في هاته الحلقة التي أدار الدكتور عدنان ابراهيم حول “مفهوم الحسبة في الاسلام” ناقش فضيلته أصول الفكرة و كيف تمأسست كجهاز و كيف يمكن تجاوزه، و الموضوع ربما يهم المملكة العربية السعودية أكثر من غيرها لأن الجهاز قائم فيها.

الحسبة في اللغة:الأجر و الاحتساب طلبه،و اصطلاحا : أمر بالمعروف اذا ظهر تركه و نهي عن منكر ظهر فعله و زاد شيخ الاسلام ابن تيمية و اصلاح بين الناس.
المحتسب له مهام متعددة لكن في اﻷدبيات المقررة للموضوع تركت اﻷحتساب على الحكام و القضاء في أحكامه و على أهل الفكر في أرائهم.
ثم شرع في بيان أصل الحسبة في كتاب الله بقوله تعالى :”و لتكن منكم أمة” و أشار أن الجمهور على ان “من” هنا تبعيضية غير ما ذهب الى اﻷصم و ابن مفلح و الزجاج و رشيد رضا أنها للجنس،بل المراد أن تقوم فئة من الناس بالأمر بالمعروف و النهي على المنكر،مشيرا أن جهاز الحسبة كانت له بدايات مع سيدنا عمر بتعيينه الشفاء العدوية محتسبة على السوق،مما يشبه بالرقابة او حماية المستهلك و لكن توسع فيما بعد،و لكنه لم يشمل القضاء و الحكام و أهل الفكر دليلا على التسليم بحرية الرأي التي ضيق عليها سياسيا في بعض العهود.
لكن يرى الدكتور عدنان ابراهيم أن ممارسة الحسبة بالطريقة التقليدية و قيامه كجهاز مستقل برزخي يمتح من الفتاوى بعيدا عن تقنينات الدولة هذا مما يشكل عائقا في تصور الدولة الحديثة التي تحتكر العنف حسب فيبر ،ثم الاطار العام للانسان الوسيط كان هو الواجبات و القيام بها عكس الانسان المعاصر الذي يقوم على الفردانية و الحقوق مما يجعل قيام الحسبة نوعا من التدخل في الخصوصيات الفردية.
و يرى الدكتور في حالة الابقاء على الجهاز يجب اخضاع أفراده لتكوينات مستمرة، فالاحتساب الافرادي بابا للفوضى في حالة قيامه باليد،و يمكن الاكتفاء بالهيئات الرقابية في الدولة الحديثة عن الجهاز بالكامل.
مشيرا الى ان بداية تفكك سلطة الجهاز بدأت بالفعل مع الدولة الحديثة في مصر مع علي باشا،هذا الجهاز الذي استقرت أركانه في عهد الدولة العباسية و كان مسؤولا على تصفية المعارضين في عهد المهدي العباسي،هذا التغول لسلطة هذا الجهاز تقوم على خلفية سوء الظن بالناس،و هذا من شأنه اشاعة نوع من الفساد،كما في قولة معاوية عن نهي الحاكم عن تجسس عن الرعية مخافة افسادهم،و المفروض رقابة الضمير الفردي و حسن الظن و اشاعة الثقة بالمجتمع و أفراده كما في المجتمعات اﻷروبية التي تزكي هذه المعاني.
ينبه الدكتور على أن الفلسفة القرآنية للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تقوم على التناصح فقط، و ليس على التغيير باليد عكس الحديث،فحتى في قض ية التوحيد و عبادة بني اسرائيل العجل اكتفى سيدنا هارون عليه السلام بالانكار نصحا مراعيا لوحدة الجماعة و الصف،و أن القرأن الكريم ابتدأ باﻷمر بالمعروف قبل النهي على المنكر اشاعة للخير و دعوة اليه،لكن النفسية التسلطية تسعى دوما الى التحكم و اﻷولى بالانسان الانشغال بادخال نفسه الجنة عوض الانشغال بادخال اﻷخر النار كما قال علي شريعتي،خاتما الحلقة بالتأكيد أن الدولة الحديثة بأجهزتها الرقابية أغنت عن الحسبة .

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: