إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:
أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩
ثم أما بعد:
أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – جل مجده – في كتابه العزيز بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ۩ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ۩ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ۩ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۩ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ۩ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ۩ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ۩ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ۩
صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط. آمين اللهم آمين.
إخواني وأخواتي:
لا نستطيع كبشر إلا أن نتواصل لأننا كائنات اجتماعية، لسنا أحجاراً ولا أقول أشجاراً، لأن الأشجار بما هى كائنات حية تتواصل، فحتى النباتات تتواصل، ويبدو أن التواصل سمة أصيلة ورئيسة من سمات الحياة، والذي لا يتواصل هو حي كميت، فالذي لا يتواصل على النحو المرجو والنحو المأمول هو حي منقوص الحياة إذن.
يُحدِّثنا العلماء المُختصون بعلم النبات أن النباتات تتواصل فيما بين بعضها البعض، تُطلِق إشارات عبر الهواء أو حتى عبر جذورها وتتواصل، والعجيب أن شأنها لجهةٍ ما كشأن البشر أو كبعض شأنهم، منها مَن تُحسِن التواصل والاستماع والاستجابة، ومنها مَن هى نباتات أو أشجار صماء لا تستجيب كبعض البشر الذين يسمعون وهم لا يسمعون وينظرون وهم لا يبصرون والعياذ بالله، ومن المُدهِش أن يُحدِّثنا هؤلاء المُختصون عن أن بعض النباتات حين تتعرض لهجمة من حيوانٍ عاشب يأتي عليها فيهلكها تُطلِق صيحات وصرخات استنجاد واستغاثة، فيستجيب لها أحياناً بعض الحيوانات اللاحمة، فتأتي لتنتقم من هذا الحيوان العاشب، وهذا شيئ عجيب، حيث يُوجَد تواصل بين النبات والحيوان.
قال الله وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۩، وهذه درجات من الإدراك والوعي والتواصل، وقال الله أيضاً وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۩، فأحرى بالإنسان أن يمهُر وأن يتمرس وأن يبز هذه الكائنات الدُنيا في موضوعة وفي مهارات التواصل، لكن معظمنا لا يفعل على النحو المأمول والنحو الجيد.
يُحدِّثنا أيضاً الخبراء والدارسون عن أننا نتواصل بطرائق شتى وبوسائل مُتعدِّدة، لكن يستحوذ السمع على ستين في المائة من وسائل وأوعية التواصل لكننا مع ذلك لأننا لسنا مُستمِعين جيدين ولا نتوفر على مهارات الاستماع الجيدة ولا نكاد نحتفظ بأكثر من عشرين إلى خمسة وعشرين في المائة مما نسمع، فكم بالحري نستفيد من هذا الذي احتفظنا به؟ الله – تبارك وتعالى – يعلم ونحن أيضاً نعلم بوجهٍ أو بآخر.
الكلمة – كما قلنا مراراً – تجرح وتأسو وتهدِم وتبني وتُمرِض وتشفي، الذي حاز على المرتبة الأولى لهذا العام – أي لعام ألفين وخمسة عشر – في الخطابة باللغة الإنجليزية ليس بريطانياً وليس أمريكياً ولا كندياً ولا استرالياً وإنما مسلم عربي سعودي، وهذا أمر عجيب، بطل العالم في الخطابة لعام – أي لعام ألفين وخمسة عشر – هو محمد القحطاني، ادخلوا على اليوتيوب YouTube واستمعوا إلى كلمته – قوة الكلمة وقوة الكلمات – وهى كلمة بسيطة في بضع عشرة دقيقة من أروع ما يكون بالإنجليزية، ولذا هو رقم واحد على العالم، وهذا أمر عجيب لكنه يحصل، والعجيب في القصة أن محمد القحطاني مُنذ طفولته الباكرة كان مُصاباً بالفأفأة والتأتأة وإلى الآن لديه بقايا، يتكلَّم بالعربية فتسطو به هذه الفأفأة والتأتأة وتقطع عليه حديثه وتُحرِجه، كيف أصبح ديموستين Demosten العرب؟ ديموستين Demosten هو خطيب اليونان رقم واحد، ومُنذ أيضاً نعومة أظفاره كان مُصاباً ديموستين Demosten بالتأتأة وبالحُبسة، فهو كان مُصاباً بحُبسة في لسانه ومع ذلك أصبح الخطيب رقم واحد في التاريخ القديم، وهو خطيب اليونان بلا مُنازِع، ومحمد القحطاني هو ديموستين Demosten العرب المُعاصِرين، وهذا أمر عجيب، فكيف؟ بفضل كلمة ألقاها إليه أستاذه في الثانوية حين قال له يا محمد يا بُني عليك أن تواجه ما أنت فيه، لا أن تتهرب منه، اغمس نفسك في هذا الشيئ، سيضحكون عليك لا بأس، سيشمتون بك لا بأس، لكن واجه ما تخاف منه، واجه وتحدَّث وتكلَّم واخطب وناقش وناظر وإن ضحكوا عليك مرة ومرتين وثلاثة.
هذه الكلمة أحيت في هذا الرجل إرادة التحدي، لم يتغلب على المناطقة الأبيناء البُلغاء من أصحابه وزملائه في المدرسة ولا على مستوى المحافظة أو حتى مستوى المملكة ولا حتى على مستوى العالم العربي وإنما على مستوي العالم وليس بالعربية بل بالإنجليزية، فهو الخطيب رقم واحد وبطل العالم وفخر للمسلمين وللعرب بفضل جملة واحدة، وطبعاً الكلمات والجُمل القصار التي شكَّلت مُنعطَفاً في حياة أناس نابهين مُتميزين – هم شخصيات فارقة لكن أصبحوا شخصياتٍ فارقةً بفضلِ كلمة فارقة – كثيرة جداً، لكن يحتاج هذا الموضوع اللطيف إلى أن يتوفَّر أحد على جمع مواده وأدبياته، سيتهيأ له كتاب كبير، هناك أشياء كثيرة عن أسلافنا الصالحين لكن سآتي الآن بمثال أخر عن رجل غربي – هذا القحطاني عربي مسلم لكن الحديث الآن عن رجل غربي – من المُحدَثين، إنه أعظم مُخترِع في التاريخ وهو توماس ألفا إديسونThomas Alva Edison.
إديسون Edison هو أعظم مُخترِع في التاريخ تقريباً دخل التاريخ بزهاء ألف وثلاثمائة اختراع، وهذا أمر مُدهِش، أينما تلفت الآن حولك هنا في هذا المسجد ستجد بصمة إديسون Edison، ليس فقط المصباح الكهربائي وإنما تُوجَد أشياء كثيرة، إديسون Edison كان أشبه بطفل بليد فأتعب مُدرسيه ومدير مدرسته، وفيما يُقال تلقت أمه نانسي إديسون Nancy Edison وكانت مُدرِسة سابقة رسالة أتى بها ابنها من المسئول عن فصله إليها، قال هذه رسالة لتقرأيها، ولا يعرف ماذا فيها لأنه ما زال طفلاً صغيراً في أول أشهره في الدراسة، فهو كان في الصف الأول الإبتدائي، ففتحت وفضت الرسالة وجعلت تقرأ قراءة طبعاً صامتة ودموعها تتحدر، قال ماذا يا أمي؟ما هناك؟ فقالت مكتوب يا حبيبي يا بني ابنك هذا عبقري كبير، عبقريته يضيق عن نطاق استعابها كل ما في المدرسة من وسائل للتربية والتعليم، فننصح لكِ أن تهتمي به بشكل شخصي لكي ترعي هذه العبقرية الفائقة، فابتسم الطفل وسُرَ بهذا، وهكذا كان حيث حبسته في البيت لأن المدرسة لا تستطيع أن تستوعبه لأنه عبقري فائق، وجعلت أمه تُدرِّبه وتعلِّمه كمُدرِسة سابقة، وكان منه إديسون Edison المعروف والمُخترِع العبقري الفذ، توفيت أمه وفي يوم من الأيام يُفتِش في أوراقها ومُذكِراتها فيقع على تلك الرسالة من المدرسة بذلك التاريخ القديم، يود أن يقرأها مرة أخرى لأنها ألقت بظلال طيبة على نفسه فإذا فيها إلى السيدة المُحترَمة نانسي إديسون Nancy Edison نحيطك علماً بأن ابنكِ غبي وبليد جداً، وقد أتعبنا وأشقانا لذلك نرغب إليكِ بدءاَ من اليوم ألا يختلف إلى المدرسة والسلام، وتتحدر دموع المُخترِع العظيم بحرارة وغزارة، وبكى لسويعات ثم قال إديسون Edison الطفل الغبي أحالته الأم الرائعة إلى عبقري عظيم.
هذه كلمات لكن كيف نقول الكلمات؟ كيف نستجيب لحالة الشخص الذي أمامنا؟ ماذا نقول له؟ أياً كان هذا الشخص وفي أي موقفٍ كان، ومن هنا خطورة الكلمة ومن هنا ما صح عن المعصوم – عليه الصلاة وعلى آله والتسليمات – أن المرء قد يُلقي بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً، لأنها قد تكون كلمة تُشعِل حرباً وتُمزِق بلداً وتُؤدي إلى بلايا ومرائر وأَلاَقِيٌّ ومصائب عظيمة، خاصة إذا كان الذي فاه بهذه الكلمة شخصيةً مسئولة وشخصيةً تُشكِل الرأي العام وتُساهِم في تشكيل الرأي العام كالساسةالآن ورجال الدين بالذات – ما شاء الله -في العالم العربي، فأكثر مَن يساهمون رجال الدين للأسف الشديد طبعاً فضلاً عن الصحفيين والمُفكِّرين والكتّاب والمُتخصصين الذين يساهمون في بناء وتكوين الرأي العام، ولذلك قيل كذبة المنبر بلقاءُ، أي الذي يكون له منبر مثل شاشة في التلفزيون Television أو منبر جمعة أو عمود في مجلة أو في جريدة أو صفحة على الـ Website كما هو الآن، وهو شخصية مشهورة ويحمل رسالة كما يزعم، فكذبة المنبر بلقاءُ لأنها تبلغ الآفاق وتدور حول العالم في دقائق الآن في عهد السماوات المفتوحة، فالكلام خطير لكن حتى لا نُطوِل بالمُقدِّمات نُحِب أن نعود إلى موضوعنا الرئيس في حلقته الثالثة – إن شاء الله – والأخيرة لأن الكلام لا ينتهي عن الكلام وحول الكلام وكيف يكون الكلام والاستماع.
كيف يمكن أن نكون مُتواصِلين جيدين؟ التواصل مسألة ذات طرفين ولا تكون من طرف واحد، طرف الذي يُلقي الكلام وطرف الذي يتلقي الكلام، بعض الناس يظن أن المسئولية في البداية إذن وربما حتى في النهاية ستكون مُلقاة على عاتق الذي يتكلَّم، وهذا غير صحيح، الذي يتكلَّم لديه جزء كبير من المسئولية، بنفس القدر تقريباً وربما أحياناً أهم وأعظم أهمية الذي يتلقى أيضاً، فالذي يتلقى هو مسئول أيضاَ، إذن لدينا المُتكلِّم والمُستمِع أو السامع، لكن كيف نتكلَّم جيداً؟ كيف نستمع جيداً؟ هذا هو موضوع الخُطبة ثم ننتهي منها بإذن الله تبارك وتعالى.
نتكلَّم جيداً ونُحاوِل أن نُعين مَن يستمع إلينا أن يستمع وأن يُنصت وأن يتفهم وأن يستفيد وأن يتغير إن أمكن أن يتغير، هناك وسائل كثيرة ذكرنا جُملةً منها في الخطب السابقة ومن ضمنها أيضاً غير موضوع أن ترمي إليه بطرفك وأن تُرحِب به حين يَقدم عليك وحين يتعمدك بمجلسه وحديثه وسؤاله ومفاوضته أن تسأل عنه سؤالاً شخصياً أيضاً، فالدنيا لا تسير فقط بالعموميات والشؤون العامة كشؤون السياسة والدين والأوطان، أيضاً تسير بالشؤون الشخصية، فأحياناً يكون المرء في مأزق أو في تعب نفسي أو اجتماعي وأكثر ما يأمله ويتأمله من غيره أن يُسأل عن حالته الشخصية فيُقال له كيف حالك؟ كيف حال أولادك؟ هل هناك مشاكل؟ هل كل شيئ على ما يُرام؟سلني عني أنا قبل أن تسألني عن الأمة وتتكلَّم حديث الأمة، وهذا ما كان يفعله الصادق المصدوق عليه الصلاة وأفضل السلام وآله، فالرسول عليه السلام في أكثر من حديث كان يسأل الذي يتعمده بالجلوس إليه ويقول له يا فلان كيف أصبحت؟ وهذا في مُسنَد أحمد، فيقول الصحابي المسئول يا رسول الله أصبحت بخيرٍ والحمد لله، فيجيبه النبي جعلك الله على خير، أي إن شاء الله تبقى في خير دائماً وعلى خير، ففي البداية يُوجَد سؤال شخصي كيف أصبحت؟ لكن أحياناً بعض الآباء والأمهات حين يستيقظ أبناؤهم يقولون هل استيقظت؟ هيا البس وتهيأ للمدرسة وكُل، وهذا غير صحيح، قبل ذلك قل كيف حالك يا بُني؟ هل نمت جيداً؟ هذا سؤال بسيط قد لا يلقي إليه الأب أو الأم بالاً لكنه مُهِم جداً في نفسية الطفل، قل هل نمت جيداً؟ هل أنت مُرتاح؟ ثم تُعطيه قُبلة صباحاً، وهذا شيئ طبيعي سوف يُصبِح طقوسياً، فمُهِم جداً السؤال الشخصي عن حالته الشخصية وليس عن الحالة العامة والمدرسة وإنما عن الشيئ الشخصي.
سأل الرسول مرةً أحدهم كيف أنت يا فلان؟ فقال بخيرٍ، أحمد الله إليك يا رسول الله، قال ذلك الذي أردته منك، أي هذا الذي أُحبه، أُحِب أن تكون بخير وأن تكون في حال حمد لله – تبارك وتعالى – لأنك بخير.
بعد ذلك حين يجلس إليك من تعمدك بالمجلس ينبغي أن توسع له، لو المكان غاص مُزدحِم أوسِع لهذا الذي أقبل إليك وعليك، فينبغي أن توسِع له، قال الحبر ابن عباس – رضيَ الله عنهما – لجليسي علىّ ثلاثٌ، أن أَرميه بطَرفي إذا أقبل وأن أُوِّسعَ له في الَمجلس إذا جلس وأن أصغي إليه إذا تحَّدث، أي أن أن أصغي إلى حديثه إذا تحدَّث، فهذه ثلاثة آداب هامة، والنبي كان أكثر من هذا، في صحيح مسلم عن أبي رفاعة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً كان يخطب على منبر والناس تستمع إليه – ولكم أن تتخيَّلوا الآن الحرية الانفعالية والحرية السلوكية التي برئنا منها وبرئت منا فأوشكت أن تصير حيواتنا مُجرَد مُسلسَلات من التكلف والتمثيل والافتعال وهذا هو المكروه، لكن النبي كان حُراً حرية عجيبة جداً، حرية البراءة والطهارة والإنسانية – فأقبل رجل غريب أعرابي وقال يا رسول الله رجل غريب يسأل عن دينه ما يدري ما دينه، أي أنك تخطب وتتحدَّث عن الدين لكنني لا أفهم شيئاً عنه، أحببت الدين فدخلت الإسلام لكنني لا أعرف عنه أي شيئ، فهو قطع النبي خطبته لكن الصحابة سكتوا وهذا من أدب الصحابة، النبي يتفاعل الآن وهو يُخاطِب النبي ولم يقل له أحد اسكت، فالصحابة كلهم سكوت الآن، يقول فنزل النبي – عليه الصلاة وأفضل السلام – وقطع خطبته – لم يُكمِل الخطبة ونزل مُباشرةً – وأقبل علىَ وقُدِمَ إليه كُرسي حسبت قوائمه حديداً فقعد عليه وجعل يُعلِّمني مما علَّمه الله، أي أنه ترك الخطبة وذهب لهذا الرجل الذي يسأل عن دينه، هو رجل جاهل مسلم ويسأل عن دينه، قال ثم عاد فأكمل خطبته حتى أتى على آخرها، أي أنه أكملها، فما هذا الإقبال يا رسول الله؟ ما هذا التواضع؟ ما هذه العظمة؟ لأنه هادٍ، قال الله وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ۩، وهو الهادي الأعظم في هذه الأمة وفي كل الأمم، هؤلاء صحابة مهديون – ما شاء الله – ويزدادون علماً لكن هذا الرجل جاء فقط ليتعرَّف على ألف باء الهداية لأنه لا يعرف شيئاً، وهذا معنى أنه قال ما يدري ما دينه، فمُهِم أن أُقبل عليه ولا يهمني الأعداد، لا يهمني أن يستمع إلىّ ألف وألفان وثلاثة آلاف، لكن مُهِم أن نُساهِم في هداية هذا الرجل وفي البيان له، هذا هو النبي، لكن لو فعلها خطيب اليوم لقام عليه جمهوره أول ما قاموا وقالوا هل نحن مُتفرِّغون لهذا؟ هل عندنا وقت كافٍ يا أخي؟ ويتفلسفون مباشرةً كأن أوقاتهم – ما شاء الله – طبعاً مقضية في الخيرات دائماً، فيغضبون على الخطيب، هذا لو سَلِم مِن أن يُتهَم في عقله ولم يُقل عنه أنه هذا مجنون، كيف ينزل من على المنبر؟ ما هذا؟ هذا مجنون، كيف تفعل هذا؟ هذا منبر يا أخي، لكن ما معنى منبر؟ هل هو سجن؟ النبي فعلها ونزل مرة للحسن والحسين – عليهما السلام – كما تعلمون واعتنقهما وأقبل بهما على منبره، هذا النبي الإنسان عليه الصلاة وأفضل السلام، لكن الآن في تاريخنا الإسلامي الوضع اختلف، واقرأوا للجاحظ وسهل بن هارون وما إلى ذلك، وانظروا حتى إلى الخطباء اليوم، إذا قام أحدهم على المنبر كأنه حجرة لا تتحرَّك، فلا يتحرَّك ولا يُحرِّك بيديه ولا يفعل شيئاً، لكن النبي لم يكن كذلك، النبي كان يُعبِّر وكان يُصوِّر، والمنبر يهتز تحت أقدامه حتى يُقال سيسقط به، لأنه يتكلَّم بحرارة وبإنسانية ويُوضِّح ويُبيِّن، ليس كأنه آلة تسجيل فيحفظ شيئاً ثم يردده على الناس، لديه حرية انفعالية، وهذه هى الحرية الانفعالية والحرية التعبيرية عند رسول الله، فصلى الله على مُعلِم الناس الخير.
مِن سمات الحديث الجيد حتى نُعين المُستمِعين على أن يسمعوا جيداً الاختصار، وطبعاً أنا بريء من هذا، لكن لابد من الاختصار والإيجاز، لماذا؟ لأسباب كثيرة، علمياً الإنسان لديه الذاكرة طويلة الأمد والذاكرة العاملة، والذاكرة العاملة هى مُعالِج – Processor – سريع، ولا تستطيع أن تستوعب الأشياء في أكثر من ثلاثين ثانية لأنها سوف تنسى، تستوعب أشياء الآن وتلتقطها في حدود ثلاثين ثانية، ولا تلتقط كل ما تسمع، تسمع جزءاً وتلتقط جزءاً مما يسمع الإنسان وتُعالِجه ثم بعد ذلك كأنها تشطب عليه، وهذا يُدلِف إلى موطن آخر لكي تتعامل مع الكلام الآخر، فهذه هى الذاكرة العاملة أو المُعالِج السريع، ولذلك العلماء والمُلِحون النفسيون والاجتماعيون الذين درسوا هذه الحقائق العصبية والعلمية استنبطوا أسلوباً عبقرياً في حل المشاكل بين الناس وخاصة بين الأزواج، فما هو؟ حين يكون هذا المُصلِح أو هذا المُعالِج النفسي وإلى آخره يجلس بين اثنين مُتنازِعين يحرص على أن يُدلي كل من الطرفين بأقوال لا يتجاوز فيها ثلاثين ثانية، وهذه آخر الصرعات الآن في العلم وهى تشتغل بنسبة مائة في المائة كما يُقال، يُقال ركِّز لمدة ثلاثين ثانية ثم اسكت وأعط الطرف الآخر الفرصة ليستجيب ويتكلَّم، ونحن في ثلاثين ثانية – كما قلنا – نستوعب تماماً أو جزءاً كبيراً مما يقول الآخر فنستطيع أن نتعامل معه الآن ولا نتشوش، في ثلاثين ثانية أنت تُصبِح مُرغَماً على التكثيف عبر الإيجاز، فلابد أن تُكثِّف، ومعروف أنك إذا أُرغِمتَ على التكثيف أبدعت، فيُمكن أن تُصيب كبد الحقيقة وجوهر المسألة في نصف دقيقة، لكن إذا أُرخيَ لك العنان وتكلَّمت نصف ساعة أو ربع ساعة أو عشرين دقيقة في موضوع مُعين يُمكن أن تُكثفه في جُملة واحدة أو ثلاث جُمل في ثلاثين ثانية سوف يتيه منك الموضوع وتُضِل الطريق، لكن لابد من الحديث في ثلاثين ثانية، وقالوا أيضاً من فوائد الإيجاز غيرالتكثيف أنه يكبح جماح الغضب، لأن طبعاً حين يُوجَد أي نزاع تُوجَد شُحنة غضب عند الاثنين، فإذا أسهب أحدهما أو كلاهما في الحديث يبدأ الغضب يتأشب وتتأرث نيرانه ويشب، لكن في ثلاثين ثانية لن تكون هناك أي فرصة للغضب أن يُطِل بقرنِه، وهذه فائدة مُهِمة جداً، وهذا كلام علمي في الإصلاح وفي المُعالجة، والنبي كان يوجِز كثيراً في حديثه لكن إيجازاً غير مُخِل فهو سيد من عَلَّمَ، علماً بأنني من غير تبجح حقيقةً ومن غير ادّعاء حين قرأت في هذا الموضوع ما قرأت وما يسر الله لم استفد كثيراً تقريباً عما استفدته من تراثي الإسلامي، فهذا موجود – سبحان الله – في الكتاب وفي السُنة وفي سير الصُلحاء والعُرفاء من هذه الأمة، لدينا أدبيات في علم المخاطبة والاستماع تقريباً لا مزيد عليها إلا ما ندر، هناك زيادات مُهِمة لكنها نادرة، فلدينا – سبحان الله – تراث شبه مُكتمِل في هذا الباب، فهل كان علينا أن ننتظر العلم هذه المئين من السنين حتى نتعلَّم من هؤلاء الأفاضل طبعاً في الشرق والغرب؟ آداب الحديث والاستماع موجودة لدينا لكننا لم نُفعِّل هذه الأدبيات لكي تكون ثقافة حقيقية، من أسوأ الناس تواصلاً هم العُرب أو العُربان اليوم، لا يكاد أحدنا يستمع إلى الآخر، وإذا استمع سوف نرى تقريباً كل مساوئ الاستماع أو ما يُعرَف بالاستماع السيء Bad listening، فنحن نتوفر عليها ولا نعرف كيف نستمع إلى الآخر، ومن هنا أيضاً مشاكلنا، فعلى جميع المستويات وفي كل الطبقات سياسية وغير سياسية لا نُحسِن أن نستمع، مع أنه الدين جاء – كما قلت – بشيئ تقريباً لا مزيد عليه، والنبي في الإيجاز كان سيد المُوجِزين في غير إخلال، ومن هنا تقول أم المؤمنين عائشة – رضوان الله عليها – في الصحيح ما كان رسول الله – صلى الله عليه وآله – يسرد الحديث كسردكم، إنما كان يتكلَّم بكلامٍ بيّنٍ فصلٍ يتحفظه مَن سمعه، أي يأتي بجُمل قصيرة وكلمات واضحة، وفي حديث جاب ربن عبد الله – رضيَ الله عنهما – كان في كلامه – عليه الصلاة وأفضل السلام – ترتيل أوترسيل، وطبعاَ أنت لا تستطيع أن تُرتِل كلاماً طويلاً مُسهَباً لكن الكلام الدقيق هو الذي يُمكن أن يُرتَل بلا شك ويُرسَل، لكن ما معنى الترتيل والترسيل؟ الترتيل هو التفريق، قال الله وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ۩، فالترتيل هو التفريق، والأصل قولهم ثغرٌ – أي فم – مُرتَل، والثغر المُرتَل هو مُفرَّق الأسنان غير مُتلاصِقها، فيُقال ثغره أو ثغرها مُرتَل، أي مُرتَل الأسنان، والمُراد أن الكلام يُفرَّق تفريقاً، لذلك قالت – رضوان الله عليها – كما في الصحيح كان يتكلَّم بكلامٍ لو أحصاه العاد لعده، أي يقول كلمة أو كلمتين أو ثلاث أو سبع كلمات، فتسطيع أن تعد كلام رسول الله، وكان يُكرِّر هذا الكلام، كلمات قصار جوامع وفي نفس الوقت يرتلها ترتيلاً – يُفرِّق تفريقاً – جُملة جُملة، فيُقطِع الكلام ولا يُهزرِمه ولا يهزه هزاً كهز الشعر، قال أحدهم لعبد الله بن مسعود – رضوان الله عليه – قرأت المُفصَّل – ليس القرآن وإنم المُفصَّل، فبعض الناس يقرأ القرآن كله في ست ساعات، لكن هذا يتحدَّث عن المُفصَّل، والأرجح أنه من الحجرات إلى الناس – في ليلة، فقال له هزاً كهز الشعر، أي أنه يُنكِر عليه هذا، كأنه يقول له لماذا فرحت بهذا؟ ماذا فهمت منه؟ ماذا وعيت؟ ماذا تدبرت؟ كيف قرأت القرآن؟ كيف قرأت المُفصَل فقط في ليلة؟ وهذا معنى أنه قال له هزاً كهز الشعر، لأن العرب كانت إذا أنشدت قصيدة هزتها هزاً، أي تلتها بسرعة لكي يبين ويظهر ميزان بحرها وتَتْابع – أي تَتَابع – قوافيها على السامع، فالعرب تهز الشعر هزاً لكن القرآن لا يُهز هزاً، القرآن يُرتَل ترتيلاً، قال الله وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ۩، والنبي كان يُرتِل الكلام عليه الصلاة وأفضل السلام، ولو شاء أحد أن يعده لعده، يقول أنس كما في الصحيح وكان يُعيد الكلمة إذا تكلَّم بها ثلاث مراتٍ ليفهمها السامع، أي يُعيد لمرة ومرتين وثلاث مرات، كأن يقول من حُسنِ إسلام المرء تركه ما لايعنيه ثم يعيدها ثانيةً وثالثة، يقول أنس في تتمة الحديث ولم يكن كلامه نذراً ولا هذراً بل كان فصلاً، لكن ما معنى لم يكن كلامه نذراً؟ ليس بالمُوجِز القصير المُخِل، أي ليس بالمنزور والقليل جداً جداً لأن المنزور يتأتي عنه الإخلال فلا يظهر المعنى ولا يبين ولا يضح، قال ولم يكن هذراً، الهذر كالهزر، أي بالذال والزاي حيث يتعاقب الحرفان، والهذر هو ماذا؟ الكثير، أي الكلام الكثير، لماذا؟ لأن الهذر أو الهزر يُمِل، فهذا يُمِل وذاك يُخِل، لكن هو كلامه ليس فيه إملال وليس فيه إخلال، أي أنه كان قصداً، فكان كلامه قصداً في غير إخلال ولا إملال، لأنه سيد المُتكلِمين، وأوتي جوامع الكلم، وأفصح من نطق بالضاد، لذلك أنا أقول لك لا تُصدِّق أي حيث تقرأه في أي كتاب أو تسمعه يكون طويلاً عن رسول الله، وأعني هنا الأحاديث القولية فانتبهوا، أما الأحاديث الفعلية وما إلى ذلك فشأنها مُختلِف، هذه حكاية لكنني أقصد قولية النبي، أحياناً تُقلِّب الصفحة والصفحتين ولا ينتهي الحديث، وهناك – والله – أحاديث في أربع صفحات، ولذا من صغري كنت أوقن أن هذا كذب على رسول الله، فالنبي لم يكن هكذا، كيف يتكلَّم النبي حديثاً واحداً يأتي في أربع صفحات؟ مَن سيحفظ؟ مَن سيفهم؟ النبي لم يكن كلامه كذلك، كلامه هو الكلم القصار النوابغ والجوامع، لأنه نبي ورسول وليس فيلسوفاً يُحلِّل لك مسألة في أربع صفحات، يقول فقط كلمات قصيرة، وفعلاً تعرف أن في هذه الأحاديث القولية الطويلة التي أتت في صفحتين وثلاث وأربع صفحات علائم الكذب بادية ظاهرة والعياذ بالله، فنسأل الله العصمة والتسديد والحفظ من كل الكذب ومن كل صوره ومن كل أشكاله، فهكذا كان عليه الصلاة وأفضل السلام.
إذن الاختصار مع التكثيف مع الإبانة والإيضاح، ولذا يُعيد النبي كلماته، وهو أفصح من نطق بالضاد، يتكلَّم بلغة يفهمها الكل، لا يأتي بحوشي الكلام ولا بمُتسغرَب ووحشي الألفاظ، علماً بأن النبي كان قادراً على ذلك لكنه لم يفعل، لذلك قال أبو عمرو بن العلاء لا يُحيط بالعربيةِ إلا نبي، فلعل رسول الله أحاط بها، مُمكِن جداً طبعاً أن يكون الله آتاه العربية كلها، لذلك كان يأتيه الناس من حمير مثلاً فإذا كلَّمهم لا يُكلِّمهم بلهجة قريش وإنما بلهجة حمير، ويقول لهم لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ، فيا رسول الله من أين لك هذا؟ كيف عرفت هذا؟ يقول أدَّبني ربي فأحسن تأديبي، هو يعرف كل شيئ، ولذلك قال أبو عمرو زبان بن العلاء وهو أحد القراء السبعة – قراء الكوفة – لا يحيط بالعربية إلا نبي، فلعله أحاط بها وهذا الأرجح، لكنه لم يكن يعمد إلى وحشي وغريب الألفاظ لكي يستعرض، وإنما يأتي بالألفاظ الواضحة البيّنة التي يفهمها الكبير والصغير ومَن شاء أن يفهم، لأنه مُبيِن وأُنزِلَ إليه الكتاب لكي يُبين لا لكي يُغمِض ويلهي، لكن بعض الناس يختط خطة الإغماض والألغاز لكي يُظهِر للناس أنه لديه مزيد فضل وعلم، وعلى كل حال فضول الكلام ذمه العلماء والأدباء والحكماء، فالكلام الزائد عن الحاجة فيما هو ضروري من فضول كلام وهو مذموم، أو الكلام في غير حاجة مذموم أيضاً، قصيراً كان أو طويلاً وهذراً أو نذراً هو مذموم وهو من فضول الكلام.
بعد ذلك مِن المُهِم أن تحترم مَن تتكلَّم إليه، وفي الحقيقة من الأفضل أن أقول مَن تتكلَّم معه وليس إليه، هناك مشكلة في الحديث بيننا حيث يتكلَّم أحدنا إلى الآخر، أي Talk for كما يقولون، وهذا خطأ طبعاً، ينبغي أن تتكلَّم معي لا أن تتكلَّم إلىّ، أي Talk with me، فهكذا هم يقولون هذه المُصطلحات، يقولون الكلام مع والكلام لـ، فالكلام لـ سيء، لكن مَن الذي يتكلَّم لنا؟ الخطيب الذي هو في مثل حالتي – الله يعيننا على الوظيفة – والواعظ والناصح والذي يظن نفسه مُصلِحاً، فالناس هنا تسمع فقط باستمرار، لكن نحن نرد كلاماً تعاطفياً وكلاماً إنسانياً وكلاماً فيه مُفاوَضة وفيه مُداوَلة، أي تتكلَّم وتسمع وأتكلَّم وأسمع، لابد من المُناوَبة، فأنت تتكلَّم وأنا أتكلَّم، وأنت تسمع وأنا أسمع، والحديث كما يُقال أخذ ورد أو أخذ وعطاء، فينبغي أن تأخذ وتعطي وهذا شيئ جيد، والنبي كان مجلسه كذلك، فيتكلم ويُتكلَم في مجلسه أيضاً، لكن لا تُؤبَن المجالس، أي خطأ يقع فيه بعض الناس يُدفَن، لا يخرج الواحد من المجلس وهو يقول لقد قال كذا وكذا وضحكنا وحدث كذا وكذا، هذا مجلس الرسول وهو مجلس مُحترَم، وإن وقع أحد في خطأ أو في زلة يُستَر عليه، هكذا أدبهم عليه الصلاة وأفضل السلام؟
مِن الاحترام لمَن تُحدِّثه ولمَن تستمع إليه أيضاً على الأقل في عادات العرب ألا تُقدِم رجليك في وجهه، ولذلك يقول أنس – رضيَ الله عنه وأرضاه – ما رُؤيَ عليه الصلاة وأفضل السلام مُقدِماً ركبتيه بين يدي جليس يجالسه، فما هذا التواضع والاحترام؟ يحترم كل مَن يجلس إليه كبيراً كان أم صغيراً ونبيلاً من علية القوم أم مَن السوقة والعامة، فلا يُقدِم رجليه وهذا احترام، لأنه – عليه الصلاة وأفضل السلام – يُشعِرك بالاحترام وسوف نرى الآن مَن يتحدَّثون عن آداب الاستماع وآداب الكلام، وبعضهم يلخصها بأربعة حروف، الحرف الثاني منها A، ما المُراد بـ A؟ Appreciate، أي التقدير، قَدِر مَن تتحدَّث إليه وقَدِر مَن يتحدث إليك، فكلمة Appreciate – تقدير – يقولون عنها A، ونعود إذن إلى حديثنا، فهذا أدب مُهِم جداً لكن القضية قضية مُركَبة، فقضية الكلام والاستماع قضية مُركَبة وليست قضية بالمجان، وأعتقد من ضمن أسباب العطب الذي نحن فيه – حالة عطب فكري وروحي وسياسي وعاطفي وإصلاحي وتنموي – أننا لسنا جادين – كما قلت مرة – ولا نأخذ المسائل بجِد حقيقي، حتى المُتعصِب هو كذلك، حين ترى شخصاً مُتعصِباً يتحرَّك عصبياً وتحرقه العصبية فاعلم أن هذه العصبية ليست مسئولة، الشخص الجاد والمسئول قد يتعالى على عصبيته وقد يذبحها بسيف المسئولية، لماذا؟ لأنه يُدرِك أن العصبية تحرق وتهدم ولا تبني، فما رأيكم؟ ويرى نفسه مُضطَراً أن يواجه تحيزاته وأن يواجه أحياناً قومه وطائفته وبلده وسياسة بلده وسياسة مذهبه من أجل إصلاح العامة والإصلاح العام، لأنه مسئول وجاد لا يلعب، فحتى الحماس الزائد والعصبية لا تعني أنك مسئول، بالعكس قد تضاد المسئولية على طول الخط أيضاً، فالمسئولية شيئ آخر، ينبغي أن تعمد إلى الإصلاح من طريقه وتدفع كلفته وثمنه مهما بهظ ومهما علا ومهما شق، فلابد أن نكون مسئولين إذن وأن نأخذ مسئولية الحديث والاستماع والنقاش والكلام خاصة في الشئون العامة بجدية حقيقية، ولذلك مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ۩، هذا هو ديننا، فكل كلمة تقولها مُسجَلة عليك وستُسأل عنها يوم القيامة بين يدي الملك لا إله إلا هو، فيُقال لك ماذا أردت بها؟ ماذا ابتغيت بهذه الكلمة؟ هذه مسئولية!
إذن موضوع التقدير و الاعتبار موضوع مُهِم، ونأتي الآن – كما قلت لكم – إلى هذه الرموز التي لخص بعضهم بعض الآداب في الحديث وفي الاستماع، فهناك كلمة واحدة وهى RASA كما يقولون، وRASA بالسنسكريتية معناها Nectar، أي الرحيق، لكن RASA مُختصر طبعاً لأربع كلمات، فـ R تعني Receive، أي يستقبل، حين يتحدَّث إليك أحد حاول أن تستقبل لا تتغاضى، لا تدّعي أنك تسمع وأنت لا تسمع، وإنما استمع جيداً، وسوف نُفرِق الآن بين السماع والاستماع والإنصات والإصغاء، علماً بأن هذه كلها ألفاظ قرآنية، فالقرآن تحدَّث عن السماع وتحدَّث عن الاستماع أيضاً، تقول الآية الكريمة في فصلت وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ۩، والقرآن تقريباً قابلهم بقوله – تبارك وتعالى – في آخر الأعراف وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ۩، إذن هو قال فَاسْتَمِعُواْ ۩ ولم يقل فاسمعوا، وهم قالوا لا تَسْمَعُوا ۩، فالحد الأدنى غير مطلوب حتى لكي يشغبون عليه، ومن هنا قالوا لا تَسْمَعُوا ۩، ولم يقولوا لا تستمعوا، لكن الله قال فَاسْتَمِعُواْ ۩ ولم يقل فاسمعوا، قال الله فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ۩، فاللهم ارحمنا برحمتك، إذن ما الفرق بين السماع والاستماع والإنصات والإصغاء؟ قال الله وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۩ وقال أيضاً فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ ۩، فما هو الإصغاء؟ ما هو الإنصات؟ ما هو السماع؟ وما هو الاستماع؟ طبعاً واضح بداءةً أن الاستماع أبلغ من السماع، لأن زيادة المبنى دلالة على زيادة المعنى، هذه سماع وتلك استماع، ثم أن مادة الافتعال صرفياً – في علم الصرف – عندها دلالات كثيرة، لكنت من دلالتها الظاهرة زيادة المعنى والمبالغة في المعنى، فإذن الاستماع مبالغة في معنى السماع، يقول الفيومي في المصباح المُنير – هذه لفتة ذكية جداً – والفرق بين السماع والاستماع أن الاستماع لا يكون إلا بقصد، أي أنك تتقصد وتتغي أن تسمع، فيُقال استمعت، أنت تستمع لأنك أرخيت آذانك وأحببت أن تسمع، ولذلك قالوا أنه يكون بالإصغاء، فالاستماع لا يكون إلا بالإصغاء، كأن تُميل رقبتك وتُحاوِل أن تسمع فيُقال استمع، أما السماع أو السمع فيكون بقصد وبغير قصد، كأن تسير بسيارتك فتسمع صوتاً أو قرآناً أو أغاني أو أي كلام، فهذا إسمه السماع، علماً بأن بعض الفقهاء أوجبوا سجود التلاوة على المُستمِع دون السامع وهذا الأرجح، قالوا سجود التلاوة واجب في حق المُستمِع، كأن يقرأ احدهم القرآن في الوقت الذي مررت فيه ودخلت المسجد، فأنا في هذه الحالة لم أجلس لكي استمع له ومن ثم قد لا أسجد لأن هذا ليس واجباً علىّ، لو سجدت كان بها ونعمت – خير إن شاء الله – لكن هذا ليس لازِماً.
روى البخاري في صحيحه تعليقاً – هذا من مُعلقات البخاري – أن عثمان بن عفان – رضيَ الله عنه تعالى وأرضاه – دخل المسجد ومر برجل يقرأ آية سجدة، فسجد الرجل وسجد الناس ولم يسجد عثمان، فقيل له لماذا لم تسجد؟ هذه آية نحن مدعوون فيها إلى السجود، فقال إنما السجود على مَن استمع، أي أنا سمعت ولم استمع، ولذلك روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن ابن عباس – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين – أنه قال لا سجود إلا على مَن جلسَ، أي إذا جلست لكي تستمع إلى القرآن وأتت آية سجدة ينبغي أن تسجد، لكن إذا مر أحدهم غير لازِم أن يسجد، أي ليس واجب عليه أن يسجد، فإذن يُوجَد فرق بين السماع والاستماع، و في اللغة الإنجليزية يقولون عن السماع Hearing، لكن عن الاستماع يقولون Listening، فالسماع – Hearing – يعني أنك تسمع أي كلام رُغماً عنك ومن غير قصد، فلا تستطيع أن ترده، هذا هو السماع، لكن الاستماع – Listening – هو أن تريد أن تسمع، قال الله فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ ۩، والاستماع يكون بإصغاء، هذه هى العلاقة بينهما، فلابد من الإصغاء، إذن الله قال وَأَنصِتُواْ ۩، فما هو الإنصات؟ أدب من أهم آداب الاستماع يعني ممنوع حين تستمع أن تُقاطِع وممنوع أن تتكلَّم، ينبغي أن تسكت، فهذا هو معنى وَأَنصِتُواْ ۩، وفي حديث جابر – رضيَ الله تعالى عنهما – ماذا قال النبي قبل أن يقوم النبي ويخطب خطبة الوداع لجابر؟ قال يا جابر استنصت الناس، أي استنصت لي الناس، لكن ما معنى استنصت؟ قل لهم أنصتوا وتحلوا بالسكوت، لأن رسول الله – صلى الله عليه وآله – يُريد أن يخطبكم، أي يخطب فيكم، وهذا هو معنى استنصت الناس. فالإنصات أن تستمع ولا تتكلَّم، يعني ألا تُقاطِع وما إلى ذلك، علماً بأن القرآن ذكر كل هذه الأشياء، فكلها موجودة لدينا.
قالوا RASA الحرف الأول فيها R وهو يعني Receive، والحرف الثاني فيها A وهو يعني Appreciate، والحرف الثالث فيها S وهو يعني Summarize، والحرف الرابع فيها A أيضاً وهو يعني Ask، لكن ما معنى Summarize؟ لَخِص، وما معنى لَخِص؟ حين تُلخِص أو تُعيد صياغة – Paraphrase – هذا يعني إنك فعلاً مُنتبِه معي وتُركِّز فيما أقول، أحسن الكلمات أن تقول له إذن – So – أنت تُريد كذا كذا، وعليه – Therefore – ولذلك ولهذا السبب كذا وكذا وكذا، فهذا يدل أنك فهمت وبدأت تستخلص وترتب العواقب وتستتلي التوالي، وهذا يعني أنك ركزت تماماً وأنك على الخط وعلى الموجة كما يُقال، فمُهِم جداً الـ Summarize، ولذا إعادة الصياغة من أهم المراحل، وآخر شيئ – كما قلنا – هو A أيضاً، وهو يعنيAsk، أي سل، اسأل حين يكون الشيئ غير واضح وغير بيّن، فارجع واسأل عن هذا، قل له هل تعني يا سيدي كذا وكذا؟ هل تعني يا أخي كذا وكذا؟ هل يا أستاذي أو يا شيخي أو يا دكتور أو يا فلان تعني كذا وكذا؟ اسأل حتى يُبين لك، وحتى في الانطباعات هذا أمر مُهِم فانتبهوا، إذا كنت مُستمِعاً جيداً واستمعت إلى مَن أمامك يُمكِن أن تلتقط أشياء هامة، وهذا يكون تقريباً بنسبة ستين في المائة، فحين نتواصل بالكلام يكون للكلمات – Words – ذاتها تأثير بنسبة عشرة في المائة، ويكون للصوت تأثير بنسبة ثلاثين في المائة، والصوت بحد ذاته هو لغة، وذا الصوت هو المُراد هنا وليس الكلمات، فالصوت هو اللغة، ولذا نبرة الصوت وطبقة الصوت وطريقة الصوت لغة تُفهِم ثلاثين في المائة، ومن ثم بقيَ ستون في المائة عندنا، وهذه للغة الجسد، كما قلنا التلميحات غير اللفظية Non-verbal cues مثل حركة العينيين واليدين وطريقة الوقفة وكل هذه التلميحات، ونحن ليس لدينا خارطة صوت لكن لدينا خارطة للوجه، وقد حدَّثتكم قبل عن خارطة بول ايكمان Paul Ekman، حيث يُوجَد عشرة آلاف تعبير وجهي، وهذه خارطة دقيقة جداً جداً، لكن هل لدينا خارطة للصوت؟ ليس لدينا للأسف، حتى الآن لم يفعل العلماء هذا ويتوفروا على إنجاز مشروع مثل لخارطة الصوت، وهو مشروع ضخم جداً جداً، لكن عموماً لدينا القدرة الفطرية أن نميز المشاعر الأساسية السبعة، فهناك سبعة مشاعر أو سبع عواطف أساسية يستطيع البشر عموماً أن يميزوها، وهذا على الأقل في الحد الأدنى، فلدينا السعادة وهى أصعب شيئ، فالسعادة أصعب العواطف تمييزاً، وبعد ذلك يأتي الخوف والحزن والغضب والدهشة والاشمئزاز والاحتقار، فهذه سبعة مشاعر أساسية وهذه تُميَز بقوة أيضاً عبر لغة الصوت، فأنت تقدر على أن تُدرِك هذا، وكثيراً ما يتصل بكَ أخوك إذا كان مُحِباً لكَ وأنت تتكلَّم بطريقة عادية وترى نفسك عادياً لكنه يقول لك يا أخي شعرت أنك لست على ما يُرام، هناك لمسة حزن أو نبرة حزن في صوتك، بالله هناك شيئ؟ ويكون فعلاً صادقاً، فكيف أدرك هذا وأنت تتكلَّم بطريقة عادية في موضوع آخر؟ هو يُدرِك من نبرة الصوت أنك محزون أو أنك مألوم أو أنك مُتضايق، فهذه هى لغة الصوت، وعلى كل حال مهما حاول الطرف الآخر أن يُخفي هذه المشاعر وهذه العواطف الأساسية واجتهد في أن يُخفيها لابد أن تفلت منه وتظهر بمقدار ربع ثانية، وهى طبعاً تظهر عموماً لبضع ثواني، لكنه مهما اجتهد أن يُخفيها لابد أن تفلت منه وتظهر بمقدار ربع ثانية، ولذا يستطيع المُتدرِب والمُتمرِس خاصة إذا كان عنده ذكاء عاطفي تواصلي وكان مُتمرِساً في التقمص الوجداني – Empathy – أن يمشي في أحذية الأخرين، فيقدر على أن يفهم كيف الآخرون يحسون وكيف يشعرون كذا وكذا، لأن عنده حالة التقمص العاطفي – Empathy وليس Sympathy، فـ Sympathy يُراد بها التعاطف الخارجي، لكن الحديث هنا عن التقمص عاطفي Empathy – فكأنه يدخل في أغوارك وفي نفسك ويعرف كيف تشعر وكيف تٌفكِّر، وهذه هى عظمة الإنسانية، وهذا أعظم ما في الإنسان، أي أن يتقمص الأخرين عاطفياً، قال الله كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۩، حاول أن تتقمص الآخر وظروف الآخر فهذا أمر جميل، إذا فعلت هذا تستطيع أن تلتقط هذه اللمحة العاطفية التي لم تدم أكثر من ربع ثانية وتُدرِك أن رغم أنه يتضاحك ويفتعل الضحك هو في حالة حزن – محزون – أو في حالة دهشة أو في أي حالة من الحالات السبع الأخرى، إذن هذه تحدث بلغة الملامح وبلغة غير لفظية وتلميحات غير لفظية.
للأسف الوقت يدركنا والحديث طويل، إن شاء الله في الخطبة الثانية سأمر بكم ومعكم على عُجالةعلى أخطاء الاستماع الأحد عشر التي تجعل الاستماع سيئاً، فهناك أحد عشر خطأً تقريباً وجدتني ووجدت أكثر من أعرف نقع في كثير منه للأسف الشديد، فنسأل الله أن يُعلِّمنا حتى نتجاوز هذه الأشياء، لأن صدِّقوني هذه الموضوعات هامة، ومع ذلك بعض الناس يعترض عليها، لكن هذه الموضوعات في نظري أهم كثيراً من التعليق على بعض الأحداث السياسية وبعض الوقائع هنا وهناك، هذه وقائع تمضي بسرعة فضلاً عن أن ظروفنا مُهيأة لأن تجتر هذه الوقائع وتُنتِج وتُولِّد مثلها آلافاً وربما أكثر من الآلاف، لكن مثل هذه الخُطب التي تنقصنا يُمكِن أن تُساهِم في إصلاحنا وفي رفعنا إلى مستوى نحن مُضطرون أن نرتفع إليه وإلا فهى الكارثة وخراب الديار كما يُقال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

(الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسلمياً كثيراً.
أيها الإخوة:
هذه الأخطاء الأحد عشر طبعاً ستجدون كثيراً منها – ستجدون مثلاً سبعة أو ثمانية أو خمسة أو أربعة – عند هذا المُدرِب أو عند هذا العالم النفساني وإلى آخره، لكن هناك مُدرِبة شهيرة جداً كانت هى الرئيسة السابقة للجمعية الأمريكية للتدريب والتنمية وهى ليزا جي داونز Lisa J. Downs عندها كتاب جيد – من المُمكِن أن تشتروه من موقع أمازون Amazon – إسمه Listening Skills Training، أي التدريب أو التمرن على مهارات الاستماع، وهو كتاب مُمتاز حصرت فيه تقريباً كل أخطاء الاستماع المُهِمة، فتقريباً لا مزيد على ما ذكرت، حيث ذكرت أحد عشر خطأً.
الخطأ الأول سمته Daydreaming، أي أحلام اليقظة، لكن ما معنى Daydreaming في موضوع الاستماع؟ أن تستمع إلى شخص وتبدأ تجول بخاطرك – أي عقلك يجول – في موضوعات لا علاقة لها بموضوع الحديث، أي تسرح كما يُقال بالعامية، فهذا إسمه أحلام اليقظة، وهذا خطأ جداً في الاستماع، فحاول ألا تسرح حين يُحدِّثك أحدهم، لا تذهب بعيداً وركِّز معه، كما قال ابن عباس وأن أصغي إليه إذا حدَّثني، وذلك احتراماً له، وهناك – كما قلت لكم – مرآة الاستماع، فكيف أعرف أنك استمعت إلي أم لم تستمع؟ هناك مرآة – Mirror أو Spiegel – أعرف هذا بها من خلال التلخيص، ومن خلال الأسئلة سأعرف أنك تابعتني جيداً وأدركت ما أرمي إليه، فأنت لخصت الكلام وسألت الأسئلة ورتبت الأفكار ومن ثم أعرف أنك استمعت إلىّ، هذه مرآة الاستماع والتجاوب العاطفي معي.
الخطأ الثاني هو Debating، أي المُناظَرة والمُجادَلة، لكن ماذا يُراد بالمُجادَلة؟ ليس باللسان وإنما المُجادَلة الباطنية، بمعنى أنك تستمع إليه وتُدير نقاشاً – Argument – داخلياً حول ما يُقال في الداخل Inner، كأن تقول لنفسك هو يقول كذا وكذا لكنه قال هذه المرة كذا فإذن هو تناقض، وهنا سوف تضيع وسوف يُصبِح في عالم آخر وأنت مازلت تُجري مناظَرة داخلية، فلا تُحاوِل أن تعمل مُناظَرة داخلية، حاول أن تستمع فقط، والمبدأ العام الذي يجمع أكثر الأشياء مبدأ القبول، فحاول أن تقبل ما يُلقيه إليك، لذلك يأتي العنصر الثالث السيئ في الـ Bad listening وهو الحُكم – Judging – والتسرع في الحكم، كأن يُقال لك أنت من هؤلاء القوم لقد فهمنا، وطبعاً هو استنبط هذا ومن ثم قال لك لقد أدركت أنك مُتعاطِف مع الدولة الفلانية لقد فهمنا يا سيدي، وهذا خطأ طبعاً، يا رجل أعطه فرصة أن يُعرِب عن وجهة نظره، حاول أن تتقبل هذا، يُوجَد شيئ إسمه أن تتقبل ما يقول، أعطه فرصة أن يُفرِغ ما عنده في وقته ولا تُسارِع إلى الأحكام والحكم Judging، هل أنت تعمل قاضياً لكي تقول لقد عرفنا وهذا واضح يا سيدي؟ والواحد منهم يُريد أن يُعطي حكماً بالغصب فيقول هذا شيعي وهذا سُني وهذا وهابي وهذا مع إيران وهذا مع السعودية وهذا مع أمريكا وهذا مع حماس وإلى آخره، فلا تحكم على الناس، الذي يحكم مُستمِع رديء.
الخطأ الرابع هو Pseudo-listening، أي الاستماع الزائف، والاستماع الزائف يعني الاستماع التمثيلي، كأن يُمثِّل أحدهم أنه يستمع ويضحك وما إلى ذلك وهو ليس هنا أصلاً ولا له علاقة بالحديث، أي يُمثِّل أنه مُستمِع وهذا نوع من الكذب، والله لا يحب الكاذبين، إذا لم يُعجبك الحديث أو أنت مُعجَل بموعد ضروري – مثلاً – كما قال أحدهم استأذِن، قل له عفواً أنا لا أقاطعك وأنا مُتأسِف جداً ومُتألِم وكنت أُحِب أن أُكمِل لكن يعلم الله أن خلفي أو أمامي مشوار أو موعِد ضروري جداً فأستأذّن، استأذِن لكن لا تُمثِل أنك تستمع وأنت لا تستمع، وهذا يُسمونه الاستماع الزائف.
ذكرت أيضاً خطأ إسمه Stage-Hogging، لكن ما معنى Stage-Hogging؟ أستطيع أن أترجمها بالاستحواذ، كأن يحاول الشخص أن يستحوذ أو يستأثر، وهذا مسلك أناني، لكن كيف يستأثر؟ يُعيد توجيه الحديث حتى يتناسب مع أهداف شخصية له، فالحديث قد يكون حديثاً روحانياً أو قد يكون حديثاً علمياً أو حضارياً لكنه يُعيد توجيهه حتى يُصبِح سياسياً، فأنت أدخلتني في السياسة وأنا ليس لي علاقة بها، أنا أتحدَّث حديثاً روحياً، فلا تقم بعمل Stage-Hogging وهذا النوع من الاستحواذ والاستئثار لكي تُعيد توجيه الحديث ليتلاءم مع غايات وأهداف شخصية، فهذا استماع سيء، أنت لم تستمع إلى الحديث، وفعلاً في النهاية سوف تجد أنك أخرجت نفسك والمُتكلِّم إلى ساحة أخرى ما أرادها هو وما كان ينبغي أن تخرجا إليها.
ذكرت أيضاً خطأ إسمه Ambushing، لكن ما معنى Ambushing؟ يعني كما يقولون نصب الكمائن أو إن تأتيه من مكمن أو تأتيه على غفلة، فمعنى Ambushing أن تتصيد له الأخطاء، أنت لا تُحاوِل أن تسمع وتفهم ماذا يقول، وإنما فقط تعد له الأخطاء، كأن تقول هذه غلطة نحوية وهذا غلط وهو لا يفهم وهذه الإحصائية غير صحيحة وهذا اللفظ غير سليم وهذا يدل على كذا وكذا، وبعد ذلك تُظهِر هذا، هذا استماع رديء أيضاً ومن ثم ستكون مُستمِعاً رديئاً.
أعلم أن بعض الناس الآن لن يُناسِبهم هذا الحديث، لأنني أعرف أن معظم العرب لا يُناسِبهم هذا الكلام، هل تعرفون لماذا؟ لأننا لم نتعود على هذه الأشياء، وهذه الأشياء سنُترجمها الآن بالعبودية، فيُقال هل أنت تريد منا أن نكون عبيداً لمَن يتكلم أياً كان؟ وهذا غير صحيح بالمرة، في نهاية المطاف قد يتحدَّث حديثاً وتجد نفسك في النهاية تُخالِفه في تسعين في المائة منه لكنك كنت مُستمِعاً جيداً، فانتبه لأن هذا لا يعني أنك ستُوافِق على ما قاله وستعطيه شيكاً – Check – على بياض، لكن فقط كُن مُستمِعاً جيداً، وأنا أقول لك أن المُستمِع الجيد دائماً في موقف أقوى من المُستمِع الرديء، حتى إذا أراد بعد ذلك أن يُناقِش وأن يُناظِر بأدب وتهذيب سوف يكون موقفه قوياً جداً لأنه فهم تماماً ما لدى الآخر، فهم خلفياته وفهم براهينه وفهم جدلياته وفهم افتراضاته وفهم كل شيئ، ومن ثم يستطيع أن يبني على هذا وأن يُناقِش وأن يكون في الموقع كما يُقال، فهذا مُستمِع جيد، وليس المقصود أن نكون عبيداً لمَن يتكلَّم، هذا غير صحيح.
بعد ذلك قالت هناك شيئ إسمه Selective listening، أي الاستماع الانتقائي، وهذا إيجابي طبعاً، فهناك استماع اجتنابي Avoidant، وهذا هو الصورة السلبية منه، إذن يُوجَد استماع انتقائي إيجابي، لكن كيف يكون إيجابياً؟ فقط تستجيب لما يهمك من أجزاء الحديث، فهناك قضايا مُعينة تهمك مثل القضايا السياسية – مرة أخرى نعود إلى السياسة الملعونة – ومن ثم يهمك الشأن السياسي، وهناك قضايا فلسفية أو فكرية أو علمية أو فقهية أو اجتماعية وغيرها، هذه كلها أنت تصم أذنيك عنها، لكن أول ما تأتي لفظة أو جملة لها دخالة بالسياسة تبدأ تستجيب – Response استجابة – وهذا إسمه استماع انتقائي، لذا صاحبه مُستمِع سيء.
عندنا شيئ آخر إسمه Problem solving، أي حل المشاكل، وهذا من أسوأ ما يكون ونحن أساتذة فيه طبعاً، مُباشَرةً تُبادِر وتتبرع بتقديم نصيحة لمن لم يطلب هذا، فأنا لم أطلب منك نصيحة ومع ذلك تقول أنا – والله – يا أخي أنصحك مع زوجتك في هذه الحالة أن تفعل كذا أو مع حزبك تفعل كذا، لكننا يا أخي ما طلبنا نصيحة، أنا أتكلَّم فأعطني فرصة أن أُعبِّر، فأنت هنا تتبرع بإعطاء الحلول والنصائح التي لم تُطلَب منك، وعموماً من الأدب ألا تتقدَّم إلى أي أحد بنصيحة لم يطلبها منك، أنت لست مُستشاراً نفسياً، إذا طلبها منك وإليك تقدَّم بها، إذا لم يطلبها لا تتقدَّم طبعاً، ولذلك النبي كان لا يتكلَّم فيما لا يعنيه، وهذا معنى من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
عندنا شيئ آخر أيضاً إسمه Defensive listening، أي الاستماع الدفاعي، والاستماع الدفاعي معناه أن تأخذ كل شيئ على محمل شخصي، فتقول – مثلاً – ما قصدك؟ إلى ماذا تُلمِّح؟ وهو يا أخي لم يقصدك، لكنك تقول هو قصدني وإلا لماذا أتى ببيت الشعر هذا؟ هو يقصدني، وهذا إسمه الاستماع الدفاعي، وهذا غير صحيح، استمع بعمق وبتقمص وجداني – Empathy – من غير هذه الدفاعية، وهنا قد يقول لي أحدكم أنا لاحظت – وأنا لاحظت هذا شخصياً – أن بعض الناس قد يأخذ حديثاً لا علاقة له به بشكل شخصي، نفترض أن خطيب يخطب الآن – مثلاً – في اندونيسيا أو في جاكرتا أو في القاهرة وحين يسمع أحدهم هذه الخُطبة يقول هو يعنيني، وهذه حالة مُتطرِّفة من جنون الاضطهاد، فدخلنا في الهبل الآن وفي الجنون، وهذا حصل معي عدة مرات وكُتِبَت لي تهديدات على صفحتي وقيل لي أنت أيها الكذا الكذا تعنيني بكلامك، وأنا لا أعرف هذا الشخص وهو من دولة أخرى، فطبعاً هذه حالات مرضية، وهذا استماع دفاعي، حيث يظن أن أي شيئ يُقال يُقصَد به شخصياً، وأدنى الحالات أن تتخذه هذا مع أستاذك أو مع جارك أو مع زوجتك أو مع أخيك وما إلى ذلك، وهذه الحالات قد لا تكون مرضية للقرب، لكن مثل هذه الحالات الأخرى تكون حالات مرضية ومُتطرِّفة كأن أن تظن أن الخطيب الذي من دولة أُخرى يقصدك، وهذا الشخص لو سُئل طبعاً سوف نجد عنده المنطق الخاص به، فحين تقول له كيف يقصدك هذا الخطيب وهو في القاهرة؟ يقول لك هناك مُخابرات أمريكية – CIA – أعطوه معلومات ومن ثم هو يقصدني، وطبعاً هذا مُصاب بجنون الاضطهاد ويظن نفسه مُهِماً جداً على مُستوى الكون، وأن مخابرات العالم في الدول الست العظمى تتقصده وتُريد أن ترهقه، وهذا جنون طبعاً، فنحن لا نُريد هذا الجنون لا في حده الأدنى ولا في حده الأعلى ومن ثم ينبغي أن بارئين منه وألا نكون دائماً في موقف استماع دفاعي.
يُوجَد الشكل السلبي من الاستماع الانتقائي – كما قلنا – وهو الاستماع التجنبي Avoidant Listening، فما هو؟ أي شيئ لا يُريحني ولا أُحِبه أتصامم عنه وكأنني لم استمع إليه، وأنا في هذه الحالة أُحاوِل ألا أستمع إليه فعلاً وأقوم بعملBlock عليه، وهذا إسمه استماع تجنبي.
إذن يُوجَد أحد عشر خطأً من أخطاء الاستماع، وطبعاً لكي نتدرب على تحاشيها سوف نحتاج إلى وقت طويل جداً وإلى نوع من الوعي الذاتي بدوافعنا وبسلوكاتنا واستجاباتنا مرة ومرة وألف مرة، لكن النتيجة سوف تكون جميلة وفي مُنتهى الجمال وفي مُنتهى الصحية وفي مُنتهى الفائدة، أظن أيضاً أن من أهم آداب الاستماع التي ربما لم تُشر إليها السيدة داونز Downs بطريقة واضحة وهو عدم المُقاطعَة، ألا تُقاطِع مَن يتحدَّث، لكن نحن نُقاطِع لأسباب كثيرة، مِن أشهرها أو في مُقدَمها المُشارَكة في الحديث، لكن كيف أننا نُقاطِع للمُشارَكة؟ نحن نُقاطِع لكي نُظهِر لمُحدِّثنا أو للآخرين إذا كان هناك ثمة آخرون أننا نعرف ما يقول، فنحن نعرف هذا الحديث ومن ثم نُكمِله الآن، فنُكمِل بيت الشعر أو نُكمِل القصة ونذكر مصدرها كأن نقول هذه ذكرها ابن العماد في الشذرات وهذه ذكرها أبو الفرج في كذا وكذا، لكن هذه خفة عقل وقلة أدب،يقول خالد بن صفوان إذا استمعت إلى مُحدِّثك لا تُشارِكه في حديثه وإن عرفته على وجهه فإن ذلك خفة عقل وسوء أدب، يقول التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح ربما استمعت إلى الغلام – ولد صغير عنده خمس عشرة سنة مثلاً – يتحدَّث بالحديث فأصغي إليه وأنصت وقد عرفته قبل أن تلده أمه، أي أسمعه إلى النهاية ولا أُظهِر أنني أعرفه، ومن ثم يتشجع كأنه – ما شاء الله – حدَّثنه بحديث لم يعرفه، وعطاء هو مفتي الحرمين في وقته ولك أن تتخيَّل هذا، فانظر إلى هذا الأدب، هذا أدب شديد.
قالوا عن سفيان الثوري – أحد الأئمة العظام في الإسلام – ربما كان يُعجِب من الحديث – كأن يقول ما شاء الله مثلاً للدلالة على أن هذا الحديث يُعجِبه – وهو أدرى به، أي يعرفه على وجهه، لكن هذا أدب فيتصرَّف كما لو كان لا يعرفه، وهذه أخذها الشاعر البليغ العظيم أبو تمام فقال:
مَن لي بإنسان إذا أغضبتــه وجهلتُ كان الحلمُ ردّ جوابه.
وتـراه يُصغي للحديث بسمعه وبقـلبه ولو أنه أدرى بــه.
أي أنه قال أين أصيب هذا الرجل؟ أين أجد مثل هذا الرجل الكامل؟
نسأل الله أن يُؤدِّبنا بآداب الكبار وبأعلى الآداب وبكبار الآداب وأن يُعلِّمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علَّمنا وأن يزيدنا علماً وفقهاً ورشداً.
اللهم اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولنا فيمَن توليت، لا تدع لنا في هذا اليوم الكريم في هذه الساعة الكريمة ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرَّجته ولا كرباً إلا نفَّسته ولا ميتاً إلا رحمته ولا مريضاً إلا شفيته ولا أسيراً إلا أطلقته ولا مديناً إلا قضيت عنه دينه ولا مظلوماً إلا أنصفته ولا شاكياً إلا أزلت شكاته برحمتك يا أرحم الراحمين.
أعطنا ولا تحرمنا، زِدنا ولا تنقصنا، أكرِمنا ولا تُهِنا، وانصرنا على مَن بغى علينا، اللهم جنِّب المُسلِمين والمُسلِمات الفتن ما ظهر منها وما بطن وأصلِح ذات بينهم وألِّف بين قلوبهم ولم شعثهم ووحِّد صفهم برحمتك وقوتك ولطفك يا عزيز يا لطيف يا قوي يا خبير يا رب العالمين.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩.

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩، وأقِم الصلاة.
(تنويه: نسيَ الدكتور عدنان إبراهيم في أثناء حديثه عن الأحد عشر خطأ أن يذكر Rehearsing، أي التمرين والتدرب، ويُمكِن العودة إلى كتاب Listening Skills Training: Lisa J. Downs الذي ذكره الدكتور لمزيد من التوسع).

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا (9/10/2015)

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليقات 6

اترك رد

  • I am honoured to see such progress in the religious speech of Adnan Ibrahim, he and his team have made such progress throughout the time, I am truly impressed by how minutely they take care of the information and examples stated in the speeches. In addition, I have to say that he is one – if not the only – sheikh who takes so much care in details and the design, that it brings me earnest joy, as it is known that our islamic websites lack the beauty of a harmonic and well made website design. Do excuse my speaking in English, as I can’t write in Arabic at the moment, whereas I wanted to share what is in my mind without further due. Thank you Adnan Ibrahim and his team!

  • الإستماع بلا شك هو فن وضرورة للتطور الفكري، الصمت و التلقي بكل انفتاح و استعداد للتعلم مما تسمع و ترى، الإستماع بالعينين و مراقبة لغة الجسد مهمة أيضآ و مفتاح من مفاتيح الفهم العميق للحوار و الحديث الذي يجري، إن تطوير هذه المهارة هو مرحلة من مراحل تطور الإنسان الفكري و هي عقبة كأداء في سبيل من لا يتعلمهاز لله در الاستماع ما أهمه للوصول إلى مراحل متقدمة من التطور الإنساني الرائع، من لا يدرك أهمية تطوير مهارة الإستماع لديه يمضي عنه ركب النضوج و التقدم و يتركه وراءه في غياهب الجهل و الذاتية و التصورات الخاطئة و التعصب.

    ريما الخطيب
    10-مايو-2016

%d مدونون معجبون بهذه: