الحمد لله كثيراً كثيراً وسُبحان الله وبحمده بُكرةً وأصيلا، الحمد لله على ما هدى وعلَّم وأنعم، الحمد لله على ما أسبغ وأقام ودفع مِن النقم، الحمد لله فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ۩، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي الأعلى، الولي المولى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى۩ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى۩، وأشهدُ أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وأُسوتنا محمداً عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وصفوته من أنبيائه وأمينه على وحيه، اللهم اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على عبدك ونبيك النبي العربي الهاشمي الأُمي وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المُبارَكين الميامين وأتباعهم بإحسانٍ وعلينا معهم وعليكم والمُسلِمين والمُسلِمات أجمعين.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر، الله كبر، الله أكبر
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ۩، اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين لنعمائك، القائمين فيها بما يُرضيك عنا، واجعل ذلك مِرقاةً إلى رضوانك ورفعة منازلنا وبياض نواصينا وتثقيل صحائفنا وموازيننا يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ۩ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ۩.

الله أكبر – إخواني وأخواتي – لا تُستطاع الهداية إلا بمددٍ من الله ومعونة، وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ۩، لأن الإنسان خُلِق ضعيفاً، فهذا الخلق الذي يُمكِن أن يسمو وأن يبذخ وأن يعلو حتى يرتقي إلى مصاف الملائكة في الملأ الأعلى منزلةً تسبيحاً وتقديساً يُمكِن بأيسر مِن اليسير أن يتدلى بضربة لازب فيعود إلى طبعه الأول وإلى منزعه الأصيل فيلتحق بأُفق البهائم، ولذلك وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ۩.

الله أكبر – إخواني وأخواتي – حقيقٌ بأن يصدح بها صوت صائمٍ عبد الله وخشيه واتقاه حق تقواه، فلم يرفث ولم يفسق ولم يصخب ولم يسخب ولم يظلم ولم يبغي، ويأتي الابتعادُ عن الطعامِ والشرابِ وسائر المُشتهيات ربما في آخرِ القائمة، فليس من حقيقة الصيام وجوهره أن يبغي الإنسان على ضعيف ولا أن يهضم مَن لا يجدُ له نصيراً إلا الله – تبارك وتعالى – حقه ثم هو مُمسِكٌ عن الطعامِ والشرابِ وشهوة البدن ويحسب نفسه صائماً.

تفجير المدينة المنورة
تفجير المدينة المنورة

الله أكبر يأتي العيد – إخواني وأخواتي – ودم هذه الأمة نازف في أكثر من بلد وفي أكثر من سُقع، حتى لم تبق حُرمةٌ لرسول الله – عليه الصلاة وأفضل السلام – أن يُحترَم حرمه الشريف ومنزله ومثواه ومرقده في مدينته المُنوَّرة – ألفُ ألفِ تحيةٍ وسلام على مُنوِّرها – فيبغي أُناسٌ الجنة بزعمهم بقتل أنفسهم في إخوانهم قُربه عليه الصلاة وأفضل السلام.
الله أكبر على هذا الجنون الذي خيَّم علينا، الله أكبر على هذه القسوة وعلى هاته الغِلظة التي سطت بنا واستبدت بنا فأفِنَت فطنتنا وأتت على ما يُمكِن أن يكون آخر مُسكَةٍ من عقلنا وآخر صُبابةٍ في إناء إيماننا ويقيننا.
الله أكبر، الله المُشتكى، الله المُستعان، هو المُستغاث من هذه الحالة الزرية الحزينة المأساوية، إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ۩.

اللهم لا تُؤاخِذنا بما فعل السُفهاء منا وارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا.
إخواني وأخواتي، كان ينبغي أن يكون العيد تحية محبة ورسالة سلام لكنه صار معزىً يُعزِّي فيه الجارُ جاره والمُسلِمُ أخاه في مَن فقد مِن أهله وخِلانه وخِلصانه وإخوانه قتلاً في غير حق بل بباطلٍ جهير لم يُنزِّل به الله في كتابه سُلطانَ وإن زُعِمَ أنه بإسم الله وفي مرضاة الله تبارك وتعالى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ ۩، قال رسول الله “ألا لا ترجعوا بعدي كُفّاراً يضربُ بعضكم أعناق بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تَضلّوا: كتابَ اللّه، ألا هل بلَّغت، اللهم فاشهد”، ولكن نسينا البلاغ ونسينا حُرمة المُبلِّغ وأسقطنا حِشمة صاحب البلاغ – صلى الله تعالى عليه وآله وسلَّم تسليماً كثيراً – ونسينا قوله – ومَن أصدق مِنه مِن بعد ربه قيلا؟ – صلوات ربي وتسليماته عليه “والذي نفسي بيده لا تُدخِلون الجنة حتى تُؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا – هكذا بالجزم، وإلا فهى لا تُؤمِنون، ولو قال ولن تُؤمِنوا لاستقام، لكن هكذا رُويَت والله أعلم – تحابوا”، لا إيمان إلا بالمحبة، فإذا أردت أن تروز إيمانك وأن تفحص إيمانك لابد أن تبحث عن مقدار المحبة التي اشتمل عليها قلبك لأهل المِلة والدين ثم لعباد الله من حيث أتوا، فالمُؤمِن كائن مُسالِم ومُحِب لأن إيمانه فيضٌ وقبسٌ مِن أنوار الله تبارك وتعالى، وهذا الإيمان الذي يربطه بالله – تبارك وتعالى – ويصله به ليس إلا المحبة في نهاية المطاف، ليس إلا المحبة لربه، ليس إلا العشق لربه تبارك وتعالى.
ما أتى علىّ عيد إلا وتذكَّرتُ قول ولي الله العارف الصالح أبي الحسين النوري، في كل عيد مُذ عرفتُ هذه الأبيات أو وقعتُ عليها إلا وأتذكَّر هذه الأبيات في صباح كل عيد وتُشجيني، قالوا له: يا أبا الحسين غداً العيد، ستلبس ماذا؟!

فأنشد يقول:

قالوا غدًا العيد ماذا أنت لابسه ۞  فقلت خلعة ساق حُبه جُرعا

فقرٌ وصبرٌ هما ثوبان تحتهما ۞ قلبٌ يرى إلفة الأعياد والجمعا

أحرى الملابس أن تلقى الحبيب به ۞ يوم التَّزاور في الثَّوب الَّذي خلعا

الدهر لي مأتمٌ إن غِبْـتَ يـا أملي ۞ والعيد مـا دُمت لي مرأىٍ ومستمعا

هكذا يلهج لسانُ عارفٍ أحب ربه – لا إله إلا هو – واتصل به حقاً!

الذي عرف الله لا يُمكِن أن يعبد نفسه، لا يُمكِن أن يتورَّم وأن ينتفخ، وكُلنا إلا ما رحم ربي وقليلٌ ما هم مُنتفِخٌ مُتورِّم بحسبِ حظ الشيطان والنفس منه، فيتورَّم الواحد منا وينتفخ، وحين ينتفخ فهو لا يفعل على حساب الفضاء الحيزي لأن الفضاء يتسع لنا ولمليارات من أمثالنا وإنما يتورَّم وينتفخ على حساب الآخرين بحيث لا يبقى مكانٌ ولا مساغٌ لهم في أنحاء نفسه وفي مطاويها وفي ساحة قلبه، فهو لا يعرف إلا نفسه ولا يدور إلا حول نفسه، ومن هنا تأتي الكارثة وعلى جميع المُستويات، فإن كان أباً فهو أبٌ كارثي، زإن كان زوجاً فهو زوجٌ كارثة، زإن كان صديقاً فهو صديق كارثة، وإن كان شيخاً أو واعظاً أو مُعلِّماً أو قائداً روحياً أو سياسياً فهو الكارثة بقرونها، انتبهوا لهذا لأن الناس لا يُدرِكون هذا، فلا يُمكِن أن يربطوا بين مناشط الساسة والقادة الروحيين والعسكريين والفكريين وبين تورّماتهم وانتفاخاتهم، بل ويدفعون أكلافاً باهظةً جداً قد تُكلِّفهم أوطانهم برأسها وقد تُكلِّفهم ألوف ومئات الألوف من الضحايا وأنهاراً من الدماء وهم لا يعلمون سر المسألة، أنهم ألقوا بمقادتهم إلى مُتألِّه، إلى مُتورِّم بحجم هرم بل ربما بحجم الكُرة الأرضية وربما جاوز هذا، فلم يبق لديه مساغٌ لكي يرى أحداً أو يحنو على أحد أو يشعر بمأساة أحد، فقط هى أطماعه وطموحاته وهلاوسه وجنوناته التي سطت به، لكن الإيمان وحده يُنقِذكم مِن هذه البلية، معرفة الله وحدها هى إكْسير ودواء ورُقية مِن هذا الجنون لهذا الداء العياء الذي تُعاني أُمتنا اليوم في تقديري أكثر مِن أي أُمةٍ أُخرى على وجه الأرض، لأن فيما ألمس وفيما أشعر وأُحس من الصعب جداً أن تقع على بشر في الأُمم الأُخرى لديهم تضخم وتورم وشعور مرضي مجنون بالذات كما بين العرب والمُسلِمين اليوم، ولذلك لا أحد يشعر بأحد، لا أحد يُعبِّر أحداً، لا أحد يُقيم وزناً لأحد، لا أحد يرحم أحداً، لا أحد يعتبر أحداً، وكل أحد هو الأحد وأستغفر الله الأحد، فقد تألَّهوا وتوَّحدوا، ومن هنا كل أحد منهم هو الأحد عند نفسه، فماذا تُريد مِن أُمة أصبحت آلهة يحطم بعضها بعضاً؟ هو ما نرى، عند رسول الله يحدث القتل والذبح، حتى لقد انحط الأمر وتأدَّى إلى ذبح الأُمِ والأبِ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ۩، الأم والأب اللذان قال الله في حقهما في حال فرضناهما مُشرِكين وثنيين وليسا مُسلِمين مُوحِّدين صائمين قائمين وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۩، وليس إن رأيتهما يُصليان ويُقيمان الليل ويقرأان القرآن ويلهجان بذكر الواحد المُتعال اذبحهما إن خالفاك في رأيك في قضية سياسية على خلفية إسلامية، ألا تباً لمثل هذا الفهم في الإسلام، وشفى الله الإسلام من جنون أبنائه وأهله.

محدث الشام الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله تعالى
محدث الشام الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله تعالى

سأختم ولا أُحِب أن أُطيل عليكم فالحديث أليم وذو شجون والمُناسَبة عيد ولا نُريد أن نحزن مزيد حزن ففي القلب ما يكفي من الحزن، نُريد أن نبحث عن فُرجة للفرحة إن كان ثمة إمكان، سأُعيد عليكم قصة رجل صالح عرفت أن الله – تبارك وتعالى – عوَّدني أن يُحيي قلبي كلما ذكرته، فكلما ذكرته أُكافأ مُباشَرةً بنوع من حياة القلب، وأنا أُشهِد الله على هذا، وهذا مِن قوة سره ومِن عِظم صدقه في زمن قلَّ في الصادقون، ولا ينعدمون بفضل الله ولكنهم أصبحوا قلةً مُستوحِشة، وهذا الرجل الصالح ذكرته في الخُطبة الأخيرة وهو مولانا شيخ الإسلام بدر الدين الحسني قدَّس الله سره الكريم، الولي … ماذا أُسميه؟ الكون الوسيع في ولايته وعِرفانه ومعرفته وتواضعه وحُبه لله وللخلق، أُعجوبة هذا الرجل، شفَّعه الله فينا يوم القيامة، أُعجوبة والله الذي لا إله إلا هو، كان مُحِباً لخلق الله مِن حيث أتوا، فكيف بأهل المِلة والتوحيد والدين؟ لم يكن يقدر على أن يُصفِّر وجه مُسلِم مهما فعل هذا المُسلِم، وكان يقول “هذا في قلبه إيمان، مهما ضئل وضعف ورق هذا الإيمان لكنه إيمان، فيه زُبالة إيمان، جذوة إيمان لعلها تتقد يوماً فتشتعل فتخلقه خلقاً جديداً”، فهذا كان مبدأه، وكان يدخل عليه في وقته قبل ثمانين أو تسعين أو مائة سنة الشاب المُتفرنِج فلا يحتقره، ويُومها كانت هذه الفرنجة هُجنة يُهجَّن صاحبها بها، فأن يلبس بنطالاً أحدهم كانت هذه مُصيبة في بلاد العرب والمُسلِمين، مُصيبة تُسقَط بها عدالة المرء ولا يُزوَّج ولا يُقدَّم في المحافل ويستحيل أن يَؤم الناس، فهو يُعتبَر كالمُتخنِّث، فكانت مُصيبة أن تلبس بنطالاً، فلباس العرب كان الدماية والعباية والجلباب والشراويل الطويلة الضخمة، أما هذا البنطال الفرنجي لم يكن معروفاً في ظل هذه العادات صعبة، فإذا دخل عليه شاب ببنطال ازور عنه الناس وأظهروا الاشمئزاز، كأنهم يقولون: كيف يتجرَّأ هذا أن يأتي في مجلس في منزل مولانا بدر الدين الحسني الذي تتمنى السلاطين أن تُجالِسه؟

عبد الحميد الثاني
عبد الحميد الثاني

السُلطان عبد الحميد يبعث له سفينة – وأعرف أنني ذكرت لكم هذا مرات كثيرة ولكنني أُعيده – في اللاذقية لأنه يتمنى عليه أن يأتي لزيارته، لكنه يرفض أن يذهب إلى السُلطان ويقول “يا باه مش مأذون”، أي لا يُوجَد إذن فلا يذهب في حين أن السُلطان يتمنى أن يجلس إليه قدَّس الله سره، وشفاعته لا تُرَد في أي موضوع سواء فيه دماء أو فيه قتل، فقط كلمة منه وينتهي كل شيئ لما جعل الله له من العظمة والحشمة والمحبة اللامُتناهية في قلوب الخلق، فاسقهم وصالحهم، فكان أُعجوبة، لا إله إلا الله، مَن كان الله معه فمَن عليه؟ ومَن كان الله له فيحتاج مَن؟ لا يحتاج أحداً وربما احتاجه كل أحد إلا مَن استغنى بالله.

المُهِم يقول أحدهم: كُنت أُماشيه مرةً في الطريق فإذا برجل يأتي إليه مُهروِلاً فيُصافِحه ويدنو على يديه لكي يُقبِّلها فلم يُمكِّنه الشيخ – وكانت هذه عادته فلا يسمح لأحدٍ أن يُقبِّل يده، ولذا كان إذا مشى يضع يديه الثنتين في جيوب عباءته حتى لا يُقبِّل يده أحد، ليس افتعالاً وإنما تواضعاً خِلقياً حقيقياً ربانياً، فهو لا يرى نفسه فوق أي مُسلِم في العالم، ولكن يرى كل مُسلِم مهما كان عاصياً خيراً عند الله منه حقاً وصدقاً، وهذا شيئ غريب، وهو شيخ الأولياء وكبير العلماء الذي لم تر الأُمة فيما قيل من خمسمائة سنة مثله، ولا الحافظ السيوطي ولا الحافظ السخاوي، فكان أُعجوبة، لا إله إلا الله – ثم قال له “يا سيدي أُحِبك، والله أُحِبك”، قال “والله وأنا أُحِبك”، فلما ذهب الرجل قال “قلت له يا مولانا هذا يهودي”، قال “ما أدراك أنه يموت يهودياً؟ يا بُني القلوب بيد الله والحي لا تُؤمَن عليه الفتنة، نسأل الله حُسن الختام، هو الآن يهودي وأنت لا تدري بما يُختَم له”.

كان يُحِب كل الناس، يهوداً ونصارى وعلويين ودروزاً ومُسلِمين وسُنة وشيعة ولا يُفرِّق بين أحد، فهو يُحِب الكل، والله جعله هدايةً للكل، وكان يأتيه كبار نصارى الشام فيجلسون في مجلسه ويقولون “والله يا سيدنا إننا لنُحِبك” فيقول لهم “والله وأنا قلبي يُحِبكم”، فلم يكن يفهم الولاء والبراء بطريقة الذين قادونا إلى ذبح آبائنا وأُمهاتنا وتفجير مساجدنا ونحن رُكّع سُجَد وذبح البُرءاء، لا لم يكن كذلك، وطبعاً لم يكن لينقصه العلم لكي يفهم السليم في هذه المسائل ولا النور الرباني والعرفاني.

اسمعوا القصة العجب التي تلوتها عليكم غير مرة وقلَّ أن أسمعها أو أقرأها إلا وأبكي وإنها – والله – لمُبكية:
في صباح مثل هذا الصباح، في مثل هذا اليوم، في يوم عيد يقول لأحد نُبلاء تلاميذه وهو شيخ فقيه طُوال جميل بلحية وافرة وبعمامة وبجُبة “يا فلان خُذ هذه الأموال واذهب بها إلى البيت العمومي”، أي إلى بيت الدعارة، بائعات الهوى، فقال “ماذا يا سيدنا؟ إلى أين أذهب؟”، قال “إلى البيت العمومي”، قال ” كيف أذهب إلى البيت العمومي؟ ماذا أفعل؟ ماذا يقول الناس”، فهذه مُصيبة، كيف يذهب شيخ طويل جميل بلحية إلى هناك؟ فقال “افعل يا بُني ما أقول لك، خُذ هذه الأموال واذهب إلى هناك”
، وكانت هذه الأمول في سُرر وهى من أموال الشيخ الخاصة، علماً بأن الشيخ كان من أسرة كبيرة نبيلة شريفة، فهو ينحدر من نسل الحسن أبي محمد عليه السلام، وعاش يتيماً تقريباً وترك له أبوه أموالاً، وكان شديد التورّع عن أموال الناس وحقوقهم.

وبالمُناسَبة خطر لي أن أذكر قصة الآن فيها فائدة كبيرة، فركِّزوا فيها قليلاً لكي تعلموا الورع ولكي تعلموا جوهر التدين، فهذا هو التدين وليس المظاهر، هذه القصة تُفيد بأنه اشترى داراً ذات مرة لا أدري بكم عثمانلية أو بكم ذهبية ولكنه اشتراها بالتقسيط فكان يدفعها نجوماً، وأراد مرة أن يُسافِر في مسألة دينية وهى زيارة رسول الله – عليه السلام – حجاً أو عُمراً في المدينة – هذه عبادة – فاستأذن من صاحب الدَين، على الرغم أنها من ناحية شرعية هى نجوم، فأنا أدفع له الأقساط وليس له علىّ سبيل ولكن الورع من موت أو من حياة لا ندري جعله يستأذنه، المُهِم قال له وهو شيخ الإسلام”هل تأذن لي؟”، فشيخ مشائخ الأُمة يستأذن من رجل عامي، لم يقل هو عامي وأنا شيخ، لم يفعل هذا لأن هذه حقوق ولا يُوجَد عند الله مثل هذا الكلام ولو كان عامياً، والرسول قُبيل وفاته – عليه السلام – علَّمنا هذا حين قال “مَن كان له عندي حق مِن مال فليُطالِبني به الآن، ومَن جلدت له بطناً أو ظهراً فهذا بطني فليستقد” وكشف عن بطنه فبكى الصحابة كلهم مِن عند آخرهم، حتى وأنت رسول الله، ما في مُسامَحة في فلس واحد حتى يُسامِحك أخوك، حقوق الناس ليس فيها أي لعب، فلا تقل أنا شيخ وأنا كبير وهذا عامي، ما في هذا الكلام الفارغ وهذا التلاعب بالدين، فاستأذن منه فقال له “يا مولانا طبعاً آذن، كيف لا آذن لك يا مولانا ونحن نرجو الله ببركاتك؟”، المُهِم يقول تلاميذه الذين رافقوه في السفرة “كنا إذا نزلنا نُصلي نقصر الصلاة إلا هو”، علماً بأنه لم يُصل إماماً في حياته قط بأحد من المُسلِمين، ولما كان يُسأل لماذا يا مولانا؟ كان يقول “لا أرى نفسي – والله – أفضل من أحد حتى أُصلي فيه، كلكم أفضل مني، أنا لا أستحق أن أكون إماماً”، وهذا شيئ عجيب، وكان الرجل يعيش هذه الحالة بصدق، ولم يغره أن الناس كلهم تقريباً يتعلَّمون عنده، فمُعظم مشائخ بلاد الشام جميعاً هم تلاميذ تلاميذه لكن هذا لم يغره، ولم يغره أن الله أكرمه بكرامات خارقة مُدهِشة عجائبية، لم يغره هذا بل كان يرى نفسه أقل مُسلِم، فكيف هذا؟ هذا مِن لطف الله به، فجنَّبه الله العُجب والجهل، جهل الغرور أو غرور الجهل.

إذن كان لا يقصر وإنما يُتم الصلاة، فيُصلي الظهر أربعاً والعصر أربعاً والعشاء أربعاً ولا يقصر، فقال تلاميذه الذين رافقوه “فنقول له يا مولانا أليس مذهبك القصر؟”، يقول “بلى”، فيقولون له “إذن لماذا لا تفعل؟ أليس الأحب إلى الله أن تقصر؟”ن فيقول “بلى، ولكن أنا شافعي وفي مذهب إمامي أبي عبد الله الشافعي السفر الذي تُقصَر فيه الصلاة سفر الطاعة لا سفر المعصية”، فقالوا “يا مولانا وأنت في معصية؟”، أي إلى أين تذهب أنت؟ هل أنت في معصية؟ فقال “أنا مدين يا باه، أنا ما زال علىّ دَين ولم أُسدِّد كامل ديني يا باه، فهذا السفر ليس سفر طاعة”، ويُتِم الصلاة قدَّس الله سره النوراني، الله أكبر، أرأيتم الورع الصادق؟ أرأيتم الصدق؟ أرأيتم كيف تُستخدَم الشريعة في تهذيب النفس وزمها وخطمها والتضييق عليها، ولا تُوظَّف الشريعة للتلاعب لإنجاز الأهواء والأميال النفسانية وتغوّل حقوق الناس الأدبية والمعنوية والمادية؟!

هذا هو الدين، اللهم ديِّنا، نسأل الله أن يُديِّننا، أن يجعلنا مُتديِّنين، ونحن لا نتكلَّم عن صلاح وعن معرفة وعن ولاية وعن علم، وإنما نُريد فقط أن يجعلنا مُتديِّنين لأننا لا نعرف التدين ولا نعرف الدين، ومن ثم نحن نلعب ونحن نمزح ونضحك ونهزل، فهذا هزل وليس بالجد.

نعود إلى القصة ونختم بها وكل عامٍ وأنتم بخير:

قال “قلت يا مولانا ماذا أفعل في البيت العمومي؟”، قال “سهلة يا باه، تذهب هناك وتطرق الباب وتدخل عليهن”، قلت “هل أدخل على البغايا يا باه؟”، قال ” نعم تدخل على البغايا، وتُعطيهن هذا المال، تُعطي كل واحدة سُرة فيها نقود ذهبية أو فضية، وتقول لها هذا من الشيخ بدر الدين الحسني وهو يطلب منك أن تدعي له الله عز وجل، هو يطلب منكِ الدعاء”، علماً بأنه طلب هذا بصدق فهو لا يعبث بل يطلبه بصدق، وسيسألني طبعاً خاصة الذي لا علم له ولا مُقدِّمات علم له بهذه القضايا – قضايا الإخلاص والورع والعرفان والولاية – وسيقول: ما هذا؟ ما الذي يحصل؟ ما هذا الخلط؟ عن ماذا تتحدَّث أنت؟ هل أنت تُهلوِس؟ هل تهجر أنت؟ هل تهزي؟ ماذا يفعل شيخ الإسلام هنا؟ ماذا يقول؟

المُهِم يُكمِل الحكاية، وبالفعل ذهب هذا الشيخ الفقيه المُعمَّم العالم وطرق الباب، تضاحكن وقلن: ماذا؟ شيخ؟ شيخ يأتي يوم عيد؟ هل تطلب حاجة؟

قال “يا أخواتي هذه سُرر مِن مال لكن”، قلن “لنا نحن؟”، قال “نعم”، فقلن ” مِمَن؟”، قال ” من الشيخ بدر الدين” فصُعِقن، وقلن “كيف مِن الشيخ بدر الدين الحسني؟ هل هذا المال من سيدنا؟”.

فالكل كان يحترمه، البغايا والفسّاق وقطّاع الطرق، الكل كان يحترمه، فحتى المُستعمِر الفرنسي كان يحسب له ألف حساب، إبراهيم باشا الجلّاد الجزّار كان لا يرد له شفاعة، فشفع مرة عنده في واحد نصراني وقيل يهودي هرب من الجيش وأُخِذ ليُعدَم فقال إبراهيم باشا”الشيخ الحسني يشفع فيه؟ عفونا عنه وعن كل المحكومين بالإعدام”، فذهب في معية هذا اليهودي أو النصراني ربما المئات أو العشرات من الذين كانوا محكومين بالإعدام وكانوا مسجونين في القلعة ليُعدَموا، لأن إبراهيم باشا قال “الشيخ الحسني يشفع فيه؟ عفونا عنهم كلهم ” وهذا من بركة الشيخ الحسني ، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ۩، اللهم اجعلنا مُبارَكين، اللهم اجعلنا رحمةً ولا تجعلنا عذاباً واجعلنا محبةً ولا تجعلنا بغضاء، واجعلنا وحدة ولا تجعلنا فُرقة، واجعلنا جمعاً ولا تجعلنا شتاتاً، واجعلنا واحداً ولا تجعلنا طرائق قددا.

الطُّرُقُ شَتَّى وَطُرُقُ الحَقِّ مُفْرَدَةٌ ۞ وَالسَّالِكُونَ طَرِيقَ الحَقِّ أَفرَادُ

اللهم فرِّدنا واجعلنا مِن هؤلاء الأفراد.
هو هذا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا۩، انتبه وانظر نفسك، انظر نفسك بين أهلك وبين أُسرتك وبين عائلتك وبين جيرانك وبين أصدقائك وبين جماعة مسجدك وبين وطنك وبين أهل وطنك وبين أهل أُمتك: هل أنت رحمة أم عذاب؟ هل أنت جمع أم تفريق؟ هل أنت محبة أم شنآن وبغضاء؟

انظر نفسك وستعرف منزلتك الآن وليس غداً أو يوم القيامة عند الله تعالى، فما رأيك؟ خُذها مني وحاججني بها عند الله يوم القيامة، فأنا أقبل هذا التحدي وأُغامِر بنفسي عند الله.
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ ۩، وإن مِن عباد لله مَن هو كالغيث أينما وقع نفع، ومِنهم مَن هو كالنار أينما حل حل الدمار، فهو يحرق ويُدمِّر ويتسبب في الطلاق والمشاكل والتفريق والإغار والتحريض لأنه نار، نعوذ بالله من جهنم، قال الله وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ ۩، فجهنم لها أهلها إذن، وقال الله أيضاً فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ۩، فما هذا التعبير؟ هل فكَّرتم فيه؟ لماذا قال الله فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ۩؟ فهذا هو ابنها وهى سوف تقول له “أهلاً بابني، كنت ناراً مثلي، أينما حللت أحرَّقت ودمَّرت، تعال هنا أُدمِّرك إلى أبد الآبدين، عليك اللعنات”، فهذه أمه لأنه نار مثلها، فتجلس مع الواحد منهم وتكون مُرتاحاً في مجلس ذكر أو غير ذلك فيأتي وينبذ فلاناً ويغمز فلاناً ثم يُطرِّق طريقاً لكي يُوصِل إليك الرسالة التي تُفيد بأن فلاناً قد نال منك وطعن في عِرضك فتشتعل النار في صدرك، فهو نار وأشعل ناراً، ثم يذهب ويأتي إلى الآخر وهكذا، فإذا أُقيمَت الصلاة كان في الصف الأول وربما تباكى وربما تمايد وتمايل، فتباً لك يا مُنافِق، أنت خاسر، ونحن في مقام تنديم لعلك تندم، وفي محل تتويب لعلك تأوب وتتوب، اللهم تُب علينا يا تواب يا رحيم.

نعود مرة أُخرى، إذن صُعِقن وقلن”هل هذا من مولانا الشيخ بدر الدين؟” ونزلت دموعهن، ثم قال “وهو يطلب منكن أيتها النسوة أن تدعين الله له”، قلن “نحن؟”، قال”نعم” فأغربنا في البكاء وأغرقنا في البكاء وتُوبنا من عند آخرهن في ساعةٍ واحدة.

هذه القصة ليس لها أكثر من تسعين سنة، فهى ليست أكاذيب وإنما قصة حقيقية، فكل واحدة منهن دخلت وأخذت بقجتها ولبست ثوبها وتبرقعت ومعها السُرة ولم تعد إلى المكان، وأصبحن كلهن عفائف، يقول الراوي شاهد القصة “كلهن أصبحن عفائف صينات”، فما هذه البركة يا مولانا بدر الدين قدَّس الله سرك؟ بسر ماذا هذا؟ هل كان يصرخ في الناس كما نفعل ويقول لعنة الله عليكم؟ أبداً أبداً أبداً أبداً أبداً، كان محبة تمشي على الأرض، كان غمامة نور – أُقسِم بالله – وسلام تسعى بين الناس، فهكذا كان الشيخ بدر الدين في حياته كلها.

لم أُكمِل لكم قصته مع الشباب الذين يرتدون البنطال:

كان إذا دخل عنده الشاب البنطال ازور عنه الناس واحتقروه واشمأزوا منه، فإذا دخل وقت الصلاة يقول “يَؤمنا الشاب الصالح فلان”، والناس تقول “هذا غير معقول، كيف يَؤمنا صاحب البنطال؟”، وربما أعطوه طاقية على رأسه فيدخل طبعاً الشاب المسكيم في بعضه البعض، فلعله حتى لا يُحسِن تلاوة قصار السور، وكان هذا قليلاً لأن مُعظَم الناس كانوا يُحسِنون القراءة، فكان وضعهم أحسن من وضعنا الآن، فالآن تجد شباباً ومُثقفَّين في الجامعة يعرف الواحد منهم اللغة الألمانية والإنجليزية ولكنه لا يعرف يتلو سور من جزء عم للأسف الشديد لأن الدين في تراجع، ومع ذلك تجده مُهتَم جداً جداً جداً بالدين وبسب كبار العلماء والأئمة والمذاهب، كما لو كان مُمسِكاً بكل الدين ما شاء الله عليه وهو لا يُحسِن أن يتلو كتاب الله على وجهه.

على كل حال يقول الشيخ بدر الدين “يَؤمنا الشاب الصالح فلان” فيتقدَّم الشاب، يقول مَن حضر “سُبحان الله فقط هى هذه الفعلة وبعد ذلك ينقلب هذا الشاب تماماً وفي الأغلب يُصبِح من علماء الشريعة، فيلزم مجلس مولانا بدر الدين ويتلقَّى العلم سنة فسنة فسنة فسنة، وبعد بضع سنين يتخرَّج شيخاً مهيباً وعالماً جليلاً، وهذا من بركات سيدنا بدر الدين الحسني“.

اللهم اهدِنا فيمَن هَديْت وعافِنا فيمَن عافيْت، تقبَّل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا ودعاءنا واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا وبالسعادة آجالنا، جنِّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن برحمتك يا أرحم الراحمين، اجعلنا هُداةً مُهتَدين غير ضالين ولا مُضِلين، سِلماً لأوليائك وعدواً لأعدائك، فنُحِب بحبك مَن أحبك ونُعادي بعداوتك مَن خالفك.

اللهم واغفر لنا ما كان منا في الدهر الأول برحمتك يا أرحم الراحمين، اغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أسرفنا وما أنتم أعلم به منا وما جنينا على أنفسنا، اغفر لنا ولوالدينا وللمُسلِمين والمُسلِمات، المُؤمِنين والمُؤمِنات، الأحياء منهم والأموات، بفضلك ورحمتك إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب الدعوات.

أعطنا ولا تحرمنا، وزِدنا ولا تنقصنا، وأكرِمنا ولا تُهينا، وارض عنا وأرضنا،وانصرنا ولا تنصر علينا، وانصرنا على مَن بغى علينا.

اللهم لا تدع لنا في هذه الساعة المُبارَكة في هذا المقام الكريم مِن هذا اليوم الأزهر الأغر ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرَّجته ولا كرباً إلا نفَّسته ولا ميتاً إلا رحمته ولا مريضاً إلا شفيته ولا غائباً إلا رددته و أسيراً إلا أطلقته ولا مديناً إلا قضيت عنه دَينه ولا مهموماً إلا جلوت سبب همه وغمه برحمتك يا رحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك أن تُعيد علينا رمضان أعواماً عديدة وسنين مديدة، اللهم أعِده علينا وأُمتنا في حالٍ خيرٍ من هذه الحال وقد جمعتها مِن فُرقة ووحَّدتها مِن شتات وقوَّيتها مِن ضعف وأعززتها مِن ذُل ونصرتها مِن انهزام وأعدتها إليك وإلى دينك عوداً حميداً، أحمد عودٍ برحمتك ولُطفِك الخفي يا لطيف، يا خبير، يا عليم، يا غفور، يا رحيم، يا رب العالمين.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وكل عامٍ وأنتم بخير.

(انتهت الخُطبة بحمد الله)

فيينا، فاتح شوال 1437 الموافق لـ 6 يوليوز 2016

تعاليق

تعاليق الفايسبوك

تعليقات 8

اترك رد

  • شيخ عدنان بصراحة الوضع محزن و مؤلم ولكن القادة مثلك يجب أن يجدو بديلا دائما للحزن سواء بالمنطق أو باستحضار حكمة الله, في النهاية الكل سيحاسب عند الله و ما على الرسول الا البلاغ و هذا لا يعني أن يفقد الانسان مشاعره بل يعيش لأن له مسؤوليات أمامه و الحزن يمرض …أسأل الله أن يجعل كل اشراقة شمس جديدة عليك بنور يجعل لأيامك دفئا و سعادة لا تبلى… كل الأحزان التي نعيشها لعلها مجرد وهم و صورة لحقائق لا يعلمها الا الله .. اعتني بصحتك و لا تجهد نفسك ..عش حياتك سعيدا ..و لا تضيع طاقتك .. فالانسان مهما كان فهو محدود .. الله يرى و يعلم و له الأمر من قبل و من بعد … الشيء الذي جعلني أتابع خطبك و دروسك هو احساسك العالي و مشاعرك خصوصا لقومك و وطنك و العالم أجمع و كل الناس و لكن يجب أن لا يكون هذا على حساب نفسك و حياتك فلك مسؤوليات تنتضرك يجب أن تستبقي لها متسع من طاقتك و جهدك و مشاعرك …. لا تستمع الى الأخبار شيخ عدنان فجلها مفبرك و الاحداث كذلك و الحقيقة يعلمها الله ………….
    وفقك الله شيخنا و أمد عمرك و جعلك البركة التي تدخل القلوب بالفرح و السرور و لا تغادره ..

    • اغلاق محطات الاخبار لا يغير في الأحداث شيء, بل ستصبح الحياة أكثر هدوءا و راحة و ربما أمنا لو التزم كل الناس بهذا ستفسد بضاعة الترويج للحروب و ربما تتوقف الحروب من تلقائها . و يعود الناس الى الانشغال بحيواتهم و معايشهم … و ترجع الرؤوس الى أجساد أصحابها بدل تنقلها من محطة الى أخرى بحثا عن عد الموتى و المنكوبين ….. قضايانا بعيدة عن الحروب التي نعيشها ….. قضايانا تعيش معنا تحت جلودنا و وسط خلايا أعصابنا و أدمغتنا …. يلزمنا الهدوء و السكينة كي نسمع حديثها و روايتها ………………………………………………

  • لشيخ بدر الدين الحسني قدَّس الله سره الكريم و أمثاله من الصالحين لا أراهم ألا أساتيد و معلمين في التحليل النفسي و علوم البواطن و الاجتماع حب الخلق يأتي بفهم الخلق ان لم نفهم بواعث الناس لن نتمكن من استيعاب و ادراك تصرفاتهم و هذا لا يأتي بالعلم الأكاديمي غالبا بل بمعايشة الحقيقة الملموسة وعجنها و اختراقها من أعماقها و تجاوز مراحل النفس من الطفولة الى الرشد الى مجاورة حكمة الله,الصالح يرى بنور الله و لا يغره ظاهر القول أو الفعل ………

  • في الأيام المقبلة سوف نسمع الأخبار قبل وقوع الجدث لأن المستقبل شبه منجز و مصائر شعوب بكاملها مرسومة و منجزة و تامة …
    أن نحمل بين أضلاعنا الامل هذا شيء لازم و الا فنحن كفار و لا نؤمن بالله لكن لا يجب أن نكون سدجا و نعتقد أننا نملك من أمرنا شيئا كشعوب
    مادام الله حي فكل شيء ممكن لكن بواقعية تامة ………… نحن لقمة في فم وحش يكاد يبلعنا ان لم نكن بين احشائه …. الايمان قوة و هذا ما يلزمنا و ما ينقصنا كي نرى حقيقتنا
    نحن نخاف من رؤية الحقيقة لأننا لسنا واثقين من الله هذا ببساطة. و لا يمكن أبدا أن نتجاوز تخلفنا ان لم نتجرع طعم الحقيقة المرة ……… الله يمكن أن يقلب مجريات الأحداث في رمشة عين و يحول الهزيمة الى فوز و فلاح لكن بالارادة و الارادة مدد رباني سببه الايمان بالله وحده .
    يمكن أن نقرأ كل القراءات التي شئنا و نحلل أوضاعنا السياسية كيف شئنا و ننظر الى أحوالنا من كل الزوايا التي نشاء ونستنتج و نستنبط و نقول أو لا نقول قي نهاية المطاف اختيارنا الحل هو الذي سيلعب الدور سواء كنا مصيبين في الاشكال أم لا و لهذا يجب أن نفكر في حلول بعيدة تماما عن ضاهر الاشكال ….. البركة هي أسباب بسيطة مدفونة داخل حيوات الناس و لا يخلو جزء من الكون منها اذا فعلت بالحكمة فانها تقلب موازين كل المعادلات ……. أقصد أن كل فرد منا ينتضر اشارة ربانية تحول حياته الى حركة خير لا تنتهي تقلب موازين الزمان و المكان بشرط أن يعيش الحقيقة و ما يحدث حاليا يمكن أن نستثمره ونحوله الى عزاء على حياة بائسة كان مآلها الاندثار فمن حق الشعوب أن تحزن بل الحزن دواء و محفز للهمم ….. عندي ايمان عميق بأن الانسان قادر على أن يحول في لا زمن النار الى ماء لكن بالارادة و العزم المريوط بجبل الله.

  • حياة الانسان التي بين جنبيه بحد ذاتها معجزة و خيال لا يدرك تجعلنا ان لم نكن كفرة و جحدة ندرك قدرة و عظمة الله .

  • بعض الناس جعلهم الله كالنجوم تضيء مدى الحياة …
    جعلهم مفتاحا للخير وبركة أينما حلوا وارتحلوا …..
    وانت واحد منهم يا دكتور عدنان
    زادك الله من علمه ،،،وفتح عليك فتوح العارفين ،،

    ،وفتح علينا جميعا بالعلم وحسن الخلق والرحمة للبشرية جمعاء

%d مدونون معجبون بهذه: