حوالى الساعة الخامسة و النصف مساء ظهر على شاشة هاتفي رقم عرفت انه من المملكة العربية السعودية , و ذلك أنني اتلقى يوميا اتصالات من اخوان و احباب لي جدد من المملكة , ما فاجأني ان المتصل كان هذه المرة اخي فضيلة الدكتور علي العمري حفظه الله كما عرّف بنفسه, تلقيت ذلك بفرح غامر , ذلك ان الخصومة بغيضة الى نفسي , تسمم الروح و ترهق النفس , و الدكتور علي و ان بدأني قبل مدة برد رأيت انه تعجل فيه الا انه لم يشأ ان يصرح باسمي كما فعل اخوة اخرون , كما لم يشأ أن يدعي معرفةً بباطني و ان يُفرِغَ عن نياتي و قصودي , و هذا الذي جعله في نظري مختلفا عن غيره ممن تصدى للرد عليّ, و قد شكرت له ذلك .
لو أن احدا استمع لحديثنا لظن اننا نعرف بعضنا من مدة متمادية , صراحة و وضوحا و محبة, من جهتي أحببت ان اطمئن اخي بصدد غايتي و قصدي, و ان دافعي الوحيد في كل ما اقول ان شاء الله هو تحري الحق و الصدع به , و العمل على التقريب بين المسلمين و نزع فتيل الاحتراب المحتمل الذي سيخرج الكل منه حتما خاسرين, و انني رجل يرفض البتة ان يكون تابعا لجهة ايا كانت تملي عليه ما يقول و ما لا يقول , فلساني رهن ضميري لا غير, و منطقي من وراء قناعتي , و ان كان هناك متضرر مما قلت فانا اول المتضررين ـ هذا بمنطق الحساب الدنيوي العاجل لا بمنطق ابتغاء ما عند الله, و اسأل الله بقدسه و مجده الا اكون في الاخرة ممن خاب حظه و خفّ ميزانه ـ و من جهته لفت اخي الحبيب الدكتور علي نظري الى امرين ـ بعد ان بيّن ان من حقي كما من حق كل احد ان يصدع بما اداه اليه اجتهاده و انتهى اليه رأيه ـ :
الاول : اقحامي في تضاعيف رأيي لعن معاوية مع ان امر البيان العلمي و الحجاج لا يستدعي ذلك , فاعربت له عن حقيقة انني لم افعل ذلك رغم ان نفرا من الكبار فعلوه , و انني ـ في سلسلة معاوية في الميزان ـ صرحت بوضوح انني لا اغامر بديني بلعن معاوية, على سوء رأيي فيه , و لو اعتقدت التعبد بلعنه كما اعتقدته بلعن ابنه يزيد ما ترددت في ذلك و لا تأخرت ـ مع ان رأيي في لعن المعين هو التجويز و لي محاضرة مسجلة بهذا الخصوص ـ , فأكد لي حفظه الله انني لعنت معاوية بالفعل اربع مرات تقريبا , فقلت : لا اذكر ذلك , و لئن فعلتُ فلعله سبق لسان لما في طبعي من حدة و انفعال يغلبانني احيانا , و الدكتور مصدق عندي فيما يقول , فهذا ما اعتذرت عنه بتقدير صدوره مني.
و الامر الثاني : اعرب الدكتور علي وفقه الله و اسعده عن رغبته في توسيع دائرة الاستماع لما ألقي من خطب و محاضرات , لكن يحول دون ذلك ما يلاحظ صدوره مني احيانا من حدة بشأن من أتوجه اليهم بالنقد و المحاجة تُشعر بالصدامية و الهجوم ـ و بالطبع فانا انقل فحوى كلامه من غير التزام حروفه كونه ليس مقيدا و لا مسجلا عندي ـ فأوضحت له توا انني اعرف من نفسي انفعالا و حدة ـ و مع ادراكي لسببها المتمثل في ايماني بما اقول و حماسي له, خاصة اذا تعلق الامر ببعض القضايا الحساسة الحرجة كالذي جرى على اهل البيت مثلا مما لم و لا و لن اتفهمه فضلا عن ان اتقبله, و كالذي أرى انه يتعلق بمصير الامة و دماء ابنائها و حرماتهم ـ و كم اتمنى ان اتخفف منهما لادراكي ان الانفعال الزائد قد يؤذي بعض المستمعين و يضر بالقضية التي ادافع عنها , و وعدته انني ساحاول التخفف من ذلك جهدي في قابل الايام بحول الله وتوفيقه .
ثم انهينا حديثنا بالتواعد على التعاون و التآزر لما فيه خدمة الاسلام و امة المسلمين , نجمع و لا نفرق و نؤنس و لا نوحش , فوعدني انه من طرفه سيعمل على نشر خطبي و محاضراتي في قناته ـ التي اسال الله ان يباركها ـ فور شباب , و دعوته من جهتي لزيارة النمسا و التفضل بالقاء محاضرات ليتعرف مسلمو النمسا على ما عنده من خير و فضل و يفيدوا منه ان شاء الله تعالى, و ذلك لنترجم لاحبابنا و اخواننا لقاء الدعاة و تحابهم و تعاونهم على البر و التقوى فذلك مما تمس اليه الحاجة و يعظم به النفع.
و في الختام اضرع الى المولى اللطيف القدير ان يرزقنا جميعا حسن القصد و خلوص النية و التواضع و الحكمة و الصدق و الرحمة.

الدكتور عدنان ابراهيم

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليق 1

اترك رد

  • دكتور عدنان ابراهيم، كل من يسعى إلى تغييرك يخشى منك ومن تأثيرك. كن ما أنت عليه ولا تغير من طباعك وعقيدتك إلا بقدر اقتناعك. ما قدمته وتقدمه للإنسانية والإسلام من علم وعمل واجتهاد هو بحجم أمة بأكملها. لست بمنأى من النقد وكلنا خطاؤون، لكن حجم وأهمية ما تقوم به من أنسنة الدين وإعمال العقل وتقريب العلوم الشرعية من العلوم المعرفية والإسلام من الإنسانية وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من التاريخ البشري يحتاج لدعمنا وتقديرنا جميعاً. جزاك الله خيراً

%d مدونون معجبون بهذه: