د.سهيلة زين العابدين كاتبة سعودية
د.سهيلة زين العابدين
كاتبة سعودية

أواصل مراجعاتي على برنامج صحوة الرمضاني الذي يذاع الخامسة والنصف عصرًا في قناة روتانا خليجية بتوقيت مكة المكرمة، وبتوقيت القاهرة  في روتانا مصرية، ويقدمه الدكتور أحمد العرفج مع ضيفه الدائم المفكر الدكتور عدنان إبراهيم.

وكانت مراجعاتي  في الأجزاء الستة السابقة على حلقة ” توظيف الدين لخدمة السياسة” على مقولات الدكتور عدنان إبراهيم:

  1. ” القرآن بطوله لا تجد فيه إلّا بعض الآيات التي تتعلّق بالسياسة.”
  2. “النظام الخلافي في عهد ساداتنا  وتاج رؤوسنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي  لم يكن متطورًا كتطور النظام  في روما الامبراطورية ، وكانوا وثنيين، لأنّ هذا شأن إنساني، ولا يحتاج إلى توجيهات نصوصية دينية تسيّره.
  3. ” لو سُئلتُ من أكثر إحكامًا عدلًا وتطورًا شورى  المسلمين في الخلافة الراشدة أم الديمقراطية الحالية ؟ لقلت الديمقراطية الحالية… شورى الراشدين تؤبد الخليفة، وأنا غير متعاطف مع هذا … هم ( يقصد غير المسلمين) الذين أوجدوا الديمقراطية وقعّدوا ونظّروا لها ، ووضعوا أحكامها.”
  4. الحديث الذي استشهد به الشيخ محمد العريفي بعودة دولة الخلافة على منهج النبوة ، وهو الحديث الذي يحتج به دعاة ” إعادة دولة الخلافة” ، وذلك لعدم توقف الدكتور عدنان إبراهيم عنده  ليُبيّن مدى صحته .

وسأتوقف في هذا الجزء عند مقولة الدكتور عدنان إبراهيم ” القرآن في القضايا الاقتصادية مقل ،آيات  الربا، وآيات الديْن لا يمكن أن تشكل أساسًا للشأن الاقتصادي.”

ولا أخفي عليكم أنّ صدور مقولة مثل هذه المقولة، وكذلك المقولات الأخرى من مفكر وفقيه وحافظ القرآن الكريم مثل الدكتور عدنان إبراهيم كانت صدمة لي. فالقرآن لم تقتصر آياته في الشأن الاقتصادي على الربا والمداينة، فهناك آيات تحدثت عن الحاجات الأساسية للمعاش، والموارد الطبيعية التي سخرها الله للإنسان لتوفير سبل معاشه، وتحقيق عمارة الكون، وعن الموارد المالية و للدولة الإسلامية مثل الخراج والفيء والغنيمة والجزية، كما تحدّث عن الزكاة ومصارفها وعن التخزين والادخار، والملكية ومقوماتها، وعن تداول الثروات، وفي توثيق عقود المداينة والمبايعة، وفي جواز فرض ضرائب ، ونهى عن الإسراف والتبذير، وعن أكل أموال الناس واليتامى بالباطل، وتنديده بالمطففين في الكيل والميزان في أكثر من (32) آية، وقد بنى ابن خلدون نظرياته الاقتصادية بناءً على ما ورد في القرآن فيما يتعلّق بالجانب الاقتصادي .

وسأبدأ ببيان :

ماهية النظام المالي الإسلامي

هو مجموعة الأصول العامة المالية المستخرجة من القرآن الكريم والسُنة النبوية المطهرة، وهي تمثل البناء المالي والاقتصادي الذي يقام على أساس تلك الأصول حسب كل بيئة وكل عصر  .[1]

ولقد بيّن لنا القرآن الكريم الحاجات الأساسية للمعاش، وكيفية سبل توفيرها بوضع أسس وضوابط وتشريعات لتحقيق الكسب الحلال، وتوازن اقتصادي، ومنع الغش والاحتكار وتحريم الربا، متضمنة أصولاً ومبادئ معينة كمبدأ التكافل الاجتماعي، ومبدأ الملكية المزدوجة “للفرد والمجتمع “، ورأس المال والعمل والإنتاج والاستثمار والادخار والاستهلاك والتوزيع وبتأملنا للوحي المكي نجده بدأ بالحاجات الأساسية للمعاش، أمّا الوحي المدني فقد وضع الأصول والمبادئ والأسس والتشريعات لتوفيرها .

والقسم المكي لم يخل جملةً من التشريع والأحكام وإنَّما عرض لها بطريقة إجمالية ،فإنَّ مقاصد الدين خمسة: هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال [2]،وقد تحدث الوحي المكي عنها إجمالاً، و جاء الدور المدني مكملاً ومفصلاً لأنَّها طبيعية اختلفت عن الدور المكي، حيث أصبح هناك استقرار ووجود سلطة إسلامية نافذة تطبق التشريعات وتلزم الآخرين بالالتزام بها، وتنفذ العقوبات والحدود والقصاص على مخالفيها ومرتكبي الجرائم، فلقد كانت التشريعات في الدور المدني ذات الطابع التنفيذي ولنأخذ أمثلة على ذلك. مثلاً تحريم الربا، لقد حرم الربا في الدور المكي، ولكن جاء تحريمه تحريمًا قاطعًا في الدور المدني، كذلك الزكاة، فلقد شرعت في الدور المكي ولكنها فرضت وأخذت طابع الالتزام بدفعها في الدور المدني؛ إذ حددت مصارفها وحتى تجب فيمن تجب ولمن تصرف .

الحاجات الأساسية للمعاش

لقد عرض لنا الوحي المكي الحالات الأساسية للمعاش في قوله تعالي في سورة طه “سورة مكية” )فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقي. إن لك  ألا تجوع فيها ولا تعرى. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ([3]

فالحاجات الأساسية للمعاش هي :

–  المأوى : ” فلا يخرجنكما من الجنة “.

–  الطعام : ” إن لك ألا تجوع ..”

–  الكساء  “”…  ولا تعرى

–  الماء  ” وأنّك لا تظمأ فيها “.

ويضاف إلى هذه الحاجات الأساسية الأمان من الخوف، فلا يعيش الإنسان حياة هنيئة رغدة إلا إذا توفر لديه الأمان، يأمن على نفسه وأولاده وماله وعرضه وكل ما يملك فالإحساس بالأمان نعمة كبرى لا يدركها إلا فاقدها. ولما كان الجوع تعبيرًا جامعًا للحاجات الأساسية من مساوئ، نجد القرآن الكريم قرنه بالأمان يقول تعالى في سورة قريش ) لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ. إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي. أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ .)

وتوفير الحاجات الأساسية للمعاش لا تكون أولاً وقبل كل شيء إلا بشكر الله على نعمه وبعبادته حق العبادة وعدم الإشراك به يوضح هذا قوله تعالى في سورة النحل )وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون  .([4]

كما بيّن الوحي المكي موارد الحاجات المعاشية، يقول تعالى في سورة إبراهيم) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ. وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ([5]

وبعدما حدد الوحي المكي الحاجات الأساسية للمعاش والموارد الطبيعية التي سخرها الله للإنسان لتوفير سبل معاشه، وتحقيق عمارة الكون ، جاء الوحي المدني ليضع التشريعات والتنظيمات والضوابط للكيفية التي يتم بها استغلال هذه الموارد ،وبدأ بإعلان أنّ الإنسان خليفة الله في أرضه ) إنّي جاعل في الأرض خليفة ([6]

وليعمر هذا الكون وتتحقق أمانة الاستخلاف عليه أن يستغل ما سخره الله له ممّا في هذا الكون بالعمل ) وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ([7]

ومن يريد لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا  )فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا)[8]

والأجر والثواب على العمل الصالح يتساوى فيه الذكر والأنثى، وهذا حق منحه الإسلام للمرأة لم تمنحه من قبل الديانات السابقة للإسلام، وكذلك التشريعات والقوانين الوضعية الحديثة، يقول تعالى ) : أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكر أو أنثى ([9]

الأصول والمبادئ التي يقوم عليها النظام المالي والاقتصادي في الإسلام

بُني التعامل المالي في الاقتصاد الإسلامي على أسس ومبادئ هامة ، هي :

  1. تحريم الربا

يقول تعالي في سورة البقرة ) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[10] ،وقوله تعالى في سورة البقرة الآية التي تليها (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [11]

وقوله(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[12] ويحذر من عاقبة الإصرار علي الربا في الآية التي بعدها فيقول جل شأنه  (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)[13]

قال جل شأنه  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[14]

وهكذا نجد أنّ القرآن حرّم الربا وغلّظ في تحريمه .

والتعامل بالربا كان سائدًا في العالم، ولم يكن قاصرًا على عرب الجاهلية ، رغم أنّ كل التشريعات السماوية والوصفية السابقة للإسلام قد حرمته، ففي اليهودية مثلاً كان الربا محرمًا تحريمًا قاطعًا، إذ جاء في الإصحاح 18 من سفر حزقيال: “فالإنسان الذي كان بارًا ويقول حقًا، أو عدلًا لم يعط الربا “.

وفي المسيحية جاء في إنجيل لوقا : ” إذا أقرضتم من تنتظرون منهم المكافأة فأي فضل يعرف لكم به .. ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدتها ..  وإذن يكون ثوابكم جزيلاً ” [15]

بل نجد المسيحية دعت إلى ترك أصل رأس المال إذا كان المقترض في حاجة ماسة إليه، “وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأي فضل لكم، فإنّ الخطاة أيضًا يقرضون الخُطاة ليستردوا منهم المثل، ولكن أحبوا أعداءكم وأحسنوا إليهم وأعطوا ولا تخيبوا رجاء أحد غير معين في استرداد شيء فسيكون أجركم عظيماً  “[16]

لذا جاء الإسلام وهو خاتمة الأديان يشدد في تحريم الربا ،لأنّ الله بسابق علمه يعلم أنّ التعامل بالربا سيكون منتشراً بين الناس ، ولكنه لم يتعرض لبيان أقواله أو مجالاته في المعاملات المالية، ولهذا فلم يكن هناك خلاف بين المسلمين حول تحريم الربا ، وإنّما اختلفوا في المعاملات التي ينطبق عليها وصف الربا والمحرم، ولمّا كان الحديث النبوي الشريف يتولى البيان والإيضاح عما جاء في القرآن الكريم ، نحو على  نحو يدع الفرصة أمام الاجتهاد والرأي أن يتدخلا، ومن هنا كان تعدد الاتجاهات في الفقه الإسلامي فيما يتعلق بالربا المحرم.

الحديث الشريف يعين الأموال الربوية

لقد بيّن الحديث الشريف أنواعًا من الأموال باعتبارها مجرى للربا وهي: الذهب والفضة والحنطة، والشعير والتمر والملح، ثم بيّن المخرج من جريان الربا فيها عند التعامل فيها؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد والفضل ربا، والفضة بالفضة مِثلاً بمثل يداً بيد والفضل ربا والحنطة بالحنطة مِثلاً بمثل يداً بيد والفضل ربا، والملح بالملح مِثلاً بمثل يداً بيد والفضل ربا، والشعير بالشعير مثلاً بمثل يداً بيد والفضل ربا، والتمر بالتمر مِثلاً بمثل يداً بيد والفضل ربا” وقد ذهب جمهور الفقهاء أنّ الحكم في هذه الأشياء الستة ليس قاصرًا عليها وحدها، لأنّ الحديث لم يذكر فيه أنّ الربا ليس إلاّ في هذه الأشياء الستة فقط، وإنّما المذكور هو حكم الربا في هذه الأصناف ، وعليه يكون حكم الربا عند جمهور الفقهاء معللاً بمعنى أنّ كل ما توافرت – من أصناف الأموال الأخرى، علة الحكم في هذه الأصناف الستة صار ربويًا.[17]

وعلة الحكم في تحريم الإسلام للربا هو اجتناب الضرر، لأنّ الفوائد الربوية سبب في الأزمات الاقتصادية وهذا ما قاله الاقتصادي الأميركي الدكتور هنري سيمونز معلقًا على الأزمة الاقتصادية المالية التي خيَّمت على أكثر الدول سنة 1930 وما بعدها من أزمات دورية؛ إذ قال “لسنا نبالغ إذا قلنا أنّ أكبر عامل في الأزمات الاقتصادية المتعاقبة هو النشاط المصرفي التجاري بما يعمد إليه من إسراف خبيث، أو تقتير مذموم في تهيئة وسائل التداول النقدي، ولاشك في أنّ البنوك بآفة الاحتكار سوف تصاب بأزمات أشد وأقسى، ومن ثم كان على الدول أن تتدخل في الأمر لتستعيد في حكمة ومسؤولية وظيفتها في ضبط أداة التداول[18]  .

  1. عدم أكل أموال الناس بالباطل والإثم

يقول تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[19] ، ففي هذه الآية نهي صريح عن أكل أموال الأفراد والجماعة بالباطل، كالاحتكار والرشوة ليحصل على أموال الناس بالباطل .

  1. النهي عن أكل أموال اليتامى بالباطل

يقول تعالى  :  ( وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب)[20]

  1. العدل في الكيل والميزان وعدم بخس الناس أشياءهم ( أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ .وَزِنُوا بِالْقِسْطَاس الْمُسْتَقِيمِ . ولَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ )[21]

وندد بالمطففين (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ .الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)[22] هذا ويلاحظ أنّ جميع الآيات التي تحث علي إيفاء الكيل والعدل في ويل للمطففين. الذين إذا اكتالوا الميزان، والتنديد بالمطففين جميعها في سور مكية: المطففين، الإسراء، يوسف، الأنعام، الأعراف، هود، الشعراء.. وذلك – والله أعلم – لأنّ مكة بلد تجاري وأهل مكة يتاجرون مع  الأمم الأخرى جنوباً وشمالاً فهم على اتصال بسكان العالم القديم, فجاءت الآيات الكريمات المكية تحث الناس على العدل في الميزان وعدم تطفيفه .

  1. النهي عن الغلو في التبذير والإسراف في ألوان الترفه السفيه

فهذا يولد البغضاء في الطبقات المحرومة ، ويخلق الخطر الذي ينذر بهلاك المجتمع ، وقد أجاز الله لولي الحجر على السفهاء ، وقال تعالى في سورة النساء : ( ولَا تُؤْتُوا السُّفهاءُ أمْوَالَكُمُ التي جعَل اللهُ لكُمْ قِيامًا)[23]

وهكذا رسم الإسلام في سلوكه الاقتصادي طريقًا وسطًا موزونًا بين النقيضيْن ، وقد سجّلت هذه الوسطية الآية الكريمة في قوله تعالى : ( ولَا تجعلْ يَدَك مغْلُولةً إلى عُنُقِكَ ولَا تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فتًقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا)[24]

  1. الادخار والتخزين

وفي سورة يوسف بيّن الله كيفية الادخار وتخزين القمح في سنبله في سنوات الخير لما قد يأت بعدها من سنوات عجاف يسودها الجفاف ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ . قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ . ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ . ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) [25]

هذا وقد تبيّن أن التخزين بإبقاء الحبوب في سنابلها هو أحسن التقنيات والأساليب للحفاط على الحبوب المحفوظة داخل السنابل من غير أن ينال منها الزمن.

إنّ الذي يوقفنا في الآية الكريمة ملحوظتان علميتان :

1 ـ تحديد مدة صلاحية حبة الزرع في خمس عشرة سنة هي حصيلة سبع سنوات يزرع الناس ويحصدون خلالها دأبًا وتتابعًا وهي سنوات الخصب والعطاء ، يليها سبع سنوات شداد عجاف هي سنوات الجفاف يليها سنة واحدة هي السنة الخامسة عشر، وفيها يغاث الناس وفيها يعصرون من الفواكه ، وقد أفاد البحث العلمي أن مدة 15 سنة هي مدة القصوى لاستمرار الحبوب محافظة على طاقة النمو و التطور فيها.

في إطار ترك البذور أو الحبوب في السنابل ـ قمنا ببحث تجريبي مدقق حول بذور قمح تركناها في سنبله لمدة تصل إلى سنتين مقارنة مع بذور مجردة من سنابلها ، وأظهرت النتائج الأولية أنّ السنابل لم يطرأ عليها أي تغيير صحي وبقيت حالتها 100%.

مع العلم أنّ مكان التخزين كان عاديًا ولم يراع فيه أي شروط الحرارة أو الرطوبة أو ما إلى ذلك . وفي هذا الإطار تبين أنّ البذور التي تركناها في سنابلها فقدت كمية مهمة من الماء وأصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع البذور المعزولة من سنابلها ، وهذا يعني أنّ نسبة 20.3% من وزن القمح المجرد من سنبله مكون من الماء ممّا يؤثر سلبًا على مقدرة هذه البذور من ناحية زرعها ونموها ومن ناحية قدرتها الغذائية لأنّ وجود الماء يسهل من تعفنه وترديه صحي.

ثم قمنا بمقارنة مميزات النمو (طول الجذور وطول الجذوع) بين بذور بقيت في سنبلها وأخرى مجردة منها لمدة تصل إلى سنتين يبين أن البذور في السنابل هي أحسن نمواً بنسبة 20% بالنسبة لطول الجذور و 32% بالنسبة لطول الجذوع. وموازاة مع هذه النتائج قمنا بتقدير البروتينات والسكريات العامة التي تبقى بدون تغيير أو نقصان ، أمّا البذور التي تعزل من السنابل فتنخفض كميتها بنسبة 32% من البروتينات مع مرور الوقت بعد سنتين وبنسبة 20% بعد سنة واحدة.

وبهذا يتبين في هذا البحث أنّ أحسن وأفضل تخزين للبذور هي الطريقة التي أشار بها يوسف ـ عليه السلام ـ وهي من وحي الله.

ومن المعلوم أنّ هذه الطريقة لم تكن متبعة في القدم ، وخاصة عند المصريين القدامى الذين كانوا يختزنون الحبوب على شكل بذور معزولة عن سنابلها وهذا يعتبر وجهًا من وجوه الإعجاز العلمي في تخزين البذور والحبوب في السنابل حتى لا يطرأ عليها أي تغير أو فساد، ممّا يؤكد عظمة الوحي ودقة ما فيه من علم.[26]

  1. احترام الملكية الفردية وإقرارها

الملكية كلمة تفيد معنى الاحتواء والقدرة على الاستبداد بالشيء، ويراد بها حق الفرد في احتواء شيء، ما وتمكنه من الانتفاع بكل الطرق الجائزة شرعاً بحيث لا يجوز للغير الانتفاع بهذا الشيء إلاّ بموافقة المالك الأصلي، وفقاً لصورة من صور التعامل الجائز، وتختلف علاقة الفرد بالمال عن علاقته بالملك، لأنّ الملكية ليست شيئًا ماديًا كالأموال وإنّما هذا حق يحتاج إلى اعتبار شرعي، فالملكية تعبر عن معنى العلاقة بين الفرد والمال وتستدعي البحث عن أسباب التملك وطريقة استعمال هذه الملكية واستثمارها لكي تلائم الأسلوب الشرعي .[27]

الملكية في القرآن الكريم

وردت في القرآن الكريم كلمتان تعبران عن الملكية بالنسبة للإنسان هما “الملك” و”الكسب”، أمّا لفظ الملك فقد ورد – باستثناء ملك اليمين – في قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ )[28]،أي مالكون لها بحق التصرف فيها وحوز أيديهم لها.)[29]

وقوله تعالى في البيوت التي يجوز للإنسان أن يأكل  منها ، ولم يكن أهلها حاضرين (ليْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ ) [30] والمراد هنا ما كانت مفاتيحه بأيدكم كبيوت مواليكم أو الأيتام الذين أنتم أوصياء عليهم[31].

وأمّا لفظ الكسب فقد ورد في قوله تعالى  (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ)[32] ،وكذلك قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ)[33]

هذا ولقد ورد في القرآن الكريم من الأحكام ما يدل على إقرار الملكية الفردية وتثبيتها كأحكام الإرث، فهي دالة على ملك الموروث الذي مات في تحليل الوارث بصرف النظر عن الشيء الذي هو موضوع الملك، كما أنّ أحكام المعاملات من بيع وتجارة أو دين تدل على ذلك، كما أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة تملكوا، فمنهم من ملك نقداً أو عقاراً أو أنعاماً أو دواب أو غير ذلك قليلاً كان ذلك أم كثر  .[34]

مقومات الملكية في الإسلام

من مجموع النصوص الواردة في القرآن الكريم والسُنة والأحكام التي وردت فيها والتي استنتجها الفقهاء منها نستطيع أن نستنتج العناصر المقومة للملكية في الإسلام على النحو التالي :

أولاً: الملك الأصلي المطلق لكل ما يملكه الناس وينتفعون به لله الذي خلقه وصنعه وهو الذي أطلق يد الإنسان فيه، فهو ربه ومالكه، وله وحده في الأصل الحق في منحه للإنسان وتحديد تصرفه وانتفاعه به، فهو المشروع في ذلك بسبب كونه المالك الأصلي، ولهذا نتائج هامة تظهر في أحكام الملكية، وتحديد مفهومها وفي تمييز المفهوم الإسلامي للملكية عن مفهوم المذاهب الأخرى  .[35]

ثانياً: إنّ الله استخلف بني آدم في هذا الكون – أي جعل لهم عليه سلطانًا- وسخره لمنافعهم ومكنهم من الانتفاع بما أعطاهم من قوى عقلية وجسمية تمكنهم من هذا الانتفاع ، وبما وضع فيه من منافع لهم، وبتسخيره وتذليله لاستعمالهم وانتفاعهم فالبشر كلهم مسلطون على ما في  الكون من منافع، وهم فيما بينهم متعاونون متكافلون وقد جاء في القرآن الكريم  ( وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه ) [36]

ثالثًا :  إنّ علاقة الفرد بالجماعة، والجماعة بالفرد في الإسلام علاقة وثيقة تمثلها آيات وأحاديث عديدة منها قوله تعالى  ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )[37]

رابعًا : إنّ حق الفرد المخصص له في الملكية نتيجة لسعيه وكسبه  (كل نفسٍ بما كسبت رهينة )[38]

وأمثال هذه الآية كثير ، وكلها تؤكد تأكيدًا واضحًا أنّ الإنسان في ذاته وبمفرده له كيانه الخاص فهو المخاطب من الله والمكلف والمس، وهذا يوضح حق الفرد في التملك الشخصي حتى  ينفرد به من غير منازع أيا كان الفرد كبيراً أم صغيراً، ذكراً أم أنثى، ولكنه حق مقيد بأهلية تصرفه وبتحميله مغارم وواجبات الآخرين[39]،وإذا لم يؤد الإنسان المال حقه بإتباع أوامر الله واجتناب نواهيه في تصرفه مما يملك، فإنّ الجزاء هو استبدال من هو أصلح منه به ، يوضح هذا قوله تعالى : ( هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم)[40]

ومن هذه العناصر الثلاثة :  حق الله، حق الجماعة، وحق الفرد تتكون الملكية في الإسلام، وتبدو واضحة السمات متميزة المعالم عن مفاهيم التشريعات والمذاهب الأخرى .

والملكية في الاقتصاد في الإسلام  تختلف في  مفهومها عن الملكية في المذهب الفردي “الرأسمالي” الذي يعتبر الملكية الخاصة هي الأصل والملكية العامة هي الاستثناء. وتختلف كذلك عنها في الاقتصاد الاشتراكي من حيث اعتباره الملكية العامة الأساس أو القاعدة والملكية الخاصة هي الاستثناء، بينما نجد الاقتصاد الإسلامي يأخذ كلاّ النوعين كأصل وليس استثناء. وموقف الاقتصاد الإسلامي هو المتميز لأنّ النظام الفردي الرأسمالي القائم على الملكية الفردية اضطر إلى الأخذ بفكرة الملكية العامة إزاء طغيان الملكية الفردية وعزوفها عن القيام بالمشروعات الأساسية اللازمة للاقتصاد القومي، فقامت الدولة بالمشروعات التي عزف عنها الأفراد ، كما أممت بعض المشروعات، والنظام الاشتراكي نتيجة لتدهور اقتصاده لاعتماده الكلي على الملكية الجماعية أو ملكية الدولة “قطاع عام” لجأت إلى نظام الخصخصة، أي تمليك الأفراد أو” القطاع الخاص ”  ملكيات القطاع العام أي أنّها اعترفت بالملكية الفردية .

  1. كتابة عقود المداينة وتوثيقها بالإشهاد

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ)[41]

  1. كتابة عقود المبايعة والإشهاد عليها

(وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[42]

9.وجوب تداول الثروات

وعدم انحصارها في أيدي قلة قليلة لتعم الفائدة على الناس وهو إحدى خصائص الاقتصاد الإسلامي ؛ لذا حث الإسلام على الإنفاق في الخير قدر الاستطاعة (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )[43]

ونهى حبسه والبخل في إنفاقه في أوجه الخير (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير)[44]

كما حذر من كنز لذهب والفضلة وعدم إنفاقها في سبيل الله، يقول تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)[45]

ولهذا نجد أنّ الإسلام حض على الإنفاق بقصد إخراج المال إلى التداول ليتم الانتفاع به، فالتداول يؤدي إلى الرفاهية الاقتصادية بين أفراد المجتمع، لأنّ دوران المال في الأيدي يعود بالنفع على الجميع خلافًا لكنزه الذي يحجب منفعته عن الآخرين ولا يستفيد منه الكانز ،لأنّ حبسه في خزائنه لم يحقق به منفعة، وإنّما نال إثماً وسبب ضائقة على أفراد مجتمعه  .[46]

الموارد المالية وتشريعاتها

هذا ما سأبحثه – إن شاء الله – في الجزء الثامن من مراجعات هذه الحلقة

[1] –  د .  محمد عبد المنعم الجمال :  موسوعة الاقتصاد الإسلامي ،ص،  15  ط 1 ، 1406هـ /  1986م ،دار الكتاب المصري  –  دار الكتاب اللبناني  –  القاهرة  –  بيروت .

[2] –  الزرقاني :  مناهل العرفان جـ ١  ص  218، أنظر سورة الأنعام آية  ١٥١ ، إذ حرم منها الزنا والسرقة والقذف والقتل حفظاً للعقل والنسل والمال والعرض والنفس .

[3] – طه : 117- 119.

[4] – النحل : 112.

[5] – إبراهيم : 32-34.

[6] – البقرة : 30.

[7] – التوبة : 105.

[8] – الكهف : 110.

[9] .  آل عمران : 195.

[10] . البقرة : 275.

[11] . البقرة : 276.

[12] .  البقرة : 278.

[13] . البقرة : 278.

[14] – آل عمران : 130.

[15] –  إنجيل لوقا، الفصل السادس :  الآيات  6 ،  34 ،  35  ص  50 ، دار المعارف .

[16] –  د .  محمد عبد المنعم الجمال، مصدر سابق، ص   395- 397 بتصرف واختصار “.

[17] –  المصدر السابق :ص  400-401.

[18] –   د .  سعاد إبراهيم صالح :  مبادئ النظام الاقتصادي الإسلامي، ص 79 ،ط1، 1406هـ / 1986م ، دار الضياء  –  القاهرة .

[19] – البقرة : 188.

[20] – النساء : 2.

[21] . الشعراء : 181-183.

[22] . المطففين: 1-3.

[23] . النساء : 5.

[24] . الإسراء : 29.

[25] . يوسف: 46- 49.

[26] . عن الهيئة العالمية للإعجاز العلمي للقران الكريم http://www.eajaz.org/neweajaz/index.php/Scientific-Miracles/Medicine-and-Life-Sciences/251-%D9%81%D8%B0%D8%B1%D9%88%D9%87-spike

[27] . المصدر السابق ص  97.

[28] . ياسين : 71.

[29] . د. سعاد صالح :مصدر سابق : ص99.

[30]  . البقرة : 61.

[31] . د. سعاد صالح : مصدر سابق : ص 97.

[32] . النساء: 32.

[33] . البقرة : 267.

[34] . المصدر السابق : ص 100- 101.

[35] . المصدر السابق : ص 99.

[36]  .الحديد : 7.

[37] .المائدة : 2.

[38] . المدثر : 38.

[39] –  المصدر السابق : ص 100-101.

[40] – محمد 38.

[41] . البقرة: 282.

[42] . البقرة : 282.

[43] . الطلاق : 7.

[44] – آل عمران : 180.

[45] . التوبة: 34- 35.

[46] –  د .  محمد عبد المنعم الجمال، مصدر سابق, ص  490.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 1

اترك رد

  • السلام عليكم ..الى الدكتور عدنان ابراهيم احتاج للتواصل معك لتوضيح بعض المفاهيم التي طرحتها في محاضره عنوانها …دوحتنا لاتثمر … والتوضيح مهم بالنسبه الي فلا اريد اضراب يحدث في مساري الديني التربوي ولا ينفع ان اسال غيرك لانك انت من ايقضت افكاري …ولا استطيع ان اتجاهل ماسمعت..
    بنفس اللحظه راجعت سلوكي فلم اجد نفسي ……..ارجو الرد ارجو الرد …لا اريد ان اتوقف عن الذكر والمنجاة لله اريد توضيح …..

%d مدونون معجبون بهذه: