برنامج آفاق

لماذا يختلف الناس فى الدنيا والدين؟

                           

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.

اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزِدنا علماً.

أحبتي في الله، إخواني وأخواتي:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تُرى لِمَ يختلف الناس في الكثير والقليل من أمور الدنيا والدين، من أمور الحياة؟ الأسباب كثيرة طبعاً التي يُمكِن أن نُعلِّل بها اختلافات البشر وتباينات وجهات نظرهم واختلاف منازعهم وتوجهاتهم ومواقفهم وردود أفعالهم، لكن يُمكِن أن نعزو كثيراً من هذه الاختلافات أولاً إلى اختلاف المنظور، ومعنى المنظور – أحبتي في الله – أي الزاوية التي ينظر كل منهم إلى مسألة من خلالها، أو إلى المسألة من خلالها، هذا ينظر إليها من هذه الزاوية، لكن ذاك ينظر من زاوية مُختلِفة تماماً، وثالث من زاوية ثالثة، ورابع من زاوية رابعة، وهلم جرا! فلذلك يختلفون، وكل يصف ما يراه ظاناً أنه هو الحقيقة أو هو تمام الحقيقة، وفي الحقيقة هو جانب من الحقيقة، وجه من وجوه الحقيقة.

وإذا اختلف المنظور – أحبتي في الله – فبالتبع في مُعظَم الحالات ستختلف اللُغة، سيختلف التعبير، سيختلف المُصطلَح، واختلاف اللُغة ليس معناه اختلاف لُغة المُعجَم أبداً، فقد تجد اثنين يتكلَّمان العربية، إذن لُغتهما المُعجَمية لُغة واحدة، يتكلَّمان بالألفاظ والتعابير العربية، لكن أعني اللُغة الفكرية، لُغة تصور العالم، توصيف العالم، توصيف الأشياء والأمور، تختلف بينهما، فمثلاً رجل مُتأثِّر – نفترض – بالفلسفة الماركسية، كيف ينظر إلى الأمور؟ كيف يُوصِّفها؟ بلُغة تختلف تماماً عن لُغة رجل آخر مُتأثِّر بالتصوف، هذا ينظر إلى الأمور كلها من زاوية مادية، ولا يُؤمِن بأي شيئ مُفارِق للمادة، مُتعالٍ على المادة وعلى الطبيعة، وأما ذاك فتقريباً هو لا يكاد يرى شيئاً إلا من خلال الغيب وتدخيل الغيب فيه، يرى كل شيئ عبارة عن وجه آخر للغيب، صوفي مُتروحِن! اللُغة اختلفت، مع أنهما يرطنان العربية، لكن اللُغة الفكرية مُختلِفة تماماً.

الصراع عند الصوفي غير الصراع عند الماركسي، الصراع عند الصوفي بدرجة أولى هو صراع مع النفس ومع الشيطان، هذا هو الصراع، هذا الصراع الذي كما يُقال يستحوذ على اهتمام الصوفي، الصراع مع النفس والصراع مع الشيطان، أما الصراع الذي يستحوذ على اهتمام الماركسي فهو صراع الطبقات، صراع الطبقات! طبقة العمال أو البلوريتاريا وطبقة البرجوازيين والرأسماليين والإقطاعيين، صراع طبقات! اللُغة الفكرية مُختلِفة، وعلى كل حال ليس هذا موضوعنا، موضوعنا أجمل – إن شاء الله – وأسلس وأحلى، وقد يكون أكثر فائدةً لنا جميعاً من هذا، من هذه اللُغة الفكرية والموضوعات الفكرية الجافة أحياناً.

كذلكم – أحبتي في الله – الحياة الزوجية وما ينشأ فيها من خلافات ومن نزاعات ومن صراعات، كثير جداً من هذه الخلافات والصراعات والنزاعات يُمكِن أن يُعزى إلى اختلاف المنظور وإلى اختلاف اللُغة، الزوج ينطق بُلغة، والزوجة تنطق بُلغة مُختلِفة، والآن فهمتم ما معنى اللُغة، ليس اللُغة العربية، لا! لُغة فكرية، لُغة عاطفية مُختلِفة تماماً تقريباً أحياناً عن لُغة الزوج، واختلاف المنظور، اختلاف العدسات، اختلاف المرايا، فما يبدو في عين الرجل كبيراً ضخماً يبدو في عين المرأة صغيراً، وما يبدو في عينه صغيراً تافهاً حقيراً ولا قيمة له يبدو عندها ضخماً، ذا وزن، وذا ثقل، إذن اختلف المنظور، اختلفت العدسة، اختلفت المرآة، وهذا يُسبِّب مشاكل، هذا يُسبِّب مشاكل بين الاثنين.

الرجل طبعاً – أحبتي في الله – عموماً يهتم بما يظن أنه شيئ كبير أو عمل كبير، ولذلك هو حين يتودد إلى زوجته ويتحبب إليها يُحِب أن يُقدِّم إليها أشياء كبيرة، أشياء ذات وزن، أشياء مُهِمة، جميل! هي ستُقدِّر هذا، ستلحظ هذا، ولكنه بالإزاء في مُقابِل هذا سيُقصِّر مرة ومرة ومرة ومرات كثيرة في أشياء هو يستتفهها، يراها حقيرة وصغيرة، لا تسوى، أشياء بسيطة جداً هذه، هو عمل الكبير، هو أنجز الكبير! وهذا سيُسبِّب إشكالاً وسيُنغِّص على المرأة، وترى دائماً أنها محرومة، أنه لا يُحِبها، لا يهتم بها، لا يسأل عنها، لا يتفهَّم حاجاتها، مع أنه فعل الأشياء الكبيرة.

سر الاختلاف – أيها الإخوة والأخوات – أن المرأة طريقة حسابها للمعروف، للأعمال، وللأشياء، طريقة مُختلِفة أيضاً عن طريقة الرجل، الرجل – كما قلت لكم – يظن هذا عمل كبير وهذا عمل صغير، فالعمل الكبير لابد أن نُعطيه من العلامات – مثلاً – مائة علامة، والعمل الصغير نُعطيه خمس علامات أو عشر علامات، سيُفاجأ المسكين أن المرأة تحسب الجميع بحساب واحد، فتُعطي هذا عشر علامات وهذا عشر علامات، أو هذا علامة وهذا علامة، فيتفاجأ في نهاية المطاف أن رصيده منزور مبخوس وقليل جداً عند المرأة، على عكس ما كان يظن.

أُوضِّح أكثر، الرجل قد يتقدَّم بهدية إلى زوجته – مثلاً -، نفترض بعشرة آلاف جنيه، في يوم من الأيام بمُناسَبة – مثلاً – عيد زواجهما أو عيد ميلادها، فهذه هدية ثقيلة، ذات وزن ثقيل، أي بألف يورو تقريباً، قدَّمها لها، وهو يظن أنها ستظل تتذكَّر هذه الهدية على أنها الهدية ذات الوزن الثقيل، تستأهل عندها ألف علامة، بعد ذلك هو ينام، ينام شهرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة، لأنه قدَّم هدية بعشرة آلاف جنيه، انتهى! ليس لازماً أن يُقدِّم أشياء ثانية بسيطة، وهذا خطأ، خطأ! ويُمكِن بشكل عادي بعد أسابيع أن تقول له ماذا عملت أنت لي؟ أنا لم أر إلا أنك غير مُهتَم بي، لا أحد يسأل عني، وتبدأ تشتكي، وهو يُجَن جنونه، انتهى! هو سيُجَن، كيف؟ أنا دفعت عشرة آلاف جنيه قبل ثلاثة أسابيع فقط، فكيف هذا؟ ثم يقول لك فعلاً صدق رسول الله، يكفرن العشير، والعشير هو الزوج، ولو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منه خيراً قط.

منظورها يختلف، عدستها تختلف، هي تحسب – كما قلت لكم – بحساب مُختلِف تماماً، ولذلك الحل يا إخواني ليس أن نسب النساء وأن نلعن النساء وأن نستدعي النصوص لكي نُنفِّس عن أنفسنا ونُصفّي هذه الخلافات، لا! الحل بسيط جداً وميسور، وسيُريحنا ويُسعِدهن، أن نفهم هذه الطبيعة، أن نفهم طريقة المرأة في تقدير الأمور وطريقة المرأة في الحساب، تحسب كل شيئ بنقاط، نقاط تقريباً مُتساوية دائماً، كل عمل عندها تُعطيه عشر نقاط – نفترض – أو نُقطة واحدة، كل عمل هكذا، شيئ غريب، هذه طريقة المرأة.

إذن الحل ما هو؟ الحل أن أُكثِر من تقديم النقاط أنا، في كل مُناسَبة أو كل يوم أعمل شيئاً بسيطاً، حلقة اليوم تقريباً سأجعلها وقفاً أو ربما سأجعل سبعين في المائة من حلقة اليوم وقفاً على ضرب أمثلة، لأنها حلقة تعليمية، كما تعلَّمت أُريد أن أُفضي إليكم، فهذه ليست أفكاري، هذه أفكار علماء ومُتخصِّصين، وبارك الله فيهم على ما قدَّموه، ليست أفكاري أنا، نُريد أن نتعلَّم، ونضرب أمثلة، لأن من غير ضرب الأمثلة لن نفهم، الأمثلة ستفتح أعيننا على ما لم نكن نُدخِله في حسابنا، أي هل هذا شيئ مُهِم؟ نعم، مُهِم جداً، هل هذا يُسعِد الزوجة، ويُرضيها؟ هل يجعلها تشعر بالرضا، بالاستقرار، وبالأمان؟ نعم، وهو شيئ بسيط جداً، ويُمكِن أن نعمله دون أي مشاكل، وهذا سيرفع من رصيدنا عند الزوجة، سيرفع من رصيدنا عند زوجاتنا يا إخواني، أشياء بسيطة وسهلة، هذا هو الحل، لا أن نستنفذ الجُهد كله في تقديم أعمال كبيرة ولمرة واحدة أو مرات معدودة في السنة ثم ينتهي الأمر، لا! هذا أسلوب غير ناجح في إدارة الحياة الزوجية، تمام.

ولذلك حين يعود الرجل – مثلاً – من عمله وقد قضى في الخارج عشر ساعات أو اثنتي عشرة ساعة ماذا يحدث؟ يعود مهدوداً، منهوكاً، مُحطَّماً، تعبان! فيدخل طبعاً (متنرفز)، وحالته المزاجية ليست (ولابد)، أي ليست جيدة، والمرأة تنزعج، لماذا (متنرفز) أنت؟ طبعاً وأول ما تُبدي له الامتعاض يبدأ يصيح ويصرخ بأن أنا مهدود ومُحطَّم مُنذ ثنتي عشرة ساعة، وأنا أعمل من أجلك ومن أجل أولادك، وكذا! وسيُفاجأ بأنها هي أيضاً ستقول له وأنا أيضاً مثلك، أنا مُحطَّمة ومهدودة ومُكسَّرة واشتغلت أكثر منك، وكذا وكذا! سيستغرب هو، كيف؟ كيف اشتغلت وعملت أكثر منه؟ هي تحسب – نفس الشيئ – عملاً بعمل، أنت اشتغلت طول اليوم وأنا اشتغلت طيلة اليوم، بغض النظر عن طبيعة عمله وكم استنفذ من طاقته، هي أيضاً جلت المواعين وطبخت وكوت الملابس وربما غسلت الملابس وجعلت مع الأطفال تُؤدي الواجبات المدرسية، وهذه أعمال! كما تعمل أنا أعمل، لكن هذه أعمال بسيطة وسهلة بالنسبة إلى أعمالي، هي ليس عندها هذا، هذا العمل كله يأخذ ألف نُقطة، وأنت أيضاً عملك يأخذ ألف نُقطة، أو ربما أقل قليلاً، فيُمكِن أن تُعطي نفسها درجات أكثر، هي هكذا تحسب الأمور، ولذلك هي لا تتحمَّل هذا التذمر، ولا ترى أن هناك داعياً لأن يتذمَّر، لو أراد أن يتذمَّر أنا سأتذمَّر أيضاً، لو أراد أن يشتكي أنا سأشتكي، هو تعبان وأنا تعبانة، وتبدأ تنشب المشاكل.

إذن فأنت لا تأخذ المسائل على هذا النحو، لا ينبغي يا أخي الزوج أن تأخذ المشاكل من خلال هذا الوزن، أي عن طريق ميزانك أنت للأمور، أنت عندك عشرة كيلوات وهي عندها نصف كيلو، لا! هذا غير صحيح، حاول أن تزن الأمور كما تزنها هي، لكي تعيش بسلام معها.

فكما وعدتكم نحن الآن نُريد أن نأتي ببعض أو نعرض لبعض النماذج فقط، وفي الحقيقة ليس لبعض وإنما لكثير من نماذج الأعمال البسيطة الميسورة، التي سيكون لها احتساب عند الزوجة، ستحتسبها وستجد أن رصيدك أصبح مُرتفِعاً ومُمتازاً، أي إنه ملآن الآن، الرصيد ملآن، وهي سعيدة وراضية ومبسوطة، وأنت أحسن زوج في العالم.

مثلاً وأنت خارج البيت – في العمل مثلاً – يُمكِن أن تتصل بها، هذا الاتصال لن يُكلِّفك أي شيئ، نصف جنيه! تتصل حتى لو دقيقة واحدة، قل صباح الخير أو مساء الخير، كيف الحال؟ وكلمات حلوة ولطيفة، تتصل وتُخبِرها أنك اشتقت إليها، وتسألها عن حالها، وهل هي مبسوطة وسعيدة؟ هل كل شيئ تمام؟ فقط! هذا الاتصال يروق جداً للمرأة، مُمتاز، بالنسبة إليها أنه يتذكَّرني، وهو في زحمة العمل والتعب لا ينساني، يُفكِّر بي، إذن هو مُحِب صادق، فترتاح جداً المرأة.

عائد من العمل أنت، جميل جداً! لابد أن تتصل بها، لكي تقول لها أنا عائد، فهل تُريدين أي شيئ لكي نُحضِره من السوق أو من السوبرماركت Supermarket وما إلى ذلك؟ ساعدها بالشيئ هذا، سواء أرادت أو لم تُرِد، هي أيضاً تكون سعيدة جداً بهذا الاتصال الخفيف وأنت في الطريق إلى البيت، بعض الرجال لا يُحِب هذا، يقول لك أنا تعبان، لا! بالعكس، هذه الخدمة مُمتازة.

بين الفينة والأُخرى أو بين الحين والآخر – أي ليس كل يوم وليس كل مرة، أي لو عملتها كل أسبوع أو كل عشرة أيام سيكون هذا شيئاً جيداً – حين تعود إلى البيت يُمكِن أن تعود بهدية صغيرة، شيكولاتة صغيرة أو باقة ورد أو زجاجة عطر صغيرة رخيصة حتى لا تتكبَّد الكثير، أي هدية، هي لن تنظر إليها من خلال قيمتها المادية – أي الزوجة – أبداً، ستنظر إليها من خلال قيمتها المعنوية الرمزية، أنك تتذكَّرها، تتودَّد إليها، أنها ما زالت كما كانت في فترة الخِطبة، أي الخطوبة، الزوجة الساحرة، أميرة أحلامك، التي تُحِبها وتعشقها وكذا، ما زالت هي هذه، وهذا يُفرِحها جداً.

أنا خطر لي شيئ  – سُبحان الله – قُبيل هذه الحلقة، خطر لي أن الرجال وربما حتى النساء طبعاً قضيتهم ليست قضية أن الواحد منهم لا يفهم المرأة أو غير قادر على أن يفهمها، فلماذا حين نكون نحن في فترة الخِطبة – سُبحان الله – نتصرَّف بطريقة مُمتازة، تُرضي المخطوبة؟ نتصرَّف بطريقة تنم عن ذكاء عاطفي، وأننا نفهم احتياجات المرأة، احتياجات الأُنثى، احتياجات الفتاة، نفهمها جيداً، ونتصرَّف بطريقة لو ظللنا نتصرَّف بها ونحن أزواج لكنا أسعد أزواج، لكن هذا لا يحصل، فخطر لي من خلال هذه المُقارَنة البسيطة المعنى الآتي، وهو أن القضية ليست قضية أننا غير قادرين على أن نفهم المرأة أو نحن غير ناجحين في أن نفهم بالضبط احتياجات المرأة، لا! لو أردنا لكان من المُمكِن أن نعرف هذا الشيئ، حتى بالحس الداخلي، لا أعرف كيف هذا، بفطرتنا هكذا وبتكويننا تُوجَد عندنا القدرة على أن نفهم المرأة، لكن يبدو أننا حين نتزوَّج نُغلِّب ونُبدِّي منطق السُلطة، أنا السُلطة الآن، أنا القوي، أنا المُتحكِّم، أنا مُدير هذه الشركة، فنبدأ نُمارِس السُلطة، فالمنطق لا يُصبِح منطق حُب وتودد ومنطق علاقة مُشترَكة ومنطق امتزاج روحي وذوبان عاطفي، لا! منطق تسلط، توزيع أعمال وتسلط، فتفشل الحياة، يبدأ الفشل، وطبعاً تكون خيبة المرأة كبيرة جداً جداً، تقول لك مُستحيل، ليس هذا الذي كان في فترة الخِطبة، هذا شخص مُختلِف، هذا مُنافِق، هذا مُمثِّل، هذا شخص استعراضي، وهذا شخص كذا، فتبدأ تُعطيك أوصافاً على الأقل في داخلها، لماذا اختلف كل هذا الاختلاف؟!

للأسف لأن فعلاً منطق السُلطة مُسيطر علينا، يبدو أننا نعود يا إخواني نتورَّط في لعب أدوار شاهدناها من آبائنا وأعمامنا وأجدادنا والكبار، نُحِب أن نلعب نفس الأدوار التي أداها هؤلاء، دور المُهيمنين المُتسلِّطين الجبّارين، فرعون في الأسرة الرجل! وهذا دور فاشل، يفشل، لا ينجح، ولا يسعد به لا الزوج ولا الزوجة ولا الأولاد، فانتبهوا له، واحذروا منه.

نعود، إذن نعود – كما قلت – بين الفينة والفينة بهدية صغيرة، أنا سمعت بعض النساء يشكون أزواجهن بأن الواحد منهم لا يتذكَّر زوجته بهدية، ولو بأي شيئ، ولو في السنة مرة، وهذا يُغضِبها جداً، تُحِب هذه الهدية الصغيرة.

من المُهِم جداً – من الأشياء البسيطة هذه ذات الأثر الكبير – أن تتذكَّر المُناسَبات والتواريخ السعيدة في حياة زوجتك، يوم عيد ميلادها – مثلاً -، أي تاريخ ميلادها، ونفس الشيئ! أن تُفاجئها باحتفال صغير وبهدية قد أعددتها لهذه المُناسَبة، هذا يُفرِحها جداً، وبطريق المُفاجأة، يُمكِن أن تعمل هذه المُفاجأة أنت والأولاد، تتفقون على هذا، هم يشترون أشياء وأنت تشتري أشياء، دون أن تحس الزوجة التي هي الأم، ودون أن تعرف أي شيئ، ويوم عيد ميلادها فجأة ندخل عليها، نبدأ نُغني لها ونُعطيها الهدايا، فتكون هذه فرحة عظيمة.

طبعاً ما دام ذكرت أنا عيد الميلاد وعيد الزواج أيضاً فلابد أن أقول من الأشياء الصغيرة المُهِمة أن تلتقط أنت لها بنفسك صوراً تذكارية، لا تجعل البنت أو الابن يفعل هذا، أنت – أنت بنفسك – لابد أن تأخذ لها الصور هذه، ويُمكِن أن تقول لها أنا اليوم يُعجِبني شكلك كثيراً، تُعجِبني تسريحة شعرك، هذا اللباس الذي ترتدينه يُصيبني بالجنون، دعيني ألتقط لكِ صورة، تفرح هي بهذا، تفرح هي! أعمال بسيطة وسهلة.

من التواريخ المُهِمة – كما قلنا – تاريخ عيد الزواج أيضاً، في تاريخ زواجكما اعمل مثلما عملت في تاريخ ميلادها، أي هذا الشيئ وما إلى ذلك، احرص أيضاً على أن ترى هي صورتها معك، وتكون هذه الصورة جديدة، انتبه! لا تضع صورتها وهي مخطوبة قبل عشرين سنة أو قبل ثلاثين سنة أو قبل عشر سنوات أو قبل خمس سنوات، كانت أجمل وأضعف وأحلى، لا! ضع لها صورة جديدة، انظر إلى هذا، هذا ذكاء علماء النفس يا إخواني والخبراء في هذه الشؤون، كم أفادونا! حقيقةً جزاهم الله خيراً، لا تفعل هذا، ضع لها صورة جديدة، صورة التقطتها قبل شهر أو شهرين أو أسبوع أو أسبوعين، واجعلها معك في المحفظة، وأنت تفتح المحفظة احرص على أن تراها هكذا، هي ستفرح جداً، ستقول لك هو مُتعلِّق بي، وما زال يُحِبني، وكأن فترة الخِطبة لا تزال مُمتدة، وهو يرى أنني أميرة أحلامه، تفرح جداً هي بهذا، فضع صورة جديدة لها معك، انتبه، صورة جديدة لزوجتك، وليس صورة قديمة، شيئ بسيط ولكن – سُبحان الله – أجره كبير كما في اللُغة الدينية، عمل قليل وأجر كثير عند المرأة، وهذا يعني أن المرأة كريمة والله، لأنها تجزينا الكثير على أعمال بسيطة، هي هكذا قنوعة وطيبة، تمام!

احرص بين الحين والحين أيضاً على أن تُهيء فُرصةً للخروج معها، وأحسن شيئ أن يكون هذا وحدكما، طبعاً في بعض المرات من لضروري أن يكون الخروج مع العائلة كلها، مع الأولاد والبنات كلهم، جميل جداً! لكن أحياناً لابد أن تخرج معها وحدها، المرأة تُحِب هذا، وحتى مهما قالت لك أنا لا أكون سعيدة من غير أولادي وكذا – مهما قالت – قل لا، المرأة تُحِب أحياناً أن يُشعِرها زوجها أنه هو مُحتاج إلى هذا، قل أنا مُحتاج وأنا أُحِب أن أخرج معكِ وحدنا، نتذكَّر الأيام الخوالي، أُريد أن أُفضي لكِ ببعض الأشياء، أُريد أن أُكلمِّك بطريقة مُعيَّنة، أُريد كذا وكذا، أنا أُحِب هذا، هي ستكون سعيدة بهذا، إذن احرص أنت بين الفترة والفترة أن تُهيء الظروف والأجواء وكذا، ورتِّب لهذه، فليس شرطاً أن تعملها مُفاجأة، لا! يُمكِن أن تُربِكها هذه المُفاجأة قليلاً، عندها أعمال في البيت، عندها لقاءات، عندها اتصالات، عندها شغل مع الأولاد في المدرسة لوجود الامتحانات وكذا، لا! رتِّب لها، قل لها عندي رغبة في أن نخرج معاً بعد يومين أو ثلاثة أيام، ما رأيك أنتِ؟ شاورها، ما اليوم المُناسِب لكي نخرج سوياً؟ أُريد أن أذهب إلى نُزهة – مثلاً -، أو إلى مكان كنا نجلس فيه أيام الخِطبة أو أيام الزواج الأولى، فنعود نجلس إليه – مثلاً -، نخرج – مثلاً – إلى مطعم جديد افتُتِح، نتغدى فيه أو نتعشى فيه، أو نخرج إلى أي مطعم عموماً، أي ليس شرطاً أن يكون جديداً أو قديماً، يُمكِن أيضاً أن نتناول العشاء أو أن نتناول الغداء وحدنا، فهذا الشيئ جميل ومُهِم يا إخواني وأخواتي.

أيضاً بين الحين والحين حاول أن تُفرِّغ نفسك أنت للأولاد، وأعطها فُرصة أن تذهب هي لزيارة صديقة من صديقاتها أو لزيارة أمها أو مَن تُحِب مِن معارفها، هي ستُقدِّر لك هذا جداً، لأن هي – أي المرأة المسكينة – تقريباً لا تفعل هذا، سُبحان الله! وهذا شيئ غريب على فكرة، وأنا أذكر هذا الكلام يخطر لي الآتي، كم نحن – أي الرجال – أنانيون! الرجل وقتما يُريد أو يشاء أن يذهب لزيارة صديق يفعل، ليس عنده أي مُشكِلة، يعود ويقول يا فلانة أنا ذاهب لزيارة فلان، وسأرجع عند الواحدة ليلاً، انتهى الأمر، من الصعب أن تقول المرأة لا، لا تخرج وكذا، إلا في حالات المشاكل، حين يكون هناك تراكم وضغط نفسي، أي انتهى الأمر، وبلغ السيل الزبى، لكن عموماً تسمح بهذا المسكينة، الله يسهّل عليك، لكن هي لا تستطيع أن تفعل هذا، المرأة لا يُمكِن أن تأتي لكي تقول يا فلان أنا ذاهبة إلى فلانة، إلى أين أنت ذاهبة؟ إلى أين؟ البيت والطبيخ والغسيل والكوي والأولاد والمدارس، ودوشة! وهي ترضى بهذا المسكينة.

ولذلك أنا أقول لكم المرأة كائن نبيل، في نظري كائن نبيل والله وعظيم، ولا أقول هذا مُبالَغة، كم أحترم هذا الكائن! سُبحان الله، والمرأة في نهاية المطاف هي أمي وهي أختي وهي ابنتي وهي زوجتي وهي عمتي وخالتي، شيئ عجيب جداً، ما أقبح الحياة بغير هذا الجُزء المُكمِّل لنا! ونحن مُكمِّلون طبعاً له، جُزئنا الثاني هذا يا إخواني، جُزئنا الثاني! ولكن المرأة عندها قدرة غير طبيعية على التضحية، وهي تضحية مُتواصِلة على فكرة، تضحية مُتواصِلة! وفي مُعظَم الوقت برضا وسماحية وعن حُب ومن غير أي امتنان لدى هذه المسكينة أبداً، تفعل هذا وهي راضية، أي عجيب هذا الكائن، فأنت إذن بادلها معروفاً بمعروف وخيراً بخير، فرِّغ نفسك ولو كل شهرين أو ثلاثة أشهر مرة تفريغاً كاملاً، ثم قل لها يا فلانة أنا مُتفرِّغ اليوم لهؤلاء الأولاد، فأنا سأكون معهم، يُمكِن أن نخرج إلى نُزهة أو أن نعمل أي شيئ في البيت، توكَّلي على الله، اذهبي إلى أمك أو إلى صديقتك، اقضي لكِ خمس أو ست ساعات، ستفرح بهذا جداً، ستقول ماذا عن الأكل؟ فقل لها لا، سنطلب أكلاً عبر التليفون Telephone، أي ديليفري Delivery كما يُسمونه، سنحُضِر الأكل عبر التليفون، ليس عندنا أي مُشكِلة، لا يهمك شيئ، ستقول لكن الولد عنده امتحان، فقل لها أنا سأُراجِع معه، ستقول لكن فلان عنده واجبات، فقل لها أنا سأُراجِعها معه أو أخته الكبيرة ستُراجِعها معها، لكن أنتِ توكَّلي على الله، اذهبي دون أن يهمك أي شيئ، المرأة تُقدِّر هذا جداً، اعمل هذا، كما قلت لك كل ثلاثة أشهر مرة أو كل أربعة أشهر، أي هذا ليس شيئاً كثيراً، أي في السنة ثلاث أو أربع مرات، وهذا شيئ قليل جداً، ويُمكِن أن يعمله أي رجل.

وفي نفس الوقت أنا أقول لكم العائد أيضاً يعود عليه، تتوثَّق صلته بأولاده، فالأولاد يُحِبون هذا أيضاً، لأن الأب الآن يُمارِس دور الأم، كيف سيلعبون معه؟ كيف سيتشاقون معه؟ كيف ستصير الأمور؟ وكيف ستسير؟ يُحِبون هذا، وسيكتشفون – أي الأولاد، وهو أيضاً سيكتشف هذا – أن أباهم أفضل مما كانوا يظنون، أي هذا الأب المهيب الأسد القوي، وأنه أجمل مما كانوا يحسبون، سيُحِبونه أكثر ويتفاعلون معه أكثر، وسيُحِبون كل فترة وفترة أن يُكرِّر هذا المشهد، سيقولون له هيا يا أبي، ابعث أمنا إلى صديقتها، ونحن سنعمل مثلما عملنا قبل بضعة أشهر، شيئ جميل وسهل يا إخواني وأخواتي.

اسأل زوجك – أي زوجتك – سؤالاً مُحدَّداً، هذا ليس سؤالاً عاماً هكذا، وإنما هذا سؤال مُحدَّد، عن يومها – مثلاً -، سؤال مُحدَّد في ذلك اليوم، أنت تعرف أن في هذا اليوم هي – مثلاً – ذهبت لكي تزور صديقتها في المُستشفى، أي تعودها، فقل لها كيف حال صديقتك التي ذهبت إليها اليوم في المُستشفى؟ إن شاء الله تكون أحسن، كيف تكون أحوالها؟ ماذا يقول الأطباء؟ سؤال مُحدَّد، تُقدِّر هذا، وكذلك لو ذهبت لكي تزور أمها، اسألها كيف كانت الزيارة عند الوالدة – إن شاء الله -؟ هل شعرت بالانبساط؟ هل كل شيئ مُمتاز؟ سؤال مُحدَّد، هي تود هذا السؤال أن تسمعه، نعم!

أيضاً في أيام العطل بالذات – عطل مدرسية أو عطل العمل في نهاية الأسبوع – حاول أن تُفاجئها أنت وأولادك، اتركوها لكي تنام – مثلاً – إلى الساعة الثامنة أو الثامنة ونصف صباحاً، فاجأوها بأنكم استيقظتم قبلها وأعددتم لها طعام الإفطار، هي ستقوم مُباشَرةً وترى المُفاجأة هذه، وربما تكون هناك كلمات حلوة أو أُغنية، وقل لها تفضَّلي الإفطار، ستفرح كثيراً أيضاً بهذا المرأة، هذه أشياء بسيطة وهيّنة، نستطيع أن نقوم بها.

أيضاً حاول بين المرة والمرة أن تُعبِّر لها عن مشاعرك، يُمكِن أن تُلقي كلمات الاستحسان لتسريحة شعرها، هي سرحته اليوم تسريحة جديدة، فلا تتصرَّف وكأنك أعمى لا ترى، هذه تسريحة جديدة، فحاول أن تقول لها نعم، هذه رائعة، حتى لو لم تُعجِبك، لأن هذه تسريحة، ستنقضها بعد خمس ساعات حين تنام، حتى لو لم تُعجِبك قل لها هذه مُمتازة، حلوة جداً، تُصيب بالجنون لأنك مَن فعلها، وكذا! وبالغ أيضاً، أو استحسن لباسها، استحسن أيضاً لباسها الجديد، أو استحسن العطر الجديد الذي وضعته، المراة تُحِب هذه الكلمات – كلمات الاستلطاف والثناء والاستحسان – فيما يخص هيئتها وجمالها، فحاول أيضاً ألا تبخل بهذا.

حين تُلاحِظ أنها تعبانة أو كالمُحبَطة أو (زهقانة) أو حزينة أظهِر لها الاهتمام، وأنك تشعر بهذا، ليس كأنك لا ترى، أنت لا تُحِب أن تفتح على نفسك أبواب مشاكل، كأنك تقول حين أفتح لها الباب تبدأ تتكلَّم وتحكي لي، لا! بالعكس، أنت أفهمها الآتى، قل لها أنا أرى أنك لست (على بعضك)، أي لست على ما يُرام، أرى أنك حزينة قليلة، فهل هناك شيئ ما يا فلانة؟ أي أظهر لها أنك مُهتَم، فهذا يكفيها، تخيَّل! هذا يكفيها، أنك مُهتَم وأنك التقطت الإشارة ولاحظت أنها تعبانة وأن هناك شيئاً ما ليس (ولابد)، أي ليس جيداً، جميل أنك تُظهِر هذا.

أحياناً حين تكون في زيارة أو تكون في عمل تُريد أن تتأخَّر قليلاً، من الجيد والحسن أن تتصل بها وتُخبِرها، ليس كأنه استئذان أو إذن أبداً، هذا أدب ولياقة، هذا جنتلمان Gentleman الحقيقي، ليس مع الناس فقط، وإنما مع زوجته أولاً، أنا أعتبر أن جنتلمان Gentleman الصحيح لابد أن يكون مع الزوجة جنتلماناً Gentleman، وليس مع الناس وفي الشارع فقط، معها هي في الأول، وبعد ذلك مع الناس الآخرين، فتتصل بها لكي تقول لها يا فلانة من فضلك أنا اليوم سأتأخَّر إلى الساعة الفلانية، لا تدعها تنتظر أربع أو خمس ساعات دون أن تدري ودون أن تعرف.

على كل حال هناك أشياء أُخرى كثيرة، لكن كونوا معنا بعد هذا الفاصل أحبتي في الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم إخواني وأحبتي من جديد.

حلقة اليوم أعتقد حلقة خفيفة وجميلة، أهم شيئ – أحبتي في الله – أن هذه الحلقة مُباشَرةً تجد طريقها إلى التطبيق، وطبعاً ليس شرطاً أن تُطبِّق هذه البنود كلها مرة واحدة، ولكن بقدر ما تستطيع، ما لا يُدرَك كله لا يُترَك جُله، وجُله أي أكثره، إذا لم تقدر على أن تعمله كله فاعمل الكثير منه على الأقل، وسوف ترى النتيجة، كما وعدتكم والله هذه الأشياء – بعون الله – لها مفعول السحر في الحياة الزوجية، ما رأيكم؟ وكما قلت قبل الفاصل جميل جداً أن تشعر أنت يا أخي الزوج أنك في نفسك فعلاً جنتلمان Gentleman، أنت تقول هذا، بغض النظر حتى عنها، مُمكِن طبعاً – لا قدَّر الله – أن تكون سيئة، هناك نساء سيئات مثلما هناك رجال سيئون جداً، هناك نساء هكذا، مُمكِن ألا ترضى عنك لو عملت لها مثل هذا وأكثر مائة مرة، وستكون امرأة سيئة، وتكفر بنعمتك، وفي الأخير أيضاً يُمكِن أن تطلب الطلاق، لا تُوجَد مُشكِلة، هذه حالات نادرة، أنا أقول لك رجل يتصرَّف وفق هذه الطريقة فعلاً بوعي وبتحضر ورقي كبير يُمكِن بنسبة واحد في الألف أن يُصادِف امراة مثل هذه، فتكفر بهذه النعمة ولا تهتم وكذا، قليل جداً، لكن مُعظَم النساء سيشكرن هذا لأزواجهن تماماً ويُسعِدنهم، لأنهن سعيدات، في مُنتهى السعادة والرضا، وأهم شيئ في نهاية المطاف أنك عند نفسك رجل مُتحضِّر، رجل راقٍ، وضميرك مرتاح، أنت لم تكن في يوم من الأيام سبباً مُطلَقاً في أن تنهدم هذه الأسرة أو أن تعيش الزوجة والأولاد في بؤس وتعاسة و(عكننة) ونكد، بالعكس! السبب هي، أنا لست السبب – مثلاً -، فدع هذا التحدي أمامك – إن شاء الله تعالى -.

من الأشياء البسيطة جداً – أحبتي في الله – أن تعتذر لها بلُطف عن أي خطأ بدر منك إزاءها ولو كان خطأً صغيراً، تعلَّم الاعتذار، ونحن للأسف في ثقافتنا الرجولية الشرقية ليست كذلك، الرجل لا يعتذر، وخاصة من النساء، وأخص من ذلك أو بوجه أخص من زوجته، يعتذر من زوجته؟ مُستحيل، هذا لا يحدث، ولا يعتذر من أولاده، لا يعتذر لابنه أو ابنته، أنا أقول لكم بالعكس الاعتذار يا إخواني يُطهِّر الروح، أي والله، الإنسان حين يُخطئ وحين يدوس على طرف أي إنسان آخر ولا يعتذر – أنا أقول لكم – هو الذي يتعب، ليس فقط الآخر، هو يكون تعبان، وضميره يُؤنبه، فلا! أنا غلطت في حق ابني أو تجاوزت في حق زوجتي، ولابد من أن أعتذر، كأن أقول سامحني يا بُني، قد يقول لا يا أبي، لكنني سأقول له سامحني، أنا غلطت، أو سامحيني يا فلانة، تجاوزت في حقك أنا، حقيقةً سامحيني، لابد من العفو، تفرح هي، وتقول لك هذا إنسان راقٍ فعلاً ومُهذَّب، فاعتذر، عوِّد نفسك أن تعتذر عن أي خطأ يبدر منك إزاءها، مهما كان طفيفاً أو صغيراً، تمام!

أيضاً بين الحين والحين جميل جداً – وهذا لن يُعجِب الرجل – أن تُساعِد الأولاد في تنظيف البيت وترتيبه وتنظيمه وحتى تنظيف أواني المطبخ، يُمكِن أن تكون الزوجة في مشوار – في مشوار مُعيَّن، تتسوقَّ، أو عند أمها، أو عند صديقتها -، فقم أنت وأولادك بهذا، إذا كنت تقدر على أن تقوم به وحدك ولو قليلاً فأهلاً وسهلاً، هذا مُهِم وجيد.

حين تقوم من النوم إذا استطعت أن تُرتِّب فراشك – تُرتِّب السرير أو كذا – فهذا سيكون جيداً أيضاً، حين تذهب إلى الحمام لكي تأخذ دش وتتغسَّل اترك الحمام نظيفاً، نظِّف، رتِّب، وجفِّف، هي ستُلاحِظ هذا وتُقدِّره أيضاً، حين تنزع ملابسك المُتسِخة لا تُلق بها في أي مكان، أي هنا وهناك في زوايا البيت وفي أنحاء البيت، خُذ الملابس هذه وضعها في سلة الغسيل، أي سلة الملابس المُجهَّزة للغسيل، افعل هذا، هي تُحِب هذا أيضاً، أي المرأة، وهذه أشياء صغيرة وبسيطة أيضاً، وبالعادة طبعاً على فكرة يحصل هذا، أي رجل راقٍ يفعل هذا تلقائياً، يفعله هذا تلقائياً وبنفسه، أي إنه مُتعوِّد على فكرة، ومَن ليس مُتعوِّداً سيستغرب، هل هناك رجال يفعلون هذا؟ طبعاً، هؤلاء الرجال المُهذَّبون الراقيون، أي الجنتلمان Gentleman فعلاً، كُن أنت منهم، كُن من هذا الحزب السعيد.

اهتم أيضاً بنظافتك ومظهرك ورائحتك، بعض الناس لا يفعل هذا إلا للشارع، إلا للناس الآخرين، لا! افعل هذا لزوجتك، وخاصة أيضاً – خُذوا هذه – إذا كنتما وحدكما، هي ستفهم أنك تفعل هذا من أجلها، البس لباساً جيداً، تهندم، تعطَّر، حتى لو كان بيجامة، لا تُوجَد مُشكِلة، البسها بشكل جيد، اهتم بنظافتك، برائحتك، وأيضاً بتنظيف أسنانك، فالمرأة تُحِب هذه الأشياء، أهم الأوقات التي يُمكِن أن تفعل فيها هذه الأشياء – أن تأخذ لك حماماً، أي أن تتغسَّل وتأخذ دشاً، تتعطَّر، وتُنظِّف أسنانك – هو قبل المُواصَلة، أي قبل الفراش، وأنتم تفهون ما أُريد قوله، لابد أن تفعل هذا.

بخصوص النوم الآن والسرير – النوم العادي وليس النوم الآخر، أي العلاقة – من الجيد جداً أن تحرص على أن تأوي إلى الفراش في وقت واحد تقريباً مع الزوجة، هناك أُناس طبعاً يكون الواحد منهم طبعاً عنده أشغال، أي أنه مشغول فيتأخَّر، أو هناك أُناس ليس عند الواحد منهم أشغال، ولكنه يتأخَّر بسبب مُشاهَدة التلفزيون Television، يُتابِع الأخبار والسياسة والتحليلات والتفجيرات والمُسلسَلات والأفلام، لا! ليس جيداً هذا، بالعكس، حين تأوي إلى الفراش هي حاول أنت على الأقل في مُعظَم الأوقات أن تأوي معها إلى الفراش، المرأة تُحِب هذا، أن تخلدا إلى النوم في وقت واحد.

وطبعاً هناك شيئ آخر، يُوجَد بعض الرجال الذين تعوَّد الواحد منهم على ألا ينام مع زوجته في سرير واحد، بل بعضهم مُتعوِّد على أن ينام في غُرفة ثانية، لا! في الحقيقة هذا شيئ سيئ، هذه عادة ليست جيدة وليست جميلة، تعوَّد قدر ما تستطيع أن تنام مع زوجتك في سرير واح دائماً، أي إلى جانبها، في لحاف واحد، المرأة تُحِب هذا، هذا ضروري وحيوي بالنسبة إليها، افعل هذا، حاول أن تتعوَّد هذا إذا لم تكن مُتعوِّداً عليه.

المرأة عندها مشاوير – كما قلنا -، وأنت عندك سيارة، لكن هي ليس عندها، فحاول أيضاً مرة ومرة – ليس شرطاً في كل مرة – أن توصلها بسيارتك إلى المكان الذي تُريد، هي ستُقدِّر لك هذا، مرة ومرة! إذا لم يكن عندك القدرة على أن تفعل هذا دائماً فلتفعل هذا مرة ومرة، وكذلك التسوق، يُمكِن أن تخرج معها إلى التسوق مرة ومرة، ليس دائماً، فأنت عندك عمل وعندك مشغوليات، ولكن حين يكون عندك وقت – خاصة حين تكون مُتفرِّغاً – افعل هذا أنت، وحاول أيضاً أن تحمل عنها أعباء حمل هذه الأشياء والأغراض، لا تدعها تحمل هي، أنت تقدر على أن تحملها، احملها أنت، أنت رجل وقوي، احمل هذه الأشياء، اجعلها مُرتاحة، أي ستّتها وسيّدها هكذا، أي اجعلها سيدة، هي تُحِب هذا وتُقدِّر هذا.

قد يقول لي أحدكم أف! نحن مطلوب منا أن نعمل مئات الأشياء، فماذا عنها هي بعد ذلك؟ سوف نرى ماذا عنها هي بعد ذلك، وسوف نرى كيف ستتفاعل وما المطلوب منها لكي تتفاعل، قد يسألني أحدكم ويقول لي هل هناك رجال يفعلون هذا؟ أنا أحكي لكم بصدق، نعم هناك رجال يفعلون كل ما أقول لكم، وهم في مُنتهى السعادة، وزوجاتهم في مُنتهى السعادة، والأسرة كلها في مُنتهى السعادة والله، موجودون! هناك رجال يفعلون هذا، لكن انتبهوا، بعض النساء يُمكِن ألا تُحسِن التعامل مع هذه الحالة، وهذا سنعود إليه، وتظن أن هذا واجب الرجل، لا! ليس واجل الرجل هذا، أي بعض النساء حين يمن عليها القدر برجل جنتلمان Gentleman مثل هذا ويُعامِلها من أول يوم هذه المُعامَلة تظن أن كل الرجال هكذا، لكن هل أبوها كان هكذا؟ لأن هي تعرف أن أباها لم يكن هكذا، في أرجح الاحتمالات أبوها لم يكن هكذا، من المُمكِن أنه كان هكذا، ومن المُمكِن أنه كان أحسن من هكذا، لكن هذه الأشياء قليلة، في عالمنا العربي أنا أعرف أن هذه الأشياء قليلة، في عالمنا العربي قليل جداً جداً أن تُصيب هذا الرجل، أي هذا الرجل المُهذَّب الراقي المُتمدين، الذي يتعامل بهذا المُستوى مع زوجته، والله قليل للأسف، لأن ثقافتنا العربية ليست كذلك، مع أننا – سُبحان الله – لو أردنا أن نأخذها من زواية دينية لرأينا أن الرسول كان خيراً من هذا كله مع زوجاته والله، أرقى من كل ما ذكرت لكم، ما رأيكم؟ النبي كان يتعامل بمُنتهى الرُقي وبمُنتهى اللُطف، شيئ لا يكاد يُصدَّق يا إخواني، وهذا الرسول! لكن الرسول قدوة لنا في أشياء – سُبحان الله العظيم – نُسيء فهمها، ونظن أنها السُنة، وهذه الأشياء لا نكاد نلتفت إليها، ونُؤكِّد أنها السُنة، وهذا سلوك الحبيب المُصطفى، أسوة العالمين – عليه الصلاة وأفضل السلام -.

ثقافتنا العربية الرجولية الذكورية السائدة البطريركية المُهيمنة ليست كذلك، هي ترى في كل هذه الأشياء أشياء أُخرى، وأنا أُغامِر حين أتكلَّم في هذه الموضوعات، أنا أعرف أنني أُغامِر، سيُقال لك لا، يعيش في أوروبا هذا، يعيش في النمسا، أصبح أجنبياً، انظر إلى الأفكار الخاصة به، وانظر إلى الكلمات الخاصة به، ماذا يُريد هذا إذن؟ كيف نُعامِل المرأة؟ وكأن المرأة لا تستحق هذه الأشياء عندهم، طبعاً المرأة عندهم لا تستحق هذا، وأنا سمعت بعض المشايخ والله – هؤلاء مشايخ، ولن نقول كلمات أُخرى حتى لا ينزعجوا، لكن هم حكوا هذا أمام الناس وأمامي – وهو يقول الآتي، قال لك المرأة ما هي؟ هكذا والله، المرأة ليست كذلك أبداً، المرأة لكذا وكذا، وحين تكبر وتأتي بخمسة أو ستة من العيال ينتهى الأمر، ابحث عن غيرها، صُعِقنا نحن! ما هذا؟ ما التخلف هذا؟ ما التفكير الهمجي هذا؟ هذا تفكير حسي وحشي وشهواني، كأن المرأة فقط – والعياذ بالله – موضع للشهوة، الشهوة الحسية، ليست كذلك أبداً يا أخي، وأنا مُتأكِّد مثل هؤلاء من أتعس عباد الله والله العظيم، ولا يُمكِن أن يكونوا سعداء، هؤلاء يستحيل أن يكونوا سعداء، السعادة ليست فيما يظنون، السعادة في هذا الاستقرار والهناءة والثقة والاحترام المُتبادَل والهدوء والرضا، البيت يكون جنة يا إخواني، يكون فردوساً والله بهذه المُعامَلة، يكون فردوساً حقيقياً.

وبعد ذلك خُذوا – خُذ يا مُجتمَع، وخُذوا يا ناس – أولاد من أرقى ما يكون، أولاد أصحاء نفسياً، أصحاء عقلياً، يتعاملون بطيبة مع الكل، بأمانة، وبقيم مُرتفِعة، عندهم ثقة بأنفسهم، ثقة بأقدارهم، وثقة بكل شيئ، من أروع ما يكون! هذا المُجتمَع السليم، هكذا يتأسَّس المُجتمَع السليم يا إخواني، لا يتأسَّس بالأشياء الإنشائية فقط، الدعوة إلى الأخلاق والفضيلة ومحاسن الأمور وكذا، الكلام الإنشائي هذا! نُريد أشياء دقيقة وإجرائية وعملية لكي نعرف كيف نتصرَّف وكيف نبني هذه الأسرة وكيف نُدير هذا العُش ليكون عُشاً سعيداً، وكما قلت لكم هذا لا يتوقَّف على أفكارنا وفلسفاتنا، هذه دراسات وخبرات لأُناس مُتخصِّصين ودراسات لعشرات ألوف الحالات واستمرت لعشرات السنين، وهذا رحيقها وهذه خُلاصتها، هذا ذوبها! فعلينا أن نأخذها فعلاً يا إخواني، وأن نعتبر بها، ونُحاوِل – كما قلت – أن نُوجِد لها طريقاً سريعاً إلى التطبيق – بإذن الله -، حتى نَسعَد ونُسعِد.

إذن مرة ومرة، مرة ومرة يا إخواني، اكتب لها على ورقة، ليس شرطاً أن تُحضِر كارتاً للمُعايدة، احضر ورقة بسيطة، وأنت خارج إلى العمل اكتب على ورقة عبارة جميلة هكذا، عبارة عاطفية، ولن نقول مثل ماذا، فأنت تعرف، وضعها في مكان هكذا، ضعها في المطبخ – مثلاً – أو في غُرفة الضيوف، بحيث تراها هي، ثم اذهب أنت إلى عملك، فتأتي هي وتقرأها، جُملة من سطر واحد، ستكون سعيدة جداً بها، وتقول لك إلى هذه الدرجة؟! مُهتَم بي وتُفكِّر في إلى هذه الدرجة؟ وأنت حين تخرج إلى العمل ربما تكون نائمة، ربما تكون تُصلي، ربما تكون في الحمام، فاكتب لها هذه الورقة واذهب، هذا شيئ بسيط جداً، نعم!

أيضاً شراء الملابس بين الفترة والفترة، مثل قميص جديد، منديل جديد، بلوفر Pullover، أي شيئ! كل فترة وفترة قم بهذا من عندك ومن غير مُناسَبة، انتبه! هذه ليست هدية مُناسَبة، هذه هدية بغير مُناسَبة تدخل عليها بها، ستقول فما المُناسَبة؟ فقل لها أحببتها لكِ هكذا، رأيت هذا الشيئ فاستحسنته، شعرت بأنه جميل، وأحببت أن يكون لكِ، تذكَّرتكِ وأحببت هذا، هدية! هل هذا تمام؟

من المُهِم أيضاً أن تُشعِرها أخي الزوج السعيد – إن شاء الله وبعون الله وبلُطف الله – أنها أهم واحد لديك، قبل أيام يسألني أخ، وهو شاب لطيف، كان معي في الطائرة، هو مُتعلِّم ويعمل رئيساً لمُهندِسين، وهو طيب ومُتديِّن، قال لي تُوجَد عندي مُشكِلة بسبب زوجتي وأمي، قال لي أنا أمي رقم واحد عندي، أمي رقم واحد، فقلت له هذا صحيح، ورضيَ الله عنك وزادك رضا، وهذا شيئ مُهِم، لكنني قلت له ليس غلطاً أن تُفهِم زوجتك أن – بالعكس – حُبك شيئ مُختلِف عن حُب الأم، هذه أم، وأنت عندك أم، وأنا سعيد بأنك تُحِبين أمك حُباً جماً، حُب الأم – قل لها – شيئ مُختلِف تماماً عن حُب الزوجة، هذا من نمط وهذا من نمط، هذه مُقدِّمة، وبعد ذلك سيكون جيداً لو نجحت أن تُفهِمها أنت أنها أهم عندك من أي شيئ، أهم من العمل، أهم حتى من الأولاد، وطبعاً في الحقيقة قد لا يكون الأمر كذلك، ولا تُوجَد مُشكِلة، لكن أنت أفهِمها ذلك، لماذا النبي أحل لنا حتى الكذب هنا؟ لماذا الكذب على الزوج والكذب على الزوجة حلال في دين الله؟ الكذب – النبي قال – في حالات ثلاث يكون عادياً، فهو جائز، ويُمكِن أن يكون حتى واجباً، فالكذب في الحرب ليس جائزاً وليس مُستحَباً، إنما هو واجب، في الحرب يجب أن تكذب، أي كقائد يجب أن تكذب،  وإلا يُمكِن أن تخسر الحرب، مُعظَم الحروب تُكسَب في جُزء كبير منها بالكذب وبالدعايات يا إخواني كما قال تشرشل Churchill.

وكذلك الزوج يكذب على الزوجة، ويُفهِمها أنها أهم إنسان في الكون لديه، حتى من الأولاد؟ حتى من الأولاد، وحتى من العمل، وحتى من أصدقائي، وحتى من كل شيئ، يجب هذا! وطبعاً هي المفروض أن تكون أهم من الأصدقاء حقيقةً، أثبِت لها هذا بالكلام، وبرهِن لها بطريقة أو بأُخرى، ومن ثم ستكون سعيدة، وهي طبعاً عاقلة، هي ليست صغيرة وليست كذا، فيُمكِن أن تفهم، ولكن هي يُعجِبها أن تسمع هذا الكلام، فأسمِعها إياه، تمام!

في حضرة الأهل والأقرباء يجب أن يزداد اهتمامك بها، انتبه! في حضرة مَن؟ الأهل والأقرباء، خاصة أهلك أنت، وطبعاً في حضرة أهلها هي هذا مُهِم أيضاً، لكن في حضرة أهلك أهم، لأن مُعظَم الرجال في حضرة أهلهم يُحاوِلون أن يُقلِّلوا من اعتبار زوجاتهم، وهذا من أجل ماذا؟ من أجل أن يظهر أنه رجل وغير محكوم وأن لا تُوجَد امرأة تلوي ذراع، لا يا أخي، القضية ليست كذلك أبداً، أنت – بالعكس – في حضرة أهلك كما في حضرة أهلها أظهر مزيد اهتمام بها وتقدير لها واحترام لها، هي هذا يُسعِدها جداً، أكثر ربما عشر مرات من اهتمامك وتقديرك مُنفرِداً بها، هذا يهمها، لكن يهمها أكثر بكثير أن يكون هذا في حضرة الأهل والأقرباء، تمام!

حين تجلس إليها سواء كنت وحدك أو مع أولادك وتُحدِّثك – أي زوجتك – انظر في عينيها، لا تستمع لها وأنت مدلدل رأسك أو وأنت تقرأ في الجريدة وكذا، بالعكس! أشعِرها بالاهتمام، وخاصة إذا كان الحديث بالنسبة إليها حديثاً مُهِماً، إذا كان الحديث حديثاً مُهِماً بالنسبة إليها فانظر في عينيها، وابتسم لها، انظر لها نظرة حانية تنم عن الحُب والاستلطاف، واستمع إليها.

أيضاً عند الحديث سواء حدَّثتك أم أنت حدَّثتها حاول مرة ومرة أن تأخذ بيدها، تُمسِّد على يدها، تُحِب المرأة هذه الحركات، تُحِب هذه الحركات وتشعر معها بالدفء، خُذ بيدها تماماً، أحياناً يُمكِن أن تضع يدك عليها، لا تُوجَد مُشكِلة، سواء أنت وحدك أو الأولاد يجلسون، عادي! ليس فيه شيئ هذا، تمام.

أيضاً موضوع العناق، المرأة تُحِب يومياً – وخاصة في أيام العطل، لأن هناك وقتاً، لست راجعاً في مُنتصَف الليل، ولست تعبان – أن تُعانِقها، على الأقل أربع أو خمس مرات عانقها في اليوم، وهي طالعة من المطبخ، أنهيت الصلاة، أنت خارج من الحمام، أو كذا! أعطها بسمة ثم خُذها وعانقها، اطبع قُبلة على خدها أو على جبينها أو كذا، مع كلمة، ثم اذهب وأكمل شغلك وما إلى ذلك، تسعد جداً بهذا، إذن القُبلات ضرورية والأحضان، العناق! قد يقول لي أحدكم هل هذا أمام الأولاد؟ هذا أمام الأولاد، بالعكس! الأولاد هذا يُسعِدهم ربما أكثر منك ومنها، ما رأيكم؟ الطفل يا إخواني – حتى ابن أربع أو خمس سنوات – الكابوس المُزعِج له والذي يُمكِن أن يُدمِّر أعصابه مع أنه يجلس أمام التلفزيون أو يلعب بالألعاب الإلكترونية هذه أو يحل واجباته أو يدرس ويدّعي أنه غير مُهتَم، أكثر شيئ يُزعِجه – هذا كابوس مُحطَّم لأعصابه – هو النزاع بين الوالدين، وارتفع صوته وارتفع صوتها، وبكت وصار هناك كلام كثير، وسأذهب لأهلي أو لن أذهب لأهلي، فيخاف! الطفل يخاف جداً ويُرعَب من هذا، وكيف بالكبار الراشدين فيهم؟ يُحطِّمهم هذا، والعكس صحيح، فهذا أكثر شيئ يُشعِر الطفل بالأمان في البيت.

وعلى فكرة أنا أُعطيكم نصيحة مُهِمة يا إخواني وأخواتي، قد يشكو لي أحدكم ويقول لي الأولاد لا يُحِبون أن يقعدوا في البيت، ودائماً ما يطلعون ودائماً ما كذا، أنا أقول له قبل الأولاد قطعاً أنت تفعل هذا، أكيد أنت دائماً في الخارج، طيّارة! طيّار على مدار الأربع والعشرين ساعة، فهل هو سيسكت؟ سيقول لك نعم طبعاً، ويُمكِن أن تكون الزوجة أيضاً – نفس الشيئ – أو الأم دائماً في الخارج، دائماً ما تطلع من البيت، لماذا؟ لأن البيت ليس عُشاً سعيداً، ليس فردوساً يا إخواني، البيت دائماً كلما حدث فيه هذا الاجتماع كلما أتت المشاكل، أي بين الزوج والزوجة طبعاً، ولذلك الأطفال دائماً ما يطلعون إلى الخارج، وهذا يُفشِلهم على فكرة، يفشلون في الدراسة، يفشلون اجتماعياً، وغداً سيفشلون في الحياة الزوجية، أنا أقول لكم سيفشلون في الحياة الزوجية قطعاً.

هناك بنات يتأخَّر زواجهن، لا يُحببن أن يتزوَّجوا، بنات! هل تعرفون لماذا؟ من كثرة النزاع، ترى الواحدة منهن أباها وأمها دائماً في نزاع، وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة ترى أمها وهي تندب حظها العاثر وتبكي وتشكي وتلوم، وباستمرار! فتقول لك ما هذا؟ ما الهم هذا؟ فالبنت حين تكبر قليلاً ويصل عمرها إلى التاسعة عشرة أو الثامنة عشرة ويأتي إليها الخطّاب دائماً ما ترفض، تقول لا، هذا لا يعجبني، هذا ليس جيداً، هذا كذا وكذا، ويتأخَّر بها القطار، وأنا أحكي لكم عن خبرات وعن حالات معيشة، يصل عمرها إلى السادسة والعشرين أو السابعة والعشرين أو الثلاثين وهي تتهرَّب، ثم يُقال لك هذه معمول لها عمل، هذه مسحورة، أبوها سحرها – أنا أقول لك – وأمها سحرتها بالمُعامَلة السيئة وبالنزاعات، دمَّروا هؤلاء مُستقبَل أولادهم، والعكس صحيح! أجمل شيئ يحدث حين يرى الولد والبنت أباهم وهو يضم أمهم، يُقبِّلها، يتبسَّم لها، تتبسَّم له، وكذا، هذا يُعطيهم شعوراً غير طبيعي بالأمان والسعادة، ومن ثم يُحِبون البيت، ولا يُحِبون أن يطلعوا منه كثيراً إلا بالقدر اللازم طبعاً، فالإنسان كائن اجتماعي أيضاً، ويُحِب الناس الأغارب والذين في الخارج والأصدقاء والمعارف وكذا، طبيعي! لكن هذا بالقدر اللازم وبالقدر الموزون، فيما عدا ذلك يحن – سُبحان الله – الأولاد مثلما يحن الزوجان إلى البيت، إلى هذا العُش السعيد، الكل يحن إليه، أن يؤوب ويعود إليه، فاحرصوا على موضوع الأحضان هذه، أربع أو خمس مرات أو ست مرات، على قدر ما تستطيعون.

نفس الشيئ حين تطلع أنت إلى العمل والشغل أو إلى المسجد أو إلى أي نشاط لك، حين تطلع احرص على أن تُودِّعها بقُبلة، ضمة وقُبلة! وأولادك نفس الشيئ طبعاً، خُذ الأولاد دائماً وضمهم وقبِّلهم، شيئ جميل! وحين تعود احرص على الشيئ نفسه، فهذه قُبلة تحية الآن، تلك ضمة للوداع وقُبلة للوداع، الآن ضمة للقاء وقُبلة للقاء، تحية هذه، قُبلة للتحية، ومع الأولاد أيضاً، شيئ جميل! شيئ جميل يا إخواني.

من الأشياء الحلوة أيضاً الآتي، حين تستيقظون في الصباح اسألها كيف كان النوم؟ هل نمتِ جيداً؟ كيف كانت ليلتك؟ إن شاء الله تكونين نمتِ جيداً، واسأل أولادك أيضاً، شيئ لطيف هذا السؤال، جميل! تشعر العائلة بأنها عائلة إنسانية يا
إخواني، فعلاً – كما قلت لكم – هذا عش سعيد، أي هذه ليست عائلة روبوتات Robots هكذا أو – أكرمكم الله – عائلة أشبه حتى… لا أعرف، لن نقول كلاماً غير جيد، الكل يقوم وهو (معمص) العينان، ولا أحد يتكلَّم مع الثاني، والكل (زهقان) ومُنكَّد و(متبلغم) هكذا، ثم يطلع ويأتي، لا! ليست هكذا الحياة، لا! بالعكس، صباح الخير، كيف حالك يا بُني؟ هل نمتَ جيداً؟ يا فلانة هل نمتِ جيداً – إن شاء الله -؟ كيف كانت أحلامك؟ وكيف كان كذا؟ هذه كلمات بسيطة، وهذه لن تأخذ وقتاً، فلنفعل هذه الأشياء – إن شاء الله -.

بين الحين والحين أيضاً حاول أن تُعبِّر لها وبصدق هكذا وبقوة في التعبير أنك مُشتاق جداً إليها، عبر التليفون هكذا قل لها أنا مُشتاق جداً إليكِ، حين تكون في سفرة خارج البلد دائماً مكِّنها أن تتصل بك، فبعض الناس يُغلِق تليفونه وهو خارج البلد، لأن كما تعرفون هناك مصروفات عالية جداً جداً، ويُوجَد استغلال حتى لهذه الحالة، وأنت تُسكِّر التليفون، لكن مكِّنها أن تتصل بك، أعطها رقم الفندق Hotel الذي ستنزل فيه أو رقم الصديق أو رقم مكان العمل أو رقم كذا، وقل لها هذا الرقم هناك، تستطيعن أن تتصلي بي في الوقت الفلاني، أو في أي وقت – إذا كان هذا مُمكِناً -، مكِّنها من هذا، هذا يُعطيها أيضاً شعوراً بالرضا وبالأمان، مكِّنها أن تتصل بك أينما كنت، وحتى حين تذهب لكي تسهر عند صديقك وكذا قل لها على كل حال صديقي هو فلان الفلاني، هذا حتى لا يذهب أيضاً ذهنها إلى بعيد، فتقول لعله يكون ذاهباً إلى المنطقة الفلانية، لعله يلعب، ولعله كذا، لا! قل لها أنا عند فلان الفلاني.

وطبعاً أنا أقول لكم لا يستطيع هذه الأشياء ولا يُطبِّقها – وجعلني الله وإياكم كلنا ذلك الرجل – إلا رجل فعلاً مُستقيم وشريف، أليس كذلك؟ طبعاً! رجل لعّاب أو رجل طيّار وإنسان خسيس ذليل لا يقدر على أن يفعل الأشياء هذه ولا يُحِبها، لكن رجل فعلاً شريف ومُحترَم وحريص على شرفه وعلى أخلاقه ودينه وسُمعته وحريص على علاقته بزوجته وأولاده يفعل هذه الأشياء دونما تحرج، وبكل ممنونية، ليس عنده ما يمنعه والحمد لله، وهو مُستقيم، أنا ذاهب لكي أسهر اليوم مع صديقي، صديقي هو فلان الفلاني، وعلى كل حال أنا سأكون عنده، وتليفونك شغّال وتليفوني معي، يُمكِن أن تتصلي بي في أي وقت، إذا تليفوني انتهى شحنه يُمكِن أن تتصلي على هذا الرقم، قل لها فيما لو الشحن الذي فيه انتهى يُمكِن أن تتصلي على تليفون صديقي، وهو كذا وكذا وكذا، أو هذا تليفون بيته، أو هذا تليفون زوجته، أنت تقدرين على أن تتصلي بنا، فتشعر هي بأن فعلاً هذا إنسان صادق، وهو فعلاً عند صديقه، لا يُوجَد كلام في هذا، لا يُوجَد احتمال ولو بنسبة واحدة في المليون لأن يكون طالعاً في مكان ثانٍ لكي يلعب، هذه أشياء مُهِمة وبسيطة.

حين تُريد أن تذهب أنت إلى النوم في وقت ليس هو وقت النوم – في وقت العصر مثلاً – وأنت تعبان حاول أن تُخبِرها، هذا شيئ أشبه بالاستئذان، قل لها يا فلانة أنا أشعر بأنني مُتعَب هكذا، من فضلك أنا أُحِب أن أذهب لكي أستريح قليلاً، تُحِب هذا هي، لا تذهب وتنسل من غير أن تتكلَّم، فتسأل عنك وبعد ذلك تجدك نائماً، المرأة تتنغص من هذا شيئ، سُبحان الله! هي طبيعتها هكذا، تتنغص، لا! كأن هذا استئذان مُؤدَّب، قل أنا أشعر بأنني تعبان قليلاً هكذا، فعن إذنك أُحِب أن أذهب لكي أنام نصف ساعة أو ساعة إلا ربع، فقط! 

النبي كان يفعل هذا يا إخواني، تخيَّلوا! هناك الحديث الذي كان سبباً في نزول أواخر آل عمران، إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ ۩… في أول هذا الحديث النبي يُصلي العشاء ويدخل مع عائشة في الفراش، تقول حدث كذا وكذا، وقال لي يا عائشة ائذني لي أن أتعبَّد لربي، تخيَّلوا! وهو ليس ذاهباً لكي ينام، هو يُريد أن يخرج من الفراش لكي يتعبَّد، لكنه يطلب الإذن من عائشة، انظروا إلى الأدب! تقول له يا رسول الله ولكني أُحِب قُربك وهواك، ثم أذنت له، ثم… إلى آخره! حديث مُؤثِّر وجميل جداً جداً، اقرأوه في كُتب التفسير، هو سبب نزول – في رواية هو سبب نزول – أواخر آل عمران، فهو يستأذن منها، ائذني لي أن أقوم لأتعبَّد لربي، وهذا في الحُجرة، عندها! أي عند عائشة، وقام أمامها لكي يتوضأ، وظل يتعبَّد إلى الصباح، صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، فمن باب أولى أن نستأذن من الزوجة، أي نُؤذِنها ونُعلِمها بأننا سنذهب الآن لكي نستريح في غير وقت النوم لمُدة نصف ساعة أو ساعة، أيضاً هذا يُرضيها ويُسعِدها.

حاول أن تُشعِرها بأنك تُحِب – أي هذا الكلام أنت لست فقط تأذن به، أنت تُحِبه، أنت تُحِب هذا الشيئ – أن تُمكِّنها من الحصول على ما تُريد، قد تكون مُحتاجة إلى فستان، أو مُحتاجة إلى قطعة ذهب، أو مُحتاجة إلى زجاجة عطر، أي شيئ! قد تكون مُحتاجة إلى مبلغ من المال، أنت حاول أن تُفهِمها أن هذا يُسعِدني، حين أنت تُريدين وأنا قادر – عندي والحمد لله القدرة – يُسعِدني أن تقولي لي هذا، ويُسعِدني أن أُلبي لكِ هذا الطلب، ليس فقط هيا خُذي، طلبتي فخُذي، لا! تفرح بهذا، ولا تكون مُحرَجة هي حين تطلب أو حين تُحاوِل أن تُؤشِّر لك إلى هذا الأمر، هي ستفعل هذا وهي واثقة، من غير أن تشعر بأي حرج، ولا تُشعِرها بالامتنان أيضاً، لا تُشعِر بهذا، والرجل عموماً – الحمد لله – ليس منّاناً، الرجل ليس منّاناً، الرجل – الذي هو رجل فعلاً، أي الرجل المعياري – ليس كثير المنّ، لا يقول أنا عملت وأنا فعلت وأنا أحضرت، لا! لا يُكثِر الكلام، تمام.

حين تكون مريضة افعل معها كما تفعل هي معك حين تكون مريضاً، بمعنى ماذا إذن؟ احرص على تمريضها، هذا جميل جداً، ويترك أثراً كبيراً في نفسها، احرص على تمريضها، نائمة في الفراش هي، مسكينة لا تستطيع أن تقوم لأنها تعبانة، كل ساعتين أو ثلاث ساعات قس أنت الحرارة لها عبر ميزان الحرارة، وبعد ذلك أحضر الشاي مع الليمون مع العسل، أنت اعمل هذا، احضر أسبرين Aspirin وأذبه في الماء، أحضره لها، ودائماً لابد أن تُحسس عليها، أي مرِّضها كما تُمرِّضك، الرجال قل أن يفعلوا هذا.

أنا ظننت أن الوقت اليوم سيكون كافياً لنذكر كل ما عندنا ونخوض في رد فعل المرأة على هذه الأشياء وكيف ينبغي أن تستجيب له، ولكن للأسف أدركنا الوقت ولم نفعل هذا، لكن باختصار نصيحتي الآن لأخواتي، للزوجات جميعاً: قدِّرن هذه الأشياء حين يفعلها الزوج أو يفعل حتى شيئاً منها، وأشعِرنه بأنكن تُلاحِظن هذا، أشعريه بأنني لاحظت الشيئ هذا، وأنا سعيدة به، وابتسمي في وجهه، وأحياناً يكون هذا بالكلام، وأثني عليه، لكي يزداد ويتعوَّد، أي لكي يزداد من هذه الأمور ويتعوَّد، ولا تظني يا أختي إذا أسعدك القدر بزوج مثل هذا أن هذا يُعتبَر زوجاً عادياً والكل يفعل هذا، أقول لك بيقين الكل تقريباً لا يفعل هذا، لا يفعل هذا إلا القلة النادرة، الحمد لله أنك حظيت بواحد من هذه القبيلة، قبيلة الرجال السعداء الحكماء.

أسعدني الله وإياكم وإياكن في الدنيا والآخرة، وإلى أن ألقاكم في حلقة قادمة أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

عدنان إبراهيم

رؤية كل المقالات

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: