رضوان اعريب مدون مغربي وكاتب رأي
رضوان اعريب
مدون مغربي وكاتب رأي

كثيرا ما نسمع في العالم الإسلامي أشخاصاً وهيئات بل حكومات ورئاسات، تطالب بتجديد الخطاب الديني وفق مستجدات العصر وسيرورة الحياة، ونجد برامج تخصص حلقات بكاملها لبحث الموضوع وسبر أغواره مع علماء ومشايخ يتشاكسون فيما بينهم بين الرفض والإيجاب.

الرافض للتجديد حجته السير على منهج القرآن والسنة واتباع ما سار عليه السابقون ويسطر حدوداً بالخط الأحمر على كل من يتجاوزها، والداعي إلى التجديد يحاول إقناع هؤلاء بأن مسار التاريخ يتغير، وأن على الدين مواكبة التغيرات بحجة أن الدين صالح لكل زمان ومكان بالمواكبة لا الجمود وإشاحة النظر عن التغير الجذري لبني البشر في شتى مناحي الحياة مع قرني الطفرة العلمية والتكنولوجيا الحاصلة.

لكن كل هذا الكلام حول الموضوع يبقى كلاماً لم نرَ إلى ما عهدناه، ففي كل جمعة أذهب إلى المسجد أجد خطيبا يخطب عن تاريخ الإسلام وأساسياته وشخصياته دون التطرق لمواضيع العصر، مما يجعلنا نحن كمسلمين نعيش على الماضي دون الرغبة في الالتفات حولنا ومعرفة المحيط الذي نسير فيه، لقد أصبح معظم الشباب المثقف يذهب للجمعة فقط لأن أجرها عظيم ويبتغي مرضاة الله لكنه في العمق يحس أن الخطبة حول كيفية الوضوء أو فضل شهر رمضان هي خطب حفظها عن ظهر قلب تصلح لتكون موضوع جلسة تذكيرية.

وأبرز مثال على من قام بالتجديد الديني الدكتور عدنان إبراهيم المفكر الإسلامي فلسطيني الجنسية، والذي يخطب في الناس بمسجد الشورى في العاصمة فيينا، هناك آخرون طبعا لكن هذا أبرزهم في الوقت الراهن، أغلب من يرفضون تجديد الخطاب الديني يصفونه بالزنديق والمنحل وهناك من صار لتكفيره بسبب آرائه المخالفة والمختلفة في مسائل دينية لم يجرأ أحد الجهر برأيه فيها من قبل وإن وجدت بعض الحالات النادرة إلى أن مريدي هذه الحالات قليلون لا أثر لها ولا ثأثير..

– لماذا عدنان إبراهيم يرتبط اسمه مع تجديد الخطاب الديني؟
– لماذا اخترته دون غيره؟ هل أنا متحيز؟

إن ابتعدنا عن مواضيع الجدال في بعض خطبه سنجد أن الخطب الأخرى مثالا يحتذى به وتطبيق كامل للتجديد الخطاب الديني، وإخراجه من قوقعته الدينية المحضة التي التفَّ حولها إلى الخطاب الشمولي محترما الأزمنة والأمكنة والأبعاد ومعطيا الحق للتداخل الماضي والحاضر والمستقبل

بغض النظر عن كل الشبهات التي تحوم حول شخصيته والسلب الموصوف به من قبل غرمائه من مشايخ وأشخاص عادين، إلا أننا إن ابتعدنا عن مواضيع الجدال في بعض خطبه سنجد أن الخطب الأخرى مثالا يحتذى به وتطبيق كامل للتجديد الخطاب الديني، وإخراجه من قوقعته الدينية المحضة التي التفَّ حولها إلى الخطاب الشمولي محترما الأزمنة والأمكنة والأبعاد ومعطيا الحق للتداخل الماضي والحاضر والمستقبل .
أما عن اختياري له فأنا من متابعي الشيوخ من أمثال محمد حسان والعريفي ومحمود المصري.. ولست متحيزا..

كلامهم جميل ورائع لكنه يجعل آفاق الانسان ضيقة، ويحصر علمه في العلوم الدينية ويجعل المسلم لا يفكر أن هناك علوما أخرى يجب تحصيلها من أجل خدمة البشرية، ولأن المشايخ أيضا لا يخرجون بخطبهم عن مجال الدين، يبقى الخطاب التقليدي سائدا، لكن عندما تتبع عدنان تجد أن الرجل يعمل على نفسه، ويحاول إفهام الناس أهمية الدين مع أهمية تحصيل العلوم الأخرى بل يزيد على ذلك تارة بتعريف نسبية الرياضيات لأينشتاين أو قوانين نيوتن في الفيزياء، ويدعوك لمعرفة ما قال ابن رشد ردا على الغزالي في الفلسفة وما صارت إليه نازا الفضاء في الكزملوجيا، يدفعك دفعا للبحث عن مصدر تلك القطعة التي سردها من أشعار الرومي و روايات غوغل.. تولوستوي.. وآخرون.. هذا في حد ذاته يجعل الإنسان شخصا حركيا مستمتعا بالخطبة، ومتأملا في البحث عن تلك العلوم التي يجهلها ويصير أيضا محبا للمسجد منتظرا للجمعة من أجل خطاب آخر.. خطاب تجديدي.. خطاب يبني علوما مفيدة للمتلقي تحت أساس رعاية المسجد والمنبر.

ونتمنى أن يلتفت العلماء والمشايخ لهذه النقطة من إيجابيات الخطاب التجديدي لعدنان ويعملون به، أما سلبياته فما عليهم إلى تجاهلها أو دحضها بالأدلة.. المجتمع لن يرفض الجانب الممتلئ من كأسه، ذلك الجانب النافع للأمة وسيحب أن يجده في علماء ومشايخ الدين الحاليين أكثر من وجودها فيه على الأقل الطرف المعارض للدكتور عدنان إبراهيم.
المصدر

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: