د. محمد بن أحمد المقصودي باحث وأكاديمي في مجال القانون وحقوق الانسان
د. محمد بن أحمد المقصودي
باحث وأكاديمي في مجال القانون وحقوق الانسان

في ظل كثرة و صخب ما تطرحه الفضائيات في هذا الشهر الكريم لا يملك الفرد منا إلا اختيار المميز في الفكرة والطرح وأشخاص العمل , وقد جاء برنامج صحوة المعروض عصر كل يوم على قناة روتانا خليجية المتجددة من افضل البرامج التي تستحق المتابعة لاعتبارات عديدة منها جودة الاعداد وتنوع المواضيع وعصريتها وتمكن مقدم البرنامج الصديق النبيل واللدود (في ميوله الرياضي) د. احمد العرفج , يضاف لذلك حسن اختيارهم لضيف البرنامج العلامة د.عدنان ابراهيم الذي قيل عنه من الخير الكثير , كما ناله من الهجوم القليل ممن لم يعرف كيف يستوعب فكرة بمودة وقلب صاف من الغل , مع المناقشة الهادئة وبلا استعلاء وعدوانية , لان لكل منا زلات وأخطاء وسبيل العودة والرحمة هو المطلوب للتعايش السلمي.

وبحكم مكوثي سنوات عدة في بريطانيا العظمى للدراسة والبحث العلمي شرعا وقانونا وفكرا وتجوالي الاوربي اجمالا لمست وعرفت عن قرب مدى تأثير ذلك الرجل المفكر –  عدنان ابراهيم –  في جانب الدعوة لدين الاسلام وإقناع الملحدين بوجود الله ودخول العدد الكبير منهم لدين الاسلام بفضل الله ثم بجهوده الكبيرة, وذلك بما يملكه من قوة في الحجة وبشاشة في التعامل وتمكن في اللغة والتحليل العلمي الذي اكتسبه من قوة العلم الشرعي في اصول الفقه والفلسفة وأصول الحوار المرتب وهي امور لو لم يملك إلا هي لكفته في جو يموج بصراعات عسكرية دموية ونفسية عميقة ومحزنة بين طوائف المسلمين و بلاد العرب كافة بل وبين ابناء الطائفة الواحدة والمذهب , مما اجبر العديد من ابناء المسلمين للهروب بأنفسهم وأهليهم من تلك البلدان الاسلامية والعربية الشمولية لبلاد الغرب الموصوف بالكافر الذي احتضنهم بإنسانية بكل ما لديهم من فكر وعلم وكفاءة ووفر كل سبل العدالة والمساواة وحقوق الانسان والعيش الكريم لهم ولأسرهم.

وبالعودة لبرنامج صحوة نجد انه شمل بعمق وجودة العديد من المواضيع التي تهم المسلمين في حياتهم ومعاملاتهم المختلف حولها فقها رحمة بهم , وكانت المحاور تركز على طرح عدد من الاسئلة الدقيقة من د.احمد العرفج للضيف د.عدنان ابراهيم ,حول واقع الأمة الإسلامي والتغير المستمر للفتوى في ظل تطورات متلاحقة وسريعة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً مما يجعل الجيل الجديد يواجه قضايا فقهية مستجدة ومتكاثرة وآنية تهم المسلمين في هذا الوقت بالذات ومدى ضرورة تجديد الخطاب الديني بما يتوافق مع العصر , مما يمكن تيسير الفقه للجيل الجديد فهماً وعرضاً لغة ومحتوى واصطلاحاً، لما له من اهمية في عصرنا هذا الذي تطورت فيه أساليب الاعلام الحديث ووسائل الكتابة وتشعبت فيه القضايا الفقهية الآنية , بل وتداخلت فتاوى البعض مصلحيا مع التوجهات المذهبية والسياسية في اوقات كثيرة.

وقد خرجت مما عرضه الدكتور عدنان حتى الان بأمور قليلة اختلف معه فيها وأخرى كثيرة اوافقه بها ومنها عبارة ذهبية قال فيها ( ان تحديث الفقه كلمة تشتمل على حق في جانب وعلى باطل في الجانب الاخر , فإذا كان المقصود بالقول بتحديث الفقه أي ان نبحث القضايا المستجدة  والمعاصرة والتي ليس لها حكم سابق أو لها حكم سابق والأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان، فهذا صحيح إذا قام به العلماء العارفون المجتهدون المفتون الذين توفرت فيهم القدرة على الاجتهاد والقول بالحكم الشرعي , أما إذا كان القول بالتحديث يقصد به تسطيح أحكام الشريعة الإسلامية وتفكيكها بناء على الهوى والرأي والتشهي فهذا ضد شرع الله وهو الجانب الباطل ) , وتعمدت ذكر تلك العبارة مع علمي الحصيف بمضمونها من قبل للتأكيد على ان من لدية مثل ذلك الفكر الحر والمتزن دون دخول في النوايا وما تخفي الصدور حقيق بان يتابع وان نرى ما لدية دون حكم متسرع , مع اخذ المفيد وهو كثير وترك ما يخالف توجه المخالف.

ان المتابع المنصف لما ورد من اراء وفكر في الحلقات الماضية والتي فاقت الخمسة عشر حلقة , يلاحظ ان الضيف والمضيف قد ابدعوا في ادارة دفة الحوار بسلاسة وروح طيبة ومرحة رغم حدية بعض المواضيع في رأى البعض , ولم المس فيما سمعت وبعمق المتخصص ايراد ما يخرج عن المألوف وبما يتهم به الضيف والمضيف من البعض بل ان مجمل ما قيل يوافق الاختلافات الفقهية التي هي رحمة للأمة وخصوصا فيما يتعلق بأمور المعاملات والعبادات والأحوال الشخصية.

من ذلك يمكن القول لكل متسرع ومتشدد اتق الله فيما تقول واحترم الرأي الاخر وناقش الحجة بالحجة ولا تتبع اسلوب الوصاية على الاخرين والتى ولى زمانها,  وقد نفقد جيلنا الحديث ان استمرت واستمر دعمها من قبل بعض التوجهات والسلطات للسيطرة على رقاب الناس وإبعادهم عن مصالحهم الدنيوية تحت لباس الدين وذلك بتخوين وتكفير وتبديع المخالف ,  قال الله تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ…الايات (159). سورة ال عمران .  والله من وراء القصد.
نشر في صحيفة أنحاء الإلكترونية

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 1

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: