أود احبابي في عجالة ان اوضح بعض النقاط المتعلقة بخطبة الجمعة الاخيرة ( كافر بالانسان كافر بالرحمن ) و ذلك تعقيبا على بعض مداخلات الاخوة و الاخوات بارك الله الجميع، اولا: كنت اعلم مسبقا ان تمثيلي بابن تيمية سيثير اشكالات كثيرة ، لكنني اثرت ذلك من باب التمرين على اختبار هكذا مداخل و مقاربات في اكثر الميادين حراجة و حساسية ، فاذا نجح الامر هنا فحتما هو في غيره انجح و اسهل ، ثانيا: اود ان اقول على عجل : ما الذي ينقص اذا شجبنا كل ما نراه باطلا من افكار الرجل في الأصول و الفروع و دمغناه، بمعنى اننا ننطلق من الاعتذار عنه كشخص بما ذكرناه في الخطبة في الوقت الذي لا نتسامح فيه بتة مع افكاره الناشزة ، ما عبرت عنه بالشدة على الفكرة و الرقة على صاحبها ؟ و بالمناسبة و هذا في غاية الاهمية من يقتنع بهذا الطرح فهو ملزم باصطناعه و تطبيقه مع الاخرين من المخالفين له ، مثلا السني مع اخوانه الشيعة الذين ينالون من بعض الصحابة ، فهل يظن عاقل ان مسلما يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يجتهد لبلوغ رضوان الله عنه يتعمد ارتكاب ذنب عظيم بسب اناس يراهم صالحين متقين ؟ كلا ، و لكنها المشروطية ، و اراني مدفوعا هنا لاسجل حقيقة ذات بال ، فقد خرج اصحاب الستة عن جماعة من الشيعة ممن كان ينال من بعض الصحابة ، و في تخريجهم لهم تعديل واضح و خاصة في الصحيحين ، فكيف يعدلون مع انهم ينالون من الصحابة؟ لا جواب الا ما استحسنه بعضهم ، و هو ان الفاسق هو من ياتي مفسقا بالاجماع اما من ياتي امرا يتقرب به الى الله و تراه انت مفسقا فلا يعد فاسقا ، و مثل هذا التبديع ، يرى هو باجتهاده ان الامر الفلاني ليس بدعة و انت تراه بدعة هذا لا يسوغ لك ان ترميه بالبدعة، و لذلك اقترح العلامة الجمال القاسمي ان نستعمل مصطلح المبدعة لا المبتدعة ، اي الذين رماهم غيرهم بالبدعة و هم عند انفسهم ليسوا كذلك . ثالثا: حرص البعض على ان ينال من شخص المخالف بكذا و كذا – و قد راينا من يقسم ان فلانا الان و قد توفي في حفرة من حفر النار – بدل ان ينال من افكاره ، واضح انه مسلك لا يخدم التسامح الحق بل يهدد الحريات الفكرية و يهيئ سبيلا لمجانين التعصب ان يستصدروا فتاوى التكفير و من ثم القتل و الذبح ، اين هذا المسلك من قول السادة الاحناف – و ينسب الى الامام ابي حنيفة رحمه الله – اذا اتى المسلم امرا مكفرا من تسعة و تسعين وجها فانه يحكم له بالبقاء على الاسلام بالوجه الواحد ، و اين هو من قول الامام الصادق عليه السلام : اذا رابك من اخيك شيئ فالتمس له عذرا الى سبعين عذرا فان لم تجد له عذرا فقل لعل له عذرا ؟ انه الوعي الرائع بالمشروطية في ادق و اخفى صورها ، و لست ادري ما الذي يعنينا من تحطيم شخص ما بعدما حطمنا باطل فكره ؟ تحطيم الفكرة و توفير صاحبها هو بالضبط ما نريده في سبيل خلق مناخ جديد من التسامح و الحرية ، هل اذكركم بمقولة فولتير الرائعة : قد اختلف معك فيما تعتقد و لكنني على استعداد للموت في سبيل ان اتيح لك الحرية لتعبر عما تعتقد، بغير هذا اعرف و تعرفون ما الذي سيجري : من يكون في موقع القوة ممسكا بزمام السلطة سيسطو بغيره و سيتعبد الله تعالى بالعمل على محوهم ، عياذا بك اللهم ، ارجو من اخواتي و اخواني ان يجتهدوا في التعاطي مع هكذا موضوعات من منظور وسيع يسع الماضي و ينظر بحرص و شفقة كبيرين الى الحاضر و يتلمح المستقبل و ايضا لا يحصر نفسه في نطاق امتنا وحدها بل ياخذ في اعتباره العالم كله ، و تخيلوا اي النسختين مرشحة للقبول في حال عرضهما على العالم اليوم ؟. رابعا : قد يتساءل بعض : و هل مثل هذا الطرح ينطبق على معاوية و الحكم و مروان و و و ؟ الجواب سهل جدا ، ثمت فرق فاقع بين من صحت النصوص بخصوصه و قضت عليه بالبوار ، فمثل هذا لا يجوز لاحد ان يستدرك بشانه على الخالق قائلا : انا ارى ان الحكم الصادر يا رب بحقه قاس و انه لا يستحقه ، فهذا كفر صراح ، و بين من ليس بايدينا نص خاص عن المعصوم بشانه اما النصوص العامة مثل انه لا يبغض الامام عليا عليه السلام الا منافق فالقاعدة ان المطلق يحمل على الكامل ، فيراد هنا من البغض الكامل منه ، تماما كما في قوله تعالى ( ومن يعص الله و رسوله و يتعد حدوده فان له نار جهنم خالدا فيها و له عذاب مهين ) فما لم تحمل المعصية على الكاملة صرنا الى مذهب الخوارج المكفرين بالمعاصي ، و سر القاعدة يضح بالتطبيق على مثالنا هنا ، فدون البغض هناك الغيرة و الحسد و هناك نقص الادب كما هناك خطا الاجتهاد فالخلط بينها ينتج عنه ظلم كبير لكثير من الناس، ثم هناك ثمت احتمال قائم ان النبي اراد المعاصرين للامام ممن شاهد احواله و عرف ماثره و عظم بلائه في نصرة الدين و المحاماة عنه و عظم نكايته في اعدائه و فرق بعيد بينهم و بين من ليس بين يديه الا صورة اخبارية عبر روايات يضعف منها ذا ما يصححه سواه ، الاول عرف عليا كما هو حق المعرفة اما الاخر فعرفه وفق ما تادى اليه ، معرفة تتراوح بين القطع في اجزاء منها و الظن في اجزاء اخرى ، المقصود ان علينا ادراك ان النبي كان يعيش في حقبة زمنية محددة بين اناس محدودين عاصروه و انه كان يتوجه اليهم بالنصح و الارشاد و الامر و النهي ، فما كل ما واجههم به ينسحب على سائر الامة الى يوم الدين ، فهذا اسقاط غير مبرر لخصوصية تلك الحقبة و اهلها . خامسا : مللت ، فلعلي اتابع في فرصة قادمة ، فعندي جملة من الملاحظات الاخرى ، و الله ولي التوفيق .
اخوكم عدنان

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: