إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

 أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه ومُخالَفة أمره لقوله سُبحانه وتعالى من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول المولى الجليل – سبحانه وتعالى – في مُحكَم التنزيل بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ۩ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ۩ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، أحينا على ذلك وتوفنا عليه وأنت راضٍ عنا، آمين اللهم آمين.
أيها الإخوة الأفاضل، أيتها الأخوات الفاضلات:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ ۩ خطاب عجيب، ولعله غير مسبوق، يَا أَيُّهَا النَّاسُ ۩ خطاب إلهي، إلى مَن؟ إلى لون؟ إلى عرق؟ إلى ذوي لُغة؟ إلى ذوي مُعتقَد ما؟ إلى ذوي انتساب ما؟ إلى ذوي نطاق جغرافي ما؟ كلا، إلى كل أولئكم معاً، وإلى أبعد من أولئكم، لعل هذا اللفظ هو أكثر الألفاظ عموميةً في لُغة القرآن العظيم، تماماً كما أن كلمة الله – سُبحانه وتعالى – أكثر الألفاظ وبالمُطلَق خصوصيةً أو اختصاصاً، ولذلك إذا طُلِب إلينا البحث عن المُقابِل من حيث السعة الدلالية – كما يقول علماء اللسان – لهذه اللفظة – أي الناس – فلن أتردد أن أقول المُقابِل الله، هذه أكثرها عموميةً وهذه أكثرها اختصاصاً أو خصوصيةً، يَا أَيُّهَا النَّاسُ ۩ خطابٌ تكرَّر في القرآن المكي ليتكرَّر بعده أيضاً في القرآن المدني، في جميع مراحل تنزل هذا الكلام العلوي الطهور المُبارَك نلتقي ونُصادِف هذا الخطاب، يَا أَيُّهَا النَّاسُ ۩! الخطب الذي يستوعب – كما قلنا – كل اللُغات أو كل ذوي وأصحاب الألسن واللغات، كل الأعراق المُختلِفة، كل الألوان المُختلِفة، كل العقائد، كل الأيديولوجيات، كل الأفكار، كل المُنطلَقات، وكل ما يُمكِن أن يخضع لتصنيف بخصوص النوع الإنساني، يَا أَيُّهَا النَّاسُ ۩! وهذا قبل خمسة عشر قرناً.

إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ۩، لا يتردد الذي يقرأ القرآن العظيم أن يجزم بهذا حقيقةً من الحقائق الراسخة الثابتة، أن البشر جميعاً يرتدون إلى أبوين اثنين، لكن فيلسوفاً كبيراً وذائع الصيت في أوروبا عصر التنوير واسمه نار على علم – من دُعاة الفكر الحر والليبرالية، ومن دُعاة كرامة الإنسان والإنسانوية، أي إنه Humanist – وهو فرانسوا فولتير François voltaire ادّعى أن الأصول البشرية مُتعدِّدة، لم يستطع فكره الخصيب والغزير والمُنفتِح أن يستوعب هذا الكم الهائل من التنوع والتباين والاختلاف بين الأحمر والأسود والأصفر والبُني والأبيض، بين هذا اللسان وذا وذاك وذلك، فادّعى أن الأصول مُختلِفة، لم ينحدر هؤلاء البشر جميعاً من أبوين اثنين، وإنما من والدين مُتعدِّدين، فالجنس الفلاني أصلٌ، الجنس هذا ينميه نسبٌ إلى والدين، أما العرق الآخر فينميه نسبٌ آخر إلى والدين آخرين، وهلم جرا!

ليأتي الدبلوماسي والفيلسوف جوبينو Gobineau في القرن التاسع عشر ويُؤكِّد أيضاً هذه المقولة، تعدد الأصول البشرية! ويسير في مهيعه وفي نهجه تَلميذه البريطاني الذي عاش شطراً كبيراً من حياته في ألمانيا التي ستستحيل بعد نازيةً أسطوريةً تشامبرلين Chamberlain ليُؤكِّد نفس المقولة أيضاً، أن الأصول مُتعدِّدة، القرآن واضح تماماً، إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ۩، طبعاً هذا قطعٌ أو يُعَد قطعاً عجيباً ومُستغرَباً مع مواريث الأمم جمعاء، بما فيها ومن ضمنها الأمة العربية، فهي ليست استثناءً، للأسف المُسلِمون أنفسهم بعد حين من الدهر – بعد أن نكصوا ونُكِسوا على رؤوسهم وأبوا إلا أن يعودوا ولو نسبياً إلى بعض الجاهلية الأولى – أيضاً لم يكونوا استثناءً، وكانوا ينظرون باستعلاء، وطوَّروا بعض المقولات وبعض التنظيرات الساذجة العرقية للأسف، وهذه نكسة وارتداد عن عالمية الخطاب القرآني وعن عالمية القيم الإسلامية التي شكَّلت قطعاً مع المواريث السابقة، مع مواريث الحضارات والمدنيات السابقة واللاحقة للأسف، واللاحقة أيضاً! حتى مع هذه الحضارة التي نعيش دورتها وعصرها والتي لا تزال – وباسم العلم هذه المرة وليس باسم الأساطير، وليس باسم الخرافة – تُؤكِّد نفس المنحى وتُكرِّس نفس المفهومات (للأسف الشديد جداً).

اليونان كانوا ينظرون إلى الشعوب الأُخرى على أنهم برابرة، لكن يبدو أن هذا كان في فترة العلو اليوناني، يوم صاروا هم حملة مشعل الحضارة ومُنتِجي الفكر والنظريات والعلوم، صاروا يعدون غيرهم برابرة، ذلكم أن التاريخ يُحدِّثنا عن أن الآداب والفنون اليونانية القديمة كانت تُصوِّر اللون الأسمر وذوي اللون الأسمر بكثير من الاحترام والتقدير، هذه الجُملة يُمكِن أن نقف عليها مُفصَّلةً وبعمقٍ شديدٍ جداً في الموسوعة النادرة لبيرنال Bernal الابن طبعاً أثينا السوداء، أيBlack Athena، وهي موسوعة ضخمة جداً، يُؤكِّد فيها ويكشف النقاب عن الأصول الشرق أدنوية أو الأصول الشرقية للحضارة اليونانية، فأثينا هذه واليونان لم يأتوا من فراغ ولم يبنوا على غير أساس، وإنما كانوا مُجرَّد حلقة في سلسلة طويلة، هذه حقيقة مدعومة الآن بالأدلة التي تنتمي إلى صنوف الاختصاص المُختلِفة في آلاف الصفحات في موسوعة أثينا السوداء، وهذا إنصاف طيب يُقدَّر لهذا الباحث الغربي المُنصِف، لكنهم بعد ذلك – كما قلت – في فترة العلو صاروا ينظرون باحتقار إلى الآخرين.

الرومان لم يكونوا بدعاً من الشعوب والأمم، فقبل زُهاء ألفي سنة يقف الخطيب والقانوني الروماني الشهير شيشرون Cicero لكي يُنادي في مجلس الشيوخ ويقول عليكم – يُخاطِب الرومان، أصحاب التابعية الرومانية – ألا تتخذوا أي بريطاني عبداً وخادماً، لأنهم لا يصلحون أن يكونوا خدماً، إذ أنكم لن تجدوا في كامل الإمبراطورية الرومانية أحقر من هذا العرق أو أحقر من هذا الجنس، مُتخلِّف! لماذا؟ لأن الحضارة كانت حضارة البحر الأبيض المُتوسِّط، وساهم فيها هؤلاء الرومان حين كان البريتاني – كما كانوا يُعرَفون – يُعتبَر عرقاً وشعباً همجياً بربرياً مُتخلِّفاً، وهذا طال عليه الأمد وطال عليه الزمن، ففي سنة ألف وسبعمائة وثلاث وتسعين – أي قبل زُهاء مائتين من السنين فقط – يُراسِل الملك جورج الثالث George III ملك بريطانيا ملك الصين العظيم ويلتمس منه بكل تواضع ولطافة ولياقة أن يسمح الإمبراطور الصيني المُبجَّل لبريطانيا المُتواضِعة بالاتجار مع الإمبراطورية الصينية، أي بالتبادل التجاري، ويأتيه الجواب عبر سفيره في الصين: إن الإمبراطورية وإن الملك الصيني المُبجَّل لا يأبى أن يتعامل مع البرابرة ذوي الوجوه الحُمر، قبل مائتي سنة فقط! يقول مع البرابرة ذوي الوجوه الحمر، ثم يذكر جُملة تبريرات، ويطلب من الملك جورج الثالث George III أن يسأل سفيره عن مصداقيتها، ويختمها بقوله: ولأن الصين عندها كل شيئ ولا تحتاج إلى أي شيئ منكم، ولا سلام. 

إذن إلى وقت قريب كان هذا، أما البريطان أنفسهم فسوف نرى النظريات التي طوَّروها والتي طوَّرها الفرنسيس والتي طوَّرها الجرمان، أشياء فظيعة ومُفظِعة وراعبة، أشياء راعبة! لذلك يقول وبكل إنصاف يُحمَد العالم الكبير الأمريكي بيتر فارب Peter Farb في Humankind – أي بني الإنسان أو النوع الإنساني، يُمكِن أن يُترجَم هكذا – إن باحثاً مُنصِفاً لو ألقى نظرةً سريعةً على العشرة الآلاف السنة – وهذا هو اللفظ اللُغوي الصحيح، على العشرة الآلاف السنة  – الغابرة أو الماضية لهاله أن يجد أن الأوروبيين لم يكونوا إلا مُجرَّد شعوب بربرية همجية لم تُفلِح في تطوير أي علم وأي نظريات أو أي تقنيات، عشرة آلاف سنة كانوا هكذا! لم يكونوا مُتقدِّمين أزلاً، لم يكونوا حادثاً استثنائياً نجومياً في التاريخ البشري دائماً، لم يكونوا هكذا أبداً وإن ادُّعي بعد ذلك هذا الادّعاء.

إن أصحاب الدعاوى – دعاوى التفوق العرقي أو التفوق العنصري وهمجية الآخرين وبربرية الآخرين – لو عادوا عشرة آلاف سنة إلى الوراء وأقل من عشرة آلاف سنة ورمقوا مسيرة ومشوار الحضارة الإنسانية لوجدوا أن العرق الذي كان ينبغي أن يُقال إنه مُتفوِّق ومُتصدِّر ومُتقدِّم هو العرق الذي عمر الشرق الأدنى، ما يُعرَف بالأوسط اليوم جُزئياً، الشرق الأدنى وليس العرق النوردي أو الشمالي  أو القوقازي أو القفقاسي، إنما العرق الذي عمر هذه الشعوب، رُغم أنف هتلر Hitler الذي كتب في فصل العرق والشعب من كتابه الشهير أو الأشهر كفاحي يقول عند تصنيف الأعراق – هو يُصنِّف مع أنه لم يكن عالماً وليس عنده قدرة على برهنة أي شيئ من أقواله العنصرية العرقية البغيضة، لأنها أصلاً غير قابلة للبرهنة باعترافه، كيف؟ لم يعترف بطريق مُباشِرة وإنما اعترف في أكثر من موضع بأن على القائد وعلى الواحد من أمثاله إذا خاطب الشعوب وإذا خاطب الناس أن يُخاطِب الانفعالات وأن يُخاطِب العواطف وليس العقل، والشعوب كما تعلمون وتعلمن كانت وما زالت وربما ستظل تختزن في وعيها بل وفي لا وعيها الجمعي غير قليل من الخُرافات والأساطير، هذه الخُرافات والأساطير أحياناً تقتلها، أحياناً تُكبِّلها وتعوقها، وأحياناً تُحرِّكها وتهمزها وتحفزها على صناعة التاريخ، عجيب! فهذه أساطير مُنشئة، أساطير مُؤسِّسة، كما قال نيكولا ميكافيلي Niccolò Machiavelli مرةً الشعوب التي تصنع التاريخ قبل أنه تصنعه تصنع الأساطير، لابد من صنع نوع مُعيَّن من الأساطير، على كل حال هو يفهم هذا جيداً وهو مُدرِك تمام الإدراك أن تقسيمه وتصنيفه وتبريره غير علمي بالمرة، أين هو من العلم؟ العلم منه براء – أو الشعوب إلى ثلاثة أعراق فإننا سنجد الجنس الآري هو الذي يحتل المرتبة الأولى، المرتبة الأولى – بحسب هتلر Hitler، نحن نقتبسه هنا – هي مرتبة الذي يصنع الحضارة، إذن هم صنّاع الحضارة، هل كنتم هكذا قبل عشرة آلاف سنة أو قبل سبعة آلاف سنة؟ مُستحيل! متى إذن؟ مسألة عرضية، ككل الشعوب، هم الذين يصنعون الحضارة، أما الجنس المنغولي المعروف بالآسيوي – الجنس المنغولي أو الآسيوي – هو الذي يستقبل – أي إنه Receiver – الحضارة، تستمر عبره، وظيفة ساعي بريد حضاري، أي Postman، أما الجنس – وهذا غريب وهذا غير علمي بالمرة – الذي يهدم الحضارة فهو اليهود، هو يُريد طبعاً ان يُمهِّد لمذبحتهم، لحرقهم في المحرقة، في الهولوكوست Holocaust! لأنهم هدّامو الحضارة، وأيضاً هذا افتراء وغير علمي، فهو اليهود!

بين قوسين أُعلِّق فأقول (منعته حساباته ومُوازَناته السياسية أن يقترب درجة واحدة على الأقل من شُبهة العلمية ليقول الجنس السامي، العرق السامي! لماذا اليهود؟ لكن كان له غرض في استلطاف العرب وفي مُناصَرتهم ولو بالكلام والنظريات، أما نيته فكانت عكس ذلك تماماً، ليس هناك شيئ اسمه العرق اليهودي، هناك العرق السامي إذا آمنا بأسطورة العرق من أصله، وهي أسطورة! محض أسطورة).

إذن الشعوب كلها سارت في هذا الخط للأسف الشديد، في الأدبيات الأموية – وسوف نرى أنها تقطع مع أدبيات عصر النبوة تماماً بخصوص هذه الموضوعة، موضوعة العرق والأجناس والشعوب والألوان والتمييز والتحيز – نرى إعلاء شأن اللون الأسمر والإنحاء والحُكم بالوضاعة والحقارة على اللون الأبيض والأحمر، وهو لون الخدم ولون الأتباع من الأتراك والفرس وغير هؤلاء، والإسلام براء من هذا، لأن الإسلام المُحمَّدي جاء ليقول بشكل واضح جداً لا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقوى، الناس لآدم وآدم من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم أو ليكونن أهون عند الله من الجُعلان، تُدَهْدِئُ الخرء بأنفها – قال – أو برأسها والعياذ بالله. 

النبي كان حاسماً وواضحاً تماماً في هذه المسألة، ويوم عيَّر العربي الصميم والعربي القح أبو ذر الغفاري – جُندب بن جنادة – الحبشي الأسود، الأفطس، مُفلفَل الشعر بلال بن رباح – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين – بقوله يا ابن السوداء – أنت ينميك عرق أسود من أم سوداء – غضب النبي غضباً عظيماً، وقال طف الصاع، طف الصاع يا أبا ذر، أي أمرٌ لا يُسكَت عليه، لقد نبض لك العرق القديم، عرق الجاهلية حرَّكك، طف الصاع، طف الصاع يا أبا ذر، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضلٌ إلا بالتقوى، إنك امرؤٌ فيك جاهلية.

النبي يُسمي كل هذه النظريات والتنظيرات والخُرافات والأفائك جاهلية، إنها جاهلية، هذا أحسن ما تُوصَم وما تُوصَف به، أنها جاهلية، وحقاً لأن العلم يبرأ منها كُليةً، مُبتدأً ومُنتهىً، سائلةً وغايةً، وتأصيلاً وتوظيفاً، هناك مَن أصَّل ولم يُوظِّف، لكن كل مَن أصَّل كان أداةً وكان أساساً وكان حلقةً للذين وظَّفوا.

وعلى ذكر هتلر Hitler – مثلاً – قبل قليل ذكرنا جوبينو Gobineau وتَلميذه تشامبرلين Chamberlain، هذان كانا المهاد والأساس والإطار النظري الذي استمدت منه النظرية العرقية النازية والتي آضت أن تكون نظرية رسمية، للرايخ الثالث كان أستاذين وكان مُؤسِّسين وإن لم يُريدا ذلك، جوبينو Gobineau كان فيلسوفاً، دبلوماسياً وفيلسوفاً! وحاول أن يجعل نفسه أو يلبس عباء العلم في بحثه، وتناقض في مرات كثيرة، دراسات كثيرة عن جوبينو Gobineau تُحاوِل أن تُصنِفه، ولكن الرجل عرقي وعنصري بلا شك، هتلر Hitler اعترف بذلك باللفظ، أن هذين شكَّلا الأساس، كانا مُعلِّمين له، أفكارهما كانت تُلهِمه، حتى المُعلِّم الثالث وهو لوبون Le Bon – جوستاف لوبون Gustave Le Bon  – أيضاً كان عرقياً للأسف الشديد، صاحب حضارة العرب رُغم إنصافه فيه وحضارة الهند، إلا أنه كان من الأعراقيين، لأن هذه النغمة هي التي كان سائدة في أوروبا، مفهوم العرق أو وحش العرق كان مفهوماً شعبياً سائداً، ولقيَ وأصاب غير قليل من القبول والنجاح بين الناس، لماذا؟ للتبرير الذي ذكرنا، لأنه يُناغِم ويُناغي الجانب اللا معقول في شعورنا وفي لا شعورنا، الجانب الأسطوري، الجانب الخُرافي في تفكير الشعوب، كل الشعوب عنده هذه الخُرافات، مُختزَنة في وعيها وفي لا وعيها، ثم يأتي أمثال هؤلاء باسم العلم أو باسم الفلسفة أو باسم السياسة أو باسم القانون – أيضاً باسم القانون للأسف، القانون حتى غير بريء – يتحدَّثون.

وإذا ذهبنا نتحدَّث عن العنصرية المُؤسَّسية أو العنصرية المُؤسَّساتية بمعنى العنصرية البنيوية فإننا سنجد القانون قد تورَّط إلى حد الجريمة في هذه المسألة،  سنجد القانون قد تورَّط إلى حد الجريمة في هذه المسألة ليعكس مصالح الأيديولوجيا أو الطبقة المُؤدلَجة، أما إذا نظرنا على مُستوى عالمي أو كوني كما يستحب بعضهم أن يُعبِّر فسنجد هذه المأسسة لهذه المفاهيم العنصرية والأعراقية تخدم ماذا؟ تخدم الاستعمار والإمبريالية والتنظيرات التي تُؤمِن بــ وتعمل على تكريس وتعزيز التكافؤ اللا مُتبادَل وعلاقات الاستغلال بين المُستعمِرين والمُستعمَرين طبعاً، هناك التنظير وهناك التوظيف وهناك الاستثمار! لعل بعض هؤلاء المُنظِّرين – لعل بعضهم – لو علم أن أفكاره ستكون مهاداً يُوظَّف في إطار ما ينتهي بإبادة شعوب وحرق شعوب وإفناء حضارات لارتجف من هول ما انتهى إليه اجتهاده الأرعن، لكن هذا ما حصل وهذا ما يحصل دائماً، ولذلك الكلمة في قرآننا العظيم وفي ديننا القويم تأخذ خطورةً لا نهائية، والرجل قد يُلقي بالكلمة من سخط الله غير مُوفَّق فيها، لا يُلقي إليها بالاً، تهوي به في جهنم سبعين خريفاً، سبعين خريفاً والعياذ بالله! أمثال هذه الكلمات، هذه أروع أمثلة تطبيقية على هذا الحديث، لأنها ستنتهي بإبادات عرقية، بإفناء شعوب – كما قلنا – وإنهاء حضارات ومدنيات، وهذا ما حدث غير مرة للأسف الشديد!

طبعاً إنصافاً لأنفسنا وإنصافاً لتاريخنا نقول الأمة الإسلامية والشعوب الإسلامية على اختلافها في المُجمَل وفي العموم كانت – بحمد الله تبارك وتعالى – أقل الشعوب تخوضاً وتورطاً في النزعات والتنظيرات والأفكار العنصرية، لم تكن بارئة بالكامل، لم تكن بارئة! مُستحيل أن يُقال إنها كانت بارئة، بالعكس! حتى الفقهاء – والمفروض أنهم لسان الشريعة الناطق المُفصِح – تورَّطوا في هذا، ذكرت قبل أيام لأحد أحبابي مثلاً في إطار نقاش مُعيَّن، ذكرت له ما وقع مع عبد الله النديم، وهو عالم ومُصلِح وصحافي كبير وكاتب، ضجة كبيرة! لم يرض ولم يسمح العقل الشرعي أن يتزوَّج هذا الرجل من سيدة قرشية، لأنه مصري، قبطي الأصل وإن كان مُسلِماً، وهذه قرشية عربية صميمة، أين إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۩؟ أين؟ إسماعيل أبو محمد – عليه السلام، إسماعيل أبو العرب المُستعرِبة، ومن نسله جاء رسول رب العالمين – من أين؟ أمه مَن؟ أمه هاجر، زين العابدين أمه فارسية، الإمام زين العابدين – عليّ بن الحُسين عليهما السلام – أمه فارسية، أين هذا؟ الإسلام بريء من هذه الشِنْشِنة، هذه شِنْشِنة جاهلية، لكن عادت وتلبست لبوساً فقهياً، تُريد أن تُبرِّر نفسها وأن تُمرِّر نفسها وقد فعلت.

أيها الإخوة:

إذا نظرنا في الفلسفة – إن جاز التعبير – القرآنية لهذه المسألة فسوف نجدها بسيطة جداً، لكنها في مُنتهى العمق، على بساطتها هي في مُنتهى العمق، وهي علمية حقاً، وليس دعوى وزعماً، كيف؟ كان بوسع القرآن أن يتحدَّث عن العنصر وعن العرق كما يتحدَّثون، لكنه لم يفعل، بل حدَّثنا أن أول العنصريين أو العرقيين أو الأعراقيين – إن شئتم – هو مَن؟ إبليس، معروف! القرآن أفهمنا أن أول العنصريين هو إبليس الرجيم، لعنة الله تعالى عليه، لماذا؟ احتج بقوله أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۩، لماذا أنت خيرٌ منه؟ المفروض أنه مسجودك، اسْجُدُوا لِآدَمَ ۩، انتهى! إذن هو خيرٌ منك باختيار الله وباصطفاء الله، الله يصطفي زماناً على زمانٍ ومكاناً على مكانٍ وخلقاً على خلقٍ، هذا شأنه – لا إله إلا هو – وهو الخالق، لكنه كان عنصرياً لعنة الله عليه، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۩، والحُجة هي العنصر، هي العرق! خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ۩، أنا من نار وهو من طين، إذن أنا أفضل منه! هذه بالضبط هي حقيقة العنصرية، ليس ما تفعل، ليس ما أنت عليه، وإنما العرق، الدم! فهذا أول العنصريين، هو أستاذهم الأكبر، هو فاتح مدرسة أو كُلية العنصرية التي لا تزال بل التي امتدت وأصبحت جامعة فيها كُليات كثير بتخصصات مُختلِفة، جامعة العرقية والعنصرية! وعانت البشرية من عقابيلها وويلاتها ما عانت ولاقت منها الألاقي، فهذا أول العنصريين.

القرآن تحدَّث عن ماذا؟ تحدَّث عن ذرية، تحدَّث عن نسل راداً هذا النسل إلى سُلالة، المردودة بدورها إلى أصل طبيعي هو الماء والطين، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ۩، قال سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ۩، من هذه السلالة جاءت كل الأنسال وكل الذراري، وحَّدتهم طبيعة سُلالية واحدة، إنها طين، والنبي لخَّص هذا المفهوم وبادهنا به دون أن يلتف هذه الالتفافة الفلسفية أو التنظيرية بقوله الناس لآدم وآدم من تراب، انتهى! الناس هم أنسال آدم، هم ذراري آدم وبنو آدم، وآدم ينميه نسبه إلى مَن؟ إلى مَن؟ هل ينميه نسب إلى ذوي الدم الأزرق أو الدم الأخضر أو الأصفر أو الأسمر؟ أبداً، وإنما هو من تراب، قال وآدم من تراب، هذا هو عطاء الإسلام.

يجب ألا يفوتنا – أيها الإخوة والأخوات – تقدم الإسلام بخمسة عشر قرناً لكي يُقرِّر هذه الحقائق وبشكل واضح ومُكرَّر، أي هو قرَّر وكرَّر، لأنه أراد أن يُحدِث وضعاً جديداً وفهماً جديداً وأسساً جديدة للتعامل والتعاطي مع الآخر بالمُطلَق، الآخر في المِلة، في الفكر، في اللون، في اللُغة، وفي الجغرافيا، بالمُطلَق! ومن ثم سنجد أن القرآن لم يكن فقط مُتقدِّماً بل لا يزال مُتقدِّماً إلى اليوم، الذين يُفكِّرون – وأنا ألمس هذا كثيراً في بعض الأوروبيين – بطريقة الأحكام الرجعية – اسمه الفهم الارتدادي أو الرجعي للتاريخ – يُثيرون الشفقة، كما يُثيرون السُخرية، يأتون ليُقارِنوا ما انتهى إليه فكرهم الآن – مثلاً – في هذه الحقبة ببعض ما يفهمونه – مثلاً – من حضارة المُسلِمين أو من النص الديني الإسلامي، هذا يُثير الشفقة ويُثير السُخرية!

لو ذهبنا نُقارِن – مثلاً – نحن الموديل Model أو النموذج الذي وضعه العالم والمُخترِع والمُشرِّح والنحّات والرسّام  ليوناردو دا فينشي Leonardo da Vinci في القرن الخامس عشر – هو تُوفي في أول القرن السادس عشر – للطائرة والذي أثبت أنه قابل للإنجاز وقابل للتطبيق لأول مرة سنة ألفين واثنين – أي قبل أربع سنين فقط، أُنجِز هذا النموذج أو الموديل Model وثبت أنه قادر على الطيران – مع أي نموذج يستطيع أن يُنجِزه مُهندِس ومُصمِّم الآن في القرن الحادي والعشرين بلا شك سنجد الأول في مُنتهى البؤس والبدائية والسذاجة، هذا صحيح! لكن لو استوعبنا حقيقنا أننا لدى المُقارَنة لا نُقارِن بين مُطلَق نموذجين أبداً وإنما نُقارِن بين نموذج دا فينشي Da Vinci القرن الخامس عشر وبين نموذج المُصمِّم المُهندِس في القرن الحادي والعشرين لرأينا عقلية هذا المُهندِس شديدة البؤس والافتقار والجدب والضحالة بالنسبة لعقلية العبقري الموسوعي دا فينشي Da Vinci في القرن الخامس عشر، وهكذا! هذا هو العدل في المُقارَنة، لكن القرآن رُغم هذه المُلاحَظة لا يزال مُتقدِّماً حتى مع الفهم الارتدادي أو الرجعي – أي بأثر رجعي – للتاريخ، مُتقدِّماً بشكب غير عادي!

ليونتين Lewontin – أحد العلماء الإنسانيين كما أصفه، وهو عالم نفس كبير وله مُشارَكات في فلسفة علم البيولوجيا Biology أو الأحياء مُمتازة ومقدورة ومشكورة حقاً، وهو صاحب عقيدة الــ دي إن أيه DNA، وصاحب المُشارَكة في الكتاب العظيم جداً والإنساني أيضاً Not in Our Genes – يقول بالحرف وهو الخبير – دراساته من أعمق ما يكون بالذات في هذا الموضوع – لا يزال الالتزام الرئيس لمُعظَم علماء الأحياء أو يقول لكثير من علماء الأحياء الآن – إلى اليوم – هو الحتمية البيولوجية، وهو تعبير مُلطَّف في نظري، لماذا؟ للنظريات العرقية، عرق أرقى من عرق، جنس أحسن من جنس، تكوين أحسن من تكوين، علماء البيولوجيا Biology! قال باستثناء فترة الانقطاع اليسيرة، حدث انقطاع وصار التركيز على نقد العرقية وعلى إبراز تهافتها، متى؟ بعد المآسي النازية، بعد المآسي النازية التي انتهت بحرق البشر والكُتب معاً، فطبعاً حدث تراجع، لقد كره الناس إلى أقصى حدود الكراهية كل هذه المزاعم العنصرية لويلاتها وعقابيلها، حدث انقطاع بسيط لعشرات السنين، ثم عادوا مرةً أُخرى في حافرتهم، ليس كلامي هذا، هذا كلام ليونتين Lewontin في أكثر من دراسة وفي أكثر من كتاب رائع لهذا الرجل، إلى اليوم هذا، إلى اليوم! طبعاً بدأ من القرن الثامن عشر، مروراً بالقرن التاسع عشر والعشرين، وانتهاءً بالحادي والعشرين، والمسيرة مُستمِرة!

العالم المُناصِر لداروين Darwin توماس هنري هكسلي Thomas Henry Huxley – عالم ومُتفلسِف – كتب يقول لو أننا أزلنا كل العوائق والحواجز أمام الشخص الزنجي – الأسود، الإفريقي الأصل – وأتحنا له فُرصاً مُتساوية ومُتكافئة مع نظيره الأبيض فمن المُستحيل أن يُجاري نظيره الأبيض، الأبيض الأوسع جمجمةً والأصغر فكاً، يستحيل! لماذا؟ لأن الأوسع جمجمةً أكبر دماغاً، أي الــ Brain أكبر، الــ Gehirn أكبر، إذن هو أكبر عقلاً، أي الــ Mind، وهذا كلام مُخِل، غير صحيح، وغير علمي مُطلَقاً، مُطلَقاً! والرجل عالم وتطوري، يزعم ذلك هكسلي Huxley!

أما أغاسيز Agassiz – لويس أغاسيز Louis Agassiz أشهر علماء الزولوجي Zoology أو علم الحيوان في القرن التاسع عشر – فكتب يقول الآتي، هذا علم! هذا العلم يتحدَّث، الذي يُراد له أن يُصبِح ديناً، وأن تُنفى أديان الله التوحيدية من الأرض لكي يتصدَّر العلم ديناً يُعلِّمنا القيم والأخلاقيات مع دعواه أنه لا علاقة له بالقيم ولا علاقة له بالأخلاقيات، لكن يبدو أن هؤلاء العلماء يأبون إلا أن يلعبوا الدين المُزدوَج، علماء ويظنون في أنفسهم التعمق – ليسوا دائماً كذلك، أحياناً هم كذلك – وفي نفس الوقت هم فلاسفة وعلماء اجتماع ومُنظِّرون، لكنهم يُعرِبون ويكشفون عن أبأس أو أكثر درجات السذاجة بؤساً، سُذج بطريقة مُضحِكة، تُثير السُخرية فعلاً، أمثال هؤلاء على هذا النحو، فأغاسيز Agassiz كتب يقول إن درزات جمجمة الزنجي – الدرزات كما يعرف الإخوة دارسو التشريح هي الخطوط الفاصلة بين عظام الجمجمة الظاهرية والتي تسمح بعد ذلك بالالتحام لكن في وقت مُتأخِّر، في فترة النمو عند الطفل لا تلتحم حتى يأخذ المُخ مداه داخل التجويف الجمجمي – تلتئم وتتصلب قبل نظيره الأبيض، مما يُعطيه دماغاً حجماً محدوداً، وبالتالي ينحبس الدماغ في هذه الجمجمة المُتمفصِلة – الآن تمفصلت، انتهى! لا تتوسَّع – وبالتالي – يقول أغاسيز Agassiz – فإن من الخطورة بمكان تعليم هؤلاء أكثر من اللازم، سوف تُدمِّرونهم، سوف يحترق بعد ذلك مُخ الواحد منهم، أي سوف تُحمِّل عليه أكثر من اللازم، سوف تُحمِّل عليه أكثر من اللازم وبالتالي سوف يحترق هذا المسكين، فلا تُعلِّموا هؤلاء أكثر مما ينبغي، هذا عالم! أشهر عالم زولوجي Zoology  في القرن التاسع عشر، هذا تراث قريب، ليس تراثاً بعيداً، شيئ مُخجِل!

صمويل مورتن Samuel Morton أيضاً – العالم الأمريكي – في ألف وثمانمائة وخمس وثلاثين – في النصف الأول من القرن التاسع – يُجمِّع ستمائة جمجمة ويُنجِز دراسة ويُسميها Crania americana باللاتيني، Crania americana لستمائة جمجمة، يزعم فيها أن كل المُواصَفات والسمات والشيات والعلائم التي يتميَّز بها الجنس الأبيض النوردي – أي الشمالي – تُؤكِّد أن الطبيعة قد اصطفته لكي يقود الأجناس الأُخرى، مُستحيل! هو مُصطفى هكذا إلهياً، قدر إلهي، Destiny! قدر مُتجلٍ كماه سماه الأمريكان التطهريون، أي الأمريكان الــ Puritans، قدر! قدر رباني هذا، هم القادة، يجب أن يقودوا.

وفي حرب أمريكا في فيتنام يأتي أكاديمي أمريكي شهير جداً في الستينيات ليُعيد بعث مقولة مورتن Morton من بعد فنائها، قال هذا صحيح، هذا صحيح ودراسته للجمجمة تُؤكِّد أن قدرنا أن نحكم.

تشرشل Churchill – ونستون تشرشل Winston Churchill، رئيس الوزراء والقائد الكبير جداً والسياسي العظيم المُبرِّز والأديب أيضاً – يكتب كما يقتبسه تشومسكي Chomsky في الغزو المُستمِر قائلاً إن من الصحيح تماماً جواز أو مشروعية ضرب الوحوش المُتخلِّفين والأجناس الهمجية بالغازات السامة، قال هذا الصحيح وينبغي أن يُسلَّم بهذا، يُريد أن يقول لكي نُطهِّر الأرض والمسيرة الحضارية منهم، لا نحتاجهم! تشرشل Churchill الذي كتب مرةً أُخرى يقول ويُنادي إن من حق الشعوب الشبعى – التي تعرف كيف تقتصد وكيف تأكل وتشبع وتُتخَم، أي تصل إلى حد التُخمة – أن تحكم الشعوب الهمجية، من حقها يا إخوان! لِمَ لا؟ والرجل يسير في ضرب سلفه بل أسلافه من أمثاله هوجو جروتيوس Hugo Grotius الهولندي – الدبلوماسي الشهير ومُؤسِّس القانون الدولي، انظروا إلى مُؤسِّس القانون الدولي – الذي كتب يقول هو الآخر بدوره إن أكثر الحروب عدالةً هي التي تُشَن ضد الوحوش الكاسرة المُفسِدة، ويليها في العدالة الحروب التي تُشَن ضد أولئك الذين هم على أشكالها وأشباهها، أي البشر أشباه الوحوش، حرب عادلة – قال – ولك أن تفعل فيها ما تشاء، ما هذا؟ ما هذه النظرية المُغرِقة في العنصرية وفي العرقية؟ شيئ عجيب جداً!

ولنأتي الآن بعد أن استعرضنا هُتاماتٍ ونُتفاً وشذراتٍ من العلم الزائف – هذا اسمه العلم الزائف، العلم الفالصو Falso، أي الــ False – إلى العلم الصحيح لنرى الجلد، هل الجلد حقيقة مُطلَقة؟ هل يُمكِن أن نُقولِب مفهوم العرق ضمن هذا الإهاب المسلاخي – أي ضمن الجلد – مثلاً؟ مُستحيل.

أولاً لِمَ نختلف؟ لِم هذا أبيض وهذا أصفر وهذا بُني وهذا أحمر وهذا أسود وهو الأشد غماقةً؟ لنفس السبب، السبب واحد، صدِّقوني! السبب واحد وهو الــ Melanin pigment، أي  صبغة الميلانين Melanin، هي صبغة واحدة عند الأسود والأسمر والبُني والأصفر والأحمر – الهندي الأحمر كما يُقال – والأبيض أيضاً، نفس الصبغة وهي نفس السبب حتى في الأبهق أو الأحسب أو الألبينو، نفس السبب! أي نفس الــ Grund، كيف؟ هذه الصبغة إذا وُجِدت في الجلد بكثافة تُعطيه اللون الأسود، فقط موجودة بكثافة! هو غني بالميلانين Melanin فيُصبِح أسود، إذا قل تركيزها وكثافتها فإنه يُصبِح ماذا؟ فإنه يُصبِح بُنياً، إذا قلت فإنه يُصبِح أسمر، أي آدم  كما نقول، أي يُصبِح قمحياً، إذا قلت فإنه يُصبِح أصفر، إذا قلت فإنه يُصبِح أبيض، وإذا قلت فإنه يئيض أبهق، أي ألبينو أو أحسب، العرب يُسمونه الأحسب، أي الأبهق! لا يُوجَد لون لا في شعره ولا في جلده ولا في قزحية عينه، هذه قضية الجلد، فنحن إخوة في هذا الجلد أيضاً، والسبب واحد!

والذي يُحفِّز الجلد على تكثيف هذه الصبغيات وعملها المُركَّز هي أشعة الشمس، لذلك حول خط الاستواء دائماً اللون الأسود، كلما ابتعدنا شمالاً وجنوباً نحو القطبين اللون يبهت، حتى نلتقي باللون الأبيض، لكن الإسكيمو استثناء، الإسكيمو ليسوا بيضاً كما تحسبون، لا! لونهم فيه غماقة، وربما يأتيكم السبب بعد قليل.

هنا يتساءل بعضهم عن حكمة الله، إذا كان هناك رب ومُدبِّر وخالق فالحكمة هنا مفقودة، يتفلسفون! كأني ذكرت هذا مرة، لا أدري، المُهِم يتساءلون أليس كان الأوفق بجلد السُكان الذين يبتعدون عن خط الاستواء ويقطنون المناطق الباردة والتي تغيم فيها الأجواء في مُعظَم السنة أن يكون لونهم أسود؟ في ظاهر الرأي نعم وتعرفون لماذا، لأن الجلد الأبيض يرد كل الإشعاع، كل الموجات الإشعاعية! هذا معنى الأبيض، الجو بارد وغائم، وهم يحتاجون إلى الحرارة، فلا تُوجَد حكمة هنا، والعكس صحيح أيضاً، الذين يعيشون عند خط الاستواء المفروض – لأنهم في حرارة، في جحيم لاهب – أن يكون جلدهم أو جلودهم بيضاء، حتى ترد الحرارة عنهم، إلا أنهم سود، أين الحكمة؟ قالوا هذا ضرب هكذا في عمياء، لكن هذا غير صحيح، بالعكس يا إخواني! جلت قدرة الحكيم المُدبِّر، لا إله إلا هو، مُستحيل! تعلمون لو كان جلد الذي يعيش عند خط الاستواء أبيض لمات أكثرهم من السرطانات الجلدية القاتلة، ولأُصيب جُلهم أو مُعظَمهم بحروق الجلد المُدمِّرة، بالعكس! هذه مزية سيئة جداً، مثلبة هذه، مثلبة شديدة! ولذلك يعيش هناك ذوو الجلد الأسود، لماذا؟ لأن الجلد الأسود يمتص الإشعاعا المُختلِفة كلها، ولا يسمح بتمريرها إلى الأدنى أو إلى الطبقات الدُنيا، وهكذا يكون هؤلاء بمنجاة من السرطانات القاتلة ومن الحروق المُهلِكة المُدمِّرة، هذه حكمة، لا إله إلا الله!

وأما هؤلاء الذين يعيشون في المناطق الباردة والغائمة فكما تعلمون جسم الإنسان يحتاج إلى فيتامين دي Vitamin D، يحتاجه! لأن هذا الفيتامين Vitamin له دور رئيس بالتعاون مع الأشعة فوق البنفسجية في تحويل الكِلس إلى عظام، وإلا أُصيب الإنسان بالكُساح، ويُؤثِّر على الذكر وعلى الأُنثى أكثر، خاصة في فترات الحمل، معروف هذا المرض، أي الكُساح! فالجلد الأسود في المناطق الباردة والغائمة لا يسمح بتمرير الأشعة بما فيها فوق البنفسجية إلى ما دونه، ولذلك لا يُصنَّع فيتامين دي Vitamin D، أما الجلد الأبيض مع كونه يرد مُعظَم هذه الأشعة فما يكتسبه وهو قليل منها يسمح بتمريره إلى الطبقة الأعمق، وهكذا يتكوَّن فيتامين دي Vitamin D، جلَّت قدرته، لا إله إلا هو! إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ۩، فالجلد حقيقة واحدة، وهناك سبب واحد!

أما المُكوِّن الوراثي فالبشر يتشاركون في مُعظَم المُكوِّن الوراثي، والفروق بين اثنين من نفس العرق – إذا سلَّمنا بأسطورة العرق – وراثياً قريبة جداً جداً من الفروق بين اثنين ينتميان إلى عرقين مُختلِفين، وراثياً – Genetically – هذا ثابت!

هناك دراسة بالفرز الكهربي، أي الــ Electrophoresis، وهذا أسلوب علمي حديث نوعاً ما، أي نسبياً! عشرات السنين فقط عمره، وهو دقيق جداً لدراسة المُستويات المُختلِفة لأنواع البروتينات Proteins المُختلِفة وهي كثيرة جداً كما يعلم الإخصائيون في جسم الإنسان، بهذه الدراسة – ولها وجه إحصائي طبعاً – وُجِدَ أن هناك فروقاً بين أي اثنين من العرق القوقازي مثلاً – أي القفقاسي كما يقولون، وهو الأوروبي، وخاصة النوردي أو الشمالي – في مائتي ألف فرق، نفس هذه الفروق إلا قليلاً بين شخصين ينتميان إلى عرقين مُختلِفين، نفس الشيئ! تكاد تكون مائتي ألف فرق، ونفس الفروق! إذن نحن فعلاً أبناء أب واحد وأم واحدة وينمينا نسب واحد.

لذلك يقول العلماء الحقيقيون – أصحاب العلم الحقيقي – إذا تجاوزنا الطبقة الظاهرية – هذا المسلاخ، هذا اللباس، هذه البدلة – فالبشر شيئ واحد، واقترح بعضهم – وطُبِّق هذا – أن يُؤتى بجثة زنجي وجثة نوردي أو شمالي – أي إسكندنافي، نوردي أو شمالي أي إسكندنافي، هذا معناها! سويدي أو دنماركي أو أي شيئ – ثم يُسلَخ الجلد وتُعزَل قزحية العين، وحصل تحدٍ، أن يأتي أكبر الإخصائيين في علم التشريح، فإنه لن يُميِّز أياً من الجثتين لأيٍ من العرقين، لن يستطيع! وبحسب الــ Electrophoresis إذا تعمَّقنا في دراسة كيمياء الجسم فالبشر أيضاً شيئ واحد، البشر شيئ واحد! 

إذن فقط هذا المسلاخ هو الذي يُميِّز، ولكن بسبب واحد، فهو ليس مائزاً حقيقياً، إنه مائز زائف، وعلى ذكر حجم الجمجمة حتى مُعامِل الذكاء – الآي كيو IQ كما يُقال – له أهمية هنا، وهو الذي يُتخَذ دائماً ذريعة لكي يُقال الزنوج والأجناس الأُخرى أقل ذكاءً من الأبيض، دائماً يُقال هذا، خاصة في أمريكا للأسف الشديد! البروفيسور Professor جونسون Johnson له دراسة مُطوَّلة حاول أن يُقنِع بها المُجتمَع العلمي، لكنها قاصرة وغير شاملة، لأن دائماً – وليس هذا شأنه، هذا شأن كل العلماء الذين يُؤكِّدون المقولات العرقية – يُقارِنون بين الزنوج – الأمريكان طبعاً، من أصل إفريقي – وبين البيض في العالم الجديد، دائماً تُوجَد هذه المُقارَنة! لكن لماذا لم يفعلوا مرة وقارنوا بين البيض – مثلاً – في الولايات المُتحِدة وبين الصينيين الأمريكيين؟ لأنهم فعلوها مرة وأصاب الصينيون الأمريكيون حظاً ودرجات أعلى في الآي كيو IQ، كانوا أذكى! ثم إن السعة الجمجمية عندهم – أي عند الصينيين – أكثر قليلاً من السعة الجمجمية لدى البيض الأمريكان، لذلك يُستبعَد هذا من الدراسة، هذا عرق آخر، هذا منغولي أسيوي، وأنت أبيض – ما شاء الله – ذو أصول آرية أو هندو أوروبية، فلماذا؟ إذن هناك تحيز.
وذلك التعصب دائماً يُنتِج وينجم عنه شيئان: التحيز والتمييز، أي Prejudice & Discrimination، فالــ Prejudice هو التحيز، والتحيز هو الجانب العاطفي في المسألة، مثلاً إذا ذُكِر له خصومة بين اثنين فأنه مُباشَرةً يتعاطف مع مَن؟ مع الذي من عرقه، مُباشَرةً! دون أن يسمع الحيثيات ودون أن يسمع التفاصيل، يتعاطف مُباشَرةً! إذا حصل أي شيئ هو ينحاز إلى جهة ضد صالح الجهة الأُخرى، هذا اسمه التحيز، أما التمييز – الــ Discrimination – فهو الذي يتخذ مجالٍ وتمظهرات سياسية وإدارية وقانونية ومُجتمَعية للأسف الشديد، وأسفل هذه الوجوه والتمظهرات ما عُرِف بنظام الفصل العنصري في جمهورية جنوب إفريقيا، أي الأبارتيد Apartheid، وتعرفون ما هو الأبارتيد Apartheid، وقد أُلغيَ – بحمد الله تبارك وتعالى – بفضل النضال الذكي للمُلوَّنين، لمانديلا Mandela وأشياعه وأصحابه وأتباعه، هذا الغبي الأسود هو الذي اضطرهم أن يُلغوا هذا النظام الغبي واللا علمي، وقد كان أكثر ذكاءً منهم، لأن العلم في النهاية وقف إلى جانبه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                                  (الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وسلَّم تسليماً كثيراً.

أما بعد، أيها الإخوة والأخوات:

حريٌ بنا أن نُنصِف هذا الدين العظيم الذي أحرجته الأيام والليالي، وأول إنصاف بما يختص بموضوعنا أو موضوعتنا اليوم هو أن نبرأ نحن العرب ونحن المُسلِمين من كل الدعوات التميزية فيما بين بعضنا البعض، وهي كثيرة وكما يقول العامة ضاربة بأطنابها وعلى أكثر من خُرافية، على أسس مناطقية، على أسس طائفية، على أسس مذهبية، وأيضاً على أسس لها علاقة باللون، لها علاقة بالشكل، ولها علاقة بالسمات والشيات، وكما رأيتم وكما تعلمون هذا منهج ومسلك يبرأ منه الإسلام كل البراءة، وصاحبه ينتظر ماذا؟ المقت من رب العالمين، ليس مُجرَّد عادات وتقاليد تتواصل أنت معها وبها مع الذين خلوا وستُوصِّلها إلى الذين يأتون أبداً، وإنما هي جريمة – والعياذ بالله تبارك وتعالى – يمقت عليها رب العالمين.

إن الله – عز وجل – يُخاطِب عباده يوم القيامة، يقول قد جعلت نسباً فقلت إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۩ فأبيتم إلا أن تجعلوا أنساباً وقلتم فلان ابن فلان وفلان ابن فلان، فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم، جريمة ستُصفِّر وجه الإنسان في الدنيا وفي الآخرة بالذات، فانتبهوا! علينا أن نبرأ من هذا، علينا أن نبرأ من كل أشكال التمييز، وعلينا حين ندفع عن ديننا أن نُبرِز هذه الجوانب المُشرِقة وهذه الجوانب السبّاقة التي كان بها سبّاقاً والتي على ما يبدو – وأقولها بكل طمأنينة – أن البشرية لا تزال تحتاجها إلى اليوم، البشرية لا تزال تحتاجها!

يبدو أن الفكر البشري بنسبيته – بحُكم نسبيته – أعجز من أن يتجاوز هذه المُعضِلة، مرض وداء ولوثة عقلية تتكرَّر عبر آلاف السنين وفي كل الحضارات! وكما حدَّثتكم حتى حضارتنا لم تبرأ منها نسبياً!

أذكر ما كتبه صاعد الأندلسي في كتابه طبقات الأمم، فهو عنده كتاب رائع جداً، ساهم به في في هذا العلم، لكنه كتب عبارة استلفتتني، حين وصف الأوروبيين الشماليين قال هؤلاء أعراق غبية، سحنتهم باهتة، وجوهم صفراء، ذكاؤهم غير مُتقِد، بديهتهم غير حاضرة، وشعورهم سلسة مُنسدِلة على رؤوسهم لبرودة أدمغتهم، فالرجل كان ابن حضارة عالية، ابن دورة حضارية، وينظر أيضاً نظرة عرقية وعنصرية إلى أجناس أُخرى، وكان مُخطئاً من وجهة نظر إسلامية خطأً مُطلَقاً، خطأً قاتلاً! هذا لا يثمثِّل الإسلام لا في كثير ولا في قليل، لكن يبدو أن كل الشعوب تفعلها، يبدو أن كل الشعوب تفعلها حين تُصبِح في المُقدِّمة، تبدأ تستعلي على الآخرين وتبدأ تخلق أساطيرها الخاصة بها.

ولعلي أُذكِّركم في آخر هذه الخُطبة بالكلمة التي ألقاها توينبي Toynbee تقريباً في الأربعينيات في مصر، تحديداً في القاهرة، وذكرت هذا أكثر من مرة! قال إن هناك ثلاث مشاكل – أي من وجهة نظره – لن تجد لها حلاً إلا في الإسلام، وهذا يُعتَد به حين يقوله مُؤرِّخ كتوينبي Toynbee درس الحضارات والشعوب والأُمم والنُظم الثقافية على مدى ثلاث وأربعين سنة مُتصِلة ليُنجِز دراسة التاريخ – كتابه الأشهر أو الأكثر شُهرةً في ميدانه، فهذا كلام له وزنه، لا يأتني ساذج ويقول لي لماذا تحتج بالكفرة؟ أقول له لأنك ساذج، أنت لا تعرف شيئاً عن الحضارات إذا ما قُورِنت بتوينبي Toynbee مثلاً، عليك أن تتعلَّم، تواضع لكي تتعلَّم مِمَن هم أعلم منك، هذا توينبي Toynbee! قال لن تجد لها حلاً إلا في الإسلام، وفي رأسها المُشكِلة العنصرية، يقصد الــ Racism، أي التمييز العنصرية، التفرقة العنصرية والعرقية، أي النظرة العرقية، خاصة – كان كما سمعتم من ليونتين Lewontin – إذا كان العلم الآن أو باسم العلم يجري ابتعاثها ودعمها مرةً أُخرى وكرةً أُخرى، إننا نخاف من المُستقبَل حقاً في ظل هذه النظريات البائسة، في ظل هذه اللوثات والأساطير والخرائف والأفائك.

نسأل الله – تبارك وتعالى – أن يفتح علينا بالحق وهو خير الفاتحين.

اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً وفقهاً ورشداً، اللهم إنا نسألك الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، اجعل تجمعنا هذا تجمعاً مرحوماً، وتفرقاً من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تدع فينا شقياً ولا محروماً.

اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام وأن تُعِز المُسلِمين، وأن تُعلي بفضلك كلمتي الحق والدين إلهنا ومولانا رب العالمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، وسلوه من أفضاله يُعطِكم، وقوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.

 (12/1/2007)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

تعليقات 3

اترك رد

  • سمعت منها صباحا بضع دقائق فقط….. ♥ و خرجت تمشيت تحت المطر و دخلت البيت و اعتراني شعور بالرغبة في التعبير و ها انا أعبر…. ♥ طبعا أتمنى أن تقرأ د.عدنان كلماتي رغم أني أتركها في حالة يرثى لها أعتذر، إنه الموبايل يكتب على هواه ههه ][ التعبير في حد ذاته سينقرض كما تنقرض الانسانية و الأمل الذي يحثني شخصيا على أن أفتح بوابة لاوعيي للإفصاح و التعريف عن نفسها هو أنني مطمئنة أن هناك من سمعها سلفا فالمفاهيم الغير معالجة و الاسئلة المتراكمة داخلنا عندما تعالج بطريقة فيها تحنان و أعترف أن المعالج المؤمن مختلف تماما… لا زلت في صراع مع نفسي الا أنني في أعماقي و دائما أقر بأن المعلومة يجب أن ترجع الى مصدرها و هو الله، القليل من يتمكن من خلق مسارات لكل الناس من مواقعها كي تسلك الى الله من أجل هذا أعبر أنا عندك و ليس في مكان آخر.. ♥ أنت عدنان نادر ♥ أقول هذا لأن التعبير لا يكون تعبيرا الا اذا كان هناك مستمع حقيقي و المستمع الحقيقي هو الذي مد أذنيه لأنين العالم شكى له همة و بكى عليه و فضفض دون أن يتأفف أنت تفعل هذا بلا ملل بل بكل أمل و شوق وأنت تقرأ الكتب و هكذا أنت سمعتنا و قرأت تعبيراتنا منذ أزمان خلت في أوراق مختلفة و موزعة في الزمان و المكان….. ♥ عدنان إبراهيم شكرا لك سمحت لنا بالتعبير… ليس من السهل أن تعبر و يفهمك الناس… ♥ كلما اتسع صدر الانسان بالعلم كلما تمكن من سماع غيره… {♥ قال من يحيي العظام و هي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم… ♥ } كما يحيينا الله يوم القيامة بعد ان اهترأت عضامنا يحيينا في الدنيا بعد أن ماتت أنفسنا…. ♥ هذا أملي في الله…. ♥

  • الدكتور عدنان إبراهيم العلامة الأجل سلام عليك ورحمة الله . طالعت بحثا لأحد الكتاب المصريين حول الحروف المقطعة في القرآن الكريم واسم الكاتب العدل -لا ذكر اسمه الكامل – هو يرى أن هذه الحروف الهيروغليفية المصرية المتداولة قبل بعثة الرسول ب100سنة وقد عرض في بحثه لهذه الحروف ولمقابلها المصرية القديمة وجود المعنى مطابقا السياق القرآني مثال طه نعني يأتيها الرجل المعدب بالوحي سياقها يتطابق المعنى .أرجو منكم ردا .
    إلا شارة كتبت هذا على صفحة مجموعة عدنان إبراهيم بالمغرب ولم يندرج .أرو رد

%d مدونون معجبون بهذه: