تكونون أسوأ من أي حُكم إسلامي مضى في التاريخ، لا (تضحكوا علينا). تعرفون لماذا؟ لأنكم أبناء الحداثة؛ الـ Modernity.
ستقول لي ماذا؟ ولم أفهم! لا، لا! صدِّقني، افهم، افهم! لكن حاول أن تبحث عن فاشية أبي الأعلى المودودي. ستقول لي ماذا؟ اتق الله يا رجل، عيب عليك! أبو الأعلى أستاذ سيد قطب. لولا أبو الأعلى، لما كان هناك سيد قطب أصلا، لا ذهب ولا جاء! كل أفكاره الأساسية من أبي الأعلى المودودي.
على فكرة، المودودي مات – أعتقد – في التاسع والسبعين، الذي صلى عليه الجنازة، في الهند هناك، الشيخ القرضاوي. كان عُمره تقريبا ربما إحدى وخمسين سنة، الشيخ القرضاوي! نفس الخط، على فكرة! هو الإسلام السياسي هذا!
المودودي عنده كتاب اسمه الإسلام في وجه التحديات المُعاصرة، قرأته وأنا صغير، يحكي فيه أن الإسلام ليس أقل من البُلشفيك! وليس أقل من الفاشية! نحن أيضا نظام شمولي! يفتخر! تعرف لماذا؟ لأنه لا يعيش الآن، هو يعيش أيام كان العصر عصر مَن؟ الفاشيات والنازيات، والنُظم الكليانية، التوتالية!
فهذه كانت شيئا كبيرا، فهو يفتخر! قال لك الحمد لله، حتى نحن أيضا فاشيون، لا تخافوا، نحن فاشيون! تعني ماذا فاشيون؟ قال لك نحن لن نسمح لك أن تتنفس، إلا بدليل شرعي! حياتك ممسوكة في يدنا بالكامل! كل شيء الإسلام له رأي فيه، الإسلام رقيب عليك في كل شيء. تخيل! تحك شعرك، تحتاج إلى دليل! توتالية رهيبة مُخيفة مُرعبة، لو حكمت، يا لهول ما سوف تفعله في الناس!
فيفتخر المودودي أن الإسلام فاشي! تقشعر بدنك! لا تُصدِّقني، نزِّل من النت Net، اكتب: الإسلام في وجه التحديات المُعاصرة، أبو الأعلى المودودي! ستقرأ هذا بالحرف. دع هذا! الشيخ حسن البنا، انظر إلى تنظيمه.
وله صورة، حسن البنا، لابس فيها لباسا بُنيا، وواضع هنا هكذا علامة مُلصقة، ولباس عسكر وكشافة! بالضبط نفس أزياء النازيين في إيطاليا! وهو قال لك نعم، أنا أُقلِّدهم. قال لك لِمَ لا؟ القمصان البنية وكذا، ونحن نُقلِّد، نحن أيضا عندنا! عندنا نازيتنا! ماذا؟ طبعا! أبناء العصر!
داعش حداثية! ما بعد حداثية بالكامل داعش، على فكرة! انتبه! هذه الجماعات، وهذا الإسلام السياسي، وهذا اللعب كله، وهذا وهذا، ابن الحداثة، سيكون فيه كل لعنات وويلات الحداثة، سوف تترحمون على يوم حُكم الأموييين والعباسيين والذين أسمهم مماليك، وسوف تقولون كانوا أشرف ألف مرة!
الناس لا تفهم الحقيقة يا جماعة، الناس مأكول بعقلها حلاوة! الإسلام والإسلام هو الحل، ويظنون هذا، لو حكم الإسلام! مثلما كان واهما الرئيس مُرسي – رحمة الله عليه، وغفر الله له -. قال نحن دعونا نُحكم، بعون الله سوف نحل كل مشاكل مصر! في كم؟ كم قال؟ تسعين يوما! تسعين يوما. قال! ثلاثة أشهر.
أنا مُتأكد الرجل لم يكن يكذب، هو كان يُصدق نفسه! ويُصدق أن المسألة بالسهولة هذه! لما دخل المعمعة، أدرك. أنا مرة ضربت مثلا بسيطا، على فكرة! لأنني أراه في الناس. انظر، أي واحد، لما يكون إنسانا بسيطا وساذجا وليس صاحب تجربة، يقع ضحية أوهام.
الآن انظر إلى شخص عادي، احك له عن تجويد القرآن، قل له المنشاوي والشيخ مُصطفى إسماعيل والمقامات، يقول لك جيدون هم، لكن ماذا يعني هذا؟ هل مسألة صعبة هي؟
صعبة؟ تقدر؟ يقول لك أعمل مثلهم! إذن تعال، هيا! ها هو الميكروفون، اطلع، قلِّد لي الشيخ المنشاوي. يصير مثل الصوص، صغير و(يكوكو)، يصير مسخرة! أنا أحكي لك عن تجارب حقيقية عشتها! وينقطع نفسه وينخنق! ما شاء الله على عبد الباسط!
لكن انظر، الكلام – كما قلت لك – لا تُوجد عليه ضريبة، مجاني! الكل يتكلم، خاصة الإنسان الجاهل! الجاهل يقول لك سهلة، ما هذه؟ أعملها! هذا السؤال الفلسفي أُجيب عنه أنا! يأتي يُجيب عنه هو، فيتضح أنه لا يفهم كلمة، مسكين! كلما ناقشته في كلمة، يتضح أنه لا يفهمها، لا يفهمها! لكن هو في الأول قال سأُجيب عنه كله، لا، لا! الكلام هذا كله، كله أرد عليه، أفحمه! الجاهل!
لذلك المُتواضع الحق هو العالم. في الدنيا، طالما أنت في الدنيا، تستطيع أن تَلعب كيف شئت، ويُلعب عليك، وتَلعب على الناس، وتؤلف كلاما ومدائح وكذا! اعمل ما تُريد. بمُجرد أن تموت، ستواجه الحقيقة، انس! ليست الحقيقة كما قددتها أنت، أو توهمتها، أو رغبت أن تكون، لا! الحقيقة كما هي.
وفي الأخير، أكبر خصم لك، سوف يكون مَن هو؟ ضميرك! الذي الله يعرفه، وأنت كنت تعرفه. الله سوف يقول لك تعال يا عبدي، أنت لما قلت كذا وكذا، أنت كنت تعلم لِمَ قلت كذا وكذا.
إذن الخُلاصة، هو هذا! بفضل الله لا تنغروا، لا (يُضحك عليكم). خدمة الإسلام طريق واسعة، يستطيع الكُل أن ينخرط فيها، أنت وأنا وهو وهي، والله العظيم! ونخدم الأمة، ونخدم الإسلام، بأحلى ما يكون!
والله العظيم لو خدمنا الإسلام بهذه الطريقة، من تسعين سنة، لكنا اليوم في مكان آخر مُختلف تماما، ما رأيك؟ على جميع المُستويات! لكانت ديمقراطية وحكومات وشورى وعلم وعلماء ودكاترة وفلاسفة، شيء من أحلى ما يكون! وإسلام روحاني جميل حقيقي، ليس إسلاما سياسيا، تخيل!
لكن ما زلنا نتعثر إلى الآن في أذيالنا، وسجون ومناف وذبح ورابعة وكذا وما لا أعرف! ما هذا؟ إلى متى؟ إلى متى سنظل حمقى هكذا؟ لا بُد أن ننفصل عن هذا الخط بالكامل، وكما قلت لك الإسلام قبلهم وبعدهم وإبانهم، أبدا! الإسلام لا يحتاج كل هذه الأشياء، وبين قوسين في الأخير (صناعة استعمارية)، استحضروا هذا بوضوح، بوضوح! على فكرة.
الاستعمار نفس على فكرة، الاستعمار نفسه الذي الآن يشتغل، هو هذا، هو الذي لا يسمح لهذا الخطاب أيضا أن ينتشر كثيرا، ممنوع، ممنوع! الله يعيننا على ما قلنا وما نقول، ممنوع! أنت تُريد أن تُفسد علينا إذن شُغلنا ومُخططاتنا؟ اسكت! الذي يعرف، يسكت! طبعا؛ لأنهم يشتغلون، لا يزالون!
لا! لا نُريد، لا نُريد! نحن نُريد أن نعيش في سلام، نُسالم دولنا وحكوماتنا وشعوبنا والعالم كله، نحن في سلام مع العالم، نحن لا نُريد مشاكل، الإسلام ليس حربا على العالم وعلى الناس، الإسلام استقرار وأمن وإيمان. أعظم نعمة الأمن، أعظم نعمة!
ماذا قال إبراهيم – عليه السلام -؟ الخليل يا أخي! أنا أُريد أن أسمع حسن البنا وسيد قطب وكذا؟ أسمع إبراهيم الخليل، أبو الأنبياء، أبو الأنبياء! شيخ الأنبياء. قال رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ *. إبراهيم! ولا يحكي عن أمة من تسعين مليون ومئة مليون ومليارين! يحكي عن هاجر وإسماعيل وكذا. تُريد لأولادي وعائلتي يا ربي أن يُصلوا لك وكذا؟ أعطهم الأمان والرزق.
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ *، لماذا يعبدونه؟ الَّذِي أَطْعَمَهُم *… وَآمَنَهُم *… انظر، ها هو، القرآن نفسه، ليس إبراهيم فحسب، الله قال هكذا! أمن ورزق، وبعد ذلك عبادة – إن شاء الله تعالى -. إذا لم يكن هناك أمن، ولم يكن هناك أرزاق، أي عبادة؟ نحن نصير مجانين، نصير أغوالا، يأكل بعضنا بعضا، وباسم الإسلام! وجهاد وحركات مُسلحة!
تبا لكل هذا العبث، تبا لكل هذا الجنون الذي نحن فيه يا إخواني! فكفى، كفى! يجب أن نقول كفى – والله العظيم -. يجب أن نشق طريقا واضحة إلى الأمام – بعون الله تعالى -.
وسوف ترى أن الكل سوف يستفيد، وأول مُستفيد الدين نفسه – والله العظيم – والأمة، وسوف ترى – والله العظيم – يوم يُبشَّر بالدين الصحيح الجميل هذا، سوف ترى كيف الناس من غير المُسلمين يدخلون في دين الله أفواجا.
على فكرة، أنتم ألا تُلاحظون أن مثل الخطاب الذي أفوه به أنا، هناك ناس مُنصّرون، وهناك ناس حاقدون على الإسلام، كثيرا يكرهونه، ويُحاربونني حرب العمى؟ إذن لماذا؟ أنتم – على أساس – تكرهون الإسلام الإرهابي الداعشي القاعدي الذي يقتل ويُذبح، عدنان إبراهيم ضد هذا تماما! قال لك لأن هذا أخطر علينا! ذلك أحسن ذريعة لنا؛ لكي نسب الإسلام. أليس كذلك؟ سب الإسلام ومؤسس الإسلام وقرآن الإسلام وكذا، وعندنا ذريعة!
وقلت لكم قبل ذلك إبراهيم – عليه السلام – لما طلب الرزق والرغد والرفاه… لمَن؟ للمؤمنين. الله لباه؟ قال له لا، والكافرين أيضا. قال لك القرآن! وليس هناك أعظم من كتابي! كتابنا أعظم كتاب! أليس كذلك؟ قال له وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ *. أليس كذلك؟
إبراهيم قال لا! اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم *. قال له يا ربي، فقط المؤمنين! إبراهيم – عليه السلام -! الله يُريد أن يُعلِّمه، إبراهيم ليس متعلما كل شيء! الله يُعلِّم، لا يزال! ومن خلالهم يُعلِّمنا. لم نتعلَّم، لم نتعلَّم!
قال له اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ *. قَالَ *، مَن هنا الذي قال؟ الله. وَمَن كَفَرَ *. يا سلام! أُقسم بالله شيء يقشعر! عظمة! هذا ليس كلام محمد، محمد مَن؟ محمد يعرف الكلام هذا؟ ولا يقدر، ولا هناك مخ يقدر، هذا رب العالمين!
لأنه رب العالمين! رب المؤمن والكافر، فالكافر ليس له رب إلا الله، أليس كذلك؟ الله يُريد أن يقول لك لا، أنا أُريد أن أعمل إسلاما سياسيا، إسلاما سياسيا يُعطي الحق في الحياة والرغد والرفاه فقط للمؤمنين الصالحين، والآخرون في (ستين داهية)؟
يُوجد عندكم تنظيم إسلامي شهير معروف، قال لك مال الجماعة للجماعة! ما شاء الله! بالمكشوف! مالنا لنا. معناها أنتم جماعة، أي ميلشية، أنتم لست حُكما! وكيف تحكمون البلد أنتم؟ تكذبون على مَن لا تزالون أنتم؟ تلعبون الأدوار المُزدوجة اللعينة هذه كيف؟ كيف تسمحون لأنفسكم أنتم؟ كيف سوف تلقون الله؟ كيف تحكمون الناس؟ اتقوا الله!
الله لم يقل هكذا، قال له وَمَن كَفَرَ *. فهمت كيف؟ المسائل سهلة، على فكرة! سهلة! يُمكن أن تنقض كل هذا الغزل، وكل هذا الخداع باسم الدين، بآيات بسيطة، صارمة! لكن لا بُد أن يكون عندك وعي، وألا تكون مُغفلا و(يُضحك عليك).
أعني أن أحد البواعث للخُطبة: لم أقدر – اقشعر بدني الآن -، لم أقدر على أن أُنكر بيني وبين نفسي أنني استفدت من الشيخ القرضاوي، في أشياء كثيرة – الحمد لله – في العلم! في فقه الجهاد أشياء مُعينة، في فقة الزكاة وأنا صغير! فالرجل له فضل علي، معناها لا أقدر على أن أُنكر، انتهى! تعلَّمت منه أشياء، من كُتبه، فله فضل.
فمن أجل ذلك أنا أتيت؛ لكي أقول ترحم واستغفر. لكن لا أقدر على أن أُعطي شيكا على بياض، ويجب أن أنصح للأمة؛ لكي لا نظل نُكرِّر أخطاء الشيخ القرضاوي – رحمة الله عليه -! لكن يُسعدنا – والله العظيم -، ونلهج بالدعاء، أن ندعو له بالمغفرة والرحمة، وأن يكون فيما كتب من علم، ووضع من علم، ما يشفع له – إن شاء الله تعالى -، والله كريم ورحيم! لكن الغلط غلط، والصح صح، يا إخواني، واضح؟
لكن خُطبة اليوم جاءت؛ لكي تزيد على هذه الجُملة المُهمة، المفروض – كما قلت – ألا تكون مثار نزاع أو خلاف؛ أن نقول هذا لما غلط فيه الشيخ، وخاصة الغلطات الكبيرة! لم نأت إلى هنا، ولا يجوز لنا أصلا، لكي نُناقشه الحساب في أخطاء فقهية وعلمية، لا، لا! هو عالم، وأعلم منا في الفقه والأشياء هذه.
لا! أتينا في الموضوعات السياسية، التي تورط فيها، ورأينا النتائج! أسوأ بكثير مما ظن هو أو ظننا! مزيدا من الدمار، مزيدا من الدماء، مزيدا من الخسارة، مزيدا حتى من خروج أبناء الإسلام من الدين، شيء فظيع الذي صار! شيء رهيب، رهيب، رهيب، رهيب! فكان لا بُد وضع نُقطة، وفتح الحساب لهذه الحقبة! ما الذي حصل؟ أين الغلط؟ ونقول ونُوضِّح.
ويعلم الله أن… كيف يُمكنني أن أقول لك إذن؟ الله وحده عليم، كان يجب أن نقعد هذا المقعد ونقول، فقط من باب النُصح لأنفسنا وللأمة، والله العظيم! شعرت بهذا. الأفضل لي أنا كشخص، كعدنان هكذا، ألا أحكي، كنت لا أتكلم، انتهى، اسكت!
فكان لا بُد أن أحكي؛ لكي لا تبقى الأمة تهيم في أودية الضلال، تسمع مشايخ وعلماء ودكاترة أفاضل، يقولون إمام الأمة، الوارث المُحمدي، والله! ولا واحد ذكر مسألة تاب عنها هو. القرضاوي لم يعلن توبة إلى الله. يا ليتها عملها! يا ليته عملها وقال أنا والله أتوب إلى الله وإلى الأمة، يا ليتني ما دخلت كذا وكذا وكذا!
والله يضعنا في الطريق التي هو يرضاها، أننا نظل نحكي الحق الذي يُرضي الله – عز وجل -، لا نتلون ولا كذا، نحكي الشيء الذي يُرضي الله، حتى لو فيه خسارتنا، تصور؟ وحتى لو فيه وفاتنا.
وإن شاء الله يوم الإسلام آت، آت! وهو قريب. سألني الشيخ الذي يرى كذا، قال لي يا فلان إذن هل ترى الفرج قريب؟ قلت له الفرج قد بدأ – بفضل الله -. والله العظيم! هو يظن غير هذا. قلت له لا، أنا الذي أراه – بفضل الله -، وأنا مُستبشر به، أنه قبل بضع سنين بدأ.
يوم بدأ ينحدر الطرح السياسي للإسلام، صدِّقني، بدأ يوم الإسلام! صدِّقني، بدأ يوم الإسلام! الناس الآن أعطش ما تكون إلى مَن يُحدِّثها عن الدين الخام، الصافي، الواضح، البعيد عن التوظيف السياسي وغيره. لو سمعوه، فسوف يرتاحون!
يقول لك هذا صح. تعال وتكلَّم له أي كلام، مهما كان رهيبا، ولمصلحته – ولمصلحتك وسوف نجعلك كذا -، ووظِّف لك إياه سياسيا، فسوف يقول لك لا، لا، السلام عليكم، توقفنا، لن نُلدغ من الجحر ألف مرة، كفى! الناس كفرت بكل هذا المشروع، افهموا، انظروا إلى الواقع كما هو.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
(انتهت المُحاضرة بحمد الله)
فيينا (30/9/2022)
أضف تعليق