بسم الله الرحمان الرحيم

إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَارًا قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا سورة فاطر من الآية 38 إلى 41
صدق الله العظيم وبلّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين اللهم اجعلنا من شهداء الحق القائمين بالقسط آمين اللهمّ آمين .الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبد الله النبيّ الأمين وعلى صحابته الميامين و أتباعهم بإحسان إلى يوم الدّين إخواني وأخواتي ستكون إذن هذه الحلقة إن شاء الله متمحورة حول محفوظية الكون بالرّحمانية بعد أن تحدّثنا عن كيفية انبثاق الوجود بالرحمانية وفي هذه الحلقة نحاول الإجابة عن كيفية دوام هذا الوجود وأسباب قيامه واستمراره .وهذه الإشكاليات لا نطرحها طرحا فلسفيا مجرّدا بل هي اشكاليات يعالجها القرآن ويجيب عنها لذلك لا بد من ادمان قراءة القران بذهن متفتح وبروحيّة جديدة ترنو إلى سبراغواره وإدراك أبعاده .فبالرحمانية نشأ الوجود وبها يدوم حتى إذا شاء الله زواله واضمحلاله كان ذلك. إخواني وأخواتي روى الإمامان البخاريّ ومسلم رضي الله عنهما في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ أعرابيا جاء الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وقال ” إنّكم تقبّلون الصّبيان ونحن لا نقبّلهم . فقال صلى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا :أَوَ أملك أن نزع الله الرّحمة من قلبك؟ أي إنّني لا أقدر لك على شئ بعد أن نزع الله الرّحمة من قلبك . نستكمل اليوم الجواب عن السؤال وأحسبه سؤالا مهما وهو: ماهو سرّ التبلّد الوجداني الذي يعانيه عباد الله من المسلمين وغيرهم ؟ هناك صنف من البشر يتمتعون بحالة من التّقمّص العاطفي ويترجمها بعضهم بالتعاطف أو التقمّص الوجداني لغلبة الحسّاسية ورهافة الحسّ الباطن لديهم وعليهم .فهم يعيشون ألم الآخر كأنّهم هم المألومون ويحزنون لحزنه كأنّهم هم المحزونون وكأنهم هم المكروثون بكارثة قد تصيب غيرهم .وهذه من أرقى الحالات الإنسانية . وفي هذا السياق يقول المثل الصيني ” عليك أن تمشي في حذاء غيرك” حاول ان تضع نفسك مكان الآخر وأن تتمثل ظرفه ز ومن الناس من انعم الله عليه بهذه النعمة فتجدهم يحزنون كثيرا لحزن الآخر كما يسعدون لسعادته لكن باستثناء المتوحّدين المصابين بحالة التوحّد وهي حالة خلقية وراثية يوجد للأسف من الناس من يعاني تبلّدا في حسّهم الباطن . و مردّ حالات التبلّد العاطفي التّربية .ويمكن أيضا توصيف تفسيرها في جملة واحدة هي: عدم تطابق وتناغم الحالة النّفسيّة مع الحالة الذّهنية ” وعلم النّفس يدرس الجانبين النفسي والذهني ومن الهنا ينشأ الحديث عن الحالات العصابية والذّهانيّة . كيف يكون عدم تطابق الحالة النفسية مع لحالة الذّهنية؟ قد يعتنق الإنسان عقيدة أو قناعة ما كأن تكون الأمانة شيئا ممتازا وانه عليه أن يكون آمينا على الإسرار والأعراض و الأموال .يتبنى هذه القناعة وقد يحفظ فيها أشعارا وأحاديثا وحكما وعبرا غير انه يسلك مسلك الخوّان الأثيم فيكون شخصية تعاني التّشظّي والازدواجية لأنّ النّفس في مثل هذه الحالة تضيق أن تتسع لسعة الحكم العقلي والقناعة الفكرية .فالعقل يقضي بقبح الغضب والانتقام و الغيظ إلا ان صاحب هذه القناعة لا يتمالك نفسه عن الغضب ولا يولي عن الانتقام ويسعى لشفاء غيظه فقد يسب ويلعن ويعنّف … فأصل هذه الإشكالية التربية القائمة على التدريب وإكساب مهارات للمربّى وممارسة وتقدّم وليست مجرّد خطب ومواعظ تقدّم للناس والأمر والنّهي .يقول محمد إقبال شاعر الإسلام وفيلسوفه في القرن المنصرم الميلادي “ليس كل من درس النّحل أكل العسل ” فالمعرفة المجردة لا تتطابق ضرورة مع السلوك العملي فأنت قد تدرس علم النحل لكن قد تعيش وتموت ولا تذوق طعم العسل وقد تحفظ كتاب الله وتتحفظ آلاف الأحاديث من سنة رسوله وأنت أبعد الناس عن هدي رسول الله وعن أخلاقه فتكون قد درست النحل ولم تذق العسل ومن الناس من يمتلك العنوان ويضيّع الحقيقة ومنهم من يعيش على الحقيقة بلا عنوان وقد يكون من عوام المسلمين وبسطائهم يمارس التقوى في أرفع معانيها والورع والخشية والاخبات والمحبة والتوكل والثقة والرجعة والإنابة يمارس كل هذه المعاني ويعيشها دون أن يعرف أن هذه المفردات تقوائية وتلكم إخباتية ..لا يدرك القيمة مجردة ويأتيها ممارسة و وسلوكا في حياته اليومية ويكون حقيقة من أولياء الله الصّالحين . ما الفرق بين الإنسان والحيوان ؟ الفروق كثيرة ومتعددة لكن من أهمها أن المسافة بين شهوة الحيوان وبين فعله تكاد تكون معدومة فهو كلما اشتهى شيئا واقعه إذا أنمن الخطر والمغبة أما الإنسان فهو غير ذلك حيث توجد مسافة بين ما يشتهي ويهواه وبين ما يفعله والعقل هو الذي يتوسط هذه المسافة فهو الذي يحدد إمكانية الاستجابة لما تهواه النفس فقد يصدها عن شهوتها بتقييمها وكلما بعدت هذه المسافة تأكدت إنسانية الإنسان وكلما تقلصت كان إلى الحيوانية أقرب وبعض الناس نجده أشبه بالحيوان المفترس او الحيوان الشهواني يطلق العنان لغضبه لا يستطيع السيطرة على نفسه يمارس هواه ويستجيب لرغباته دون اعتبار للآخر للناس وللعادات وللتقاليد ولله واليوم الأخر …لا يعير كل ذلك وغيره أدنى أهمية لأن المسافة بين هواه وبين فعله تقريبا معدومة انه أشبه بالحيوان .شعر رجل باعتلال صحّته فذهب طبيب مختصّ فأمره الطبيب بالامتناع عن المشروبات الكحولية والكوكاكولا لضررها على كبده المتورّمة فيستجيب مباشرة رغم حبه الشديد للكوكاكولا لكنه يضنّ بصحته ويجاهد شهوته هذه حالة إنسانية حيث تدخل العقل لكبح جماح النفس وفي حالة أخرى هي أكثر إنسانية تكاد تلحق الإنسان بالملائكية تتكيّف الحالة النفسية الشهوانية مع الحالة العقلية كأنها صورة مرآويّة لها فمثلا قد يربي الإنسان نفسه تربية تقوائية ربّانية حقيقية ـــ اللهم اجعلنا كذلك وهذا أهم شئ بالنسبة إلى الإنسان أهم من العلم والثروة بحيث تكون الحالة بينك وبين الله حالة عمار ولا حالة خراب ـــ هذا الإنسان حين يتعاطى ما أحلّ الله يكون في حالة من الرضا والفرح وينظر الى ما حرم الله نظر القرف والاشمئزاز والتقزز فبقدر سعادته وهو يأتي الحلال يقذر المعصية هو لا يتجنب المعصية فحسب بل يشعر إزاءها بالازورار والنفور فلا تهفو نفسه إلى شئ منها فالحالة النفسية لديه تكيفت وفق الحالة العقلية إلى حد التطابق ونعني بالعقلية عقل النّص القرآني عندها تتحقق الصحة النفسية ويكون بذلك الإنسان الكامل يحقق السعادة في اجل معانيها حيث واءم بين حالته النفسية وحالته العقلية لذلك فإن مسألة تبلد المشاعر تنبغي معالجتها تربويا بالمواءمة بين الحالة النفسية والحالة العقلية . نأتي إلى موضوع حصّتنا حيث كنا قد أثبتنا في الحلقتين السابقتين أن الوجود نشأ عن رحمانية الله ” الرّحمان علم القران خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والسماء رفعها ووضع الميزان ” ما ترى في خلق الرّحمان من تفاوت” لم يقل ما ترى في خلق البديع أو الربّ أو الله بل قال في خلق الرحمان لان الخلق كله كان بالرّحمانية لكن كيف ينتصب هذا الوجود بعد أن أبدعه الرحمان .كيف هو ثابت ودائم ومستمرّ؟ كما نشأ هذا الكون بالرّحمانية فإنّ دوامه بالرّحمانية .يقول تعالى ” ومن آياته خلق السّماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ” وفي هذه الآية يتحدث الله عز وجل عن مخلوقية الوجود لله . وفي الآية :”ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا انتم تخرجون ” فالسماوات والأرض يقمن بأمر الله. والله سبحانه يتحدث في هذه الآية عن محفوظييّة الوجود برحمانيّة الله. ” إنّ الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنّه كان حليما غفورا ” ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحج ” ألم تر أنّ الله سخّر لكم الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إنّ الله بالنّاس لرؤوف رحيم ” فالوجود محفوظ برحمانية الله إخواني وأخواتي سنعالج محفوظية الوجود من جهتين : الجهة الاولى محفوظية القيام والجهة الثانية محفوظية الدّوام. لو حاولنا تمثل الكون لما تسنى لنا ذلك لاتساعه وكبره فهو يشتمل على بلايين الكواكب وبلايين النجوم والمجرات وما الأرض إلا مجرّد هباءة فيه والبليون هي الألف مليون . كان البيرت أينشتاين يحاضر في طلاب العلم يحدثهم عن سعة الكون وذكر أن الكون به ملايين المجرات لكن في هذه السنوات الأخيرة يقر العلماء بوجود البلايين من المجرات . والمجرة هي عالم من النجوم وبعضها لها كواكب قد تصل إلى المائة مليار نجم مثل مجرّتنا التي تقع فيها الأرض واسمها مجرة درب التبان التي تحوي تقريبا 400مليار نجم أي 400 ألف مليون نجم الشمس فيه من حيث الحجم نجم متوسط يفوق حجمها حجم الأرض بمليون وثلاث مائة ألف مرّة .”لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لايعلمون”(غافر) وأينشتاين يتحدث عن مجرات بمئات مليارات النجوم فاندهش الطلاب لسماعهم ذلك وانبرى أحدهم يسأل ” ألا تصطدم هذه المجرات ببعضها وهي على هذا النحو من الكثرة؟” فتبسم العالم الكبير مجيبا :”افترض أن لدينا في هذا الكون 3ذبابات وضعنا واحدة في القطب الشمالي والأخرى في القطب الجنوبي والثالثة عند خط الاستواء ثم طيّرنا الذبابات .هل يمكن أن تلتقي هذه الذبابات ببعضها ؟ إنّ ذلك من باب المحال .ومعنى ذلك أن الكون أوسع بكثير مما نتخل والمجرات فيه مثل ذبابات على سطح الأرض . والأعجب من ذلك ما أثبته العالم الكبير الراحل “كارل سيغن” في برنامجه “كوسموس” وهو من أشهر البرامج الوثائقية تابعه 240 مليون من البشر والذي حوله صاحبه إلى كتاب . يقول هذا العالم لو افترضنا ان كائنا بشريا يعيش على كوكب تابع الى مجرة ,لو أخذناه والقينا به خارج هذه المجرة في الفضاء الكوني السّحيق المترامي الأطراف التام الظلام الشديد البرودة التي لا تتجاوز الصفر المطلق ناقص 273 .ما هي إمكانية ان يصادف مجرة أخرى لتخترقها وتبحث لك عن نجم تستقر فيه ؟ هذه الإمكانية لا تزيد عن واحد على واحد مليار تريليون تريليون . والتريليون هومليون مليون . ومعنى هذا لو ان رب العزة أخذك وقذفك خارج مجرتنا في الكون فانك لن تصادف أي مجرة أخرى ولو قذفك الله عز جل مليار تريليون تريليون مرة ممكن أن تلاقي عندها مرة واحدة مجرة . ويقول العالم ذاته “اقبض بيدك من تراب الأرض فان عدد حبات الرمل في قبضتك تقريبا 10000حبة رمل وعدد النجوم في الكون أكثر من عدد رمال وشواطئ كل محيطات العالم .لذلك فغن هذه الأرض لا تكاد تظهر في هذا الكون هي تقريبا بالنسبة الى الكون لا شيء . وقد قال الشاعر رحمه الله تمرّدت يا نفس فوق الأرض فاهدئي ولا تذهبي في العجب كل مذهبي فما آنت إلا ذرة فوق متنها وما هي إلاّ ذرة في الكواكب فالإنسان في الأرض مجرد ذرة والأرض في الكون لا تعدو أن تكون هي الأخرى ذرة لا تكاد تبين لذلك يقول تعالى في حديثه القدسي” الكبرياء رداء والعزة إزاري من نازعني واد منهما قسمته ولا أبالي” فلا يحق لأيّ منّا أن يعجب بذاته لان الجاهل بقدره جاهل بقدر المولى عزّ وجلّ . كيف يحفظ الله هذا الكون الهائل ويثبّته؟ ب؟أمره لا إله إلاّ هو . ما معنى أمر الله؟ كم يبلغ نصف قطر الكون ؟ يقول علماء الكون أن نصف قطر الكون يبلغ 14 غيغا فرسخ فلكي . والفرسخ الفلكي يساوي 3،26 مليار سنة ضوئية أي 3مليارات وثلث المليار سنة ضوئية والسنة الضوئية هي وحدة قيس الكون لاتساعه وامتداده . والثانية الضوئية تساوي 300الف كلم . أي أن الضوء في الثانية يلف الأرض 7،5 مرّة .فبمجرّد تلفظك مثلا بكلمة الله يكون الضوء قد لف الأرض سبعة مرات ونصف .والشمس تبعد عنا 150مليون كلم فهي ابعد بكثير من القمر الذي لا يبعد عن الأرض إلاّ ب400الف كلم .فالضوء يقطع المسافة من القمر إلى الأرض في ثانية وثلث الثانية . والضوء الشمس لا يصلنا الا بعد 8دقائق فعندما ترى الشّمس تغرب فانك في الحقيقة ترى ما كانت عليه الشمس منذ 8دقائق أي صورتها المتبقية التي لا تصل إلينا إلاّ بعد8دقائق . ويقطع الضوء في السنة 10تريليون كلم وهذه هي السنة الضوئية أي 10 مليون مليون كلم وقطر الكون كله 92 مليار سنة ضوئية .فالضوء يظل يجري ويعدو في الكون 92 مليار سنة حتى يأتي عليه كاملا .هذا هو الكون الاسئلة : 1/ كيف تفسر الكوارث الطبيعية في ظل الرّحمة الربانية ؟ الجواب : إذا ثبت أنّ ليس الإنسان وحده المحتاج لرحمة الله بل كل الوجود من عرشه الى فرشه موجود بالرحمة وقائم بها وبها يدوم .الأرض أيضا في حاجة إلى رحمة الله وكما تحتاج أنت إلى التنفس الأرض كذلك أحيانا في حاجة إلى التنفس ويتمظهر ذلك في البركان لو لم تتنفس لتشققت وأصبح الحياة فيها مستحيلة ولهلكنا على سطحها . لا بد إذن إلاّ نغرق مي النظرة المركزية وان تقيم الظواهر وفق ذاتك.فالأرض من حين لآخر تحتاج لتعديل وضعيتها تستأذن ربها فيأذن لها فيكون البركان والزلزال وكل ذلك لا يخرج عن نطاق رحمة الله بالأرض ورحمته بالخلق إذا حاولنا فهم القران جيدا وأدركنا فلسفته فان منظورنا للوجود حتما سيتغير. حتى جهنم تحتاج لرحمة الله “يا ربي أكل بعضي بعضا فأذن لي بنفسين فأذن لها بنفسين نفس في الصيف ونفس في الشّتاء فأشد ما تجدون من الحرور هو من اثر نفسها في الصيف واشد ما تجدون من الزمهرير هو من اثر نفسها في الشتاء ” وعلى هذا فقس . كثير من الأشياء والظواهر التي يعدها الإنسان شرورا هي في الحقيقة ليست شرورا مطلقة لابد للإنسان أن يكون واعيا بنسبية الأمور . فالشر بالنسبة إليك قد يكون خيرا بالنسبة لغيرك .فمثلا لسعة العقرب شرّ لك لكن إبرة العقرب بما فيها من سم فتاك بالنسبة إليها خير فهي بسمها تدافع عن نفسها لتعيش . وهذا السم في ذاته نافع للإنسان فهو في حالات كثيرة يكون ترياقا ومضادا للتسممات . فالنسبية مقياس جوهري لتقييم الأشياء والظواهر فالكبير يكون كذلك بالنسبة إلى ماهر اصغر منه لكنه يكون صغيرا بالنسبة إلى ماهر وكل شئ هو اكبر بالنسبة لشيء واصغر بالنسبة إلى شيء فلا صار اكبر ولا اصغر إنما هو هو المخلوق الضعيف الكبير دون إضافة هو الله عز وجل ّ .فلا وجود لشر بالمطلق بل هناك شر لهذا وخير لذاك فسم العقرب يستخدم في صنع الترياق والعقرب وفق الدراسات العلمية هي الكائن الأكثر جدارة في مقاومة الإشعاعات الذرية والنووية والفرنسيون اجروا مرة في الجزائر تجربة نووية مصغرة وبعد الانفجار اكتشف العلماء أن العقارب لم تتاثر بذاك الانفجار فإذا بها تخرج من شقوقها سالمة لم تتاثر بالاشعاعات الذرية والعقرب من أقدم الدواب على الأرض وكونها تلدغ الإنسان وتتسبب في قتله فهذا لا يعني أن نلعنها ونبغضها ونرى في وجودها شرا . والى الحلقة القادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تفريغ نصي أ : نادية غرس الله /تونس

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: