إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا ونَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيهِ ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

عباد الله:

 أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سبحانه وتعالى – في كتابه الكريم بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ۩ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ۩ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ۩ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۩ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۩ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ۩ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ۩ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ۩ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ۩ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين، واجعلنا اللهم من ورثة الفردوس خالدين فيها بفضلك ومنك ولطفك العميم.
إخواني وأخواتي:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩، يا له من استهلال، يا له من مطلع مُبهِج ومُسعِد ومُبشِّر، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩، تعليقُ الحكمِ – كما يقول الأصوليون – بالمُشتَق مُشعِر بعلية ما منه الاشتقاق، السبب والعلة في إطلاق هذا الحكم البشائري الإلهي الكريم بالفلاح هو الإيمان، السبب الرئيس هو الإيمان، فكل مُؤمِن مُفلِح، على أنه سُبحانه وتعالى لم يكتف بهذا الأصل وحده بل عقَّب وأتبعه بذكرِ خصالٍ ست لهؤلاء المُؤمِنين تشهد بكمال إيمانهم وصحته وتحققه وتجليه، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩ الَّذِينَ ۩، هذا الإسم الموصول  يُشعِرُ بأن إيمان هؤلاء في حيز المعلومية كما يقول النُحاة، معروف مَن هم هؤلاء، لا يتحدَّث عن مجاهيل بل عن معلومين موجودين لهم وجود وتحقق، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ۩، أوصاف وسمات وخلال كريمة، إلى آخر هاته الخلال المذكورة في هذه السورة العظيمة المُبارَكة، إذن الفلاح ليس سراً وليس لُغزاً وليس مسألةً مُعقَّدة، سهلٌ جداً وبيِّنٌ مُتضِح، الإيمان وأن تجمع إليه هذه الخلال، أنت مُفلِح ببُشرى من الله تبارك وتعالى، ليست مُضطَّراً ولا ملزوزاً أن تسأل عالماً أو تستفي شيخاً أو تعود إلى مرجعية أو تستنطق الأحلام والمنامات – رأيت لك ورأيت لنفسي – فالأمر أوضح من هذا، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩، مَن هم يا رب العالمين؟ هم هؤلاء، الذين بعد تحققهم بجوهر الإيمان تحلوا بهذه الخصال والخلال الكريمة الست، هؤلاء مُفلِحون ناجون بلا شك، قال الله ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ۩، فالمُتقون ناجون، المُتقي ناجٍ، المُؤمِن المُتقي الذي اتقى غضب الله – تبارك وتعالى – بتركه ما يُسخِط الله أو ما يُوجِب سُخط الله وغضبه، والله – تبارك وتعالى – يسخط ويغضب إذا انتُهِكَت محارمه ويسخط ويغضب إذا ضُيِّعَت فرائضه، حين تُضيَّع الأشياء التي لابد أن نفعلها فإن هذا يُغضِب الله – تبارك وتعالى – ولا يُرضيه، إذن هذا هو التقي، هذا هو المُتقي، وهو من الناجين، قال الله أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۩، إنهم الناجون المُفلِحون الظافرون، قال الله أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۩، مَن؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ۩، المُؤمِن التقي هو من الناجين، هو من المُفلِحين، والآياتُ مثيرة في تقرير هذا المعنى الجليل المُبشِّر الذي تسعد به النفوس وتنشرح به الصدور – أي بهذا المعنى – ولا جرم، فهذا مُقتضى كون الله – تبارك وتعالى – كما أخبر عن نفسه هادياً، إنه هادي العالمين لا إله إلا هو، هادي الصراط المُستقيم، أي أنه يهدي إلى الصراط المُستقيم، فمُقتضى كونه هادياً أن تكون الطريق إليه واسعة وليست ضيقة جداً، كيف يكون هادياً وهو ضيَّق الطريق جداً إليه وإلى مرضاته؟ لا يكون هادياً، وحاشاه أن يُضيِّق الطريق لا إله إلا هو، حاشاه لكنكم ستقولون العلماء ضيَّقوا الطريق جداً، أكثر من جداً هذه، كل علماء الفرق الإسلامية – لا أستثني فرقة – ضيَّقوا الطريق جداً، وفي نهاية المطاف علماء الفرق الإسلامية يُوشِك أن يحصروا النُجاة أو الناجين فقط في أنفسهم وأتباعهم، أما الآخرون على خطر عظيم مهما فعلوا ومهما ظهرت منهم علائم التقوى والورع، الواحد منهم مُتقٍ ولكنه مُبتدِع فليذهب إلى الجحيم ولا شأن لنا به، لا نُواكِله ولا نُشارِبه ولا نُماشيه ولا نُجالِسه ولا نترحَّم عليه ولا نبش في وجهه ولا نُكلِّمه، وهذا أمرٌ عجيب، هذا مسلم ومُؤمِن، لكن يُقال هو مُبتدِع من أهل الأهواء فليذهب إلى الجحيم، وكتب أُلِّفَت في هذا المعنى، وعقول ونفوس سُمِّمَت ولاتزال تُسمَّم بهذه السموم القتَّالة وبهذا السم الزعاف، تضييع لرحمة الله وتوعير للطريق وتيئيس وتقنيط للناس من رحمةِ الرحمن الرحيم لا إله إلا هو، مُقتضى كونه هادياً – لا إله إلا هو – أن يكون الصراطُ والسبيلُ والطريقُ إليه ناهجة لاحبة بيِّنة واضحة ووسيعة ومُستقيمة، أنت لا تسير في متاهة – Labyrinth – وعليك أن تعرف اللغز، الهداية ليست لغزاً، الهداية ليست سراً مُستغلِقاً يُؤخَذ بالتنجيم وضرب الودع والرمل والحسابات والمنامات، هذا غير صحيح، الهداية واضحة جداً، قال الله  لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۩، الله أزال أعذارنا وأبطل عللنا وأعذر من ذاته المُقدَّسة  لا إله إلا هو، قال الله رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ  ۩، الله قال أنا أزلت أعذاركم وأبطلت عللكم وأقمت عُذري، أنا أعذرت من نفسي، لا عذر لأحدٍ منكم، ديني واضح وكتابي واضح، ولا عذر لأحد أن يترك الكتاب الكريم والكلم الإلهي العلوي ثم يذهب يأخذ بكلام سين وعين من الناس، فيضرب كلام الله بكلام بشر، والمُشكِلة أننا عُلِّمنا ودُرِّبنا ونُشِّئنا ورُبّينا وغُذّينا بتقديس البشر، يُوشِك أن أقول – وأستغفر الله إن زل اللسان أو انزلق الجنان – نحن لا نعرف أن نُفرِّق بين عالمٍ وصنمٍ وبين زعيمٍ ووثنٍ، الزعامة لدينا وثنية، والأعلمية أو العلمية لدينا صنمية، ولذلك نحن في حالة من الشرك الخفي ومن الشرك المُختلِط المُختبِط بالأوهام والظنون والأماني والأهواء والانحرافات الباطنية والعياذ بالله تبارك وتعالى، لكن لو عُدنا إلى المصادر وقرأنا بأعين مفتوحة وقلوب فقهة يقظاء لعلمنا أن هؤلاء العلماء مع احترامنا لهم واعتبارنا بهم ولهم ورفعنا لمثابتهم واحتشامنا إياهم هم بشرٌ من البشر، تبدر منهم بوادر أحياناً لا تخطر على بال الواحد منا، وفي رأس هؤلاء العلماء الأكارم أفضلهم وأكرمهم أصحاب رسول الله رضيَ الله عنهم وصلى الله على رسوله وآله وسلم تسليماً كثيراً، وعلماؤنا الأفاضل حذَّرونا من أن نأخذ بأقوال الصحابة على علاتها فانتبهوا، وخاصة أقوال بعضهم في بعض، وهذا أمرٌ عجيب، لماذا لا نأخذ بقول صحابي في صحابي؟ لأن علماءنا علموا أن هؤلاء الصحابة ليسوا أنبياء ولا رسلاً وأنهم تحملهم الحمية أحياناً والغضب على أن يفوهوا بكلمات وأشياء يحيدون بها عن مهيع العدالة والإنصاف في بعضهم البعض، ويُمكِنكم إذا أردتم أن تقفوا على حقيقة قولي هذا، فللأسف نحن لم نُدرَّب على أن نسمع هذه الحقائق، على أنها حقائق للأسف الشديد وليست أوهاماً ولا بدعاً، هذه حقائق ثابتة قارة، ومَن أراد أن يقف على حقيقة هذا القول فليعد إلى كتاب إمام أهل السُنة والجماعة في وقته حافظ المغرب ابن عبد البر – رضوان الله عليه – في كتابه الماتع النافع الجامع – وهو إسم على مُسمَّى – جامع بيان العلم وفضله، أتى بالكثير الطيب المُبارَك الذي يدل على أن كلام الأكابر أحياناً لا يُعتبَر ولا يُؤخّذ بعضهم في بعض لأنهم بشر، أتى بأثر عن أم المُؤمِنين عائشة – رضوان الله عليها – يبدو أنها قالته في حالة غضب أو مُماراة، حيث قالت وما علمُ أنس بن مالك وأبي سعيد بحديث رسول الله – أي أنها قالت هل هما يعرفان شيئاً؟ هما لا يعرفان أي شيئ، وهذا أمرٌ عجيب، هل أنس لا يعرف هو وأبو سعيد؟ – فقد كانا غلامين صغيرين، تقول أم المُؤمِنين أنهما أطفال صغار، كيف يتكلَّمون في الدين وفي الحديث؟ هذه حالة غضب فشطبت عليهما، لكن لا يُؤخَذ بهذا الكلام، والأمة لم تأخذ به، وابن عبد البر يقول لنا لا تُأخذوا به، انتبهوا ولا تقولوا هذا شيعي أو كذا، هذا ابن عبد البر وهو إمام أهل السُنة والجماعة، يقول غضبت فنطقت الآن بشيئ ليس من الحق، ليس حقاً هذا أن نبخس أنساً وأبا سعيد قيمتهم ونقول كانا صغيرين، علماً بأن على طريقتنا ونحن نعتقد أن عائشة كانت صغيرة والنبي دخل بها وهى بنت تسع سنين هى أصغر من أنس بن مالك، أنتِ تقولين هو كان صبياً صغيراً وأنتِ ماذا كُنتِ؟ أنا شخصياً كعدنان أعتقد أنها لم تكن في هذا السن، فهمي للمسألة أنها كانت أكبر وهذا الأثر يشهد على هذا، هى ترى أنساً صغيراً لأنها لم تكن في سنه بل كانت أكبر منه، أي أسن، ولكن على ظواهر هذه الآثار عائشة أصغر من أنس، لأن النبي بنى بها في السنة الأولى للهجرة وهى بنت تسعٍ، أما أنس فميلاده في السنة العاشرة قبل الهجرة، يعني في السنة الأولى يكون ابن إحدى عشرة سنة، فهو أسن من عائشة – رضوان الله عليهما – بسنتين، فكيف تقول كان صبياً صغيراً؟ إذن هى كانت أسن منه، وهذا الأرجح في نظري، هى كانت في حدود العشرين، لم تكن بنت تسع سنوات، وهذه المسألة فيها خلاف على كل حال، مثل هذا لا يُؤخَذ به، وهذا أمر عادي، لأنها بشر وليست نبية وليست رسولة، ولا فلان ولا علان رضوان الله تعالى عليهم، لأن الإنسان يغضب، ولذلك لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ۩ – لم يقل وأصحابه وإنما قال فِي رَسُولِ اللَّهِ ۩، القدوة الكاملة الذي إذا رضي وإذا غضب لا يفوه ولا ينطق إلا بالحق، هو رسول الله، أما أنه حين يغضب يلعن ويسب ويشتم كما في أحاديث صحيحة للأسف فأيضاً أقول أنني شخصياً لا أعتقد هذا، أعتقد أن هذا دُسَّ عليه، وهذا يتناقض بشكل واضح مع أخلاقه التي أقسم بها المولى، قال الله وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ۩، يُقسِم المولى – عز وجل – بأخلاقه ويقول وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ۩،وهو الذي يقول أنا لا أنطق إلا بالحق، وهو صاحب الدعوة المُستجابة، ومن دعائه أن يرزقه الله كلمة الحق في الرضا والغضب، والذي نفسي بيده – عند أحمد والدارمي  – ما خرج منه إلا حق، وفي رواية إلا الحق، إذن لا يُقال يغضب فإذا غضب سب ولعن ودعا، وشارط ربه أن يُحيل هذا كله في حق مَن لا يستحق السب واللعن والدعاء رحمةً وزكاةً، أنا شخصياً لا أعبد الله بهذا الحديث، لا أعتقد أن نبينا الكامل المُكمَّل المُبجَّل كان بهذه المثابة، أي تفرط أعصابه كما نقول بالعامية، لا لم يكن كذلك، كان -صلى الله عليه وآله – حليماً، سيد الحلماء، ولا تزيده شدة الجهل والسفه عليه إلا حلماً، وبذا أسلم حبرٌ من أحبار اليهود، استفز النبي بغير شيئٍ، والنبي لا يزيدُ إلا حلماً، وهذا أمرٌ غريب، إن غضب لا يغضب إلا لله ولحدود الله وحُرماته التي تُنتهَك، لكن لا يغضب لنفسه، وهذا ثابت في الحديث الصحيح من حديث أم المُؤمِنين عائشة رضوان الله عليها، هذا حق وهذا نُؤمِن به، ولكن حين تأتونا بما يُناقِضه وبحُجة أن هذا في الصحيح وهذا في الصحيح وكأن الصحيح أصبح قرآناً فأننا نختلف، ولازال العلماء يتكلَّم بعضهم في بعض والفرق يتكلَّم بعضها في بعض، وطبعاً الفرقة كيان اعتباري، حتى كلمة طائفة وكلمة مذهب وكلمة فرقة كلها مفاهيم اعتبارية، ليست مفاهيم حقيقية، لا وقائع حقيقية لها، لذا هى اعتباريات، مثل مفهوم الكتيبة والجيش وجماعة المسجد، هذه كلها مفاهيم اعتبارية، لا نُريد أن نخوض في التفريق بين الاعتباري والحقيقي، فمَن يتكلَّم بإسم الفرقة وبإسم الطائفة والمذهب؟ العلماء، أي علماء الطائفة وعلماء المذهب، ووعلماء الطائفة وعلماء المذهب ليسوا أنبياء، يرضون ويغضبون فإذا غضبوا جاوزوا الحق أحياناً – لا أقول دائماً وإنما أقول أحياناً – ولذلك كلامهم في بعضهم كثيرٌ جداً، لله در الشيخ الإمام مُفتي مصر في وقته محمد عبده الذي قال ولم يزل علماء المسلمين يُكفِّر بعضهم بعضاً، فلو صدقوا إذن لم يكن لأحدهم محلٌ في الجنة، يقول محمد عبده كلهم في النار، هذا يُكفِّر هذا وهذا يُكفِّر هذا وهذا يُزندِق ذاك وذاك يُزندِق هذا، قال لو صدقوا كلهم إذن من أهل النار، ووهم لا يصدقون – قال محمد عبده – طبعاً، هذا كلام فارغ وهو كثير!

أبو حنيفة قال شيئاً عجيباً، وأنا الآن أُعوِّل على ابن عبد البر، ابن عبد البر أورد هذا في كتابه جامع بيان العلم وفضله وأتى بأمثلة – كما قلت لكم – كثيرة، قال دخل أبو حنيفة – رضوان الله تعالى عليه – على الإمام الأعمش وكلاهما كوفيان أو كوفيٌ – وكلاهما صحيح أو صحيحان، أي الوجهان النحويان – فقال أبو حنيفة – رضوان الله تعالى عليه – كأنه يعتذر عن عدم تكراره عيادة الأعمش في مرضه لولا خشيةُ التثقيل لعاودتُ زيارتك، ما معنى خشية التثقيل؟ أي أن أُثقِل عليك، لئلا أكون ثقيلاً كالثقلاء، نحن نقول ثقلاء الدم، كالشخص الذي يصعد وينزل كثيراً فيُغلِّب الناس، لكن أبو حنيفة يُحِب أن يكون خفيفاً.

غِبْ و زُرْ غبًّا تزِدْ حبّا فَمَنْ                            أَكثرَ التَرْدادَ أضْناهُ المللْ.

قال لولا خشيةُ التثقيل لعاودتُ زيارتك، فقال الأعمشوكان لا يهوى أبا حنيفة كثيراً أنت ثقيل وأنت في بيتك، علماً بأنه لا يُمازِحه، كان يتحدَّث بجد، لم يكن عنده نوع من النفاق والتجمل الكاذب، قال أنت ثقيل وأنت في بيتك، فكيف لو كرَّرت الزيارة؟ أرحنا منك ومن زيارتك، وكأنها طبعاً حزَّت في نفس أبي حنيفة لأن أبا حنيفة بشر وليس ملكاً، فلما خرج قال لم يصم الأعمش رمضان سنةً ولا اغتسل من الجنابة، فهل نأخذ بهذا؟ مُستحيل أن شيخ الإسلام وإمام الكوفة الأعمش كان لا يغتسل من الجنابة ولا يصوم رمضان، ولكنه قال هذا لأنه غضب، الأعمش أغضب أبا حنيفة، فأبو حنيفة قال ما يكرهه الأعمش وغيره، قال هذا هو!

ظلم أهل الحجاز لأهل العراق مشهورٌ جداً وثابت لا يُنكَ، وهو ظلم بيِّن، كأن أهل العراق عشرة أنفار من الناس وكأنها ليست بلد عظيمة وفيها الأذكياء والعباقرة والأئمة والمُحدِّثون والصلحاء، بغداد قيل فيها  أنها عش الأولياء، كثير من أولياء الله الكبار في هذه البلاد، فلماذا يُسَب أهل العراق؟ قيل والشيطان ذهب هناك وباض وفرَّخ، فهل هذا يُنسَب إلى رسول الله؟ هل النبي قال الشيطان وباض وفرَّخ؟ هل باض وفرَّخ لغة نبوية؟ هذا كذبٌ صراحٌ وقاح، والإمام مالك – رضوان الله تعالى عليه – ذُكِرَ عنده أهل العراق فقال أنزلوهم بمنزلة أهل الكتاب، لا تُصدِّقوهم ولا تُكذِّبوهم، وهذا أمرٌ عجيب، أيُقال هذا في مُؤمِنين وفي مُوحِّدين وفي مُسلِمين؟ لماذا؟ لكن هذه الكلمة مشهورة عن الإمام مالك رضيَ الله تعالى عنه وأرضاه، وطبعاً قابلهم أهل العراق بما يكرهون، حمَّاد بن أبي سليمان أحد مشائخ الإمام الأعظم أبي حنيفة ذهب إلى مكة وزار مكة والمدينة وأهل الحجاز، ثم عاد فجاءه أهل بلده – أهل الكوفة – يُسلِّمون عليه ويُهنّئونه بالقدوم، فقال لهم هنيئأً لكم يا أهل الكوفة – اهنئوا وافرحوا – بعلمكم وبعلمائكم لقد لقيتُ مُجاهِداً وعطاءاً وطاووساً – كبار علماء هؤلاء الحجازيين على هناك بغض النظر عن أصولهم لكنهم كانوا هناك يُعلِّمون ويُفتون وإلا طاووس يماني مثلاً – فلصبيانكم وصبيان صبيانكم أعلم منهم، قال العيال  الصغار عندنا أفهم من طاووس ومن مُجاهِد ومن عطاء، وهذا أمرٌ عجيب، هل هذا حقيقي؟ قال فلصبيانكم وصبيان صبيانكم أعلم منهم، هذا تحامل أهل العراق على أهل الحجاز، وذاك تحامل أهل الحجاز على أهل العراق، أي واحدة بواحدة، فالمسألة ليست مسألة معصومين  وأئمة عظام ما شاء الله كأن إذا تكلَّم الواحد منهم يكون النبي هو الذي نطق، انتبهوا فهذا مُهِم جداً لكي نتخفَّف من أوهاق وأبهاظ تقديس الأشخاص، يُقال قال أبو حنيفة وقال الشافعي وقال مالك وقال الصاق وقال فلان وعلان كما لو كان هذا شيئ مُقدَّس، لكنهم ليسوا مُقدَّسين وليسوا معصومين لأنهم بشر!

لما ذُكِرَ الإمام مالك عند محمد بن إسحاق صاحب السيرة والمغازي قال اعرضوا علىّ حديثه – ائتوا بحديث مالك – أنا بيطاره، كيف أنت بيطاره؟ قال أنا أستطيع أن أُميِّز الحق من الباطل والصحيح من الضعيف في حديث مالك، فبلغت الكلمة مالك فقال دجَّال من الدجاجلة – محمد بن إسحاق دجَّال من الدجاجلة – نحن أخرجناه من المدينة ببدعته الدجَّال، فطُعِنَ طبعاً، مالك أجل من ابن إسحاق وأشهر وأكثر تلاميذ وأتباعاً، فشانت ابن إسحاق إلى اليوم تقريباً، وقد ذكرت لكم الأعمش وما كان منه في حق أبي حنيفة، يروي الأعمش – هو الآن الراوي رضوان الله عليه – قائلاً ذُكِرّ إبراهيم النخعي  – من سادات أهل الكوفة رضوان الله تعالى عليه – عند الشعبي – عامر بن شراحيل الشعبي إمام أهل الكوفة أيضاً ومن ساداتهم ونبلائهم – فقال ذاك الأعور الذي يستفتي بالليل ويجلس يُفتي الناس بالنهار، قال هذا شخص جاهل أصلاً ومُدّعٍ، ليس عنده علم حقيقي، في الليل يأتي العلماء الكبار ويستفتيهم ويقول ما القول في هذه؟ ما القول في هذه؟ ما القول في هذه؟ ثم في النهار يلعب دور المُفتي والإمام الكبير، لكن هل إبراهيم كان هكذا؟ هذا مُستحيل طبعاً، إبراهيم من شيوخ الأئمة والعلماء الكبار، صاحب تصاون وديانة وعلم وسيع وعقل موفور رضوان الله عليه، قال  ذاك الأعور الذي يستفتي بالليل ويجلس يُفتي الناس بالنهار، فبلغت إبراهيم النخعي فقال الشعبي كذَّابٌ لم يسمع حرفاً من مسروق بن الأجدع الهمداني، أي من أبي عائشة، قال هو كذَّاب، كل حديث سمعتموه من الشعبي ينميه إلى مسروق – أنه سمعه من مسروق – فهو كذب، وهذا أمرٌ عجيب، هل تُكذِّب إماماً؟ هو كذَّبني أيضاً وطعن في وفي صدقيتي، لكن ابن عبد البر لم يرض لا قول هذا ولا قول هذا، وقال الإمام الشعبي إمام من أئمة الإسلام جليل في العلم والعمل والدين، هو إمام معروف، ومثله لا ينزل عنه – لا يقل عنه – إبراهيم النخعي، لكن يقول ابن عبد البر كأن الله كافأ الشعبي بقوله في الحارث، وطبعاً طعن إبراهيم النخعي في الشعبي أوجع من طعن الشعبي في إبراهيم، لأن طعن الشعبي في إبراهيم أنه يتعلَّم – مازال يتعلَّم – وهذه لا مٌشكِلة فيها، كل عالم يتعلَّم، وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ۩، هذه لو أخذناها من غير تعصب تكون شهادة، لكن هو لم يُرد أن تكون شهادة وإنما أراد أن تكون طعناً ولذلك قال ذاك الأعور، أي أنه يسبه، قال الله وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ۩، هنا الإمام الشعبي ظلم نفسه، أن تُلقِّب أخاك الجليل بالأعور هذا لا يجوز في دين الله، لكن هكذا هى النفوس، وهؤلاء بشر فلا تتخيلوهم أنبياء أو رسلاً أبداً، يجب أن نعلم هذا حتى نتواضع أمام الحقيقة، لكن ماذا يقول ابن عبد البر؟ قال كأن الله – عز وجل – كافأ الشعبي بقوله في الحارث، الحارث الأعور الهمداني أيضاً، وهو أحد تلاميذ الإمام عليّ – عليه السلام –  بل هو من أخص تلاميذه، وكان يحرص على إظهار حبه البالغ للإمام عليّ واستنانه بطريقته، قال الشعبي قال في الحارث الأعور قال حدَّثني الحارث وهو أحدُ الكذَّابين، قال ابن عبد البر ولم يبن من الحارث كذبٌ، علماً بأن هذا هو الصحيح، للأسف الآن القول المشهور لدينا نحن أهل السُنة والجماعة أن الحارث لا يُؤخَذ به لأنه مجروح، وهذا غير صحيح، الحارث ثقةٌ ثقة،  وقد ألَّف بعض العلماء العصريين رسالةً يدفع بها عن جناب الحارث رضوان الله تعالى عليه، رجل تقي وعالم جليل، هل ذنبه أنه كان من شيعة عليّ مثلاً؟ هذا ليس ذنباً يا أخي، لماذا يُطعَن؟ الشعبي طعنه بل يُقال إن أول مَن طعنه الشعبي، قال حدَّثني الحارث وهو أحد الكذَّابين، قال أبو عمر – ابن عبد البر – ولم يبن من الحارث كذبٌ، الرجل كان مُحِباً لعليّ ويُغالي في حبه لكنه لم يكن كذَّباً، فلماذا تُكذِّبه وتنسبه إلى الكذب؟ هذا لا يجوز، فجزاه الله وكافأه بمثل ذنبه، بعث عليه مَن؟ إبراهيم النخعي شيخ أهل الكوفة، يقول الشعبي كذَّاب في رواياته عن مسروق بن الاجدع.

هؤلاء العلماء يختلفون، وأحياناً كان هذا الاختلاف والخلاف لا يحملهم على أن يتنابزوا ولا أن ينبز بعضهم بعضاً بلقبٍ لا يُحِبه ولا يرتضيه، كانوا أفضل من ذلك، كالذي يُحكى عن خلاف الإمام أحمد – رضوان الله عليه – مع عليّ بن المديني شيخ البخاري، هو من أجل شيوخ البخاري ومن أعظم علماء الدراية، وهو عالم رواية له كتب كثيرة جداً لم يصلنا منها إلا الأقل في الدارية وعلم المُصطلَح، عليّ بن المديني – رحمة الله تعالى عليه – إمام مُوعِب، لكنهما اختلفا في الشهادة فتعالت أصواتهما،  يقول الراوي حتى خشينا أن يقع بينهما جفاء، أي تحدث جفوة، خشينا أن يتصارما ويتقاطعا ويتدابرا، هذا معنى حتى خشينا أن يقع بينهما جفاء، ثم قال فلما انقضى الحديث أو المُباحَثة تقدَّم أحمد فأخذ بركاب دابة عليّ بن المديني، وذلك تواضعاً له، هذا إمام جليل فكأنه يقول له بالعكس أنا أخدم أعتابك، ولذا أخذ بركاب دابته، هذان علمان من أعلام المسلمين وهما عظيمان مشهوران جداً، ولكن ما هى مسألة الشهادة التي اختلف فيها الإمام أحمد والإمام بن المديني؟ مسألة الشهادة، هل يُشهَد لأحدٍ من أهل بدر أو لأهل بدر عموماً بأنهم في الجنة؟ هل يُشهَد لأهل بيعة الرضوان بأنهم في الجنة؟ وطبعاً لو سألت الآن طويلب علم سوف يقول لك نعم وقد صحَّ في الصحيح كذا وكذا، لكن هذا عندك أنت وعند أصحاب الصحاح، أما عند عليّ بن المديني لم يصح حديثٌ عن رسول الله في أن أهل بدر من أهل الجنة وأن الله قال وما يدريك لعل الله أن يكون اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم وإلى غيره، هذا لم يصح عند عليّ بن المديني ولا حرفٌ منه، ولا صح حرفٌ في أن أهل بيعة الرضوان في الجنة وأنه لن يدخل النار أحدٌ مِمَن بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر، الجد بن قيس، فهذا عند أحمد صح، لكن عند المديني لم يصح لا هذا ولا هذا، علماً بأن ابن المديني ليس شيخاً من شيوخ الرافضة، أي الشيعة، هو شيخ من شيوخ السُنة وهو أستاذ أحمد، قال لك هذا لم يصح عندي، إذن صحَّ عندك خُذ به، ولكن أنا لا يصح عندي هذا، ولذلك لا أشهد لأحد من أهل بدر – أي لا أقطع على غيبه – أنه في الجنة، وإن شاء الله في النهاية كل مُوحِّد هو في الجنة، ولكن بسبق حساب وعذاب أو بغير سبق؟ هذا لا يعلمه إلا الله، وهذا معنى مقالة ابن المديني، وهنا قد يقول لي أحدكم هذا غريب جداً فهل هذه المسألة وقع فيها خلاق بين أحمد وابن المديني؟ نعم هذا حدث بين أحمد وبين شيخ البخاري، ولازال العلماء يختلفون لكن الجهل هو الذي ضيَّق الأعطان ونطاق التسامح، تُطرَح المسائل على أنها قطعيات، كأنها مسائل قطعية نهائية وكأنها نزل بها جبريل أمامهم، لذلك يوالون ويعادون ويتباغضون على أساسها، وهذا خطأٌ كبير جداً، هذا أذكرني بكلمة ذكرها البربهاري وهو من عيون المُتعصِّبة، ينسب نفسه إلى السلف ومذهب السلف على طريقته هو في فهم مذهب السلف، عنده كتاب إسمه شرح السُنة فيه طمات ومصائب،وطبعاً هذا يُغضِب إخواننا السلفيون اليوم ويُجَّن جنونهم، هذا الكتاب عندهم من أحسن الكتب، لكن هذا غير صحيح، لو كان كله حسناً حاشا هذه الجُملة فهى مُصية المصائب، هذه داهية ما لها من واهية، يقول البربهاري كأنه يتكلَّم بلسان نبي لا بلسان عالم وكأنه نبي أو فوق نبي مَن أخذ بكتابي هذا كله لم يرد حرفاً منه ولم يشك في حرفٍ منه ولم يتوقَّف –
ممنوع أن يتوقف، ممنوع أن يتردَّد أحد ويقول سوف أفكر في هل هذا الكلام صحيح أم غير صحيح وهل يُمثِّل مذهب أهل السُنة أم لا يُمثِّله، قال لك هذا ممنوع، تأخذ دون شك أو توقف، أي أنك أقل من عبد أمام هذا الكتاب، تُسلِم رأسك وقلبك إليه ومن غير أن تُحقِّق أو تُبصِر – فهو من أهل السُنةِ والجماعة كاملٌ في التسنن، هذا السُني المضبوط، ما هذا المنطق العجيب؟ ويُقال عدنان يسب، لكن أنا لا أسب وإنما أُحلِّل، لست رجلاً أبله ولا أحمق، أنا أُحلِّل وأفهم وأحترم عقلي وأحترم عقل إخواني ومَن يستمع إلىّ ويُشاهِدني، أنا أقول لكم هذا سيكولوجياً شخص غير طبيعي، والله حين يتحدَّث عالم هكذا – هذه يمين على منبر رسول الله – يكون غير طبيعي، لا يُمكِن لعالم  طبيعي أن يقول هذا الكلام، مَن أنت يا أخي؟ هل أنت محمد بن عبد الله نفسه؟ كيف تجعل فهمك للدين وللنصوص المًختلِفة – الأمة اختلفت فيها – الفهم الأوحد الأقطع الأقصوي النهائي؟ ممنوع أن تتردَّد وممنوع أن تشك وممنوع أن تتوقَّف وتقول سوف أبحث – والله – في المسألة، هذا ممنوع عنده، وهذا هو معنى التوقف، ما معنى التوقف؟ التوقف هو أن تقول تكافأت عندي الأدلة، هذا الشيخ أتى بأشياء تتكافاً قوةً مع أشياء لدي فسأبحث، أي أنني توقفت الآن، ومن المُمكِن أن أبقى مُتوقِّفاً فأقول لا أدري ولا أقطع، لكنه قال ممنوع، وغيره وضده على ضده، مَن شك ومَن توقَّف ومَن رد ليس من السُنةِ في شيئ، ليس من أهل السُنة والجماعة، هل هذا هو الشرط؟ ما هذا الشرط العجيب؟ ما هذا الشرط الغريب؟ وهذا الكتاب يُطبَع الآن ويُحقَّق ويُدرَّس في معاهد وكليات وجامعات على أنه مذهب أهل السُنة، إسمه شرح السُنة للبربهاري، فاحفظوا هذا لأن فيه طمات ومصائب وتعصب على الناس وتعصب على المُخالِفين، اتقوا الله في أمة محمد، اتقوا الله في إخوانكم في الملة والدين.

قصة غريبة جداً يرويها لنا الإمام ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى المطبوع له عن عبد الله بن أحمد  رضيَ الله تعالى عنهما، يقول جاء الإمام داود –  داود بن عليّ الأصبهاني الظاهري لأنه تقريباً مُؤسِّس مذهب أهل الظاهر، ابن حزم هو الذي بعج وبقر بطن هذا المذهب ووسَّع مسائله ومد رواقها وبساطها، فهذا شيخه الأول، داود بن عليّ الظاهري رحمة الله تعالى عليه – من خرسان إلى بغداد في العراق فلقيني – لقيَ عبد الله بن أحمد بن حنبل رضوان الله على الجميع ورحمة الله على الجميع – فقال لي يا عبد الله تعلم محبتي للشيخ – أنت تعلم كم أُحِب أحمد بن حنبل  – ولكم، وقد بلغ الشيخ عني مقالة ليست مقالتي، أنني أظهرت القول في خرسان بخلق القرآن وقلت القرآن مخلوق على طريقة المُعتزِلة لكنني لم أقل بهذا، هذه ليست مقالتي فلو أعذرتني عند الشيخ، أي أقمت عُذري، ادخل قل لأبيك  داود يقول هذه ليست مقالتي، أنا مُتبريء منها ولا أقولها، وهو إمام كبير، فقلت أفلا تُريد؟أي أن تدخل أنت، قال لا، منعه الحياء ربما أو هيبة الإمام، قال فدخلت فقلت يا أبا داود بن عليّ بالباب يقول كذا وكذا وكذا، قال هات الإضبارة – أي ناولني الإضبارة، مجموعة كتب، شيئ كالطومار – فناولته فأخرج كتاباً وفيه من محمد بن يحيى الذهلي  النيسابوري – هذا الذي أقام الدنيا ولم يُقعِدها على دماغ الإمام البخاري في نفس المسألة، الإمام البخاري ظُلِم ومات مظلوماً، الرجل مات مظلوماً مقهوراً بمسألة خلق القرآن، وقد حدَّثتكم عنها قبل أشهر يسيرة، هو هذا الذهلي نفسه، وهو رجل مُتعصِّب جداً يا أخي – يقول إن عليّ فعل وفعل وأظهر عندهم الحال والمحل وأظهر القول بخلق القرآن، قال فهو يقول إنه لم يقله، أي أنه قال أنت تأخذ كتباً والرجل موجود ببابك وهو يقول أنا لا أقول هذا ولا أنتحل هذا الرأي، ثم أنه لا يخاف من أحمد، وأحمد ليس سُلطة تنفيذية، فهو لا يقدر على أن يقطع رزقي أو أن يقطع عنقي، أنا جئت لكي أُبريء نفسي وأقول لك أنا لم أقل هذا ومَن نقله عني قد كذب، هو لم يقل هذا لكن هذا معنى الكلام، فقال لا أُصدِّق هذا المُبتدِع الكاذب، محمد بن يحيى أصدق عندنا، وهذا -والله – ظلم، أليس كذلك؟ هذا ظلم من أحمد رضيَ الله عنه وغفر الله له، يا أخي ما معنى أن تُصدِّق أو لا تُصدِّق؟ الرجل ببابك وهو إمام لا يخشاك ولا يرغبك، ليس عنده رغبة ولا رهبة فصدِّقه، قال لا، صاحب الكتاب بكتاب أصدق عندي من هذا، وهو لم يسمح له ولم يأذن له حتى بلقائه، إذن يُوجَد ظلم، فلا تقل لي أحمد وكأنه نبي، كأن نبي الإسلام هو أحمد بن حنبل المعصوم الذي لا يُخطيء، وهذا غير صحيح، أحمد – رضوان الله عليه – ظلم كثيرين – ظلم العشرات من الأئمة والعلماء وقد ذكرت لكم مرة هذا – في مسألة خلق القرآن الكريم، حتى قال بعض علمائنا أحمد تعاطى وتعامل كأن مسألة خلق القرآن هى ثاني توحيد الله، كأن لا إله إلا الله والقرآن لا نقول فيه كذا وكذا، ما هذا يا أخي؟ هل جعلت هذه المسألة الأصل الثاني للتوحيد؟ ابتُليت بها وثبَّتك الله على مذهبك أهلاً وسهلاً لكن لا تطعن كل مَن خالف وعنده حُجة أو تأوُل أو دليل أو كذا، فلابد أن نتفسح لأنهم علماء.

 يا إخواني كم سمعتم وكم تسمعون عن علماء كُفِّروا؟ بعضهم قُتِل وسُيّحَ دمه، علماً بأنهم علماء في نفس النطاق، أي من أهل السُنة والجماعة، هؤلاء في نفس نطاقنا وهم كثيرون جداً، منهم ابن تيمية رحمة الله عليه، ابن تيمية كُفِّرَ وسُجِنَ عدة مرات ومات فس سجنه واستتيب وعاد إلى الإسلام، يُفهِمونه أن كلامك هذا كفرٌ ومروق من الدين وإذا لم تتب الآن تُضرَب عنقك، فكان يقول عُدت إلى الدين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنا كذا وكذا وكذا، وذلك حتى يُنجي نفسه، تلميذه الإمام المعروف ذائع الصيت ابن قيم الجوزية تعرض لمثل هذا، وأنتم تعرفون ابن القيم صاحب كتاب الروح وزاد الميعاد وحادي الأرواح وإغاثة اللهفان والكتب الكثيرة جداً،  ابن القيم أو بن قيم الجوزية على الأصح – رحمة الله تعالى عليه – كاد يهلك وتُقطَع عنقه في مسألة لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر، مسألة من مسائل الاجتهاد، أعني لا تُقدِّم في مسائل الاعتقاد، فهى ليست مسألة عقدية، تابع فيها شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، غفر الله للجميع، وهى مسألة أنه لا يجوز شد الرحال لغاية بغاية وبقصد زيارة قبر المُصطفى صلوات الله عليه وتسليماته، قال لا يجوز، هذا رأي ابن تيمية وخطَّأه جماهير العلماء، جماهير علماء أهل السُنة وغير أهل السُنة خطَّأوه، قالوا هذا غير صحيح، يجوز شد الرحال لزيارة قبر النبي، ومَن فعل هذا فهو مأجور، قال مَن فعله هو مأثومٌ موزور، وهذا ألَّف وهؤلاء ألَّفوا ورد ورُدَّ عليه وإلى آخره، وابن القيم تقريباً يُتابِع شيخه في مُعظم المسائل، لم يُخالِفه إلا في مسائل يسيرات، فأتى إلى بلاد فلسطين -إلى خليل الرحمن وإلى نابلس وما إلى ذلك – بعد أن أظهر توبته في الشام، قال أنا أتوب من هذا، لا أقول بهذا ولا أُتابِع شيخي، لأنه طبعاً سوف يُقتَل، هل في المسألة هذه تُقتَل؟ نعم يُقتَل بسبب التعصب، نحن المسلمين لدينا تعصب، كان لدينا ومازال لدينا تعصب فانتبهوا، لا تُحاوِلوا أن تُأمثِلوا تاريخكم، هذا لا يُفيدنا، لا يُمكِن أن نجعل تاريخنا تاريخاً مثالياً ثم نقول أن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين كلهم كانوا مثاليين كاملين – Perfect – ولم يُخطئوا في شيئ، هذا غير صحيح، ويأتي بعد ذلك ابنك أو ابنتك لكي تقرأ أو تسمع فتشك، اتصل بي أحد طلاب العلم قبل أيام وقال يا شيخ أتعلم الآن لدينا بعض مَن يتنَّصر – يُصبِح نصرانياً – وبعضهم يُظهِر إلحاده؟ أنا قرأت شُبهات وإيرادات بعض هؤلاء مُعظمها تدور على مسائل تاريخية، لم يقتنع فيها بأن هذا الذي تُريدون أن تُدخِلوه في عقولنا هو الحق، قال هذا باطل يا أخي، أنتم تُدافِعون عن مُبطِلين وعن باطل، وبالذات في قضايا مُعاوية والصحابة، ومن ثم تنصَّروا، وهذا في السعودية، تنصَّروا – أظهروا النصرانية – وقالوا لا نُريد الإسلام كله، فهل الإسلام يا جماعة أصبح يُساوي هذه المسائل؟ هل هذا الدين العظيم أصبح يُساوي هذه المسائل التاريخية التي مَن لقيَ الله وذهنه خال منها بالكلية لم يسأله الله عنها لأنها ليست من أساس الإسلام ولا أركان الإيمان؟ ليس مطلوباً من أي مسلم أن يعرف الحق كان مع مَن – مع هذا أو هذا – في مسائل تاريخية وقعت بعد وفاة رسول الله بأربعين وخمسين سنة، لكن انتبهوا إلى أن خلو الذهن منها لا يُساوي أن يُشغَل الذهن بها على وجهٍ خاطيء بحيث تُحرَج مباديء الإسلام ونبدأ نُدافِع عن الظلمة وعن الطواغيت ونترضَّى عليهم، بعد أن نُقرِّر أنهم فعلوا وفعلوا وفعلوا نقول رضيَ الله عنهم، هنا الأمور أصبحت غير صحيحة، ليس لدينا ثبات قيمي أو قيَمي فانتبهوا، أي تُذبَح وتُهدَر قيم الإسلام من أجل أن نُدافِع عن شخص مُعيَّن، وهذا لا يجوز يا إخوان، هذا الذي صار يحمل الآن أبناءنا على أن يتنصَّروا وأن يكفروا وأن يُلحِدوا، فأقولها واضحة اتقوا الله في الدين واتقوا الله في هذه الأمة.

نعود إلى موضوعنا، ابن القيم – رحمة الله عليه وغفر الله له – أتى إلى  فلسطين وقال لا يجوز أن تُشد الرحال لزيارة قبر المُصطفى، قال هذا ممنوع، هذه بدعة، فغضب أهل فلسطين – أهل الخليل وأهل نابلس والقدس – وكتبوا كتباً إلى إلى دمشق، قالوا هذا العالم المُبتدِع يقول كذا وكذا وكذا فروا فيه رأيكم، عاد ابن القيم إلى الشام مُباشَرةً أُدخِلَ إلى المحكمة، جالس القضاة خاصة المالكية وأحناف وشوافع، وبكلمة وبكذا مُباشَرةً حُكِمَ بكفره وقطع رقبته، قالوا يُقتَل هذا الكافر، ابن القيم كافر، وهؤلاء من علماء الإسلام، لا تقل لي هؤلاء علماء ملاحدة أو علماء كذا، هؤلاء من علماء الإسلام ومن مذاهب أهل السُنة، شافعي ومالكي وحنفي، وكان أشدهم دائماً المالكية، وهذا أمر معروف، المالكية للأسف  لديهم فصل غير مُشرِّف، وهنا سوف يغضب مني المالكية ويقولون وصل دورنا، لكن هذه هى الحقيقة طبعاً، المالكية لديهم فصل غير مُشرِّف بخصوص القضاة المالكية في الاستسهال، استسهال تكفير العلماء وتسييح دمائهم للأسف، هذا فصل غير مُشرِّف لأنهم يتسامحون في هذا جداً، هيا اقتل، هذا كافر، لكن هذا لا يجوز وهو شيئ مُخيف، وخاصة أنهم علماء بحق، علماء وأئمة من أهل الله، فلا يجوز يا أخي، هذه مسائل اجتهادية.

بالأمس يُناقِشني أحد الصالحين قال لي أنا غير مُقتنِع بأنه إذا أخطأ فله أجر، وإذا أصاب فله أجران، كيف؟ قلت له بالعكس هذا جميلٌ جداً، هذا من أجمل ما في ديننا، قال لي كيف يُخطيء؟ قلت له نعم يُخطيء، ما المُشكِلة؟ قلت له لو أن النبي لم يُعذِر المُخطيء وقال المُصيب له عشرة أجور كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص  أما المُخطيء فموزو بوزرٍ واحد لمات العقل ولذبل الاجتهاد، سوف يقول لك أي عالم يبغي الآخرة ما علاقتي بهذا؟ لا أُريد أن أجتهد فأبقى سالماً، لماذا اجتهد وهناك احتمال لأن أُخطيء فلست معصوماً؟ وارد جداً أن اُخطيء، لست معصوماً ولست نبياً، فلماذا اجتهد؟ قال لي هذا – والله – معقول، فقلت له طبعاً، فالنبي أراد أن يُحيي العقل وأن يُشجِّع ملكة الاجتهاد وإعمال الرأي، اجتهدوا دون مُشكِلة بشرط أن يكون الاجتهاد على أصوله طبعاً ومن أهله وفي محله، فإن أخطأت فلك أجر، يا أخي اعتبر ابن تيمية أخطأ في هذه المسألة وهى مسألة فرعية، ابن القيم أخطأ فله أجر، النبي يقول له أجر، وهم يقولون لا، له سيف يقطع رقبته، فانظروا إلى هذا، هل هذا دين محمد أم دين الفقهاء؟ هذا سؤالي بصراحة، النبي يقول له أجرٌ، وهم يقولون لا، تُقطَع رأسه أو يُقطَع رأسه، فهذا ليس دين محمد، هذا دينكم أنتم، دين الفقهاء، دين السُلطة، دين المُؤسَّسة الكهنوتية، يا أخي هذا كهنوت يُؤدي إلى قتل العلماء، والمُسلسَّل مُتواصِل إلى اليوم، هل تعرفون ماذا يقول ابن شاكر الكتبي  – رحمة الله عليه – في عيون التواريخ؟ مع العلم بأنه من المُحِبين لابن تيمية وابن القيم، هو من المُحِبين لهما والمُشايعين لهما لكن هذا تاريخ، يقول في عيون التواريخ فأظهر توبته وجاء القاضي الحنبلي وأكَّد أنه تاب على يديه ولكنه أظهر مرة أخرى ونطق بالشهادتين، ولكم أن تتخيَّلوا هذا، ابن القيم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، دخلت الإسلام الآن، اعترف أنه كان كافراً المسكين حتى لا يُقتَل،قال ليس عندي مُشكِلة، كنت كافراً وأنا الآن أدخل الإسلام، للحفاظ على رقبتي وحياتي يا جماعة، وهذا يعني على طريقتهم أنه حبط عملك يا حبيبي، قال الله وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ۩، هذا يعني أن كل أعمال ابن القيم وكل حسناته وكل عباداته وكل مُؤلَّفاته حبط، أصابه الحبوط كله، أصبح صفراً – Zero – الآن فاستئنف العمل يا ابن القيم، هذا غير معقول، حاشا لله  أن تكون رحمته بهذا الضيق وبهذا الانحصار وبهذه العصبية الانغلاقية، أنا ذكرت في دروس الإلحاد أن هذا مثل محاكم التفتيش – Inquisitions – في أوروبا وتساءلت هل هناك توبة؟ فتشتوا خلفنا وأصبحنا في نظركم هراطقة فنحتاج أن نتوب، قالوا كيف تتوب؟ هذا مُتأخِّر جداً Too Late، كيف تتوب؟ الخازوق موجود والمنصة والحطب والنار، هذا مشهد جميل نُريد أن نُتابِعه، هذا فيلم – Movie – نُريد أن نُكمِله، كيف تتوب؟ قالوا هنا في محاكم التفتيش إن تاب المُهرطِق لا يُعفى من عقوبة الإعدام، ولكن بدل أن يُعدَم حرقاً يُعدَم خنقاً، يُوضَع على منصة الإعدام أمام الناس ثم يُخنَق وتُكسَر رقبته ويُرمى، ويقولون هذا تاب، ونحن كنا أفضل من هذا بفضل الله لأنهم يستتبونك، وكنا أسوأ في بعض المرات في بعض الأشياء، عندنا في بعض الذنوب قالوا وإن تاب، أي يُقتَل وإن تاب، فهل هذا معقول؟ كيف يُقتَل؟ قالوا لأنه يسب الرسول، لكن هل سب الرسول أعظم من سب الله؟ أنا أعرف المسألة وقرأت فيها كتاب ابن تيمية وكتاب الإمام السُبكي وأعرف الأدلة ولكن أنا أقول لكم ببساطة أنني لست مُقتنِعاً بهذا،كل ذنب مهما عظم عند الله منه توبة، وطبعاً أنا لست أشايع القول بحد الردة، لا يُوجَد شيئ إسمه حد الردة في الإسلام، هذه المسألة طويلة، وهذه طبعاً ستكون من الطمات التي تُنسَب إلىَ، ولكن عندي فيها كلام كثير، وأطلب أيضاً فيها المُناظَرة، مَن خالفني فليُناظِرني، أي نتناظر فيها علمياً فقهياً، لا يُوجَد حد ردة، لكن لو سلَّمنا بوجود حد ردة فأنا أقول لكم هناك توبة، قال الله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً ۩، إذن كيف يُمكِن له أن يؤمِن ويكفر ويؤمِن ويكفر ويؤمِن؟ كيف هذا؟ هذا يعني وجود توبة، يكفر ويتوب ويرجع وهكذا، ثم أن أين الاستثناء؟ لا يُوجَد في القرآن الكريم ما يدل على وجود  ذنب ليس منه توبة، هذا غير صحيح، علماً بأن هذه الآية بالذات يقولون فيها أن هذه الآية تنطبق على الزنادقة، والزنديق لا يُستتاب يُقتَل، كيف يا أخي؟ الآية تقول هناك توبة؟ لكنهم يتناقضون – تماماً يتناقضون – والمسألة طويلة، وابن القيم – رحمة الله عليه – لم ينج وضربوه بالدرة، ولك أن تتخيَّل أن هذا يحدث مع شيخ وإمام كبير مُعمَّم عنده آلاف الصفحات والمُؤلَّفات، لكنهم ضربوه بالدرة وأركبوه بالمقلوب على حمار، وهذا إسمه التجريس، هل تعرفون التجريس؟ هذا إسمه التجريس، نوع من المهانة المعنوية، تخيَّل إمام بلحية كبيرة قضى حياته في العلم والعبادة والتأله يُركَب على حمار بالمقلوب وربما عرَّوا رأسه، هذه كانت مهانة في الشرق الإسلامي بخلاف الأندلس عندهم هذا عادي، وكان حافي القدمين ويُطوَّف به في الحواري، طافوا به في الصالحية “صالحية دمشق”، والأطفال طبعاً يبصقون ويلعنون ويضربون بالبندورة وبالبيض وبأي شيئ، هذا إسمه التجريس، جُرِّسَ ابن القيم وضُرِبَ بالدرة أمام الناس، ضُرِب وأُركِبَ على حمار وجُرِّسَ ثم قادوه إلى السجن، أعادوه إلى السجن، أي وتُسجَن الآن أيضاً، لماذا؟ لأنك تابعت شيخك واجتهدت ولا تُوجَد مسألة اجتهادية فرعية فهكذا نفعل بكم، وهذا أمرُ غريب، لكن ابن تيمية – رحمة الله عليه – لم يكن خيراً حالاً منهم في بعض ما كتب وبعض ما ألَّف، علماً بأنني ذكرت مرة، قال المُبتدِعة كذا وكذا، بعد أن نبهَّنا ونوَّرنا وأسعدنا أن المُبتدِع هذا يبتدع وقد يكون مأجوراً، إن كان لديه شُبهة تأويل أو اجتهاد قد يكون مأجوراً، ثم قال بعد ذلك نمنعه الوظائف العامة ولا نُصلي خلفه ونُشهِّر به ونفضحه بين الناس وإن لزم الأمر نقتله، عجيب يا ابن تيمية، كيف تقول لي مأجور ولا يُقال عنه كذا وكذا ثم تقول لي بعد ذلك إن لزم الأمر نقتله؟ هذا طُبِّقَ عليك وعلى تلاميذتك، الكل يُعاني من هذا الانغلاق، هذه العقلية الكل يُعاني منها والكل ضحية لها، أنا أقول لكم والله العظيم ما لم ننفك ونترك هذه الطريقة في التفكير كلنا سنكون ضحايا، أقول بكلمة أن الآن – مثلاً – أهل السُنة لأنهم الكثرة – وأنا سُني – يستظهرون بكثرتهم، كأن يقولون هذه الدول كلها سُنية وهذه الملايين سُنية، فيستظهرون على إخوانهم من المذاهب الأخرى، من إباضية ومن زيدية ومن إمامية إثنا عشرية وهكذا لأنهم أكثرية، لنفترض غداً – مثلاً – إيران  انتصرت في الحرب، نفترض ضربت إسرائيل فسحقتها وضربت دول الخليج وأصبحت قوة مهابة، ماذا ستفعل بكم؟ إذا عندها نفس العقلية سوف تُذِلنا، سوف تُذِل أهل السُنة إذن وتقتل علماءنا مثلما فعلت الدولة الفاطمية في بعض علماء أهل السُنة في وقتها، هذا المنطق لا يجوز لأنه ينتصر للأقوى، كما قال بعض العلماء رأيت الناس لا يمنعهم من الظلم إلا الضعف والعجز، فقط أعطني سُلطة وسوف ترى فيما بعد حقيقتي، وهذا لا يجوز يا أخي، المفروض حتى وأنا في سُلطة وأنا في قوة أن تكون خُطتي هى العدل والرحمة بالمُخالِف قبل المُوافِق، وهذا الذي يُبرهِن صدق إيماني، ولكن هذا لا يحصل للأسف.

عبد الغني المقدسي  – رحمة الله تعالى عليه – حصل معه نفس الشيئ، استدعاه القاضي المالكي بمصر بالقاهرة وحكم بكفره وردته وأمر بضرب عنقه، وعبد الغني المقدسي  – رحمة الله عليه – هو إمام من أئمة الحنابلة الكبار، لكنه قال يُقتَل لأنه كافر وزنديق، فما نجا إلا بشفاعة قضاة وأُناس آخرين، تشفعوا له وإلا كان قُتِلَ المسكين، الإمام العطار تلميذ الإمام النووي – جامع فتاوى النووي – هو إمام فقيه شافعي جليل وله كتب مُستحسَنة، تألَّب عليه بعض المُتعصِبة من أئمة الشافعية  وقالوا عنه كافر مُرتَّد، وكاد الرجل – تلميذ النووي – يفقد حياته إلا أن مجلس القضاء اجتمع ونظر في البينة والأدلة والأشياء فقالوا هذا مسلم، لايزال مسلماً، الحمد لله  ثبت لك الإسلام، ولكم أن تتخيَّلوا هذا، فالمسكين كان حلساً من أحلاس بيته مثل سجادة البيت، توقَّف عن الخروج للناس، وإذا خرج  لا يخرج من بيته إلا مُتأبِطاً كتاب القضاء، عنده لفافة حاملها دائماً حتى إذا قالوا له يا زنديق يقول لهم لست زنديقاً، انظروا إلى ما معي، لقد قالوا عني أنني مسلم، الله أكبر يا أخي، ما هذه البلية؟ هذا إمام من أئمة المسلمين فكيف تُصبِح هذه حالته؟ يقول أنا مسلم والقضاة قالوا أنا مسلم، هذا ابن العطار رحمة الله تعالى عليه، وهذه المسألة تتكرّر باستمرار، وأنا ما جئت هنا – والله – أبداً لثلب العلماء، حاشا لله، فهؤلاء منهم نتعلَّم وإلى ضوئهم نعشو وبأنوارهم نتضوَّأ، ولكن أُريد وأُحِب أن أُساهِم في فك المغالق – مغالق العصبية والانغلاقية – حتى نتفتح وحتى لا ندعي أشياء غير صحيحة وكما قلت لكم ونُأمثل الجوانب السيئة في تاريخنا وثقافتنا، هذا لا يجوز، مُغالَطة الحقائق لا يستفيد منها أحد إلا الباطل، خطر لي قبل أيام سؤالاً قلته لإخواني، وهو بالله عليكم هذه الخُطة في إخراج أكثر الطوائف من الإسلام – هؤلاء زنادقة وهؤلاء كفرة وهؤلاء ليسوا مسلمين وهؤلاء من الفرق الهالكة وهؤلاء وهؤلاء وهؤلاء – تخدم مَن؟ إبليس، هذه خُطة جميلة جداً لإبليس، إبليس أعظم مقصوده أن يُدخِل مُعظم عباد الله في جهنم، تقول الآية الكريمة وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ۩، الذين تستخلصهم من أنبياء ورسل لا يد لي بهم ولا يدان، ولكن ماعدا ذلك أنا سأغويهم جميعاً، الله قال له لا، وهؤلاء المشائخ والعقول المُغلَقة – ما شاء الله – تعمل لإبهاج قلب إبليس، سنُفرِّحك يا إبليس، نحن نُصدِر فتاوى وبنؤلِّف كتب نجعل معظم هذه الطوائف إلى جهنم، افرح يا إبليس، وهذا يُحزِن قلب محمد – صلى الله عليه وسلم – ولا يُرضي رب العالمين الذي أنزل كتاباً مُبيناً دلَّنا فيه بأقصر طريق على الناجين وعلى المسعودين المبرورين، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩، أليس كذلك؟ قال الله آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ۩.

 قبل يومين اتصلت بي دكتورة من الولايات المُتحدة وقالت لي أنا الدكتورة فلانة الفلانية وأنا شيعية، فقلت لها يا حيّاهلاً، أهلاً وسهلاً بكِ يا أختي، أنتِ شيعية وأنا سُني، نحن مسلمون جميعاً، قالت بارك الله فيك، لأجل ذلك اتصلت بك، وسألت عن مسألتين، المسألة الأولى كالآتي، قالت أنا يا شيخ قرأت وتثقفت كثيراً وبدأ الآن أشك في وجود المهدي، قلت لها فماذا كان؟ قالت لا أدري، أهلي وجماعتي صاروا يُشكِّكون في ديني، وأنا لا أشعر بهذا، أشعر بأنني أُحِب ديني وأُحِب الله ورسوله ومُقتنِعة بهذا وبالقرآن، لكن لم أعد أقتنع بموضوع المهدي، قلت لها لا بأس يا أختي، هل وجدتِ هذا المهدي في كتاب الله؟ قالت لا، قلت لها هل وجدتِ الدجَّال في كتاب الله؟ قالت لا، قلت لها ماذا عن السفياني والقحطاني وعودة عيسى مُصرَّحاً بها في كتاب الله؟ كل هذه العقائد والمُنتحَلات ليست منصوصاً عليها في كتاب الله تبارك وتعالى، هذه ليست من باب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، ليست من أركان الإيمان، لكن هذا ماذا يعني؟ والآن – للأسف – في سوريا تُشاع مثل هذه الأشياء، إخواننا الشيعة للأسف الشديد فعلوا هذا لأن عندهم نفس العقلية، هذا نفس المسلم المُنحَط، المسلم المُعاصِر من قرون حتى المُحدَث مسلم مُنحَط، من قرون وهو في حالة انحطاط روحي وفكري وديني دون أن يدري، والعلماء يُساهِمون في هذا، والآن الإخوة الشيعة يُؤرِّثون نيران أحقاد، يقولون لك هؤلاء السفيانيون والسفياني على وشك أن يخرج، ماذا سيفعل السفياني؟ سيذبحنا وسيُبدِّع في الشيعة، ولكن الحمد لله السفياني يخرج والمهدي يعقبه فيذبحهم، أي أن الكل يتوعَّد بماذا؟ بالذبح، أهل السُنة يُشيعون أن إيران تبعث جنوداً لقتل الثوار في سوريا وقتل الشعب السوري، يقولون حزب الله يبعث رجاله لقتل الثوار، لا أدري كأن الجيش السوري ليس عنده من هؤلاء القتلة المُجرِمين السفَّاحين – قتلة الأطفال والنساء والشيوخ – وليس عنده الدبابات التي يقصف بها المساجد والبيوت ويمحو المدن والقرى، هذا الجيش المُجرِم المُلحِد بالإنسانية والمُلحِد برب الإنسانية، هل يحتاج إلى حزب الله؟ لا ندري، على كل حال صدق هذا أو لم يصدق فإنه يُشاع ويُكرَّر دائماً، وفي المُقابِل السُنة والثوار يفعلون مثل هذا، يقولون كتيبة مُعاوية وكتيبة يزيد بن مُعاوية، يُريدون أن يُعيدوها جذعة، هذا مُعسكَّر الحسين وهذا مُعسكَّر يزيد، أهكذا تُريدون؟ مَن الذي يُخطِّط لكم؟ أنا أتساءل هنا بالله عليكم مَن الذي يستفيد؟ وعنوان هذه الخُطبة مِن الآن سأذكره، أنا أُريد أن أسميها حدث غداً، يُقال حدث اليوم أو حدث بالأمس لكن هذا حدث غداً، لأن ما سيحدث غداً أمام ناظري وأنظار الكثيرين من المُحلِّلين والمُراقِبين واضح جداً، لا يحتاج إلى كرامة ولا يحتاج إلى روح نبوئية حتى نعرفه، أنا أقول لكم سوف تحدث مذبحة للجميع، ما سيحدث غداً – وخُطبتي إسمها حدث غداً – ويُخطَّط له من عشرات السنين على الأقل في آخر عقدين هو هذا، وأنا بفضل الله – تبارك وتعالى – ومنه من على منبر المسجد من عقدين وأنا أُحذِّر من هذا، وأقول لا لإغال الصدور، لا للتحشيد، لا للتعبئة، لا للتكفير، لا للإخراج من الملة، لا للحكم على قلوب الخلق، لا للتعصب والانغلاقية، كلكم ستدفعون الثمن، وأعيدها بشكل واضح مليء، كلنا سندفع الثمن، والله العظيم ما من مُنتصِر وما من فائز، كله سيدفع الثمن، السعيد الوحيد والفرحان الأكبر عدو هذه الأمة، وهذا هو مُخطَّطه!

ريتشارد ميتشل Richard Mitchell  صاحب الكتاب المعروف الذي شرَّق وغرَّب – الإخوان المسلمون – يقول أنا قدَّمت تقريري للجنة العمل السري بالسي آي إيه (CIA) وكتبت فيه لكي ننجح في غزو المسلمين فكرياً علينا أن نصطنع هذه الوسائل، ومن ضمنها تعميق الفوارق الطائفية والمذهبية بين طوائف المسلمين، انفخ في النار، والنفخ شغَّال الآن، لا أعجب من رئيس أو حاكم أياً كان نعته أو صفته يعمل للأسف على تنفيذ هذه الأجندة، لأنه حاكم، ما معنى حاكم؟ ليس عنده مزرعة وليس عنده إقطاعية وإنما عنده دولة يلعب بها، دولة كاملة يلعب بمُقدِّراتها ويلعب بشعبها، وهذا يعني أنه قد يكون معذوراً عند الأبالسة من أمثاله، لأن الإغراء كبير جداً جداً جداً، هل تُريد أن تبقى حاكماً؟ نفِّذ الأجندة الخاصة بنا، أعداء الأمة يقولون له افعل هذا فيفعل، فأنا أتفهم هذا من هذا الإبليس، ولكن لا أتفهم أن يخب ويضع وأن يُهرَع إلى تنفيذ هذه الأجندات علماء دين ومشائخ بإسم السُنة وبإسم الدين وبإسم الطائفة والمذهب، لا أفهم هذا، لم أفهمه يوماً ولا أفهمه ولن أفهمه حتى ألقى الله، لأن الذي أفهمه أن هذا لا يصب إلا في مصلحة أعدائنا، هذا يذبحنا جميعاً،  وتذكَّروا كلامي هذا وتذكَّروا حدث غداً، لأن الأمور واضحة، أوضح من الشمس في رائعة ورابعة النهار، هذا تحشيد وإغار بإسم الدفاع عن الدين، لكن الدين أوضح بفضل الله – عز وجل – وأقصر وأبسط من أن تختلف عليه هذه الأمة لو عقلت، أين العقل؟ أين القلب؟ أين الصدق؟ أين الإخلاص لله؟ أين الإخلاص لهذا الدين؟ أين الإخلاص في خدمة هذه الأمة؟ أُحِب أن أعرف!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الخُطبة الثانية)

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

إخواني وأخواتي:

مُذ كنا صغاراً كانت تُتلى على مسامعنا المأثرة العظيمة والأمثولة الخالدة لرحمة وتسامح وصفح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً: إن شئت يا محمد أطبقت عليهم الأخشبين، ونحن صغار يُقال النبي أخذ يده وقال لا تفعل فإني أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم مَن يقول لا إله إلا الله، وهذا شيئ عظيم، هذا بنسبة مائة في المائة يعكس روح محمد وشخصية محمد، ولكن سؤالي بالله عليكم هل عكسنا وهل نعكس نحن هذه الروح؟ لا والله إلا مَن رحم الله، بالنسبة لغير المسلمين يُقال اللهم جمِّد الدم في عروقهم، اللهم أدرعليهم دائرة السوء، اللهم دمِّرهم تدميراً، اللهم رمِّل نساءهم، اللهم يتِّم أولادهم، يحدث هذا كل جمعة، وإذا لم تفعل هذا يشكون فيك، لماذا هو هكذا؟ يقولون هو مُتعاطِف ولا يقولون إنسان رحماني نبوي رسولي، وكأن مهمتنا أن يُفني الله العالمين لكي نبقى نحن بحماقاتنا، وأنا أقول لكم  لن نبقى ولن يُفنيهم من أجلنا، لأن هذه حماقة، واتركنا من غير المسلمين، فنفس الشيئئ يحدث مع المسلمين، يُقال اللهم عليك بالزيدية، اللهم عليك بالحوثيين، عليك بالرافضة، عليك بالواهابيين، عليك بالصوفية المُتزندِقين، اللهم عليك بهم، اللهم اللهم اللهم، على مدار الأربع والعشرين ساعة يدعو بعضهم على بعض، وأين الأخشبان وغير الأخشبين؟ لماذا نكره هذه الأحاديث؟ لماذا؟ مثلاً يتخيَّل أحدنا أن جبريل فعلاً نزل عليه – معاذ الله طبعاً أن ينزل على أمثالنا – ومعه ملك الأخشبين وقال لك عندي الآن جبلان عظيمان كالأخشبين فماذا تُريد؟ يقول أطبقهما على أمريكا – مثلاً – مُباشَرةً، أطبقهما على السعودية والوهابية، أطبقهما على إيران والشيعة الاثني عشرية، أطبقهما على جماعة الحوثية والزيدية، أنا مُتأكِّد لأنه يتمنى هذا بدليل أنه يدعو به ليل نهار، هو يرفع يديه وهو يبكي ويقول اللهم اللهم اللهم، إذا وُجِدَ الأخشبان سوف يقول مُباشَرةً دمِّر، وهذا منطق تدميري ومنطق استئصالي، هل تعرفون لماذا؟ لا تُوجَد رؤية مهما كانت حمقاء ومُعتلَّة ومُلتاثة إلا تُغذيها أفكار حتى وإن كانت غير منظومة تنتظم فيها هذه الرؤية المُعتلَّة، ونحن عندنا أفكار وتُنسَب إلى رسول الله على شكل أحاديث، وتفترق أمتى على بضع وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، هل رسول الله قال هذا؟ كيف والله يقول كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ۩؟  كيف ونحن أكثر أهل الجنة؟ ثلاثة أرباع أهل الجنة نحن، مَن هم؟ هذه الفرقة الصغيرة جداً جداً جداً التي يحصر كلٌ نفسه فيها، فيُقال نحن الناجون والآخرون هلكى، ولذا أقول لكم إذن أصبحتم بعثة محمد علينا كمسلمين لعنة وليست رحمة، فكان خير لنا ألا يُبعَث، هل تعرفون لماذا؟ لأنه لما بُعِث افترقت ببعثته أمته على بضع وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فسوف يقول العقل يا ليته ما بُعِث، ذهبنا في ستين داهية، فأي حديث هذا؟ الإمام ابن حزم – أبو محمد بن حزم إمام أهل الظاهر رحمة الله عليه – بكل بساطة في كتابه الفصل في الأهواء والملل والنحل قال هذان الحديثان “حديث الافتراق – افترقت الأمة – وحديث القدرية والمُرجئة مجوس هذه الأمة” لا يصحان أصلاً من جهة الإسناد، فلا يحل أن يحتج بهما أحد، هذا عند مَن يرى القول بحديث الآحاد وبحُجية الآحاد، فكيف عند مَن لا يرى حُجية الآحاد ويُريد المُتواتِر، فهذا كله كلام فارغ، ابن حزم شطب على هذا الحديث وقال لا تعبأ به، هذا الحديث – وتفترق أمتى على بضع وسبعين فرقة  كلها في النار – فارغ، بعض العلماء قالوا لا نستطيع أن نقول إنه حديث موضوع ولا أصل له، الحديث مقبول إلى حدٍ ما ولكن الجُملة التي في نهايته غير صحيحة، ما هى؟ كلها في النار إلا واحدة، العلَّامة محمد بن إبراهيم بن الوزير اليماني الصنعاني صاحب العواصم والقواصم قال – رحمة الله تعالى عليه – ولا يبعد أن تكون من دسيس الملاحدة، رجل مُلحِد زنديق دسها، والإمام الشوكاني بعده – رحمة الله عليه – بقرون ماذا قال؟ قال وقد جاد ظنُ مَن ظن أنها من دسيس الملاحدة، وهو ابن الوزير، قال هذا مُمتاز وظنه في مكانه، لماذا؟ لأن لا يُوجَد أعظم أو أبشع أو أفظع مِن أن يُقال كل هذه الأمة عدا فرقة واحدة في النار، هذا يبعث على ماذا؟ يبعث على الظن بل الاعتقاد أن هذه الأمة ليست مرحومة ولا ناجية وأن أكثرها مرق من دينه وأن أكثرها في نار جهنم، وهذا يقود إلى الإلحاد والشك في الدين، أليس كذلك؟ محمد بُعِثَ رحمة للعالمين وليس نقمة على أمته، وهو الآن أصبح هكذا نقمة، فالشوكاني قال هذا المعنى زنديق  هذا المعنى يُشككنا في ديننا ويُشككنا في نبينا، لماذا أنا أشك وأترك كتاب الله؟ الله يقول قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۩، مَن هم؟ واحد واثنان وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وانتهى  كل شيئ، هم  مُفلِحون إذن، أليس كذلك؟ وهذا يقول لي لا، كلها في النار إلا واحدة، هذا من دسيس الملاحدة، لا تعبأوا بهذه الأفكار ثم لا تظنوا في كل عالمٍ عالم – أي في كل العلماء قاطبةً – أن العالم إذا نقل أو ذكر فضلاً عن أن يقضي ويحكم بأنه يلتزم دائماً الحق ويُحقِّق ويتعب ويعرق، أحياناً لا يفعلون وهم أئمة كبار، لا أقول يفترون لكن لا يُحقِّقون ويتكلَّمون، الإمام ابن حجر العسقلاني – رحمة الله تعالى عليه – على ما أعتقد في رفع الإصر قال عن شيخه أبي الحسن الهيثمي – رحمة الله تعالى عليه – وقد كان شيخنا أبو الحسن يُشدِّد أو يُكثِر النكير على ابن خلدون – المُؤرِّخ الكبير عبد الرحمن بن خلدون ولي الدين  صاحب المُقدِمة والتاريخ، كان يُشدِّد ويُكثِر النكير على ابن خلدون، كان غاضباً من ابن خلدون، لماذا؟ – لأني سمعته مرة يقول لي  ابن خلدون ذكر كلمة عظيمة في حق الحسين بن عليّ  – رضيَ الله عنهما – حيث قال إنه قُتِلَ بسيف جده، قال قالها الإمام الهيثمي وجعل يبكي، وذلك من عظمها، هذه كلمة عظيمة، كبُرَت كلمة تخرج من فيه مَن قالها وعليه من الله ما يستحق، قال وقال لعنه الله، قال لعنه وسبه وهو يبكي، كيف يقول ابن خلدون هذا في الحسين؟ هل الحسين قُتِلَ بسيف جده؟ هل النبي أفتى بقتل الحسين لأنه خارج على إمام الزمان العادل الثقة؟ قال لعنه الله وجعل يبكي، لكن هنا أخطأ الإمام الهيثمي في نسبة هذا لابن خلدون، ابن خلدون لم يقل هذا، هذا خطأ واضح مفضوح، وأخطأ ابن حجر في دفاعه عن ابن خلدون، ماذا قال ابن حجر؟ قال وأنا لم أقع على هذه الجُملة في تاريخ ابن خلدون – لم يقلها الرجل وإنما تُنسَب إليه – فلعلها في تاريخه أو في النُسخة التي رجع عنها من تاريخه، أي النُسخة غير المُنقَّحة، وأيضاً هذا الجواب خاطيء، هل تعلمون لماذا؟ هل تعرفون ماذا ورد في مُقدِمة ابن خلدون في المخطوطة والمطبوعة – موجود إلى اليوم بفضل الله عز وجل – أيضاً؟ هل تعرفون ماذا قال ابن خلدون؟ انظروا إلى الظلم، هذا ظلم ولكنه غير مُتعمَّد، ظلم بسبب بعدم التحرير والتحقيق وبعدم التعب، فاتعب يا أخي وفتش بنفسك، قال الإمام ابن خلدون في المُقدِمة وقد غَلَطَ – أي غلِطَ – القاضي أبو بكر بن العربي حين قال في العواصم من القواصم – هو قال  العواصم والقواصم  لكن الصحيح هو العواصم من القواصم – إن الحسين قُتِل بسيف جده، وهى غلطةٌ – قال هذه غلطها عظيمة، ابن خلدون يُنكِر على مَن؟ على مَن قال هذه الكلمة، مَن الذي قالها؟ ابن العربي  المالكي وليس ابن خلدون، ومع ذلك نسب ونلعن هذا  المسكين رحمة الله عليه – أوجبها الغفلةُ عن اشتراط العدالة في الإمام، كيف تقول لي لأنه خرج على يزيد يُقتَل؟ مَن يزيد القرد هذا؟ ينبغي أن يكون عادلاً مُبايعاً عن خيار وسماح من الأمة لا مفروضاً عليها بقوة المال والذهب والسلاح، أي بالترغيب والترهيب،  ابن خلدون نفسه صاحب نظرية العصبية، وهو من أكثر مَن برَّر لبني أمية  حكمهم وجرائمهم لكنه هنا قال غلطة حمل عليها الغفلة عن اشتراط العدالة في الإمام، ثم قال وأيُ الناس أعدل من الحسين؟ قال المفروض الذي يكون إمام المسلمين ليس يزيد القرود والفهود وإنما الحسين، لكن الحسين قُتِلَ وبرَّرنا قتله، فابن خلدون مُتألِم أيضاً ويرد على علمائنا، يرد على أبي بكر بن العربي، لكن ابن خلدون لُعِنَ، عاد المسكين باللعنة، لماذا؟ لم نتحقَّق، لم نتحقَّق مما يُنسَب إلى ابن خلدون، فلا تأخذوا الكلام على علاته، مع العلم بأنه يندر أن تنقل فرقة عن فرقة شيئاً على وجهه وعلى ما يُرضي الله، كل فرقة إن نقلت عن فرقة إنما تنقل أشياء تكون ضعيفة أو لا تثبت أو حتى مكذوبة، وخاصة إذا ساءت سُمعة هذه الفرقة، والأمثلة كثيرة جداً، لعلي أختم بثلاثة أو بأربعة أو بخمسة ثم نمضي إلى صلاتنا.
إخواننا الإباضية اليوم في عُمان وغير عُمان أيضاً – بعضهم في ليبيا وفي الجزائر وإلى آخره – يُنسَبون إلى الخارجية أو الخوارج، يُقال إنهم خوارج، ويُقال في كتبنا هم يُكفِّرون مُرتكبي الكبيرة، وهذا غلطٌ بيِّن عليهم، كل كتب الإباضية تقول مُرتكبي الكبيرة كافر كفر نعمة لا كفراً أكبر يُخرِج من الملة، أي ليس كفراً علمياً، هذا كفر نعمة وليس كما يقول الخوارج، فقد فارقوا الخوارج في أكبر مسألة من مسائلهم، فكيف يُقال أنهم خوارج؟ هذا من باب الغلط، نحن نغلط عليهم، هذا غلط في النقل للأسف الشديد، وكنا نقول عن الإسماعيلية العبيدية الفاطمية الذين أسَّسوا الدولة الفاطمية في مصر والمغرب من قبل – ونحن نعتقد هذا لأن الفاطمية زنادقة وباطنية وانتهى كل شيئ – أنهم يأخذون بالباطن ويُهمِلون الظاهر بل ينسفونه نسفاً، وهذا كلام غير صحيح، هناك كتاب وطُبِع – بحمد الله – قبل عقود إسمه دعائم الإسلام، لم يتمه القاضي النعمان التميمي العُبيدي – قاضي الدولة الفاطمية – لكن كتابه أصبح القانون والدستور الرسمي للدولة الفاطمية من أيام المُعِز حتى انتهاء الدولة الفاطمية في مصر، والكتاب – دعائم الإسلام – مطبوع ومُتاح على الشبكة العنكبوتية بي دي إف PDF مُصوَّراً، الكتاب يأخذ بكل الظواهر الشرعية في كل الأبواب، ولكن كل ظاهر له أيضاً وجهٌ باطن عندهم، يُثبِتون الباطن ويُثبِتون الظاهر، لا يُسقِطون الظاهر بالباطن، هذا لا يتناقض مع هذا، لو كانت لدينا فُسحة لضربت لكم أمثلة، موجودة في الكتاب بالمئات هذه الأمثلة، وهذا عكس ما كنا نعتقد أنهم يُبطِلون الظواهر بالبواطن، هذا كذب عليهم، والله لا يُحِب الكذب فانتبهوا، بالأمس حدَّثني أحد الإخوة وقال لي لكن هناك علماء الآن – أعرفهم طبعاً وأنتم تُعرِفونهم – يُفتون طلابهم وأبناءهم وأتباعهم بأن الكذب لنُصرة المذهب أو لتسويء وجوه المُخالِفين يجوز شرعاً، فقلت له والله ما هى بسُنة رسول الله ولا بخُطة الله في كتابه، ولكنها سُنة بولس شاؤول Paulus Saulus  مُؤسِّس المسيحية وصاحب أعمال الرسل، بولس Paulus الذي قال إن الكذب يجوزُ وهو مُبرَّر وسائغ إن كان لزيادة تمجيد الرب، إذا كنا نُريد أن نُمجِّد الرب يمُكِن لنا أن نكذب وأن نُؤلِّف أشياء من عندنا، وهؤلاء كذلك أيضاً، لكن هذا لا يرضاه الله ولا رسوله ولا الضمير الحي، لا يجوز الكذب على أحد لكي تُسقِط مثابته وتُسيء إليه بأي حال من الأحوال، هذا كذب طبعاً، والوهابية لم ينجوا من هذا، العلَّامة أحمد بن زَيْني دَحْلان مُفتي الشافعية بالديار المكية له أكثر من كتاب وكُتيب عن الوهابية في مواضع مُعيَّنة افترى عليهم حقيقةً وغلط عليهم غلطاً واضحاً، ولا يُمكِن أن يُثبِت للأسف صحة ما أتى به في بعض المواضع، ادّعى مرةً أن الظاهر من حال محمد بن عبد الوهاب أنه ادّعى النبوة، وهذا غير صحيح، لم يحدث هذا مرة، ابن عبد الوهاب لم يدّع النبوة، قال وكان يكره الصلاة عن رسول الله، وهذا غلط وكذب، وقال كان ينهى عنها ليلة الجمعة ويوم الجمعة، فأين إثبات هذا؟ الله يُحِب الإنصاف مع المُوافِق والمُخالِف، أي مع جميع الفرق، هذا دين يا إخواني.

للأسف الوقت تضايق، سأختم وأترك الأمثلة وإن كانت الأمثلة كثيراً جداً عن المُعتزِلة وعن الخوارج وعن الزيدية وعنا – عن الأشاعرة – أيضاً، فالكذب علينا كثير جداً جداً جداً، وقيل أننا جهمية وأننا مُعطِّلة، وكل هذا كذب، لسنا جهمية بل نُفارِق الجهمية في أكثر أصولهم إن لم يكن في كلها، كيف يُقال الأشاعرة جهمية؟ هذا كذب وقاح، ابن تيمية كُذِبَ عليه في زمنه من القاضي ابن مخلوف المالكي الذي قال إن ابن تيمية يقول الله في زاوية – يجلس فقي زاوية – وقد ولداً، وهذا كذب لم يقله  ابن تيمية في حياته، هذا كذب ولايزال هؤلاء يكذبون بعضهم على بعض وهم علماء وقضاة، هذه – والله – محنة عظيمة جداً جداً جداً.

لم اُكمِل لكم قصة الأخت الشيعية، المُهِم أنا طمأنتها، ثم ختمت قائلة هناك دكتور سُني تقدَّم لخطبتي فهل أتزوجه؟ قلت لها طبعاً، بالعكس أنا شخصياً أُحبِّذ هذا، أُحبِّذ أن يتزوج السُني شيعية والشيعي سُنية، فقالت لي من أجل ماذا؟ قلت لها حتى يعرف بعضنا بعضاً عن قرب، وسوف ترين أنه مسلم، مثلك مثله تماماً، ليس مُلحداً وليس زنديقاً هذا السُني، وهو يُحِب الدين ويُحِب أهل البيت، وكذلك لو حدث العكس فتقترب الأمة بعيداً عن تهييج العلماء وتعبئة العلماء، لابد أن نقترب، وفي النهاية لابد أن نقتصد في عرض ديننا، ديننا بسيطٌ ومحصورٌ، فقضية تبسيط الدين تخدم أولاً قناعة الناس بدينهم، ثانياً تخدم إمكانية تبرير الناس لاختياراتهم الدينية، لماذا أنا مُسلِم؟ لأنه المسألة بسيطة، واحد واثنان وثلاثة، هذا سهل جداً جداً جداً قرآنياً، ولكن إذا أبيت إلا أن تضم إلى القرآن عشرة آلاف صفحة في علم الكلام والعقائد فإنك ستضطر مُعظم الناس على الإطلاق أن يُسلِّموا مقاداتهم ورقابهم لمرجعياتهم وعلمائهم وتستمر مسألة التعصب والغوغائية ومأسسة الدين والكهنوت، لكن الدين بسيط وكل أحد يستطيع أن يعرف أركانه وأن يُبرِّرها – كما قلت لكم – ببساطة من كتاب الله تبارك وتعالى – لأنه دستور الهداية، وكثيراً ما وُجِدَ مِن الكفار غير المسلمين مَن قرأ ترجمة للقرآن وأسلم دون أن يلتقي بأي شيخ، قال هذا كلام جميل وهو واضح جداً، الله هو كذا وكذا وكذا والنبوات كذا وكذا، فالعقيدة واضحة ولذا أنا اعتقدت بها، هذا مُسلِم ولو مات يموت على الإيمان، ثم أن الله – تبارك وتعالى – لم يُكلِّف أحداً أن يتحقَّق من أحد بشيئٍ خلاف الظاهر أو وراء الظاهر، قال تبارك وتعالى  وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا – لماذا؟ – تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۩، قال لا، لأن طبعاً  قد يقول قائل هذه علامة الإسلام لكن ما يُدريني أن الإيمان دخل قلبه؟ الله قال لك وما علاقتك بالإيمان أنت؟ هذا الإيمان أنا الذي أُفتِّش عنه، ليس عندنا محاكم تفتيش، فقط أنت لك من أخيك أن يُظهِر الإسلام، هذا مسلم مثلنا مثله، له ما لنا وعليه ما علينا، قال الله وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ۩، وهذا أمرٌ عجيب، قد يقول قائل كان الأولى أن يقول لست مسلماً، لكن هذا غير صحيح، قال الله لَسْتَ مُؤْمِنًا ۩، لأن نفي الإسلام مُستحيل هنا، فهو قال لك أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إذن هو مُسلِم، ولذا أنت تقول سأنفي إيمانه لكي أذبحه وآخذ غُنيماته كما فعل بعض الصحابة وعتب الله عليهم عتباً شديداً، اترك الإيمان لله وعليك بظاهر الإسلام.

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحُسنى وصفاتك العُلا وكلماتك التامة ونسألك بعزك وقدسك وجلالك وبهائك وجمالك أن تُوحِّد هذه الأمة، اللهم اجمع شمل أمة محمد – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً- على ما تُحِبه وترضاه من الهُدى والورع والعمل والإحسان والتُقى برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم جنِّبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن والإحن والبلايا والمحن برحمتك يا أرحم الراحمين، أصلِح أحوالهم ولُم شعثهم ووحِّدهم من فُرقة، اللهم إنا نسألك أن تهدينا وتهدي بنا وأن تُصلِحنا وتُصلِخ بنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات بفضلك ورحمتك إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب الدعوات برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩، وأقِم الصلاة.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا (16/3/2012)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: