أسماء الله الحسنى l القدوس 2/1 l الحلقة 9

video

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، يا ربي لك الحمد، عدد خلقك، ورضا نفسك، وزِنة عرشك، ومداد كلماتك. لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا ونبينا محمداً عبد الله، ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المُبارَكين المُنتجَبين، وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۩، اللهم ربنا تقبَّل منا، إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا، إنك أنت التوّاب الرحيم. اللهم ربنا تقبَّل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا وركعونا وسجودنا ودعاءنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا. اللهم وعلِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً وفقهاً.

أما بعد، أيها الإخوة الأحباب، أيتها الأخوات الفاضلات:

موعدنا اليوم – إن شاء الله تبارك وتعالى – مع اسم جديد من أسماء الله الحُسنى؛ القدوس – جل جلاله -.

وقد ورد هذا الاسم الجليل في سورتين؛ ورد هذا الاسم – كما تعلمون – في أواخر سورة الحشر (في آيات الله الحُسنى في أواخر سورة الحشر)، وورد في مطلع سورة الجُمعة.

القدوس. ما معنى القدوس؟ وما معنى القُدس؟ وما معنى القُدس، وتقدَّس، والقُدسية، والدعاء بالتقديس؟ نقول قدَّس الله روح فلان، أو قدَّس الله سر فلان، والجنة هي حظيرة القُدس، والأرض المُقدَّسة، وبيت المقدس. كل هذه الكلمات والأسماء تدل على الطهارة والتنزه، فمكان قُدس أو مكان مُقدَّس؛ مكان مُطهَّر، أو مكان – معنى آخر – يُتطهَّر فيه من الذنوب. ولذلك يُقال لباحة المسجد أو للمسجد، إنه مكان مُقدَّس أو مكان قُدس. لماذا؟ لأن في هذا المكان يُتطهَّر من هذا الذنوب، يأتي الإنسان ويتوب، ويتقرَّب إلى الله، وينخلع من المعصية.

وجبريل – عليه السلام – هو روح القُدس، قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ ۩، أليس كذلك؟ جبريل هو روح القُدس. والنبي قال لحسّان اهجهم وروح القُدس معك، وفي رواية وروح القُدس يُؤيدك، ويعني بروح القُدس جبريل. لماذا سُميَ جبريل – عليه الصلاة وأفضل السلام – بروح القُدس؟ لأنه ينزل بما فيه طهارة أرواحنا ونفوسنا، بما فيه تقديسها، ألا وهو الوحي. ينزل بوحي الله، بكلمات الله، بشرائع الله – سُبحانه وتعالى -. وقال بعضهم – وهذا المعنى أظهر وأقوى، والله أعلم، ولكن قال بعضهم معنى آخر – جبريل روح القُدس؛ لأنه – عليه السلام – مُنزَّه عن الخطأ في تبليغ الرسالة، لا ينحاز ولا يُخطئ. ولكن المعنى الأول أنا أستظهره أكثر، والله – تبارك وتعالى – أعلم.

ويُقال قدَّس فلانٌ. فلانٌ هو الفاعل. يُقال قدَّس فلان. ما معنى قدَّس؟ إذا زار بيت المقدس. وفي كلام العامة – وهي كلمة فصيحة – فلان قدَّس حجته. قدَّس حجته! بعد أن يعود من مكة – شرَّفها الله وحرسها – يأتي إلى بيت المقدس، فيُقال قدَّس حجته. قدَّس، أي زار بيت المقدس. كقولهم كوَّف وبصَّر. كوَّف وبصَّر؛ كوَّف، أي زار الكوفة. وبصَّر، أتى البصرة. وقدَّس، أتى بيت المقدس. وقدَّس حجته وضحناها لكم – إن شاء الله تعالى -.

والجنة حظيرة القُدس. الجنة حظيرة القُدس – ونسأل الله أن يُحلنا وأن يُنزِلنا حظائر قُدسه -! حظيرة القُدس هي الجنة. وطبعاً أنتم تتذوقون وتشعرون أن هذه الكلمة (القُدس) كلمة لها جلالتها في النفس. حين تسمعونها، تشعرون أن لها جلالتها، لها وقعها، ولها جرسها. قُدس، وقدوس، ومُقدَّس، وقدَّس الله روحه، وحظيرة القُدس. سُبحان الله، عجيب! وهي فعلاً كلمة تدل على التنزه، وعلى الطهارة، وعلى البُعد عن الآفات، وعلى البُعد عن النقائص وعن كل ما يشين. هذا هو أصل هذه المادة، هذا أصل هذه المادة!

وأيضاً القُدس هو السطل الكبير، الذي يغتسل به الإنسان. لماذا؟ لأنه يتطهَّر، فيُقال له القُدس. قال العلّامة الأزهري – أحد أئمة اللُغة الفطاحلة -، قال وأتى أيضاً – أي ورد هذا اللفظ، أو هذه اللفظة وردت – بنصب – أي بفتح، وكانوا يتساهلون دائماً بين النصب وبين الفتح، يقولون بنصب، ويُريدون ماذا؟ الفتح. ونحن الآن نُميِّز؛ النصب يكون بالفتح، ويكون أحياناً بالياء، أليس كذلك؟ وهكذا! وأحياناً يكون بحذف أشياء مُعيَّنة، على كل حال هذا هو، نعم! ولكن هم يُعادِلون بين النصب والفتح، قال الأزهري هكذا، قال وأتت بنصب – القاف. طبعاً والدال، تُصبِح القَدَس، وعلى هذا وردت في أساس الزمخشري. في كتابه المشهور بأساس البلاغة، قال اغتسل فلان بالقَدَس. اغتسل فلان بالقَدَس أو بالقُدُس، وهو السطل الكبير. لماذا؟ للتطهر أيضاً. إذن أصل المادة، وكل ما يتفرَّع منها، يدل على ماذا؟ على التطهر والتنزه.

القدوس، هو اسم من أسماء الله – كما قلنا -، ورد في موضعين من كتاب الله – تبارك وتعالى -. في صحيح مُسلِم وفي مُصنف الإمام عبد الرزاق الصنعاني – رضيَ الله عنهما -، من حديث أم المُؤمِنين عائشة – رضيَ الله تعالى عنها وأرضاها -، قالت كان رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – يقول في ركوعه وفي سجوده سبوح، قدوس، رب الملائكة والروح. سبوح، قدوس، رب الملائكة والروح! من أدعية الركوع الصحيحة، ومن أدعية السجود الصحيحة، أن تقول سبوح، قدوس، رب الملائكة والروح. إذن السبوح، والقدوس هو الله – تبارك وتعالى -. وهذه الزِنة أو هذا الوزن نادر جداً؛ فُعُّول! قدوس على وزن ماذا؟ فُعُّول. هذه الزِنة أو هذا الوزان أو هذا الوزن نادر جداً في لُغة العرب، ليس له إلا أربعة مصاديق، أي ورد فقط في أربعة ألفاظ؛ سُبُّوح، وقُدُّوس، وسُفُّود، وكُلُّوب – كلاليب -. سُفُّود، وكُلُّوب! وهل تعرفون السُفُّود ما هو؟ هناك مُصطفى الرافعي – رحمة الله تعالى عليه -، الأديب المصري. وأنتم تعرفون مُصطفى الرافعي، الذي كان رائد معركة القديم، انحاز للقديم ضد الجديد، أي كان ضد طه حسين وهؤلاء الجماعة، له كتاب اسمه على السُفُّود، اسمه على السُفُّود! والسُفُّود هو الحديدة التي تُستخدم في الصلي، أي في الشي، نشوي عليها الكباب والأشياء هذه، أو تُوضَع مثلاً في الحيوان الذي يُراد صليه أو شويه، تُوضَع فيه، من رأسه، وتخرج من دُبره، ثم يُصلى بها على النار. هذه الحديدة تُسمى السُفُّود. فالرافعي أراد أن يشوي المازني والعقاد وطه حسين شياً، وله كتاب شديد جداً، اسمه ماذا؟ على السُفُّود.

ووردت في الحديث، أي السُفُّود أيضاً. إذا دخل في صوف مبلول، هل يخرج إلا ومعه صوف؟ في صفة ماذا؟ خروج الروح، خروج الروح أو خروج النفس بالأحرى. أي تخرج بصعوبة شديدة جداً جداً، كالسُفُّود. النبي يقول، النبي قال كالسُفُّود إذا وُضع في صوف مبلول.

على كل حال هذه هي الكلمات الأربعة؛ سُبُّوح، وقُدُّوس، وسُفُّود، وكُلُّوب. وكُلُّوب جمعها ماذا؟ كلاليب. ونحن نقول ماذا؟ كُلَّاب أو كَلوب. لا! وهو في الأصل كُلُّوب، هكذا! نعم، وزن نادر جداً جداً.

جيد، أيضاً ورد عند الإمام ابن حبان في صحيحه، والإمام ابن الجارود في المُنتقى – رحمة الله تعالى عليه -، والإمام أبي الحسن الدارقطني في سُننه، من حديث أُبي بن كعب – رضيَ الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين -، أن النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – كان إذا سلم من الوتر – بعد أن يصلى الوتر -، يقول سُبحان القدوس ثلاثاً، يرفع بالثالثة صوته: سُبحان القدوس، سُبحان القدوس، سُبحان القدوس (وهو يرفع صوته). يرفع صوته بالثالثة – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

نعم، القدوس! الله – تبارك وتعالى – هو القدوس. كيف يُعرِّف السادة العلماء والعارفون بالله، أو كيف يشرحون هذا الاسم الجليل الكامل؛ القدوس؟ ماذا يقولون؟ بعض العلماء للأسف يقول هو المُنزَّه عن النقائص والمعايب. وهذا غير حسن حقيقةً، هذا غير جيد، ورحمة الله على حُجة الإسلام أبي حامد، قال نحن لا نقول إن القدوس هو المُنزَّه عن النقائص والمعايب؛ لأن مَن قال هذا، كاد أن يكون وقع في قلة الأدب. ما معنى أنه مُنزَّه عن النقائص والمعايب؟ فهل معناها أنه صار كاملاً هكذا؟ ورحمة الله على مَن قال:

ألم تر أن السيف ينقص قدره                   إذا قيل أن السيف أمضى من العصا؟

لا يُمكِن! المُنزَّه عن النقائص أمثالنا، نحن المُنزَّهون، أي يُمكِن أن يكون أحدنا كذلك، مثلاً أحد أولياء الله والعارفين بالله يتنزَّه عن النقائص، مُمكِن! بشر عادي، عُرضة للنقائص. لكن أيُقال في حق الله مُنزَّه عن النقائص؟ أي لم تجعلوه شيئاً عظيماً ولم تُعظموه، أبداً! لا يُقال هكذا، ينبغي أن نُراعي الأدب.

ولذلك مثلاً؛ هل يجوز أن نُعرِّف ملكاً مثلاً – ملكاً عظيماً، ذا سطوة، وذا سُلطان، وذا هيبة، وذا استقامة وعدالة واحترام وحشمة – بأن نقول هذا الملك ليس زبّالاً؟ هو ليس زبّالاً، ليس كنّاساً! قلة أدب، ويغضب من هذا جداً، يا سلام! أي ما معنى أنه ليس زبّالاً؟ أأكرمته أنت بالطريقة هذه؟ ليس زبّالاً! هذا لا يجوز، هل فهمتم كيف؟ هذا لا يجوز. وكذلك حين نقول إن الله مُنزَّه عن النقائص – أستغفر الله العظيم -، ما معنى هذا؟ معنى هذا أنه أورث شُبهة أن من المُمكِن أن يقترب من النقائص، ولكن هو مُنزَّه عن النقائص. نقائص ماذا؟ فخطأ، خطأ! هذا قلة أدب – كما قال أبو حامد – أو قريب من قلة الأدب مع حضرة الله، لا إله إلا هو!

لا نقول هذا، وإنما هو بمعنى ماذا؟ بمعنى الجامع – لا إله إلا هو – لكل صفات الجلال والجمال والكمال، بعيدٌ عن كل ما يُخطِره الفكر أو التفكير، أو يدور في الضمير، أو يهجس في النفس، أو يجري على الخاطر. هكذا يُقال! وأحسن ما قيل في هذا الباب قولة سيدنا ومولانا أبي بكر الصدّيق – صدّيق الأمة الأكبر، رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه – كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك. هذا هو، وهذا الصحيح! فلا تقل لي إنه مُنزَّه عن النقائص، مُنزَّه عن الآفات، مُنزَّه عن المعايب. بالعكس! هذا غير جيد، غير جيد! ولكن هو مُنزَّه عن ماذا؟ عن كل ما يخطر بالبال، أو في التفكير، أو في الضمير… إلى آخره، ليس كذلك أبداً! كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك. وبعضهم يرويها كل ما خطر ببالك، فهو هالك، والله بخلاف ذلك. كله! أكبر من ذلك.

وجُمّاع أو جِماع – يُقال جُمّاع، وهي فصيحة جداً، وجِماع – هذا المعنى قوله – تبارك وتعالى – لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، انتهى! إذن لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، ولا هو مثل شيء. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، ولا هو مثل شيء. لا يُدرَك بالحواس، ولا يُقاس بالناس. ولا يُقاس بالناس! لا إله إلا هو. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ۩، أثبت لنفسه صفتين عظيمتين؛ صفة السمع، وصفة البصر. ولكن بعد ماذا؟ بعد أن مهَّد بنفي المُماثَلة مُطلَقاً. قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، وبعد ذلك قال وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ۩، إذا فهمت أنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، فلا عليك إذا اعتقدت أنه سميع بصير، حي، عالم، قدير، شاءٍ – شاءٍ من المشيئة -، مُريد… إلى آخره، إلى آخره! لا تُوجَد مُشكِلة، كل هذا تفهمه، تفهم أنه يتصف بهذه الصفات، ويتسمى بهذه الأسامي أو التسميات، ولكن على خلفية وقاعدة لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩.

وكما قلت أمس، إذا فهمنا أن الذات نفسها – الذات الإلهية، لا إله إلا هو، تقدَّست أسماؤه، وجل في عليائه – ليس كمثلها شيء، ولا يُمكِن أن تُكتنه بأي حال من الأحوال – مُطلَقاً، وما عرف الله إلا الله، وما عرف الله إلا الله! وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۩ -، فسنفهم أن الصفات الإلهية، كل الصفات الإلهية، من الوادي نفسه. لا يُمكِن أن تُكتنه ولا أن يعرف أحدٌ ما – أي أحد، إلا الله تبارك وتعالى – حقيقة صفة من هذه الصفات. إذن كيف نتعرَّف على هذه الصفات؟ فقط نتعرَّف على المجالي وعلى المظاهر؛ على مجالي ومظاهر هذه الصفات فقط! أما كُنه الصفة، فلا يُمكِن أن نعرفه، كُنه الصفة لا يُمكِن معرفته؛ لأن الذات نفسها غير مُكتنهة.

الآن مثلاً أنا أقول لكم شيئاً بسيطاً جداً جداً؛ الملائكة، مِمَ خلقها الله؟ من نور. ونحن من طين. ليس لدينا دليل قط، ليس لدينا دليل بتة، أن الملائكة تتميَّز بأجهزة عضوية، كالأجهزة التي أودعها الله في الإنسان، أي دماغ مثلاً، وجهاز دوري، وجهاز هضمي،  وجهاز تنفسي… إلى آخره، غير موجود! ليس عندنا أي دليل، وطبعاً يبدو أن الأصل ألا يكون لديها مثل هذه الأجهزة، أليس كذلك؟ لأنها ليست مخلوقة من ماء ومن طين، إذن ليست من لحم ودم وعصب وما إلى ذلك، غير موجود! ولكنها درّاكة، كائنات درّاكة! وما معنى درّاكة؟ لديها إدراك. ولا نستخدم حتى كلمة عقل؛ فالعقل يُوهِم مُباشَرةً بالصلة، كصلة العقل بالدماغ مثلاً، مُمكِن. لا! لن أقول كلمة عقل، سأقول كلمة درّاكة. كائنات درّاكة، تفهم!

واليوم قرأنا إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ۩. يفهمون كل شيء، ويُوحي إليهم، ويعرفون أن هذا كافر وهذا مُؤمِن وهذا لا بد وأن يُقتَل، فعندهم إدراك طبعاً! ولكن كيف يُدرِكون؟ وبأي جهاز؟ وبأي وسيلة؟ الله أعلم، لا نستطيع أن نعرف. وهي ملائكة، مخلوقة مثلنا! ولكن اختلف الأمر لما كانت ذواتها غير ذواتنا، مع أنها تشترك مع ذواتنا في شيء أساس وأصل، ما هو؟

(ملحوظة هامة) أجاب بعض الحضور بإجابات خاطئة، فقال فضيلة الدكتور لا، أنا أحكي عن الذوات، الذات!

ثم أوضح أنها تشترك معنا في المخلوقية، قائلا؛ في المخلوقية، كونها مخلوقة، أي كائنات مُمكِنة، أي كانت بعد أن لم تكن، وستعود إلى العدم بقدرة الله، أليس كذلك؟ حين يشاء – تبارك وتعالى – أن يميتها. تحيا وتموت، تماماً مثل الإنسان، مخلوقة لله ومقهورة، كائنات مُمكِنة، ليست واجبة الوجود، ليست لازمة الوجود.

وطبعاً حين نقول لازم الوجود، يعني هذا أنه لا يُتصوَّر انعدامه مُطلَقاً أصلاً، انعدامه مُستحيل، لا يُتصوَّر! ولكن حين نقول مُمكِن الوجود، يختلف الأمر. ما معنى مُمكِن الوجود؟ أي يُتصوَّر وجوده كما يُتصوَّر عدمه، ولا تُوجَد مُشكِلة. فهل نحن وجودنا لازم؟ غير لازم. بدليل أننا صرنا، بعد ماذا؟ بعد أن لم نكن. كم عمر الأخ مثلاً؟ نقول مثلاً سبعة وعشرون عاماً، أو سبع وعشرون سنة. أي قبل سبع وعشرين سنة، نحن كنا نلعب في الشوارع وما إلى ذلك، وهو أصلاً كان معدوماً. هذا الأخ كان معدوماً، ونحن كنا ربما شباباً، أو كان عمرنا عشر سنوات أو تسع سنوات، وكنا نلعب في الشوارع، ونَضرب ونُضرب ونجري، وهو كان عدماً، غير موجود! عدم في كل الكون، ولا يُمكِن أن تجد له أي ذكر، أو أي شيء يشي به أو يبوح برؤيته. ليس له هوية، هو معدوم! وهذا بعض معنى قوله هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ۩.

أحياناً تجلس في مكان مثل هذا، وتُفكِّر. هذا الحائط نفسه، أنت تجلس إليه، ولا تدري كم…

(ملحوظة هامة) للأسف حصل عطل في التسجيل، عند هذا التوقيت 17:17، ثم عاد الأمر – بحمد الله – إلى ما كان عليه، مع قوله فضيلته:

كان الله، ولا شيء معه، وهو على ما كان عليه. لا يتغيَّر الله، لا تدخله الحوادث، لا تدخله الحوادث! لا هو بجوهر، ولا بهو بعرض. وكل الأشياء في الكون إما جواهر، وإما أعراض، أليس كذلك؟ الله لا بجوهر، ولا بعرض. ما هو؟ الله أعلم، لا نعرف. كل الذي نعرفه أنه موجود، وتعرَّف إلينا – وله الحمد والمنّة، أبداً أبداً أبداً أبداً، لا إله إلا هو! وأزلاً أزلاً أزلاً، له الحمد والمنّة، تعرَّف إلينا – بأسمائه وصفاته؛ أنه كذا وكذا وكذا وكذا، فتعرَّفنا عليه بمقدار ما فتح به علينا – تبارك وتعالى -، هذا قُصارى ما نعرفه، هذا قُصارى ما نعرفه! وهذه المعرفة كافية، هذه المعرفة في الإيمان واليقين – بحمد الله – كافية، لماذا؟ لأنه لا يُمكِن تفسير الوجود، ولا تفسير أي شيء في هذا الكون، لو افترضنا أن الله غير موجود، مُستحيل! الإلحاد لا يُفسِّر لنا أي شيء، الإلحاد يتركنا في غبائنا، في عمايتنا، في عمهنا، وفي تخبطنا، لا يُقدِّم أي تفسير! الإلحاد سلبي، الإلحاد دائماً سلبي، وحتى أدلته سلبية، بخلاف الإيمان، أدلته وجودية إيجابية، دائماً!

ولذلك أنا دائماً أقول الإيمان استنادي، والإلحاد غير اعتمادي. الإلحاد هواء! وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ ۩، سقط! فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ۩، ضياع! الإلحاد ضياع، الإلحادة وحدة، الإلحاد وحدة ووحشة، أي عشرة ملاحدة هم عشرة، لكن مئة مُؤمِن هم مُؤمِن واحد، عقيدة واحدة، فكرة واحدة، براهين مُتحِدة، يقين واحد، أليس كذلك؟ مُلتقى واحد. ولكن الإلحاد – والعياذ بالله – يختلف، عشرة ملاحدة هم عشرة شخصيات، تصوَّر! بعشرة طرق. وهذا سر أن الله – تبارك وتعالى – دائماً في كتابه العزيز يُفرِد النور ويُعدِّد الظُلمات؛ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۩، ليس إلى الأنوار، إِلَى النُّورِ ۩، هو نور واحد، لا يُوجَد غيره! ولذلك مئة مُؤمِن، أو مئة مليون مُؤمِن، أو مئة بليون مُؤمِن، هم في الأخير مُؤمِن واحد، وحقيقة واحدة، أليس كذلك؟ لأن الأحدية روح سارية في الكون، الأحدية هي روح سارية في الكون! لماذا؟ لأن المُوجِد واحد، لا إله إلا هو! المُوجِد واحد، وروح صفات الله – تبارك وتعالى – وأسمائه تطبع هذا الكون كله من الذرة إلى المجرة، وتشي وتبوح بوحدة الخالق المُبدِع، لا إله إلا هو! أليس كذلك؟

فالبراهين كلها تدل على الوحدة، والمُوحِّدون طريقهم مُتحِد، والحقيقة واحدة. وأما طُرق الإلحاد والشرك، فهي طُرق لا أول لها من آخر؛ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۩، وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ۩، صراط واحد مستقيماً، فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۩، لا يُمكِن! أليس كذلك؟ هذا هو.

المُهِم، نعود إلى ما كنا فيه. نعم، إذن الله – تبارك وتعالى – صفاته تبعٌ لذاته، وحقيقة الذات وحقيقة الصفات لا يعرفها إلا الله – تبارك وتعالى -، وكل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك. كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك! ونحن ممنوعون شرعاً من أن نُعمِل الفكرة، في ماذا؟ في الذات الإلهية. لا تُحاوِل أن تُفكِّر، هذا مُستحيل! وإلا ستضل، ستضل وتُصدَّع، وربما تُصاب بأشياء – والعياذ بالله – لا تُحمَد عقباها، ولن تستطيع أن تصل إلى أي شيء. لماذا؟ لأن التفكير (التفكير الإنساني) دائماً يخضع – شئنا أم أبينا – للمُقايسة، أليس كذلك؟ دائماً أنت تقيس، وهذا مُستحيل هنا، تقيس الشيء على الشيء، وليس في الوجود شيء، ولو واحد، يصلح أن يُقاس عليه الله – تبارك وتعالى -، لا يُوجَد، مُستحيل، أبداً! الله لا يُقاس بشيء، ولا شيء يُقاس على الله. كما قلت لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، ولا هو مثل شيء.

قبل أن نخوض في الدرس – والدرس اليوم قصير، ليس فيه كلام كثير، إن شاء الله تعالى؛ لأن هذه الحقيقة معروفة لديكم، ومقطوع بها بحمد الله عند الجميع – فقط أُريد أن أقف عند هذه الآية، لأنها فيها إشكال كبير؛ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩. يقول بعض الناس فلماذا هذا التطويل؟ لِمَ لَمْ يقل ليس مثله شيء وهو السميع البصير؟ والكاف هي كاف التشبيه أي يُصبِح تقدير الكلام؛ ليس مثل مثله شيء. فكيف ليس مثل مثله شيء؟ وهذا خطير. قالوا، ليس مثل مثله، معناها أن له مثلا. لا! وقعوا في حيص بيص، أي العلماء، وقالوا كيف المخرج، والكائف زائدة؟ الكاف زائدة!

وطبعاً لا أعرف هذا، نحن لا نرتاح ولا نتعاطف ولا نشعر بالود نحو هذه الآراء النحوية واللُغوية، التي دائماً تزعم الزيادة في ألفاظ في كتاب الله؛ لا زائدة، كاف زائدة، باء زائدة، وهكذا! لا، القرآن ليس فيه حشو، وليس فيه زيادات. وكل حرف فيه – لا أقول كلمة، بل حرف، كل حرف فيه – قائم على أركانه، آخذ بقسطه من جماع المعنى. مُستحيل غير هذا، هو على خير وجه. إذا هذا لم يبن ولم يضح لك وجهه، فهذه مُشكِلتك.

وكم من عائب قولاً صحيحاً                                    وآفته من الفهم السقيم!

فلا تقل لي القرآن فيه حرف زائد. أي ما معنى أنه زائد؟ أي فضلة، أي لا حاجة لنا بها، ومعناها أنه يُمكِن لنا أن نحذفها، أي ليس مثله شيء. إذن ألم يكن الله مُستطيعاً أو قادراً أن يقول مُنذ البداية ليس مثله شيء، بدل أن يُوقِعنا في هذا التخبط الذي وقع فيه علماء ومشايخ؟

لا، غير صحيح. فلماذا إذن؟ ما الذي ألجأهم واضطرهم ولزهم إلى القول بالزيادة؟ هذا المحظور العقدي العقلي. لأنهم قالوا وتقدير الكلام ليس مثل مثله، وبهذه الطريقة أثبت المثل لله لله، والله ليس له مثل، إذن لا، نحذف الكاف، فيُصبِح المعنى ليس مثله شيء، انتهى! أي ليس كالله شيء، صحيح، هذا مُمكِن، ليس كالله، ولكن ليس مثل مثل الله، تعني أنه يُوجَد له مثل. ثم بعد ذلك تدور وتتحرَّك الهواجس والظنون في البحث عن هذا المثل، عساه يكون ملكاً عظيماً، فقد يكون جبريل أو ميكائيل أو إسرافيل، وقد يكون روحاً عظيماً جداً ربوبية، هائمة في الكون، ما هي هذه؟ ونبدأ ندخل في هذا الخبط والخلط، وهو باب الوثنية والشرك. لا! إذن كيف الجواب؟ كيف الجواب؟ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩!

أيها الإخوة:

سأتحدَّث باختصار طبعاً، وفيها مبحث لُغوي ومبحث كلامي عقدي طويل أو مُطوَّل جداً، ولكن باختصار أحسن ما يُمكِن أن يُقال في هذا الباب هو أن الله – تبارك وتعالى – أخرج كلامه في هذه الآية الجامعة الفذة المانعة؛ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير ۩، في سورة الشورى، أخرجه مخرج كلام البُلغاء الأبيناء الفُصحاء من أساطين العربية، والقرآن نزل على دستور العربية وقانونها. كيف؟ أنا أقول لكم؛ نحن الآن لو قلنا مثلاً عليّ لا يبخل ولا يجبن، أخرجنا هذا الكلام مخرج الدعوى المُجرَّدة، أليس كذلك؟ دعوى! الشاعر يقول:

والدعاوى إن لم تُقيموا عليها                                  بيّنات، أبناؤها أدعياء.

دعوى مُجرَّدة، نحن ندّعي ونزعم أن عليّاً ليس ببخيل وليس بجبان، لا يجبن ولا يبخل، دعوى مُجرَّدة، صحيح! لكن هل تلحظون ثمة فرقاً دقيقاً جداً جداً وبديعاً بين هذا التعبير؛ عليّ ليس يجبن وليس يبخل، وبين ما لو قلنا، أو بين قولنا إذا قلنا أو لو قلنا ليس مثل عليّ يبخل أو يجبن؟ أتُلاحِظون فرقاً بالذوق هكذا؟ بالذائقة، هل يُوجَد فرق، أو لا يُوجَد فرق؟

(ملحوظة هامة) أجاب بعض الحضور بقولهم؛ يُوجَد فرق. ثم استتلى فضيلته قائلاً؛ من غير أن تفهم الفرق، وأنت في البداية تحس بأن أيهما أقوى وأفضل؛ الأول أو الثاني؟ أجاب بعض الحضور، قائلين؛ الثاني. فأكَّد فضيلته على صحة ذلك، قائلاً؛ الثاني طبعاً، وأي إنسان عنده قسط بسيط جداً جداً من ذوق العربية وبيانها وأساليبها في التعبير والتعاطي والتصرف في فنون المعاني أو افتنانها وافتجارها، يعلم أن الضرب الثاني أقوى وأصح وأسلم وأجرى على الجادة (جادة البيان). لماذا؟

الجُملة الأولى – كما قلت – مُخرَجة مُخرَج الدعوى المُجرَّدة، ندّعي أنه غير جبان وغير بخيل، فقط! دعوى. وأما الثانية، فهي مُخرَجة هذا المُخرَج مع ماذا؟ قرنها بالبُرهان والإثبات. مع البُرهان، سنثبت بالبُرهان! فحين نقول ليس مثل عليّ مَن يبخل أو يجبن، ماذا يكون معناها؟ معناها أن عليّاً – كرَّم الله وجهه، أو عليه السلام، هذا إذا قصدنا الإمام عليّاً طبعاً، أبا الحسن. نقول أن علياً عليه السلام، وكرَّم الله وجهه – فيه من الصفات والسجايا والأخلاق ما يجعل في حُكم المُستحيل أن يبخل. مع أننا نعلم أنه ربما لا يُوجَد له مثل…

(ملحوظة هامة) قال فضيلته يرحمكم الله؛ لأن الحضور عطس. ثم أكمل حديثه، قائلاً؛ في الشجاعة وفي الكرم قد لا يُوجَد له ماذا؟ مثل.

ولكن حين قلنا ليس مثل عليّ، لم نُرد أن نُثبِت له المثل، هل فهمتم؟ نحن ما أردنا أن نُثبِت المثل، ولكن هذا طراز في التعبير، يُفهِم أن مَن كان عنده مثل هذه الصفات والسجايا بعيدٌ بُعد الثرى من الثُريا، وبعيد بُعد التراب من رب الأرباب، وبعيد بُعد السمك من السِماك، وبعيد بُعد المشرق من المغرب، عن ماذا؟ عن أن يتصف بالبُخل أو الجُبن. وليس المُراد أصلاً ماذا؟ أن نُثبِت له المثل. حين نقول ليس مثل عليّ، هل نُريد المثل له؟ بالعكس! نحن نقول هو نسيج وحده، ولا مثل له أصلاً. أي هذا معنى الكلام، وهو بصفاته وسجاياه مُستحيل أن يقترب من مذمة ومعرة البُخل والجُبن. أرأيتم كيف؟ لأنه كريم، إنسان كريم! والكريم لا يُمكِن أن يكون جباناً، والكريم لا يُمكِن أن يكون لئيماً ويقبض يده، أليس كذلك؟

جاءه رجل مرة، وقال له يا أمير المُؤمِنين – هو كان خليفة -، أُريد أن أسألك في شيئاً. يُريد ماذا؟ يُريده مُساعَدة. فقال نعم، لحظة. يا غلام اطفئ السراج. سلني يا عبد الله عما بدا لك. فسأله، قال له أنا أُريد كذا وكذا وكذا. فأعطاه، وكان لا يُرد سائلاً، خُلق مُحمَّدي مُصطفوي، في أي شيء! فالخادم استغرب، ما هذا؟ ما التصرف هذا؟ فقال له يا أبا الحسن، لِمَ قلت لي أطفئ السراج؟ قال حتى لا يراني ولا أراه؛ لئلا معرة السؤال في وجهه. أرأيتم إلى أي درجة بلغ الكرم؟ أرأيتم الأخلاق النبوية العالية؟ لا أُريد أن أرى الإحراج في وجهه، لأن مهما يكون الإنسان، مهما يكون، ما دام جاء يسأل، لا بد وأن يكون مُحرجاً، لا بد وأن يتصاغر ويتطامن.

قال حتى لا أرى ماذا؟ لا أرى معرة السؤال في وجهه. لا يراني ولا أراه! فيسأل وهو يأخذ راحته. أرأيتم كيف كان الكرم؟ فإنسان بهذه الأخلاق والسجايا مُستحيل أن يكون بخيلاً. تصوَّر! ولذلك نحن حين نقول عليّ ليس يبخل وليس يجبن، تكون هذه دعوى، أي هذا تعبير لا بأس به، ولكن حين نقول ليس مثل عليّ مَن يبخل أو يجبن، يكون المعنى أقوى، أف! أقوى بكثير. وهذا معنى الآية؛ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۩، هذا هو! ليس معناها أنه يُوجَد عنده مثل وبعد ذلك نحن نبحث عنه، لا! هذا كلام فارغ، ليس له علاقة بالمعنى، هذا الكلام بعيد جداً عن ذوق العربية، هذا كلام أهل الصنعة، الذين أخذوا البلاغة والنحو صنعة، من الأعاجم طبعاً ومن الفرس ومن غيرهم، أخذوا ولا يعرفون الأساليب، ولكن العربي القح السليقي يفهم هذا على وجهه، يفهم هذا على وجهه!

وطبعاً هناك قاعدة نحوية معروفة، تقول دائماً ماذا؟ تقول النفي قد يتسلط على القيد، وقد يتسلط على المُقيد، وقد يتسلط على الاثنين جميعاً. وكيف نعرف هذا؟ بحسب القرائن ومُقتضيات الحال. فمثلاً ما معنى أن نقول ليس لسعيد ولد يُعينه؟ انتبه، انظر كيف هي العربية؛ لأن هنا طبعاً تُوجَد فلسفة اللُغة. ليس لسعيد ولد يُعينه، يُمكِن أن نفهم منها أولاً أن له ولداً، ولكن أولاده لا يُعينونه، وهذا صحيح! ويُمكِن أن نفهم منها  ثانياً أن ليس له ولد أصلاً، ليس عنده أولاد! هذا صحيح، وهذا صحيح، أليس كذلك؟ إذن هذا هو. النفي قد يتسلَّط على القيد، وعلى القيد والمُقيَّد جميعاً. وهذا كله يُفيدنا في ماذا؟ يُفيدنا في فهم هذه الآيات.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: