نظرية التطور 

السلسلة الأولى: الأدلة والمؤيدات

الحلقة السادسة

ما هو التطور؟ ورحلة البيجل Beagle – الجزء الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علماً.

سفينة البيغل
سفينة البيغل

أما بعد إخواني وأخواتي: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نُكمِل في هذه الحلقة الحديث عن رحلة داروين Darwin على سفينة البيجل Beagle، فبعد شهرين والسفينة تمخر عُباب المُحيط الأطلسي – مُحيط الظلمات – رست على شواطئ البرازيل عند أمريكا اللاتينية وأمريكا الجنوبية، وطبعاً كان من عادة تشارلز داروين Charles Darwin كما هو واضح من مُذكِّراته التي كتبها عن الرحلة وعن أبحاث الرحلة أنه لا يكتفي بأن يخرج مع القبطان وبعض المُرافِقين وبعض أيضاً الباحثين إلى السواحل بل كان يدخل في أكثر الأحيان إلى الدواخل، إلى مائة وخمسين ميل – Mile – مثلاً، فيمكُث طبعاً فترة قد تصل إلى العديد من الأيام وأحياناً طبعاً أكثر من أسابيع وهو يبحث ويدرس، لأن داروين Darwin في هذه الفترة كان جيولوجياً أكثر منه عالم أحياء، نعم عنده اهتمام بالأحياء من الصغر ولكن تكوينه العلمي إلى الآن يُؤهِّله أن يكون أقرب إلى أن يكون باحثاً في علم الجيولوجيا Geology – علم طبقات الأرض – منه إلى أن يكون عالماً في علم الأحياء، أي علم البيولوجي Biology، فكان عنده اهتمامات جيولوجية بالطبقات والشواهق والأصداف والمحار والحفريات، وسيكون محظوظاً في هذه الرحلة لأن مجموعة من الحفريات ومجموعة أيضاً من العينات التي سيجمعها سوف تُسجَل بإسمه، فهى إلى مُنتهى الزمان بإسم داروين Darwin، وسوف نرى هذا لكن في محله بعد قليل إن شاء الله تعالى.

Tropical-Coastline-Of-Buzios-Brazilإذن رست السفينة على شواطئ البرازيل بعد شهرين، في هذه المنطقة المدارية – Tropical – حيث يوجد خط الاستواء أدهشه وأثار واستثار دهشته وإعجابه التنوع والوفرة في أشكال الحياة وأنواعها وصنوفها، فهذا شيئ لا يكاد يُصدَق، لأنه لم يشهد مثيلاً له ولا قريباً منه في المملكة المُتحِدة، فهذه المنطقة المدارية دائماً منطقة مدارية غنية جداً بأشكال الحياة، لغاية أنه ذكر في مُذكِراته – كما قلت لكم في حلقة سابقة – أنه شاهد زهاء سبعين نوعاً – بدقة ذكر تسعة وستين نوعاً – من الخنافس Beetles في منطقة واحدة في وقتٍ واحد، أي تقريباً سبعون نوعاً في منطقة واحدة، وهنا عبَّر في رحلته عن خُطة الله تبارك وتعالى لتصميم الخلائق، فإذن داروين Darwin إلى الآن يُؤمِن بالمنظور الديني البحت وبمنظور التصميم الإلهي Divine Design، وهكذا وصفه بأنه تصميم الله تبارك وتعالى وتصميم الخالق – God – للكائنات، فكان يقول هذا التنوع يُعَد عجيباً، لماذا يُوجَد سبعون نوعاً للخنافس؟ فهذه كلها خنافس لكن لماذا هذا التنوع في الأشكال وفي الحجوم وفي الألوان وفي العادات؟ هذا شيئ لا يكاد يُصدَق وهو شيئ إلهي، وطبعاً أي إنسان عادي سوف يقول لك هذه صنعة إلهية وصنعة استقرارية، فالله خلق هذه الأشياء ونوَّعها، وطبعاً داروين Darwin إلى الآن لا يتساءل لماذا فعل الله هذا وما هى الفائدة وما هى الحكمة من كل هذا التنويع ومن كل هذا التشكيل، لم يتساءل أبداً لكنه سلَّم فقط بأنه تصميم إلهي، وطبعاً نحن ذكرنا لكم في حلقة سابقة من الحلقات الأولى للمُقدِمة التاريخية عن حياة داروين Darwin أن داروين Darwin قرأ في كامبريدج Cambridge لكي يتخرج في الفنون والآداب – في مادة الفنون والآداب – لما قرأ كتب ويليام بيلي William Paley الثلاثة “براهين المسيحية والفلسفة الأخلاقية واللاهوت الطبيعي” – وطبعاً أهمها الآن هو اللاهوت الطبيعي Natural Theology – قال “هو أحكم البراهين التي فيها”، وعبَّر عن إعجابه الشديد ببرهان التصميم كما عرضه ويليام بيلي William Paley، وطبعاً ويليام بيلي William Paley هو أحسن رجل دين بل هو أحسن مَن عرض برهان التصميم في الغرب الأوروبي هنا وذلك في كتابه اللاهوت الطبيعي – علم اللاهوت الطبيعي – وهو الذي ذكر المثال المشهور بالساعة مُقارَنة بحجر تجده في مزرعة أو في أرض، فداروين Darwin إلى الآن يستسلف هذا النموذج إذن، وهو نموذج التصميم الإلهي للمخلوقات.
خلال العامين التاليين سوف يقوم فريق العمل على متن البيجل Beagle بوضع مُخطَطاً للساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية، وداروين Darwin طبعاً كان معهم ويُراقِب ويستفيد ويتعلم، وسوف ننزل الآن قليلاً ونترك البرازيل لكي ننزل إلى بلدة الأوروغواي، ففي الأوروغواي وأيضاً في أعالي الأرجنتين سوف يجوب داروين Darwin الأرض ويدخل إلى الأعماق ويترك الساحل لكي يأتي إلى الدواخل، فيجوب الأرض والمُرتفَعات الشاهقة باحثاً عن الأحافير – Fossils والمُستحاتات لأنه عالم جيولوجي إلى الآن، ولذلك يبحث عن الأحافير وكان – كما ذكرت لكم آنفاً للتو – محظوظاً، فحالفه القدر أو الحظ ووجد بعض المُستحاتات وبعض الأحافير -Fossils – التي لم يهتد إليها أحد من قبل، فهو كان يبحث ويُنقِّب ووجدها لأول مرة، ومن ضمن هذه الأشياء التي وجدها هيكل في الأرض لمخلوق عملاق في حجم الفيل تقريباً، فبحث داروين Darwin في أمره وبدأ ينظر فيه، فلم يلتفت إلى شيئ لكن لفته ضخامة الهيكل، فهو له هيكل عظمي كبير ورأس كبيرة وأطراف، ولكن فيما بعد تنبه وأدرك أن هذا الهيكل يُشابِه هيكل مخلوق حي يدب على الأرض، لكن الفرق بين هذه الأحفورة وبين هذا الكائن الحي يكمن في الحجم، فالذي يدب على الأرض يُمكِن أن تحمله بين يديك الإثنتين لأنه في حجم أرنب

حيوان الأرماديلو Armadillo المُدرَع
حيوان الأرماديلو Armadillo المُدرَع

وهو حيوان الأرماديلو Armadillo المُدرَع – المخلوق المُدرَع الأرماديلو Armadillo – فهو مثل الأرماديلو Armadillo تماماً ولكنه عملاق Giant، فهوExtinct Giant Armadillo ، أي أرماديلو Armadillo عملاق مُنقرِض، وهذا شيئ عجيب ولافت أيضاً بلا شك فهو يلفت أي يإنسان، ولكن لم يتساءل داروين Darwin بصدد الدلالة، فلماذا هذا؟ وطبعاً هذا المفروض أن يُثير سؤالاً وهو لماذا كان الأرماديلو Armadillo عملاقاً وشاهقاً ثم تصاغر؟ لكننا لن نقول تصاغر لأن لا يُمكِن لداروين Darwin أن يُفكِّر على هذا النحو، لكن سوف نقول أنه كان عملاقاً وهذا العملاق انقرض، فهو الآن مُنقرِض لأن لدينا أرماديلو Armadillo صغير فقط، فهل هناك من حكمة؟ هل هناك من دلالة لهذا الشيئ؟ لكن داروين Darwin   لم يتساءل إلى الآن، فقط فرح باكتشافه كعالم جيولوجي لأنه لا يغلب عليه إلى الآن – كما قلت لكم – الطابع البيولوجي، وإنما يغلب عليه الطابع الجيولوجي، وهذا اكتشاف من الاكتشافات الكبيرة وسوف يُعطى هذا الهيكل العملاق لهذا الأرماديلو Armadillo المُنقرِض إسماً علمياً وهو ماستدون Mastodon، فهو سوف يُسمى الماستدون Mastodon إذن بعد أن اكتشفه تشارلز داروين Charles Darwin، وبعد قليل سوف يعثر في نفس المنطقة على هيكل لحيوان عملاق آخر إسمه الميجاثيروم Megatherium، والعرب أسموه البَهضَم ولا أدري لماذا لكنه على كل حال تُرجِم إلى البَهضَم، وكان الأفضل أن أن يُعرَّب تعريباً إلى ميجاثيروم، لا أن يُترجَم، وإلا ما معنى البَهضَم؟ ما هذه الترجمات العجيبة؟ فليس شرطاً أن تُترجَم الكلمة هكذا، ففي نظري يجب أن تُعرَّب، فهذا الميجاثيروم Megatherium لم يعش في بلادنا ولم نكتشفه ولم نصفه ولم نُصنِّفه فلماذا نُترجِمه إذن؟ كان يجب أن نُعرِّب الكلمة لا أن نُترجِمها، والمقصود بالتعريب أن نكتب ميجاثيروم باللغة العربية عندما نتحدَّث عن الـ Megatherium، مثلما نقول تلفزيون عن الـ Television، فهذا إسمه تعريب وهذا ما يجب أن ننتبه إليه، لكن لو قلت لي عن الـ Television أنه الرائي لن يكون هذا تعريباً، وإنما هذه ترجمة، فالرائي ترجمة لكلمة Television، وكذلك الحال – مثلاً – مع كلمة Telephone، فإذا قلت لي المسماع – مثلاً – سوف تكون هذه ترجمة، لكن حين تقول لي تليفون سوف يُعتبَر هذا تعريباً، فالمفروض إذن أن تُعرَّب هذه الكلمة فيُقال ميجاثيروم وينتهي الأمر، فكلمة ميجاثيروم أحسن من البَهضَم، فماذا سوف أستفيد حين تقول لي البَهضَم ثم أذهب لكي أقرأ في كتاب أجنبي وأجد كلمة Megatherium ولا أفهم شيئاً ولا أعرف أن المقصود به هو البَهضَم؟ سأُصبِح مثل الصعيدي المصري – كما يُقال – الذي لا يُفرِّق بين الكهرمان والعدس، فهو شرب عدساً على أنه كرهمان حتى امتلأ، وبالتالي لن نستفيد شيئاً من هذه الترجمة، فما شاء الله علينا نحن العرب، ندعو الله أن يعينا على حالنا والله.

الميجاثيروم Megatherium إسمه البَهضَم
الميجاثيروم Megatherium إسمه البَهضَم

المُهِم هو أن هذا الميجاثيروم Megatherium إسمه البَهضَم، وهو حيوان ثديي Mammal، فهو هذا حيوان ثديي عملاق مُنقرِض ومُنقرِض أيضاً، ومن ثم أخذ داروين Darwin عظمتين كبار وشحنهما إلى المملكة المُتحِدة لكي يُرسِلهما إلى البروفيسورProfessor الشهير وعالم التشريح وعالم الحفريات أيضاً ومؤسِّس المتحف ريتشارد أوين Richard Owen، فداروين Darwin بعث له هذه العظام وطلب منه أن يراها وأن يُصنِّفها، وتم التعرف بعد ذلك على هذا الكائن،megatherium-size فهذا هيكل عملاق جداً لحيوان كسلان أرضي، أي لحيوان الـ Sloth المعروف، وهو أبطأ الثدييات في هذه الأرض هذا، ويعيش في الغابات المطيرة وفي أمريكا اللاتينية وفي غيرها، وهو غبي ورائحته كريهة ووسخ جداً، فجسمه يحمل كميات من الحشرات والطُفيليات بشكل مُقرِف، وحجمه صغير ولذا هو كسلان شجري لأنه يتسلَّق دائماً الشجر، لكن الكسلان المُكتشَف كسلان أرضي عملاق Giant Ground Sloth، فحيوان الكسلان العملاق الأرضي لا يتسلَّق الشجرة طبعاً وإنما يدب على الأرض، فهو نفس ال8لتي أتت في المبادئ على كل شيالترسيب، فهذه الأشياء لكي تترسب – هذه تُسمى بالطبقات الرسوبية – تحتاج إلى ألوف السنين وعشرات ألوف ومئات ألوف، أي أنها تحتاج إلى مدايات زمنية طويلة لكي يحدث هذا الترسيب، فهذا لا يحدث مرة واحدة فجأة، والعجيب أن داروين Darwin لاحظ وجو سألك أحدهم عن سبب هذه التسمية قل له أن ريتشارد أوين Rich8 لا يُمكِن أن يتعلَّق بوجود طوفان أخذها ووضعها في الأعلى فزخرف بها الأرض، هذا كلام فارغ لأن ما علاقة ودراية علماء الدين أصلاً بالعلم وبالجيولوجيا Geology؟ هؤلاء لا يعرفون شيئاً عن هذا، هم فقط يتكلَّمون أي كلام وينتهي الأمر، والمأساة أنهم %8جودة إلى اليوم، وهى مُجسَمات عملاقة جداً ، فأوين Owen هو الذي أرشد لبنائها وقال لهم كيف هى أشكالها ومن ثم قاموا بتنفيذها.

ريتشارد أوين
ريتشارد أوين

على كل حال ريتشارد أوين Richard Owen أحب أن يشكر لداروين Darwin صنيعه في كشفه هذا فخلَّد علمه وسمى هذه الحفرية بإسم مايليدن دارويني Mylodon Darwinii، وتُنطَق مايليدن أو مايلودون بحسب الـ Accent، لكن على كل حال إسمها مايليدن داروي رأسيهما كيف رفع الزلزال مناطق من الأرض، فهو رفع مناطق من الأرض في أماكن مُعينة لمسافات تصل إلى ثلاثين قدماً، أي إلى مسافة تسعة متر، ورفع مناطق من الأرض إلى مسافة أعلى %8داوة بينهما، فكانا صديقين مُتوافِقين، وداروين Darwin كان لايزال مسيحياً مُؤمِناً ورِعاً، فلم يكن عنده مُشكِلة مع الإيمان، وريتشارد أوين Richard Owen كان مُؤمِناً عميق الإيمان وكان مُتشدِداً جداً في الإيB1ض لم تتشكل بفعل ضربات فُجائية إسمها كوارث – Catastrophes – تذهب وتجيء كل فترة، فهذا غير صحيح، وإنما هى تشك7 الله تبارك وتعالى، فهو – كما قلت لكم – يخلق مخلوقات ويُفنيها بأنواع من الكوارث – Catastrophes – ثم يخلق غيرها وهكذا، فهو يُؤمِن بوجود أشياء مثل هذه، لكنه قال عن التطور بالطريقة الداروينية التي يحل فيه القانون الطبيعي محل يد الله ومحل إرادة الله وحكمة الله أنه إلحاد، فعارضه وغضب منه غضباَ شديداً، لكن المُهِم الآن هو أنه خلَّده وأعطاه هذا الإسم – أي مايليدن دارويني Mylodon Darwinii – تقديراً لعمل داروين Darwin.
إذن هذه كلها مُنقرِضات، فنحن نتحدَّث عن هياكل لحيوانات مُنقرِضة، وهناك نمط – Pattern – يتكرَّر في الأشياء التي ذكرناها الآن، لكن ما هو هذا النمط؟ النمط هو وجود العديد من الحيوانات العملاقة المُنقرِضة التي لها أشباه صغيرة لاتزال تدب على الأرض، فنعم الحيوان انقرض لكن هناك نُسخة مُصغَرة وعايشة لاتزال حية، فلماذا إذن؟ ما هى الدلالة؟ ما الحكمة من وراء هذا؟ ما هى الرسالة؟ هذا لن يفهمه الآن داروين Darwin وكذلك نحن لن نفهم هذا الكلام الآن، لكن سوف نرى فيما بعد كيف فسَّر داروين Darwin هذا، فهو لن يُفسِّره الآن وإنما ستمضي عليه سنون حتى يفهم الدلالة، وهو أصلاً إلى الآن لم يتساءل عن دلالة هذا – كما قلت – لأنه كان فرحاً بكشفه.

بعد ذلك ينزل داروين Darwin إلى الأرجنتين – في آخر بلدة على الساحل الشرقي للقارة – ومن ثم سوف يُلاحِظ شيئاً لافتاً أيضاً هناك، فسوف يلفته شيئٌ جديد يتعلَّق بالريا Rhea، والريا Rhea هى طيور أشبه بالنعام، فحين تراها تجد أنها تشبه النعام، ويُمكِن أن تكتب على اليوتيوب YouTube كلمة ريا Rhea وسوف تجد أنها مثل النعام لكنها أصغر حجماً مع بعض الفروقات البسيطة، وهى لا تستطيع أن تطير، وعلى كل حال هو لاحظ شيئاً عجيباً في طيور الريا Rhea في الأرجنتين، فما هو هذا الشيئ؟

الريا Rhea
الريا Rhea

هو كان في بلدة أو مُقاطَعة بتاجونيا Patagonia – هى في الحقيقة أكثر من بلدة، فهى مُقاطَعة وحدودها الشمالية التي هى بين تشيلي وبين الأرجنتين غير مُحدَّدة، وهى إلى الآن مفتوحة الحدود الطبيعية – في صُحبة جماعة من رُعاة البقر الذين صادقهم وتعرف عليهم لكي يجوب معهم الأرض ويرى الأرض والطبقات والأحافير والأشياء، وذات ليلة كان يتناول عشاءه مشوياً، والعشاء كان عُبار عن طيور ريا Rhea صغيرة، وهو قبل ذلك بأيام قد شاهد طيور ريا Rhea كبيرة ولكنها أصغر من النعام بقليل، لكن هذه طيور ريا Rhea أيضاً، فتساءل وهو يأكل قائلاً هذا أمر عجيب، من أين أتت هذه الريا Rhea الصغيرة وأين تعيش؟ فقال له الرُعاة – هم على علم تفصيلي بكل كائنات هذه المناطق لأنهم رُعاة بقر ويتحركون باستمرار – أنها تعيش في جنوب بتاجونيا Patagonia، فقال وأين تعيش الكبيرة؟ فقالوا في موطنها الأصلي في الشمال، فقال هذا شيئ عجيب وتساءل عن كيفية حدوث هذا، ففي الجنوب تعيش طيور ريا Rhea صغيرة وتتعايش معاً دون أن تختلط بالكبيرة، وفي الشمال تعيش طيور ريا Rhea كبيرة وليس بينها أي طيور صغيرة، لكن علينا D8 جداً، كأنها منفذ أوطاقة مُرتفِع إلى الأعلى من عند الرأس ومُنخفِض من عند الجانبين، وذلك لكي يسمح للسلحفاة أن تُخرِج عنقها وأن تمده، ومن ثم يكون عنقها طويلاً جداً”، وهذا شيئ عجيب، فإذن عنق السلحفاة الطويل يدل على أن الأمر لا يقتصر فقط على زرافة 8هو لم يعرف الجينات Genes وما يتعلَّق بها، لكن على كل حال هُفسِّر ولن نقول أن عبر الزمان حصل كذا أو لم يحصل كذا أو أن هذا له علاقة بنظرية الاستعمال والإهمال أو بالطفرة أو بالانتخاب الطبيعي الذي استبقاها واشتغل عليها، لن نقول أي شيئ من هذا الآن وإن كنا الآن نفهم الرسالة، لكن المُهِم هو أن هذه اىذه ريا Rhea وهذه ريا Rhea   لكن ما دلالة هذا؟ هل لهذا دلالة؟ علماً بأن كل هذه الأشياء بمثابة مواد للتتطور، فكل هذه المُلاحَظات ستُشكِل الحجرات الأولى والمواد الخام التي ستُلهِمه نظريته بعد ذلك في التطور، لذلك لولا البيجل Beagle ما كانت نظرية التطور، فهو إلى الآن يُسجِّل فقط دون أن يُوجَد أي إطار نظري يُفسِّر ما يحدث، فليس عنده إلى الآن الفكرة المُلهِمة التي تجمع كل هذه الأشياء في إطار واحد، فلم تنقدح هذه الفكرة في ذهنه إلى الآن.

خلال السنتين الثالثة والرابعة ستدور البيجل Beagle – كما قلت لكم – حول القارة في أقصى %9 عشر نوع من الفينش Finch، فكله طائر برقش لكن يُوجَد ثلاثة عشر نوع منه، فالفينش Fi أن لدينا ساحل تشيلي الذي سوف ينزل داروين Darwin من أجله ويدخل مسافة مائة وخمسين ميلاً، أي قُرابة ربما مائتين وخمسين كيلو متر في الداخل، فسوف يترك الساحل ويصعد بصُحبة بعض الرُفقاء إلى مُرتفَعات تصل تA7لحبوب، وها شيئ عجيب، فهل كان هذا البرقش نوعاً واحداً في الأصل ثم تنوَّع بعد ذلك؟ وإذا كان هذافير – Fossils – الكثيرة جداً، فيُوجَد طبقة وتتلوها طبقة وأدنى منها طبقة، والآ0ّل من أي جزيرة أخذها، لأنه لم يكن مُهتَماً كثيراً بهذه العصافير وكان مُهتَماً أكثر بشيئٍ آخر، فما هو هذا الشيئ؟

كان مُهتَماً بعالصافير المُحاكية كما تُسمى، فالعصافير المُحاكية هى إسم على مُسمى لأنها تُحاكي وتُ%ة مُعينة أو إلى مُدة زمنية، فهذا بمثابة سجل إلهي – لا إله إلا الله – عجيب ومن ثم له دلالة، لكن الأعجب من هذا هو وجود أنواع من المحار في طبقات عُليا، لأن المحار طبعاً يعيش دائماً في المياه، لكن داروين Darwin شاهد أنواعاً من المحار وأخذها وفحصها وجعلها ضمن عيناته، أي أنه أخذها ضمن العينات ا%ت وتبعت9 الآن في عينات داروين Darwin في المتحف، لكن على كل حال وجدها في طبقات عُليا، فما معنى أن يوجد محار في طبقات عُليا؟ معنى هذا أن هذه الطبقات في يوم من الأيام كانت في قاع البحر، وهذا لا يُمكِن أن يُفسَر إلا بأحد أمرين، فالاحتمال الأول هو إما أن البحر انحسر عنها بسبب أن منسوبه خف، – وهذا احتمال ضعيف جداً جداً لأن من الصعب أن يتبخر البحر، فالبحر تذهب فيه المياه وتعود وهناك أمطار وأشياء كثيرة، وأما الاحتمال الثاني فهو أن هذه الطبقات كانت فعلاً في قاع البحر لكن هناك قوى مُعينخلق هذا بـ كُنْ فَيَكُونُ ۩، علماً بأن داروين Darwin عبَّر عن هذا في هذه الرحلة عندما وصل البرازيل في البداية وقال”نحئ الجيولوجيا Geology

تشارلز لايل
تشارلز لايل

للعالم الإسكتلندي الجليل تشارلز لايل Charles Lyell، علماً بأنه صديقه وأبوه في العٍ9ُهِم ولافت بصدد نظرية التطور في رحلة العودة، فهو سوف يأتي – كما قلنا – إلى أستراليا، ثم ستدور السفينة ون الثامن عشر، لكن لم يأبه أي أحد بنظرية الانتظامية هذه، ثم جاء أيضاً المُحامي الإسكتلندي والعالم الجيولوجي الكبير تشارلز لايل Charles Lyell بعد ذلك وتحدَّث عن هذه النظرية ودعمها بذكاء بأدلة أكثر بكثير، فهو كان عالماً ذكيب7ى المشاكل الموجودة ولماذا هى مُختلِفة أصلاً ولماذا يُوجَد في هذا النوع % الأول مع داروين Darwin وبعد ذلك بُعِث له وهو في الرحلة الجزء الثاني منه، فقد نصحه به عالم النبات الشهير وعالم الحشريات والعالم في أشياء كثيرة طبعاً كما ذكرناها ما في ذلك علوم الدين والأدب وما إلى ذلك – حقيقي أو لأي مُفكِر حقيقي أن يجعل اعتباره الناس العوام وغير المُختَصين، فماذا تُريد من ال%6 تُجرِّب وأن تختبر لكي تعلم هل تنطبق النظريات التي أتت في المبادئ على كل شيئ أو لا تنطبق.

إذن هذا أفاده في أن يضع الاحتمال الثاني وهو الصحيح، وهو أن هذه الطبقات فعلاً كانت في قاع البحر لكن هناك قوى مُعيَّنة قامت برفعها من قاع البحر إلى أعلى، وهذا شيئ عجيب، فكيغ يُمكِن أن ترتفع أجزاء من الأرض؟ لكن داروين Darwin رأى بعينيه هذا الارتفاع، لكن طبعاً رجال الدين عندهم نظرية دينية سهلة جداً، فيقولون لك “هذا طوفان نوح، فعندما جاء طوفان نوح وعم الأرض كلها وعم الجبال صعدت هذه المخلوقات إلى أعلى لأنه قذف بها ورماها إلى القمة”، وهذا كلام فارغ وهو كلام مُضحِك طبعاً، فهذا يُضحِك داروين Darwin كما يُضحِكنا ويُضحِك لايل Lyell ويُضحِك أي عالم، لكن لماذا إذن؟

هناك شيئ إسمه الترسيب، فهذه الأشياء لكي تترسب – هذه تُسمى بالطبقات الرسوبية – تحتاج إلى ألوف السنين وعشرات ألوف ومئات ألوف، أي أنها تحتاج إلى مدايات زمنية طويلة لكي يحدث هذا الترسيب، فهذا لا يحدث مرة واحدة فجأة، والعجيب أن داروين Darwin لاحظ وجود شجرة مُترسِبة، فهذه الشجرة لابد أن تكون ترسبت ترسباً، لكن كيف هذا؟ قصة هذه الشجرة هى موضوع ثانٍ، وفيها نظرية لداروين Darwin من أجل تفسيرها، فلا علينا منها الآن، لكن على كل حال لا تقل أن هذه الأشياء ارتفعت إلى أعلى لأن الماء جاء ورفعها، فهى ليست أصدافاً تم وضعها كشيئ من الزخرفة، وإنما هى مُترسِبة، ففعلاً تم ترسبها في ظرف زمني طويل جداً، فالأمر لا يُمكِن أن يتعلَّق بوجود طوفان أخذها ووضعها في الأعلى فزخرف بها الأرض، هذا كلام فارغ لأن ما علاقة ودراية علماء الدين أصلاً بالعلم وبالجيولوجيا Geology؟ هؤلاء لا يعرفون شيئاً عن هذا، هم فقط يتكلَّمون أي كلام وينتهي الأمر، والمأساة أنهم لا يزالون يفعلون هذا إلى اليوم، سواء كانوا من علماء الدين المسيحي أو اليهودي أو حتى للأسلامي للأسف الشديد، وطبعاً أنا أتحدَّث عن بعضهم وليس كلهم، فاليوم – مثلاً – كنت استمع إلى أحدهم وهو يتحدَّث عن نظرية دارون وعن أنه يختلف كثيراً مع دارون، وهذا لا يهمني وليس لدي مُشكِلة في هذا، فلكَ أن تختلف مع دارون إلى يوم القيامة، لكن هو إسمه داروين Darwin وليس دارون طبعاً، لكنه لا يعرف شيئاً، فحتى الإسم غير معروف عنده ولكنه يختلف مع دارون لأن دارون ضد الله عز وجل كما يقول.

 القبطان روبرت فيتزروي
القبطان روبرت فيتزروي

على كل حال داروين Darwin شاهد هذا بعينيه، وكان هذا شيئاً مُثيراً جداً له، فهو رأى هذا المحار على ارتفاعات عالية جداً، وقدر الله – سبحان الله – في شهر فبراير وقوع زلزال عنيف جداً في مناطق من تشيلي، والكابتن Captain روبرت فيتزروي Robert FitzRoy وداروين Darwin رأوا بعيني رأسيهما كيف رفع الزلزال مناطق من الأرض، فهو رفع مناطق من الأرض في أماكن مُعينة لمسافات تصل إلى ثلاثين قدماً، أي إلى مسافة تسعة متر، ورفع مناطق من الأرض إلى مسافة أعلى من ذلك، ومن هنا يقول فيتزروي FitzRoy بنفسه في مُذكِراته “أنا رأيت هذه الأشياء التي كانت فعلاً في قاع البحر وهى ترتفع إلى أعلى، وهى لاتزال تلتصق بها طحالب بحرية لكنها أصبحت فوق الأرض وسوف فوق الأرض”, فإذن رأيا بعيني رأسيهما كيف تقوم الزلازل برفع طبقات من الأرض، كأن الله تبارك وتعالى يُريد إرسال رسالة ما، ولم يكن هناك آليات وغواصات طبعاً مثل التي تُوجَد الآن وبها أكسجين Oxygen وما إلى ذلك، فهذه الأشياء لم تكن موجودة في هذه الأيام لكن الله يُريد دائماً في كل زمان أن يفتح لك الكتاب لكي تقرأ ولكي تسير في الأرض وتنظر كيف تتم عملية الخلق والتكوين وكيف تمت، وهذا شيئ عجيب لكن الله يُحِب هذا، وهذه النظرية الانتظامية التي استفاد منها داروين Darwin – كما قلنا – هى عكس نظرية الكوارث – أي النظرية الكوارثية Catastrophism – طبعاً، وهذه النظرية الانتظامية تقول أن تضاريس الأرض وشكل الأرض ووجه الأرض زمعالم الأرض لم تتشكل بفعل ضربات فُجائية إسمها كوارث – Catastrophes – تذهب وتجيء كل فترة، فهذا غير صحيح، وإنما هى تشكلت ونُحِتَت بعوامل موجودة الآن وتشتغل الآن، وهى عوامل يومية ومألوفة لنا، فمفتاح – Key – الماضي هو الحاضر والآن، فإذا كنت تُحِب أن تعرف ما كان قبل مليون سنة ومائة مليون وبليون سنة عليك إذن أن تقرأ الحاضر وأن تأمل في القوى التي تفعل الآن، ومن ثم سوف تعرف ما كان قبل بليون سنة في الأرض وما كان قبل أكثر من ذلك، لكن كيف هذا؟

قالوا هناك عوامل الترسيب وعوامل التعرية كالأمطار والرياح والزلازل والثلوج والبراكين والفيضانات وإلى آخره وهى عوامل تشتغل باستمرار وتُغير من شكل الأرض وتضاريس الأرض، وهذه إسمها النظرية الانتظامية، وهناك مَن يسمونها بالتنميطية Uniformitarianism، فيقولون هذا انتظامي Uniformitarian أو شخص انتظامي أو يُؤمِن بالنظرية الانتظامية، علماً بأن داروين Darwin كان انتظامياً ولم يكن كوارثياً Catastropheian مثل أستاذه تشارلز لايل Charles Lyell، وهذا الذي مكَّنه من أن يفهم هذه الأشياء وهذه الظواهر، والقدر – كما قلنا – أهداه هذه الهدية حين شاهد بأم عينيه كيف تتم عملية رفع طبقات من الأرض، وهذا شيئ عجيب، لكن الله – تبارك وتعالى – أراد هذا.

galapagos-islands-ecuador-lgبعد ذلك سافر داروين Darwin ووصل الآن إلى نُقطة مُهِمة جداً، فالذين يتحدَّثون عن رحلة البيجل Beagle دائماً ما يتحدَّثون عن هذه النُقطة بالذات، وهى جُزر الجالاباجوس Galápagos Islands، وكأن رحلة داروين Darwin هى الجالاباجوس Galápagos، وطبعاً هناك أشياء مُثيرة ومُهِمة في الجالاباجوس Galápagos هذه لكنها ليست كل الرحلة، بل بالعكس هى جزء منها، فهو مكث في الجالاباجوس Galápagos خمسة أسابيع فقط من مجموع خمسن سنين، فإذن رحلته ليست هى الجالاباجوس Galápagos، لأنه مكث فيها لمدة شهر وأسبوع فقط، ومع ذلك رأى الكثير من الأشياء المُثيرة هناك، ومن المُمكِن أن في الجالاباجوس Galápagos بدأ ينقدح فعلاً في ذهنه بشكل أكثر وضوحاً وليس أكثر غموضاً النموذج الأولي عبر التساؤلات الأولية بصدد تغير الأنواع، وطبعاً موضوع الطبقات والترسب وارتفاع الطبقات والمحار الموجود على مسافات عالية من سطح البحر كان موجوداً، وكل هذا أيضاً كان يُساهِم ويُلهِم، فهذه الأشياء تتشكل في ملايين السنين، داروين Darwin الآن رأى الدليل أمام عينيه على أن هذا الشيئ لا يتم في ألف وألفين وثلاثة آلاف وسبعة آلاف ومائة ألف سنة وإنما يحتاج إلى ملايين السنين، وهذا معناه أن النظرية الكتابية خاطئة وأن كلام علماء الدين النصارى واليهود الذي يُفيد بأن عمر الأرض ستة آلاف سنة يُعَد كلاماً فارغاً لأنه لا يستطيع أن يُفسِّر لنا ما نراه أمامنا الآن، فنحن عندنا سجل يصعب تفسيره بمثل هذا الكلام، فهذ مُستحيل ولا يتم بهذه الطريقة وخاصة لدى مَن يُؤمِن بالنظرية الانتظامية التي ترفض فكرة أن الكوارث هى التي عملت هذا، فهذا لا يتم يحصل بفعل الكوارث وإنما يحصل بنمط مُستمِر وبفعل عوامل تشتغل دائماً على مدى ملايين السنين، فإذا كان من المُمكِن في ملايين السنين أن تتغير تضاريس ومعالم الأرض بهذه الطريقة فمن المُمكِن أيضاً أن تتغير في ملايين السنين معالم الكائنات وأشكال الكائنات أيضاً، ونحن رأينا الآة هذا الكائن العملاق الذي انقرض لكن هناك نُسخة مُصغَرة جداً منه تُوجَد الآن، فهذا هو الكائن نفسه لكن هذا كبير وهذا صغير جداً، إذن حدث تغير، وهذا التغير جذري ودراماتيكي، فالعملاق أصبح قزماً وانقرض ولم يتبق إلا هذه إلا الأقزام، فهذا يعني أن هناك في إمكانية لتغير الأنواع ولإعادة تشكيلها، علماً بأننا سوف نرى هذا فيما بعد، وعلى كل حال الفكرة حتى الآن ليست واضحة عند داروين Darwin، لكن كل هذه الأشياء كانت تُلهِمه.

galapagos-islands-turtlesإذن هو جاء إلى جزر الجالاباجوس Galápagos، وهذه الجُزر مُكوَّنة من سبع عشرة جزيرة كُبرى تقريباً فضلاً عن عشرات الجُزيرات صغيرة جداً جداً التي ليس لها وزن، وبالتالي هى غير مُهِمة لكن المُهِم الآن هو وجود سبع عشرة جزيرة كُبرى، علماً بأن الجالاباجوس Galápagos تتبع المملكة المُتحِدة طبعاً، فحاكم الجالاباجوس Galápagos Islands هو شخص إنجليزي، فإذن جاء داروين Darwin إلى الجالاباجوس Galápagos ورأى أشياء عجيبة جداً، فرأى وسمع أيضاً عن سلاحف ضخمة، وهى إلى اليوم موجودة هناك، فمن أهم الأشياء في الجالاباجوس Galápagos هذه السلاحف الضخمة العملاقة ذات الأوزان الهائلة والتي تعيش لمُدة تصل إلى عشرات السنين، وبعضها يعيش إلى مئات السنين، فقد تعيش الواحدة إلى مائتين أو مائتين وأربعين سنة، وقبل أيام ماتت سلحفاة شابة عن ستين سنة في الجالاباجوس Galápagos، وتحدَّثوا عنها في الأخبار كمان لأنهم يهتمون بشأن هذه السلاحف – Tortoise – الضخمة.

حاكم جُزر الجالاباجوس Galápagos Islands حكى لداروين Darwin ولفت نظره إلى شيئ فعلاً مُهِم جداً، حيث قال له “أنا بحسب خبرتي – لأن لي هنا فترة طويلة – إذا أحضرت لي أي سلحفاة سوف أقول لك مُباشرةً هى من أي جزيرة”، وطبعاً لا تُوجَد لغة سُليمان بينه وبينه السلاحف، ولكن كيف يعرف هذا؟

15TORTOISEJP1-superJumbo-v2قال “أستطيع أن أعرف هذا من خلال شكلها ومن ثم أقول هى تنتمي إلى أي جزيرة، وعندي تفسير لهذا الشيئ – هذا شيئ مُهِم هذا لأنه ألهم داروين Darwin كثيراً – طبعاً، فهناك جزر رطبة ومُعشوشِبة ومُخضَرة لوجود الحشيش والنباتات وما إلى ذلك، وتعيش فيها السلاحف، هذه السلاحف في تلك المنطقة لها درقة – يُسمونها الترس – بيضاوية ومُقوَسة وعادية، أما الرقبة فهى قصيرة وعادية أيضاً، وذلك لأن هذه السلحفاة لا تحتاج إلى أن تمد رأسها ولا أن ترفعه، فالحشيش يُوجَد أمامها وتحتها، ومن ثم هى تسير وتأكل وينتهي الأمر، وبالتالي أعرف أن هذه السلحفاة من هذه الجزيرة الفلانية المُعشوشِبة التي فيها كذا كذا”، فقال له داروين Darwin “هذا شيئ عجيب”، علماً بأنه يُمكِنكم رؤية هذا في التلفزيون Television، وهذا – سبحان الله ولا إله إلا الله – شيئ عجيب، ثم قال له الحاكم مُستتلياً “هناك سلاحف أُخرى يُوجَد عندها قمة – Peak – مُرتفِعة بشكل واضح جداً، كأنها منفذ أوطاقة مُرتفِع إلى الأعلى من عند الرأس ومُنخفِض من عند الجانبين، وذلك لكي يسمح للسلحفاة أن تُخرِج عنقها وأن تمده، ومن ثم يكون عنقها طويلاً جداً”، وهذا شيئ عجيب، فإذن عنق السلحفاة الطويل يدل على أن الأمر لا يقتصر فقط على زرافة لامارك Lamark، فهناك سلاحف في الجالاباجوس Galápagos تُخرِج عنقها وتمده من خلال هذه القمة – Peak – أو هذا النتوء الموجود فوق الدرقة أو الترس، وذلك لأن الجزيرة جافة وليست رطبة، فليس فيها نباتات غير نباتات صبار، والصبار عموماً جذعه مُختلِف وأوراقه الضخمة والمُمتلِئة تُوجَد في الأعلى ومن ثم تحتاج هذه السلحفاة المسكينة أن تمد رأسها إلى فوق، علماً بأننا لن نُفسِّر ولن نقول أن عبر الزمان حصل كذا أو لم يحصل كذا أو أن هذا له علاقة بنظرية الاستعمال والإهمال أو بالطفرة أو بالانتخاب الطبيعي الذي استبقاها واشتغل عليها، لن نقول أي شيئ من هذا الآن وإن كنا الآن نفهم الرسالة، لكن المُهِم هو أن هذه القمة – Peak – تسمح لها بأن تمد عنقها، فلو لم يكن عندها هذه القمة سوف يكون من المُستحيل أن تفعل هذا وأن تمد عنقها وبالتالي سوف يُقضى عليها، ولذا قال حاكم الجالاباجوس Galápagos “حين أرى هذه السلحفاة التي لها هذه القمة – Peak – أقول أنها من الجزيرة الفلانية الجافة التي فيها الصبار”، وهذا أعجب داروين Darwin جداً وسجله.

لاحظ داروين Darwin وجود مجموعة من طيور البرقش، لكنه لم يهتم بها كثيراً للأسف الشديد على أنها ستُصنَف بعد ذلك تصنيفاً خاصاً، وهذه المجموعة من طيور البرقش Gouldian هى من الحسونيات، فمن المُمكِن أن نُترجِم هذا الطائر بالحسون أوبالبرقش أو بالفينش Finch.

1a2a6a2af5c78371a083574a4dcfdc48طيور البرقش أو الـ Finches موجودة ومُوزَعة على الجزر طبعاً لكنها تختلف في اختلافات ذات بال من جزيرة إلى جزيرة، فبعض طيور البرقش الحسونية عندها مناقير صغيرة ونحيفة وبعضها عنده مناقير ضخمة وعريضة، فالمناقير الصغيرة والنحيفة يأكل بها الطائر الديدان والحشرات، لأن هذه المناقير تصلح لهذا وبالتالي لا مُشكِلة فيها، أما المناقير الضخمة والعريضة يكسر بها الحبوب، علماً بأن هذه الأشياء تستطيع رؤيتها في أي كتاب علمي أو حتى على النت Net لأنها مشهورة جداً، فقط اكتب Darwin’s Finches وسوف تجد أنها موجودة وأن هناك ثلاث عشرة صورة لها، فقد تم تصنيفها في نهاية المطاف إلى ثلاثة عشر نوع من الفينش Finch، فكله طائر برقش لكن يُوجَد ثلاثة عشر نوع منه، فالفينش Finch ليس نوعاً واحداً، وهذا شيئ غريب، لكن على كل حال هذه المناقير الضخمة والعريضة تكسر بها الطيور الحبوب التي تحتاج إلى قوة لتكسيرها، ولذا عنده هذه الطيور هذا المنقار الضخم والعريض لكي تُكسَّر به الحبوب، وها شيئ عجيب، فهل كان هذا البرقش نوعاً واحداً في الأصل ثم تنوَّع بعد ذلك؟ وإذا كان هذا صحيحاً فلماذا تنوع إذن؟ لكن داروين Darwin لم يكن لديه حتى الآن مثل هذه الفكرة، هو فقط انتبه إلى وجود اختلافات، ومن ثم أخذ هذه الطيور بعد أن لفتت انتباهه لكنه للأسف لم يُسجِل على كل طائر من أي مكان أخذه، فهو كان يأخذ هذه الطيور كعينات ويكتب عليها ورقة ويحتفظ بها فقط، وإلى اليوم هذه العصافير موجودة كما هى في المتحف،وعلى كل واحدة مُلاحظات داروين Darwin بخطه لكنه لم يُسجِّل من أي جزيرة أخذها، لأنه لم يكن مُهتَماً كثيراً بهذه العصافير وكان مُهتَماً أكثر بشيئٍ آخر، فما هو هذا الشيئ؟

كان مُهتَماً بعالصافير المُحاكية كما تُسمى، فالعصافير المُحاكية هى إسم على مُسمى لأنها تُحاكي وتُقلِّد أصوات عصافير أخرى وطيور مائية بل وأصوات بعض الحشرات والزواحف، فلك أن تتخيَّل هذا الشيئ العجيب، فهى عندها قدرة غير عادية على فعل هذا وبأصوات قريبة جداً من صوت الأصل وبتردد عالي وسريع، فداروين Darwin كان مُعجَب بالعصافير هذه وكان يحبها، ومن ثم جمع منها مجموعة تُصنَف الآن بإسم داروين Darwin أيضاً، إنها مجموعة داروين Darwin أو فصيلة داروين Darwin للعصافير المُحاكية، فهو جمعها إذن وكان هناك اختلافات بين هذه الطيور التي تعيش في بيئات مُختلِفة وفي جزر مُختلِفة، وكانت تختلف من حيث شكل المنقار أيضاً، فهناك منقار طويل ومُقوس وهناك آخر قصير ومُستقيم، وسوف نرى كيف فسَّر داروين Darwin هذا الشيئ، فهذا المنقار طويل ومُقوَس وهذا المنقار قصير ومُستقيم أو أكثر استقامة، لكن على كل حال أخذ داروين Darwin هذه العينات لأنه كان مُعجَباً بها.

لم أذكر لكم أن داروين Darwin حين كان يأكل طيور الريا Rhea الصغيرة وخطر على باله أن يُفكِّر في السبب وراء أن هذه صغيرة وتلك كبيرة توقَّف عن تناول الطعام وأخذ رأس الريا Rhea الصغير والجناجين وجزء من الجلد واحتفظ بهذه الأشياء كعينة لكي يأخذها معه إلى بريطانيا، وكذلك الحال هنا حيث أخذ عينات أيضاً من العصافير المُحاكية، وسجَّل في مُلاحَظاته أنه لاحظ أن هذه العصافير المُحاكية رغم وجود اختلافات – كما ذكرنا قبيل قليل – بين بعضها البعض تبعاً للبيئات وتبعاً للجزر المُختلِفة طبعاً إلا أنها تتشابه مع العصافير المُحاكية في البر الرئيس، لكن أين يقع هذا البر الرئيس؟ في أمريكا اللاتينية وأمريكا الجنوبية من أعلى، فهنا تقع الجالاباجوس Galápagos وهناك أمريكا اللاتينية، ويُوجَد طبعاً خط الاستواء كما هو مُوضَّح على الشاشة، وطبعاً في ذهنه الآن أن من المُمكِن أن يكون أصل هذه العصافير المُحاكية من القارة وأنها انتقلت إلى الجالاباجوس Galápagos فيما بعد وبقيت هناك وتكاثرت، وإلى الآن طبعاً ليس لديه فكرة عن أنها تنوعت وأن هناك أنواع جديدة نتجت منها، فإلى الآن ليس عنده فكرة الأنواع بالمرة، فنحن نستطيع أن نقول أن إلى الآن تقريباً الفكرة الأغلب على ذهن داروين Darwin هى فكرة الخلق، فمازال النموذج المُهيمن على تفكيره هو نموذج الخلقوية Creationism الذي يُفيد بأن كل شيئ هو مخلوق لله خلقاً مٌستقِلاً، أي أن الله هو الذي خلق هذا وخلق هذا وخلق هذا بـ كُنْ فَيَكُونُ ۩، علماً بأن داروين Darwin عبَّر عن هذا في هذه الرحلة عندما وصل البرازيل في البداية وقال”نحن هنا في مركز الخلق”، فهناك أدهشه التنوع والوفرة والخصب والغنى في أشكال وصنوف الحياة ولذلك وصف هذا بمركز الخلق، فقال “نحن هنا في مركز الخلق”، وقوله “مركز الخلق” يدل على أن الرجل الرجل مُمتليء إيماناً بنظرية الخلق الإلهي لهذه الصنوف والأنواع المُختلِفة، فإلى الآن لا تزال هذه الفكرة في ذهن داروين Darwin وتُلِح عليه أو تغلب أي شيئ آخر.

الآن انتهينا من الجالاباجوس Galápagos بعد أن أخذ عيناته وكتب مُذكِراته، وسوف تعود السفينة – كما قلنا لكم – بعد ذلك، والآن لا يُوجَد لدينا أي شيئ جديد ومُهِم ولافت بصدد نظرية التطور في رحلة العودة، فهو سوف يأتي – كما قلنا – إلى أستراليا، ثم ستدور السفينة وتدخل في المُحيط الهندي وترجع إلى الملكة المُتحِدة في أكتوبر ألف وثمانمائة وخمس وثلاثين، أي بعد خمس سنوات تقريباً!

الجيد في داروين Darwin أنه كان مُتواضِعاً، فكان يستعين في كل علم وفي كل فن بمَن يُحسِنه دون أن يستنكف أو أن يستكبر، ولذلك هو عالم مُبدِع فعلاً لأنه مُتواضِع، فإذا وجد أشياء لا يُحسِنها يذهب مُباشرةَ ويستفتي فيها المُختَصين، ولذا أعطى هذه الطيور لعالم طيوريات مشهور جداً ومُتخصِص في هذا الحقل، وقال له “هذه عينات للطيور الخاصة بي، أريد أن أعرف ما هى وما هى الخلافات التي تُوجَد بينها وما هى المشاكل الموجودة ولماذا هى مُختلِفة أصلاً ولماذا يُوجَد في هذا النوع كل هذه التشكيلات”، وقبل أن نرى الجواب وأن نعرف كيف بدأ التطور نُريد فقد أن نُكمِل هذه الفكرة عن داروين Darwin وعن طبيعة داروين Darwin، فمن صفات داروين Darwin المُهِمة في هذا الصدد أنه كان يتجافى الاصطدام مع الناس أو الشغل على إقناع الناس، فهو غير مُهتَم بأن يُقنِع العامة أن عنده نظرية جديدة وفكرة جديدة، فهذا لا يهمه لأنه رجل راكز ورزين فعلاً، مع العلم أن هذا هو السبيل الصحيح، فأنا لا أعتقد أن من المُمكِن لأي عالم – هذا لا يقتصر على علم الأحياء وإنما على أي علم بما في ذلك علوم الدين والأدب وما إلى ذلك – حقيقي أو لأي مُفكِر حقيقي أن يجعل اعتباره الناس العوام وغير المُختَصين، فماذا تُريد من العوام كعالم؟ لو كل العوام صفَّقوا لك لن يُفيدك هذا في شيئ، وهذا ليس احتقاراً للعوام ولكن هؤلاء غير مُختَصين على كل حال، فما الفائدة إذن؟ كما لو أنهم كلهم ناصبوك العداء لن يضيرك هذا في نهاية المطاف، فالمُهِم هو المُجتمع العلمي، لأنك تعمل كعالم وبالتالي المُهِم هو موقف العلماء منك، ولذلك لأن داروين Darwin كان ذكياً فإنه كان يسير على هذه الخطة، فلا يعبأ بالعامة، لا بمدحهم ولا بقدحهم، ولا يلتفت إلى هذا أصلاً لأن هذا لا يهمه، علماً بأنه كتب هذا بنفسه وذلك حين قال “في الحقيقة أنا قضيت حياتي كلها لا أُعير اعتباراً لمدح العامة” ولم يقل حتى “أو نقمتهم” وإنما اكتفى فقط بذكر المدح، فحتى هذا المدح لا يهمه، ثم قال مُستتلياً “في الحقيقة كنت ولا أزال أُعبِّر أو أعتد بما أسمعه من مدح

جوزيف دالتون هوكر
جوزيف دالتون هوكر

من العلماء”، ثم ذكر اثنين قائلاً “مثل لايل Lyell ومثل جوزيف هوكر Joseph Hooker، فعالم النباتات الكبير هوكر Hooker حين يمدحني هو أو لايل Lyell ويثنوا علي يُعتبَر هذا الأمر شرفاً كبيراً بالنسبة لي، ولذا أنا أهتم به لأن له دلالة، فهم علماء كبار يقولون الكلمة التي لها وزن، أما العوام فلا أعتبر رأيهم”، ولذلك كان يتجافى العامة ويبعث دائماً برسائل إلى العلماء بنشاط عارم، فتقريباً مُتوسِط ما كان يبعثه من رسائل للعلماء يومياً يصل إلى ثلاث عشرة رسالة، ولك أن تتخيَّل هذا لأنه شيئ عجيب، فهو عالم كبير ويقضي الساعات الطويلة في الأبحاث العلمية لكن يهمه جداً أن يبقى على اتصال دائم مع العلماء، ولم يُوجَد وقتها النت Net طبعاً مثل اليوم أو التليفون Telephone، لا يُوجَد إلا الرسائل فقط، فكان يهتم هذا الرجل العجيب بالتواصل مع العلماء بما فيهم علماء القارة الجديدة – أي أمريكا – ومن ثم كان يُراسلهم، فكان يُراسِل مثلاً آسا جراي Asa Gray ويُراسِل غيره عبر هذه الرسائل الكثيرة، فكان يكتب ثلاث عشرة رسالة في اليوم الواحد، ثم تأتيه الردود فيقرأ ويتمعن ويرى ما هى نقود العلماء واعتراضات العلماء عليه وماذا يُريدون بالضبط، فهذا مُهِم جداً بالنسبة له لكي ينبي نفسه علمياً، ويا ليت أن نتعلم نحن من هذا الأدب، فهذا هو أدب العلماء وهذه هى خُطة العلماء في بناء أنفسهم وبناء نظرياتهم، فيجب أن يهتم العالم بالعلماء وليس بالجُهلاء أو بالعامة، مع الاحترام لكل عباد الله لكن قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ۩، فلكل إنسان مقامه الخاص به، فلو كنت عالماً لماذا تهتم بالعامة؟ العامة لن يُقدِّموا لك أي شيئ ولن تستفيد شيئاً، ولكن كُن دائماً مع العلماء وأهل الدارية والاختصاص.

آسا جراي Asa Gray
آسا جراي Asa Gray

بعدما نشر داروين Darwin أصل الأنواع الذي أثار طبعاً ضجة كبيرة وسُخطاً عارماً عليه سجل مرةً أُخرى مُلاحَظة بامتنان أيضاً وأشار فيها إلى نصيحة تعود على العمل بها، وأعترف بالفضل فيها لصاحبه الأستاذ تشارلز لايل Charles Lyell، حيث قال “نصحني تشارلز لايل Charles Lyell من سنين طويلة أن أتجنب الدخول في خصومات أو مُنازَعات حتى مع العلماء”، أي أنه يُرحِّب فقط بالبحوث والمُباحَثة والمُناقَشة، فهذا يقول له أهلاً وسهلاً، لكن النزاعات والخصومات والقيل والقال لا يُرحِّب به، وقال أن السبب في هذا هو أن لايل Lyell قال له لا تفعل هذا، فداروين Darwin قال”لايل Lyell قال له لا تفعل هذا وأنا فعلاً التزمت بهذا، لأن هذا فيه سيئتين، ففي الأرجح أن هذا لن يأتي بشيئ جديد، لأن هذه النزعات والخصومات لن يستفيد منها أحد، فلن تستفيد لا أنت ولا هو ولا الجمهور، والسيئة الثانية تمثل في أن هذا يُذهِب بالوقت وراحة البال”،علماً بأن هذا ما كتبه داروين Darwin بنفسه، وفعلاً هذه النزاعات الفارغة تُضيع الوقت، لذا قال ابن القيم ذات مرة “لست للخصام ذميم”، فلا يُوجَد عالم حقيقي – ليس شرطاً أن يكون من علماء الدين، وإنما أي عالم حقيقي في أي علم من العلوم – حريص على وقته وعمره يرتضي أن يُضيع عمره في هذه النزاعات وهذا كلام فارغ ، خاصة العالم الذي يشعر بأن عنده إلهام أو عنده رسالة، مثل داروين Darwin الذي كان يشعر بأنه مُلهَم بنظرية مُعيَّنة وأنه يُريد أن يُقدِّم شيئاً جديداً، وبالتالي لن يُضيِّع وقته في نزاعات وخصومات مع علماء من الواضح أن عقولهم كانت أكثر جموداً وأكثر تقليدية وأن خيالهم كان أكثر محدودية وأكثر حصرية من أن يستوعب شيئاً جديداً، فدائماً الشيئ الجديد منكود ومنكور ولذا هو يأتي صاحبه بالنكد والإنكار، ومن هنا قال لايل Lyell “هذا يذهب بشيئين: يذهب بالوقت ويذهب براحة البال”.

أعتقد الآن أن وقت الحلقة قد انتهى للأسف الشديد، والآن ننهيها بهذه النهاية المنطقية تماماً، فنحن في هذه الحلقة عرضنا فقط للمادة الخام التي كان من شأنها أن تُلهِم داروين Darwin، لكن الآن كيف ألهمته وعلى أي نحو ألهمته وكيف بنى النظرية وما هى مصاعب النظرية وكيف تطورت النظرية بين القبول والرفض إلى الساعة من أيام داروين Darwin هذا سوف يكون – إن شاء الله – موضوع الحلقات المُقبِلة، وقد يأخذ معنا حلقتين فقط، وبعد أن ننتهي منهما – بإذن الله تبارك وتعالى – سوف نبدأ في حلقات مُؤيِدات النظرية العلمية من الميادين المُختلِفة، لكي نشرح المُؤيِدات – إن شاء الله – شرحاً نرجو أن يكون مُبسَطاً وبسيطاً.

إلى أن ألقاكم في حلقة مُقبِلة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

(تمت المُحاضَرة بحمد الله)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: