بدر الجنيدي باحث إسلامي - المغرب
بدر الجنيدي
باحث إسلامي – المغرب

مع هبوب رياح الربيع العربي، ومخلفاته ظهر عور فظيع في الخطاب الاسلامي سواء الحركي اوالسلفي، وتعرت مقوماته وطرحت عليه مسائل عديدة ظل يتوارى منها سنينا طويلة، ووجد نفسه وسط خليط من الافكار الالحادية والتساؤولات النقدية والفلسفات المتنوعة المشارب، وكلما اشتدت الطروحات اشتد التعري والتكشف، وفي ظل هذا كله أتى صوت من فيينا، من على منبر مسجد الشورى استغل وسائل التواصل الاجتماعي وعصر السماوات المفتوحة ، ليقول لشباب هذه اﻷمة لا تراعوا ولا تخافوا، فالاسلام قادر على المواجهة والنقد والانتقاد.

لقد هدم الدكتور عدنان ابراهيم صورة الشيخ النمطي الذي يشتغل ببعض الفقهيات والفتاوى والوعظيات والنصائح والرقائق وأخبار الدار اﻷخرة تزهيدا في الدنيا، ليرفع السقف بتحويل منبره لحلبة تعترك عليها الطروحات الدينية والفلسفية والعلمية الجريئة، وهذا الذي جعل الشباب المتعطش للمعرفة التي تمتح من معين المرجعية الدينية ومنفتحة على الروافد اﻷخرى يلتفه حوله، وما إن بدأت فيديوهاته تنتشر حتى اهتز الوسط الدعوي والفكري الاسلامي، بل وصل اﻷمر الى بعض الدوائر المسيحية التي أدركت انه يأتي على فدلكاتها التبشيرية فينسفها نسفا، أضف الى ذلك الفئات الملحدة، وافترق الناس بين معارض ومؤيد وساكت ينتظر أن تخفت أصوات البنادق، لكن السؤال المطروح لماذا تخندق ضده الشيعي والسني بمختلف أطيافه والمسيحي والملحد؟ هل من أجل خطابه المنفتح فقط والمتعدد المشارب؟ هل من أجل جرأته النقدية؟ ام انه ليس مخندقا أصلا؟.
إن قوة الدكتور عدنان ابراهيم تكمن في قدرته على التساؤول والمشي مع دربه الى آخر الشوط، مستغلا في ذلك قاعدته المعرفية الصلبة والمتنوعة، مما أهله للفصل ما بين إسلام الرسول عليه السلام وإسلام التاريخ، بمعنى آخر بين الدين والتدين، هذا النمط من التفكير زعزع اﻷرض تحت أقدام اﻷصولية التي تسعى للتنميط والاطلاقية، واذا تواضعت وانخرطت في أي نقاش تحتمي بالمقدس سواء كان نصا أو سلفا، مما أورثنا تقديس التدين وتوسيع منطوقاته على حساب الدين نفسه، هذه المنطوقات التدينية التي انبنت على صراعات تاريخية شكلت منظومة معرفية عقائدية/ فقهية ألحقت بالدين وشكلت فرقه التي لا زالت تحترب إلى اليوم، فجاء الدكتور عدنان ابراهيم بخطاب يتجاور فيه السني والشيعي مع الآخر الملي اواللاديني لحماية المكتسبات الانسانية مؤصلا ذلك من الكتاب والسنة، مما أورث بعض المؤسسات والتيارات الدينية قلقا فشنت حملات منظمة عليه وخرجات لدعاتها بصفة أفرادية لصد الناس عنه، بتهم لا تصمد عند التحقيق، فالرجل لا مطعن في عقيدته، فهوسني أشعري شافعي، لا علاقة له بالتشيع التي يسعى خصومه أن يسربلوه بثوبه ولا بالقرآني المنكر للسنة الشريفة ، ولا علاقة له بالالحاد ولا التيارات الحداثية الا منازلة في ساحات الوغى الفكري ، ولكن تنبهت هذه المؤسسات الى حجم تأثيره الذي يقلص من مساحة هيمنتها على الساحة.
لقد خاض الدكتور عدنان بحر مساءلة المفاهيم والقطعيات لنزع قداسة التاريخ عنها، ومحاولة لبناء جسور التواصل بين الطوائف الملية وغير الملية، منطلقا من المقاصد الكلية للدين وتناغما مع روحه وعلى قدرته في الغوص والإبحار في الثرات الانساني عانة والإسلامي خاصة، وأريد ان يفهم من كلامي أني أقدسه أو أدعو لتسليم مقادة العقل له، لكن أدعو إلى إنصافه وعدم بخس حقه والاعتراف سواء اتفقت معه أو اختلفت، أنه يحمل نسقا فكريا اسلاميا الطابع انسانيا اللغة، يؤسس للتعايش ونبذ الطائفية والتعصب، ومنفتحا على الاجتهاد وتنزيل النص على الحياة المعاصرة، عوض نقض رؤاه وتسفيهها، لأن ذلك لا يزيد أتباعه إلا التفافا حوله وكذلك شهرة له في الاوساط التي لم تسمع به بعد، مما يزيد من انتشاره وانطوائية خصومه.
فضيلة الدكتور عدنان ابراهيم يؤسس لمنهج معرفي في قراءة الاسلام قد يصيب أحيانا ويخطئ أخرى وذلك طبيعة المفكر القائم على تأسيس أنموذج جديد يرفع شعار استرداد الإسلام المحمدي من قبضة إسلام التاريخ، لذلك فالاشتغال عليه يتطلب عمقا في قراءة الخطاب وذلك يتطلب ساعات من الاستماع لمنتجه الفكري والعلمي والفلسفي، وللأسف هذا ما يغيب على طرح معارضيه.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليقات 3

اترك رد

  • السلام عليكم.
    و أنا أقرأ مقالك ،حضرتني هذه العبارة التي بقيت عالقة في ذاكرتي منذ الطفولة: “في عام 1905توجه شاب بمظروف الى البريد، و أرسله الى مجلة… (لا اذكر اسمها)، و ما ان نشرت حتى ارتعدت أوصال العلماء في كل الأرض…”
    بدا يبدو لي أن هذا تأثيرأي فكر جديد يخرج عن النمطية الفكرية الموجودة ،السائد كما يقول الدكتور عدنان، وهذا سيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم،قامت عليه الدنيا لآنه جاء بفكر جديد ،و لو كان من عند الله….
    لكن لا بأس ،نقبل بالتطبيع الصهيوني ،و التقليد الغربي، …لكن لا للفكر..
    الفكر، انه البعبع الذي يرهب شعوبنا العربية، والدكتور ليس بعبعا الا لأنه يفكر…
    و أقول،لو كان الاجتهاد حكرا على السلف، و انتهى لكان أولى به محمد صلى الله عليه و سلم، لكان قام بكل شيئ و كفى الأمة شر القتال..
    نحن أمة اقرأ لا تقرأ،و لو كنا قرأنا ، لما كان الذي جاء به الدكتور جديدا،و لكان دخل في سياق السائد.لكن السائد عندنا هو: الجهل بكل أســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف.

  • فعلا على من يريد ان يختلف مع الدكتور ان يحاول ان ينظر بموسوعية لعمله فمثلا (لعلمية نهج الدكتور) تحاور مع الملحدين بتحليل نظريات الملحدين( مثلا نظرية دارون) فحلل النظرية من وجهة نظر العلماء المتبنين لها ثم رد عليها و لكن رَأَيْت بعض اليو تيوب يردون على جزء من حلقة و كأنها تطرح فكر الدكتور نفسه! عرض النظرية لا يعني انك تتبنّاها! و لكن الهدف هو عرضها بطريقة موضوعية علمية
    القران الكريم عرض فكر الملحدين و لم يكتف بعرض الفكر الإيماني!
    تريثوا هدانا و هداكم الله!

  • من تناقض الاخ الباحث انه في مقاله وهو يحاول وضع فاصل بين الدين في صفائه كما قال سيد الخلق تركتكم على محجة صافية ببضاء وببن دين اختلط فيه قول المعصوم بغيره. قلت من تناقضه الفاحش انه اسقط هذه الموروثات التاريخية على شيخه من كيث انه يظن انه يحءن اليه او ليس الفقه الشافعي والمذهب الشيعي الا نتاجا بشريا يعتريه الخطا والصواب ولا قداسة فيه بل ان التخندق داخله اغلال واصار تكبل العقل وتخنقه.
    ان اعتراضنا على السيد الدكتور وغيره ليس من قبيل الاجتهاد والنظر الى الامور من زوايا اخر ولكن الاعتراض اساسا ينصب الى انه لا يملك ادوات النفاذ الى مصدر الخبر بصفته وحيا من السماء فلا سبيل الى الخبر الا عن طريق النقل والدكتور ليس من اهل النقل ولا يحسنه فلا ادري على ما يعتمد.

%d مدونون معجبون بهذه: