بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عماد حمتو
بقلم فضيلة الشيخ الدكتور عماد حمتو

بسم الله الرحمن الرحيم

أقدار الله لا تخلو من حكمة , اليوم تتجه قلوب المحبين إلى القبلة الأولى فلسطين بيت المقدس حيث ولد الإمام عدنان إبراهيم وان كانت الشمس اليوم تشرق من النمسا , وما تركنا قبلتنا الأولى وان كان السفهاء يقولون : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب ,,
لقد تعرفت على الشيخ عدنان في سن مبكرة وان كانت السن متقاربة لكني ما عرفته إلا كبيرا منذ بداياته فقد ولد كبيرا , كبيرا في عطائه كبيرا في مشاعره وحبه ,
تعلمت منه أشياء كثيرة لكن الأبرز في ذلك تعلمت منه أن يكون لك قلب كبير قبل إن يكون لك علم كثير قلب يتسع للجميع حتى للمخالفين والمناوئين وهذا هو قلب نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم _ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.
لقد لبّى الشيخ نداء الأئمة العظام في صبره وجلده على البلاء , قال أبو حنيفة رحمه الله : لا يكون الشيخ شيخا عندي حتى يرمى بالكفر والزندقة وكما قال الإمام علي _رضي الله عنه _ من علامة فقه الرجل اختلاف الناس فيه .
واليوم وقد شب عمرو عن الطوق ونضجت الفكرة واكتملت النعمة تتحدد معالم طريق جديد وفكر سديد ورؤية هادفة تصحح فيها مسائل النقل ومدارك العقل , يأتي هنا عدنان إبراهيم ليتمم مسيرة الخير والإصلاح التي مرعليها أكثر من مائة سنة . لقد جاء الشيخ الأفغاني وركز في إصلاحه على إصلاح الأمراء بينما خص تلميذه الشيخ الامام محمد عبده الإصلاح باصلاح النخب والعلماء وسار على نهجه محمد رشيد رضا والشيخ محمد الغزالي وآخرون وجاء الشيخ حسن البنا ليخاطب الفقراء والعامة , ولا ننسى جهود المدارس الأخرى التي كان لها الأثر الكبير مثل حزب التحرير وجماعة الدعوة والتبليغ ولقاء المؤمنين وغيرها وظلت هذه المحاولات الصادقة تحتاج الى جهود أخرى بإصلاح مناهجها من الداخل والاستماع الى نصح العلماء , إن بعض المدارس ظلت عاكفة على نفسها وخلعت على أقوال علمائها أثواب القداسة والعصمة وفاحت رائحة التعصب من سلوك أفرادها .
الشيخ عدنان إبراهيم نجح حيث أخفق الآخرون في نقد الرواية التاريخية و علاوة على ذلك استطاع أن يجمع بين مدرستين طالت الفرقة بينهما مدرسة الفقهاء ومدرسة التصوف , فالرجل يخاطب الروح ويصلح النفس ويصحح مسيرة العقل ويلهب العاطفة ويطهر الجوارح ويزكي الفؤاد .
أما جمعه بين الأصالة و المعاصرة فميزته اللائحة التي لا تخطئها العين , بشهادة الثقات الأثبات في الميدانين كليهما , ما يرشح خطابه ليكون خطاب العصر الوافي بمقتضياته المستجيب لتحدياته .
لقد كان له نصيب من اسمه فعدنان جد النبي العدنان و إليه ينتهي الجد الأكبر للمصطفى _ صلى الله عليه وسلم _ وأما إبراهيم فأمة , وأرى أن الرجل جمع له من اسمه بركة النبي _صلى الله عليه وسلم _ وبركة فهم الأمة حتى غدا نسيج وحدِه.
لقد جاءت رسائل الشيخ عدنان مواكبة للربيع العربي الذي نعيشه اليوم فكأنها جاءت على قدر فامتنا اليوم التي تثور سياسياً على ملك عضوض متوارث لبعض الطغاة الذين تورثوا الحكم ورغبوا في توريثه لأولادهم من بعدهم , أمتنا اليوم تحتاج إلى انتفاضة علمية دينية لآ يصلح لها إلا أمثال الشيخ عدنان إبراهيم لنكون منصفين مع تاريخنا وديننا .
لقد فهمنا ثورة الحسين الذي ثار على التوريث متأخرين فهمناها بعد أربعة عشر قرناً و الأمة اليوم على أعتاب عصر جديد وعلى موعد مع فجر جديد ..
انه ليقدر لهذا الفكر أن ينتصر وهو منصور بإذن الله ـ و الشيخ من معسكر النصيرات ؟ ـ سيكون أقصر الطرق لاجتماع فرقة المسلمين ووحدة مذاهبهم والتفافهم على كلمة التقوى وتوحدهم على راية واحدة وأهداف واضحة .
لقد سعدت بالكلمات الدافئة التي سمعتها من الدكتور الإدريسي من المغرب في حق الشيخ عدنان وأنا صاحب عمامة أزهرية أثني على الرجل بما فيه وبما عرفنا وأعلم أن هذا المنبر العدناني سيجمع شتات المسلمين من المغرب إلى فلسطين ومن جميع المدارس والمذاهب والألوان والأطياف ليكون منبر الأمة لرجل بأمة.
إننا ننتظر المزيد من الشيخ عدنان إبراهيم ليصوب القافلة , ويوجه النظر , ولازال في الجعبة الكثير
وآمل أن يتواصل هذا الجهد الكبير في نقد المذاهب الأخرى وبخاصة الرواية التاريخية لمذهب إخواننا الشيعة لنقف على الحقائق ونعيشها ونتخلص من شبح الأوهام و أن ننهي هذه الدراسات بخلاصة يتبلور من خلالها نظرية دعوية تقود الجيل المؤمن إلى وحدة إسلامية يظهر فيها التعاون ويختفي فيها العداء ويتحقق فيها قوله تعالى : ” وتعاونوا” , ” و اعتصموا”, و”أن هذه أمتكم أمةٌ واحدة” .
إن كلمتنا ليست من قبيل المدح ولا هي من باب الذوق الاجتماعي والعلاقات الخاصة فالشيخ عدنان أكبر من ذلك وإنما تأتي من باب الانتصار للحقيقة والتعاون على بيانها وإظهارها .
لقد تعلمت في الأزهر الشريف ـ قلعة العلم والعلماءـ والأزهر يتبنى مشروعاً كبيراً وهو بيان الدخيل في التفسير , ويعكف الأزهر وتلامذته على هذا المشروع منذ سنوات ولازالوا, فالأزهر الشريف لا يترك تفسيرا قديما ولا حديثا إلا وتصدى لبيان الدخيل فيه بتحقيقات علمية ودراسات موثقة ورسائل ممنهجة , وما ذلك إلا لعلمهم بخطورة الدخيل على عقائد المسلمين وثقافتهم .
إن مشروع بيان الدخيل يتماشى بصورة كبيرة مع نقد الرواية التاريخية الذي أفلح و أجاد فيه الدكتور عدنان إبراهيم , وأنا على يقين أن جهوداً كبيرة ورائعة ستنتقم لهذا المنبر الصالح لتنظيم حبات اللؤلؤ , في خيط مسبحة الشيخ عدنان ولتكتمل المسبحة في كل يوم بلؤلؤة جديدة من هذا العالم المسلم .
قد تحمل الأيام القادمة الكثير من التعب لكنها تحمل بإذن الله الخير الكثير, فهيئوا أنفسكم لتكونوا صادقين مع الله الذي خلق الحية وخلق الحمامة خلق الشر وخلق الخير , أما طيب السمعة و حسن الذكر المُؤذِن برضا الله و جميل توفيقه ـ و ألسنة الخلق أقلام الحق ـ فتتهيأ للمؤمن هبة ممنوحة كعاجل بشرى و مُقدَّمِ جزاء دونما سعي منه و لا التفات.
ألا سلام على عدنان في حياته وفي مماته ويوم يقوم الأشهاد..

رابط المقال

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: