ظللتُ أقرأ بألم ما دأب بعضُ المعلقين على ترديده على صفحتي هذه و سواها من مثل الإعتراض على ظهوري على قناة روتانا المملوكة للأمير الوليد بن طلال و أنّ طريقة عدنان في التلفزيون مختلفة عما تعودناه منه على المنبر و بلغ الأمر ببعض المعلقين حدّ الطعن في نزاهتي و صدقيتي، فجعلوا يرجفون بأنّ عدنان فيما يبدو قد باع نفسه و أنّ المال قد غيّره و أغراه.

و على عادتي في التغاضي عن الأراجيف و إعراضي عن الإساءة، فالوقت أنفس من تضييعه في مثل هذا و أنا بطبيعتي عزوف عن ردّ كل ما أرمى به لزهدي في رضا الناس أصلا  إكتفاء بما يعلمه الله تعالى مني و ما أعلمه من نفسي و إدراكا مني أنّ من الناس من لا يرضيه الا قرف غيره بالأفائك والأظانين و تنقّص عباد الله، فمهما دافعتَ عن نفسك لن يرعووا فمقتضى الحكمة تجاهلهم و ترك الإشتغال بهم.

و لكني إشفاقا على بعض إخواني المحبين الصادقين الذين ربما تأثروا ببعض تلكم الأراجيف و رغبوا في الكشف عن جلية الأمر رأيت أن أكتب هذه الكلمات:

أمّا بخصوص ظهوري على روتانا دوناً عن غيرها، فقد دأب إخواني لسنوات على مراسلة قنوات إسلامية معروفة يرجونها إتاحة فرصة لي للظهور عليها و كانوا يزكون طلبهم بتوقيع أعداد كبيرة من المحبين، و دائما كان الرد بالتجاهل التام للأسف الشديد حتى كانت فرصة تسجيلي برنامج (هوالله) لقناة الرسالة لكن البرنامج منع من العرض على خلفية تدخل بعض المشايخ ومعارضته ثم قدّر الله أن  أظهر بعد ذلك لحلقتين في برنامج إتجاهات مع السيدة نادين البدير وقد  راقت الحلقتان لسمو الامير الوليد و حصل بعده لقاء مع سموه لمستُ فيه بشكل جلي أنّ الرجل مهموم بإصلاح الخطاب الاسلامي القائم على التزمت و الكره و ضيق الأفق، راغب في استرداد الإسلام الذي جرى اختطافه من طرف أناس أساؤوا أكثر مما احسنوا و خرّبوا أكثر مما عمّروا.

و بتواضع غير متكلّف أعرب سمو الأمير عن رغبته في فتح باب قنواته لي كي أساهم بما أقدر عليه قائلا: أنت لديك المعرفة و نحن لدينا الوسيلة.

و رغم تكرّر لقائي بسموه و توثّق العلاقة القائمة على الحب والإحترام المتبادل، فإني لم أكتب عن ذلك شيئا من قبلُ أما وقد اقتضى الحال البيان فأقول: لقد سرّني ما لمستُ من سمو الأمير ـ على الضد تماما مما يشيعه بعض شانئيه ـ من استقامة و خير، فالرجل على ما رأيت بنفسي و توثقته من بعض مرافقيه الدائمين شديد المحافظة على أداء الصلاة سفرا وحضرا في غير ما تساهل أو تقصير، كما أنه لا يتعاطى شرب شيئ من المسكرات ولا يسمح لأحد من مرافقيه بذلك، بل إنه لا يدخن السجائر وهو لمن دنا منه و خالطه شديد التواضع بعيد البعد كلّه من التكلّف والإفتعال وهذي خصائص أنا شديد الإهتمام بها والتقدير لها و من تابع سجلَ الأمير في دعم أعمال الخير و البر و الإهتمام بالفقراء و المحاويج ،رأى ما يرجو معه أن يسير كل أغنياء المسلمين في سبيله و أن  ينهجوا نهجه .

و الحاصل انّ الرجل فتح لي أبواب قنواته حين أحجم الآخرون عن ذلك.

ثمّ إنّ روتانا قناة يتابعها أعداد غفيرة ليسوا من جماهير الفضائيات الاسلامية وهذه بحدّ ذاتها ميزة، إذ من اللازم الوصول الى هؤلاء لنصل حبلهم بحبل دينهم و قد صرّح لي أحد مشاهير الدعاة و هو مدير لقناة إسلامية بأنه لو خُيّر لاختار الظهورَ في روتانا ولاستغنى عن إدارة القناة الإسلامية، ثم أفصح عن سبب ذلك المتمثل في أنّ متابعي القنوات الإسلامية أقلّ عددا بمراحل من متابعي الام بي سي و روتانا، و ذكر لي احصائيات و ارقاما تؤكد ذلك.

هذا من جهة، وأما من جهة برامجي أخرى فأؤكد لكم أنني  ـ يعلم الله ـ أنا الذي أختار أسماء برامجي وموضوعاتها دونما أدنى تدخل من أحد أو توجيه باستثناء ما جرى هذا العام ـ مما سيصدم كل المنتقدين و المشككين لأنه على عكس ما يظنون على طول الخط ـ   فقد أعرب لي أخ حبيب مسؤول كبير في روتانا عن أنّ نبرتي في برامجي هادئة غير استفزازية على غير عادتي في خطبي الجمعية وأنهم في روتانا هذا العام راغبون في أن أثير قضايا مستفزة وحرجة بصراحتي المعهودة والمطلوبة من جمهوري وأحبابي، الا أني أبيت هذا وصممت على تقديم برنامج “الأسوة الحسنة” عن أخلاق الحبيب المصطفى عليه السلام.

و قد تجدر الإشارة إلى أنّ جمهور التلفزيون غير جمهور الخطب الجمعية، ثم هما في النهاية مقامان متمايزان ولست براض لنفسي أن أظلّ خطيبا في حلقات متلفزة أخاطب بها شرائح مختلفة من الناس، وعلى كل حال فقد اختار أن أغيّر من برامجي المتلفزة القادمة شكلا ومضمونا بما يفي بحق موضوعات حرجة وحساسة و ملحة إن شاء الله تعالى.

أخيرا بخصوص المال و دور المال فأنا هنا أقسم بالله العلي العظيم و أشهده و كفى به شهيدا أنني لم أتلقّ أي مبالغ مالية من سمو الأمير سوى ما أتلقاه من القناة بشكل رسمي لقاء برامجي، وهو  مقابل عادي ليس أكثر مما يتلقاه دعاة آخرون بل اقلّ مما يتلقاه كثيرون منهم، وكم وكم عرضتْ عليّ مغريات مالية كبيرة ولكن بحمد الله تعالى لم تبلغ مني شيئا لعزوفي ـ بطبعي الذي أكرمني الله به ـ عن أمرين يكثر سقوط كثيرين بهما: المال والشهرة، بل كم وكم رفضتُ مشاريع وعروضا قد يرى فيها سواي فرصة أكثر من ذهبية لاغتنام الأموال ومراكمهتا .

فهناك يا إخواني في الحياة ما هو ـ و الله ـ أكرم وأسعد وأعظم من المال والسلطة والشهرة: العلاقة الواثقة بالله تعالى والصلح مع النفس والالتزام بالحق، فالعمر قصير والناقد خبير

أسأل الله لي و لكم التوفيق و القبول و رضا الله تعالى

أخوكم عدنان ابراهيم

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: