د. يحيى أبو زكريا
د. يحيى أبو زكريا

يعتبر الشيخ محمد عبده واحدا من أهم المصلحين المسلمين الذين واجهوا التخلف و الإستعمار الغربي و الذي ما فتئ يستنهض المسلمين و يحثهم على الضرورة إستجماع شروط النهضة و مواجهة التحديات ..ولد الشيخ محمد عبده في العام 1849 و أدركته المنية في مدينة الإسكندرية العام 1905 ودفن في القاهرة , و هو أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي و من دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي ، ساهم بعد التقائه بأستاذه جمال الدين الأفغاني في إنشاء حركة تنوير و نهضة فكرية تجديدية كانت تهدف إلى القضاء على الجمود الفكري و الكساح العقلي و التخلف الذي بات عنوانا مركزيا في خط طنجة – جاكرتا … اشترك في ثورة الشيخ محمد عبده في ثورة أحمد عرابي ضد الإنجليز و بعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم بالنفي إلى بيروت لمدة ثلاث سنوات، وسافر بعدها إلى باريس بدعوة من السيد جمال الدين الأفغاني وأسس صحيفة العروة الوثقى ..و قبل وفاته بست سنوات عين مفتيا للديار المصرية ..من أهم مؤلفاته : رسالة التوحيد , شرح نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب , تحقيق و شرح البصائر القصيرية للطوسي – تحقيق و شرح كتاب دلائل الإعجاز و أسرار البلاغة للجرجاجي , الرد على هانوتو الفرنسي , الإسلام و النصرانية بين العلم و المدنية و هو كتاب رد فيه على أرنست رينان , تقرير إصلاح المحاكم الشرعية , و كتاب العروة الوثقى وضعه مع السيد جمال الدين الأفغاني …وقد جمعت كل كتبه في موسوعة تحمل عنوان الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده ..و للإشارة فإن الشيخ محمد عبده لعب دورا كبيرا في إعادة إصلاح الأزهر الشريف حيث أدى إستيلاء الدولة العثمانية التركية على مصر إلى إلحاق أكبر الأذى بالأزهر الشريف الذي إنتابه الضعف و الوهن و لم يكن يدرس في الأزهر في العهد العثماني إلا قليل من العلوم الدينية , و الأزهريون كانوا في عزلة عن العالم لا يشعرون به ولا يشعر بهم ، ولا يتعدي تفكيرهم جدران الأزهر الذي صار عندهم كل شيء في دنياهم . و في عهد عباس باشا تقرب هذا الأخير من الشيخ محمد عبده الذي وضع خطة لإصلاح الأزهر و بدأ يتحرك في سياقات الإصلاح الأسري و الإجتماعي و التربوي و التعليمي و حتى في مسألة إعادة الإعتبار للغة العربية و مواجهة الإستعمار .. وقد سأل الخديوي عباس حلمي الشيخ عبد الرحمن الكواكبي : كيف رأيت الشيخ محمد عبده ؟ قال الكواكبي : إن إفريقية أخرجت كثيرا من العلماء في العلوم والفنون المختلفة دون الفلسفة ، ولكنها أخرجت فيلسوفا واحدا بزّ جميع الفلاسفة هو ابن خلدون ، وكذلك مصر أخرجت من لا يحصي من العلماء دون الفلاسفة والحكماء ، ثم أخرجت أخيرا حكيما فاق جميع الحكماء ، وهو الشيخ محمد عبده . وكان الكواكبي رحمه الله يعتقد أن الشيخ محمد عبده أعلم من أستاذه الأفغاني وأنه هو الذي كبَّر صِيته ، وهذا غلط منه كما يقول رشيد رضا على كل حال .
رثاه شاعر النيل حافظ إبراهيم فقال :
سـلامٌ عـلي الإسـلام بعـد محمد سـلام علـي أيـامه النضـرات
علي الدين والدنيا ، علي العلم والحجا علي البر والتقوى ، علي الحسنات
لقد كنت أخشي عادي المـوت قبله فأصبحت أخشي أن تطول حياتي

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليقان 2

اترك رد

  • رحم الله الشيخ عبده،، ورحم كل العلماء الإجلاء،، والدعاة المصلحون ،،وكل العظماء الذين ياخذون بيد البشرية لطريق الهدى والصلاح والخير

  • الدولة العثمانية التركية؟؟ إذن هكذا تسمون الدولة الإسلامية العثمانية! سينتظركم أبطال الدولة العثمانية الإسلامية إلى هذا اليوم {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار} [ غافر : 52 ]

%d مدونون معجبون بهذه: