التحقق

video
خطبة "التحقق" للدكتور #عدنان_ابراهيم تتضمن الجواب عن أقصر الطرق وأضمنها إلى الله تعالى وأيضا دعوة إلى التحقق في النيات وفي الدعاء والأعمال.

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَحْمدُهُ ونَسْتَعينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا وسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولا نظيرَ له ولا مثالَ له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَتُهُ مِنْ خلقهِ وأمينهُ على وحيه ونجيبهُ من عبادهِ، صَلَّى اللَّهُ – تعالى – عَلَيْهِ وعَلَى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
عباد الله:

أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أُحذِّركم وأُحذِّر نفسي من عصيانه – سُبحانه – ومُخالَفة أمره لقوله جل من قائل:

مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ۩

ثم أما بعد:

أيها الإخوة المسلمون الأحباب، أيتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول الله – سُبحانه وتعالى – في كتابه العظيم – بعد أن أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ:

لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ۩ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ۩ مَّا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ۩ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ۩ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ۩ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ۩ وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ۩ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ۩ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ۩

صدق الله العظيم وبلَّغ رسوله الكريم ونحن على ذلكم من الشاهدين، اللهم اجعلنا من شهداء الحق، القائمين بالقسط، آمين اللهم آمين.

إخواني وأخواتي:

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ۩، وفي سورة الحج ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ۩… ليُؤكِّد بُطلانية كل ما يُدعى من غير الله ومن دون الله – سُبحانه وتعالى -، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ۩.

إخواني وأخواتي:

جوابٌ صغيرٌ عن سؤالٍ كبيرٍ، من أكبر وأضخم الأسئلة، كيف الطريق إلى الله؟ ما هي أقصر طريق إلى الله؟ ما هي أضمن الطرق – أكثر الطرق ضماناً أو ضمانةً – إلى الله؟ جوابٌ قصيرٌ عن هذا السؤال الضخم الكبير، التحقق، التحقق!

ومعنى التحقق – إخواني وأخواتي – مُوافَقة الحق، لزوم الحق، في المُعتقَدات، في الأقوال، في الأفعال، في النيات والقصود، في كل شيئ! لماذا؟ لماذا كانت هذه الطريق أقصر طريق؟ لأن: اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ۩، لا يسوغ عليه ولا يروج عنده ولا يُقبَل عنده ولا يُرفَع إليه إلا الحق. انتهى!

مَن اعتقد الحق وقال بالحق وأراد الحق وقصده وأعطى الحق وأخذ الحق ولزم الحق ونافح عن الحق وعاش بالحق، فهو رجل حقاني، هو رجل رباني. انتهى! ما ثم فاصلة بينه وبين ربه – لا إله إلا هو -، وهذا هو المُقترِب، هذا هو الولي، لأن الولاية من الدنو، الولاية من الاقتراب، كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩، هذا هو المُقترِب، هذا هو القريب، هذا هو الولي، هذا هو رجل الله.

لكن – إخواني وأخواتي – على قصر ووجازة وسهولة الجواب، إلا أنه يُمكِن تشعيبه وتشقيقه وإثارة أسئلة حقلية – إن جاز التعبير – كثيرة حوله، كثيرة حوله! كيف نعرف الحق في الأبواب المُنوَّه بها، المُشار إليها – في أبواب الاعتقادات، والأقوال، والأعمال، والنيات والقصود -؟ من هنا ضرورة الشرع الإلهي، من هنا! الله لم يخلقنا سُدىً ولم يتركنا هملاً وعبثاً، وإنما أرشدنا ودلنا وضوّأ طريقنا، لمَن أراد، هنا الشرع الإلهي، لا تحتاج إلى فلسفات، ولا تحتاج إلى أبحاث واجتهادات كبيرة، أنت هنا أمام شرع الله، أمام كلمات الله – تبارك وتعالى -، يُمكِن أن تدلك بما لا يُمكِن أن يُؤديه غيرها على ما هو الحق، وتُميِّز بها الحق من الباطل، كيف؟

طبعاً يُمكِن هذا، وطبعاً قبل أن نُفصِّل في هذا الجواب، وهو جواب إلهي كبير – هذا هو الدين، هذا هو الدين – أُحِب فقط بكلمة قصيرة أن أكشف النقاب عن المعنى اللُغوي لكلمة الحق، في اللُغة ما معنى الحق؟ لأن هذه الكلمة المُفرَدة تكررت في عشرات الآيات في كتاب الله، ويكفي شرفاً لها أن الله تسمى بها، تسمى به! من أسمائه – لا إله إلا هو -، أن: اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ۩، يُؤكِّد أيضاً هذه التسمية، هُوَ الْحَقُّ ۩، وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ۩، فما هو الحق؟ الحق هو المُطابَقة والمُوافَقة. عجيب! في اللُغة الحق هو المُطابَقة والمُوافَقة، شيئ يُطابِق شيئاً، شيئ يُوافِق شيئاً. هذا الباب حين يدور على المَفصِلة – أي المفاصل، جمعها مفاصل، المَفصِلة، مَفصِل وليس مَفصْل، مَفصِل! على مَفصِلته، أي الرزات – يُقال ماذا؟ حين يدور على الرزات تماماً يُقال ماذا؟ يُقال دار على حقه، هذا في اللُغة، دار الباب على حقه، فدار على استواء، فدار على استواء! أي كما ينبغي، هذا (أربعة وعشرون قيراطاً) كما نقول بالعامية، دار على حقه! لو لم يدر على المَفصِلة أو على حقه، لما دار على استواء. أليس كذلك؟ طبعاً هذا هو حتى في اللُغة، إذن هي المُطابَقة والمُوافَقة، جميل.

في خُطوة أُولى نحن يُمكِن أن نبحث عن الحق ونُقارِب الحق، ولدينا معيار، وهو المُطابَقة مع الشرع الكريم، هل تتطابق نياتنا وقصودنا وأقوالنا وأفعالنا وعقائدنا مع ما ورد في كلمات الله؟ نستطيع أن نُميِّز، سهل! لكن الله نفسه حين يقول وحين يفعل يتطابق مع ماذا؟ هُوَ الْحَقُّ ۩، هو يُنزِّل: الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ۩، أليس كذلك؟ وكلماته حق، حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ۩، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ۩، إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ۩، فكلماته حق، تتطابق مع ماذا؟ هذا السؤال العجيب، هذا سؤال عقدي كما يُقال، هنا في الغرب يُقال ثيولوجي، سؤال عقدي، أي لاهوتي، وفلسفي، ضخم جداً. يتطابق مع ماذا لكي يكون فعله حقاً وقوله حقاً ولكي يكون أمره ونهيه وكل ما يصدر منه – لا إله إلا هو – حقاً؟ ولا يصدر منه باطل مُطلَقاً، هو غير قابل أصلاً لهذا، هو – عز وجل – غير قابل لهذا، هُوَ الْحَقُّ ۩، هو نفسه حق. يتطابق مع ذاته – لا إله إلا هو -، هذا هو. انتهى!

يتطابق مع ذاته، فمعنى هذا أن الله بذاته حق، وسوف نرى بُعيد قليل أن الحق يقتضي ويلتئم بالرحمة والحكمة والعدل، إلى آخر هذه المعاني الجليلة الجسيمة، ولذلك الله لا يُمكِن أن يُتصوَّر منه في أفعاله وأقواله إلا ماذا؟ إلا الحكمة والعدل والرحمة، وسائر هذه المعاني الجليلة الكبيرة. لماذا؟ لأنه حق.

والموضوع يا إخواني يبدو أنه أحق مما نعتقد، أي أثبت وأرسخ مما نعتقد، ليست قضية أن الله أراد أن يكون الأمر على هذه الناحية، لا! القضية لأنه هو الله، لأنه: هُوَ الْحَقُّ ۩، ولذلك إذا عرفنا الله من هذه الزاوية وبهذا المعنى وبهذه المُقارَبة، تطمئن القلوب والنفوس، تهدأ تماماً، نعلم أننا بإزاء إله لا يُظلَم أحدٌ عنده، ولا يصدر منه شيئ عبثاً، ولا يُترَك شيئ هملاً وسُدىً، أليس كذلك؟ وأن كل ما يصدر منه – لا إله إلا هو – في مكانه، حق! أليس كذلك؟ حق.

خلق كل شيئ بالحق، هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ ۩، مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۩، خلق الأكوان، خلق العوالم، وضع دساتير وقوانين هذه العوالم، كله ماذا؟ حق، وبالحق. وبالحق! في المُقابِل هناك عالم التشريع، فالأول هذا في عالم التكوين، أما في عالم التشريع – في عالم التشريع، أي الأمر، هذا عالم الخلق، وهذا عالم الأمر، أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ۩، هذا في عالم الأمر، أو عالم الشرع أو التشريع – فالشيئ نفسه، وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۩، أنزله بالحق، وآيات كثيرة تُؤكِّد أن هذا الوحي هو حق ونزل بالحق.

ولذلك لا يُمكِن أن يتناكدا وأن يتناقضا وأن يتعارضا، لا يُمكِن أن يتعارض شرع الله وكلمات الله مع ماذا؟ مع خلق الله ومع تكوين الله، لأن الحقين لا يتناقضان، الحق يُناقِضه ويُعارِضه ويُناكِده ماذا؟ الباطل. أما حق وحق، فدائماً يتساعدان، دائماً يتساعدان ويتآزران، باستمرار! لذلك قال ماذا؟ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ۩، عجيب! يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ ۩.

وكما قلنا غير مرة الله – تبارك وتعالى – نوَّه ولفت إلى أنه يستحق الحمد مرتين، لا مرة واحدة، وذكرنا هذا من سنين، مرة لأنه خالق السماوات، خالق العوالم، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ۩، في أول الأنعام، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۩، أيضاً الله قال لك إنه يتبارك – لا إله إلا هو -، يتبارك! عدله ورحمته وخيريته وعطاؤه باستمرار يتعاظم ويزداد ولا ينقص، مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۩، وليس فقط مُجرَّد باقٍ، وماذا؟ ويتبارك. وهذا معنى التبارك، هذا معنى التبارك! يزداد باستمرار، أيضاً الله مُبارَك ويتبارك مرتين، وليس مرة واحدة، مرة لأنه أبدع الأكوان، تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۩، ومرة لأنه أنزل الفرقان، تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ۩، الشيئ نفسه! هذا خلقه وهذا قوله – لا إله إلا هو -، إذن هو يتطابق مع ماذا؟ مع ذاته الشريفة – لا إله إلا هو -.

ولذلك لا يُمكِن ولا يُطلَب طبعاً عزو كل هذا إلى غير الله، وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ۩، على كل حال قضايا كثيرة صدَّعت رؤوس الفلاسفة وكبار المُفكِّرين، لا يُمكِن أن تُحل أو لا حل لها في نهاية المطاف إلا هذا، والحل الأوحد والنهائي هو ماذا؟ هو عزو الأمر إلى مصدر كل شيئ – لا إله إلا هو -، هو السقف والسماء الذي ينتهي عنده كل تفسير، ليس وراء الله مرمى، لكن ليس دونه مُنتهى. أي تفسير وأي شيئ دون الله يبقى قاصراً، فيبقى مُحتاجاً إلى ماذا؟ إلى الله – عز وجل -. لا يُمكِن غير هذا، وهذه قضية أُخرى لا نُحِب أن نخوض فيها اليوم، قضية أُخرى علمية وفلسفية، لكن هذا هو الواقع لمَن تأمَّل ولمَن أنعم النظر، وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ ۩، فأحياناً يتساءل، ليس أحياناً، بل في أحيان كثيرة، يُلِح عليهم هذا السؤال، ما سر هذا النزوع الفطري الغرزي المُتعِب للإنسان للتمييز بين الخير والشر؟ منشأ الضمير ماذا عنه؟ في نهاية المطاف هناك السر إلهي، الإلهام الإلهي، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ۩ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ۩، عنده هذا، عنده هذا الشيئ، بغير هذا الوضع الإلهي وبغير هذا السر الإلهي كان الإنسان يُمكِن أن يعيش لا مُبالياً، لا يبحث، قضية الخير والشر هذه أصلاً غير واردة عنده، يعيش كيفما اتفق، كيفما سمحت وسنحت، كيفما سمحت به الظروف وسنحت له الفُرص، وينتهي الأمر، ولن يفهم شيئاً اسمه عدل وظلم وخير وحق وباطل، لن يهمه هذا، لكن هذا لم يحدث، الإنسان عنده هذا الشيئ رُغماً عنه، وتجد أنه مُلحِد ويُدافِع عن معاني الخير والشر والضمير. عجيب! لماذا؟ قصة! قصة ومُعضِلة كبيرة. الله – تبارك وتعالى – فعل هذا، هل هذا واضح؟

فالله حق، مرجعه ذاته – لا إله إلا هو -، ونحن مرجعنا في التحقيق والتحقق وتمييز الحق من الباطل الله، هو مرجعنا، لكن هو مرجع ذاته – لا إله إلا هو -، فيا أخي المُسلِم، يا أخي المُؤمِن، يا أختي المُؤمِنة، عليك بالتحقق، إذا أردت الوصول إلى الله، وحقيق بكَ وبكِ أن تُريد وأن تُريدي، حقيق بنا جميعاً أن نُريد، ماذا؟ أن نُريد أن نصل إلى الله، أن نتواصل مع الله، أن نقترب من الله حقاً، أقصر طريق – مرة أُخرى أقول هذا – التحقق، في الاعتقادات والأقوال والنيات والقصود والأفعال، وفي كل شيئ، التحقق! والمسألة هذه ليست ربما يسيرة، كما قد يبدو.

هي موجودة في أبسط الأشياء،أنت حين تتوجه الآن إلى الله بالدعاء، ترفع يديك تدعو، أو خالياً وحدك تدعو، سل نفسك هذا السؤال: هل تدعوه بالحق؟ هل دعاؤك حق؟ هل دعاؤك حق؟ الله إذا أمر أو نهى أو حكم، فعل هذا بالحق. حقت كلمته، ولذلك انتبهوا، كلمة الله – تبارك وتعالى – هل يستطيع أحد أن يُجاوِزها؟ ليس الكلمة التشريعية، لأن الكلمة التشريعية تعمل في عالم ماذا؟ في عالم التكليف، في عالم الحرية. يُمكِن أن تخرقها، عادي! تخرق أمر الله، والحساب ماذا عنه؟ موضوع آخر. لكن كلمة الله التكوينية لا يُمكِن معها هذا، لا يتخلَّف عنها شيئ، لذلك لا يستطيع أحد أن يمتنع ماذا؟ من أمر الله التكوينيي. الله إن قال له – مثلاً – مت، هل يُمكِن أن يقول له لا، ليس عندي رغبة؟ لا يُمكِن، لابد وأن يموت، والأمر نفسه يحدث لو الله قال للعوالم كلها انتهي، وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ ۩، لو قال للعوالم هذا، لانتهى الأمر، لو قال لها ادثري، انتهي، تداعي، فإنها تتداعى مُباشَرةً، يأتيها أجلها، لا يُمكِن لأحد ولا يُمكِن لشيئ أن يرفض. النبي دائماً كان يستعيذ بكلمات الله التامات، يقول بها معاذي، بها عصمتي، هي موثقي. كلمات الله التامات! لماذا؟ قال التي لا يُجاوِزها برٌ ولا فاجرٌ. لا أحد يستطيع أن يُجاوِزها، كلمات الله غلّابة، لماذا؟ هل تعرفون لماذا؟ لأنها حق. وهو قال لكم حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ۩، إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ۩، حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ۩، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ۩.

وإذا فهمنا هذه الآيات بهذه المُقارَبة أو من هذه الزاوية، زالت عنا عماية كبيرة، وانقشعت غشاوة عظيمة يا إخواني. بعض الناس يظن أن الله يفعل هذا أو يُخبِر عن فعله تحكماً، ويُريد أن يتنطع لمُساءلة الله طبعاً، كيف هذا؟ وأين العدل؟ يا رجل هو يقول لك حق، هذا حق. هل تعرف ما معنى حق؟ ببساطة هو بهذه الكلمة يُعطيك معياراً لكي تعلم أن طبيعة الأمور هي هذه، هذا هو! فإذا واحد حقت عليه كلمة الله – تبارك وتعالى – مثلاً، فلا يهتدي، هذا ليس لأن الله أراد أن يُضِله تحكماً هكذا وظلماً، لا! الله يقول حقت عليه الكلمة هذا فلا يهتدي، ومعنى ذلك ما هو؟ معنى ذلك أن كل عوامل الهداية، كل الشروط المُسبَقة والمُهيئة للهداية، يفتقر إليها هذا البشر، لا يُريدها، هو يُعانِدها، لذلك حقت عليه الكلمة، الله يقول لك طبيعة الأمور أنه لن يهتدي إذن. هذا معنى حقت، فهل همتم؟ وهذا معنى حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ۩، ليس أن الله هكذا قال لك أنا أُريد أن أملأها وينتهي الأمر، ومن ثم هو يملأها بأي أُناس. لا! هذا غير صحيح، لا يهلك على إلا هالك.

أنت حين تسمع هذه الكلمة، افهم هذا. أنت حين تسمع أنه يقول لك حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ۩، أي حقت كلمة الله، ستمتلئ جهنم، اعلم أنها ستمتلئ بماذا؟ ستمتلئ بالعدل، بالحق. بالحق! سيدخلونها بالحق، حتى هم الذين سيدخلونها كما في آخر الزمر، يدخلونها وهم يقولون الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۩، انكشفت طبائع الأمور، هو عالم بهذا، الآن علموا وأيقنوا أنهم كانوا يحطبون في حبل الهلاك، وأنهم قطعوا المراحل كلها إلى جهنم، وليس إلى الرضوان والجنة، كل ما سعوا فيه وخبوا وأوضعوا واجتهدوا، إنما كان ماذا؟ قطعاً للمراحل إلى جهنم، وقد وصلوا جهنم، حق! بالحق، هكذا يجب أن نفهم هذه الآيات، هل فهمتم يا إخواني؟ فالحق كاشف عن ماذا؟ عن طبائع الأمور. هذه مُهِمة جداً أيضاً من ناحية أخلاقية يا إخواني وأخواتي، زادنا الله وإياكم تنويراً وتعريفاً وتحققاً، لماذا هي من ناحية أخلاقية مُهِمة ومُهِمة جداً؟

أعتقد أن هناك شيئاً هاماً حول الذين سعوا – والله أعلم بهم، قد نعلم بعضهم ولا نعلم أكثرهم – في تخريب هذا الدين، وطبعاً لا يُوجَد دين – لا يُوجَد دين هكذا، لا يهودية ولا مسيحية ولا إسلام – خلا من ماذا؟ من مساعي الذين أرادوا أن يُخرِّبوه من داخله. معروف هذا، ومن هنا حدَّثنا القرآن عن ماذا؟ عن تحريف الكُتب الإلهية، والأكل بها أثماناً قليلة، أليس كذلك؟ هذا هو، فالإسلام ليس بدعاً أيضاً، لكن الإسلام بدع في ناحية واحدة – بفضل الله -، بدع – بمعنى أنه استثناء – في ناحية واحدة، أن الكلمات الإلهية المُتواتِرة محفوظة – بفضل الله -، لا سبيل لأحد إلى تزويرها. وخل عنك كلام المُستشرِقين وكلام المُستغرِبين وكلام المُتفيهقين هؤلاء، يقول لك أحدهم هناك مُصحف كذا وكذا. يا أخي المُصحف لم يُحفَظ بدرجة أولى وأساسية مكتوباً، القرآن نُقِل إلينا مُشافَهةً، أهم نقل للقرآن مُشافَهة، لأن القرآن ليس كتاباً عادياً أو ليس كورساً Course في الفلسفة أو في البيولوجيا Biology أو في غيرهما، أي هذا يختص به وهذا يغيب عنه، لا! هذا كتاب في المحاريب يُتلى ليل نهار، أليس كذلك؟ الناس تتعبَّد به ليل نهار، من أيام رسول الله، من لدن اللحظة الأولى لنزوله، تنزل خمس آيات والناس تقرأها ليل نهار، ولا يكتبون ولا يحسبون ولا يعرفون الكتابة، يحفظون! العرب والصحابة يحفظون ويتلون، فلا تأت لكي تقول لي هناك نُسخ كذا وهذه اللفظة كذا، هذا كلام فارغ، انس الكلام هذا، مُستحيل! القرآن كان يُقرأ، ولذلك اسمه القرآن، لأنه يُقرأ، وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ ۩، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ۩ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ۩ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ۩، لا! واضحة، واضحة جداً، فلا تتهوك، لا تتهوك ولا يعترينك أو يُخالِجنك شيئ من شك في كلمات الله المُتواتِرة المحفوظة – بإذن الله وبفضل الله -، وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ۩، وصدق الله العظيم، محفوظات!

هذه ميزة، هذه استثناء في الإسلام – بفضل الله -، هذه الكلمات محفوظات، لذلك إذا أردنا أن نُقيِّم فهمنا، أن نُقيِّم منظورنا واستبصاراتنا الدينية، فلابد وأن نعود إلى ماذا؟ إلى كتاب الله بدرجة أولى. ليس إلى الأحاديث بصراحة، ليس إلى الأحاديث! الأحاديث غير مُتواتِرة، القرآن مُتواتِر، بالعكس! اللعب والخداع أتى من ماذا؟ من طرف الأحاديث. القرآن ليس فيه هذا، لا تستطيع أن تُدخِل فيه حرفاً واحداً، يرد عليك أصغر صغير، طفل عمره ست سنوات يحفظه ويرد عليك، أليس كذلك؟ ومعروف هذا للجميع، لأن لو أكبر عالم على وجه البسيط أتى وعلى المنبر كان يتلو آية وغلط فيها، أصغر حافظ سيرده، أليس كذلك؟ والأمة تُشجِّع هذا الحافظ الصغير، تقول له أحسنت، فتح الله عليك. لا تقول له الزم الأدب يا قليل الأدب، هذا شيخ الإسلام. لا يُوجَد الكلام هذا، شيخ وغلطت، شيخ الإسلام وغلطت، هذا الطفل الأحفظ منك يرد عليك، عادي! النبي كان يُرد عليه، النبي كان يُفتَح عليه في الصلاة، وهذا في البخاري ومُسلِم، يقرأ ويقف عند آية، يفتح عليه أحد الصحابة، فيقول النبي ما أُنسيه، وفي الصحيح رحم الله فلاناً، لقد أذكرني آية كنت أُنسيتها. مر عليه النبي في الليل، وسمعه وهو يقرأ، فقال هذه الآية أنا نسيتها، لم تكن على بالي، وهذا صح ومضبوط. النبي ينسى، سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ۩ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۩، مُمكِن أن ينسى النبي، مع أن هذه الآية لها تفسير آخر لدى جمهرة المُفسِّرين على كل حال.

إذن هذا معنى الحق، هل هذا واضح يا إخواني؟ هذا معنى أن الله حقت كلمته بإضلال فلان، ليس أن هذا تحكم هكذا، نُريد أن نُضِله، لا! معناها – كما قلت لكم – ماذا؟ أن في هذه الكلمة ما يكشف عن طبائع الأمور. ولذلك هذا مُهِم من ناحية أخلاقية، من حيث ماذا؟ اللعب في الدين يا إخواني، الخداع في الدين، أقر في أخلاد المُسلِمين، وألقى في روعهم، أنك يُمكِن أن تبذ غيرك وأنت نائم. فواحد – ما شاء الله – يفعل الخيرات ليل نهار، مُمتنِع عن صغير ما حرَّم الله قبل كبيره، مُتوسِّع في العطاء والصدقات وإفادة الناس ورحمة الخلق، حياته – ما شاء الله – نور على نور كما يُقال، بركة على بركة، وهذا ليس كذلك، يحطب في حبل المعاصي، يفعل ما يشتهي، ويتمنى على الله الأماني، ويقول لك لا، في الأخير عندي اعتقاد، عندي شعور، عندي حدس، أن الله في الأخير سيُعطيني أرفع الدرجات. كذب، والله كذب، وهذا الخداع!

مثل هذا الخداع أقل منه بدرجة واحدة وليس بدرجات، ماذا؟ أن تترك – الشيئ نفسه أيضاً – كبائر الأمور، كبائر الخيرات والمبرات، فبعض الناس – والله – لا يستطيع أن يُنفِق، مُستحيل، من الصعب جداً، من الصعب جداً أن ينفذ اليورو من جيبه في سبيل الله، يُعطيه لأرملة أو لفقير، هذا صعب جداً عنده، يموت على المال، يعبد المال، لكن سهل جداً عليه أن يقعد ويمسك السبحة هكذا، وينطق بعض الأذكار ألف مرة ، ويقول لك أنا الحمد لله، على طريق الله. أفهموه طبعاً بالآثار والأخبار والإسرائيليات أن مَن دخل السوق وقال لا إله إلا الله… إلى آخره، كتب الله له ألف ألف حسنة ووضع عنه ألف ألف سيئة ورفعه ألف ألف درجة، ما (الهيصة) الفارغة هذه؟ ما الهلوسة هذه؟ هذا هبل وكلام فارغ، هذا كلام فارغ!

الحسنة عند الله لها وزن ولها ثقل، وتختلف طبعاً الحسنات، آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۩، الحسنة شيئ كبير، ملايين على ماذا؟ ولماذا أنت تارك باب نفع الخلق والصدقة والعطاء ومُساعَدة الناس وإغاثة الملهوف والسعي في مصالح البشر؟ وعلى فكرة هذا من أقصر الطرق إلى الله – تبارك وتعالى -، وهذا من الحق، هذا من جوهر الحق، أن تنفع عباد الله، هذا صعب عليك، هذا صعب عليك! أليس كذلك؟ لكن أن تذكر، سهل، نعم! حتى ترك المعاصي وترك الشهوات والفواحش – والعياذ بالله – صعب على كثير من الناس، يفعلونها! ويقول لك الواحد منهم الله غفور رحيم، ثم يأتي ويعمل عُمرة كل سنة بحسب ما يقول، عنده ضروري العُمرة في رمضان، العُمرة في رمضان وترتكب الفواحش؟ ما هذا؟ أي دين معكوس منكوس مقلوب مُلتاث هذا؟ هذه حالة إلتياث، حالة غير طبيعية، مُستحيل! لو عبدته حقاً، لانتهيت عن كبائر الفواحش يا رجل، أنت ما عبدته أصلاً، ولا عرفت معنى العبادة.

فيُفهِموننا هكذا، أن دخول الجنة مُمكِن بقليل من الأذكار، وببعض الأشياء، أي وكأنها أشياء سحرية هكذا، وتأتي بنتائج. هذا كله كلام فارغ وباطل وضد طبائع الأمور، هل تعرفون ما طبائع الأمور؟ ببساطة طبائع الأمور أن رجلاً يسعى على رجلين، يُريد مدينة تبعد عنا مائة كيلو، هذا سيأخذ ساعات طويلة إلى أن يصل، ويسعى على رجليه! واحد آخر استقل مركبة سريعة، هذا سيصل ربما في ساعة أو في ساعة ونصف، لأن هناك مائة كيلو، وهو يقطعها في وقت قصير، هل هذا واضح؟ جميل! هذا الذي يسعى على رجلين سعى نصف ساعة ثم قعد، وقطع ثلاثة كيلو مترات، لن يجد نفسه في المدينة المطلوبة، طبائع الأمور! مُستحيل أن يجد نفسه في هذه المدينة، سيجد نفسه بحسب ما قطع من مراحل الطريق، كذلك المثابة عند الله والمقام في جنات الله ورضوانه، اللهم اجعلنا من أهل رضوانك في أعلى المقامات بفضلك ومنّك، وأعنا على ذلك ويسّرنا على ذلك، هذه بحسب ماذا؟ بحسب ما قطعت. والقرآن لخَّصها بكلمة واحدة، وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۩، طبائع الأمور! لأن الله حق، الله ليس باطلاً.

هذا الذي أُفهِمناه على أنه من الدين ويأتي بضربة هكذا، وعلى أنه يخضع لتحكم إلهي بلا أي سبب، فتصير أنت من أرفع الناس، هذا خداع، وهذا كذب، وهذا تزوير للدين. الدين الحق في كتاب الله قال لك لا، وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۩، وعلى هذا ومن أجل هذا وحرصاً من سيد الخلق أجمعين – صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً – كان يجتهد إلى الغاية، بما لا مزيد عليه، في ماذا؟ في المهد لنفسه، أي في التمهيد. فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ۩، يمهد لنفسه مهداً، يُريد أن يُعلي درجاته.

قال له وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ۩، حتى تفطرت قدماه، قال له  فَإِذَا فَرَغْتَ۩… من أشغال الدين ومن الناس وكذا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ۩ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ۩. هم ينامون، وأنت لا تنم – قال له – يا محمد، أنت نم قليلاً، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۩ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۩، قال له نم قليلاً ثم قم. لماذا؟ لأن هناك درجات. فمحمد لن يستحق الدرجات التي يُولاها يوم القيامة إلا بعمله، ولذلك كان حريصاً على أن يعمل، محمد! ونحن لا نفهم هذا، ننام، ونرتكب المعاصي، وعندنا أمل كما نقول أن نكون في أعلى الدرجات، كذب! خدعونا، أرأيتم؟ حرفوا طريقنا عن سكة القرآن الكريم، ولذلك نحن أصبحنا لا أخلاقيين، عادي! نفعل أفعال العاصين، ونتمنى على الله مراتب ماذا؟ الطائعين كما يُقال. شيئ غريب! أمة فيها نوع من هذا الجنون، أليس كذلك؟ خدعونا، خدعونا!

الله قال لك أنا الحق، أنا لست الباطل، كل شيئ غيري هو الباطل، يتناقض معي، هو الباطل، أنا الحق. ولأنه حق – لا إله إلا هو – وأمره وفعله حق كله – لا إله إلا هو – قال لك وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۩.

إخواني وأخواتي:

ماذا يحدث إذا فهمنا هذا؟ ماذا يحدث إذا فهمنا هذا وبدأنا نبحث عن الحق ونتطابق معه، نتحالف معه بصدق؟ وأنا لم أُكمِل لكم مثال ماذا؟ الدعاء. حتى في الدعاء، وأنت تدعو ربك، سل نفسك: هل تدعوه بحق؟ هل دعاؤك حق؟ وهذا له مراتب، ماذا عن أصعب هذه المراتب الأولى؟ هذا له اعتلاق – أي علاقة – بالخُطبة السابقة، وبغيرها من الخُطب. تقول يا الله. هل عرفت الله الذي تدعوه؟ هل حقاً أنت تدعو الله؟ قد يقول لي أحدكم طبعاً يا أخي، أنا أدعو مَن إذن؟ هل أدعو هُبل؟ طبعاً أدعو الله. لا! المسألة – والله – أعمق من هذا وأغمص من هذا، ليست واضحة كثيراً، لا تظنوا أنها واضحة، لا والله!

الله في القرآن الكريم أخبرنا عن أقوام أفنت آراؤهم، أفنت آراؤهم والتاثت عقولهم، فعبدوا خشباً وحجراً، وسموها ماذا؟ آلهةً. ورجوا منها النفع ودفع الضر، فعلاً كانوا كذلك، وكانوا يأتون ويتباكون عندها ويذبحون لها ويُهريقون الدماء. الله قال لهم إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا ۩، قال لهم هذا، قال لهم أن تُسمي حجراً إلهاً وتعتقده بهذه التسمية إلهاً، لا يجعله إلهاً. المُشكِلة أيضاً – هذا في المُقابِل، الشيئ نفسه – أن قد لا يكون لأحدنا من الله إلا ماذا؟ إلا الاسم. أما المُسمى فهو وثن آخر من أوثاننا. هذه المُصيبة أيضاً، انتبه! يجب أن نتعلَّم من هذا الدرس (درس الأسماء والأوثان) أن نحن أيضاً قد يكون لنا أوثاننا التي ندور عليها ونحور دون أن ندري. فهل عرف الله الشخص الذي يدعوه أن يُهلِك الله فلاناً وعلاناً من دعاة الخير، من أهل الخير، من أهل الصلاح؟ وفي الحقيقة – انتبهوا – هذا غير ما يُظهِره للناس على المنابر، وربما في وسائل السوشيال ميديا Social media، أنه ليس كما يبدو، فهو طبعاً يُعاديه ويسبه ويلعنه ويفضحه لأنه مُبطِل، أما نحن، فلسنا مثله. لا! الله يعلم، هنا الحق، ولا يُوجَد باطل يسوغ على الله، الله لا يسوغ عليه أبداً الباطل، لا ينفذ – كما قلت – عنده إلا الحق، لا ينفذ عنده ولا يُرفَع إليه ولا يُقبَل إلا ماذا؟ إلا الحق. بطبائع الأمور!

الآن ماذا يحدث إذا جئت لكي تفتح هذا الباب؟ والآن طبعاً هناك أنواع من السلندر Cylinder أو الأقفال – كما يُقال – التي تكون مُركَّبة جداً ومُعقَّدة، فيها ثمانية حواجز، وكل حاجز بخمسمائة احتمالية، مسألة مُعقَّدة، ليست كهذه المفاتيح القديمة، والمفتاح طبعاً فيه ماذا؟ فيه فجوات وثقوب. وأحياناً الفجوة الواحدة تكون بالمللي، أو بالمللي ميكرون، ومُستحيل أن تُفتَح بسهولة، ولا يُوجَد في العالم كله نُسخة أُخرى من هذا، إلا أن تُصنَع ماذا؟ صناعة خاصة مثل الأولى. تأتي وتضع مليون مفتاح، ولن يُفتَح هذا، أي القفل. لن يُفتَح! يُفتَح بالحق، ما حقه؟ مفتاحه. هل هذا واضح؟ ما حقه هذا؟ مفتاحه. حقه أن يُفتَح بمفتاحه. تماماً كالمال الذي تؤتاه، الله أعطاك مالاً، والله قال لك هذا المال يُوجَد حق فيه. ما هو؟ الزكاة. وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۩، ليس كما تُحِب وليس أن الله أحب أن يظلمك وأن يُغرِمك شيئاً في مالك، الله قال لك أنا العليم الحكيم، أنا الذي وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ۩، بعلمي أقول لك وأكشف لك عن طبائع الأمور، هذا المال فيه حق ليس لك، حق للمسكين والفقير، حق أصحاب المصارف، حق! أنا كشفت لك عنه، قال لك. ربما لو عشت مائة ألف سنة، لن تعرفه وحدك، لن يقدر العلم على أن يكشف عن هذه القوانين الروحية السارية في قلب الوجود، الشرع كشف لك عنها، قال لك وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا ۩، عنده حق هذا، أعط حقه، أعط الحق، تقترب إلى الله – تبارك وتعالى -، تُفتَح لك الأبواب، فهذا حقه أن يُفتَح بمفتاحه، لن يُفتَح إلا بمفتاحه.

وكذلك عند الله – تبارك وتعالى – لن يُوضَع في ميزان (ميزان الحسنات) ولن يُقبَل ولن كذا، إلا ماذا؟ إلا ما كان حقاً، إلا ما كان حقاً! الباطل لا يُمكِن أن يسوغ، على الناس يسوغ، يا أخي عليك يسوغ. المُشكِلة أن بعض الناس يبدأ البداية السوءى بالكذب على الناس، يُمثِّل دور الصادق الأمين التقي الخشوع البر الرحيم النفّاع النصّاح، وهو عكس هذا تماماً، في البداية يبدأ بالكذب على الناس، وينتهي به المطاف سريعاً – ليس بعيداً، سريعاً – بماذا؟ بالكذب على نفسه، ويُصدِّق. هذه هي، هذه المُصيبة.

وأقول لكم الذي ينتهي به المطاف بالكذب على نفسه ويُصدِّق، استنفذ فُرصته، ضاعت الفُرص! بمعنى أن هذا تقريباً القرآن الذي سماه تسمية خاصة مُخيفة، اسمها ماذا؟ الختم. قال لك خُتم على قلبه. هل تعرفون لماذا؟ الشيئ نفسه! بالحق، طبعاً كل شيئ بالحق، وأفعال الله كلها حق، بالحق خُتم على قلبه، كيف؟ ليس أيضاً أن الله تحكماً في لحظة قال له هكذا أنا الآن غضبت منك هكذا – أي بغير حق، لأن الله يغضب – وانتهى الأمر وسأختم على قلبك. لا! هذا غير صحيح، بالعكس، بالعكس! استنفذ فُرصه، ووصل بالضبط إلى المرحلة التي عميَ فيها عمىً كاملاً، لم يعد يقدر ولا يستطيع بعد ذلك أن يُميِّز، بين ماذا؟ بين الصح والغلط، بين الخير والشر، بين الحق والباطل، بين الإله والوثن. لا يستطيع، اسمه الختم، شيئ مُخيف! والنبي ماذا قال؟ قال حتى يُكتَب عند الله كذّاباً. كُتِب! إذا كُتِب اسمه الفلان الكذّاب، فلن يصير أبداً فلان الصادق أو الصدوق، فضلاً عن الصدّيق. يستحيل! استنفذ فُرصه، ومن هنا خطورة التمثيل، من هنا خطورة ماذا؟ التمثيل. انتبهوا، وهذا أحد دروس خُطبة اليوم أيضاً، الحق!

حين تجعل رائدك وطلبتك ووكدك وهمك في ليلك ونهارك وخلواتك وجلواتك وسرك وإعلانك الحق، وأن تتطابق مع الحق، ما الذي يحدث؟ الذي يحدث أنك قد تُغضِب كثيرين من الناس. لماذا؟ لأنك ستكون صادقاً شفّافاً. ها أنا هكذا، لن أُمثِّل عليكم دور ماذا؟ الولي الصالح. أنا هكذا، أُعجِبكم أو لا أُعجِبكم، أنا هذا.

يا إخواني – أسأل الله أن يغفر لي إن كنت سأغلط في هذا – أقول لكم قد يُزعَم الآتي في مَن يستعلن بحقيقته الرديئة، هو لا يتنكَّر لها، يقول لك أنا هكذا. ولكن مع الاعتراف، هذا المسكين يقول يا إخوان أنا هكذا، ادعوا الله لي، أنا مُبتلى، مُبتلى بالخمر، مُبتلى بالغيبة، مُبتلى بالمُبالَغة، وادعوا الله لي، وضعي لا يُعجِبني، ولكن أنا هكذا. قد يُزعَم – وبالعكس، هذه هي الحقيقة، إن شاء الله – أن هذا أشرف في نظرنا وأقرب عند الله من الذي يُظهِر ماذا؟ الصلاح والاستقامة والتُقى. وفي باطنه هو ماذا؟ عكس هذا تماماً. هذا في نظرنا خسيس، غير شريف، وعند الله مُتعرِّض لسخط الله، واسمه بالاصطلاح الشرعي ماذا؟ المُنافِق. الذي يُظهِر غير ما يُبطِن!

والصحابة على فكرة – رضوان الله عليهم – والسلف الصالح عموماً كانوا شديدي الخوف والتوقي من أن يقعوا في نفاق، كانوا شديدي التوقي جداً من أن يقعوا في نفاق! أي أن يُخالِف أحدهم بفعله عن قوله، يخاف أن يقع في النفاق، يقول لك هذا نفاق. كنا نعد مثل هذا – يقول لك – من النفاق. وهذا يُذكِّرنا بكلمة مُهِمة لأديب فرنسي، اسمه أندريه جيد André Gide، كلمة جميلة! يقول أشرف لك أن تُكرَه لما أنت عليه، من أن تُحَب لما لست عليه. أنا هكذا، ولكن ادعوا لي. والاعتراف يهدم الاقتراف، لا يزال عنده بصيرة، بما أنه يقول أنا هكذا وادعوا لي. فهذا يعني أنه مُستبصِر بأنه ماذا؟ غير سوي، غير سليم، وضعه غير سليم، يُوجَد شيئ غلط. جيد وحلو، هذا يعني أن هذا المسكين عنده بصيرة، ولكنه مُبتلى، هداه الله.

وعلى فكرة الذين جرَّبوا الدعاء يعلمون – ونرجع إلى مثال الدعاء الذي ذكرناه اليوم عن الحق – قيمة الدعاء، الدعاء باب خطير يا إخواني، والله العظيم باب خطير، مثل ما قال سيدنا عمر بن الخطاب لا تيأسوا ولن تهلكوا مع الدعاء. ولذلك ادع باستمرار، ادع بأي شيئ تُحِب أن يُصيِّرك الله إليه، كأن يُعطيك الصدق، يُعطيك الإخلاص، يُعطيك التُقى، يُعطيك القدرة على أن تعبده حقاً كما يُريد وأن تتقيه حق تقواه، اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ ۩… مرة أُخرى في الحق، أرأيتم؟ وهذا الدين كله على الحق على فكرة، حَقَّ تُقَاتِهِ ۩، ليست فقط تقوى ظاهرة هكذا، الحق! ليست تقوى من أجل الناس، من أجل الصورة، من أجل المشهد، من أجل الفولورز Followers، لا! تقوى حق، حق! تكشف عن ماذا؟ عن واقع أمري، أنا هكذا، هو هكذا، ظاهري وباطني هو هكذا، هذه هي التقوى الحق. أرأيت؟ ليس أن يكون الظاهر شيئاً والباطن يكون شيئاً آخر، هذه ليست تقوى، كذب! هذا كذب، هذا خداع واختداع وتدجيل.

يقول أندريه جيد André Gide لأن تُكرَه لما أنت عليه، أشرف من أن تُحَب لما لست عليه. فهذا درس أخلاقي أيضاً. ولذلك هذا مُهِم لمَن أراد أن يتحقَّق، أن يُصبِح شخصاً ماذا؟ أخلاقياً جداً من هذه الحيثية. مرة أُخرى لا فاصلة بين ظاهره وباطنه. وعلى فكرة ذات مرة أشرنا إلى هذه الناحية، وهذا مصاف بعيد، بعيد، بعيد، وعظيم، ماذا أقول لكم؟ فوالله هذا من أمل الآمال، من أمل الآمال! أن الإنسان يتطابق ماذا؟ ظاهره مع باطنه. الله أكبر! النبي كان يتجاوز هذا، وماذا يقول؟ اجعل سريرتي خيراً من علانيتي، أو اجعل باطني خيراً من ظاهري، واجعل علانيتي صالحةً. أو كمال قال، لكن حتى الباطن لابد وأن يكون أفضل.

هناك كلمة حين تقرأها لأو مرة هكذا تُفجَع، أنا حين قرأتها لأول مرة فُجعت ولم تُعجِبني، ولكن اختلف الأمر حين تأملت عُمقها، مع أنها لواحد مُلحِد، وهو شيشرون، أي سيسرو Cicero، شيشرون Cicero كان مُلحِداً، أي هذا الروماني الخطيب الشهير والفيلسوف، لكن هذه كلمة عظيمة، قال لا تستح من أن تتكلَّم وأن تفوه بما تُفكِّر به. كأنه يقول اعمل واجتهد أن يتطابق ظاهرك مع باطنك. أنت – مثلاً – كنت تمشي هكذا في الشارع، ورأيت سيدة، فكَّرت – والعياذ بالله – فيها، قلت ماذا لو كانت لي؟ هذا يُستحيا منه، يُستحيا أن تُظهِر للناس هذا التفكير، أليس كذلك؟ فما المطلوب الآن؟ المطلوب بعد ذلك هو الآتي، أنك يجب أن تُطوِّع باطنك، لكي ينحو مناحي مُعيَّنة، لو أظهرتها، لن تستعر منها. يا سلام! شيئ عظيم، وهذا الدين يُعطيك هذا، رقابة الله بالذات، أليس كذلك؟ أما أي شيئ آخر، فلا. وأين هذا؟ هذا التحقق، هذا التحقق! عبد مُتحقِّق، عبد مُتحقِّق ليس عنده فاصلة بين الباطن والظاهر.

إذن هذه أول مرتبة، تسأل نفسك حين تقول يا الله. هل أنت سألت الله، أم سألت وثناً من أوثانك؟ وعلى فكرة في الأرجح وفي الأغلب أن هذا الوثن ما هو؟ الأنا. الأنا طبعاً، الأنا هذه التي تحسد، وحين تحسد تُريد إهلاك الصالحين، تُظهِر للناس أنها تدعو عليهم بالهلاك لأنهم يُخرِّبون الدين والمُجتمَع، كذب! هي تفعل هذا لأنها تحسدهم، كذّابة! أنا كذّابة، ولذلك هذا حين يأتي ويقول يا الله. الله يقول له كذّاب، كذبت، ما دعوتني، دعوت وثنك، دعوت نفسك. أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ ۩، لكن أنت أسميت أو سميت هذا الوثن (الأنا) باسم آخر، سميته ماذا؟ الله. وطوال الوقت يا مسكين أنت تتعبَّد له وتدعوه. ولذلك ما النتيجة؟ هل سيستجيب الله الحق لك؟ ولا مرة تقريباً. ومن هنا المُصيبة التي نعيش فيها، وأنا أقول لكم بصدق، فهذه العبارات مُزلزِلة ومُخيفة حتى لي، أنا أشعر بهذا الآن، وخاصة حين خفت قبضة المُجتمَعات الواقعية على شبابنا وشوابنا وعلينا جميعاً، والآن على فكرة ابنك يعيش في المُجتمَعات السيبرية هذه – ويُمكِن أن نُسميها حتى الافتراضية – أكثر مما يعيش في المُجتمَع الواقعي، أليس كذلك؟ فأكثر أصدقائه هم عبر ماذا؟ عبر الأثير – إن جاز التعبير -، في هذا الفضاء السيبري، أليس كذلك؟ الذين يلتفت إليهم هم هؤلاء، ويُحِب استحسانهم، ويخشى استهجانهم، ويُريد تكثيرهم. هم هؤلاء، هؤلاء! ويعيش معهم تسع أو ثماني ساعات كل يوم، أليس كذلك؟ وهؤلاء من أجناس شتى، وأعراق شتى، وأديان شتى، وخلفيات اجتماعية وكذا شتى. وطبعاً ليس عندهم نفس المعايير الرقابية المُستنِدة إلى الدين والأعراف والتقاليد، التي هي ماذا؟ في المُجتمَع الضيق الواقعي. أليس كذلك؟ فهذا – أي ابنك أو ابني أو ابنهم، ونسأل الله العفو والعافية والستر على الجميع – حين يستعلن بأنه كذا أو كذا أو كذا، أي مما يشين ومما يعيب ومما يُهلِك – والعياذ بالله – ويُضِل، لا يستهجنونه أبداً، برافو Bravo – يقولون له – وهذه حرية، أنت (شاطر) ووضعك مُمتاز، أنت من جماعتنا، نحن هذه الجماعة ونحن عندنا الاتجاه هذا. أليس كذلك؟

نعم، هنا يُوجَد شيئ خطير، هذه الحالة الجديدة – أنا أقول لكم – تفسح طريقاً وسيعة جداً جداً للإلحاد. لماذا؟ لأن ابنك أو ابنتك سيقول عن أي إله يتحدَّثون؟ أنا وأنا صغير علَّموني وحفَّظوني نصف القرآن الكريم، وكنت أُصلي ليل ونهار، ولم أشعر يوماً بهذا الإله، ولم يتواصل معي يوماً، ولم يُلب لي دعوتي يوماً. أقول له صح يا ابني، والله صح، صح! والعتب ليس عليك، والعيب ليس منك، العتب والعيب على ومن أبيك ومن أمك ومن شيخك ومن مسجدك، الذين علَّموك وأعطوك صورة عن الله، صورة وثنية، ليس الإله الحق – لا إله إلا الله -، كما تعرَّف إلى عباده في القرآن الكريم. ولذلك أنت قلت هذا حين رأيت آباك الذي يقوم الليل وبلحية كبيرة ويحج ويعتمر ويذهب ويجيء، يفعل أشياء أنت من منظورك تراها خسيسة ونذلة وغير أخلاقية، وحين سألته أو ألمحت إليه من وراء وراء أو من بعيد، وقلت له يا أبتِ كيف هذا؟ قال لك لا يا ابني، قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقال الإمام أحمد كذا. وجعل يُبرِّر لك دينياً! شكك في الدين، شكك في أخلاقية الدين، شكك في جدوى ماذا؟ الدين لإصلاح النفوس وبناء إنسان صالح وحقيقي، إنسان حقيقي، مُتأنسن! شكك، وهو – أي المسكين هذا، الابن طبعاً – فعل الشيئ نفسه، دار على وثن، هو يعبد وثناً، ويدعو وثناً، هو هواه، أبوه علَّمه هذا، أنت هواك هذا، ولكن أنت تُسميه إلهاً وتدعوه.

وكما قلت لك تدعو بالباطل على أُناس مُحِقين، وتدعو بالباطل أيضاً على أُناس ظلموك، ولكن بالباطل وتعتدي، فهناك واحد ظلمك بمقدار اثنين مللي، لكنك تدعو عليه وعلى بلده وعلى أهله وعلى العالم الذي معه كله بأن ينحرق، هذا لأنه ظلمك؟ يا رجل رب العزة أنت تُجدِّف بحقه، وتُنكِره وجوده – لا إله إلا هو -، وتتنقد وتُقدِّم بين يدي أمره ونهيه، ويُعطيك فُرصة للتوبة، ولا يحرقك ولا يُدمِّرك، وقال لك وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ ۩… قال لك لا، ولكن أنا ماذا؟ أُمهِل ولا أُهمِل، أُمهِل وأُعطي فُرصة. وهم فعلوا أشياء فظيعة، قتلوا أنبياءه! إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۩… كيف فتنوهم إذن؟ أحرقوهم في النار. أحرقوهم بالنار! خدوا لهم الأخاديد، قذفوهم في أخاديد تتلهب ناراً، هل هناك جريمة أكثر من هذا؟ وطبعاً كان هناك كبار وصغار وعواجز وشيوخ وعجائز، حرقوا! أحرقوهم بالنار، ماذا قال الله؟ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ۩… يا الله، أف! وقال لك رب القرآن رب غضوب. غضوب؟ أنت لا عقل لك. واعذروني! والله العظيم أنت تكذب على الحقائق، أنت لست حقانياً، مثل هذه الآية ستجعلك تتجمد هكذا وتتصنم، تقول ما الرحمة هذه؟ غير معقول! هل هذا الإله الرحيم عنده رحمة بهذا المُستوى؟ أحرقوا أولياءه بالنار، ويفتح لهم باب التوبة؟ قال ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۩… والعذاب من جنس العمل، أحرقتهم بالنار، أُحرِقك بالنار. لكن لو تبت؟ أهلاً وسهلاً. يا الله، يا الله! حتى هؤلاء لهم توبة؟ قال لك لهم توبة. ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ۩… لأنه رحيم، هو رحيم، أرحم بهم من أنفسهم، فتح لهم الباب لآخر لحظة، أنت – ما شاء الله – تزعم أنك تعرف هذا الإله وتدعوه، وتدعوه على إنسان ظلمك – كما قلت – بمقدر اثنين مللي، ظلمك بمقدار اثنين مللي حين أخذ بعض المال، أخذ خمسين يورو أو مائة يورو، تدعوه لكي تُدمِّره، تُريد أن يُدمِّره الله وأن يُيتم أولاده وأن يُثكِل أمه وأن يُرمِّل امرأته وأن يحرق قبيلته وأن… ما هذا؟ هل أنت مُصاب بالهبل؟ أنت وثني، أنت إنسان وثني، أنت الآن تُلحِد بين يدي الله (الحق طبعاً)، مع أنك تُخاطِب الإله الوثن (النفس)، أنت الآن تعبد نفسك، ولا تعبد الله. هل هذا واضح؟

فالله سوف يقول لك أنا ما سمعتك أصلاً – بمعنى استماع إجابة -، لأنك ما دعوتني، أنت دعوت الوثن الذي أسميته ووضعت عليه Lable هكذا مكتوب عليه الله، هذا ليس الله، لست أنا هذا الوثن. لا! ضاعت عليك هذه، هذه واحدة. ثانياً قد يحصل الآتي، أنت تدعو الله، تدعو الله وتعرفه – إن شاء الله -، سوف يقول لك نعم، دعوتني حقاً، لكن هل دعوتني بحق، أم تجاوزت في الدعاء؟ مرة ثانية أيضاً! حين تدعو الإله الحق، يجب أن تدعوه بماذا؟ بحق.

سأختم هذه الخُطبة الأولى بكلمة واحدة، بالله عليكم يا إخواني – أُقسِم بالله هذا شيئ مُؤثِّر – تخيَّلوا هذا، فليتخيَّل كل واحد منكم ومنكن هذا، فليتخيَّل أن رسول الله الآن بين… ماذا؟ فليتخيَّل أنه بين يدي رسول الله، ولن أعكس، احتراماً للمقام الأجل. أنت بين يدي رسول الله، وقال لك في رؤيا – حتى في رؤيا صادقة، ورؤياه حق، فهو قال لك هذا، عليه الصلاة وأفضل السلام – يا فلان أو يا فلانة، اطلب مني شيئاً – شيئاً وليس عشرة أشياء، وهذه ليست مطالب علاء الدين الثلاثة، لا! شيئاً واحداً – ادعو الله لك به. دخلنا في الجد، أرأيتم؟ الآن دخلنا في الجد، دعوة! دعوة واحدة، النبي سيدعو لك بها، معناها أنها مُستجابة حتماً وقطعاً، ماذا ستقول له؟ هل ستقول له اهلك فلاناً الذي ظلمني؟ هذا كلام فارغ، ستنسى كل هذا العبث والهبل هذا، أليس كذلك؟ هذا العبث والهبل الخاص بك كله ستنساه، ولن تقول له ادع الله أن يُعطيني مليار يورو، مليار ماذا؟ وهبل ماذا؟ الدنيا كلها الآن ستغيب عن ناظرك، أنا مُتأكِّد، أُقسِم بالله! سترتجف طبعاً، سيُرتج عليك، وتقول له يا رسول الله ادع الله أن يغفر لي وأن يُدخِلني جناته. انتهى! وإذا كنت طمّاعاً، فإنك ستقول له: في رُفقتك. أي أنت تطمع هنا في شيئ كبير، وفقط، أليس كذلك؟

يا رجل، يا رجل – لا إله إلا الله – أنت الآن لست بين يدي رسول الله، يا رجل لو كنت تعبد الله حقاً وتعرفه حقاً، لما قلت هذا. تذكّر هذا في كل مرة تجلس فيها بين يديه وترفع يديك وتُناجيه وتدعوه. أنت بين يدي رب العالمين، الله! أنت تدعو الله – لا إله إلا هو -، هذا إن كنت تعرفه كما قلت، وهذه هي المُشكِلة! فانظر بما تدعو وكيف تدعو، أليس كذلك؟

اتضح أن الدعاء مقام عظيم، اتضح أنه مُخيف ومُرعِب، هذا ليس أي كلام، لكنك تحكي أي كلام وتدعو بأي كلام! سوف تقول لي وما الذي جرأنا إذن؟ صح لن أتجرأ حين أكون بين يدي الرسول، ولن أطلب إلا هذا الشيئ فعلاً الصح والصحيح والعاقل، فلماذا بين يدي الله نطلب غير هذا؟ لأننا لسنا بين يدي الله، بين يدي وثننا الصغير (النفس)، وفعلاً هذا وثن صغير وحقير، ويسمح لك هذا الوثن الصغير والحقير الذي جعلته إلهاً لك أن تدعوه بما شئت، بالحق وبالباطل وبالهلس وبالكلام الفارغ، أليس كذلك؟ وبالظلم والتجاوز على الناس والتجاوز حتى على شرع الله، وتدعو، أليس كذلك؟ وبالمُحرَّمات! لأنه وثن، لكن لو تحققت بمعرفة الله، ودعوت الله، الذي هو الله – لا إله إلا هو -، فأنا أقول لك في هذه اللحظة ستشعر أنك لا تستطيع أن تدعوه إلا بماذا؟ بما يرضاه ويأمر به ويُحِبه – لا إله إلا هو -.

اللهم اهدِنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخُطبة الثانية

الحمد لله، الحمد لله الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، ويستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذابٌ شديدٌ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صَلَىَ الله – تعالى – عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيراً.

إخواني وأخواتي:

جُملة ثم نمضي إلى الدعاء. جُملة واحدة، ونعود مرة أُخرى إلى الأثر الهائل لهذا التحقق في أخلاقية الإنسان، في إنجاء وفي الحفاظ على هذه الأخلاقية، في استنقاذها، في استردادها، وفي إنعاشها، قد تكون في طور ماذا؟ الاحتضار. أي هذه الأخلاقية، لا! نستردها في آخر اللحظات، نُنعِشها، نُنضِجها، نُنميها – بإذن الله تعالى -، كيف؟ هي هذه، بالتحقق! تأخذ الحق وتُعطي الحق، تقول الحق وتقبل الحق وتُطالِب بالحق وتدور مع الحق.

تعرف ماذا يحصل حين تفعل هذا؟ وأنت في عين فعلك لهذه الأشياء ماذا يحصل؟ تقترب من الله. هو هذا الاقتراب من الله! لن تقترب من وإلى الحق إلا بالحق، ينبغي أنت تفعل هذا، حين يُوجَد عليك دين – مثلاً -، أنت طلبت مالاً من إنسان مُحترَم ديناً، قلت له يا أخي أعطني ديناً، فأنا كذا. فأعطاك ديناً، ومن غير فوائد، ليس كالبنوك، أخ طيب، وقال لك خُذ، هذه ألفا يورو. إذا جاء وقت الدين، وكان عندك ما تُسدِّد، أو حتى كان عندك هذا قبل محله – أي قبل وقته، قبل محل الدين -، فينبغي أن تُهرَع إليه، وأن تُقبِّل رأسه وتقول له بارك الله فيك، جزاك الله خيراً، أنعشتني وأعطيتني، بارك الله فيك، فتح الله عليك، وزادك من فضله، هذه ألفا يورو. من غير نقص، مُباشَرةً تُعطي. بعض الناس ليس كذلك، حين يحتاجك يأتيك ويتوسَّل ويتذلَّل و… إلى آخره، جميل! تُعطيه، وحين يصير عنده ما يرد يقول لك لا يا أخي، الله وسَّع عليه، أنا عندي ألوف وهو عنده ملايين. حتى ولو عنده ملايير، حتى ولو كان ملك الدنيا، حقه! اسمه هذا الحق، هل فهمت؟ هو ليس حقك، حقه هو، وهو عنده ملايير وأنت عندك ملاليم، حقه! وعندك ما تُسدِّد وتقضي الحق، إياك إياك أن تترد لُحيظة، تُرجِع كل المال، وكما قلت لك وقبِّل رأسه من أعلى أيضاً، لأنه أفضل عليك، ولم يُحوِجك إلى الربا وإلى أن تُستغَل وأن تُظلَم.

الشيئ نفسه مع إنسان غلطت في حقه واغتبته، واستبصرت، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ۩، استبصرت! تعود إليه وتقول له يا أخي اغفر لي، وقعت في عِرضك، لن أقول لك بماذا، لأنه قد يؤذيك، ولكن اغفر لي، وأنا سأعترف بهذا – بإذن الله – بين الذين قرضت عِرضك وأديمك، بينهم سأعترف بهذا، وسأقول لهم يا إخواني أنا غلطت في حق أخي فلان، وأنا كنت الظالم والباغي والأفّاك الأثيم، وأستغفر الله، وقد استغفرت منه، وطلبت منه أن يستغفر لي ربي. هذا حق! ليس حقاً بعد أن اغتبته وسوّدت سُمعته وعِرضه أن تذهب وتقوم الليل، تقول إنك تقوم الليل وتبكي! هذا لن يمحو هذا، دع هذا الكلام الفارغ، لا تلعب، لا تلعب وتحقق، تحقق! مَن يغلط، لابد وأن يُصلِح غلطه، مَن يُخرِّق، لابد وأن يذهب لريقع. ارقع، رقِّع أخطاءك، إياك أن تُغَر بهذا، قال تعالى وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ۩، كم هذه الآية تهزني! أُقسِم بالله، كل الأمم المُتديّنة هذه حين تراها تبتعد عن نهج الله وعن طريق الله حقاً وتراها غير أخلاقية، اعلم أنها مغرورة بما افترته في دين الله. سواء كانوا يهوداً أو مسيحيين أو مُسلِمين، أليس كذلك؟ يفتعلون أشياء ويُصدِّقونها، كذب! مَن قال لك هذا؟ كذب، الله لا يقول هذا، أنتم تكذبون على الله وعلى شرائع الله. دائماً شرائع الله ودين الله أخلاقي، أليس كذلك؟ ورحيم، وفي المُستوى، وأعلى من كل مُستوى مُتصوَّر.

ولذلك كُن مع الحق، ودُر مع الحق، أعط الحق، وخُذ الحق، وقل بالحق، ونافح عن الحق، تر نفسك ماذا؟ من حلفاء الحق، وفي جانب الحق – لا إله إلا هو -، جميل! تر نفسك مُتطابِقاً مع أمر الله، مع أمره ونهيه تماماً، لا تُوجَد فاصلة، إذن أنت من الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۩. اللهم اجعلنا منهم بفضلك ومنّك.

اللهم اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما جنينا به على أنفسنا وما أنت أعلم به منا برحمتك يا أرحم الراحمين.

آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير مَن زكاها، أنت وليها ومولاها. نعوذ بالله من قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، ومن علم لا ينفع، ومن عمل لا يُرفَع، ومن دعوة لا تُسمَع، ومن نفس لا تشبع. ونعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة فإنها بئست البطانة. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب الدنيا وشقاوتها وخزي الآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين.

اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، ولعبادك الصالحين من المُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعوات.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ۩؟

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ۩، وأقِم الصلاة.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا (21/9/2018)

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

أضف تعليق

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: