راجي العوادي
راجي العوادي

ان الفرق بين الدين والفكر الديني يتحدد بالمصدر فالاول مصدره إلهي، والثاني مصدره بشري، يشمل فقه المجتهدين , فالقران دين وتفسيره ليس بدين لانه من اجتهاد البشر , وعادة اجتهاد البشر قابل للاختلاف وعلى هذا الاساس , فالدين ليس به اختلاف والفكر الديني فيه جملة اختلافات , فالدين مطلق وثابت ولا مجال للخطأ فيه , والفكر الديني متحول , والدين مجموعة قيم عليا والفكر الديني ركام هائل من الفتاوى والاراء التي أنتجها رجال الدين , اذن المشكل ليس في الدين وانما في استعماله من رجال الدين, والمصيبة انه اتخذ من الفكر الديني مطية لنقد الدين نفسه, رجال الدين لا يهمهم الدين بقدر ما يهمهم الوصول للوجاهة او للسلطة من خلاله فيقتلون الدين , وقد تكون وسيلتهم الديمقراطية فان تمكنوا بها اعتبروها كفرا , وهؤلاء وضعوا الفكر الديني فوق الدين وتعاملوا معه وتجاهلوا الدين مدعين الفكر الديني لا يتغير , بل يصرون على عدم تجديده بحجة الحفاظ على الدين من التغير ولذا بقينا الى اليوم اسرى افكار التكفير والخرافات والاساطير وضرب القامة والزنجيل .

نقول لهؤلاء كيف لا يناقش الفكر الديني وهو من نتاج العقل البشري ؟! فالفكر الديني قابل للتجديد في الجانب النظري والعملي لكن من يتجرء وينقد النص يواجه بردة فعل مدوية كما حصل ل(كمال الحيدري,حسن بن فرحان المالكي,عدنان ابراهيم) فتجديد الفكر الديني يمثل المشكلة والحل معا فالمشكلة لا احد يريد البدء فيها والحل الكل يدعيها كذبا , اليوم الفكر الديني اصبح منقطعا عن الواقع العملي الذي نعيشه بسبب تجميد نصه ؟! …اما الفرق بين الفقيه (المرجع )ورجل الدين فان الاول يبحث اصوليا وفقهيا ولا يعطي علمه الا لمن يطلبه تقليدا وهو بعيد عن السلطة والمال وعن المجتمع احيانا ولا يتدخل الا بالحفاظ على الدين وامن وسلامة المسلمين, بينما رجال الدين يسعىون الى كسب المال والسلطة والوجاهة ويصمتون ازاء المخالفات الشرعية التي ترتكبها السلطة, وامتدت سلطة رجل الدين وحشر نفسه حتى في الهندسة الوراثية , فرجال الدين يروجون لعبارة لا اجتهاد في النص وهو نوع من الاستبداد الفكري…لااجتهاد في موضع النص والصحيح الاجتهاد في النص لانه يتماشى مع متطلبات منهج البحث العلمي, كيف لا يجوز الاجتهاد في النص وهو نتاج بشر وبعض مسائل الحكم الشرعي مختلف فيها بين الفقهاء ؟! ان مناقشة النص سيكشف التناقضات لما كتبه الفقهاء الاموات فيلغي سلطة الموتى وينهي سطوة الاحياء الذين يعتاشون على فكرهم , فرجال الدين يسعون الى تجسيد فكرة حفظ نصوص فقهية وعقائدية دون عقل او ملكة ونقد…المشكلة ان رجل الدين صدق نفسه انه وسيط بين الارض والسماء فلا احد يواجه رجل الدين عندما يخطا , انها القداسة المزيفة التي فرضها مجتمع الجهال.

الدين يدعوا الى الفضيلة والمحبة ولكن بعض رجال الدين يزرعون الكراهية والحقد تجاه الطرف الاخر , فالناس لم تعد بحاجة لوصاية رجال دين اجتماعيا ولا لدوره سياسيا واقتصاديا , فهناك دستور وقوانين تحكم المجتمع , نريد رجل الدين يبقى في اطار تخصصه ويطور نفسه ,فقد جاء في بعض الروايات ((ربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه)) أي ما أكثر أولئك الذين يحملون الفقه ـ الذي يعني هنا التعليم الديني ـ بيد أنهم لا يعرفون ما هي هذه الجواهر الثمينة التي يحملونها، اي بيدهم الألفاظ والكلمات وعلى ألسنتهم تجري الروايات وهم يقومون بنقلها إلى آخرين أقدر منهم على استيعاب المضمون والفكرة وتطبيقها بشكلٍ أفضل.

اخيرا نحن على بينة ويقين في ديننا , وكل الاحترام والتقدير لعلماءنا المجتهدين.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: