سامح عيد
سامح عيد

حُكم بإعدام محمد بن الشيخ لمخيطر في موريتانيا، الشارع يثور من أجل إعدامه ليس من أجل الإفراج عنه، السبب مقالة اتهم فيها بأنه سب النبي وهذا هو المقال. رغم أن الرجل أعلن توبته في مقال آخر وحاول تأويل كلامه بشكل إيجابي ونفى سبه للنبوة، ولكن الفقه يقبل توبة الذي يسب الله ولكنه لا يقبل توبة من يسب النبي الكريم. الفقه الذي يقول إن الرجل الذي قتل تسعا وتسعين نفسا ثم أكملهم المئة بفقيه قال للرجل ليس لك توبة، قبل الله توبته كما يقول التراث الوعظي السني، ويقولون إن المسلم السارق والزاني يدخل الجنة رغم أنف أبي ذر، وتدَّعي مروية أخرى، أن الله يوم القيامة سيأخذ الذنوب من على المسلمين ويوزعها علي المسيحيين واليهود!

بعد كل هذا تُرفض توبة شاب، لأسئلة مشروعة سألها أحدهم. المقال طرح أسئلة ربما يكون بعضها مشروعا، وخلاصة القول أن الكثير من الفقهاء فرقوا بين مواقف الرسول السياسية والتشريعية، وقالوا إن التاريخ والسياسة التي مارسها الرسول ليست كلها من قبيل الأفعال التشريعية، قال هذا الكلام القرضاوي وغيره من المشايخ الكبار، وستطرح بقوة تلك الأسئلة في الفترة القادمة بسبب العولمة والانفتاح الإعلامي، وللأسف إثارة هذه القضية في هذا الوقت ستجعل العالم كله يبحث عن المقال الذي أثار المشكلة، وبدلاً من معرفة عدد قليل بتلك الأسئلة، فالعالم كله سيعرف تلك الأسئلة المشروعة، وستصبح المشكلة أنك أصبحت مطالبا بالإجابة عنها أمام العالم، ولن يهتم العالم بمظاهرات بعض الموريتانيين المشحونين بفقه بعض المشايخ الراديكالي، ولن تكون القضية شرعية الأسئلة من عدمها، ولكن سيصبح الأمر فرضية الإجابة لا إباحة السؤال. كانت إجابة شيخ جليل وعصري مثل الدكتور عدنان إبراهيم بأن نقض القضية وشكك في مصداقيتها، عن طريق ما يسمى سند الحديث وهذا هوالرابط . وهذه أحد الطرق، لأن معظم كتب السيرة رويت بروايات ضعيفة، وخاصة في بني قريظة، موضوع أنه حفر لهم حفرا لوضعهم فيها، فهذا غير منطقي، لأن الخندق كان ما زال منصوبا، فكان الأولى أن يردم بهم الخندق المحفور حول المدينة. أما محاولة تأكيد الروايات والدفاع عنها، فنحتاج أن نرى كيف سيواجه شيوخ الأزهر هذه الأسئلة التي فرضت عليهم، وأعتقد أن حل عدنان إبراهيم أكثر وجاهة. سنأتي للسؤال الأهم وهو حد الردة، لم يذكر حد الردة في القرآن، بل على العكس كانت هناك آيات واضحة من وجهة نظري ضد حد الردة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138). تقول الآية آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا، لو كان هناك حد ردة لما وصل للإيمان الثاني حتى يصل للكفر الثاني ثم ازدياد الكفر، وفي النهاية لم يأمر أحدا بمعاقبتهم ولكن ترك عقابهم على الله يوم القيامة، على هذا الكفر ثم ازدياد الكفر، والقول الآخر الصريح «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». حتى قضية المنافقين المشهورة، أنا شخصيا لا أعرف منافقا غير عبد الله بن أبي بن سلول، رغم أنه عاد بثلث الجيش في أحد ولم نعرف واحدا من هؤلاء الخونة الذين خذلوا الرسول الكريم، وهناك من بني مسجدا ضرارا وهدمه الرسول ولم نعرف من هؤلاء البناة، وهناك من حاول قتل النبي الكريم وعرفهم حذيفة بن اليمان، وأمره الرسول ألا يخبر أحدا وأطلق عليه كاتم سر الرسول، وماذا حدث لرأس المنافقين، فقد كفنه الرسول الكريم في جلبابه، وصلى عليه ودعا له استجابة لطلب ابنه عبد الله بن عبد الله ابن أبي بن سلول. المشكلة أن أي أسئلة في التاريخ الإسلامي يعتبرها المتشددون سبا للنبوة، فهل سيوقفون الأسئلة التي ربما تواجه أي قارئ للسيرة وخصوصا أن بها أمورا عجيبة، لا يقبلها أي عاقل، وأنا أرى أن الموالي قد تلاعبوا بالسيرة النبوية، ودسوا فيها الكثير للطعن في الإسلام، ولم يقل لنا أحد إن السيرة أو إن المرويات حفظت من التحريف، لا يعقل أن يربط زيد بن حارثة ساقي أم قرفة المرأة العجوز في فرسين ويرفسهما ليشق المرأة العجوز نصفين، ثم يبعث برأسها إلى النبي الكريم -كما تدَّعي المرويات- أو خمارها ليعلقه فى المدينة، وكانت أم قرفة يضرب بها المثل في الجزيرة بالعزة وكانت تحل النزاعات بخمارها كما تقول المرويات. القضية الأهم وهي عنوان المقال، ولنفترض أن البعض لديه قناعة بأن هذا الشخص مرتد، ويستحق القتل، ماذا سيكون وضعنا أمام العالم، لمجرد أن شابا موريتانيا، كان له أسئلة في مرويات التاريخ، ربما يقول لنا أحدهم، مالناش دعوة بكلام الغرب ومالناش دعوة بكلام الناس، إحنا بننفذ أمر ربنا. ما قولهم في المروية عن الرسول الكريم في غزوة بني المصطلق عندما قال عبد الله بن أبي بن سلول، لو رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، إنهم ينطبق عليهم المثل ثمن كلبك يأكلك، يقصد المهاجرين وطلب الصحابة من الرسول الكريم قتل عبد الله بن أبى بن سلول، فرفض النبي قتله وقال حتى لا يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه.

العالم كله حيقول دلوقتي اللي بيسأل في الإسلام بيتعدم، وسيكون وقتها كلام ترامب بأن المسلمين كلهم متطرفون محل اعتبار.  دافعوا عن الإسلام رجاء، وتوقفوا عن هذا العبث الذي يحدث في موريتانيا، وأتمنى من الأزهر الذي يدين الاضطهاد في ميانمار، ويدين ما يفعله الشيعة في العراق، أن يدين ما يفعله السُّنة في موريتانيا، وأن يُخرج بيانا حتى بالسماح بالتوبة لهذا الرجل، وأن يجيب عن الأسئلة المشروعة التي سألها لمخيطر. سمعة الإسلام في خطر، فلا تسيئوا إلى الإسلام أكثر من ذلك.

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 1

اترك رد

  • الله يغفر الذنوب جميعا الا الشرك بالله ؟ولكن الذي لا يعرف الاسلام كالطفل بري لحتى يتعلم فيكبر لحتى يصل الى عمر مححد فينطبق عليه الحدود الذي وضعها الله تعالى للمسلمين النبي عليه الصلاه والسلام يقول لامته في تربيه ابنائهم ائمروهم لسبع واضربوهم لعشر نسيت الثالثه حاولو اكتشفوها واتعلمو

%d مدونون معجبون بهذه: