مريم الشروقي صحفية بحرينية
مريم الشروقي
صحفية بحرينية

تمّ الحكم على المفكّر الإسلامي عدنان إبراهيم بأنه في النار، والارتداد على دين محمّد (ص)، طبعاً هذا الحكم خرج من قبل فئة المتعصّبين والمتطرّفين، من دون قراءة حقيقية لما يقوله أو تمعّن فعلي في فكره. واليوم نجده كافراً مع سبق الإصرار والترصد، وتعرض للكثير من الشتم والطعن في دينه، ومن قام بذلك فإنّ الله محاسبه، ولسنا هنا نحاسب أحداً، فلا أحد يعلم بما في الصدور إلاّ الله.

من هو عدنان إبراهيم؟ ولماذا يتهم بذلك؟ ولماذا يتم إدخاله في النار؟ وهل أصبحنا أمّةً نُدخل من نشاء في ديننا أم أنّ الله هو المطّلع على السرائر؟

عجيبٌ أمر البعض وهو يدّعي التديّن والإخلاص، ولكأنّ الباقين غير مخلصين وفي النّار أبد الآبدين، ولكأنّ فكرهم وتفكيرهم ويقينهم هو الطاهر فقط، والبقيّة هم دعاة كفر وإلحاد وشرك بالله، فلقد تمّ تكفير الصوفية والشيعة والماتريدية والمعتزلة، وبقي فكر أهل السنّة والجماعة هو الفكر المخلّد النظيف، الذي لم تدخله شائبة!

من أعطى الحق للمتطرّفين لأن يكونوا هم الطاهرين فقط؟ ومن أعطاهم الحق ليتّهموا النّاس ويقذفوهم ويحوّروا فكرهم إلاّ ثلّة من الشرذمة؟ فالله من فوق سابع سماء كرّم بني آدم، ولم يكرّم السلف ولا الاخوان ولا أي جماعة أو طائفة محددة، بل الجميع سواسية عند الله، وهو العادل الذي يعلم من سيدخل الجنّة ومن سيزج في النار!

إننا للأسف الشديد أمّة تؤمن بأنك «إن لم تكن معي فأنت ضدّي»، وإنّ أي فكر مغاير للفكر السائد هو فكر ملوّث، فلا أحد يستطيع النقاش في أمر غائي ولا في موضوع ديني، وإلاّ فإنّ الأسهم ضدّه لا محالة!

وللعلم، فإنّ المفكّر عدنان إبراهيم هو طبيب من أصل فلسطيني، يجيد عدّة لغات منها العربية والانجليزية والألمانية، وهو من الخطباء السنّة البارزين في النمسا، وله علم وفير في الفلسفة والتربية والأدب، ولديه العديد من الأفكار والأطروحات المثيرة للجدل، وقد تناول موضوع الإلحاد وسبب الإلحاد المنتشر بين المسلمين وكيفية علاجه بطريقة علمية تناغي العقل. وقد اشتهر بتنقيبه في السيرة النبوية والبحث في أصول الأحداث بطريقة فلسفية رائعة ومُقنعة.

وبعد هذا كلّه نجد نائباً سلفياً داخل قبّة البرلمان في البحرين، يُطالب يوم الأحد الماضي (1 فبراير 2015)، بمنع دخول المفكّر الإسلامي عدنان إبراهيم من البحرين، وكنّا نأمل هذا الاستئساد والمطالبة من قبل عبدالحليم مراد في إرجاع أملاك الدولة المسروقة، أو المطالبة بالكشف عن أموال النفط التي تحدّث عنها زميله النائب السابق عادل المعاودة على منبر رسول الله، أو المطالبة باستجواب وزير المالية عن أموال الشعب، ولكن لا نعتقد بأنّ هذه الأمور لا تدخل في أجنداته الشرسة، فشراسته لا تكون إلاّ على الفكر المغاير، وهذه هي حالنا نحن المسلمين للأسف الشديد.

نتمنّى دخول المفكّر المتميّز عدنان إبراهيم إلى أرض البحرين، والرد على من قذفه بالردّة والكفر، بل واتهامه بسب أمهات المؤمنين، ومن يتابع محاضراته لن يجد سبّاً ولا شتماً ولا قذفاً. كما نتمنّى أن يتوقّف بعض النّاس عن توجيه أصابع الاتّهام لمن يغايرهم في الفكر، وليلتفتوا إلى ما هو أعظم من ذلك!

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4532 – الثلثاء 03 فبراير 2015م الموافق 13 ربيع الثاني 1436هـ

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: