سالمة الموشي كاتبة سعودية
سالمة الموشي كاتبة سعودية

أحدثت فكرة انتظار المُخلِّص جدلا عبر العصور، فهي إحدى أهم مسلمات الشعوب. الكل ينتظر مخلصه، الجميع بدون استثناء ينتظر “السوبرمان” الذي سينقذه من عذاباته ويغير واقعه المأزوم، ولعل زمننا هذا من أكثر الأزمنة المأزومة بكل أوجاع الإنسانية وانسحاقها ومن أكثرها شغفا لانتظار مخلصها. ولهذا يتوق العالم سراً وعلانية إلى منقذ يخلصه من الظلم والضعف.

إن هذه الفكرة لم تتولد من فراغ، فما من ديانة من الأديان في أمة من الأمم إلا وهي تؤمن بالمخلص. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا أغلب الأديان والأمم لديهم فكرة انتظار المخلص؟ فكرة الخلاص أو الحاجة إلى من يخلص الأمة مما آل إليه حالها هي أحد الأسباب، ولهذا فإن أغلب الطبقات تنتظر مُخلصها حتى الطبقات الأرستقراطية والمجتمعات الرأسمالية وحتى الدول التي لم يسلم العالم من حروبها تنتظر مخلصها.
إن فكرة المُخلص موجودة في كثير من الديانات والأمم، والحقيقة أن في جميع الأديان اعتقادا بفكرة وجود مخلص في آخر الزمان وهو أعلى درجات الأمل عند البشر عبر كل الأزمنة المتغيرة، وأية مساس بهذه الفكرة سوف يكون مسببا لليأس والانفعال ورد الفعل الكبير والقوي كما حدث ضد خطبة عدنان إبراهيم التي وصف فيها المُخلص بأنه ليس أكثر من وهم. الأمر الذي سبب هلعا ورفضا لدى المتلقين بسبب أن الإنسان دائما بحاجة للأمل، والخلاص، والانتظار للمجهول الجميل.
انتظار المخلص تكاد تتحول إلى غريزة فطرية مترسبة في أعماق الثقافات الإنسانية القديمة، فكل الثقافات الإنسانية تحمل جذورا راسخة في بنيتها الأساسية عن فكرة المنتظر الموعود، الذي سيحقق آمالها وطموحاتها وينتشلها من مستنقعات الشقاء والألم إلى الخلاص والراحة، حيث تسود قيم العدل والمساواة، حيث حياة دون طبقية و دون الاستبداد والمستبدين.
وقد أشار ابن خلدون أيضا – رغم تعصبه ضد الفكرة ذاتها- لهذه العقيدة المتمثلة في إيمان المسلمين بظهور المهدي بقوله: “أعلم أنّ المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار، أنّه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيد الدين، ويُظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى المهدي”. وهذا الإيمان العميق بأصل فكرة المخلص وإن اختلفوا في كنهه، بين الأديان السابقة ومعظم الثقافات القديمة والفلاسفة والمفكرين ورغم تعدد الأديان وتباين المعتقدات واختلاف الأفكار إلا أنهم متفقون على أصل فكرة المخلص، فهل يمكن أن يكون هذا الاتفاق محض صدفة أو هو إفراز طبيعي لغريزة فطرية إنسانية تطمح للخلاص؟
هذا الانتظار التاريخي الذي لا يتوقف الناس عن الإيمان به يتماس مع تلك المسرحية الشهيرة “في انتظار غودو” للكاتب الآيرلندي “بيكيت“، وفحوى المسرحية انتظار شيء لا وجود له أصلا ولا معنى حقيقي له، وهذا هو العبث الحقيقي باعتقاده، فغودو “المنُتظر” هو المنقذ و الأمل و الفرح والسعادة وهو الذي يقضي أبطال “بيكيت” حياتهم في انتظاره دون جدوى في جو من اليأس والإحباط إزاء هذا العالم العصي على التغيير.

رابط المقال الأصلي

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليقات 3

اترك رد

  • Thanks sister and thanks to the brothers &/or sisters who are running this website
    In my humble opinion, most humans think this way because they are re-active. We have never been taught pro-activity. Homes, schools, communities, houses of worship, presidents, etc.. teach that we get a treat/ a reward/ an acceptance if we follow them blindly. And we learn that re- activity is good, is safe, is successful, is reward-able…These teachings make
    shepherding us easier for all those who want to control
    We grow up finding it much easier to react, to sleep, to blame the others, to blame the circumstances, etc.. So we wait for the superhero, who will come to get rid of the others and get rid of the bad circumstances. An excuse that numbs/ anesthetize our conscience. An excuse that make us feel better about ourselves
    And here where Dr. Adnan comes. He came and slabbed us on the face to wake us up. He came to say: NO, you are responsible. NO, the problems are inside us not outside. He screamed, be honest with yourself. Believe of yourself, you are a superhero. You can change the world. Don’t wait for others to come and save you, to come and change your world. He emphasized clearly, Don’t follow me or follow anyone blindly. Read, learn, think, work hard and use your brain that Allah gave you, etc..He repeated and made it very clear for us, along with evidence and verses from the Holy Quraan & from the sunnah, that Allah likes us and want us to be this way, want us to be pro-active humans. The real Muslim is the one who is on this path, the one who thinks this way.
    this is my opinion and my understanding

  • مسألة المهدي عليه السلام ثابتة قرآنيا و رواية لكن الدكتور ينفيها من غير دليل وهذا على غير عادته وهو من يدعو للدليل و البرهان
    قال تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)
    لم يعلق عليها عدنان ابراهيم
    وقال ( هو الذي ارسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)
    وقال ( وعد الله الذين امنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونه لا يشركون به شيئا)
    اما الروايات فغنية عن التعريف و الذكر

%d مدونون معجبون بهذه: