د.أيمن الجندي
د.أيمن الجندي

استمعت إلى فيديو خاص بالدكتور محمد عمارة، وقد أسعدنى ما فيه، ذلك أنه يوافق ما نشرته سابقاً بخصوص رأى الإمام محمد أبى زهرة فى مسألتى نفى الرجم ونفى النسخ فى القرآن.

وهذا نص كلام د. محمد عمارة:

السائل: سؤالى للشيخ عمارة حول آية الرجم التى رفعت من القرآن «والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة»، شو تعليقه عليها لو سمحت؟

د. عمارة: «هذا كلام ساقط لا علاقة له بالقرآن. مثل كلام مسيلمة الكذاب» يا ضفدع يا ضفدعين. القرآن حين تكلم عن الزنا قال «والزانية والزانى» وفى الآية المزعومة «والشيخ والشيخة»! فماذا لو كانا شابين لا شيخين هل نعطيهما مكافأة على الزنا؟!

القرآن لا مبدل لكلماته. فلا يمكن أن تكون هناك آية نزلت ثم بُدلت. كل هذه الروايات ساقطة، لأن الحَكَم هو النص المعجز المتحدى قطعى الدلالة وقطعى الثبوت. عندما يقول الله «لا مبدل لكلماته» لو قالت كل الدنيا إن هناك تبديلا فى القرآن كل هذا يكون كلاما ساقطا. لقد آن لنا أن يكون مرجعنا هو الوحى المعصوم الذى نزل به على قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام.

وقد أوضح الدكتور عمارة أيضا أن لدينا دليلا لم يلتفت إليه الكثير من الناس، وهو أنه 84 مرة جاء القران بكلمة «آية» المفردة بمعنى المعجزة/ الحجة/ العلامة، وليس بمعنى الآية القرآنية. فهذه الآية (ما ننسخ من آية) مقصود بها المعجزة الكونية ولا علاقة لها بآيات القرآن.

انتهى كلام الدكتور محمد عمارة. ومن تابع مقالاتى السابقة حول هذا الموضوع يتبين له أنه منقول عن آراء الإمام محمد أبوزهرة رحمه الله، والذى حمل عبء هذا الرأى ودافع عنه، ثم قيض الله تعالى فى الآونة الأخيرة من يجهر بوجاهته مثل الشيخ القرضاوى والدكتور عدنان إبراهيم والدكتور محمد عمارة.

ولقد لاحظت ـ من الردود على المقالات السابقة- أن بعض الغيورين على الدين يُستنفرون للهجوم ظنا منهم أنهم يدافعون عن عرى الإسلام. وهم مخطئون قطعا ذلك أنهم لا يعلمون التالى:

أولا: هم لا يتصورون كم رفع الشيخ أبوزهرة حرجا عن الإسلام برأيه ذاك. إذ إن أشد ما يهاجم به الإسلام من منتقديه هو هذان الأمران: جواز النسخ على الله تعالى، وحد الرجم الذى يصفونه بالوحشية. فوجود رأى آخر من فقيه جليل كأبى زهرة يجعل فى الأمر سعة، وهذا رحمة للمسلمين.

ثانيا: لأنهم لا يقرؤوا للشيخ ولم يعرفوا سيرته العطرة فإنهم يتصورن أنه من جملة المتساهلين. ولعمرى إن أبسط قارئ لمؤلفات الشيخ أبى زهرة يدرك على الفور أنه الذى حمل راية الدفاع عن جاهزية الشريعة الإسلامية للتطبيق الفورى، بل وتشدد فى تحريم فوائد البنوك. وفى الجملة نحن أمام رجل لا يوصف بالتساهل قط. فهو فقيه أصولى من العهد الذهبى للأزهر، أنفق عمره فى الذود عن حياض الإسلام، وهو الحجة فى الفرق والمذاهب، وهو الذى كتب الكتب الثمانية عن أئمة الفقه شارحا ومفسرا وموافقا ومختلفا. وصاحب المؤلفات العظيمة فى أصول الفقه.

وما عرفت فى حياتى كاتبا أدنى إلى الصدق والإخلاص والتجرد من هذا الشيخ الجليل، الذى يتميز بالأدب الجم مع خصومه، وعدم السخرية أو النيل منهم، مع صراحة فى اتباع المنهج العلمى، ولعل زمالته لعمالقة كلية الحقوق فى عهدها الذهبى قد أنضج شخصيته العلمية.

رحم الله الشيخ الجليل ونفعنا بعلمه وسيرته العطرة.

المصري اليوم

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: