دعوني في البداية ابدأ  بالمسمى الذي ينبيء عن المضمون . و يعيد لمصطلح الصحوة دلالته اللغوية الطبيعية التي لا ينبغي أن تكون إلا يقظة للفكر من سبات طويل ، و عودة لمفهوم التنوير الذي كان رسالة الإسلام الأولى و صبغته الأزلية  ،  و جسراً لتقريب المسافات بين النص و السؤال ، و بين الدليل و العقل .

(صحوة) المفهوم الذي اختُطِف من لغتنا ليكون عنواناً للانغلاق  و القول الواحد و القالب الجامد . عاد اليوم ليصبح طريقاً  للتجديد و الاجتهاد و فقه الواقع .

اتابع الآن الموسم الثاني من برنامج ( صحوة ) – الذي يقدمه عامل المعرفة  احمد العرفج في ساعة يومية يستضيف فيها الدكتور عدنان إبراهيم –  حيث  يناقشان المواضيع المطروحة بأسلوبٍ شيق و بلغة مفهومة لغير المتخصصين .

يبدأ الدكتور إبراهيم بذكر التأصيل الاصطلاحي أو التاريخي أو الفلسفي لموضوع الحلقة  ، ثم ينطلق بعد ذلك في سرد الافكار و الآراء المختلفة بمنهجية علمية و تسلسل يلائم ذوي العقول المتسائلة ، الباحثة عن الحقيقة ، و التواقة لرؤية الافكار و لكن .. بالأبعاد و الألوان .

والواقع أنك حين تتابع الطرح المهذب المتسامح في هذا البرنامج تشعر بالانعتاق تدريجياً من أغلال الفكرة النمطية التي تموضعت في العقل الديني على مدى قرون لم يكن فيها العالم الإسلامي في أفضل حالاته .

ورغم قصر زمن الحلقة الذي لا يتجاوز الساعة إلا أن البرنامج يشكل برأيي علامة فارقة في البرامج الدينية . فأنت هنا لا تستمع لفتوى تقليدية  أو موعظة معلبة بل على خلاف ذلك ، تجد نفسك شريكاً في رحلة مدهشة  تنتقل خلالها بين العلم و الحكمة و الآداب و الحضارات ، لتصل في نهاية المطاف لأفكارك التي تستخلصها و تختارها بكامل إرادتك ،  فتكون معها أكثر إيماناً و انسجاماً.

ومما يذكر للدكتور إبراهيم عنايته بالتوثيق و الإحالة إلى المصادر ، فتشعر على الدوام أنك تلامس الفكرة و ترى تفاصيل بناءها .

الدكتور العرفج كعادته يوجه الحديث بأناقة و يترك للضيف مساحة كاملة للحديث و الاستشهاد فتصل الفكرة للمتلقي كاملة دون بتر . و هذه ميزة جميلة في البرنامج أضيفها لميزة اخرى هي تنوع المواضيع المستوحاة من أحاديث الناس و سجالاتهم في المقاهي و المجالس و مواقع التواصل .

حسنا ، ماذا بقي ؟ – على طريقة العرفج في ختم مقالاته – ..، بقي أن أقول لكل من يهاجم ( #صحوة ): عليك أن تخرج من كهف أفلاطون . عليك أن تشاهد البرنامج  دون أحكام مسبقة . و دون بحث عن الأخطاء  .

شاهد بضمير متصل . شاهد بإحسان .و شاهد بالألوان  ولَك مني التحية و التقدير .

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: