وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ۩ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ۩ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ۩ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ۩ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ۩ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ۩ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۩ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى ۩ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ۩ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ۩ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ۩ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ۩ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ۩ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ۩ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى ۩ تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ۩ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى ۩ أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى ۩ فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى ۩ وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى ۩ 

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه كما يُحِب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين المُحسِنين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۩، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً. اللهم آمين.

أما بعد، أيها الإخوة الأحباب، أيتها الأخوات الفاضلات:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيكون موضوع هذا الدرس – إن شاء الله تبارك وتعالى – أشبه بتهميشات على خُطبة أمس، فقد ذكرت ربما في تضاعيف وأنحاء الخُطبة مجموعة من المسائل، أشرت إليها إشارات مُقتضَبة وسريعة، على أمل – إن شاء الله – أن نُحاوِل التوسع في بعض هذه النقاط في مُناسَبة أُخرى، فلعل هذا الدرس – إن شاء الله – يكون مُناسَبة لتناول بعض هذه النقاط.

من هذه النقاط النُقطة الأولى التي أشرت فيها إلى أنه لا يُمكِن للمرء – وإن كان هذا المرء عالماً فذاً أو فيلسوفاً استثنائياً أو نابغاً كبيراً – أن يقف موقف الإلحاد والجحود والإنكار إلا بعد أن ينتحر عقلياً، لابد في البداية أن ينتحر عقلياً، بمعنى لابد أن يُثبِت أنه مجنون، وبعد ذلك يُمكِن الإلحاد.

هذا الذي خلصت إليه طبعاً بعد دراسات مُكثَّفة وكثيرة جداً جداً وبعد عمر من الزمان، فعلاً الإلحاد هو انتحار عقلي، وأشرت أن في مثال إلى الفيلسوف الألماني العدمي الكبير – هو أكبر فيلسوف عدمي في وقته على الأقل – فريدريك أو فريدريش – كما يقول الألمان – نيتشه Friedrich Nietzsche، هذا الفيلسوف العالمي المُلحِد الذي تجاسر أن يصيح صيحةً لم يتجاسر مَن أتى قبله ولا مَن تلاه على أن يقولها بمثل هذه الفظاظة وبمثل هذا الوضوح العدمي: الله مات Gott gestorben، قال الله ميت، الله مات! وطبعاً بلا شك يُمكِن أن يُصنَّف هذا الرجل على أنه فيلسوف مُلحِد، والفلاسفة المُلحِدون كثيرون، لكن على كل حال ليست هذه هي النُقطة التي نُريد أن نستوعب الحديث فقط فيها، لكن أُحِب فقط أن أُثبِت هذه القاعدة من خلال هذا المثال الأنموذجي لفيلسوف مُلحِد عملاق، بلا شك لم يكن إنساناً عادياً أو إنساناً بسيطاً، بالعكس! هو واسع الدراسة وواسع الدائرة – كما يُقال – المعرفية بلا شك، وهو فيلسوف مُقتِدر، فيلسوف سبق زمانه، على الأقل هو التقط خط الفكر وخط الروح إذا استعرنا لُغة هيجل Hegel، فهو كان يُسميه Reason or spirit of world، أي عقل أو روح العالم، لكنه طبعاً انتهى إلى نهاية غير التي خطَّط لها هيجل Hegel نفسه، نهاية مُختلِفة تماماً!

هو التقط هذه الروح أو هذا الخط وأدرك أن الحضارة الغربية تسير في هذه الطريق العدمية، ولذلك هو بلُغة الدارسين المُتخصِّصين أول فيلسوف ما بعد حداثي، أي أول فيلسوف عدمي، لأن ما بعد الحداثة الآن تعني العدمية، تُعادِل العدمية تماماً! فقد كان أول فيلسوف فعلاً ما بعد حداثي، تخطى عصره كما أشرنا في أكثر من مُناسَبة، وقال على البشرية أن تنتظر طويلاً – في روايات خمسين وفي روايات مائة سنة قال – حتى يستوعبوني، حتى يفهموني، وفعلاً لم يفهموه، حين كان حياً لم يُفهَم، ووظيفته – كما أشرت مرة – لم يستطع أن يرتزق منها، لم يستطع أن يكسب عيشه من كُتبه، يطبع أعداداً مهولة ولا تُباع، الناس لا يفهمون هذه الطريقة!

وهو ليس فيلسوفاً مذهبياً، إذا أردنا أن نبحث في أنحاء كُتبه عن مذهب أو معالم مذهب – نظام تفكير مُتكامِل، نظام يُفسِّر كل شيئ في الوجود كما عند أرسطو Aristotle وعند أفلاطون Plato وعند كانط Kant، وغير هؤلاء من الفلاسفة المذهبيين أصحاب النُظم الفلسفية الكُبرى وخاصة الفلاسفة الماورائيين أو الميتافزيقيين – فلن نجده، لن نجد له مذهباً.

طريقته حتى في الكتابة خلا الكُتب المُتأخِّرة هي طريقة الفقر، في آخر كُتبه بدأ يكتب بطريقة Systematic، بطريقة فعلاً مُنظَّمة وطريقة فيها نفس أطول، ليس نفساً طويلاً لكنه نفس أطول من قبل، فكُتبه السابقة كلها بطريقة الفقر أو الفقرات، يكتب فقرة ثم يكتب فقرة ثم يكتب وهكذا، وتُسمى ويُشار إليها حين تُقتبَس – أي نعمل Quotation – بالفقرات، يُقال الفقرة رقم مائتين وأربعين من كتاب العلم المرح مثلاً، الفقرة رقم خمسمائة من كتاب هكذا تكلم زرادشت Zarathustra، إلى آخره! لكن ليس عنده مذهب، وهو لا يُحِب أصلاً أن يكون صاحب مذهب، هو يكره هذه الطريقة أصلاً في التفكير، طريقة الفلاسفة الماورائيين، هو يتنكَّر أصلاً لكل شيئ ماورائي.

طبعاً كما أشرت في دروس الفلسفة قبل بضعة أشهر ليس معنى الميتافيزياء أو الميتافزيقيا Metaphysics فقط عوالم الغيب كما يفهمها المِليون، أي الله والملائكة والجن والجنة والنار والصراط وما إلى ذلك، ليس فقط هذا، طبعاً هذا بلا شك من القضايا من الفلسفية، لكن هناك قضايا كثيرة جداً جداً في الوجود هي قضايا ميتافيزيقية، حين نتحدَّث عن فكرة الجوهر – الجوهر Essence مثلاً – نقول هذه فكرية ميتافيزيقية، وهكذا!

هو يُنكِر كل الميتافيزياء، يُنكِرها ويقول في فقرة من فقره كأن تاريخ الفلسفة – طبعاً الميتافيزيقية – هو تاريخ الأخطاء البشرية، كلها أخطاء – قال – هذه، كلها كلام فارغ، هلس فارغ، هذه هي الفلسفة، الفلسفة مُهتَمة بهذا الهلس وبهذا الكلام الفارغ الخالي من المعنى، وهذا تاريخ العقل الفلسفي، تاريخ من الأخطاء، كل شيئ الذهن لم يفهمه جيداً حوَّله إلى فلسفة، قال هذه هي الفلسفة، هكذا لم يعترف بالفلسفة الماورائية، ولذلك هو لا يعترف – مثلاً – بمفهوم الجواهر كما قلت، كان يُنكِر مفهوم الجوهر Essence، الجوهر الثابت لا يعترف به، يقول هذا كلام فارغ، هذه فكرة ميتافيزيقية ولا يُمكِن البرهنة عليها، وهي فكرة فارغة أصلاً، وكل ما في الوجود وكل ما في العالم هو صيرورة وتغير مُستمِر، كل ما في العالم!

طبعاً مثل هذه الفكرة التي تُنكِر الثبات وتُنكِر الجوهرية في الوجود بلا شك تشي وتبوح بما يُمكِن أن يتفرَّع منها ويُبتنى عليها، ما هو؟ (ملحوظة) أجاب أحد الحضور بقوله النسبية، فقال الأستاذ الدكتور عدنان إبراهيم النسبية في كل شيئ الآن، انتهى! لا تُوجَد مُطلَقات، أحسنت، لا مُطلَقات إذن، لا يُوجَد ثبات أصلاً، فإذن هنا تختفي حتى الإمكانية، تفقد الأديان حضورها وظهورها أخلاقياً، والأعراف والتقاليد تفقد إمكاناتها، تُصبِح غير مُمكِنة، لا تقل لي هذا حلال أو هذا حرام، هذا غير موجود أصلاً، لا يُوجَد أصلاً مفهوم الحرام، هو مفهوم زائف Falsch عند نيتشه Nietzsche، هذا غير موجود! ما الحرام والحلال هذا؟ عادات! طبعاً نيتشه Nietzsche هو أجرأ فيلسوف فعلاً تحدى الناس في عاداتهم وموروثاتهم وتقاليدهم وسوائدهم – جمع سائد، الأفكار والقناعات والأشياء السائدة – طبعاً، أجرأ فيلسوف! حتى أنه تحدى الدين وهو المسيحية التي كانت ولا تزال، تحدى الدين المسيحي ذاته وألَّف كتاباً اسمه عدو المسيح، أي المسيح الدجّال، هو يعتبر نفسه عدو المسيح، قال المسيح هذا عدوي وأنا عدوه، شخصية ضعيفة – قال – هذا، شخصية ضعيفة! قال المسيح لم يفهم نفسه أصلاً، هو يُبغِض المسيح لأنه كان موجوداً، لكنه كان شخصاً زائفاً ضعيفاً وتخلَّق ودعا إلى أخلاق العبيد، وطبعاً نيتشه Nietzsche تحدَّث عن أخلاق السادة – Herren – وأخلاق العبيد، قال هذا دعا إلى أخلاق العبيد، وهو لم يفهم نفسه أصلاً، ولذلك سمح أن يُصلب على الصليب وأن يتحمَّل كل صنوف العذابات، كان من المفروض أن يتخذ موقفاً آخر، لم يقبل المسيح بالمرة، لكن كما أشرت في خُطبة قبل أسابيع – وهذا مُهِم جداً – نيتشه Nietzsche مُعجَب إلى حدٍ ما بالإسلام وبطريقة طرح الإسلام، وهذا شيئ يُسجَّل! ولذلك أنا أقول هذا الرجل عنده مُشكِلة مثل كل المُفكِّرين، وسنتخذ من هذه النُقطة بالذات أيضاً حُجة في نقاش هذا الرجل نفسه، سنُثبِت أنه لا يستطيع أن يتخلَّص من نفسه، هو أراد أن يتخلَّص من نفسه، وكما قلنا هو أراد أن يُلغي كل ثابت وكل ثابتة، لكنه لا يستطيع، هذه مُحاوَلة مثالية، وهو يكره المثالية لكنه مثالي على رُغمه، نيتشه Nietzsche مثالي على رُغمه، وطبعاً هذه مُحاوَلة مثالية، أن تتخلَّص من كل القناعات ومن كل المبادئ ومن كل الثوابت وتزعم أنك تُريد أن تُؤسِّس عقلاً إنسانياً ومنظومةً خُلقيةً أو معياراً في التقويم الخُلقي من خارج كل هذه الأشياء مُحاوَلة مثالية.

عنده كتاب اسمه Jenseits von Gut und Böse، أي ماوراء – أو بمعزل – الخير والشر، لا يُمكِن أن تقول له تفكيرك هذا شرير وهو يقودك إلى كذا وكذا، يقول لك ما الشر؟ ولذلك هو لا يعتبر نفسه غير أخلاقي، هو يرى نفسه لا أخلاقي، وأنا الآن سأُوضِّح لكم فكرتي عن انتحار العقل، هذه طريقة غير عقلية أصلاً، ضد العقل! طريقة مثالية عدمية، عكس ما كان يظن من نفسه، ولنأخذ هذا المثال ثم نعود إلى قضية المعرفة والعقل نفسه.

هو – مثلاً – يقول أنا لا أسمح أن أُوصَف بأنني غير أخلاقي، أي Unmoralisch، فــ Unmoralisch تعني غير أخلاقي، إنما أنا Amoralisch، أي لا أخلاقي، أي حيادي أخلاقياً، وحتى الحيادية تفسير غير دقيق، وأنا أشرت إلى هذا المُصطلَح من قبل، إلى الآن لم نُوفَّق حتى في ترجمة هذا المُصطلَح بشكل دقيق، لم يُترجِمة أي عربي إلى الآن بشكل جيد، صعب! الأحسن أن يُوضَع كما هو، حين تقول لي إنه حيادي هذا يعني أنه غير حيادي، لماذا؟ حيادي تعني أن عنده نُقطة يقف بينها، ميَّز أن هذا خير وهذا شر وقال أنا سأقف في النصف، غلط! ليست حيادية هذه، صعب! هذه الــ Immoralism بالإنجليزية أو الــ Unmoralismus بالألمانية، صعب أن يُفسَّر، هو هكذا مُصطلَح غريب، والآن سنُوضِّحه.

ما معنى غير أخلاقي ولا أخلاقي أو الحيادية الأخلاقية عند نيتشه Nietzsche؟ يقول أنا حين أعترف أصلاً بالمنظومة الخُلقية – أي منظومة خُلقية ثابتة أعترف بها – وبمعايير هذه المنظومة في تحديد وتعيين وتمييز الخير من الشر أو الشر من الخير ثم أُخالِف هذه المنظومة وأخرج عليها وأتحداها ساعة إذن أو حالة إذ يجوز ويسوغ لك أن تصمني بأنني غير أخلاقي Unmoralisch، طبعاً لأنني أعترف بشيئ وأُخالِفه، لكن أنا أصلاً غير مُعترِف بما هو سائد، لا أعترف بهذه الموازين وبهذه المعايير كلها أصلاً حتى تقول لي أنت غير أخلاقي، أنت فيلسوف غير أخلاقي، فلسفتك غير أخلاقية! أقول لك لا، الموضوع مُختلِف، كيف؟ يقول – هذا في كتابه إنساني أو أمور إنسانية، Menschliches, Allzumenschliches، أي إنساني أكثر من إنساني أو إنساني جداً، أمور إنسانية، إنسانية إلى أقصى حد، هكذا يُمكِن أن يُترجَم عنوان هذا الكتاب – إذا أردنا أن نخلق عن النُظم الأخلاقية السائدة لكي نُقارِنها بنُظم أخلاقية أُخرى كائنة أو كانت علينا أن نصطنع مثلما يصطنع السائح الذي يدخل مدينة أو بلدة جديدة ويُريد أن يتعرَّف على علو أبراجها، ما عليه في هذه الحالة إلا أن يخرج من المدينة، أي تترك كل المدينة أصلاً، مُستحيل وأنت فيها تستطيع أن تعرف أي برج أعلى وأي برج أوطى، لا تستطيع! هذه المدينة الأخلاقية، هذه عند نيتشه Nietzsche المعايير الأخلاقية أو النظام الأخلاقي، لابد أن تعزل نفسك عنه بالكامل أصلاً وتخرج عنه.

الآن السؤال – كلام مثالي هذا، تقول جميل وحين أُفكِّر فيه قد أجد أنه صحيح والله، لابد أن أكون فعلاً غير أخلاقي Unmoralisch لكي أقدر على أن أزن، لكنك لا تستطيع – هل يُمكِن أن يجوز ويُمكِن أن يسوغ أو يُسوَّغ بإزاء ظاهرة طبيعية – ظاهرة حسية مادية – ونسبية؟ اليوم سأتناول أيضاً جُزءاً من فلسفة كارل بوبر Karl Popper، حتى هذا غير مُمكِن، من أيام مبدأ عدم اليقين – Uncertainty principle – وهايزنبرج Heisenberg حتى في العلوم المادية التي تتناول المادة والظواهر الفيزيقية الطبيعية غير مُمكِنة الحيادية، كأن تقول لي سنعمل فاصلاً بيننا وبين كذا وكذا، مُستحيل! الباحث أصبح لا ينفك عن بحثه، مُستحيل! لا يُمكِن هذا، هذا وهم الموضوعية المُطلَقة النيوتونية، عالم الموضوع المُطلَق انتهى مع الفيزياء الحديثة هذه وحتى مع التقليدية أيضاً،  انتهى هذا، انتهى! صعب حتى في القضايا المادية، صعب! ستخرج أنت وترصد الظاهرة وتنظر إلى أشياء بعينيك أنت، ليس بعيني حصان أو نسر أو ملك أو إله – أستغفر الله العظيم – أبداً، وإنما بعينيك أنت كبشر، أين هذه إذن؟ أين هذه الحيادية المُطلَقة؟ صعب! أنت جُزء من بحثك، لا تستطيع أن تنفك عنه، والظاهرة تتأثَّر بك.

ذكرت في كلمة قريبة جداً تشبيه هايزنبرج Heisenberg، قال مثل هذه الظواهر هي مثل قطعة من الثلج، يتحسسها أو يتلمسها أعمى لكي يصفها، فما هو إلا أن يتحسسها حتى تفقد بعض خواصها، هذه ثلجة! كلما تحسسها أكثر تفقد خواصها، ويده قد يكون فيها وساخة وهي قطعة ثلج، فتذوب وتفقد بعض خواصها، إذا تدخلت يكون هذا صعباً جداً.

على كل حال هو يقول هذا، هو يُشير إلى فكرة المُقارَنة، تقول أُريد أن أُقارِن، إذن تُوجَد معايير، كيف تُقارِن؟ على أي أساس تُقارِن نيتشه Nietzsche؟ هذه هي العدمية، هو غير واعٍ بنفسه! على أي أساس سوف تُقارِن أنت؟ ولذلك أنا تعمَّقت في شخصية هذا الفيلسوف حقيقةً وفعلاً أحببت أن أفهمه، وجدت في النهاية أن مُشكِلته أنه مُتأثِّر إلى حد العشق بالمصادر اليونانية، وحتى بالميثولوجيا Mythology اليونانية، أُعجَب بها أشد الإعجاب، لأنها في جوهرها تُمثِّل ولو جُزئياً إرادة القوة، وهذا اسم كتاب له طبعاً، له كتاب اسمه إرادة القوة، فهي تُمثِّل إرادة القوة المُفعَمة بحس الحياة، وعنده الحياة قيم شيه مُطلَقة مع أنه لا يُؤمِن بالمُطلَقات، لكن عنده الحياة قيمة شبه مُطلَقة، أي نيتشه Nietzsche، وأعتق من أجل ذلك هو اهتدى إلى نظرية أو سخافة العود الأبدي، لن نشرحها اليوم!

المُهِم لا علينا من هذا، هو مُعجَب بالطرح اليوناني هذا إعجاباً شديداً إلى حد العشق، ومُبغِض بُغضاً شديداً للطرح الديني في التوراة والإنجيل إلى حد الاشمئزاز، يكره الدين المسيحي بشكل غريب جداً جداً، ويُحِب اليونان والفلسفة والميثولوجيا Mythology اليونانية التي أعلت من شأن الإنسان، لكن في الميثولوجيا Mythology اليونانية – وهذا شيئ مُهِم بالمُناسَبة، كيف؟ – ما هي وضعية الإنسان بإزاء الآلهة؟ لا أقول الإله وإنما الآلهة، بالعكس! وضعية الإنسان بإزاء الآلهة وضعية الصراع، هذا هو طبعاً، وهو يُدرِك هذا، وهذا انعكس على فكره بشكل واضح، هو يظن الآتي وقاله أيضاً بشكل مُحدَّد، قال طالما ظل البشر يُؤمِنون بقوة فوقهم وأعلى منهم وأعلم منهم وأفضل منهم لن يتقدَّموا، هذا عامل شلل قال، عامل وقف! لابد أن تُلغى هذه القوة حتى نتحرَّر، قال لأن هذه تُعتبَر أُفقاً أقصى، تُعتبَر سقفاً ونهايةً، فسوف تحدنا، والإنسان عنده قدرات غير محدودة – قال – والمفروض أن يُطوِّرها، فلابد أن ندفن هذا الإله وأن نُعلِن موته، حتى نستطيع أن نتحرَّر وننطلق إلى ما لا نهاية دائماً في المسيرة البشرية.

طبعاً هو مُتأثِّر في هذا بشكل واضح جداً جداً في الميثولوجيا Mythology والفكر الإغريقي اليوناني، والتي طبعاً يُمكِن أن تُلخَّص على لسان أحد الوجوديين المُحدَثين بقوله قل لي مَن يدعمك أقل لك مَن أنت، إذا كنت مدعوماً من البشر فأنت إنسان، إنسان عادي! إذا كنت مدعوماً من الآلهة فأنت بطل، هذا بطل يوناني! طبعاً لأن الإنسان في الميثولوجيا Mythology اليونانية كان دائماً في حال مُطارَدة وتعقب وسخط ولعنة من الآلهة، الآلهة تُصارِعه طبعاً، ويُصارِعها وتُصارِعه، فنيتشه Nietzsche مُتأثِّر بهذا الشيئ، طبعاً هذا الإله عنده! لكن ماذا لو سمع كلاماً – مثلاً – مثل كلام المُسلِمين الآن؟ بالعكس! الإله هو الذي دائماً يفتح الآفاق للإنسان ويعلو، وهو يفتح له آفاقاً بعيدة جداً جداً جداً أبعد مما يفتح نيتشه Nietzsche وكورت Curt وماركس Marx وداروين Darwin وكل هؤلاء المخبولين، آفاق أبعد بكثير!

أمس بعد الخُطبة قلت لأحد الإخوة – وذكرت هذا في أكثر من مُناسَبة – في سنة ألف وثمانمائة كان هيجل Hegel – الفيلسوف المثالي الألماني صاحب روح العالم – يكتب ويُدبِّج المقالات ويُناضِل بشراسة لكي يُثبتِ ويُبرهِن أن كواكب المجموعة الشمسية سبعة ولا يُمكِن أن تكون أكثر من سبعة، سبعة وانتهى! ولم يجف مداد حبره حتى اكتُشِف الكوكب الثامن وكانت فضيحة بجلاجل، ضاعت التأمليات والفلسفات والكلام الفارغ، ما هذا؟ الآن اتضح أن هناك ما هو أكثر من هذا أيضاً، لكن لا علينا، هذا محدود!

أوجست كونت Auguste Comte حدَّثتكم مرة عنه في خُطبة هامان، مُهِم جداً هذا، لأن هذا مُؤسِّس الوضعية التي تعتبر نفسها مَن تُكثِّف روح العلم، وتجعل معبود العصر هو العلم الآن، انتهت الأديان وانتهت الخُرافات والماورائيات، يُوجَد العلم والعلم فقط، كونت Comte نفسه هذا سيتحدَّث عن حدود ومجالات الاختصاص، قال علم الفلك المُهتَم بالأجرام السماوية العُلوية لا يُمكِن أن يكمل في شيئ بعد أو أكثر أو أزيد من معرفة أبعاد هذه الأجرام وأحجامها وأشكالها، تكوينها وخصائصها مُستحيل أن تعرفها قال، لا يُمكِن! لا يُوجَد إمكان، أنا حدَّدت هذا من الآن وأقوله لكم، هو هذا! لكن الآن – كما قلت في الخُطبة – أكثر من تسعين في المائة من علم الفلك المُعاصِر هو في الحدود التي جعلها كونت Comte مُستحيلة قبل مائة سنة، الأسترونومي Astronomy هو هذا، وهو يدرس الطبيعة الفيزيقية، وليس الفيزيقية فقط بل والكيمياوية أيضاً العنصرية للأجرام السماوية، وهي دراسة دقيقة جداً جداً ومن أحسن ما يكون، وهذا الآن الفلك، هذا هو الفلك بصراحة، صار موضوع الأبعاد والأحجام شيئاً سخيفاً، يشتغل فيه أطفال صغار، لا شيئ هذا، ليس هذا العلم، فتفضَّل إذن، ما الآفاق هذه؟ أليس كذلك؟ ورأينا في الخُطب كيف قال علماء كبار جداً – لن نُعيد ما في الخُطبة – بريطان وأمريكان – علماء رياضيات وفلك طبعاً، خاصة الفلك – مُستحيل، فكرة السفر إلى الفضاء مُستحيلة، ودبَّجوا أيضاً دراسات ومقالات وأشياء كثيرة جداً جداً، ليُثبِتوا الاستحالة، علمياً قالوا، لكن مَن يقول هذا ليس عنده أي مزاج علمي، ونحن نرى أن الدين يقول لا، لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ۩، سوف تسكنون السماوات أنتم أيضاً، سوف تصعدون إليها وتسكنونها، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ۩، هذا يعني أنها إشارة واضحة إلى أن سيأتي علينا زمان نسكن في السماوات، والله قال أيضاً أنتم في القبضة، ما الذي حصل؟ أنتم في قبضتي، إشارة واضحة جداً! قال لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ۩، حين تعرفون القانون ستنفذون، وعد! سيأتي اليوم هذا، مثل هذا التفكير لو سمع به نيتشه Nietzsche لغيَّر موقفه بالكامل، ولقال نعم، الإله الذي بالطريقة هذه والذي يفتح لي كل هذه الأبواب لابد وأن أُغيِّر موقفي منه، وهو موقف شاعري بصراحة، ليس موقفاً فلسفياً وليس موقفاً عقلياً، إنما هو موقف شاعري، فهو مُتأثِّر، قال أحد المُفكِّرين الأفاضل – الدكتور عليّ شريعتي رحمة الله عليه – طبعاً ماركس Marx كفر بالدين وكفر بيسوع وكفر بالكتاب المُقدَّس لأنه لم ير في وجه البابا وجه يسوع، رأى في وجهه إمبراطوراً، هو هذا يا أخي! مارتن لوثر Martin Luther نفسه لا يعتقد بالباباوية أصلاً، وكتب الاعتراضات هذه وانشق، هو انشق وبعد ذلك صار مُصلِحاً، هذا حين رأى البابا، ذهب وزار بابا روما فرأى الذهب والحرير والأشياء، فخامة لم يرها في حياته، لا تخطر على بال بشر، فقال ما هذا؟

اليوم سوف نرى حديثاً عن دانتي أليغييري Dante Alighieri وتأثره بالمعراج النبوي في الكوميديا الإلهية -أي The Divine Comedy بالإنجليزية أو Divina Commedia بالإيطالية – وكيف أنه أيضاً وضع الباباوات في الجحيم،أرسل البابا في طبقات الجحيم قال، ومع القوّادين والزُناة والمُتاجِرين بالقيم والمبادئ، مع القوّادين وضع رجال الدين المُتاجِرين بالدين! مثل نيكولا الثالث Nicholas III، قال في الطبقة الثامنة من الجحيم، الدرك الأسفل هو الدرجة التاسعة عنده، هذا في الثامنة مُباشَرةً، طبعاً هو كان جريئاً، ولذا حكى الكلام هذا، وهو عنده الحق، فنيتشه Nietzsche طبعاً كفر بالدين لأن هذه مصادر الدين وهذه صورة الإله وهذه صورة النبي، لكنه أنصف الإسلام إلى حد جيد حين قال الإسلام يبدأ من الإنسان، وهذا تلخيص مُدهِش، تلخيص مُذهِل! أنا الآن كمُسلِم هذا الذي أفهمه من الإسلام، الإسلام في النهاية كله يتركَّز عندي في أنه يُعطيك تصوراً جديداً للوجود، هذا التصور فحواه كلمة الإمام محمد عبده رحمة الله عليه، وهي الإنسان عبدٌ لله وحده وسيدٌ لكل شيئٍ بعده، لكنه ليس سيداً مُطلَقاً، لا! هو عبد لله في الأول، بعد أن يعترف بأنه عبد لله يصير سيداً لكل شيئ في هذا الوجود، بماذا؟ بعنوان الاستخلاف، الله استخلفه وقال له سخرت لك كل ما في السماوات وما في الأرض مني، هذه هي! إذا أخذت جُزءاً وتركت جُزءاً فلا، لو قلت هو عبد لله فقط دخلنا في الزُهدية والنزعات الصوفية والثيوصوفية وجمَّدنا الحياة وأوقفنا مسيرة التحضر والتمدين، لو قلت هو سيد بالمُطلَق دخلنا في الفاشية والنازية والستالينية والتأله – والعياذ بالله – والفردية المُطلَقة، ضعنا وضيَّعنا كل شيئ! لازم هذا مع هذا، وعبَّر عنه بطريقة لطيفة جداً جداً محمد إقبال رحمة الله عليه، قال لا إله إلا الله، الغرب – قال – نجح تماماً في برهنة الجُزء الأول، لا إله قال، نفى الآلهة الزائفة والأصنام والأوثان والبشر والحجر والشجر والأفلاك، قال كله كلام فارغ، هذا مع كونت Comte طبعاً انتهى ومع نيتشه Nietzsche، كل هذا كلام فارغ، وقال ولكنه لم يُكمِل الميسرة، لم يقل إلا الله، وقف مع النفي، فظل غرباً تائهاً، غرباً شارداً، ضاع فيه الإنسان نفسه، الغرب ينتحر فيه المُفكِّرون الكبار، الذين يخلقون لنا المذاهب الفكرية والفلسفات ينتحرون في النهاية، لأنهم تائهون ومُمزَّقون، عذاب! ثمن الإلحاد أصعب مما تتخيَّل، تخيَّل نفسك – لا قدر الله – للحظة واحدة أنك فقدت الإيمان فعلاً، كيف ستعيش؟ بأي مدد؟ بأي مُبرِّر للحياة ستعيش؟ ما المُبرِّر؟ لأي مُعاناة – حتى لأبسط مُعاناة – لا يُوجَد أي مُبرِّر، صعب جداً! ثمن الإلحاد أصعب مما تتصوَّر، والحديث عن نيتشه Nietzsche، نيتشه Nietzsche حاول الانتحار ثلاث مرات، حاول وشرب أشياء طبعاً – شرب الكلورال Chloral، شرب منه الكثير – لكنه لم يمت، لم يكتب الله له هذا، ثلاث مرات! فلماذا؟ لا يُوجَد مُبرِّر للحياة، لا يُوجَد مُبرِّر حتى لمعنى الإنسانية، إلا من خلال معنى الإلهية، فهم عندهم لا إله، الخُرافيون عندهم الله لكن مع آلهة أُخرى، هؤلاء الثانويون والوثنيون، المُسلِم الحقيقي – خليفة الله في الأرض هذا وسيد هذا الوجود – عبد الله، شعاره لا إله إلا الله، غريب! فلسفة التوحيد هذه خطيرة جداً، وهي التي أنقذت البشرية وأنقذت الأمة العربية، وهذه هي الشطارة! الحذاقة والشطارة أن تعرف كيف تُلخِّص الدين، ما الدين؟ ما الإسلام؟ لا تقل لي بالطريقة الفقهية التقليدية الإسلام كذا وكذا وأركانه خمسة وما إلى ذلك، ما هذا؟ هذا كلام أطفال، نُريد طريقة مُعمَّقة لتفكيك هذا الدين.

أبو ذر الغفاري حين جاء إلى النبي كم ليلة جلس معه النبي؟ أليس كذلك؟ ثم إن مكة لم يكن فيها تشريع أصلاً، كانت هناك العقيدة، كانت هناك الــ Weltanschauung، أي الرؤية الكونية، مَن أنا؟ مِن أين؟ إلى أين؟ ما رسالتي؟ ما مصيري؟ ما قدري؟ وما مكانتي في هذا الوجود، أليس كذلك؟ هذه هي الرؤية الكونية، فقط! هذا أهم شيئ، وهذه هي حقيقة الدين، ولذلك في مذهب أهل السُنة والجماعة خلافاً للخوارج والمُعتزِلة إذا فهمت هذه الحقيقة بشكل دقيق – أي استكملت هذه العقيدة بشكل يُرضي الله تبارك وتعالى – فأنت تكون في النهاية مُوحِّداً، أنت مُوحِّد ومصيرك إلى الجنة إن شاء الله، مهما تخلَّفت، مهما غلطت، مهما شذذت، مهما انحرفت، أنت ستكون من أهل الجنة، لأن هذا الأهم، هذا المحور، لكن إذا ضيَّعت المحور هذا ستضيع في النهاية، لن ينفعك شيئ، أي شيئ آخر لن ينفعك حتى لو كنت جيداً وطيباً وصالحاً، الله قال لا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا ۩، لابد وأن تكون مُؤمِناً، أهم شيئ الرؤية الكونية هذه! فأبو ذر ماذا تعلَّم من النبي؟ الرؤية الكونية، ثم ذهب إلى غفار وظل في غفار ولم يرجع إلى مكة، لم يرجع ولم يأخذ شيئاً جديداً، لكنه ظل فقط بالرؤية هذه يُعلِّم الناس، هذا الإسلام قال لهم، هذا الدين الجديد، فعلاً كنز كبير! وهاجر بعد أن هاجر الصحابة والنبي إلى المدينة فقط أيضاً، أي ليس في أول الهجرة، وإنما بعد أن هاجروا، هذا هو، تكليف! فنيتشه Nietzsche – سُبحان الله – فهم، قال الإسلام يبدأ بالإنسان، وهذا سر تميزه، سر عظمة الإسلام أنه يبدأ بالإنسان، وهذا صحيح! تُوجَد أولوية للإنسان عندنا، وهي أولوية حقيقية، لكن كل الأيديولوجيات والمذاهب المُغلَقة لا تُؤمِن بالإنسان، مُستحيل! لا تُوجَد أيديولوجيا مُغلَقة تُؤمِن بالإنسان، لأن انغلاقها ضد الإنسان طبعاً.

على كل حال نعود إلى ما كنا فيه، فهذا مُمكِن – كما قلنا – بإزاء ظاهرة حسية طبيعية مادية، مُمكِن! لكن بإزاء نُظم أخلاقية الإنسان نشأ عليها الأمر يختلف، أصلاً نظام الترميز اللُغوي نفسه – يُسمونه نظام الترميز – شأنه مُختلِف، اللُغة نفسها ما هي في النهاية؟ تعكس القيم، شئت أم أبيت طريقة الخطاب تعكس القيم السائدة، واقرأ في الموضوع هذا، مُستحيل! وهو كان يتكلَّم بالألمانية ويُعبِّر بالألمانية، وكان يكتب بالفرنسية طبعاً، عنده مجموعة كُتب كتبها بالفرنسية، آخر كتاب – هذا هو الإنسان – عن نفسه كتبه بالفرنسية، المُهِم أن حتى نظام اللُغة في النهاية يعكس القيم السائدة، كيف ستفلت منه أنت؟ كيف ستفلت؟ مُستحيل! فهذه مُحاوَلات مثالية خالية وبارئة من الواقعية الحقيقية.

سنُثبِت أيضاً كيف انتحر عقلياً بشكل كُلي، أراد طبعاً أن يضرب مسألة العلية، وأي فيلسوف مُلحِد عنيد لابد وأن يضرب مسألة العلية، لازم! لأن في النهاية لا يُمكِن فعل العكس، وبالمُناسَبة مهما تفلسفت وتعملقت – هذا هو الإنسان – وتحاذقت وتكايست وتمعقلت ودرست وتوسعت في النهاية ستجد أنك تلتقي أيضاً مع الأعرابي البسيط، الأعرابي البسيط المُتواضِع الذي يهتم بالغنم والجمال والإبل، والذي يقول بعرة تدل على البعير وخُطى تدل على المسير، أرض ذات فجاج وبحر ذو أمواج وسماء ذات أبراج، أفلا يدل ذلك كله على اللطيف الخبير؟ ما المسألة هذه؟ لا يُمكِن أن تقول غير هذا، ولذلك القرآن بالمُناسَبة لو لاحظتم لم يتكلَّم كثيراً – ولو دقَّقنا أيضاً لوجدنا تقريباً أنه لم يتكلَّم أصلاً – عن مسألة إثبات وجود الله، غير موجود هذا! القرآن لم يتكلَّم في المسألة هذه بصراحة بشكل واضح، القرآن تكلَّم عن مسألة التوحيد والشرك، أنه واحد وليس اثنين، يُوجَد إله واحد، أما مسألة أنه موجود فلم يتكلَّم فيها، لأن هذا الفكر المخبول – الفكر العدمي الانتحاري – لم يكن موجوداً وسائداً، كانوا يعرفون أن هناك إلهاً، لكن مَن هو؟ قالوا هناك أكثر من واحد، فالأعرابي البسيط عنده هذا معقول جداً، كيف يسأل السؤال هذا؟ مُستحيل أن ترى خُطوات إنسان وتقول له لا، هذه تكوَّنت وحدها، مُستحيل قال! أتقول لي إن الكون هذا كله أتى وحده؟ يقول لك بالعقل ما الهبل هذا؟ أليس كذلك؟ مُستحيل! مُستحيل أن يُؤمِن أحدنا بوجود كتاب من عشرة فصول وخمسمائة صفحة – وهو كتاب فلسفي ويُناقِش المذاهب الفلسفية الكُبرى – أُلِّف وحده، هكذا بالصُدفة! أتى الهواء وأتت أشياء وسُكِب الحبر على الورق والقلم خط وما إلى ذلك، وهذا لا شيئ، هذا أسهل بكثير – تصور الكتاب هذا المُكوَّن من خمسمائة صفحة والذي يُناقِش الفلسفة – من تكون خلية واحدة، بل ليس من تكون خلية واحدة وإنما من تكون جُزيء بروتيني واحد، جُزيء واحد! هذا أسهل بكثير، أسهل ببلايين Billions المرات، لا أقول ملايين Millions المرات وإنما بلايين Billions المرات، ما هذا؟ هذا العقل، هذا العلم الآن، ليس فقط الهوى، لكن هذه إرادة الإلحاد!

إذن ستجد أنك تلتقي مع الأعرابي هذا في النهاية، لست مُتميِّزاً كثيراً أنت، وصدق ديكارت Descartes حين قال العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين البشر، يُوجَد عقل فطري الله أعطاه للبشر كلهم، هناك طريقة في التفكير، الذي يُحاوِل ضرب هذه الطريقة – ضرب هذا النظام الإلهي الفطري في التفكير – هو المُنتحِر عقلياً طبعاً، ولكي يُنكِر الله لابد وأن ينتحر عقلياً، لابد من هذا! فلابد وأن يُنكِر مبدأ العلية، طبعاً لابد من هذا! وجدنا أن نيتشه Nietzsche أنكره، وقبله الشكّاك الكبير والمُلحِد الكبير هيوم Hume – ديفيد هيوم David Hume الإنجليزي، هذا فيلسوف تجريبي ضخم وعملاق، وهو ذكي، رجل ذكي بلا شك، لكن هذا الذكاء سلبي، لم ينفعه الذكاء هذا للأسف، لم ينفعه! هو ذكي لكنه ليس عاقلاً، ذكي وليس عاقلاً بالمعنى القرآني، أَفَلَا تَعْقِلُونَ ۩، ذكي جداً لكنه غير عاقل – كان أباً للذين أسَّسوا لضرب نظام العلية، مبدأ العلية في التفكير! حاول وجاهد لكنه أيضاً فشل، فشل ولم يقدر، كلام فارغ! كلام جميل وما إلى ذلك لكنه لا ينفع، نفس الشيئ نيتشه Nietzsche، برتراند راسل Bertrand Russell كان فرحاً طبعاً، مُلحِد كبير ورجل كبير في السن وأحد مُؤسِّسي فلسفة الإلحاد، كان فرحاً كثيراً، كان يُثنّي على أفكار نيتشه Nietzsche في السببية هذه وكان يُثنّي على أفكار هيوم Hume أيضاً، وأتى بأمثلة من عنده لطيفة جداً جداً لكي ترسخ في عقول الناس، كله في نفس الخط! لابد من هذا، لكن كيف إذن؟ ستقول لي كيف أنكر هذا؟ كيف أنكر مبدأ العلية؟ قال نيتشه Nietzsche هناك ما يقول يُوجَد عقل، والعقل هذا يقول يُوجَد نظام علي سببي في الكون، أي أن كل ظاهرة لابد وأن يكون لها سببها، طبعاً لا يُوجَد شيئ أتى وحده هكذا! وكل معلول له علة، هذا هو المعنى، كل معلول له علة، أنا الآن نظرت ناحية اليسار ثم التفت ناحية اليمين فوجدت الكوب هذا، مُستحيل أن يكون أتى وحده، هناك شخص ما وضعه، مُستحيل! حتى لو كان الريح، حتى لو كان الجن الأحمر، لكن يُوجَد سبب، هناك مَن أتى به ووضعه، يُوجَد سر، يُوجَد سر مُعيَّن! حين تقول لي أتى وحده أقول لك حتى كلمة وحده تعني وجود سر، فهناك طاقة مُعيَّنة حرَّكته وهي طاقة ذاتية، مثلما يُحرِّك إنسان أشياء مُعيَّنة، المُهِم أن لا ظاهرة من غير سبب، نيتشه Nietzsche قال هذا كلام فارغ وغير موجود، الكون لا يبوح ولا يُؤشِّر إلى شيئ اسمه علية، مثلما قال هيوم Hume قبله! إذن قال ما هو؟ قال الكون هو كما هو، لا تقل لي الكون علي أو غير علي وفوضوي أو مُنظَّم؟ لا فوضوي ولا مُنظَّم الكون، انظر إلى هذا، خطير! الشيطان ضحك عليهم بالمُناسَبة وهم أذكياء، ليسوا أذكياء كثيراً طبعاً لكن نحن لا نُفكِّر، نحن لا نستخدم هذا العقل، هو يُريد معنىً إلحادياً لكن له ميزة على أمثالنا، انتبه! على إيماننا له ميزة بصراحة، نحن كمُؤمِنين أشبه بالمُقلِّدين، إيمان ماذا؟ صدِّقني! لم نُبرِّره، الرسول أُلقيَ إليه الكلام وقبلناه، حتى تبريرات الإيمان قبلناها كما هي، أي بُرهان قرأناه قلنا أيضاً هو جيد وصحيح، أليس كذلك؟ هو هذا ما حصل مع أكثرنا، لكن هؤلاء الناس على إلحادهم عندهم ميزة، وهي أن أنهم استخدموا عقولهم، حاولوا أن يروا الشيئ الذي ترى أنه مألوف وعادي ومأنوس بطريقة مُختلِفة، حاولوا رؤية الجانب غير العادي وغير المأنوس، فأنت بالنسبة إليك الكون مُنظَّم، وكل شيئ فيه مُنظَّم، لكن هو يقول لك كيف تقول إنه مُنظَّم؟ هل أنت رأيت شيئاً في الكون اسمه تنظيم؟ هذه أشياء في العقل، هذه مقولات العقل يخلعها على الكون، ويُسمونها في اللُغة الأنثروبولوجية وفي اللُغة الفلسفية Anthropomorphism، تحدَّثت عنها مرة في خُطبة عن الحيوانات، هذه الــ Anthropomorphism، أي الأنسنة! وطبعاً الــ Anthropomorphism تعني أيضاً في علم الأديان أو في علم الثيولوجيا Theology – اللاهوت – التجسيم، أي التشبيه، وهذا طبعاً في حق الله، هذه اسمها الــ Anthropomorphism، والــ Anthropomorphic هو المُجسِّد المُشبِّه، وبعد ذلك المُؤنسِن، كيف؟ سنشرح هذا باختصار.

أنت الآن تسمع حلقة – مثلاً – علمية في البي بي سي BBC، تحدَّث فيها مُقدِّم البرنامج أو الحلقة العلمية عن تضحية أُنثى الأخطبوط، الحديث عن التضحية! هذا الشخص Anthropomorphic طبعاً، كيف يقول تضحية؟ هذا الشيئ عند الإنسان، مفاهيم التضحية عند الإنسان، مَن قال لك إن الحيوان يُفكِّر بالطريقة التي تُفكِّر بها؟ مَن قال لك إنه لا يتصرَّف إلا بطريقة غرزية؟ هناك طريقة غرزية مُملاة عليه، فقط هو هذا! لا تقدر على أن تُخرِج إخراجاتها في ظرف مُعيَّن وهو ظرف وضع البيضة، لا تقدر! لأن هذه غريزة، لا تقل لي إنها ضحت، وكأنها عملت مُحاكَمة قيمية وقالت أنا الآن حاقنة أو حاقبة – ما يقول العرب حاقبة – وهذا البيض سيخرج منه أولادي بعد شهر أو بعد يوم أو بعد أسبوع وسيحدث كذا وكذا لذا سوف أُضحي، هذا غير موجود! هذا بالنسبة إليك أنت، أنت تُحاوِل أن تُسقِط مشاعرك وطريقتك في التفكير على أُنثى الأخطبوط، ثم تقول لي إنها تُضحي، انتبهوا! هذا صحيح إلى حدٍ ما، لكن لو أردنا أن نُعمِّمها كما عمَّمها ديكارت Descartes لأصبحت خطيرة ولأصبحت لا إنسانية،  لماذا؟ لأنك ستقول لي عن الحيوان إنه يتألَّم، الحيوان يتألَّم للأسف ويحن إلى ابنه ويحزن من أجله، لكن لا فائدة، فاذبح الحيوان واسلخه حياً أيضاً فهو ليس عنده تألم مثلك، وهنا أصبحت لا إنسانية ولا علمية، لكن لا علينا من هذا، فهذا بالنسبة إلى هذا الميدان.

في الميدان الآخر تُسقِط – كما قلنا – مشاعرك وأفكارك ومقولاتك العقلية على الوجود، فترى في الوجود الخير والشر،  تقول هذا خير وهذا شر، جماعة نيتشه Nietzsche ونيتشه Nietzsche نفسه قالوا لا يُوجَد في الوجود خير وشر، مقولة خير وشر هذه من عندك، الكون هو كما هو، هكذا! لا تقل لي هناك خير وهناك شر، هو لا استشارك ولا معمول من أجلك، نيتشه Nietzsche والملاحدة لا يُؤمِنون بإله خالد سخَّر هذا الكون من أجلك، هذا غير موجود! وهذا يُسمونه التأويل أو التفسير التيليلوجي Teleological، أي الغائي، وطبعاً هذه عنده مقولة حقيرة جداً بالنسبة إلى الملاحدة، لا يهتمون بالغائية، لكن عند المِليين – عند المُسلِمين وعند المُؤمِنين حتى بشكل عام – العكس من هذا، مقولة رئيسية هذه، نُؤمِن بها وهي  من عقيدتنا، وبالعكس نُؤمِن بأن الكون هذا مُصمَّم من أجلنا فعلاً، وحين نأتي ونستشير حتى العلم وعقولنا بالطريقة التي لا تعجبهم نجد أن الكلام مُتناسِق يا إخواني، وإلا ما هذه الصُدف غير الطبيعية وغير العادية التي اجتمعت بالملايين بطريقة لا احتمالية أصلاً من أجل أن تجعل الحياة مُمكِنة على هذه الأرض وخاصة لنا نحن – أي الجنس الإنساني – بالذات؟ اذهب وعش على المريخ الآن، مُستحيل، لا تقدر! عش على القمر، لا تقدر! كوِّن حضارة على المُشتري، لا تقدر! كيف؟ هذا هنا فقط، على الأرض هذه بالذات، يُوجَد خمسون ألف مليون عامل، ويعملون بشكل تآزري تضافري تكاتفي تعاوني من أجل أن يجعلوا الحياة كلها مُمكِنة لك أيها الإنسان، دعونا من هذا حتى نأتي بها من قصيرها كما يُقال بالعامية.

علماء الفيزياء وعلماء الفلك – خاصة علماء الفلك – الآن يتكلَّمون عن مبدأ اسمه المبدأ الإنساني Anthropic principle، اسمه الــ Anthropic principle، أي المبدأ الأنثروبي، ليس الإنتروبي، الإنتروبية Entropy هذه شيئ ثانٍ، هذا الـ Anthropic، من الـ Anthropos وهو القرد، وطبعاً الأنثروبولوجيا Anthropology تعني الدراسات القردية، لأن الإنسان عندهم له علاقة بتطور القرد، انتبهوا! الــ Anthropos معناها القرد، والدراسات الأنثروبولوجية تعني الدراسات القردية، هذا يعني أننا قرود، انظروا إلى هذا، فهم يُضمِّنون حتى المُصطلَحات والعلوم دائماً قناعاتهم الخاطئة، قناعاتهم وضعوها وهناك مَن يردِّد دون أن يعرف، لا يعرف ما معنى الأنثروبولوجيا Anthropology، يظن أن المقصود البشر، يقول دراسات الأناسة ودراسة البشر، لكن البشر ليسوا كذلك، هكذا هو المُصطلَح، هذا مشهور ومُضمَّن.

على كل حال اسمه المبدأ الأنثروبي، يتحدث عنه الآن – مثلاً – هوكينج Hawking، ويتبناه جيداً هوكينج Hawking، في كل كُتبه يتبناه! ستيفن هوكينج Stephen Hawking أكبر عالم الآن في الكوزمولوجيا Cosmology، فستيفن هوكينج Stephen Hawking تحدَّث عنه، روجر بنروز Roger Penrose تحدَّث عنه، تحدَّث عنه في أول القرن العشرين النمساوي – العلّامة الكبير جداً في الكم، أي في فيزياء الكم – إرفين شرودنغر Erwin Schrödinger، تحدَّث عن المبدأ الإنساني، عنده كتاب تحدَّث عنه فيه في فصل كامل، تحدَّث عن المبدأ الإنساني وقال ماذا يعني المبدأ الإنساني؟ باختصار المبدأ الإنساني يُفيد بأن الكون هو كما هو هكذا وبأننا هنا، معمول من أجلنا هذا! وستيفن هوكينج Stephen Hawking تكلَّم عنه بطريقة رياضية، قال أثناء حدوث البيج بانج Big Bang هذا – الانفجار الكبير – لو حصل اختلال أو تأخر أو تساوق حتى في اللحظة نفسها بنسبة جُزء من كذا مليون مليون مليون من الثانية لما وُجِدَ الإنسان هذا، لما وُجِدَت حضارة – Civilization – ولا ثقافة – Culture – ولا أديان ولا أي شيئ، فالحكاية محسوبة بطريقة مُذهِلة ومُخيفة، هذا ليس كلام رجال الدين!

ربما حدَّثتكم مرة عن حادثة لطيفة حصلت معي وأنا صغير، كنت في الإعدادية وكنت دارساً لبعض الكُتب الفلكية وما إلى ذلك، أنا مُعجَب بها من الصغر! وكنت أتحدَّث بكلام والناس كانوا مذهولين، لأن فعلاً الإيمان يزيد بها، أنا أول مرة قرأت معلومات فلكية دُهِشت، وبالأحرى هي أرقام طبعاً وليست معلومات، وأصلاً الرجل غير مُتخصِّص، شيخ مصري – رحمة الله عليه – في كتاب له – اسمه عقائدنا أو العقائد الإسلامية – أتى ببعض الأرقام في صفحة، قال هذا النجم كم بُعده والمسافة تُقدَّر بكم سنة ضوئية وما إلى ذلك، فكان هذا بالنسبة إلى شيئاً مُخيفاً، كان مُخيفاً ومُذهِلاً، هذا الشيئ يكاد يجُنِّن الإنسان، لأنك طبعاً تشعر بعظمة الله بليون Billion ضعف عما كنت تستشعرها من قبل، هذا يعني أن الحكاية أكبر مما نتخيَّل، هذا ليس أي كلام، الموضوع لا يتعلَّق بملك جالس على كرسي وبسماوات سبع، شيئ مُخيف، شيئ يقشعر له البدن، قبل أيام كنت أقرأ في كتاب فلسفي إنجليزي، بطلة الكتاب كانت تقول Just the thought of it makes me shiver، أي مُجرَّد التفكير في ذلك يجعلني أرتعد، وهذا صحيح! تقول  Makes me shiver، أي يجعلني أرتعد، من فرقي إلى أخمص قدمي، هذا صحيح فعلاً، والحديث كان عن الفلك، عن عدد النجوم والكواكب وما إلى ذلك، شيئ مُخيف! فكنت أذكر الأشياء هذه وكان يُوجَد طبيب من بلدنا، وهو قريب لي، فقال لي يا شيخ دع عنك الكلام الفارغ هذا، هذا من كلام المشايخ، ما الهبل هذا؟ وما الكلام هذا؟ قلت له كلام ماذا؟ قال لي كلام مشايخ هذا، قلت له مشايخ ماذا؟ قلت له هل أنت سمعت مرة طيلة حياتك شيخاً يحكي الكلام هذا؟ هذا ليس كلام مشايخ، وليس له علاقة بالدين هذا قلت له، هذا كلام علماء الفلك إذا سمعت في حياتك بعلم اسمه الفلك، واتضح أنه جاهل، طبيب جاهل مسكين! هو طبيب لكنه غير مُثقَّف، ليس عنده أي نوع من الثقافة، ربما في حياته لم يقرأ معلومة فلكية، جاهل! هناك أناس هكذا، فهذا جاهل فعلاً.

المُهِم هذا ليس كلام رجال الدين، هذا كلام علماء الآن، مثل هوكينج Hawking وشرودنغر Schrödinger وبنروز Penrose، وطبعاً هؤلاء الناس ليس لهم علاقة بالدين أصلاً، هوكينج Hawking قبل سنوات كان أصلاً  لاأدرياً Agnostic، كان يقول لا أعرف المسألة هذه، هو لم يكن يعرف، هل يُوجَد إله أم لا يُوجَد؟ كان يقول لا أعرف، الآن حسم أمره، المسألة أدق مما نتخيَّل، لا يُوجَد أي احتمال للصُدف والاتفاق والارتجال بالمرة، هذا غير موجود بالمرة! إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ۩، والآن علم الجينات Genetics يُؤكِّد هذا الشيئ، لا تسقط شعرة واحدة فقط – كل يوم يسقط مائتا شعرة – إلا بأمر، مُبرمَج الشيئ هذا يا حبيبي، كله مُبرمَج! شيئ مُخيف، فالحكاية آخذة في التعملق، هذا لكي تفهم ما معنى إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ۩، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ۩، كل شيئ مُبرمَج وموجود ومحسوب، لا يُمكِن غير هذا يا أخي، وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ۩، الله قال لا ورقة ولا أي شيئ، لا يتحرَّك مُتحرِّك ولا يسكن ساكن إلا بأمره، سُبحان الله العظيم! هذا الرب الجليل، الذي لم يكن يعرفه نيتشه Nietzsche ولم يدر به، الرب عنده مُختلِط بالإنسان، والإنسان داخل في الإله، والإله مُتمثِّل في الإنسان، كلام فارغ طبعاً! والرجل قد يكون عنده بعض المُبرِّرات الحقة التي تجعل يُنكِر هذا الإله ويكفر به، ليس عنده الفكرة الصحيحة عن العقائد وعن الإلهيات كما هي في الدين فعلاً المحفوظ والصحيح بحمد الله تبارك وتعالى.

فنرجع إلى موضوعنا، قال هذه أفكار ومقولات – Categories – وقواعد عقلية الإنسان يخلعها على الكون، الكون ليس فيه خير وليس فيه شر، ليس فيه حكمة وليس فيه ارتجال، ليس فيه جمال وليس فيه قبح، كيف تقول هذا جميل أو قبيح؟ ليس جميلاً وليس قبيحاً، هو لم يستشرك وهو ليس معمولاً من أجل عيونك، كيف تقول هذا جميل أو قبيح؟ لا يُوجَد الكلام هذا، الكون هو هكذا، الليل والنهار هما هكذا، هذه ظاهرة فلكية، أنت ترى أن هذا جميل وهذا قبيح وهذا مُخيف وهذا جليل، مُشكِلتك هذه، هذه فلسفاتك أنت كإنسان! هذا كلام مَن؟ نيتشه Nietzsche ومَن مثله، كلام عالم مُخيف طبعاً، يُريد أن يُزعزِع كل الأُسس من أول أساس ومن أول طوبة، يُريد أن يُزعزِعها من تحت هو، ثم طبعاً في النهاية سيتركك في الهوة وفي الفراغ كما ترك نفسه طبعاً وفكَّر في الانتحار، انتهى! لن يكون عندك ثقة بأي شيئ ولا حتى بنفسك طبعاً، وسيفقد المعنى المعنى، المعنى نفسه سيفقد المعنى، وسندخل في هوة اللامعنى، سندخل في العدم الحقيقي والعدمية الحقيقية.

فهذا مسعى Anthropomorphy كما قلنا، وهذا غير موجود أصلاً، ودائماً العقل الإنساني يُساوي ماذا؟ قرون الاستشعار، طبعاً هذه يُسمونها النظرية الوظفية – Functional theory – للعقل، قال لك العقل لدى الإنسان مثل اللوامس وقرون الاستشعار والأرجل للحشرات، نفس الشيئ! كيف إذن؟ قال لك الحشرة تحتاج إلى اللوامس وقرون الاستشعار لكي تعيش، وأنت لكي تعيش في هذا الكون تحتاج إلى شيئ اسمه العقل، شيئ يُسمونه العقل! هذا هو فقط، فهذه مسألة تُؤدي وظيفة مُعيَّنة، وحين تنجح في أداء وظيفتها تكون استخدمتها بشكل صحيح، حين تتعداها وتبدأ تتفلسف – تتحدَّث عن ماورائيات والله واليوم الآخر وما إلى ذلك – يعني هذا أنك شطبت على العقل، وغلط هذا كله، كله كلام فارغ في نظرية الأخطاء، فالعقل معمول – عملته الطبيعة والمُصادَفات هذه – لكي تقدر على أن تتكيف وتعيش في العالم هذا، فقط هذه هي الحكاية، ليست أكثر من هذا، أهذا هو العقل؟ لكن لم يقدر أن يُفسِّر لنا لا نيتشه Nietzsche ولا أي عالم آخر لماذا هذا العقل مشغول من آلاف السنين وإلى اليوم وإلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها بهذه القضايا؟ أعني قضايا الجمال والجلال والخير والشر والمنشأ والمصير والرسالة والقيم والأخلاق، لماذا؟ وهو مشغول باستمرار ولا يقدر على أن يتحلل منها، هم يُحاوِلون الآن هذا – يُحاوِلون أن يُحلِّلوا الإنسان من هذه الأشياء كلها – لكنهم لن يقدروا في النهاية، سيدفعون ثمناً صعباً ولن يقدروا أيضاً، لازم! هذه المسائل – كما قلنا في الدرس السابق – يُسمونها مسائل فلسفية، نحن نُسميها مسائل فطرية وهم يُسمونها مسائل فلسفية، والمسألة الفطرية – وعندهم الفلسفية – ما هي؟ التي تطرح نفسها باستمرار، وعلى كل واحد، ولا يكتفي فيها واحد بجوانب الثاني، كل واحد لابد أن يخبرها وحده، لابد أن يُمارِس التجربة الروحية هذه ولابد أن يجد جواباً، قد يقتنع بجواب الثاني، وهذا شيئ ثانٍ، لكن لابد منه أيضاً، هذا صحيح! لا يُمكِن للإنسان إلا أن يتساءل، ويأتي إليه السؤال هذا، نعم يُمكِن لدوشة الحياة أو منوالية العيش – كما يُقال – اليومي أن تجعل الإنسان يغفل قليلاً أو يُشغَل عن هذه المسائل، لكن في لحظة فراغ واحدة يبدأ يتساءل أيضاً، من أين؟ إلى أين؟ لماذا؟ كيف؟ وماذا عن الخلود والفناء والأبدية والأزلية؟ لا يُمكِن غير هذا، هذه القضايا موجودة، علَّقنا مرة على فرويد  Freud النمساوي الذي قال بالعكس ليس الله هو الذي خلق الإنسان وإنما الإنسان هو الذي خلق الله، الفكر الإنساني ابتدع فكرة اسمها الله، هذا مثل كلام نيتشه Nietzsche، ونحن نقول له صحيح يا فرويد Freud، كلام جميل لكن أجبنا يا سيد المُحلِّلين، لِمَ لم يكف الفكر الإنساني عن ذلك؟ مُنذ كان بدائياً ومسكيناً ومُتخلِّفاً وهو يصنع هذا الشيئ، لكن إلى الآن لماذا يصنعه؟ لماذا؟ هو تطوَّر وارتقى، فمن المُفترَض أن يكف عنه، لكنه لن يقدر، لأن الصحيح هو العكس، أن الله هو الذي خلق الإنسان ووضع فيه فطرة الإيمان هذه في الداخل، طبعاً هذا عنده ويرتاح إليه.

حدَّثتكم ربما قبل أسابيع عن سارتر Sartre، كان سارتر Sartre من أعتى فلاسفة الإلحاد في القرن، وهو كان عدمياً أيضاً طبعاً، هو يرفض أن يقول إنه عدمي، لكنه كان عدمياً، رغماً عنه كان كذلك، لكنه كان يبحث عن المعنى، مُشكِلة سارتر Sartre أنه كان يبحث عن المعنى طبعاً، ولذلك لكي نكون مُنصِفين معه نقول كيف كان عدمياً؟ في أُطره العامة، لكن تناقضاته تجعله في النهاية عدمياً بشكل غير كامل، لأنه كان يبحث عن المعنى أيضاً، دون أن يشعر كان يبحث عن المعنى، وفي النهاية اهتدى – بحمد الله – إلى الإيمان، آمن! عرف وقال أنا حتى كمخلوق صُمِّمت هكذا، أنا مُصمَّم! مُصمَّم من قِبل قوة – قال – أعلى وأذكى مني، وهذا اعتراف خطير، أنا كم سُرِرت بهذا الاعتراف! لكن هذا غير شائع في الوطن العربي للأسف، وهذا كان في آخر مُقابَلة مع سارتر Sartre في الثمانينيات، في آخر مُقابَلة! أعلن إيمانه بالكامل يا أخي، وتحدَّث كأنه شيخ مُدروَش، مُصمِّم – قال – أنا، هناك قوة أعلى وأذكى مني بكثير هي التي صمَّمتني كبشر لكي أُؤدي رسالتي في الوجود هذا، الله أكبر يا أخي! بعد كل هذا الإلحاد؟ بعد الوجود والعدم؟ أصعب كتاب فلسفي في القرن العشرين الوجود والعدم هذا، أصعب وأضخم كتاب فلسفي في القرن العشرين! كله في الإلحاد، لكن هذا لم ينفع، ولن ينفع.

فنرجع، نُريد أن نُفنِّد انتحار نيتشه Nietzsche العقلي، هل يُمكِن تفنيده؟ سهل، من أسهل ما يكون! سوف نرى، هو انتحار! قال لا تُوجَد علة، ولا يُوجَد سبب ومُسبب، هذه مُجرَّد أشياء العقل يتوسَّل بها حتى يُمكِنه فهم الكون أو على الأقل اعتقاد أنه فهم الكون، وحتى يغدو ويئيض هذا الكون مقبولاً ومعقولاً لهذا العقل، ليس معقولاً في ذاته وإنما يغدو معقولاً لهذا العقل، فهو يخلع عليه الأفكار هذه – علة وسبب ومُسبب وما إلى ذلك – ثم يُصدِّق نفسه في النهاية – أي العقل – ويقول فعلاً يُوجَد شيئ اسمه علية ونحن نُريد أن نبحث عن سبب لكل ظاهرة، قال هذه كلها خدعة من العقل، نيتشه Nietzsche قال هذا غير موجود، هذا الكلام حين يقرأه إنسان ضعيف قليلاً وليس عنده عقلية فلسفية قوية يُمكِن أن يلحد مُباشَرةً.

طبعاً برتراند راسل Bertrand Russell – علَّقت على هذا ثلاث أو أربع مرات خاصة في الفترة الأخيرة – عنده نفس الحُجة هذه، أي في النهاية راسل Russell بصراحة ليس مُبدِعاً حتى في إلحاده وخاصة في الحُجة هذه، أقوى وآخر سهم في جُعبة برتراند راسل Bertrand Russell كان هذه الحُجة، لكنه صاغها بطريقة ثانية، طبعاً هو صاغها بأسلوب ثانٍ، فهو عنده أسلوب تمثيلي، دائماً يضرب الأمثال التي تُقرِّب الأفكار، وجميل هذا الأسلوب، لكن هو عالة على نيتشه Nietzsche في الفكرة هذه، نيتشه Nietzsche كان أعمق حتى منه في تصويرها، كان عميقاً! لكن هذا مُخطئ وهذا مُخطئ، كلاهما مُخطئان وليس عندهما الحق، لماذا إذن؟ وكيف؟ 

طبعاً هل ترون الآن أن هذا بالنسبة إلينا كبشر انتحار عقلي؟ طبعاً، انتهى! أنت ضربت الأساس كما قلنا، أنت انتزعت الأساس الأول في بنيان العقل الإنساني بالكامل، ستقول لي كيف؟ وأنا سأقول لك الآن، فعلاً هذا انتحار، أنت تُمارِس الجنون الآن باسم العقل الخاص بك، ليس عقلنا وإنما هو عقل خاص بك ونحن لا نعرفه بالمُناسَبة، أول سؤال سؤال خطير، مثل هذا الكلام يحكي تجربة وإمكانات لا بشرية، لا إنسانية! ليست عندنا، نحن لا نعرفها، ولا نتمتع بها، فهل هذا مُمكِن، هل يُمكِن للإنسان أن يخوض تجربة لا إنسانية؟ هل يُمكِن للإنسان أن يتجاوز إمكاناته الإنسانية وإمكانات كل إنسان؟  نيتشه Nietzsche يزعم ذلك من حيث لا يشعر ومن حيث لم يقل ولم يُصرِّح، هو هذا! حين تتكلَّم عن العقل – ونحن نستخدم طبعاً العقل، العقل بالإطلاق هكذا، استخدموا هذا – وتقول لا يُوجَد شيئ اسمه سببية – أليس كذلك؟ – وتكتب هذا الكلام أقول لك إن بتفكيرك ومُحاجتك – المُحاجة التي تعملها – ومُحاوَلة إقناع الآخرين كلها تصدر عن نفس العقل، قيم العلية والسببية! أليس كذلك؟ وأن شيئاً يُؤدي إلى شيئٍ، وأن الحُجة التي تكون كافية ومُقنِعة تُؤدي إلى الإقناع والاقتناع، هذه السببية أم ليست هي السببية؟ هذه السببية نفسها يا أخي، لا تقدر!

لذلك هذا المسكين ينتحر، يُحاوِل أن يكفر بنفسه، يكفر بقدراته، ويكفر بعقله! هذا صحيح، ولذلك لا يُمكِن الإلحاد إلا أن تكفر بعقلك، جن! فعلاً إذا أصبحت مجنوناً ستصير مُلحِداً، فقط هذا هو، ولذلك كل مُلحِد مجنون، عقلياً وفلسفياً كل مُلحِد مجنون، ليس شرطاً أن يكون بريالة وأن يمشي في الشوارع بلا ملابس، بالعكس! هو مجنون جنون حقيقي، هذا الجنون الحقيقي، أن يُضيِّع إنسان للأسف إمكان أن يستثمر أغلى ما ميَّزه الله به، وهو هذا العقل المُنظَّم المُرتَّب والصحيح، الجوهرة الإلهية ضيَّعها، هو حطمها تحطيماً، حطمها فصارت شيئاً ليس له أي قيمة ولا أي معنى، فهذا هو!

فكما تحدَّث في موضوع ماوراء الخير والشر – Jenseits von Gut und Böse – والبحث عن الخير والشر كان أيضاً يشي ويُؤشِّر إلى تجربة غير بشرية وغير مُمكِنة، أليس كذلك؟ تتحدَّث عن تقويم النُظم الأخلاقية ومُقارَنتها، لكن بماذا؟ بأي معنى؟ كيف؟ ومن أين تجربة؟ ثم هل أنت فعلاً يُمكِنك ما يُمكِن للسائح المذكور في مثالك – يخرج من المدينة ثم يركب على قُنة جبل لكي يُقارِن ذُرى المنائر والأبراج – مثلاً؟ هل يُمكِنك أن تخرج من نظام اللُغة وخطابها ونظام القيم ونظام التفكير السائد بمثل هذه الطريقة؟ هل هذا مُمكِن أم أن هذا الكلام طوباوي خيالي؟ خيالي، لا يُمكِن! هذه قضايا داخلية، في أعمق أعماقك هذه، هذه تُملي عليك أُسس التفكير من حيث لا تشعر أو تشعر، هذا هو، ولا تستطيع أن تُفلِت منها، أنت لا تستطيع أن تُفلِت منها أصلاً، مُستحيل! هي هكذا، مُملاة عليك، وطبعاً بالنسبة إلى البرهان على ذلك هناك براهين كثيرة جداً، لكن هذا موضوع ثانٍ، هذا موضوع له علاقة بفلسفة اللُغة.

نفس الشيئ الآن أيضاً، هو يُحاوِل أن يُؤشِّر من حيث لا يُريد إلى تجربة لا إنسانية ولا بشرية – فوق إنسانية وفوق بشرية – من بشر ومن إنسان بصدد مُحاكَمة الصدقية العقلية هذه، لكنه يقول لا، هذا غير موجود، لا يُوجَد شيئ اسمه علة أو أسباب أو مُسببات، كل هذا كلام فارغ من حيث الأصل، هذا شيئ العقل ابتدعه لكي يُحاوِل أن يتقبَّل الكون وأن يُعمقِل الكون، هو يُحاوِل أن يُعمقِل كونه، ثم يرتاح بالشيئ هذا، فهو يرتاح بهذ الشيئ، وطبعاً هذا – نفس الشيئ – خروج وتجاوز غير مُمكِن وغير مسموح وغير مُتصوَّر للذات نفسها ولإمكاناتها، وليس هذا فحسب، أقول بعبارة بسيطة – لعل بعضكم لا يستوعب الفكرة – المفروض كان يُسأل نيتشه Nietzsche، يُقال له يا نيتشه Nietzsche كيف أنت تتواصل معنا؟ أنت تكتب لمَن؟ تُخاطِب مَن؟ تُكوِّن صدقات مع مَن؟ كيف تتواصل معنا؟ أنا سوف أُسايرك إلى النهاية وأفترض أن لديك عقلاً ولديك ذكاءً فوق بشري وفوق إنساني – أي سوبرمان Superman، هو الذي بدأ سوبرمان Superman -، إلى آخره! وأنت استثنائي بمعنى أنك حتى لست بشراً، أنت شيئ ثانٍ، هل يُمكِن التواصل معنا؟ هذه نفس الحُجة التي هو اعتمدها لإنكار الله، قال حتى على فرض أن هناك إلهاً فتعاليه عنا في قدرته وعلمه ووجوده يجعل إمكان الاتصال وعقله – أي دراستة عقلياً – غير مُمكِن أصلاً، ولذلك هو غير موجود بالنسبة إلى عقلي قال، في عقلي هو غير موجود، هذه نفس الحُجة! أنت الآن يا نيتشه Nietzsche تُحاوِل أن تصنع من نفسك أو تُوهِمنا أنك شيئ مُختلِف تماماً عنا، فالعقل السائد عندنا كلنا وهو العقل العلي يعترف بك كفيلسوف، وهو حتى في البداية كان مُعجَباً بكانط Kant، وكان يُسمي كانط Kant فيلسوفي الأثير والمُحبَّب، لأن كانط Kant فيلسوف Systematic، هو فيلسوف مذهبي عظيم! يُريد أن يكون فيلسوف المذهب، يُحاوِل أن يُنشئ مذهباً لكي يُحِل القضايا.

 

03/09/2005

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: