تفسير القرآن الكريم ۞سورة فاطر الآية 32 ۞ الحلقة 19

video

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، يا ربي لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه كما تُحِب وترضى، لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۩، علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وافتح علينا أبواب الفهم بالحق الذي يُرضيك، اللهم آمين. وصل وسلم على خيرتك من عبادك وصفيك ونجيبك من عبادك محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين، إلى أبد الآبدين، صلاةً وسلاماً تامين كاملين دائمين بدوام مُلك الله.

۞ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ۞

أما بعد، وقفنا يا أحبابي – إخواني وأخواتي – أمس عند قوله – تبارك وتعالى – ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۩، وستُفصِّل هذه الآية العظيمة، هذه آية عظيمة، كما قلت أمس إنها من أعظم البُشريات القرآنية لأمة محمد، القرآن فيه بُشريات كثيرة لهذه الأمة المرحومة الخاتمة، من أعظم هذه البُشريات على الإطلاق ولكل أصناف أمة محمد هذه الآية، لأنها رتبتهم رُتباً، فابتدأت بالظالم لنفسه، وظاهر الآية والسياق أن الظالم لنفسه من جُملة المُصطفين، من جُملة المُصطفين! وثنت بالمُقتصِد، ثم ثلثت بالسابق بالخيرات. اللهم اجعلنا من المُقرَّبين السابقين بالخيرات، المُسارِعين بها وإليها وفيها، بمنّك وفضلك وواسع كرمك وجودك يا رب العالمين.

وتكلَّمنا في مسألة صرفية سريعة، وهي الافتعال (صيغة الافتعال) من الأفعال التي تبدأ بحرف من حروف الإطباق، وهي الصاد والضاد والطاء والظاء. وقلنا في هذه الحالة تُقلَب تاء الافتعال إلى طاء، افتعل، اصطبر، اصطرخ، اصطفى، اضظلم، اضطرد، اضطرب، كل صيغ الافتعال هذه تُقلَب تاء الافتعال فيها إلى طاء، لقُرب المخرج ودفعاً للثقل، أسهل بكثير أن تقول اصطبر من أن تقول استبر. استــ… استــ… ها انظر، التاء هذا حرف خفيف، والذي قبله حرف إطباق، نعم! يملأ الفم تقريباً، استــ… ويستـ… صعب، اصطبر، اضطرب، اضطرد!

اصْطَفَيْنَا ۩، قال اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۩، وبعد قليل قال وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ ۩، هذا أيضاً الشيئ نفسه، اصطرخ من صرخ. اصْطَفَيْنَا ۩ من صفو، أرأيت؟ من صبر، من طرد، من ظلم، وحتى هناك اظطلم، افتعال من الظُلم، افتعال من ظلم، اظطلم، وفيها وجهان آخران: اظلم، واطلم. إذن الافتعال من ظلم ثلاثة، أي في الصرف، في علم الصرف العربي. وطبعاً المدارس العربية عموماً مُقصِّرة جداً معنا في الصرف، إلى حد ما (ماشي الحال) في النحو، ولكن في الصرف تقريباً للأسف ضعيفة جداً، ولذلك تجد كثيراً من المُتحدِّثين والكتّاب والعلماء الصرف عندهم ضعيف جداً، حين ينطق الواحد منهم أو حين يكتب، تجد أخطاء رهيبة، رهيبة للأسف! لأننا لم نتعلَّم هذا، وكان ينبغي أن نتعلَّمه على قدم سواء مع قواعد النحو، تماماً! وحتى هو في الألفية، ضمن الألفية، أي مع قواعد النحو، ولكن طبعاً فُصّل بعد ذلك في المُصنّفات الكبيرة، وخاصة لابن الحجاب وغيره.

المُهِم فــ اصْطَفَيْنَا ۩ هذه مأخوذة في الأصل من ماذا؟ مُشتَقة من ماذا؟ من الصفو. أليس كذلك؟ من صفو، والصفو ما هو؟ الصفو هو ألا يشوب الشيئ كُدورة أو كَدورة، ليس فيه هكذا كدر، أي أن يصفو عن شوائب الكدر، أن يصفو الشيئ عن شوائب الكدر! ولذلك يُقال ماء صافٍ، ونية صافية. يقول لك أحدهم نيتي صافية. أي ليس فيها ماذا؟ ليس فيها كدورة، وليس فيها أي شيئ، أبداً أبداً! نية صافية، بيضاء، ليس فيها أي شيئ أبداً، فلا تشك في. يُقال نية صافية، ماء صافٍ. وهكذا! جميل؟

وقلنا معنى اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۩ انتخبنا، أليس كذلك؟ وانتجبنا واجتبينا. قال – عز من قائل – هُوَ اجْتَبَاكُمْ ۩، في آخر الحج! هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۩، نعم! اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۩، لماذا؟ أو اصْطَفَيْنَا ۩ لهم ماذا؟ الدين. اصْطَفَيْنَا ۩ لهم دينهم، وعنوانه ودستوره الكتاب، أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا ۩، ولذلك هناك قال ماذا؟ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا ۩، اسمكم في الكتاب الأول مُسلِمون، واسمكم فِي هَٰذَا ۩ – أي القرآن – مُسلِمون. إذن هنا الإسلام لهم، أي المُفسِّرون لا يأتون بأشياء في أكثر آرائهم – والحمد لله – من عندياتهم، بالعكس! يأتونها بماذا؟ بقدح الرأي في الكتاب تأملاً واعتباراً وتنظيراً وتمثيلاً، فهناك قال لك نعم، هذا اجتباء، واجتباء بالإسلام، فما معنى أنه اصطفى هنا؟ واصطفى ماذا؟ اصطفى الدين إذن، اصطفى الإسلام لهم. صح! وعنوانه ودستوره الكتاب.

الآية هذه عظيمة جداً – كما قلت -، وهي مُشكِلة، هي ليس مُشكِلة جداً طبعاً، ولكن هي مُشكِلة، من الآيات المُشكِلة، فيها خلاف واسع.

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ ۩، المعنى لقّينا وأعطينا، أي هكذا، لقّينا وأعطينا الْكِتَابَ ۩، وأصل الميراث والورث والتوريث ما هو؟ اكتساب مال بغير تعنٍ وبغير مُعاوَضة، لا باع ولا اشترى ولا تعب، هذا الأصل! جاءه هكذا، مات مُورّثه، فصار المال إليه، وكذلك نحن بصراحة، وما أحسن ما فهم الأعرابي هذا المعنى اللطيف العميق الجميل! حين قال له الإمام عامر بن شراحيل الشعبي يا أعرابي تُحسِن تدعو ربك؟ أي تُحسِن أن تدعو ربك؟ قال له تُحسِن تدعو ربك؟ قال نعم. قال ادع. رفع يديه، وهو بليغ بسيط، هناك نية صافية وهو أعرابي، أي لم يختلط بشوائب المدنية وخبثها ومكرها والتباساتها أبداً أبداً، قال اللهم إنا أعطيتنا الإسلام دون أن نسألك، فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك. قال الشعبي من أجمل ما سمعت في حياتي. يا الله! دعوة قصيرة وجميلة وعميقة فعلاً، لأنه هنا يقول أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ ۩، والله هذا شيئ يقشعر البدن، هل أنت اخترت الإسلام؟ هل أنا اخترته؟ لا، ميراثاً – والحمد لله -، أخذناه ميراثاً. وحتى رسول الله وُرثه، الله اختاره له، وقال له خُذه، لك ولأمتك. لا إله إلا الله! منّة من الله هكذا.

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ ۩، نحن المُصطفاة – بفضل الله تبارك وتعالى -، لماذا مُصطفاة يا إخواني؟ لماذا مُنتخَبة ومنتجَبة؟ لماذا مُتخيَّرة ومُنتقاة – أي هذه الأمة -؟ لأن هذا الكتاب الخاتم والمعصوم والمحفوظ بحفظ المُنزِّل – لا إله إلا هو -، وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ۩، أما الكتاب الأول، فقد استُحفظ عليه الأحبار والرُهبان، فلم يحفظوه، كما في سورة المائدة، فلم يحفظوه! أما هذا الكتاب، فقد تولى الله بذاته الأقدس – لا إله إلا هو – حفظه، فلا جرم كان وهو وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها محفوظاً. وكل المُحاوَلات باءت بالفشل، كلام فارغ! مُحاوَلات الزنادقة والمُتصهينين والكذّابين والأمريكان، قبل سنوات قالوا الفرقان الحق. الهبل الحق! ويُمكِن حتى ألا يكون فيكم واحد قرأ فيه شيئاً، أنا قرأت فيه شيئاً وعلمت أنه الهبل، وجدت الهبل الحق، الهبل على حقيقته، أُقسِم بالله! كلام فارغ، لم يمش خُطوة، الفرقان الحق الأمريكاني لم يمش خُطوة واحدة، لم يمش! وُلد ليس خداجاً، وُلد ميتاً. فهذا هو، هذا القرآن، مساكين هم! إذا أمكن أن تُغطى الشمس بأصبع أو بغربال، فسيُمكِن أن يُغطى نور الله – تبارك وتعالى -، قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا ۩، هذا بُرهان، أي شعاع قوي، وهذا نور، هذا نور، وهو نور رباني، انتبه! نور الدنيا يطفأ، أليست هذه الشمس؟ ستطفأ، يقدرون لها أنها بعد خمسة مليارات سنة قادمة سوف تنتهي، والأمر نفسه مع السوبرنوفا Supernova ومع كل شيئ، الكون كله سوف ينطفئ في الأخير، ولكن نور الله لن ينطفئ لا في الدنيا ولا في الآخرة، نور رباني! لأنه من نور الأزلي الأبدي السرمدي – لا إله إلا هو -.

ولذلك العبد – اللهم نوِّرنا بأنوارك – فينا يا إخواني رجلاً كان أو امرأةً إذا قذف الله في قلبه من نوره، خلَّد الهداية عنده، انتهى، تخلد، انتهى هذا – بعون الله تعالى -. إذا أعطاك الله نوراً – ليس اشتباهاً، لا! نوراً، نوراً من عند الله، هكذا هو أعطاك -، فسينتهي هذا إذن – بعون الله تعالى -. ومن ثم تعيش به إلى الأبد، فتموت ويظل معك، تُبعث وهو معك، تدخل الجنة وهو معك، ويبقى معك للأبد. نور إلهي، عطية إلهية خالدة، لا إله إلا الله! فاللهم أفض علينا من أنوارك، اللهم أغرِقنا في أنوارك، في بحار أنوارك، يا رب العالمين.

إذن ثُمَّ أَوْرَثْنَا ۩، هذه هي أيضاً، هذه الآية الجميلة فيها إشارة عجيبة، قال لك ثبّت النسب، ثم طالب بالميراث. أليس كذلك؟ ثبّت العرش، ثم انقش. ثبّت نسباً، ثم ماذا؟ ادّع الميراث، أي قل أنا عندي حق. الآن إشارة الآية – وهذا من باب التفسير بالإشارة، كما يقول السادة العارفون – ما لم يثبت لك النسب، فلا ميراث. أليس كذلك؟ ولا نسب بغير سبب. إذن عندنا ماذا؟ عندنا سبب، ونسب، وميراث. السبب الطاعة، احفظها! الطاعة، طاعة الرحمن، وماذا عن النسب؟ تعمل لك نسباً عند الله هذه، ماذا ستصير؟ هل ستصير ابنه؟ هل ستصيرين ابنته؟ أستغفر الله العظيم، الله ليس عنده أولاد، مُستحيل! لا تُوجَد قرابة بين العبد وبين الرب، أي قرابة مثل هذه، نسبية! السبب الطاعة، وهذه مبذولة للكل، للأحمر والأصفر والأخضر والذكر والأُنثى ولابن النبي ولابن البغي.

قبل أيام كنت أحكي لأحد أحبابي وأقول له هذا الدين بعزة مُوحيه والذي انتخبه ديناً للسماوات والأرضين لا يُوجَد ما هو أجمل منه، ليس فقط بين الأديان، بل بين الأديان والأفكار والمناهج والفلسفات. وتالله وبالله ووالله لو علم العالمون حقيقة هذا الدين، بل لو علموا حقيقة المُتديّن الحق – نأتي بمُسلِم مثالي، مُتديّن حقاً -، لانسالوا ولانهالوا في هذا الدين أفواجاً. خُذ مُسلِماً حقاً، انظر إليه هكذا ثم شرِّحه، ثم انظر إلى ظاهره وباطنه، تر العجب، لا يُصدَّق! تقول هل هناك بشر على هذا النحو؟ هناك بشر على هذا النحو. هذا المُؤمِن الحق! الصدق، النزاهة، الطهارة، سلامة الصدر، العفة، الأمانة، الكرم، الجود، الرحمة، الإنسانية، الثقة بالله، التعويل، التواضع، الإخبات، الخشوع، الخضوع. فما هذا؟ ما هذا؟ لا يُوجَد ما هو أجمل من هذا! مَن الذي خلق هذا؟ ومَن الذي يُعلِّمك هذا؟ الدين. على قدر ما تُمعِن فيه! تأخذه بجد، وليس كمظاهر وككلام فيه، مثل أغلب المُسلِمين، لا! تأخذه بجد، إن أخذته بجد، كُنت هذا المُؤمِن. لو العالم اطلع على حقيقتك، سيخشع أمامك. وستقول لهم أنا تَلميذ صغير مُتواضِع في قافلة المُحمَّديين، في قافلة أتباع رسول الله. كيف بنبينا؟ كيف بعرفائنا الكبار؟ كيف الصحابة الأجلاء – رضوان الله عليهم -؟ كيف… كيف… كيف… أمة! أمة عظيمة هذه، دين عظيم، ما أجمل هذا الدين! ما أجمل وما أكرم وما أعظم وما أنظف هذا الدين يا إخواني! والله العظيم.

فلذلك الخسار كل الخسار على مَن لم يُعظِّم حظه من هذا الدين، ليس بالعلم وبالكلام، بالعمل وبالتحقق، وبأن تعيش به، تعيش به حقاً، ثم ترى بعد ذلك، ترى بعد ذلك! ترى السعادة الحقيقية والاستقرار الحقيقي والتوازن الروحي والنفسي والفردي والاجتماعي. شيئ غير عادي بالمرة يا أخي، فعلاً دين الله هذا، هذا دين الله – تبارك وتعالى -. أي شيئ تجد أنه قبيح في البشر لا تجده في المُسلِم الحق، الحق! المُسلِم الكامل غير موجود فيه هذا، ويُمكِن أن تجد إنساناً فيه كل الصفات الطيبة، ولكنه شحيح، أليس كذلك؟ وكثير الشُح في الناس، وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۩، بخيل! يعبد المال، وعلماؤنا قالوا أقبح قبيح مُسلِم شحيح. هذا سيء، لا! كيف تُصلي وتقوم الليل وتحفظ القرآن وتكون بخيلاً؟ مُقرِف، بصراحة مُقرِف. أنت تشعر بأنك تتقزز من واحد بخيل، بصراحة! تشعر بأنك تتقزز منه، حتى ولو كان عالماً وصالحاً وكذا، تشعر بأن هناك شيئاً مُقزِّزاً ومُقرِفاً فيه، ما البُخل هذا؟ لأن البُخل ضد الإيمان، والإيمان ثقة بالله، الله صاحب الملكوت، الله أعطى والله أخذ والله عوَّض، أنفق يا رجل، أنفق واحداً وسأرجع لك عشرة، وسأرجع لك مائة. أنفق ألفاً وسأرجع لك مليوناً. وهو وعدك، وإذا كان هناك يقين وتدّعي أنك مُؤمِن، فأين هو؟ أين اليقين؟ أرني إياه، لا يُوجَد يقين. أنت لا تُعطي، وهذا معناه أن اليقين غير موجود. أقبح قبيح – قالوا لك – مُسلِم شحيح.

البخيل بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الناس، بعيدٌ من الجنة، قريبٌ من النار. وعكسه الكريم! النبي قال هذا، النبي قال الكريم قريب من الله. وفي حديث الطبراني قال لك إن هذا الدين ارتضاه الله لنفسه، ولا يصلح إلا بالكرم وسخاوة الأنفس. النبي قال هذا! قال هذا الدين هكذا، دين لله والله ارتضاه له، إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۩، الدين الذي يعترف به الله – قال لك – هو فقط الإسلام، إسلام الوجه لله، الانقياد المُطلَق لله، وقال لك هذا الدين لا ينفع إلا بالكرم وسخاوة النفس. النفس لابد وأن تكون سخية، وانظر إلى هذا، على فكرة قد تقول لي إن سخاوة النفس مثل الكرم. لا! سخاوة النفس أوسع من الكرم، أي الكرم يكون عموماً بالمال، سخاوة النفس بكل شيئ، بعض الناس ليس سخياً حتى بالابتسامة، يبخل عليك الواحد منهم بالابتسامة! هناك أُناس ليست سخية بالدعاء، حين يدعو الواحد منهم يدعو لنفسه فقط وبأشياء كبيرة، ولكن حين يدعو لك لا يرضى أن يدعو لك كما يدعو لنفسك. أهبل وأحمق وتائه! أتقول لا؟ يا أهبل هل أنت تُوزِّع الفضل؟ بالعكس! ادع لأمة محمد كلها كما تدعو لنفسك، وقل أسعدهم في الدنيا والآخرة، اكفهم ما أهمهم، افتح عليهم فتوح العارفين، أعل منازلهم في أعلى مقامات عليين، يا الله! كما تدعو لنفسك، ادع لكل أمة محمد، ما الذي ينقصك أنت؟ هل أنت تُوزِّع الأرزاق الآن؟ هل تبخل؟ وأمام الله؟ وتظن أن الله سيستجيب لك؟ لن يستجيب لك، لا! فهذا دين عظيم، وقلت لك هذا الدين يجعلك تصير شيئاً عالياً ورائقاً وصافياً جداً.

فالمُهِم إذن الطاعة هي ماذا؟ السبب. تُعطيك النسب، ما النسب؟ المعرفة. احفظها! الطاعة والمعرفة، السبب والنسب. نسبك مع الله معرفتك بالله، على قدر معرفتك بالله! وعلى قدر معرفتك بالله – لا إله إلا هو، جل وعز – تنتج ماذا؟ الخشية والمحبة والإنابة والتوكل والثقة والاعتماد و… و… و… إلى آخر المعاني. وبعد ذلك يأتي ماذا؟ الميراث. لأن عندي النسب، هل عندك نسب؟ يُوجَد إذن ميراث. ولذلك مَن عنده هذا النسب الإلهي، يُعظِّم الله – تبارك وتعالى – حظه من الكتاب، ليس أنه يحفظ حروفه، لا! يُفتَح عليه في معانيه وبواطنه، وهذا قرآن يا حبيبي، هذا ليس فقط لا يخلق من كثرة الرد، بل لا تنقضي عجائبه أيضاً.

وحدَّثتكم قبل أسابيع على المنبر بقصة الشيخ محمد أمين كفتارو – رضوان الله عليه -، لما أخذ العهد من شيخه أبي شمس الدين عيسى الكردي – قدَّس الله سره -، وهو العلّامة الكبير والرجل الصالح، صاحب العلوم! قال له يا سيدي هناك شيئ غريب، أنا كنت أقرأ في اليوم كذا وكذا جُزءاً من القرآن الكريم. قال له نعم. قال له والآن أبقى سحابة نهاري في آية واحدة. قال له لماذا؟ قال له أقرأ، فيُفتَح لي من معانيها، أُعيدها، فيُفتَح لي من معانيها. معانٍ جديدة! قال له وهكذا طيلة اليوم. ابتسم الشيخ، وقال له هو هذا، هو هذا. هنا أنت دخلت جنة المعارف الإلهية، ليس علم الكُتب وقال فلان والنحو والصرف، هذا علم إلهي! لأنك أصبحت موصولاً بالله حقاً، عبداً ربانياً.

إذن ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۩، انظر إلى الترتيب الآن، رتبهم رُتباً، وبدأ بالظالم، قال لك فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ۩، نعوذ بالله من هذه الرُتبة وأهلها، وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۩، وأيضاً الاقتصاد افتعال، أليس كذلك؟ قصد، ولكن هذه ليست من حروف الإطباق، عادي! اقتصاد، لا تُوجَد مُشكِلة، اقتصاد! لم نقل اقطصاد. أرأيت؟ بقيت تاء الافتعال، افتعال! من قصد، والقاف ليست من حروف الإطباق، القاف حرف مُستعلِن، أليس كذلك؟ حرف من حروف الاستعلاء، ولكنها ليست من حروف الإطباق، وحقه التفخيم، وحقه التفخيم! هناك حق ومُستحَق، أي هذا مُستحَقه بصراحة، مُستحَقه أن يُفخَّم.

المُهِم أنه قال مُّقْتَصِدٌ ۩، افتعال من القصد، والقصد ما هو؟ ركوب الوسط. أي انتهاج النهج الوسط، اتخاذ الخُطة الوسط، بين إفراط وتفريط، بين وكس وشطط، بين يمين وشمال، بين ظُلم للنفس وبين سبق بالخيرات. اقتصاد! لا هو سابق بالخيرات – اللهم اجعلنا منهم -، ولا هو ماذا؟ ظالم لنفسه. هناك سابق بالخيرات وهناك ظالم لنفسه، وهذا مُقتصِد، جاء أين؟ في الوسط. افتعال من القصد! والنبي قال والقصد القصد تبلغوا. أي تصلوا إلى الغاية، ما معنى تبلغوا؟ تصلوا إلى الغاية، التي يُتسابق إليها. هم كلهم ذاهبون، وأنت تصل قبلهم، وهذا إذا أخذت بالقصد، أي لا تكلف من الأعمال إلا ما تُطيق، توسَّط! لا تزد، إذا زدت كثيراً، فسيكون من المُمكِن أن يُقطَع بك، أنت ستيأس بعد ذلك وينتهي الأمر، كأن تقول لا، أُريد أن أقوم الليل، وبعون الله سوف أقوم خمس ساعات، وكذا وكذا. نعم! سوف تعمل هذا لأسبوع، وبعد ذلك سوف تتوقف، وسوف تقول أنا تعبت يا أخي. لا! ابدأ برُبع ساعة أو بنصف ساعة، ثم ارتق شيئاً فشيئاً، وكُن دائماً هكذا، القصد القصد. هل هذا واضح؟ إذن وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۩.

۞ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ۞

قال وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ۩، ثم قال في الآية التي والتها جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ۩، كلهم؟ ثلاثتهم؟ سوف نرى، فيها خلاف كبير، لماذا إذن؟ الضمير الآن في يَدْخُلُونَهَا ۩ – الواو هذه، أي واو الجماعة – هو الفاعل طبعاً، فهل هذا يعود على الثلاثة (على الثلاثة الأصناف: الظالم والمُقتصِد والسابق) أم على السابق فقط أم على السابق والمُقتصِد دون الظالم؟ ثلاثة أقوال، وبكلٍ قال علماء وأئمة، بكلٍ قال علماء وأئمة!

منشأ الخلاف هو تعريف الظالم، مَن الظالم لنفسه؟ إذا قلت الظالم لنفسه هو الكافر أو المُنافِق عقدياً، فحتماً لن يدخل، ومن ثم ستكون يَدْخُلُونَهَا ۩، عن مَن فقط؟ عن السابقين، أو السابقين والمُقتصِدين، وهذا الأرجح طبعاً. أما الظالم فلا يدخل، لماذا؟ لأنه كفر ونافق، كفر ونافق! قد يقول لي أحدكم كيف هذا إذن؟ الله قال اصْطَفَيْنَا ۩، فكيف هو داخل في هذا؟ قال لك لا، هنا لا يكون داخلاً في المُصطفين، هو داخل في العباد، اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۩، ومن عبادنا ظالم. وهناك مُقتصِد. وأنا لا أقبل هذا، هذا فيه تفكيك وتشتيت للضمائر وللعود، لا! بلاغة القرآن طبقة أعلى بكثير، تنبو عن مثل هذا التشتيت بصراحة والضعضعة في التفسير، لا! ليس صحيحاً.

الظالم لنفسه ليس المُنافِق وليس الكافر. وهذا رأي جمهرة الصحابة ورأي جماهير المُفسِّرين. قالوا الظالم لنفسه ليس المُنافِق عقدياً – وهو مَن؟ يكتم الكفر ويُظهِر الإيمان. وهذا كافر طبعاً، أي الزنديق – وليس الكافر، هو شيئ آخر. هل هذا واضح؟ وسوف نرى ما تعريفه! وهؤلاء – أي الذين قالوا به – ستة من الصحابة، ستة من كبار الصحابة! ثبت عنهم هذا، سادتنا: عمر، وعثمان، والصدّيقة عائشة، وابن مسعود، وأبو الدرداء، وعُقبة بن عامر – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين -. ستة من كبار الصحابة قالوا هذا، قالوا الثلاثة الأصناف داخلون في الأمة المُصطفاة، والظالم من الأمة المُصطفاة، والثلاثة الأصناف ناجون ومن أهل الجنة – بإذن الله تعالى -. وقد قلت لكم هذه بُشرى، هذه آية بُشرى! كلهم من أهل الجنة، كلهم من أهل ماذا؟ الجنة.

وروى أسامةُ – أُسامةُ بن زيد، رضيَ الله تعالى عنهما -، قال قرأ رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – هذه الآية، ثم قال من هذه الأمة. أي الثلاثة! وكلهم في الجنة. قال الثلاثة من هذه الأمة، أمتي! أي أي أمة؟ أمة الإجابة. النبي مبعوث للمُسلِمين أم للعالمين؟ للعالمين. ولكن العالمون كلهم أجابوا؟ لا، نحن أجبناه. فله أمتان إذن: أمة الدعوة، وأمة الإجابة. ولذلك قال والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودياً كان أو نصرانياً، ثم لم يُؤمِن بي، إلا كان حقاً على الله أن يُدخِله النار. كيف من هذه الأمة؟ أمة الدعوة. لأنه مُرسَل للناس جميعاً، وهذه أمته، هذه أمة ماذا؟ الدعوة.

هل هؤلاء أمة الدعوة؟ لا، ليس لهم بُشريات يوم القيامة، لهم نار، أي الذين لم يُجيبوا، ومَن أجابوا منهم وقالوا بلى، ومحمد رسول الله. واتبعوه، صاروا أمة ماذا؟ الإجابة. هل هذا واضح؟ ولذلك الله يوم القيامة يسأل محمداً – صلوات ربي وتسليماته عليه وآله – ويسأل كل الأنبياء، مَاذَا أُجِبْتُمْ ۩؟ أمة الإجابة! يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ۩ في آخر المائدة، في آخر المائدة مَاذَا أُجِبْتُمْ ۩، ومحمد يقول له أمتي أجبتني، وهم هؤلاء، هؤلاء يا ربي أتوا معي، وهم يمشون تحت رايتي – اللهم اجعلنا منهم يا رب، من مُقدّميهم يا رب وسابقيهم -، هؤلاء معي. وهؤلاء لهم بُشريات ولهم مُعامَلة خاصة. يقول له وهؤلاء – أي الآخرون، البشرية كلها من يوم ما بُعث محمد إلى يوم يرث الله الأرض ومَن عليها – رفضوني وسبوني وسخروا مني وصوروني في كاريكاتير Caricature وتطاولوا على بالدعايات. فانتهى الأمر إذن وذهبوا، قصة كبيرة هذه!

المُهِم هذا هو، نرجع، إذن هؤلاء – قال لك – من هذه الأمة، وكلهم في الجنة. قال عمر – رضوان الله تعالى عليه – وهو من الستة الذين ذكرت، قال سابقنا سابق. اسم على مُسمى، وهو سابق! أي سيسبق إلى الرضوان والرحمة وجوار الرحمن، إلى الرضوان والجنة وجوار الرحمن، سابقنا سابق! ومُقتصِدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له. الله! جميلة، بُشرى هذه، بُشرى! ولكننا سوف نرى مَن الظالم، هذا هو، مَن الظالم؟ لأن هذا شيئ مُخيف ويقشعر البدن، هذا الظالم! والله بدأ به، أي ذكره في البداية، بدأ به!

كعب الأحبار ماذا قال؟ قال تساوت مناكبهم ورب الكعبة، واقتسموها بأعمالهم. قال الثلاثة من أهل الجنة، وكلهم سوف يزدحمون ويدخلون، ولكنهم سوف يقتمسونها بالأعمال طبعاً، هذا هنا وهذا هنا وهذا هنا وهذا هنا (في مراتب تتدرَّج من الأسفل إلى الأعلى).

اليوم كنت أقول لبعض الإخوة الآتي عن يوم القيامة، وذلك حين نكون في الجنة – إن شاء الله -، أي يا ربي لا نُريد أن نكون في النار، وهذا أهم شيئ، أهم شيئ أن ندخلها، هذا أهم شيئ، أهم شيئ أن ندخل وبعد ذلك لن تكون هناك مُشكِلة، بصراحة أهم شيئ أن ندخل وفقط، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ ۩، انظر، العملية صعبة نوعاً ما، وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۩، الله هو مَن يقول لك فَازَ ۩. وهذا ليس في ماتش Match كرة أو في امتحان دنيوي. الله قال لك لك فَازَ ۩، في امتحان الأبد! الله قال لك هذا اسمه فوز وعظيم أيضاً، فوز وعظيم! فَمَنْ زُحْزِحَ ۩، أي العملية ليست بهذا القدر الكبير من السهولة، فَقَدْ فَازَ ۩.

فكنت أقول لأحدهم حين نكون في الجنة، وننظر هكذا إلى أعلى، قدر نرى شيئاً مثل النجم – كما قال النبي – الغارب في السماء، هذا نجم بعيد، ونحن نراه بمقدار عقلة الأصبع، قد عقلة الأصبع، مثل (البريزة)، وهو فوق جداً، فتقول ما هذا؟ يقول لك هذا قصر الإمام الطبري. الطبري! مَن الطبري هذا؟ هذا أبو جعفر بن  جرير، وهو كذا وكذا. وهذا ماذا كان؟ من أئمة الدين. ما معنى أنه من أئمة الدين؟ هذا الذي حفظ هو وأمثاله على أمة محمد دينهم يا حبيبي، أنت كنت تأكل وتشرب وكنت مبسوطاً مع النسوان والمراكب والسيارات، وهذا كان ليل نهار في العلم، لمدة ثلاثين سنة، كان في رحلة طويلة من بلد إلى بلد، ومن بلد إلى بلد، ومن بلد إلى بلد. وكان يمر عليه أربعة أو خمسة أيام دون أن يأكل أي شيئ، لم يجد هذا المسكين شيئاً، افتقر حين كان طالب علم، ليل نهار في العلم، مات وهو يتعلَّم، وهو شيخ الإسلام، إمام الفقه وإمام الحديث والاستنباط، مات وهو يتعلَّم! كان في السياقة، وكان يتعلَّم مسألة في الجدات، في علم المواريث! من واحد اسمه أبي الحسن الفرضي، قال له علِّمني. فقال له واحد يا إمامنا أهذا في السياقة؟ في السياقة؟ أنت سوف تموت، لن تكتبها ولن تُعلِّمها لأحد، ها أنت تموت. وكان يُنزَع، يُنزَع! تخرج نفسه، فقاله لأن ألقى الله وأنا بها عالم أحب إلىّ من أن ألقاه وأنا بها جاهل.

كانوا يأخذون العلم ديناً فعلاً، بجدية! ليس مثلنا، هناك عضلات وكذا، والشيخ والأستاذ والعلّامة والدكتور ومُؤلَّفات وحقَّق وكذا، وهذا الكلام الفارغ! كانوا يأخذونه ديناً، مثل العبادة، كيف تقوم وحدك لكي تُصلي الضُحى وقيام الليل؟ تتقرَّب! وهو يتقرَّب إلى الله بالعالم، وهو عارف.

فكنت أقول لأخي هذا لولا هذا العلم، كان من المُمكِن أن نكون اليوم عبيد الزهرة، وعبيد محمد، وعبيد عليّ، وعبيد عمر، وكان من المُمكِن أن نُحوِّل أبا بكر إلى صنم كبير، وكذا وكذا، ومن ثم كنا سنصير أسوأ من النصارى، أليس كذلك؟ كنا ثلثنا وربعنا وخمسنا، كنا خرَّبنا كل شيئ، أليس كذلك؟ هؤلاء الذين حفظوا لنا ديننا كما هو، الأسانيد والمتون والروايات والمعاني، فالطبري هذا باقعة من بواقع الدهر في اللُغة العربية، أُعجوبة! يُذكِّرك بابن عباس، وانظر إلى تفاسيره، انظر إلى تفاسيره! عنده كتاب لم يصلنا في القراءات، توجيه القراءات! وأنتم تعرفون القراءات طبعاً، هناك العشرة، وهناك الأربعة، وبعد ذلك هناك ما هو أكثر من هذا، فهناك شواذ كثيرة جداً، هو عنده كتاب يُوجِّه القراءات، لماذا القراءة هذه هكذا؟ ماذا يشهد لهذه القراءة من الكذا؟ ما الذي يشهد ضدها؟ وكذا وكذا، قال الشاعر، قال الناثر، وقال كذا وكذا. عشرون مُجلَّداً، أُعجوبةَ، أُعجوبة! فهذا الطبري، فطبعاً لا يُمكِن أن ترى أنه مثلك وتقول هذا هو، هذا الطبري. ما أحلى هذا! لا يا حبيبي، أنت ستكون هنا وهو سيكون في مرتبة عالية جداً، وستقول هذا قصر الطبري، هذا الطبري. ولكن – الحمد لله – الجنة ليس فيها حسد، وإلا كانت ستصير طبعاً صعبة علينا، ليس فيها حسد، وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ۩، هل هذا واضح؟ في الحجر. لا يُوجَد غل – الحمد لله -، وسوف تفرح، لكن هذا ضاع عليك، بصراحة! هو فوق وأنت تحت، ضاع عليك هذا، انتهى! ولا يُوجَد دور ثانٍ، ضاع عليك، ولذلك مَن أراد أن يجتهد، فليجتهد الآن، فليجتهد الآن في العلم وفي العبادة وفي الصلاح وفي التوبة، أول شيئ التوبة، قم بتوبة صادقة حقيقية، انتهى وكفى، كفى! كفى لعباً، وأنت أضعت عمرك، دع هذا. و(نيالكم) أنتم أيها الصغار، أحسدكم وأقول (نيالكم)، قدامكم مشوار – إن شاء الله – طويل، الحقوا وابنوا على أساس صحيح – بعون الله تعالى -، أدركوا ما لم نُدرِكه نحن، بصراحة! لأننا أضعنا أعمارنا في أشياء فارغة.

نرجع، الآن هناك من المُفسِّرين مَن قال الظالم لنفسه هو الذي رجحت سيئاته بحسناته، والمُقتصِد هو الذي تساوت حسناته وسيئاته، والسابق هو الذي رجحت حسناته بسيئاته. الحسن البِصري قال وكلهم في الجنة. وفي القلب من هذا شيئ، وهل يثبت عن أبي سعيد أو لا يثبت؟ الله أعلم. في القلب من هذا شيئ، ولابد أن يُؤوَّل.

الظاهر أن المُقتصِد يا إخواني من أصحاب اليمين، وهذا لا يُقال إنه استوت حسناته وسيئاته. لا! بالعكس، هذا أيضاً رجحت حسناته – أي المُقتصِد – بسيئاته – بإذن الله تعالى -، فإذن ما فضل السابق عليه؟ السابق رجحت كفت حسناته رجحاناً عظيماً، حتى كأنه لا سيئات له. هذا هو! فأكيد السابق عنده سيئات، لأنه ليس نبياً، لكن ما حجم السيئات إذن؟ قليلة جداً. انظر، ما أحلاه يا أخي! وستقول لي بالله عليك ماذا عن وضع واحد مثل الإمام بدر الدين الحسني؟ هذا الذي أحكي عنه دائماً دائماً دائماً، أتقرَّب إلى الله بذكره ونُطق اسمه، لأنه قريب منا، وهناك مَن هم مثله طبعاً، في الناس الذين ذهبوا قديماً، ولكن هذا قريب منا، لأنه مات من زُهاء ستين أو سبعين سنة، تُوفي عام ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين، لم يمر عليه مائة سنة، هذا كل يوم يقوم بثمانين ألف صلاة على النبي، وفي بعض المرات يُعطي ستة عشر درس علم في اليوم، الغُرفة التي كان يُدرِّس فيها العلم الديني عبر ثلاثين سنة – قال لك – لم يُذكَر فيها شيئ غير الدين والخير، ممنوع أي شيئ من الدنيا، ممنوع أن تذكر فيها هذا ولو كنت أكبر عالم، ممنوع! كأن تقول له – مثلاً – الثوب هذا كذا وكذا. ممنوع، ممنوع! الكلام فقط في الدين، وكأنها محراب، هكذا هو عملها، تخيَّل! في حياته لم يغتب أحداً، في حياته لم يسمح لأحد أن يغتاب أحداً عنده، في حياته! فما هذا؟ ما هذا؟ ما هذا؟ ملك هذا، ملك يمشي على الأرض هذا. سوف تقول لي عنده سيئات؟ والله أستحي من الله أن أقول عنده سيئات، أستحي – أُقسِم بالله – أن أقول نعم، عنده. أستحي! إذا عنده، فكم مقدارها؟ قليلة جداً وصغيرة، في حجم كف اليد، يُمكِن أن تجد زُهاء عشرين أو ثلاثين أو مائة أو مائتي سيئة من الصغار، هكذا هي صغيرة، ربما خزر لأحدهم بعينه هكذا قليلاً، فخاف هذا وما إلى ذلك، أي أشياء بسيطة، حسنات الأبرار سيئات المُقرَّبين. بالنسبة لك قد تكون هذه حسنة في الوقت التي هي فيه سيئة عنده، وحسناته جبال، جبال، جبال، جبال! ما هذا؟ حسنات الإمام الحسني – يقول لك -. أوه!

وماذا عن أبي الفتح محمد بن دقيق القشيري؟ شيخ الإسلام ابن دقيق العيد، شيخ المالكية وشيخ الشافعية في عصره – رحمة الله تعالى عليه -، الإمام والولي الصالح، كان يمشي على الماء، شيخ الإسلام يمشي على الماء، وهذا من كراماته، شيئ رهيب! هذا الذي قال مرة إني أحتسب على ربي – تبارك وتعالى – أن صاحب الشمال من أربعين سنة لا يجد ما يكتبه علىّ. يا الله! وشيخ الإسلام، هذا ليس واحداً هكذا، يقول أُقسِم عليك يا الله وهو ليس بهذه المنزلة، هذا شيخ الإسلام، ابن دقيق هذا، هذا من كثرة ما كان ورعاً في الكلام ودقيقاً جداً جداً – كان يخاف من أن يكذب في الكلام، فماذا كان يعمل؟ -، كان يُخاطِب الناس كلهم بــ يا إنسان، يقول يا إنسان، يا إنسان، يا إنسان. ومَن الذي كان يُقلّده في المسألة هذه؟ مولانا وسيدنا الشيخ عبد الله سراج الدين المُعاصِر – قدَّس الله سره -، دائماً في كل دروسه يقول يا إنسان، يا إنسان، يا إنسان. مُتأثِّر به، أكيد، أكيد مرت عليه هذه.

وحتى الظاهر بيبرس – ولك أن تتخيَّل هذا – وهو ملك مصر والسُلطان العظيم الذي انتصر هو وقطز على المغول الملاعين هؤلاء، حين قعد معه، قال له يا إنسان. بيبرس صُدم! لم يقل له يا ملك وما إلى ذلك، قال له يا إنسان، يا إنسان كذا وكذا. قالوا له لماذا؟ قال حتى لا أكذب. لو قلت له يا أيها الملك، قد لا يكون مُستحِقاً عند الله المُلك، ربما لو قلت له يا أخي، قد لا أكون مُعتقِداً أخوته بنسبة مائة في المائة، ربما لو قلت له يا أيها الشيخ، قد لا يكون شيخاً عند الله، لا يستحق لقب المشيخة! والأمر نفسه مع يا فقيه، ولكنه كان يقول فقط للباجي يا فقيه. وللعز بن عبد السلام (سُلطان العلماء) يا شيخ. فقط! هذان الاثنان استثناء، يقول لهذا يا فقيه، ويقول لهذا يا شيخ. والبشر كلهم يقول لهم يا إنسان. هذا ابن دقيق! وها هو يقول لك إني أحتسب على ربي – تبارك وتعالى – أن صاحب الشمال من أربعين سنة لا يجد ما يكتبه علىّ.

وإلا لماذا أنا أقول لكم هذه الأمة عظيمة؟ وهذا الذي يُعطينا ثقة مُطلَقة برسول الله، ومن ثم بالله، صاحب هذا الدين – لا إله إلا هو -. هذا ليس رسولاً، هذا ليس محمداً، هذا ابن دقيق العيد، وهذا بدر الدين الحسني، يا الله! يا الله! يا ربي! تَلاميذك، أحبابك، أتباعك، أمتك يا رسول الله هكذا؟ معناها أنت ماذا كنت؟ أنت ماذا كنت؟ معناها ما السر الذي عندك؟ ما سر رسول الله؟ ما نوره؟ ما منزلته؟ زُلفاه عند الله ماذا كنت؟ شيئ  – والله العظيم – يا إخواني يُحيِّر، يشت العقل فيه. وهؤلاء على فكرة كلهم عند رسول الله مثل الأطفال، تخيَّل أنت ابن دقيق العيد والأئمة الأربعة – مثلاً – والأقطاب الأربعة المشاهير والإمام الحسن، هؤلاء عند رسول الله مثل أطفال في المهد، يقعدون هكذا ويطلبون منه، يقولون له يا رسول الله، يا رسول الله ادع لنا، يا رسول الله كذا وكذا. مثل الأطفال! وهو يقول لهم يا أبنائي كذا. أو يقول لأحدهم يا بُني كذا، يا بُني كذا وكذا. أوه! معناها ما الرسول هذا يا أخي؟ ما الرسول؟ لا حرم الله مُؤمِناً من رؤيته في الدنيا – إن شاء الله -، وليس فقط في الجنة، أي في المنام على الأقل، هذا أقل المقامات، أن يُكرِمك الله بأن تراه – عليه السلام -.

فهذا السابق، فالسابق رجحت كفة حسناته بكفة سيئاته، ولكن رجحت كيف؟ جبال رجحت، جبال رجحت بمنديل! سيئاته منديل، منديل! سيُقال حطوا سيئاته في كفة السيئات، حطوها! حطوا السيئات، فتأتي الملائكة، ويأتي صاحب الشمال، ويقولون سنبحث عن أي شيئ، أين هذا؟ ليس عنده سيئات، سنبحث عن أي شيئ، لا تُوجَد سيئات! ثم يتضح أن هناك أربع أو خمس سيئات، فيحطونهم هنا، هذه هي السيئات يا ربي، وأما الحسنات فهناك ربما ملائكة تتعاون عليها، يُقال من كثرتها ائتوا بها، ائتوا بها، ائتوا بها، حطوا، حطوا. الله، الله، الله! اللهم اجعلنا منهم، هل فهمت كيف؟ هذه البطولة، فكِّر دائماً هكذا، فكِّر هكذا، لا تظل تُفكِّر في الدنيا، لا تقل هذا عنده كذا وأنا أُريد أن أصير أحسن منه. ما الهبل هذا؟ هو ميت وأنت ميت، والكل سيذهب، هذا كلام فارغ ولا يستأهل، أُقسِم بالله لا يستأهل، لا تنظر إلى هذا، وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۩، هل تعرف الزهرة؟ ائت بها، بعد حوالي خمس ساعات تذوب وتذبل، مع الشمس الكثيرة تذهب، حين تفركها بيدك تذهب، والأمر نفسه حين لا يُوجَد الماء، تذهب! والدنيا على هذا النحو، زَهْرَةَ ۩! وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا  ۩، زينة! الله قال زينة هذه، أوراد! فإياك أن تُفكِّر فيها، فكِّر في الآخرة دائماً، وعظِّم تفكيرك وهمتك في الآخرة وفيما عند الله، وخل الكلام هذا يبعث فيك حمية الغيرة وحمية التنافس الإيماني، وقل نعم، لماذا؟ فهل الحسن – قدَّس الله سره – وابن دقيق – قدَّس الله روحه الكريمة – ملكان؟ أي هل هما ملائكة ونحن بشر؟ هم بشر مثلنا، أليس كذلك؟ بشر مثلنا، والله العظيم! والذي أُتيح لنا – والله – لم يُتح لهم، والله! أنا أقول لكم – أُقسِم بالله – حياتنا أكثر راحة منهم، ونحن مكفيون أكثر منهم، عندنا طعام وشراب وملابس وأشياء تكفينا كما تعرف إلى ألف سنة لو كنا على شيئ من القناعة قليلاً، هل هذا ليس صحيحاً؟ وقل لي هذا ليس صحيحاً! ونحن عندنا كل شيئ، فلماذا إذن بحسب هذا المعنى تهلك نفسك؟

ماذا قال الإمام مالك؟ للأسف أدركنا الوقت، ولازلنا مع الآية الجميلة هذه، وهي تحتاج إلى مجالس طويلة، ومن ثم سوف نُكمِل غداً وبعد غد. الإمام مالك كان يقول كان مَن أدركت من الناس في مدينة رسول الله – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم – يأخذون في طلب العلم وتحصيل الدنيا – يطلبون العلوم، أي العلوم الشرعية وغيرها، وكذلك الدنيا، أي التجارات والمُعاوضات وهذه الأشياء – ما لم تأت على أحدهم الأربعون، فإن أتت عليه الأربعون – أي إذا صار عمره أربعون سنة -، ترك كل ما هنالك، ولزم العبادة، واستعد للموت ولقاء الله. قال كان الناس هكذا، هداهم الله. كان الناس في مدينة رسول الله مهديين من قِبل الله. هناك دنيا ومال وابن وأشياء وأولادك وزوجتك وكذا، نعم، إلى عند الأربعين، وبعد ذلك كفاية، انتهى! من سن السابعة عشرة وأنت تجمع، انتهى! خل البقية لك، عملت وجمّعت لأولادك ونسوانك، أليس كذلك؟ أكثر من عشرين سنة! خل ما بقيَ من عمرك للآخرة، تبقى عشرون أُخرى أو ثلاثون، خلها للآخرة. فهم كانوا يفعلون هذا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ۩، وسوف نُفصِّل أيضاً في هذا المعنى عند قوله تعالى في آيات مُوالية في نفس الصحيفة رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم ۩، أعطيناكم عمراً، عيشناكم أعماراً، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۩، الصحيح عند أكثر المُفسِّرين والعلماء والمُحدِّثين أن عمر التذكير ستون سنة، قالوا لك عمر التذكير ستون سنة. فأي واحد عاش ستين سنة، للأسف يوم القيامة لن يقدر على أن يفتح فمه – أي (بؤه) بالمصري وبالسوري – بعُذر أمام الله. حين يقول له يا رب كذا، يقول له اسكت، اسكت، اسكت، أغلق فمك.

بوَّب الإمام البخاري في صحيحه باب أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلَّغه ستين سنة. وساق حديث أبي هُريرة، عن رسول الله، بهذا المعنى. أن أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلَّغه ستين سنة. ولا يُمكِن أن تتكلَّم عندها، ستون سنة كافية، كان لابد وأن تتوب في أي يوم الأيام، أليس كذلك؟ ولم تتب، كان لابد وأن تُغيِّر وأن تُبدِّل، ولم تُغيِّر ولم تُبدِّل، ضاع عليك كل هذا، وليس عندك حُجة أمام الله.

وهذا الحديث أيضاً أنا فرح به، وكذلك هذه الآية التي نُفسِّرها، هل تعرفون لماذا؟ والله العظيم الله رحيم جداً جداً، ورحمته أكثر مما تخيَّلوا، معناها كأن الذي مات قبل ذلك – إن شاء الله – عنده شُبهة عُذر، أليس كذلك؟ قديماً كنا نقول كلاماً، وحين كنا نقوله كان القلب يتألَّم، كنا نقول الآتي:

هناك واحد أدرك الآن، حين استيقظ في الصباح هكذا وجد أنه مُحتلِم، أليس كذلك؟ وهو ابن ثنتي عشرة سنة، عمره ثنتا عشرة سنة! حين استيقظ وجد أنه احتلم، فذهب يسأل أبيه عن ما حصل، فقال له انتهى يا ابني، صرت مثلنا، مرحباً بك في نادي الرجال. فقال له ما نادي الرجال؟ فقال له نادي المُكلَّفين. فقال له ما معنى أنني من المُكلَّفين؟ فقال له لابد من الصلاة والصوم وكل شيئ، كل شيئ! ولابد من أن تملك لسانك، فانتبه. أوه! خاف هذا الولد الصغير، فقال له نعم، مثلنا! مثلك مثلي، أنا أبوك وعمري خمسون سنة، وأنت مثلي، وكله مكتوب عليك، هنا وهنا سيحصل هذا (أي على اليمين وعلى اليسار)، هذا الملكان يشتغلان ويكتبان ما تقوله، فانتبه.

ومات هذا الولد! أنا كنت أقول دائماً مثل هذا: مات هذا الولد بعد شهر، لو هذا كفر، ضاع بسبب كفره. لو هذا عمل سيئات رجحت بحسناته، ضاع بسبب هذا. أليس كذلك؟ كنا نقول هذا، والقلب كان يتألَّم قليلاً، تحس بأن هذا فيه شيئ، لكن الله قال لك لا، مَن قال لك هذا؟ أنتم تتوهَّمون هكذا، ولكن أنا لم أقل هكذا، أنا قلت هناك مُدة تعمير. أي الله يُعطيك مُدة (تنوص فيها وتلوص وتزوغ وتروغ وتخبص هنا وهنا)، ويقول لك هذا لا يهم. لكنه بعد ذلك يقول لك انتهى، عند الأربعين غيِّر وبدِّل. عندك من الأربعين إلى الستين عشرون سنة، كان لابد وأن تُحسِّن وأن تستدرك كل شيئ، ولكنك لم تعمل هذا، ومن ثم ضاع عليك كل هذا. ولكن هذا المسكين الذي مات بعد شهرين أو سنتين من إدراكه، وقلنا عنه إنه في جهنم وكذا، هو مُسلِم، إن شاء الله لا يكون مصيره كذلك، إن شاء الله سيكون له على الأقل لون عُذر أو لون حُجة عند الله، ورحم الله شبابه المغدور المسكين (الغلبان)، وربنا واسع رحيم.

ودائماً دائماً حاولوا أن تُحيلوا على رحمة الله. أسأل الله – تبارك وتعالى – أن يرحمني وإياكم بأوسع الرحمات في الدنيا والآخرة، وأن يغفر لنا ما كان منا في الزمان الأول، وأن يُحسِن إلينا فيما بقيَ من أعمارنا، إنه ولي ذلك.اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله، عدد كمال الله، وكما يليق بكماله. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۩ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۩ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩.

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: